المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : النظارة



عصام ميره
01-11-2012, 08:16 AM
النظّارة
كان يسير في الشارع بكل هدوء متجها نحو الحديقة العامة التي اعتاد أن يقضي بها ساعة يستريح فيها من تعب العمل ويجدد نشاطه, البسمة تعلو وجهه , كانت الشوارع نظيفة كالعادة , الأشجار تزين الميادين , رائحة الفل والياسمين تملأ المكان , تنفس بعمق , نظر عن يمينه فوجد شابا مفتول العضلات يمسك بذراع عجوز يعبر بها الطريق , توقفت سيارة وأطل من نافذتها شاب في مقتبل العمر وأشار بيده لهما حتى يعبرا بسلام , وعلى الرصيف الآخر من الشارع كانت مجموعة من الطالبات بملابسهن الأنيقة الموحدة يهمسن مبتسمات .
دخل من باب الحديقة , الأطفال يلعبون الكرة في الأماكن المخصصة لهم , رجل يعلو الشيب رأسه يجلس وزوجته على أحد المقاعد يستعيدان ذكريات الشباب , والمرأة تبتسم من حين لآخر , فتاة تمسك بيد شاب يبدو كما لوكانا زوجين حديثي الزواج أو خطيبين يرسمان ويحلمان معا بالمستقبل .
فجأة ارتطت الكرة برأسه , وقعت نظارته على الأرض , انحنى ليلتقطها , هاله مارأى , الأرض كلها طين وأوساخ , أبعد يده سريعا , رفع رأسه , ماهذا المكان ؟ , الظلام من حوله , الضوضاء تسد أذنيه , الرائحة الكريهة تزكم أنفه ,حاول أن يحرك قدميه , أن يجري بعيدا , لم يستطع أن يتحرك , التصقت قدماه بالطين وأكوام القمامة .
يلمح شيئا يلمع من بعيد , وجد نفسه وسط ساحة كبيرة تملأها الأقذار أيضا , ووجد نمرا يفترس غزالا ويلتهمها , ويسمع أصواتا عالية تشجعه وتصفق له , وأصوات نساء يضحكن في خلاعة , أدار وجهه سريعا .
سمع صوت طفلة تصرخ وتستغيث , اقترب من مكان الصوت , وجد رجلا كريه الملامح يمزق ملابسها , يضربها يدفعها على الأرض ينام فوقها وهي تسترحمه وهو لايبالي , حاول أن يتحرك كي ينقذها ولكن قدميه مازالتا ملتصقتين بالأرض الموحلة , كان صراخ الطفلة يعلو ويشتد يسمعه الجميع فلماذا لايتحرك أحد لإنقاذها ؟ زالت دهشته عندما التفت ورأى امرأة تسير شبه عارية والقوم من خلفها يركضون واللعاب يسيل من أفواههم .
سمع صوتا يهتف باسمه , نعم إنه صوت صديقه الحميم , ماالذي أتى به إلى هذا المكان ؟!, التفت وجد مُسخا له نابان كبيران يمسك بإحدى يديه قناعا وبالأخرى بقايا ساق بشرية يلتهمها بشراهة,ألقى المسخ مابيده واتجه نحوه يريد أن يفتك به .
أحس بشيء يجذب يده بلطف , كان هناك طفل صغير يمسك بيده نظارته التي فقدها وأعطاها له وانصرف .
وضع النظارة سريعا على عينيه .

مصطفى حمزة
01-11-2012, 04:16 PM
أخي العزيز الأستاذ عصام
أسعد الله أوقاتك
بديعة ذات مغزى ، صورتَ الحلم والواقع من خلال نظارة فنان ربما أو نظارة حالم ، أو نظارة الأعمى !!
وحفلت بأكثر من رمز واضح إلى مجتمع السادرين في الغيّ ، والصامتين ببلاهة !!
تكاتف الوصفُ والسردُ الهادئ والكلمات ذاتُ الظلال المُعبّر ؛ في حبك نصٍ ممتع مؤثّر وهادف
- يفترس غزالا ويلتهمها = ويلتهمه
تحياتي وتقديري

آمال المصري
02-11-2012, 09:37 AM
كارثة أن تصبح النظارة تزيف لنا الواقع وتجمل في أعيننا القبائح شأنها ككثير مما حولنا من موجودات
رائعة بدأت بها صباحي اليوم
دام ألقك أديبنا الفاضل
ومرحبا بك في واحتك
ارتطمت
تحاياي

كاملة بدارنه
02-11-2012, 05:56 PM
في هذا الزّمن الغريب المشوّه لكل جميل نحتاج النّظارة كي لا نرى الحقيقة ويجمّل لنا الزّجاج الجامد قبح الحيّ
قصّة هادفة وسرد مشوّق
بوركت
تقديري وتحيّتي

عصام ميره
02-11-2012, 09:02 PM
أخي العزيز الأستاذ عصام
أسعد الله أوقاتك
بديعة ذات مغزى ، صورتَ الحلم والواقع من خلال نظارة فنان ربما أو نظارة حالم ، أو نظارة الأعمى !!
وحفلت بأكثر من رمز واضح إلى مجتمع السادرين في الغيّ ، والصامتين ببلاهة !!
تكاتف الوصفُ والسردُ الهادئ والكلمات ذاتُ الظلال المُعبّر ؛ في حبك نصٍ ممتع مؤثّر وهادف
- يفترس غزالا ويلتهمها = ويلتهمه
تحياتي وتقديري


أستاذي العزيز .. مصطفى حمزة
بدون مجاملة أو نفاق ..
إن لم يكتب : :gr: مصطفى حمزة أو يعقب على محاولة لي ..
لاأعترف بها وأنساها ..
أشكرك على هذه القراءة الأدبية الرائعة ..
وكأنك كنت معي ..
بالنسبة للغزال أنقل لك ماقرأته يوما ..
(( إذاأطلقت كلمة الغزال فهل يقصد بها الأنثى أم الذكر ؟
إن كان المراد هو الحيوان المعروف فكلمة (غزال) للذكر،
لكن يصح أن يستعمل للذكر والأنثى إن لم يستطع القائل تحديد جنسه كأن يكون بعيدا،
ففي هذه الحال يصح أن يطلق عليه كلمة الغزال ذكرا كان أم أنثى. ))
وقد أردتها هنا أنثى حتى تكتمل المأساة ..
وأنتظر رأيك فيما قصدته ..
تحيتي لك وتقديري ..

عصام ميره
02-11-2012, 09:05 PM
كارثة أن تصبح النظارة تزيف لنا الواقع وتجمل في أعيننا القبائح شأنها ككثير مما حولنا من موجودات
رائعة بدأت بها صباحي اليوم
دام ألقك أديبنا الفاضل
ومرحبا بك في واحتك
ارتطمت
تحاياي


أ . آمال المصرى ..
إنما نحاول جهدنا ألا نصدق مانرى من واقع أليم ..
ندعو الله أن تتحسن الأحوال ولانحتاج للنظارة ..

بالتأكيد هي ارتطمت ..
ولكن العيب أنني أرتدي النظارة فعلا ..
ولكنها نظارة طبية ..
تحيتي لك وتقديري .
.

عصام ميره
02-11-2012, 09:11 PM
في هذا الزّمن الغريب المشوّه لكل جميل نحتاج النّظارة كي لا نرى الحقيقة ويجمّل لنا الزّجاج الجامد قبح الحيّ
قصّة هادفة وسرد مشوّق
بوركت
تقديري وتحيّتي


أ . كاملة بدارنة ..
قد يكون العيب في قلوبنا وعقولنا
التي لم تعد تعي ضرورة العمل على تغيير الواقع القبيح
بدلا من تجاهله إو إنكاره ..
تحيتي لك وتقديري

عبد السلام هلالي
02-11-2012, 09:16 PM
أخي المبدع عصام،
قصتك ذكرتني بمقولة مفادها أننا نرى العالم بلون النظارات التي نضعها. والنظارات أنواع فمنها التي نضعها كي نرى العالم جيدا ونغوص في تفاصيل التفاصيل ومنها التي نضعها لكي لا نرى شيئا، ثم التي نضعها لأننا لا نرى شيئا.
مهما كان نوع النظارات التي استعملتها في كتابة هذا النص فقد أبدعت بجميل الفكرة وسمو الرسالة وانسياب السرد. لست ناقدا ولا متضلعا في الأدب ولكني هكذا وجدتها وراقتني كثيرا.
حياك الله ودمت بخير.

عصام ميره
03-11-2012, 09:52 PM
أخي المبدع عصام،
قصتك ذكرتني بمقولة مفادها أننا نرى العالم بلون النظارات التي نضعها. والنظارات أنواع فمنها التي نضعها كي نرى العالم جيدا ونغوص في تفاصيل التفاصيل ومنها التي نضعها لكي لا نرى شيئا، ثم التي نضعها لأننا لا نرى شيئا.
مهما كان نوع النظارات التي استعملتها في كتابة هذا النص فقد أبدعت بجميل الفكرة وسمو الرسالة وانسياب السرد. لست ناقدا ولا متضلعا في الأدب ولكني هكذا وجدتها وراقتني كثيرا.
حياك الله ودمت بخير.


أ . عبد السلام هلالي
أشكر لك مرورك الكريم وكلماتك الطيبة..
قراءة ممتازة للكلمات ووعي بالمعنى والهدف ..
أحييك عليه ..

ربيحة الرفاعي
06-11-2012, 05:11 PM
بداية حالمة تغلغل في روح المتلقي حس الجمال الذي غلفها يفتح الأفق أمامه على عالم مضيء، وصور متتابعة مشرقة وشى العنوان لروعتها بفكرة النص قبل حتى سقوط النظارة عن عيني البطل، وتتابعت الرموز قوية صارخة بالحقيقة تمزق عنها عباءة الحلم ، وتواجهها بحاجتها لستر عوراتها بإصلاح صادق للحال
اكتملت الفكرة بالتصاق قدمية بالطين وأكوام القمامة
ووصل النص للقاريء قويا مؤثرا عميق الدلالات

كنت هنا في رحاب فكرة أدهشتني وأحزنتني
دمت بألق
وأهلا بك اديبنا في واحتك

تحاياي

عصام ميره
10-11-2012, 12:20 AM
بداية حالمة تغلغل في روح المتلقي حس الجمال الذي غلفها يفتح الأفق أمامه على عالم مضيء، وصور متتابعة مشرقة وشى العنوان لروعتها بفكرة النص قبل حتى سقوط النظارة عن عيني البطل، وتتابعت الرموز قوية صارخة بالحقيقة تمزق عنها عباءة الحلم ، وتواجهها بحاجتها لستر عوراتها بإصلاح صادق للحال
اكتملت الفكرة بالتصاق قدمية بالطين وأكوام القمامة
ووصل النص للقاريء قويا مؤثرا عميق الدلالات

كنت هنا في رحاب فكرة أدهشتني وأحزنتني
دمت بألق
وأهلا بك اديبنا في واحتك

تحاياي



أختنا الكريمة أ . ربيحة الرفاعي ..
لو طُلب مني أن أشرح هذه القصة القصيرة ..
مازدت حرفا على ماتفضلت به ..
أسعد دائما بقراءة تحليلك ونقدك ..
زادت سعادتي بوصول الفكرة والمضمون ..
أحييك وأشكرك كل الشكر والعرفان ..
:0014:

وليد عارف الرشيد
10-11-2012, 04:41 PM
رائعة أيها المبدع الأديب الفنان
فكرة مدهشة ليست جديدة وإنما أسلوب طرحها الماتع المتقن وتوريط القارئ في كلا المشهدين المتناقضين أتى موفقا
من أروع ما قرأت لك مبدعنا
أرشحها لتكون بين القصص المنتخبة
محبتي وتقديري

عصام ميره
10-11-2012, 07:17 PM
رائعة أيها المبدع الأديب الفنان
فكرة مدهشة ليست جديدة وإنما أسلوب طرحها الماتع المتقن وتوريط القارئ في كلا المشهدين المتناقضين أتى موفقا
من أروع ما قرأت لك مبدعنا
أرشحها لتكون بين القصص المنتخبة
محبتي وتقديري



الأروع هي عينك التي بحثت فيها عن الجمال ..
أخي العزيز وليد عارف الرشيد ..

لاأجد ماأعبر به عن سعادتي بكلماتك وشكري لك ..
يسعدني أن راقت لك أقصوصتي المتواضعة ..
وترشيحك لها وسام على صدري ..
مرة أخرى ..
أحييك وأشكرك ..
ولك مني ..

:17:

:0014:

عبد الله الرحيلي
12-11-2012, 06:46 PM
النظّارة
كان يسير في الشارع بكل هدوء متجها نحو الحديقة العامة التي اعتاد أن يقضي بها ساعة يستريح فيها من تعب العمل ويجدد نشاطه, البسمة تعلو وجهه , كانت الشوارع نظيفة كالعادة , الأشجار تزين الميادين , رائحة الفل والياسمين تملأ المكان , تنفس بعمق , نظر عن يمينه فوجد شابا مفتول العضلات يمسك بذراع عجوز يعبر بها الطريق , توقفت سيارة وأطل من نافذتها شاب في مقتبل العمر وأشار بيده لهما حتى يعبرا بسلام , وعلى الرصيف الآخر من الشارع كانت مجموعة من الطالبات بملابسهن الأنيقة الموحدة يهمسن مبتسمات .
دخل من باب الحديقة , الأطفال يلعبون الكرة في الأماكن المخصصة لهم , رجل يعلو الشيب رأسه يجلس وزوجته على أحد المقاعد يستعيدان ذكريات الشباب , والمرأة تبتسم من حين لآخر , فتاة تمسك بيد شاب يبدو كما لوكانا زوجين حديثي الزواج أو خطيبين يرسمان ويحلمان معا بالمستقبل .
فجأة ارتطت الكرة برأسه , وقعت نظارته على الأرض , انحنى ليلتقطها , هاله مارأى , الأرض كلها طين وأوساخ , أبعد يده سريعا , رفع رأسه , ماهذا المكان ؟ , الظلام من حوله , الضوضاء تسد أذنيه , الرائحة الكريهة تزكم أنفه ,حاول أن يحرك قدميه , أن يجري بعيدا , لم يستطع أن يتحرك , التصقت قدماه بالطين وأكوام القمامة .
يلمح شيئا يلمع من بعيد , وجد نفسه وسط ساحة كبيرة تملأها الأقذار أيضا , ووجد نمرا يفترس غزالا ويلتهمها , ويسمع أصواتا عالية تشجعه وتصفق له , وأصوات نساء يضحكن في خلاعة , أدار وجهه سريعا .
سمع صوت طفلة تصرخ وتستغيث , اقترب من مكان الصوت , وجد رجلا كريه الملامح يمزق ملابسها , يضربها يدفعها على الأرض ينام فوقها وهي تسترحمه وهو لايبالي , حاول أن يتحرك كي ينقذها ولكن قدميه مازالتا ملتصقتين بالأرض الموحلة , كان صراخ الطفلة يعلو ويشتد يسمعه الجميع فلماذا لايتحرك أحد لإنقاذها ؟ زالت دهشته عندما التفت ورأى امرأة تسير شبه عارية والقوم من خلفها يركضون واللعاب يسيل من أفواههم .
سمع صوتا يهتف باسمه , نعم إنه صوت صديقه الحميم , ماالذي أتى به إلى هذا المكان ؟!, التفت وجد مُسخا له نابان كبيران يمسك بإحدى يديه قناعا وبالأخرى بقايا ساق بشرية يلتهمها بشراهة,ألقى المسخ مابيده واتجه نحوه يريد أن يفتك به .
أحس بشيء يجذب يده بلطف , كان هناك طفل صغير يمسك بيده نظارته التي فقدها وأعطاها له وانصرف .
وضع النظارة سريعا على عينيه .
إنه مجتمع الأقنعة ، عندما يتحول الإنسان إلى ذئب وينحط إلى مستوى الحيوان لا يهمه إلا إشباع غرائزه . إنه المسخ فعلا . أحسنت أخي في ثصوير ما وصل إليه المجتمع من انحلال وانحراف . مع تحياتي و تقديري.

نداء غريب صبري
25-11-2012, 12:24 PM
لا يمكننا أن نعيش بدون هذه النظارات
نظارات الأمل والحلم هي التي تساعدنا على البقاء

الحمد لله ان الطفل أعاد له نظارته قبل أن يموت بالحقيقة

شكرا لك اخي
بوركت

عصام ميره
27-12-2012, 03:07 AM
لا يمكننا أن نعيش بدون هذه النظارات
نظارات الأمل والحلم هي التي تساعدنا على البقاء

الحمد لله ان الطفل أعاد له نظارته قبل أن يموت بالحقيقة

شكرا لك اخي
بوركت




أختنا الأديبة نداء غريب صبري ..
وصولك إلى هذه النقطة
وملاحظتك دور الطفل في القصة
يدل على قراءة واعية ودقيقة
وعين أدبية رائعة
قراءة تستحق التحية والتقدير


:0014:

ناصر أبو الحارث
23-07-2013, 11:13 PM
هذه النظارة ليست خيال كاتب، فما أكثر الذين يضعونها على عيونهم اليوم
لكي لا يبصروا بشاعة ما يؤمنون به

لانا عبد الستار
13-07-2014, 12:17 AM
فليلبس نظارته إذا لكي يرى العالم جميلا يقدر أن يعيش فيه
فالعاقل هو من يستطيع تجميل عالمه

أشكرك

ناديه محمد الجابي
09-09-2022, 10:21 PM
عمق في الفكرة مع طرافة في الحرف
نص هادف بسرد قصي شائق وطرح جميل
رائعة هذه القصة بكل المقاييس
تحياتي وتقديري.
:v1::nj::0014: