المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عِيدُكِ ...



خالد بناني
10-11-2012, 09:01 PM
يا رجل...
لا ينفضِحُ الواحدُ منا بكلماته، وإنما بعينيه. فأمام نصفنا الثاني نُسَلِّمُ مفاتيحَ المدن كلها بعينين منذهلتين به، ولسان لا ندري متى ابتلعناه أثناء بحثنا عن صوتنا المُضاع.. لأننا لا نكاد نصدق حقا أنه أخيرا يقف هنا، على بعد نظرتين نسْتَرِقُهما خُفْيَةً وشِبْهَ همس، وأنَّ الله سبحانه أوجده في هذه الدنيا كي نلتقي به.. كي تنشغل به حواسُّنا.. كي نَستدِل به علينا.. كي نؤمن به، معه، ولأجله، أن حياتَنا لن تكتمل إلا به.. كي نُصَدِّقَ بيقينٍ وعنادٍ أنه هو حياتُنا. أصْدَقُنَا إذن ليس من يتقنُ الكلامَ بحرصٍ كبيرٍ على أن يَظلَّ مُقنِعاً، وإنما من يُتقن النظرَ بعفويةٍ وبراءةٍ طفولية.
لهذا، إذا بَكَتْ امرأةٌ جرحتَها أنتَ.. امرأة تعني لك كل شيء.. امرأة تتخيلها دوما معكَ، حتى ما عدتَ تتخيلها إلا معكَ... لا تنس نفسكَ وأنتَ تَهُمُّ بمسحِ ما تساقط على خديها، فدموعُها كلُّها وُلِدَتْ بعينيكَ. لقد جَرَحْتَ نفسَكَ أولاً... كيف لكَ أنْ تبكي وحدَكَ دُونَ أن تبكيها معك؟ وكيف تقنعها أنكَ ما بين بقائك معها والرحيل، اخترتَ الثاني فقط حتى لا تجرحَها مرة أخرى؟ ادع الله لها بالأجمل دوما، وقُل في غيابها : إني – والله – لم أقصد.
أجل، في غيابها، قُلْها في غيابها.. ذلك أنها امرأةٌ تَظَلُّ علاقتُـكَ بها محكومةً بحالات الحصار وحظر التعارف، وتبقى كلماتُكما مهربةً سرا كمنشور انقلابٍ تخشى أن يتَّهمكما به الآخرون. حتى تبادُلُ التحية، ذلك الشيءُ البسيطُ الساذجُ، تُدرِكُ أنه صار مغامرةً جريئةً لا تَأْمَنُ عشراتِ العيون المتلصصة بكل انفضاح.
سيدة النساء، وسيدة الغياب، وسيدة الخجل...
سيدتي.. كيف نكتب لبعضنا كلماتٍ دون أن يقرأها غيرُنا؟
في عيدِ ميلادك الذي لم يَحِنْ بعدُ، ما أزال ذياكَ الرجل الذي لا يتمنى لك شيئا مميَّزا.. لا لأنه نَسِيَ، لكنْ لأنه تَعَوَّدَ الاحتفالَ بكِ دوما، كلَّ يوم، على مدار العمر، ما مضى منه وما سيأتي...
في الحياة انشغالٌ بالأحلام، بالطموحات، بقياس الزمن والمسافات، حتى لَنَنْسَى أو نكاد تلكَ التفاصيل المُهمَلة المركونة في ركن قَصِيٍّ من الذاكرة، تلك التفاصيل التي في غفلة منا – خِلْسَةً - تَكْبُرُ وتكبر و.. وسرعان ما تستحوذ علينا.. وسرعان ما نكتشف أنها منذ البدءِ كانت الاسمَ الآخرَ للأحلام والطموحات.. وللحياة. بعد كل هذا، ورغم كل هذا تقولين "لا تنسني من دعائِكَ"... بعضُ النسيان لا سبيلَ إليه لو تدرين.
سيدتي.. على قَدْرِ ما يصنعُه بي حضورُكِ يصنعُه غيابُكِ: رعشةُ خوف، رعشةُ قلق، وإحساسٌ بالضياع.. رعشةُ خوف مِن فقدانِكِ وقتما تكونين معي، رعشةُ قلق على ما قد يَحلُّ بكِ بعدي، ضياعي بين الرعشتين كطفلٍ فقد أمَّه، ورجُلٍ فقد أنثاه، وأبٍ فقد طفلتَه. معكِ، ظَلَّ القلبُ يشغلُه اللعبُ بالنار من أول الصِّبا حتى آخر الشيخوخة، دون أن يَبْلُغَ أشُدَّهُ رَجُلاً في أوْسَطِ العمر.
الأجملُ هو أجملُ حتى مِن أن نستطيع تخَيُّلَه، ولذا دعيني اليوم أخبركِ سِرّاً صغيرا تعرفينَه عني مُسبقا : وأنتِ بعيدة، وأنا بدونِكِ، ما عُدْتُ أذكرُ من أبناء كنتُ سأُنْجِبُهُم منكِ سوى أسمائِهم، تلك الأسماء التي اخترناها معا، للبنين والبنات على سواءٍ، بذاتِ القَدْرِ من الانتظار واللهفة والحنين وصدق الأمنيات: رميساء.. أدهم.. ريان.. حنين.. رحاب.. ميلاد.. أمل.. أماني.. وليد.. نسيم.. واسمك... ذلك أنكِ امرأةٌ لابُدَّ أن تتكرر في أكثر من أنثى، في ابنتي، في حفيدتي، وفي النساء إلى يوم القيامة.
عيد ميلادكِ إذن، وهاهو ذكرى لفراقٍ آخر. تعوَّدي شيئاً من النسيان، فربما لا أكون حاضراً في احتفالِكِ القادم.
كلُّ عيد وكلُّ أيامكِ عيد يا نجمة.

فاطمه عبد القادر
10-11-2012, 11:51 PM
سيدتي.. على قَدْرِ ما يصنعُه بي حضورُكِ يصنعُه غيابُكِ: رعشةُ خوف، رعشةُ قلق، وإحساسٌ بالضياع.. رعشةُ خوف مِن فقدانِكِ وقتما تكونين معي، رعشةُ قلق على ما قد يَحلُّ بكِ بعدي، ضياعي بين الرعشتين كطفلٍ فقد أمَّه، ورجُلٍ فقد أنثاه، وأبٍ فقد طفلتَه. معكِ، ظَلَّ القلبُ يشغلُه اللعبُ بالنار من أول الصِّبا حتى آخر الشيخوخة، دون أن يَبْلُغَ أشُدَّهُ رَجُلاً في أوْسَطِ العمر

السلام عليكم
ما أجمل الحب الصادق الحقيقي
إنه كل هذا وأكثر
ومن يجده في دنياه عليه أن يتمسك به
قالوا(( الحياة الحب ,,والحب الحياة ))
وأعتقد أنهم صدقوا إلى أبعد مدى
شكرا لجمال حرفك ,ولنثرك الجميل أخي خالد
ماسة

خالد بناني
12-11-2012, 01:05 PM
الرائعة فاطمة عبد القادر
سيدتي
بكل الحب تطلين على نصوصي دوما، وبكل الحب أشرق وأنا أتعثر بآثار خطاكِ
أهلا وسهلا ومرحبا بك
مودتي

نسرين بن لكحل
12-11-2012, 02:42 PM
يا رجل...
لا ينفضِحُ الواحدُ منا بكلماته، وإنما بعينيه. فأمام نصفنا الثاني نُسَلِّمُ مفاتيحَ المدن كلها بعينين منذهلتين به، ولسان لا ندري متى ابتلعناه أثناء بحثنا عن صوتنا المُضاع.. لأننا لا نكاد نصدق حقا أنه أخيرا يقف هنا، على بعد نظرتين نسْتَرِقُهما خُفْيَةً وشِبْهَ همس، وأنَّ الله سبحانه أوجده في هذه الدنيا كي نلتقي به.. كي تنشغل به حواسُّنا.. كي نَستدِل به علينا.. كي نؤمن به، معه، ولأجله، أن حياتَنا لن تكتمل إلا به.. كي نُصَدِّقَ بيقينٍ وعنادٍ أنه هو حياتُنا. أصْدَقُنَا إذن ليس من يتقنُ الكلامَ بحرصٍ كبيرٍ على أن يَظلَّ مُقنِعاً، وإنما من يُتقن النظرَ بعفويةٍ وبراءةٍ طفولية.
لهذا، إذا بَكَتْ امرأةٌ جرحتَها أنتَ.. امرأة تعني لك كل شيء.. امرأة تتخيلها دوما معكَ، حتى ما عدتَ تتخيلها إلا معكَ... لا تنس نفسكَ وأنتَ تَهُمُّ بمسحِ ما تساقط على خديها، فدموعُها كلُّها وُلِدَتْ بعينيكَ. لقد جَرَحْتَ نفسَكَ أولاً... كيف لكَ أنْ تبكي وحدَكَ دُونَ أن تبكيها معك؟ وكيف تقنعها أنكَ ما بين بقائك معها والرحيل، اخترتَ الثاني فقط حتى لا تجرحَها مرة أخرى؟ ادع الله لها بالأجمل دوما، وقُل في غيابها : إني – والله – لم أقصد.
أجل، في غيابها، قُلْها في غيابها.. ذلك أنها امرأةٌ تَظَلُّ علاقتُـكَ بها محكومةً بحالات الحصار وحظر التعارف، وتبقى كلماتُكما مهربةً سرا كمنشور انقلابٍ تخشى أن يتَّهمكما به الآخرون. حتى تبادُلُ التحية، ذلك الشيءُ البسيطُ الساذجُ، تُدرِكُ أنه صار مغامرةً جريئةً لا تَأْمَنُ عشراتِ العيون المتلصصة بكل انفضاح.
سيدة النساء، وسيدة الغياب، وسيدة الخجل...
سيدتي.. كيف نكتب لبعضنا كلماتٍ دون أن يقرأها غيرُنا؟
في عيدِ ميلادك الذي لم يَحِنْ بعدُ، ما أزال ذياكَ الرجل الذي لا يتمنى لك شيئا مميَّزا.. لا لأنه نَسِيَ، لكنْ لأنه تَعَوَّدَ الاحتفالَ بكِ دوما، كلَّ يوم، على مدار العمر، ما مضى منه وما سيأتي...
في الحياة انشغالٌ بالأحلام، بالطموحات، بقياس الزمن والمسافات، حتى لَنَنْسَى أو نكاد تلكَ التفاصيل المُهمَلة المركونة في ركن قَصِيٍّ من الذاكرة، تلك التفاصيل التي في غفلة منا – خِلْسَةً - تَكْبُرُ وتكبر و.. وسرعان ما تستحوذ علينا.. وسرعان ما نكتشف أنها منذ البدءِ كانت الاسمَ الآخرَ للأحلام والطموحات.. وللحياة. بعد كل هذا، ورغم كل هذا تقولين "لا تنسني من دعائِكَ"... بعضُ النسيان لا سبيلَ إليه لو تدرين.
سيدتي.. على قَدْرِ ما يصنعُه بي حضورُكِ يصنعُه غيابُكِ: رعشةُ خوف، رعشةُ قلق، وإحساسٌ بالضياع.. رعشةُ خوف مِن فقدانِكِ وقتما تكونين معي، رعشةُ قلق على ما قد يَحلُّ بكِ بعدي، ضياعي بين الرعشتين كطفلٍ فقد أمَّه، ورجُلٍ فقد أنثاه، وأبٍ فقد طفلتَه. معكِ، ظَلَّ القلبُ يشغلُه اللعبُ بالنار من أول الصِّبا حتى آخر الشيخوخة، دون أن يَبْلُغَ أشُدَّهُ رَجُلاً في أوْسَطِ العمر.
الأجملُ هو أجملُ حتى مِن أن نستطيع تخَيُّلَه، ولذا دعيني اليوم أخبركِ سِرّاً صغيرا تعرفينَه عني مُسبقا : وأنتِ بعيدة، وأنا بدونِكِ، ما عُدْتُ أذكرُ من أبناء كنتُ سأُنْجِبُهُم منكِ سوى أسمائِهم، تلك الأسماء التي اخترناها معا، للبنين والبنات على سواءٍ، بذاتِ القَدْرِ من الانتظار واللهفة والحنين وصدق الأمنيات: رميساء.. أدهم.. ريان.. حنين.. رحاب.. ميلاد.. أمل.. أماني.. وليد.. نسيم.. واسمك... ذلك أنكِ امرأةٌ لابُدَّ أن تتكرر في أكثر من أنثى، في ابنتي، في حفيدتي، وفي النساء إلى يوم القيامة.
عيد ميلادكِ إذن، وهاهو ذكرى لفراقٍ آخر. تعوَّدي شيئاً من النسيان، فربما لا أكون حاضراً في احتفالِكِ القادم.
كلُّ عيد وكلُّ أيامكِ عيد يا نجمة.





حاولت الاقتباس ، فوجدتني أقتبس النص بأكمله ..الصدق في الكلمات ، و الاحساس المنساب من الاعماق يجعلنا نقرأ بأرواحنا لا بأعيننا ..
قرأت شيئا جميلا ، شدني للمتابعة حتى آخر حرف .
هو الحب يجعل من أرضنا سماء ، نحلق فيها كالطيور لكن بلا أجنحة .
تقبل تحيتي و مروري

كاملة بدارنه
12-11-2012, 03:20 PM
أصْدَقُنَا إذن ليس من يتقنُ الكلامَ بحرصٍ كبيرٍ على أن يَظلَّ مُقنِعاً، وإنما من يُتقن النظرَ بعفويةٍ وبراءةٍ طفولية.
لغة العيون أبلغ تعبيرا، وأصدق قيلا من لغة اللسان!
أجدت الدّفاع عن نصف الكون
بوركت
تقديري وتحيّتي

براءة الجودي
12-11-2012, 08:02 PM
لهذا، إذا بَكَتْ امرأةٌ جرحتَها أنتَ.. امرأة تعني لك كل شيء.. امرأة تتخيلها دوما معكَ، حتى ما عدتَ تتخيلها إلا معكَ... لا تنس نفسكَ وأنتَ تَهُمُّ بمسحِ ما تساقط على خديها، فدموعُها كلُّها وُلِدَتْ بعينيكَ. لقد جَرَحْتَ نفسَكَ أولاً... كيف لكَ أنْ تبكي وحدَكَ دُونَ أن تبكيها معك؟ وكيف تقنعها أنكَ ما بين بقائك معها والرحيل، اخترتَ الثاني فقط حتى لا تجرحَها مرة أخرى؟ ادع الله لها بالأجمل دوما، وقُل في غيابها : إني – والله – لم أقصد.


هذا المقتبس يستحق التأمل منا لما به من لطف لو جرب كل زوج هذا التعامل مع زوجته لهدأت كثيرا من البيوت ولتوقفت عاصفةُ الخلافات لأسباب تافهة أو لسبب عدم تفهم كل منهما للآخر وأخذ بخاطره حتى لو لم يكن مخطئ فاالاحترام والود المتبادل وحسن الخلق بين الطرفين خصوصا في الأوقات العصيبة أو حالات الغضب يهدأ أحدهما ليرضي الآخر لها أثر كبير في تعديل حياتهما وتحسين الأوضاع
شكرا لك

خالد بناني
13-11-2012, 11:39 PM
الرائعة نسرين بن لكحل
الحاضرة القريبة دوما
أهلا ومرحبا بمرورك الكريم
وبتحيتك الوارفة عبقا أيضا
ظلي قريبة، بكل الخير
مودتي

ربيحة الرفاعي
21-11-2012, 11:06 PM
حين يتستعصي صف أقوالنا قلائد نطوق بها أعناق من نحب، نهرب للعيون ملجأ ومعينا يتحدث بلا انقطاع

نص فاض صدقا وألقا
وأداء أدبي محبب بلغته وأسلوبه

أهلا بك اديبنا في واحتك

تحاياي

خالد بناني
24-11-2012, 12:41 AM
أهلا وسهلا ومرحبا بالمرور الجميل الرائعة كاملة
أهلا بنصف الكون، وليتني حقا أكون ناجحا بالذي تفضلت بالإشارة إليه
مودتي وكبير تقديري

لانا عبد الستار
07-12-2012, 09:10 PM
نثر جميل جدا
أسجل إعجابي
واشكرك

نداء غريب صبري
28-12-2012, 09:52 AM
كم أحب كل ما تكتب أخي خالد البناني
نثرك جميل
وشعرك جميل

شكرا لك

بوركت

د. سمير العمري
18-05-2013, 01:39 PM
لغة جميلة ومشاعر أجمل وأداء أدبي راق.

دام ألقك شعرا ونثرا!

تقديري

ناديه محمد الجابي
12-02-2016, 08:17 PM
لوحة تعبيرية متكاملة أجدت وأبدعت في صنعها
تعزف وبمهارة على أوتار الشعور فجعلتنا نتمايل
على إيقاعات أنغامك المحملة بمشاعر صادقة رائعة.
كل التقدير لحرفك
ودام يراعك. :os:

خلود محمد جمعة
16-02-2016, 07:13 AM
ولحديث الروح لغة لا تتقنها الا العيون ولا يسمعها الا القلب العاشق
نثر غاص في العمق وحلق في السماء بأجنحة الجمال
بوركت وكل تقديري

سحر أحمد سمير
16-02-2016, 10:07 AM
قصة حب أسطورية و همس غرام لأنثى كالقمر في السماء اتشح بالنجوم ..

فتسمع صوت النسيم يغني في حضورها الزاهي ..

نثرية رقيقة حالمة ..دمت بخير و سعادة

حورية بوكدال
16-02-2016, 10:52 AM
مشاعر جميلة ...سلمتَ