تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : قانون الشحاذة



الدكتور أحمد قاسم العريقي
30-11-2012, 04:39 PM
قانون الشحاذة
دعت جمعية الشحاتين إلى إجتماع أعضائها فبَرَزَ حكيم الشحاذين وخطب فيهم قال:
إنَّ تَجمُّع الشحاذين ، أمام أحد الدكاكين أو الساكنين ، ضِدَّ قانون الِشحَاذةِ ، منذُ زمنٍ حتى الحداثةِ ، و لابُد من الرُّجوع لِلقانونِ ، الصادر منذُ عشرات القرونِ ، قَبْل المِيلاديةِ ، زمن السلاطين والعبوديةِ ، المُعمد بعد صَلب المسيح فى البريةِ , والمُعدَّل أيام الهجمةِ الامبرياليةِ ،على الأُمة العربيةِ ، وهذا نَصُّ القانون :
{ إنَّ الشحاذة حَقٌّ لِكُلٍّ للإنسان الشَريفِ ، من قاطنين الدورِ أو الرصيفِ ، مُحباً للعيش النظيفِ ، ليس باللص أو بالرَّجُلِ العَنيفِ ، وهي حَقٌّ لِلبصير والكفيفِ ، ولِكُلِّ ذي صحةٍ أو عاهةٍ ، أيٍ كان مَرساها ، وليس لها وقتٌ بَل عَشيَّها وضُحاها ، وعلى الشحاذ التحَلي بِالصبر الصريحِ ، وسَكب دُموعهِ كالتماسيحِ ، حتى تُرى على الخدِّ تَسيحُ ، كما يبكي الجريحُ ، وعلى الشحاذ عَدمْ الابتسامةِ ، لِمنْ أمَامهُ، ويخفض رأسهُ كالنعامةِ ، أمَّا إذا مَرت غَمامةٌ ، فَما عَليه ملامةٌ ، لأنَّ إشراق الابتسامةِ ، تَكون عند السلامةِ ، ويَمدُّ يَدهُ كَأنها مكسورةٌ ، و ينْظرُ بِعينٍ كأنّها مُعْوَّرَّةٌ ، ويتكلم بلسان مُتلعثمِ ، كمَنْ هو مُصابٌ بِداء الفَمِ ، وعَليهِ حَزْ شاربيهِ بالموس حزاً، حتى لا يُقال مغروراً أو مُعْـتَـزاً ، و ان يَكُون صَبَّاراً، لا يَخشى ضعيفاً أو جَبَّاراً ، وأن يكون لحوحاً لا يَملُّ من اللئيمِ ، أو أي الرَجُل العَديمِ ، وعلى هذا الطَّبع يستديمُ ليحصل على النعيمِ ، لأنَّ هَذهِ حِكْمَة القديمِ ، وهي أمورٌ مُجَرَّبةٌ ، وعلى مدار الزمنِ مُختبرةٌ .
كما يَجب على الشحاذ أن لا يَنْظر إلى العيونِ ، حتى لا يَفْضح من المَكْنونِ ، ويَبْقى الغَرض مَصوناً من أصحاب الظنونِ ، أمَّا الثياب تكون من الأسْمَال الباليةِ ، أو الأطْمَار الفَانيةِ ، عَليها بعض الرُقًعْ المُتتاليةِ ، ويَرْبط بَطْنهُ بالصخرِ ، ويَلْصِقُها باِلظهرِ، ، ليظْهر أثر المَجاعةِ ، على الجماعةِ ،في نَفس الساعةِ ، وأن يَتلَـوَّى مِن الجوعِ ، ولو شرب ماء الضروعِ * أو التهم الثريدَ ، وأكلَ العصيدَ ، وأن يظْهر الـُذلُّ والمَسْكنةَ ، و يخفي المَلْعَنةَ ، ويمْشي كالحمامةِ ، ولا يسْرع كالنعامةِ .
وعَليكُم بأمكر الحِيّـَلِ ، فمَرْدودها يَنْكال بِالْكيَلِ ، ومن أمْثلتها كَثيرةٌ , ولو كانت مَريرةٌ ، مِنها :
إذا البصر كبصر الصَقْرِ، خُذ طفلاً يقودك بِالسِّرِ، أو بالعصى سَرْ ولا تفضح للأمرِ، وإن كان جِسمُك كالفيلِ ، امتدْ فى المكان الظليلِ ، بمساعدة الزميلِ ، ثُم اهتف كالعَليلِ ، أنك بحاجةٍ لِلعلاج المُستديمِ ، والمَرض مُزْمنٌ منذُ القديمِ ، وانَّ لكَ عشرةً من الأطفالِ، يَحْتاجون لِلريالِ ، وعلى هذا يدوم كل الحالِ ، ولو كانت ثروتكَ كالجبالِ.
ومن لا يَحب المُرور في الحاراتِ ، أو التنقل بين الطُرقاتِ ، ويُودُّ تقصير المَسافاتِ ، فَعَليهِ بدور العباداتِ ، لأنَّ فيها نَاسٌ طيبينَ ، يَحبون الناس أجْمعينَ يرحمون المَساكينَ ، فعَليك في أول صَفٍ ، كحارسٍ أو مُشرفٍ ، وبعد الصلاة قفْ ، ثم ارفع الكف وخفْ ، وابدأ بالشُّكوى ، ثم البُكى ، أحياناً قُلْ
إن البيت إيجارٌ، ولا يُوقد فيها نارٌ، ولديك العَصَافيرُ، يعصرهم الجُوعُ المَريرُ، وأمُهم استضافها السريرُ ، ثُـمَّ مُدْ رُقعةً من الثيابِ ، وضَعها جوار البابِ ، أو خارج المسجدِ على الترابِ ، و لا تخْرُج إلاَّ بَعد المُصَلين أجمعينَ ، ولا بد أن تكون من الصابرينَ . وعلى الشحاِذين أن يغيروا الطريقةَ ، حتى لا تكْنـشَف الحَقيقةَ .
أحياناً قُلْ عِندك مُتوفى ، ليس لديهِ مالٌ يكفي ، ويَحْتاج إلى الكَفَنِ ، وإلى القبر مع الدَفنِ ، أو قُل الجَمَل* صدمَ ، بِما حَمَل وتهشمَ ، وأنا مَكْسور الحَوض مَعَ القَدَمِ ، وعَليَّ غرامات و دِيَّة الدَمِ ، أو قُلْ أبتليتَ بالحَريقِ ، أو بَيتك كالغَريقِ ، فى الودي السحيقِ ، وليس لك أحدٌ من المُعينِ أو الصديقِ ، وأنكَ مِنْذُ أسبوعٍ ما بَلّيت عُباب الرِّيقِ ، وكدت من الجوع تسقط فى الطريقِ ، حتى تنهمر دموع القاسي والشفيقِ.
وعلى الشحاذ أن يجدَ الوَسيلةَ ، لِيُحقق غَايتهُ الكفيلةَ ، وعليكُم بالتفَرُّق في الطُّرقاتِ ، والانتشار في كُلِّ الجِهاتِ ، ولا تتجمعوا أكْثر من اِثنينِ ، إلا إذا كُنتم صديقينِ ، فإذا حصلتُم على شيءٍ اَقتسموه نَصْفين ، حَيث التجمُّع عُصْبَةٌ ، فيه خوفٌ ورَّهْبَةٌ ، ولنا في ذالك عِبْرةٌ ، تتلوها عبرةٌ.
ومن أراد الفوز العطية الكبيرةِ ، فعليه بقائد المسيرةِ ، وليقل أنهُ عليلٌ ، وأنّ مرضهُ ما لهُ مثيلٌ ، ومصاب بزكام {مانيا} ، ولن يُشفى إلا فى المانيا ، أو مُصابٌ بأنفلونزا الدجاجِ ، وعلاجها فى تايلاند قُرب الماء الأُجاجِ ، وإن كُنت من ذوي المعالي وأصحابِ السعادةِ ، فلا عليك ملامة إن طالت يدك إلى خارج البلاد وزيادة }.

آمال المصري
30-11-2012, 05:28 PM
مقامة جميلة قالت ووفت الكثير
وكما يقال شر البلية مايضحك
لا أدري لِم أدرجتها بالقصة أديبنا ؟ أعتقد النثر كان مناسبا لها أكثر
دام ألقك
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي

ياسر ميمو
30-11-2012, 05:29 PM
السلام عليكم

فكرة النص جد مميزة

نص يستحق كل التحية والتقدير

دمت أخاً عزيزاً أصيلاً

الدكتور أحمد قاسم العريقي
30-11-2012, 06:17 PM
الأخت آمال المصري اشكرك جداً على إطلاعك على موضعاتي بالنسبة لقانون الشعاذة لا أعتبره مقامة متكالمة وبالنسبة لي المقامة أكبر مما كتبته بكثير وأخيراً لك مني الشكر الجزيل

الدكتور أحمد قاسم العريقي
30-11-2012, 06:26 PM
اشكرك يا ياسر ودمت صديقاً عبر الاقمار

ربيحة الرفاعي
06-12-2012, 10:41 PM
فكرة طيبة تستدعيني لقراءة ثانية

مرور تحية وترحيب
ونتوق لرؤية اثر خطوك أديبنا صفحات بقية الأعضاء

أهلا بك ومرحبا في واحتك

تحاياي

نداء غريب صبري
08-01-2013, 11:27 AM
مقامة جميلة وطريفة وموضوع ابتسمت لقراءته

شكرا لك أخي

بوركت

ناديه محمد الجابي
17-01-2017, 08:18 PM
مقامة ظريفة ـ في نص ساخر ماتع ورائع
لغتك قوية، ومفرداتك غنية، وسردك رائع متماسك
أحي قلمك السامق. :0014: