تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : زيارة وزير



الدكتور أحمد قاسم العريقي
02-12-2012, 05:09 PM
زيارة وزير

بعد أن سمع (باسم) بزيارة الوزير لمؤسستهم ابتهج لهذا الخبر وأسرع إلى زملائه وقال: غداً يا أصدقاء سيزورنا الوزيييير الجديييد، سيكون يوماً حافلاً وسننتهز هذه الفرصة التي لا تحدث إلّا كل عدة سنوات، سنشكو له ظلم وتعسف مدير هذه المؤسسة الحيوية ثم تقدم قليلا وضرب بقبضته الماسة بقوة : غداً سنتخلّص منه ونتحرر من ظلمه، غداً سوف نزفّه إلى خارج المؤسسة فافرحوا، وغنّوا يا أصدقاء.
رد محمد قائلاً : لا تفرح يا صديقي، سيعدُنا كما وعدنا الوزير السابق، بزمن يفيض لبناً وعسلاً، ثم يحسوه وحده و نحن نقدم له الأكواب ونمسح شاربيه كلما لطخه العسل و.. .
ــ لا، لا يا صديقي أنا، أعرف هذا الوزير، نزيه، صادق الوعد يلتزم بما يقوله، وسترون في عهده إصلاحات كثيرة
قال رفيق بحِدِّة : مديرنا هذا، مستبد، لقد خصم من راتبي دون وجه حق خمسة أقساط .
ضحك أحدهم بسُخرية وقال: لا تغضب يا صديقي، أنت خصم عليك لتأخرك صباحاً عن العمل، أمّا أنا فقد خصم عليّ عند مروره وأنا في الحمام، أيعقل هذا ؟! واللهِ يا أصدقاء لو أجد وظيفة في مكان آخر لأتركنّ هذه المؤسسة فوراً، ولن أبقى تحت رحمة هذا المُتجبر . كم تمنيتُ أحداً يذلّهُ، كما يذلنا هو، ثم رفع يديه نحو السماء ودعا (اللهم يا رب عليك بالظالمين .... )
قال باسم مُتحمساً :علينا أن لا نُضيّع هذه الفُرصة من أيدنا يا أصدقاء، سنقدم للوزير أدلّة على جُرم المدير، وأنا أعدكم، أعدكم .... أن تتخلص هذه المؤسسة منه ومن شره، وما عليكم الآن إلا أن تجمعوا ما تجدونه من أدلّة على فساده.
هلّلوا وصفقوا غدا سيحتفلون بطرد المدير إلى مزبلة التاريخ .
حضر الوزير اليوم الثاني صباحاً، تنّفسوا الصعداء وعندهم ما يرسلون به المدير وراء الشمس .
جمع المدير كل الموظفين لاستقباله عند بوابة المؤسسة، فرش الورد في طريقه، أمر النساء بالزغاريد والرجال بالتصفيق، كان المدير على شماله، يرحب : أهلاً وسهلاً ..... المؤسسة ازدادت بهاءً ونوراً بقدومكم...... وكانت سكرتيرة المدير في يمينه .
تبسّم الوزير وقال للمدير : ما هذا إلا زفّة عرس، رد المدير ضاحكاً: عندنا ما يسرّك يا سعادة الوزير.عبس وجه الوزير قليلاً، وبان عدم الرضى على وجهه .
انفرد المديرُ بالوزيرَ في مكتبه، وهو يكيل لهُ المديح، وعاد الموظفون كُلٌّ إلى مقر عمله .قال رفيق بفرحٍ أما نظرتم يا أصدقائي كيف عبس وجه الوزير من حديث المدير له، إنني أرى بشارة خير في هذا الوزير، فهو ليس مثل الوزراء السابقين، ولن يرضى عن ظلم المدير وتعسفه وفساده .
ظل باسم وأصدقاؤه في مكتبهم منتظرين زيارة الوزير لمكتبهم، واتفقوا إن لم يمر على مكتبهم سيقفون له في أي مكان يجدونه وسيشكون له ظلم مدير المؤسسة، ولن يتكرر ما حدث في الزيارة السابقة، حين خرست ألسنتهم جميعاَ .
خرج الوزير هو والمدير معاً من المكتب؛ ليزورا بعض الأقسام في المؤسسة، ومرّا على مكتب سليم وزملائه، فوقفوا له كالجند في الميدان وقدموا التحية .
سألهم عن العمل ومما يشكون؟ ردّوا جميعاً إلا باسم ظل صامتاً : الحمد لله يا سعادة الوزير، الحمد لله..... ليس هناك أية مشكلة والفضل يعود للمدير، وأضاف رفيق متحمساً يكاد يخطب: يا سيادة الوزير لولا مديرنا هذا ... لما نجحت هذه المؤسسة، فهو مكسب لهذه المؤسسة، وعندما كان الوزير يغادرهم، أراد باسم أن يتحدث بصوت مُنخفض كمن أصيب بالخرس، وملف الشكوى ومخلفات المدير بيده : يا حضرة الوزي.... يا سيدي يا ... يا .... واختنق صوته وبلع لسانه .

محمد النعمة بيروك
06-12-2012, 11:49 PM
لم يكتفوا بالصمت، بل انهمكوا يتعداد "مناقب" المدير.. كأنّها حالة الشعوب العربية اليوم التي تهلل للزعيم، ومن خلفه تتحدث عن جرائمه.. إنّه نفاق سياسي شعبوي مقيت..
نص جميل، ومُعبّر عمن معضلتنا اليوم مع زعمائنا الذين لم يعد لأمثال باسم قبل بهم، بسبب زخم النفاق العام..

عانى النص من بعض الأمور التنظيمية، حيث لم تُعزل الجمل الحوارية، كما كانت بعض الفواصل حيث لا يجب أن تكون " يا صديقي أنا، أعرف هذا الوزير".. أو غابت عن حيث يجب أن تكون "سيكون يوماً حافلاً وسننتهز هذه الفرصة التي لا تحدث إلّا كل عدة سنوات،"..

لكنّ هذا لا ينقص النص بحال..

أحييك.

كاملة بدارنه
07-12-2012, 09:09 AM
أراد باسم أن يتحدث بصوت مُنخفض كمن أصيب بالخرس، وملف الشكوى ومخلفات المدير بيده : يا حضرة الوزي.... يا سيدي يا ... يا .... واختنق صوته وبلع لسانه .

أهو النّفاق أم الضّعف ما أدّى إلى هذا؟! قفلة جميلة
قصّة هادفة وعاكسة لما يدور في الواقع...
بوركت
تقديري وتحيّتي

ربيحة الرفاعي
07-12-2012, 11:40 PM
نفاق وضعة وهوان على النفس هان معه على صاحبها كل فعل
ونص قصي جميل الفكرةهادف بفكرته توجيهي نافع

نطمح لرؤية أثر خطوك في مواضيع بقية الأعضاء

وددت لو حظي بتنسيق يخدمه ليأتلق بما يستحق

أهلا بك في واحتك

تحاياي

الدكتور أحمد قاسم العريقي
08-12-2012, 07:08 PM
اشكر كل أعضاء لجنة القصة ولمن أطلع عل كتاباتنا لما يقدمون لنا من نصح وارشادات قيمة

محمد الشرادي
08-12-2012, 08:05 PM
زيارة وزير

بعد أن سمع (باسم) بزيارة الوزير لمؤسستهم ابتهج لهذا الخبر وأسرع إلى زملائه وقال: غداً يا أصدقاء سيزورنا الوزيييير الجديييد، سيكون يوماً حافلاً وسننتهز هذه الفرصة التي لا تحدث إلّا كل عدة سنوات، سنشكو له ظلم وتعسف مدير هذه المؤسسة الحيوية ثم تقدم قليلا وضرب بقبضته الماسة بقوة : غداً سنتخلّص منه ونتحرر من ظلمه، غداً سوف نزفّه إلى خارج المؤسسة فافرحوا، وغنّوا يا أصدقاء.
رد محمد قائلاً : لا تفرح يا صديقي، سيعدُنا كما وعدنا الوزير السابق، بزمن يفيض لبناً وعسلاً، ثم يحسوه وحده و نحن نقدم له الأكواب ونمسح شاربيه كلما لطخه العسل و.. .
ــ لا، لا يا صديقي أنا، أعرف هذا الوزير، نزيه، صادق الوعد يلتزم بما يقوله، وسترون في عهده إصلاحات كثيرة
قال رفيق بحِدِّة : مديرنا هذا، مستبد، لقد خصم من راتبي دون وجه حق خمسة أقساط .
ضحك أحدهم بسُخرية وقال: لا تغضب يا صديقي، أنت خصم عليك لتأخرك صباحاً عن العمل، أمّا أنا فقد خصم عليّ عند مروره وأنا في الحمام، أيعقل هذا ؟! واللهِ يا أصدقاء لو أجد وظيفة في مكان آخر لأتركنّ هذه المؤسسة فوراً، ولن أبقى تحت رحمة هذا المُتجبر . كم تمنيتُ أحداً يذلّهُ، كما يذلنا هو، ثم رفع يديه نحو السماء ودعا (اللهم يا رب عليك بالظالمين .... )
قال باسم مُتحمساً :علينا أن لا نُضيّع هذه الفُرصة من أيدنا يا أصدقاء، سنقدم للوزير أدلّة على جُرم المدير، وأنا أعدكم، أعدكم .... أن تتخلص هذه المؤسسة منه ومن شره، وما عليكم الآن إلا أن تجمعوا ما تجدونه من أدلّة على فساده.
هلّلوا وصفقوا غدا سيحتفلون بطرد المدير إلى مزبلة التاريخ .
حضر الوزير اليوم الثاني صباحاً، تنّفسوا الصعداء وعندهم ما يرسلون به المدير وراء الشمس .
جمع المدير كل الموظفين لاستقباله عند بوابة المؤسسة، فرش الورد في طريقه، أمر النساء بالزغاريد والرجال بالتصفيق، كان المدير على شماله، يرحب : أهلاً وسهلاً ..... المؤسسة ازدادت بهاءً ونوراً بقدومكم...... وكانت سكرتيرة المدير في يمينه .
تبسّم الوزير وقال للمدير : ما هذا إلا زفّة عرس، رد المدير ضاحكاً: عندنا ما يسرّك يا سعادة الوزير.عبس وجه الوزير قليلاً، وبان عدم الرضى على وجهه .
انفرد المديرُ بالوزيرَ في مكتبه، وهو يكيل لهُ المديح، وعاد الموظفون كُلٌّ إلى مقر عمله .قال رفيق بفرحٍ أما نظرتم يا أصدقائي كيف عبس وجه الوزير من حديث المدير له، إنني أرى بشارة خير في هذا الوزير، فهو ليس مثل الوزراء السابقين، ولن يرضى عن ظلم المدير وتعسفه وفساده .
ظل باسم وأصدقاؤه في مكتبهم منتظرين زيارة الوزير لمكتبهم، واتفقوا إن لم يمر على مكتبهم سيقفون له في أي مكان يجدونه وسيشكون له ظلم مدير المؤسسة، ولن يتكرر ما حدث في الزيارة السابقة، حين خرست ألسنتهم جميعاَ .
خرج الوزير هو والمدير معاً من المكتب؛ ليزورا بعض الأقسام في المؤسسة، ومرّا على مكتب سليم وزملائه، فوقفوا له كالجند في الميدان وقدموا التحية .
سألهم عن العمل ومما يشكون؟ ردّوا جميعاً إلا باسم ظل صامتاً : الحمد لله يا سعادة الوزير، الحمد لله..... ليس هناك أية مشكلة والفضل يعود للمدير، وأضاف رفيق متحمساً يكاد يخطب: يا سيادة الوزير لولا مديرنا هذا ... لما نجحت هذه المؤسسة، فهو مكسب لهذه المؤسسة، وعندما كان الوزير يغادرهم، أراد باسم أن يتحدث بصوت مُنخفض كمن أصيب بالخرس، وملف الشكوى ومخلفات المدير بيده : يا حضرة الوزي.... يا سيدي يا ... يا .... واختنق صوته وبلع لسانه .



أهلا دكتور احمد.
إذا لم يكفيك الفيل نزيد فيلة
هذا النص الجميل يتناص مع حكاية طريفة.و قد يختصرها الناس على شكل مثل شعبي( إذا لم يكفي الفيل، نزيد الفيلة)
كان لمك فيل يعث فسادا في المدينة. تضرر الناس من سلوك هذا الحيوان الطائش. فتأجحت في رؤوسم الاحتجاجات. تزعم احدهم القافلة المتوجهة إلى قصر الملك لرفع شكايتهم للمكلك. ذهبوا وهم يرددون: الفيل....الفيل....الفيل. عند الباب خرج الملك. فخاطب المتزعم: ماذا تريد؟ التفت يمينا ثم يسارا فوجد نفسه وحده. قال للملك أعزك الله يا مولاي الفيل يشعر بالوحدة فهو يحتاج إلى فيلة تملأ دنيا و ربما خلفوا ذرية صالحة.
كان عليهم ان يقولوا المدير يحتاج إلى مديرة.

مودتي أخي أحمد

ناديه محمد الجابي
08-12-2012, 09:29 PM
شكرا لك ولقصتك الهادفة
لا تخش على موظفينك
فقد انكسر حاجز الخوف
وانطلقت الحناجر الآن فى كل بلد من عقالها ..

نداء غريب صبري
08-01-2013, 11:11 AM
قصة صادقة ومعبرة
تتكرر في كل مكان
في المدرسة والمعهد والعمل والشارع

شكرا لك اخي

بوركت

آمال المصري
11-03-2013, 08:21 PM
ليس نفاق أبدا ...
هو الخوف الذي كان يكمم الأفواه خشية الجوع والتشرد
ولكن انكسر هذا الحاجز وانطلقت كلمة الحق ملطخة بدماء الأبرياء
واقع تعيشه المجتمعات على جميع الأصعدة أتقنت ترجمته أديبنا الفاضل
بوركت واليراع المبدعة
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي