المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شرفة على موانئ الغربة



دارين توفيق طاطور
03-12-2012, 08:40 AM
3
شرفة على موانئ الغربة




أجلس بين خطوات الماضي وأحلام المستقبل، أتساءل من أين سآتي بالكلمات التي تشرح غربتي..! من أين سأتي بالصمت الذي يقول كل شيء..؟!
ما زلت أسير، وعن أي معرفة بأي درب أسير..؟! استقليت أحلاماً أصبحت على وشك الأفول، سرت بها في كل البحور وجدتها مسدودة وجلست أنتظر زورق يلوح لي من جديد. كم تمنيت في لحظة أن أرى مرفأ الوصول، لكن الفرح إستكثر علي جمال رسي الآمال، فوقفت بكل ذهول أتابع الأمواج وأبحث بها عن ميناء أمانٍ.
نزعت اليأس من كل الشواطئ ووجدت ذاك البريق الذي يوحي بأمل جديد، فعرفت من هو من بعيد، ومع كل هذا كان من الصعب عليَّ الوصول..!
يقول أحبي من جديد وستزول الغربة مع أول احساسٍ بالأمان، ولكني فقدت الشَّهية للحب..!
يقول اضحكي.. وأتساءل لما الضَّحك..! فيكون الجواب منه.. لأنني عاجزة عن الحزن..
أريد أن أسافر ولا بدّ من السفر حيث مرافئ الانتظار وحيث يكون بي قدرة على أغتال الغربة بجمال اللقاء، فهناك من ينتظرني..
كم أود بلحظة بكاء أمام أحد، لأنني اعتدت البكاء دوماً مع الغربة ومع جدران الغرفة، فالحزن يتملكني والأمل يصنعني لوحة مع القدر، الحزن يغتالني بهدوء وبرصاصة صامتة، لعل هذا الحزن الذي يتملكني قضية شائكة وأكثر خصوصية وكأنه الوطن.
أتابع النظر لذاك البحر وتلك الأمواج المتراطمة، وكأنني أريد أن أكتشف هذه الليلة أن الوجه الآخر للنسيان.. هي الغربة، وكم هوصعب أن أجتاز ذاك الجسر المعلق بينهما، والذي يفصل بين التفاصيل الحزينة والضحكة البريئة.. أريد في لحظة الغربة التي أعيشها أن أختار لعمري مسقطه الأخير..! أن أحلم بالمستحيل وأتحداه..؟!
أين يقع البحر.. وأين تراها غربتي.. هل تحيطني أم تراني أنا التي أحيطها..! هل أحملها بداخلي أم أنها تحملني حيث اللاحدود واللاوجود.. أشعر وكأنني ولدت على جسر معلق وسط مجرى رياح يتلاعب بي يساراً ويميناً.. كبرت وأنا أحاول أن أتصالح مع ذاتي وأصلح بين الأضداد والانعكاسات داخلي، إلا أنني ولوهلة أولى أكتشف أنني أكره كل شيء له وجهان.. الحب والكره.. الجنس والاغتصاب.. الضوء والظلمة.. الأبيض والأسود.. الحلم والوهم.. البداية والنهاية.. الغربة والألفة.......
ومرة أخرى أحس بالوحشة لشيء ما عاد موجود في واقعي.. ولشيء آخر تمنيته يوماً أن يكون معي يقاسمني كل شيء حتى سريري.. أنظر للساعة وكأن عقاربها لا تتحرك فتنتابني الغربة من جديد، كلنا في فلك واحد وأنا في فلك يبتعد عنهم شيئاً فشيئاً.. لأنني ولدت من صمت البحر.. وعشت معه في كل حكاياته فقذفتني مياهه موجة غريقة تتجول مرة نحو رمال الشطآن وتجرني ثانية "إليها ومرة أخرى لصخرة أتحطم عليها.
أتذوق المياه كي أروي غربتي من العطش الدائم، فأشعر بطعم ملوحتها الذي يذكرني بسكون كل شيء من حولي، فتتزاحم عليَّ صور كل من أحب وتزداد خفقات نبضي ويتعرق جبيني ويرتجف جسدي ويعجز اللسان عن البوح لأعلن بعد العناء صرخة استجداء لتخرجني وتنتشلني من بحر غربتي وأنا في لب الوطن.. وحضن أغلى الانام.. أنا من البشر.. أنا من البشر...
رحلت عني كل زوارق وأطواق النجاة وتركت وحدي أصارع اخوتي الأمواج وبقيت طفلة تحلم برسم الوجوه على الرمال تحادثهم وتسرع إليها وتمسحها وكأنها تجبرني للعودة لطريق الوحدة لأرسمها من جديد.. ولن يبقى لدي سوى انتظار قارورة تحمل بداخلها رسالة منهم.. تحمل بعضاً من الآمال وبعضاً من رمال شواطئهم لترسب في قلبي وأودع بها قليلاً من غربة وحدتي...


دارين طاطور
16-03-2008
04:30
فجراً

كاملة بدارنه
03-12-2012, 05:15 PM
لمشاعر الغربة ألسنة كألسنة الأخطبوط تمتدّ ممتصّة كلّ شعور جميل...
إنّها تعزف على أوتار الألم لتنسينا مشاعر الفرح
جميل ما تكتبين بوركت
تقديري وتحيّتي
(همسة: زورقا- استكثر - لِمَ - أن أغتالَ - موجودا )

سهى رشدان
04-12-2012, 05:51 PM
الأخت دارين
متميزة نصوصك ِ
أسجل اعجابي

نسرين بن لكحل
04-12-2012, 06:03 PM
3
شرفة على موانئ الغربة





يقول أحبي من جديد وستزول الغربة مع أول احساسٍ بالأمان، ولكني فقدت الشَّهية للحب..!
يقول اضحكي.. وأتساءل لما الضَّحك..! فيكون الجواب منه.. لأنني عاجزة عن الحزن..
أريد أن أسافر ولا بدّ من السفر حيث مرافئ الانتظار وحيث يكون بي قدرة على أغتال الغربة بجمال اللقاء، فهناك من ينتظرني..



دارين طاطور
16-03-2008
04:30
فجراً


حين تستوطننا الوحشة ،و تأسرنا الغربة نفقد الشهية لكل شيء حتى الحياة، تصبح مجرد أنفاس تجعلنا في دفتر الأحياء اسما بروح مقيدة أسيرة الوحشة و الوحدة ..
تتحدثين فتبدعين، لحرفك نسيج جميل و سرد جذاب يجعلنا نتابع النص من أول حرف حتى آخره .
أسجل اعجابي بنصك و بحرفك ،
أتابعك دائما باذن الله
تحيتي و مودتي

عبد السلام هلالي
04-12-2012, 08:27 PM
إن كان للغربة من مزايا و حسنات فهو هذه النصوص الوارفة الجمال والبهاء التي يهديها إلينا من عاشها وتذوق طعمها.
مرور لتسجيل الاعجاب بالحرف وتحية صاحبة القلم.
شكرا لك.

ربيحة الرفاعي
06-12-2012, 10:02 PM
أتذوق المياه كي أروي غربتي من العطش الدائم، فأشعر بطعم ملوحتها الذي يذكرني بسكون كل شيء من حولي، فتتزاحم عليَّ صور كل من أحب وتزداد خفقات نبضي ويتعرق جبيني ويرتجف جسدي ويعجز اللسان عن البوح لأعلن بعد العناء صرخة استجداء لتخرجني وتنتشلني من بحر غربتي وأنا في لب الوطن.
للغربة المكانية وجع يعين عليه تواصل محدود مع الوطن ومشاريع لقاء لا يخرج المغترب من فلكها حتى وإن كان في اغتراب قسري كالمشردين باحتلال ديارهم، لكن اغتراب المرء في وطنه وبين أهله يكون أقسة لما فيه من دلالة على عجز الجذور الممتدة في أرض الوطن عن تروية ظمأ غصونه

عميق ما نثرت حروفك من شعور
وجميل ما رسمت من صور

الراقية دارين طاطور
أهلا بك في واحتك

تحاياي

خليل حلاوجي
06-12-2012, 10:51 PM
حين نبحث في أعماق لغتنا عن مرآة .. ترينا فواجع نبضنا وهو يحتضر اغتراباً : نكتب مثل هكذا نص .

تحية للجميع .

نداء غريب صبري
21-12-2012, 09:32 PM
نص حزنه جميل
وصوره أيضا

شكرا لك أختي

بوركت

د. سمير العمري
23-12-2013, 06:54 PM
غربة النفس الموحشة تحيط بحرفك عادة بشكل ملفت وموجع!
هنا كان نصا جديدا ينفث وجع الغربة ووحشة الوحدة وملامح القنوط ، ولئن كان الحرف جميلا راقيا فإن الشعور موحش وغير محبوب.
أشكر حرفك وأحثك على أن تنظري للحياة بعين آملة بالغد الأجمل وبالأمل اليانع.

تقديري

خلود محمد جمعة
24-12-2013, 11:47 PM
لما تلبسين حرفك ثوب الحداد فما زال في العمر متسع
الاغتراب ينهش من روحك فتذوين قبل الأوان
حرف جميل مكلل بالألم
دمت فرحة
محبتي وتقديري

دارين توفيق طاطور
16-07-2014, 02:36 AM
لمشاعر الغربة ألسنة كألسنة الأخطبوط تمتدّ ممتصّة كلّ شعور جميل...
إنّها تعزف على أوتار الألم لتنسينا مشاعر الفرح
جميل ما تكتبين بوركت
تقديري وتحيّتي
(همسة: زورقا- استكثر - لِمَ - أن أغتالَ - موجودا )


الشاعرة الأخت الرائعة كاملة بدارنة
بداية شكرًا على همساتك
فهي مفيدة كب لا أعود على الخطأ يا أخية...
وأشكركك كل الشكر لأنك كنت هنا تنظرين لغربتي...

دارين توفيق طاطور
16-07-2014, 02:38 AM
الأخت دارين
متميزة نصوصك ِ
أسجل اعجابي


أشكر ذوقك
أيتها الشاعرة الرائعة..
ودمت للجمال عنوان.....

دارين توفيق طاطور
16-07-2014, 02:41 AM
حين تستوطننا الوحشة ،و تأسرنا الغربة نفقد الشهية لكل شيء حتى الحياة، تصبح مجرد أنفاس تجعلنا في دفتر الأحياء اسما بروح مقيدة أسيرة الوحشة و الوحدة ..
تتحدثين فتبدعين، لحرفك نسيج جميل و سرد جذاب يجعلنا نتابع النص من أول حرف حتى آخره .
أسجل اعجابي بنصك و بحرفك ،
أتابعك دائما باذن الله
تحيتي و مودتي


نسرين يا ابنة المليون والنصف شهيد..
كيف لك أن لا تصلي حيث قمة الوحدة والغربة التي أعيشها
وأنت الأقرب لحياة وطن عان الأمرين
تقديري لك...
ومحبتي...

دارين توفيق طاطور
16-07-2014, 02:43 AM
إن كان للغربة من مزايا و حسنات فهو هذه النصوص الوارفة الجمال والبهاء التي يهديها إلينا من عاشها وتذوق طعمها.
مرور لتسجيل الاعجاب بالحرف وتحية صاحبة القلم.
شكرا لك.

يا أخي حين تأكل الغربة وتنهش فكرنا
نصبح أمواجًا تمتزج بالحرف وتكون بحر غربة...
أشكرك يا صديقي...

دارين توفيق طاطور
16-07-2014, 02:45 AM
للغربة المكانية وجع يعين عليه تواصل محدود مع الوطن ومشاريع لقاء لا يخرج المغترب من فلكها حتى وإن كان في اغتراب قسري كالمشردين باحتلال ديارهم، لكن اغتراب المرء في وطنه وبين أهله يكون أقسة لما فيه من دلالة على عجز الجذور الممتدة في أرض الوطن عن تروية ظمأ غصونه

عميق ما نثرت حروفك من شعور
وجميل ما رسمت من صور

الراقية دارين طاطور
أهلا بك في واحتك

تحاياي



نعم هو ذا الشعور الذي يحيط بي
غربة في وطن تربيت به وعشت به...
وكم هو صعب أن تعيش في وطنك وأنت غريبٌ
أشكرك عزيزتي...

دارين توفيق طاطور
16-07-2014, 02:46 AM
حين نبحث في أعماق لغتنا عن مرآة .. ترينا فواجع نبضنا وهو يحتضر اغتراباً : نكتب مثل هكذا نص .

تحية للجميع .


نعم يا صديقي..
الغربة تجعل منا فلاسفة في كتابة الوحدة والتعبير عنها..
تقديري لوجودك...

دارين توفيق طاطور
16-07-2014, 02:48 AM
نص حزنه جميل
وصوره أيضا

شكرا لك أختي

بوركت


يقال بأن الحزن في الكتابة
وقمة الشعور به
يكون سببه الصدق...
بغلي استطعت مع كل هذا الحزن أن أجد شاطئًا واحدًا لغربتي..
تقديري...

دارين توفيق طاطور
16-07-2014, 02:51 AM
غربة النفس الموحشة تحيط بحرفك عادة بشكل ملفت وموجع!
هنا كان نصا جديدا ينفث وجع الغربة ووحشة الوحدة وملامح القنوط ، ولئن كان الحرف جميلا راقيا فإن الشعور موحش وغير محبوب.
أشكر حرفك وأحثك على أن تنظري للحياة بعين آملة بالغد الأجمل وبالأمل اليانع.

تقديري


ماذا أفعل يا أستاذي الشاعر سمير
وقد احتلني الحزن في مواطن غربتي
فالإنسان في زمننا حين يكون إنسانًا
يشعر بغربة كبيرة لأن مل من حوله ذئاب بشرية....
تقديري لك ولوجودك...
ودومًا رأيك أجد له محلًا في كتاباتي لتبقى شهادة أعتز بها...
والسلام

دارين توفيق طاطور
16-07-2014, 02:54 AM
لما تلبسين حرفك ثوب الحداد فما زال في العمر متسع
الاغتراب ينهش من روحك فتذوين قبل الأوان
حرف جميل مكلل بالألم
دمت فرحة
محبتي وتقديري


إنها الحياة يا خلود...
هكذا جعلتني أكبر قبل الأوان
ولكن ربما نضج الحزن مبكرًا
واستطعت أن ألمس بعض السعادة قبل الموت الأخير...
سلامي لك وعذري على الحزن
لكنه الحال الذي أحياه وأشعره....

ناديه محمد الجابي
21-01-2022, 05:36 PM
نبض الحرف بأنين الغربة في بوح يفيض بالأحاسيس المرهفة الصادقة
البوح للورق يكفكف الألم ويساعد على الإنفلات إلى فضاء أوسع، وطي صفحة الألم.
سلمت أناملك ودام إبداعك.
:009::cup::009: