تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : "وفاء"



عبد السلام هلالي
17-12-2012, 09:49 PM
"وفاء"
أغمضت عينيها على صورة دامعة الملامح التقطتها له، وهو يدير ظهره ليركب البحر رحيلا نحو غدهما الأفضل. ملوحا بوعد كان آخر كلمة خطتها الأقدار في روايتهما.
أدارت بدورها ظهرها للحياة ، ركبت صهوة الانتظار وراحت تخط بمفردها قصة حب على صفحات الترقب ، هاربة بيدها عن الأيادي الممتدة إليها. أرادتها قصة قصيرة تملأ الفراغ فيها ، وتشغلها عن حرقة الغياب ، فاستحالت رواية طالت فصولها حتى مالت شمس الأيام عن وهج العمر ، واحترق الجسد انتظارا، لتلقي بها السطور على أعتاب الأربعين.
تطلعت إلى المرآة تتحسس عزيمتها ، باغتتها أنوثتها بصرخة استغاثة مدوية ، هالها ما رأت . فكرت أن تكسرها ، خافت على قلبه شظايا الانكسار. أرادت أن تستعيد الخطى ، أن تواصل الهروب إلى مكان ليس فيه مرايا، أصوات من حولها تسد الأفق. صوت المرآة وأنوثتها ، صوت العقل وأمها ، صوت الفقر والسقف المتداعي ، أصوات المشككين والطاعنين في الشرف . صوت يقذف بها إلى صوت . وكل الأبواب غلقت دونها إلا باب الحاج "الطيِب" الرجل السبعيني الذي أرهقته سلالم المنزل المهترئة صعودا ينوء بحمل الهدايا ، ونزولا محملا بثقل الخيبة ، متكئا على عكاز الأمل. صم الأذنين لم يعد مجديا ، أصبحت الأصوات تسكنها. حتى قلبها الذي طالما كان عونا لها يخرس صوت العقل فيها ، بح صوته ولم يعد يسمع له إلا أنينا. تعاظمت الصرخات من حولها . أحستها تطبق على أنفاسها ، قاومت و قاومت .... ثم سقطت.
أفاقت على ضرب الدفوف وزغاريد النساء تشيع راوية حبهما إلى مثواها الأخير. تراءى لها فستان الفرح الأبيض كفنا يلفها وهي تجلس جثمانا إلى جانب الحاج "الطيب" الذي قبض بقوة على الحياة في يدها وقد انتصبت قامته ، استقام ظهره و دبت الروح في أوصاله.
فجأة اختفت كل الوجوه ومعالم الأشياء من حولها ، زلزلت الأرض تحت قدميها ودارت بها - لا تدري كم من دورة - قبل أن يستقر المشهد. إنه هو... ! هو… لاشك !
لم تفلح سنون الغياب في إخفاء ملامحه عن ذاكرة قلبها ، مازال بإمكانها تعرفه من بين آلاف الصور. ها هو يسير إليها بنفس الخطوات التي استقبل بها البحر ذات مغيب. و كأن ما بين الأمس واليوم طرفة عين. خفق قلبها بأكثر مما يحتمل ، كأنها ترى روايتهما تتململ في قبرها ، كأن نقطة النهاية تتزحزح من مكانها لتفسح المجال لسطور جديدة. راودتها فكرة نبش القبر واستخراج الجثة ، كيف والحاج "الطيب" يجلس حارسا أمينا لغنيمته، يسد الطريق بين الأمس واليوم ويجثم بكل ثقله على القبر .
- مبارك لك يا وفاء ! لقد تغيرت كثيرا !علمت بالأمر فور وصولي ، فآثرت إلا أن أشارككِ فرحتك يا ابنة العم .....
لم تسمع شيئا مما قال ، كانت الدهشة تعطل حواسها والأسئلة المتساقطة بغزارة كالعرق المتصبب من جبينها تستولي على فكرها: كيف ...؟ لماذا.....؟ من يخبرني أن ما أعيشه حقيقة ؟ أن ما أراه ليس وهما ؟ لماذا لم تخبرني أنك عائد ؟ أنك قادم ؟ أنك حي؟ كنت لأنتظرك العمر كله ! لماذا غصت في الغياب ، حتى إذا انقطعت أنفاس انتظاري طفوت على الحاضر من جديد ؟ لماذا جعلتني أوقع يائسة شهادة وفاتنا ، ثم عدت لتقول أنك لا زلت حيا ؟ يا لفجيعتي ! أيعقل أن أحتفظ بك عشرين سنة ، عشرون سنه بأيامها ولياليها وعذاباتها لأخسرك بفارق يوم! كيف سأعيش مع رجلين في واقعي ؟
استعادتها يد امرأة ممدودة لمصافحتها و صوت رجل يقول : يسعدني أن أقدم لك زوجتي (ماري).

خليل حلاوجي
17-12-2012, 10:38 PM
نادرون هم أولئك الذين يكون العطاء أحد متعهم الخاصة

/

نص مغلف بالعطر ..

سامية الحربي
17-12-2012, 10:47 PM
كثيرون هم أولئك الذين يعلقون تلك القلوب الوفية لسنوات عجاف ثم يعودون دون كلمة اعتذار و بقلب استبدله عشرات المرات .الأديب عبد السلام هلالي قصة رائعة رغم وجعها لغة شيقة جدا فشكرا جزيلا لك. تحياتي وتقديري.

محمد الشرادي
18-12-2012, 03:50 PM
"وفاء"
أغمضت عينيها على صورة دامعة الملامح التقطتها له، وهو يدير ظهره ليركب البحر رحيلا نحو غدهما الأفضل. ملوحا بوعد كان آخر كلمة خطتها الأقدار في روايتهما.
أدارت بدورها ظهرها للحياة ، ركبت صهوة الانتظار وراحت تخط بمفردها قصة حب على صفحات الترقب ، هاربة بيدها عن الأيادي الممتدة إليها. أرادتها قصة قصيرة تملأ الفراغ فيها ، وتشغلها عن حرقة الغياب ، فاستحالت رواية طالت فصولها حتى مالت شمس الأيام عن وهج العمر ، واحترق الجسد انتظارا، لتلقي بها السطور على أعتاب الأربعين.
تطلعت إلى المرآة تتحسس عزيمتها ، باغتتها أنوثتها بصرخة استغاثة مدوية ، هالها ما رأت . فكرت أن تكسرها ، خافت على قلبه شظايا الانكسار. أرادت أن تستعيد الخطى ، أن تواصل الهروب إلى مكان ليس فيه مرايا، أصوات من حولها تسد الأفق. صوت المرآة وأنوثتها ، صوت العقل وأمها ، صوت الفقر والسقف المتداعي ، أصوات المشككين والطاعنين في الشرف . صوت يقذف بها إلى صوت . وكل الأبواب غلقت دونها إلا باب الحاج "الطيِب" الرجل السبعيني الذي أرهقته سلالم المنزل المهترئة صعودا ينوء بحمل الهدايا ، ونزولا محملا بثقل الخيبة ، متكئا على عكاز الأمل. صم الأذنين لم يعد مجديا ، أصبحت الأصوات تسكنها. حتى قلبها الذي طالما كان عونا لها يخرس صوت العقل فيها ، بح صوته ولم يعد يسمع له إلا أنينا. تعاظمت الصرخات من حولها . أحستها تطبق على أنفاسها ، قاومت و قاومت .... ثم سقطت.
أفاقت على ضرب الدفوف وزغاريد النساء تشيع راوية حبهما إلى مثواها الأخير. تراءى لها فستان الفرح الأبيض كفنا يلفها وهي تجلس جثمانا إلى جانب الحاج "الطيب" الذي قبض بقوة على الحياة في يدها وقد انتصبت قامته ، استقام ظهره و دبت الروح في أوصاله.
فجأة اختفت كل الوجوه ومعالم الأشياء من حولها ، زلزلت الأرض تحت قدميها ودارت بها - لا تدري كم من دورة - قبل أن يستقر المشهد. إنه هو... ! هو… لاشك !
لم تفلح سنون الغياب في إخفاء ملامحه عن ذاكرة قلبها ، مازال بإمكانها تعرفه من بين آلاف الصور. ها هو يسير إليها بنفس الخطوات التي استقبل بها البحر ذات مغيب. و كأن ما بين الأمس واليوم طرفة عين. خفق قلبها بأكثر مما يحتمل ، كأنها ترى روايتهما تتململ في قبرها ، كأن نقطة النهاية تتزحزح من مكانها لتفسح المجال لسطور جديدة. راودتها فكرة نبش القبر واستخراج الجثة ، كيف والحاج "الطيب" يجلس حارسا أمينا لغنيمته، يسد الطريق بين الأمس واليوم ويجثم بكل ثقله على القبر .
- مبارك لك يا وفاء ! لقد تغيرت كثيرا !علمت بالأمر فور وصولي ، فآثرت إلا أن أشارككِ فرحتك يا ابنة العم .....
لم تسمع شيئا مما قال ، كانت الدهشة تعطل حواسها والأسئلة المتساقطة بغزارة كالعرق المتصبب من جبينها تستولي على فكرها: كيف ...؟ لماذا.....؟ من يخبرني أن ما أعيشه حقيقة ؟ أن ما أراه ليس وهما ؟ لماذا لم تخبرني أنك عائد ؟ أنك قادم ؟ أنك حي؟ كنت لأنتظرك العمر كله ! لماذا غصت في الغياب ، حتى إذا انقطعت أنفاس انتظاري طفوت على الحاضر من جديد ؟ لماذا جعلتني أوقع يائسة شهادة وفاتنا ، ثم عدت لتقول أنك لا زلت حيا ؟ يا لفجيعتي ! أيعقل أن أحتفظ بك عشرين سنة ، عشرون سنه بأيامها ولياليها وعذاباتها لأخسرك بفارق يوم! كيف سأعيش مع رجلين في واقعي ؟
استعادتها يد امرأة ممدودة لمصافحتها و صوت رجل يقول : يسعدني أن أقدم لك زوجتي (ماري).


عاد لينكأ جراحها و يحرك السكاكين في قلبها. و هو يخاصر امرأة عجمية أنسته حبه الأول، و ربما منبته و أصله.
دام الألق ليراعك أخي عبد السلام.
تحياتي

ناديه محمد الجابي
18-12-2012, 05:34 PM
الأخ / عبد= السلام الهلالى .
قصة رائعة ــ حلق بنا البناء السردى الممتع والشاعرى
فى مدار واسع ــ وبمعالجة ذكية وبأداء ماتع أوصلت
الفكرة الموجعة . لنصل إلى النهاية الصادمة ...
أبدعت وأكثر .

كاملة بدارنه
19-12-2012, 02:41 PM
هو الوهم العاطفي الذي يبني قصورا في الأحلام ويتوّج الحبيب ملكا، ليكتشف يوما أنّ هذا المعشوق لا يريد صاحب القصر خادما له، وأنّ القصر نسج من خيوط عنكبوت!
قصّة رائعة الحبكة والقفلة، استطعت من خلالها عرض ما يجول في خاطر البطلة بصورة جاذبة
بوركت
تقديري وتحيّتي

عبد السلام هلالي
19-12-2012, 10:48 PM
نادرون هم أولئك الذين يكون العطاء أحد متعهم الخاصة
/
نص مغلف بالعطر ..

مرورك أطيب وأعطر أخي الكريم.
لا عدمناك ولا حرمت الصحة والعافية والفكر المستنير.

مصطفى حمزة
20-12-2012, 04:48 AM
أخي الأكرم ، الأستاذ عبد السلام
أسعد الله أوقاتك
على أنها قصّة قصيرة ؛ حفلت بأكثر من حدث ، وامتدت زمناً طويلاً ، لكنها أمتعتْ بالصراع الذي امتدّ حتى قبل آخر سطر فيها . وأثارت بومضتها القويّة التي كشفت سبب ( الغوص في الغياب ) كما كشفت الزوج اللئيم القاسي !
وقفتُ أفكر لمَ جاءَ إليها بعد عشرين سنة ؟ هل جاء يُهنّئها ، أم سمع بزواجها فأتى لها بامرأة أجنبيّة لينتقم منها ، أم لماذا ؟ ..
واستوقفني العنوان ، فإن كان المقصود به وفاءها فهو عنوان متطفل فاضح لموقف الكاتب ، وإن كان المقصود وفاءه ..فهو عنوان يحمل التهكم أيضاً الفاضح لموقف الكاتب ! وفي كلتا الحالين يُفضل فنياً استبداله بآخر يهمس أو يُومي ، من غير أن يُحدث أيّ صوت !!
قصّة ممتعة قامت على السرد الغاضب ، والحوار الداخليّ الحانق ! واللغة البليغة التي استعانت كثيراً بالتشخيص الجميل
تحياتي وتقديري

عبد السلام دغمش
20-12-2012, 05:58 AM
(أدارت بدورها ظهرها للحياة ، ركبت صهوة الانتظار وراحت تخط بمفردها قصة حب على صفحات الترقب ، هاربة بيدها عن الأيادي الممتدة إليها. أرادتها قصة قصيرة تملأ الفراغ فيها ، وتشغلها عن حرقة الغياب ، فاستحالت رواية طالت فصولها حتى مالت شمس الأيام عن وهج العمر ، واحترق الجسد انتظارا، لتلقي بها السطور على أعتاب الأربعين.)

أخي عبد السلام

ما اجمل هذا الوصف لمن كابد الوفاء .. أرادت الانتظار أن يكون قصيراً لتحفل بلقائه ..لكنه تركها حتى غابت عنها شمسها ..نصٌ جميل مسّ شغافَ قلوبنا..دام إبداعك

عبد السلام هلالي
20-12-2012, 11:20 PM
كثيرون هم أولئك الذين يعلقون تلك القلوب الوفية لسنوات عجاف ثم يعودون دون كلمة اعتذار و بقلب استبدله عشرات المرات .الأديب عبد السلام هلالي قصة رائعة رغم وجعها لغة شيقة جدا فشكرا جزيلا لك. تحياتي وتقديري.

الأديبة الكريمة غصن الحربي.
لك باقة شكر على المرور الكريم والقراءة المتمعنة والاهتمام المتواصل.
كل التقدير والاحترام. أدام الله عليك نعمه.

عبد السلام هلالي
22-12-2012, 12:10 AM
عاد لينكأ جراحها و يحرك السكاكين في قلبها. و هو يخاصر امرأة عجمية أنسته حبه الأول، و ربما منبته و أصله.
دام الألق ليراعك أخي عبد السلام.
تحياتي

ودمت أخا عزيزا وقارئا متمعنا.
شكرك أخي محمد ، حياك الله.

عبد السلام هلالي
22-12-2012, 07:36 PM
الأخ / عبد= السلام الهلالى .
قصة رائعة ــ حلق بنا البناء السردى الممتع والشاعرى
فى مدار واسع ــ وبمعالجة ذكية وبأداء ماتع أوصلت
الفكرة الموجعة . لنصل إلى النهاية الصادمة ...
أبدعت وأكثر .

القاصة المبدعة نادية.
مرورك دائما مثر ومشجع .أشكرك جزيل الشكر.
حياك الله ودمت بخير.

عبد السلام هلالي
27-12-2012, 03:28 AM
هو الوهم العاطفي الذي يبني قصورا في الأحلام ويتوّج الحبيب ملكا، ليكتشف يوما أنّ هذا المعشوق لا يريد صاحب القصر خادما له، وأنّ القصر نسج من خيوط عنكبوت!
قصّة رائعة الحبكة والقفلة، استطعت من خلالها عرض ما يجول في خاطر البطلة بصورة جاذبة
بوركت
تقديري وتحيّتي

أهلا بالفاضلة كاملة،
يسرني دائما حضورك وقراءتك القيمة.
أشكرك على طيب الكلم والتشجيع.
حياك الله ورعاك.

عبد السلام هلالي
01-01-2013, 06:16 AM
أخي الأكرم ، الأستاذ عبد السلام
أسعد الله أوقاتك
على أنها قصّة قصيرة ؛ حفلت بأكثر من حدث ، وامتدت زمناً طويلاً ، لكنها أمتعتْ بالصراع الذي امتدّ حتى قبل آخر سطر فيها . وأثارت بومضتها القويّة التي كشفت سبب ( الغوص في الغياب ) كما كشفت الزوج اللئيم القاسي !
وقفتُ أفكر لمَ جاءَ إليها بعد عشرين سنة ؟ هل جاء يُهنّئها ، أم سمع بزواجها فأتى لها بامرأة أجنبيّة لينتقم منها ، أم لماذا ؟ ..
واستوقفني العنوان ، فإن كان المقصود به وفاءها فهو عنوان متطفل فاضح لموقف الكاتب ، وإن كان المقصود وفاءه ..فهو عنوان يحمل التهكم أيضاً الفاضح لموقف الكاتب ! وفي كلتا الحالين يُفضل فنياً استبداله بآخر يهمس أو يُومي ، من غير أن يُحدث أيّ صوت !!
قصّة ممتعة قامت على السرد الغاضب ، والحوار الداخليّ الحانق ! واللغة البليغة التي استعانت كثيراً بالتشخيص الجميل
تحياتي وتقديري

أهلا بالكريم العزرز مصطفى ،
في مرورك دائما الإثراء والإفادة.
بالنسبة للأحداث فهي فرعية نمر بها للوصول إلى الحدث الرئيس ، تخدمه وليست زائدة عن حاجة القصة حسب ما أعتقد.
جاءها لأنها ( بنت عمه ) كما ورد في القصة .
بالنسبة للعنوان ، فالمقصود به اسم البطلة ، وقد ورد ذكره في القصة . وللقارئ أن يربطه بالمعنى أو يتعامل معه كاسم مجرد من الصفة.
أشكرك أستاذي على الملاحظات والتوجيهات والله يشهد أني لأسعد بها أكثر من بحثي عن الثناء .
حياك الله.

عبدالإله الزّاكي
01-01-2013, 06:44 AM
"وفاء"
أغمضت عينيها على صورة دامعة الملامح التقطتها له، وهو يدير ظهره ليركب البحر رحيلا نحو غدهما الأفضل. ملوحا بوعد كان آخر كلمة خطتها الأقدار في روايتهما.

- مبارك لك يا وفاء ! لقد تغيرت كثيرا !علمت بالأمر فور وصولي ، فآثرت إلا أن أشارككِ فرحتك يا ابنة العم .....
لم تسمع شيئا مما قال ، كانت الدهشة تعطل حواسها والأسئلة المتساقطة بغزارة كالعرق المتصبب من جبينها تستولي على فكرها: كيف ...؟ لماذا.....؟ من يخبرني أن ما أعيشه حقيقة ؟ أن ما أراه ليس وهما ؟ لماذا لم تخبرني أنك عائد ؟ أنك قادم ؟ أنك حي؟ كنت لأنتظرك العمر كله ! لماذا غصت في الغياب ، حتى إذا انقطعت أنفاس انتظاري طفوت على الحاضر من جديد ؟ لماذا جعلتني أوقع يائسة شهادة وفاتنا ، ثم عدت لتقول أنك لا زلت حيا ؟ يا لفجيعتي ! أيعقل أن أحتفظ بك عشرين سنة ، عشرون سنه بأيامها ولياليها وعذاباتها لأخسرك بفارق يوم! كيف سأعيش مع رجلين في واقعي ؟
استعادتها يد امرأة ممدودة لمصافحتها و صوت رجل يقول : يسعدني أن أقدم لك زوجتي (ماري).


لقد نجحت أيها الأديب المبدع في تصوير مشهد مرارة الفراق الأول و أبدعت سرد التناقض الحاصل بين مشاعر الحبيبين في لقاء العودة، بعد أن نكث كل واحد منهم العهد الذي قطعه. قصة ممتعة حيكت بأسلوب أدبي بليغ. تحياتي لك و بالغ تقديري. و اقبل مروري أخي الفاضل و الكريم عبد السلام هلالي.

عبد السلام هلالي
02-01-2013, 08:35 PM
(أدارت بدورها ظهرها للحياة ، ركبت صهوة الانتظار وراحت تخط بمفردها قصة حب على صفحات الترقب ، هاربة بيدها عن الأيادي الممتدة إليها. أرادتها قصة قصيرة تملأ الفراغ فيها ، وتشغلها عن حرقة الغياب ، فاستحالت رواية طالت فصولها حتى مالت شمس الأيام عن وهج العمر ، واحترق الجسد انتظارا، لتلقي بها السطور على أعتاب الأربعين.)
أخي عبد السلام
ما اجمل هذا الوصف لمن كابد الوفاء .. أرادت الانتظار أن يكون قصيراً لتحفل بلقائه ..لكنه تركها حتى غابت عنها شمسها ..
نصٌ جميل مسّ شغافَ قلوبنا..دام إبداعك

أهلا بالقارئ النهم والكاتب المبدع عبد السلام .
أشكرك على مرورك الكريم وتفاعلك الدائم .
دمت بخير وهناء ، مودتي وتحيتي.

عبد السلام هلالي
03-01-2013, 11:35 PM
لقد نجحت أيها الأديب المبدع في تصوير مشهد مرارة الفراق الأول و أبدعت سرد التناقض الحاصل بين مشاعر الحبيبين في لقاء العودة، بعد أن نكث كل واحد منهم العهد الذي قطعه. قصة ممتعة حيكت بأسلوب أدبي بليغ. تحياتي لك و بالغ تقديري. و اقبل مروري أخي الفاضل و الكريم عبد السلام هلالي.

أخي سهيل ،
مرورك أسعدني وقراءتك إضافة مثرية وكلماتك الطيبة تشجيع يدفعني للمضي قدما.
أشكر وتقبل تحيتي وتقديري.

كريمة سعيد
04-01-2013, 01:04 AM
المورق عبد السلام هلالي
قصة جميلة جدا صيغت بأسلوب سردي شائق ماتع
بوركت أيها الكريم

عبد السلام هلالي
05-01-2013, 08:28 PM
المورق عبد السلام هلالي
قصة جميلة جدا صيغت بأسلوب سردي شائق ماتع
بوركت أيها الكريم

الأديبة الكريمة كريمة .
أشكرك على المرور البهي والكلمات الطيبة ، وسرني أن نال النص اعجابك.
تحيتي وتقديري .

نداء غريب صبري
21-01-2013, 11:28 PM
هي وفاء وهو غادر وقصتهما مهزلة إنسانة
لماذا يجيد الرجال الخيانة لهذه الدرجة؟

قصة رااائعة

شكرا لك أخي

بوركت

براءة الجودي
22-01-2013, 03:48 AM
أخي الفاضل عبدالسلام , تمتعنيقراءة قصصك فأسلوبك راقي ولغتك قوية , الوفاء لابد له من تضحيات وعطاء وصبر وتغاضي لكن البعض قد لاقدر وفاءك وأحيانا قد تجبر الظروف الإنسان فينقطع بغير إرادته طويلا فيسيئ الظنون محبيه , أتعلم إن من وفاء بعضهم أن ينتظر إلى حين مماته وهذا نادر , القضية التي تناولتها سامية في معانيها وتحدث في الواقع كهذه النهايات الموجعة , تحياتي لك

عبد السلام هلالي
23-01-2013, 10:34 PM
هي وفاء وهو غادر وقصتهما مهزلة إنسانة
لماذا يجيد الرجال الخيانة لهذه الدرجة؟
قصة رااائعة
شكرا لك أخي
بوركت

هي الخيانة لا جنس لها أختي الكريمة نداء.
تحيتي وتقديري و شكرا على كلماتك الطيبة.

عبد السلام هلالي
01-02-2013, 03:51 AM
أخي الفاضل عبدالسلام , تمتعنيقراءة قصصك فأسلوبك راقي ولغتك قوية , الوفاء لابد له من تضحيات وعطاء وصبر وتغاضي لكن البعض قد لاقدر وفاءك وأحيانا قد تجبر الظروف الإنسان فينقطع بغير إرادته طويلا فيسيئ الظنون محبيه , أتعلم إن من وفاء بعضهم أن ينتظر إلى حين مماته وهذا نادر , القضية التي تناولتها سامية في معانيها وتحدث في الواقع كهذه النهايات الموجعة , تحياتي لك

الشاعرة الرقيقة و الانسانة الكريمة براءة،
شرف لي أن تنال كتاباتي المتواضعة اعجابك و استحسانك. ثناؤك شهادة أعتز بها.
كلماتك إضافة مثرية تلامس قصد النص.
لاحرمت الصحة و العافية و لا حرمت مرورك و دعمك. حياك الله

ربيحة الرفاعي
25-02-2013, 05:30 AM
ابتداء من العنوان عتبة أولى شارحة للنص وحتى قولك "استقام ظهره و دبت الروح في أوصاله."
كانت لدينا قصة قصيرة بديعة متكاملة الأدوات في دخول مشهدي موفق وبراعة في وصف الكاتب للمسرح ومعاناة البطلة وحوارها الداخلي وبقفلة موجعة أدمت معاني الوفاء الذي خطونا به خطوتنا الأولى للقصة

وابتداء من "اختفت كل الوجوه" وجدتني في قصة قصيرة أخرى لا تقل جمالا ولا يعوزها التوضيح ليفهم القارئ مقدمة الفكرة التي تضمنتها القصة الأولى، فالحوار الداخلي يقف شارحا للصراع ومبينا لعوامله جميعا

أما وقد اختار كاتبنا المبدع أن تكونا معا في قصة واحدا فقد تمنت لو جاء مشهد الوداع استرجاعا يعفي النص من اتساع الحيز الزماني الذي نجح القاص بمهارته السردية في منع إثقاله القصة باتساعه، لكنه ظل موجودا مذكرا بإمكانية إضافة جمالية الاسترجاع للحبكة ببساطة

يبقى أن أقول أني حظيت هنا بقراءة ماتعة لواحد من أجمل النصوص سردا وأحلاها في دخيلة الشخوص غوصا

دمت بألق أيها الرائع

تحاياي

عبد السلام هلالي
04-03-2013, 10:52 AM
ابتداء من العنوان عتبة أولى شارحة للنص وحتى قولك "استقام ظهره و دبت الروح في أوصاله."
كانت لدينا قصة قصيرة بديعة متكاملة الأدوات في دخول مشهدي موفق وبراعة في وصف الكاتب للمسرح ومعاناة البطلة وحوارها الداخلي وبقفلة موجعة أدمت معاني الوفاء الذي خطونا به خطوتنا الأولى للقصة
وابتداء من "اختفت كل الوجوه" وجدتني في قصة قصيرة أخرى لا تقل جمالا ولا يعوزها التوضيح ليفهم القارئ مقدمة الفكرة التي تضمنتها القصة الأولى، فالحوار الداخلي يقف شارحا للصراع ومبينا لعوامله جميعا
أما وقد اختار كاتبنا المبدع أن تكونا معا في قصة واحدا فقد تمنت لو جاء مشهد الوداع استرجاعا يعفي النص من اتساع الحيز الزماني الذي نجح القاص بمهارته السردية في منع إثقاله القصة باتساعه، لكنه ظل موجودا مذكرا بإمكانية إضافة جمالية الاسترجاع للحبكة ببساطة
يبقى أن أقول أني حظيت هنا بقراءة ماتعة لواحد من أجمل النصوص سردا وأحلاها في دخيلة الشخوص غوصا
دمت بألق أيها الرائع
تحاياي

أهلا بك سيدتي الكريمة ربيحة.
لكم يسعدني مرورك ، ليس لما يحمله من طيب الكلم و حسن الثناء و التشجيع ، بل لما أجد فيه من توجيه و ملاحظات قيمة و وجيهة.
شرف لي أن يلاقي نصي المتواضع اعجابك ، و سأعمل على بلورة ما أوردت من ملاحظات.
تحيتي و تقديري مع باقة مودة.

آمال المصري
04-03-2013, 11:58 AM
نسي وعده وكم من الذكريات وقلب أسكنه قصور الانتظار بمجرد أن أشاح عنها لينسيه حبه الأول من نجحت أن تتأبط قلبه
كثيرون هم من على شاكلته
سرد أنيق وحرف ماتع ولغة رصينة شائقة وخاتمة مباغتة رائعة
بوركت أديبنا واليراع
تحاياي

عبد السلام هلالي
10-03-2013, 08:47 PM
نسي وعده وكم من الذكريات وقلب أسكنه قصور الانتظار بمجرد أن أشاح عنها لينسيه حبه الأول من نجحت أن تتأبط قلبه
كثيرون هم من على شاكلته
سرد أنيق وحرف ماتع ولغة رصينة شائقة وخاتمة مباغتة رائعة
بوركت أديبنا واليراع
تحاياي

صدقت أختي الكريمة آمال،
أحييك على عمق القراءة ، و أشكر تشجيعك و حسن ثنائك ، و سعيد أن لاقى النص رضاك.
تحيتي و تقديري.

هشام النجار
25-05-2014, 03:36 AM
هل تبدو كلاسيكية وتقليدية هذه القصة للأديب عبد السلام الهلالى ؟ الاجابة لصالح الأديب بلا شك ؛ فقد استطاع بمهارة اخراج القصة التقليدية المعروفة المحفوظة عن ظهر قلب من قالبها السينمائى بتفاصيلها المنوعة تنوع مآسى الشباب والفتيات فى أوطاننا المأزومة منذ أن نطقت السينما الى اليوم ، وكأن مأساة الناس من مآس الأوطان بالاقتران دائماً بمن لا يتناسب سواء فى الداخل للضرورة أو فى الخارج للمصلحة .
حب جارف ففراق تحت وطأة الحاجة لتأمين المستقبل وبناء عش الزوجية ، لتطول الغيبة ويتضاعف الشوق ، وكلما امتد الزمن تنسى هى ملامح الغائب الحبيب التى تبهت وتخفت أمام بريق أنوثتها الطاغية وجمالها الذى يرى نفسه ويرثى لحاله ويتساءل يومياً عن حقوقه ، والمرآة حاضرة لا يمكن الهروب منها ، أما هو فغائب دائم الهروب والاختفاء ، لا يظهر ولا يأتى ولا يرحل ولا يرسل ما يسد الجوع ولو بكلمات قليلات فى مواسم الاشتهاء .
الجديد هنا تلك اللغة الأنيقة الجذابة التى حركت الكاميرا فى اتجاهات وزوايا يعجز عنها السينمائيون التقليديون العرب ، هى قصة عربية تقليدية تعالج أوجاع الشباب العربى وطموحاته المذبوحة ، لكن باخراج وتصوير أجنبى وخبرات مستوردة ، وبذوق جديد يُضاف الى قصص الوفاء الذى تغتاله الوقائع وتسحقه المادة وتخنقه الأطماع ، والسينمائية التقليدية كانت تقتضى الاحتفاء بالبطل الغائب وجعلنا كتلك المسكينة ننتظره ليعود ربما فى اللحظات الفاصلة قبل عقد قرانها ليخطفها على صهوة جواده بعد استعراض بئيس ، أو ليعود محملاً بالأعذار ليجد الفتاة فاتته الى غيره ليرتاح المشاهد العربى الذى يلتذ ببطولة الرجل ولا ينسجم مع بطولات المرأة .
هنا الأمر مختلف وكسر للمألوف واشتغال على أحداث ووقائع لا تخطر على بال المتلقى العربى .
فقد انتظرته طويلاً لدرجة أنها لم تعد تصلح بعد الانتظار الا لرجل مسن وطيب ، فقط لتمضية ما تبقى من عمره يسمع حس امرأة ، ليعود الهارب بعد فوات الأوان وبيده زوجة أجنبية .
لننظر الى هذا التخاطب السينمائى المبدع فى مشهد غير تقليدى ، فهى ترتبط بمسن لن يفهمها ولن تفهمه ، وهو يرتبط بأجنبية لا يسعى من خلال ارتباطه بها لفهمها أو أن تفهمه وتنسجم معه ، انما اللغة فى الحالتين واحدة هى انعدام الفهم أمام ضرورة وهمية قد يصنعها الانسان من لا شئ ، ليس الا للهروب من التزامات ومسئوليات قيمة الوفاء .
كانت هى أكثر وفاءاً ، وربما سافر هو وتزوج من مارى وعاد بها الى مصر وظل وقتاً طويلاً ينظر الى مأساة الفتاة تنتظر وتنتظر دون أمل ، ولم يظهر هو بمارى الا بعد أن تبخرت آخر حبات الوفاء لدى الحبيبة المعذبة لتقرر مضطرة اللحاق بالقطار ولو جلوساً فى عربة متهالكة .
لو كان حياً لأعطاها الأمل وغذاها بزاد يجعل قيمة الوفاء لديها على قيد الحياة ، لكنه ميت الضمير سيئ الأخلاق عديم المشاعر ، أشبع جسده وتمرغ فى أحضان الخواجات ، وقرر أن يوقع فتاته البريئة فى نفس المستنقع ويصيبها بالعدوى ، وأن يقابلها عندما يقابلها بعد حين وقد جفت تماماً من المشاعر وانتقلت الى عالم الجحود والجاحدين ، بألا يذهب اليها بخطيئته متلبساً بنكرانه وبيده مارى الا وقد انهارت وخارت قواها تماماً وفقدت أى أمل فى العودة لتمرض بزواج تحجب به عين مجتمعها عنها وتدفن فيه أنوثتها المعذبة ، ليأتيها وكلاهما قد تجنى على الوفاء ونكل به ، ليكونا فى الجحود سواء .
اشتغال راق وتطوير جذاب لقصة تقليدية معادة ، قرأناها هنا لأول مرة بتصوير واخراج مختلف ، وبسرد سلس ضاعفت الصور الفنية المتناسقة غير المتكلفة من جماله .

خلود محمد جمعة
01-12-2014, 10:33 AM
نزفت لأخر نقطة انتظار وفارق نبض الحياة روحها عندما وافقت على ان تضع ذكريلته في صندوق قلبها وتقفل عليه بمفتاح صبرها الى أن صفعها كف الخيبة مرتين مرة حين عاد وظنت انها تسرعت في الارتباط بغيره ومرة حين أدركت ان سنين عمرها ضاعت هباءا منثورا
وصف للصور الحسية بابداع وسرد مائز بإسلوب ماتع
طرح رائع لامس العمق
كل التقدير
بورك الابداع