المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خريف المدينة



محمدخير جروان عبدالله
18-12-2012, 06:59 PM
أخذ الهدوء يرتب نفسه وقت السحر في قلب المدينة ؛ حدبة حصى نبتت واستكثرت على رأسي الممتلئ بالضجيج غفوة ساعة , فتململت قليلا , واستندت إلى حائط يصله بأخيه المقابل له شبك حديدي يفصل الحديقة عن الشارع العام , كان رأسي فارغا من كل شيء إلا الضجيج والخوف من الحارس , وقعت عيني على سيجارة بنصف عمر رماها أحد المارة , لكنها كفيلة بسد بعض هذا الفراغ الذي احمله .
تبا ها هو الحارس يتجه صوبي , لا بد وأن اهرب قبل أن يمسك بي , ويفرغ جشعه لطمات على وجهي , قفزت فوق الشبك بسرعة آمرا قدماي بإبعادي حتّى يغدو تسارع خفقان قلبي كصفير جهاز إنعاش أذن بموت طريحه , ولم تمضِ لحظات حتّى وجدت نفسي أمام تلة عالية ليس بعيدة عن قلب المدينة , تعتليها مجموعة أخيلة هي لأشجار تشي بجشع أحدهم , ينام على حرير , ومعلقة من ذهب ترتسم على شفتيه , وآلة حاسبة تتمركز كالنخاع الشوكي في رأسه كل يوم تزداد أرقامها مع ارتفاع قيمة هذه التله , ولو انه أمامي الآن لقبلت يديه , نعم لقبلت يديه , فأنا متعبٌ جدا , وهذه أول أمنية تتحقق في حياتي البائسة كشحوب شجر التين فصل الخريف , لكني ولدت بفصل واحد , لا شتاء لي , لا ربيع يزهر , ولا صيف يثمر .
صعدت إلى قمتها , ورحت أرمق الأشجار بتلذذ لأختار المكان المناسب , وفي رأسي صوت متشمت وقهقهة تغتال فسحة حِباله .. " لن أجوعكَ اليوم أيها النوم .. تبا لك .. سأهزمك واهزم ضجيج المدينة وشمس الظهيرة " , فاخترت أفضلها , وألقيت بنفسي جثة هامدة بصفير قربة , وعينين نصف مغلقتين تترقبان سماء المدينة . فجر يلملم حقائب الليل بكل ما فيه من فرح وحزن , وأحلام وأمنيات .. , حلم شريد يغفو على تل جشع , والشمس خجولة تنتظر رحيله . ترفع ثوبها رويدًا رويدا , تخطو بخطوات قطة . وما إن أدار ظهره حتّى غدت كلبؤة تنشر الفرح في قلب الصياد , والموت سرى في عروق فريسة نائية على تل المدينة .

مصطفى حمزة
19-12-2012, 11:19 AM
أخي الأكرم ، الأديب محمد خير
أسعد الله أوقاتك
هي أول مشاركة لك في الواحة ، لكنها - بالتأكيد - ليست الأولى لك كقاص متمرّس
صوّرتَ لمحة إلى حياة متشرّد فقير بلا سقف في هذه الحياة ، ولا يعرف من العيش إلا فصلاً واحداً هو الخريف !
استخدمتَ بمهارة فائقة تقنيات القصّة القصيرة من سرد ووصف وحوار وحدث مثير مؤثر يصطبغ بالإنسانيّة
وكسوتَ ذلك بلغة فاخرة مصوّرة موحية
استمتعتُ بما قرأتُ لك هنا أيها الأديب الفذّ ، فإيهٍ ثم إيهٍ
حياك الله ، وأهلاً ومرحباً بك في أفياء دوحة الخير والجمال

كاملة بدارنه
19-12-2012, 02:31 PM
. ف
جر يلملم حقائب الليل بكل ما فيه من فرح وحزن , وأحلام وأمنيات .. , حلم شريد يغفو على تل جشع , والشمس خجولة تنتظر رحيله . ترفع ثوبها رويدًا رويدا , تخطو بخطوات قطة . وما إن أدار ظهره حتّى غدت كلبؤة تنشر الفرح في قلب الصياد , والموت سرى في عروق فريسة نائية على تل المدينة .
لغة انزياحيّة وأوصاف رائعة!
قصّة رائعة السّرد راقية اللّغة...
بوركت أخ محمّدخير وأهلا بك في واحتك
تقديري وتحيّتي
(همسة: أليست قدمَيّ؟)

محمدخير جروان عبدالله
19-12-2012, 04:48 PM
أخي الأكرم ، الأديب محمد خير
أسعد الله أوقاتك
هي أول مشاركة لك في الواحة ، لكنها - بالتأكيد - ليست الأولى لك كقاص متمرّس
صوّرتَ لمحة إلى حياة متشرّد فقير بلا سقف في هذه الحياة ، ولا يعرف من العيش إلا فصلاً واحداً هو الخريف !
استخدمتَ بمهارة فائقة تقنيات القصّة القصيرة من سرد ووصف وحوار وحدث مثير مؤثر يصطبغ بالإنسانيّة
وكسوتَ ذلك بلغة فاخرة مصوّرة موحية
استمتعتُ بما قرأتُ لك هنا أيها الأديب الفذّ ، فإيهٍ ثم إيهٍ
حياك الله ، وأهلاً ومرحباً بك في أفياء دوحة الخير والجمال

******
وافر الشكر لمرورك العطر والمُشرف صديقي الأديب مصطفى حمزة

محمدخير جروان عبدالله
19-12-2012, 04:50 PM
. ف
لغة انزياحيّة وأوصاف رائعة!
قصّة رائعة السّرد راقية اللّغة...
بوركت أخ محمّدخير وأهلا بك في واحتك
تقديري وتحيّتي
(همسة: أليست قدمَيّ؟)

****
الأخت كاملة بدارنة شكرا لمرورك المزهر ..
( وجبت الهمسة )

نداء غريب صبري
27-12-2012, 05:00 AM
قصة جميل ومشوقة
أمتعتني قراءتها

شكرا لك اخي

بوركت

محمدخير جروان عبدالله
30-12-2012, 03:04 PM
قصة جميل ومشوقة
أمتعتني قراءتها

شكرا لك اخي

بوركت


الأخت الكريمة نداء صبري

يشرفني ويسعدني اعجابك

وافر الشكر لمرورك

عبدالإله الزّاكي
30-12-2012, 06:28 PM
أخذ الهدوء يرتب نفسه وقت السحر في قلب المدينة ؛ حدبة حصى نبتت واستكثرت على رأسي الممتلئ بالضجيج غفوة ساعة , فتململت قليلا , واستندت إلى حائط يصله بأخيه المقابل له شبك حديدي يفصل الحديقة عن الشارع العام , كان رأسي فارغا من كل شيء إلا الضجيج والخوف من الحارس , وقعت عيني على سيجارة بنصف عمر رماها أحد المارة , لكنها كفيلة بسد بعض هذا الفراغ الذي احمله .
تبا ها هو الحارس يتجه صوبي , لا بد وأن اهرب قبل أن يمسك بي , ويفرغ جشعه لطمات على وجهي , قفزت فوق الشبك بسرعة آمرا قدماي بإبعادي حتّى يغدو تسارع خفقان قلبي كصفير جهاز إنعاش أذن بموت طريحه , ولم تمضِ لحظات حتّى وجدت نفسي أمام تلة عالية ليس بعيدة عن قلب المدينة , تعتليها مجموعة أخيلة هي لأشجار تشي بجشع أحدهم , ينام على حرير , ومعلقة من ذهب ترتسم على شفتيه , وآلة حاسبة تتمركز كالنخاع الشوكي في رأسه كل يوم تزداد أرقامها مع ارتفاع قيمة هذه التله , ولو انه أمامي الآن لقبلت يديه , نعم لقبلت يديه , فأنا متعبٌ جدا , وهذه أول أمنية تتحقق في حياتي البائسة كشحوب شجر التين فصل الخريف , لكني ولدت بفصل واحد , لا شتاء لي , لا ربيع يزهر , ولا صيف يثمر .
صعدت إلى قمتها , ورحت أرمق الأشجار بتلذذ لأختار المكان المناسب , وفي رأسي صوت متشمت وقهقهة تغتال فسحة حِباله .. " لن أجوعكَ اليوم أيها النوم .. تبا لك .. سأهزمك واهزم ضجيج المدينة وشمس الظهيرة " , فاخترت أفضلها , وألقيت بنفسي جثة هامدة بصفير قربة , وعينين نصف مغلقتين تترقبان سماء المدينة . فجر يلملم حقائب الليل بكل ما فيه من فرح وحزن , وأحلام وأمنيات .. , حلم شريد يغفو على تل جشع , والشمس خجولة تنتظر رحيله . ترفع ثوبها رويدًا رويدا , تخطو بخطوات قطة . وما إن أدار ظهره حتّى غدت كلبؤة تنشر الفرح في قلب الصياد , والموت سرى في عروق فريسة نائية على تل المدينة .

صُور ساحرة و سَرد رائع. تمتعت كثيرا أخي الأديب محمد جروان بقرائتها، تحياتي و بالغ تقديري.

محمد مشعل الكَريشي
01-01-2013, 08:13 PM
مرحبا بصديقي القاص الرائع محمد الدرابسة ...اعجابي واحترامي
كل الهلا بيك عيوني

لانا عبد الستار
08-01-2013, 08:07 AM
قصة رائعة
فكرتها ولغتها وسردها وصورها
انت كاترب جميل
وسأتابعك
أشكرك

ربيحة الرفاعي
14-12-2014, 02:14 AM
لغة قصية بديعة جملها آسره وتفاصيل صورها قوية دقيقة الوصف باهرة، وأداء سردّي شائق يشي بتمكن وحرفية يراع في حبك خيوط نصه إبداع

ماتعا كان مروري في أفيائها

دمت بألق

تحاياي

خلود محمد جمعة
25-06-2015, 10:02 AM
بسرد ماتع تسلل الحرف مع الصور المتقنة ليرسم ملامح المشرد وأحلامه المهشمة ببراعة
قصة جميلة ويراع متمكن
بوركت وكل التقدير

ناديه محمد الجابي
26-04-2016, 08:51 PM
قصة جميلة السرد والحبك ـ متقنة صياغة ومعنى
تدير شراع القص بقوة وحنكة
لقلمك أسلوب جميل وحرفك متمكن ساحر باهر
كتبت فأبدعت وأمتعت
بوركت ـ ولك تحياتي وتقديري. :001:

سحر أحمد سمير
27-04-2016, 05:42 PM
قص بارع و خريف سوف يعقبه أمطار الرحمة و الأمل ..

راقت لي كثيرا ..

مرحبا بك في واحة الجمال و الخير ..

ننتظر الجديد من مداد قلمك الرصين ..

تحياتي