مشاهدة النسخة كاملة : خريف
فاطمة بلحاج
26-12-2012, 12:33 AM
خريف
سارتْ معه على ذاتِ الرصيف، تداعبُهما نسائمُ الربيع، وقد ضمَّا الصمت الرهيب، فسقطتِ الكلماتُ من خاطرِها كزخَّات المطر، لتبعثرَ أوراق خريفٍ مرَّ من هناك، تسألُها حروف اللهفة: إلى متى هذا الجفاء؟! وكم سيطول هذا السكون؟ فأمسكتْها بقبضتِها وألقتْها بعيدًا، ثم بعثتْ له برسالةٍ مع القمر، معطَّرة برياحين فؤادِها، تعاتبُ فيها ليله: تُرَى متى توارى نجمُك الساطع؟! متى احتوى العتمة وحلّق بعيداً عن القمر؟ فانتفض الليل وعزف ترانيم شوقٍ لأيامٍ مضت، بين أزاهير روضةِ حبٍّ تشدوا لشغف ليالي بدرٍ تلاشى ضياؤه.
خفق قلبها، فوقفتْ لبرهةٍ، وأخذتْ أنفاسًا من نسائم عمرِها، ثم تطلَّعتْ إلى السماء الصافية كصفاء روحها، فتقاطر الندى على وجنتيها الذابلتين، تشطفان أخاديدَ هرمتْ من عصور الودِّ، وأمسكتْ دمعة تتأجَّج بين أهدابها، احتقنتْ من زوبعةٍ أزاحتِ العطرَ عن الورد، ثم اتَّكأتْ على كتفه، ولامست أناملُها يدَه وقد خانها إحساسٌ يعشعش بين ضلوعها؛ منذ أن حلَّ الخريف بديارهما!
لمحت قمرها في الأفقِ وحيدًا تآكله الشَّجَن، يترنَّم أهزوجةً حزينة، ويردِّد: في حَضرتِك يا خريف.. زارني طيف الحزن، فاحتوَتهُ الرُّوح وانتشَتْ من كأسه المرَّة، أترى تاهَ عن دربه؟ أم لم يلقَ حبيبًا غيري؟!
سمع الليل الحالك أنينَ القمر الهرِم، فهُرِع إليه وقد تلألأ نجمُه، فتبسَّمت ممسكةً بيدِه وهمستْ له: أودُّ - يا عزيزي - أن أبوحَ لك بهوى القلب، هناك في روضة الشوق؛ حيث شجرةُ الزيزفون، غرستُ لك تحت تربتها تمائمَ الحبِّ؛ لتتلفظ سكرًا لمدى العمر، فلا نرى خريفًا وإن حلَّ على عمرِنا ضيفًا!
ضَحِك حتى ظهرتْ نواجذُه السوداء، وأبعد يدَه عن أناملها الباردة، ثم أكمل المسير وهو يتطلَّع للشمس الساطعة، وصَمتُ الخريف يُلاحِق ورقات حبٍّ ربيعي، بعثرتْها نسمةُ هواءٍ حارَّة، تنهَّد بها صدرها المغموم، ثم دفنتْ ما تبقَّى لها من أيامٍ في روضة الشوق؛ مع صوتٍ يصدره عكّازه.
محمد النعمة بيروك
26-12-2012, 01:06 AM
سبحتْ هذه القصة بعبارتها الحالمة في استذكار عميق لما يبدو أنّه حبيب متوار ، نكتشف في الأخير بأنه عاجز، عجز كبَرْ في الغالب..
ربمّا مُطّط النص قليلا قبل أن يتحفنا بقفلته القوية، لأن التوغل في وصف المشاعر أوقف ديناميكية التحرك الحدثي إلى الأمام.. لكنّها تبقى قصّة معبّرة بفكرتها وقفلتها..
تحياتي.
مصطفى حمزة
26-12-2012, 03:14 AM
أختي الفاضلة ، الأديبة فاطمة
أسعد الله أوقاتك
نصٌ سرديّ ترك للإسهاب الوجدانيّ ، والتداعيات العاطفية ، والذكريات الشجية ؛ أن تنهمر شلالاً من التصاوير البليغة الجميلة الموحية .. لنعيش دقائق في حضرة زوجين عجوزين .. في خريف رحلتهم المشتركة
تحياتي وتقديري
سهى رشدان
26-12-2012, 04:15 AM
حرفك ِ جميل
كل تقديري
كنت سعيدة هنا
كاملة بدارنه
27-12-2012, 01:48 AM
وصَمتُ الخريف يُلاحِق ورقات حبٍّ ربيعي، بعثرتْها نسمةُ هواءٍ حارَّة، تنهَّد بها صدرها المغموم، ثم دفنتْ ما تبقَّى لها من أيامٍ في روضة الشوق؛ مع صوتٍ يصدره عكّازه.
نهاية موفّقة
سرد بلغة شاعرية وأوصاف جميلة
بوركت
تقديري وتحيّتي
فاطمة بلحاج
28-12-2012, 12:45 AM
سبحتْ هذه القصة بعبارتها الحالمة في استذكار عميق لما يبدو أنّه حبيب متوار ، نكتشف في الأخير بأنه عاجز، عجز كبَرْ في الغالب..
ربمّا مُطّط النص قليلا قبل أن يتحفنا بقفلته القوية، لأن التوغل في وصف المشاعر أوقف ديناميكية التحرك الحدثي إلى الأمام.. لكنّها تبقى قصّة معبّرة بفكرتها وقفلتها..
تحياتي.
الأديب الكريم محمد نعمة بيروك
شكراً لمرورك الكريم وقراءتك وتعليقك الراقي
بورك فيك
تحياتي وتقديري
عبد السلام هلالي
31-12-2012, 12:29 AM
نص شاعري بلغة عاطفية وصور جميلة سار بنا إلى نهاية قفلة رائعة ومعبرة.
تسير السنون بالعمر إلى ساحة الخريف ، لكن الحب الصادق ينفلت منها ليقيم في رياض الربيع.
تحيتي وتقديري أختي فاطمة.
فاطمة بلحاج
06-01-2013, 02:10 AM
أختي الفاضلة ، الأديبة فاطمة
أسعد الله أوقاتك
نصٌ سرديّ ترك للإسهاب الوجدانيّ ، والتداعيات العاطفية ، والذكريات الشجية ؛ أن تنهمر شلالاً من التصاوير البليغة الجميلة الموحية .. لنعيش دقائق في حضرة زوجين عجوزين .. في خريف رحلتهم المشتركة
تحياتي وتقديري
الأستاذ الفاضل مصطفى حمزة
أسعد الله أوقاتك بكل خير
أجل أخي هي رحلة خريف العمر لزوجين عجوزين
أشكرك جزيل الشكر على المرور الكريم
بورك فيك
تحياتي وتقديري
عبدالإله الزّاكي
06-01-2013, 05:02 AM
خريف
سارتْ معه على ذاتِ الرصيف، تداعبُهما نسائمُ الربيع، وقد ضمَّا الصمت الرهيب، فسقطتِ الكلماتُ من خاطرِها كزخَّات المطر، لتبعثرَ أوراق خريفٍ مرَّ من هناك، تسألُها حروف اللهفة: إلى متى هذا الجفاء؟! وكم سيطول هذا السكون؟ فأمسكتْها بقبضتِها وألقتْها بعيدًا، ثم بعثتْ له برسالةٍ مع القمر، معطَّرة برياحين فؤادِها، تعاتبُ فيها ليله: تُرَى متى توارى نجمُك الساطع؟! متى احتوى العتمة وحلّق بعيداً عن القمر؟ فانتفض الليل وعزف ترانيم شوقٍ لأيامٍ مضت، بين أزاهير روضةِ حبٍّ تشدوا لشغف ليالي بدرٍ تلاشى ضياؤه.
خفق قلبها، فوقفتْ لبرهةٍ، وأخذتْ أنفاسًا من نسائم عمرِها، ثم تطلَّعتْ إلى السماء الصافية كصفاء روحها، فتقاطر الندى على وجنتيها الذابلتين، تشطفان أخاديدَ هرمتْ من عصور الودِّ، وأمسكتْ دمعة تتأجَّج بين أهدابها، احتقنتْ من زوبعةٍ أزاحتِ العطرَ عن الورد، ثم اتَّكأتْ على كتفه، ولامست أناملُها يدَه وقد خانها إحساسٌ يعشعش بين ضلوعها؛ منذ أن حلَّ الخريف بديارهما!
لمحت قمرها في الأفقِ وحيدًا تآكله الشَّجَن، يترنَّم أهزوجةً حزينة، ويردِّد: في حَضرتِك يا خريف.. زارني طيف الحزن، فاحتوَتهُ الرُّوح وانتشَتْ من كأسه المرَّة، أترى تاهَ عن دربه؟ أم لم يلقَ حبيبًا غيري؟!
سمع الليل الحالك أنينَ القمر الهرِم، فهُرِع إليه وقد تلألأ نجمُه، فتبسَّمت ممسكةً بيدِه وهمستْ له: أودُّ - يا عزيزي - أن أبوحَ لك بهوى القلب، هناك في روضة الشوق؛ حيث شجرةُ الزيزفون، غرستُ لك تحت تربتها تمائمَ الحبِّ؛ لتتلفظ سكرًا لمدى العمر، فلا نرى خريفًا وإن حلَّ على عمرِنا ضيفًا!
ضَحِك حتى ظهرتْ نواجذُه السوداء، وأبعد يدَه عن أناملها الباردة، ثم أكمل المسير وهو يتطلَّع للشمس الساطعة، وصَمتُ الخريف يُلاحِق ورقات حبٍّ ربيعي، بعثرتْها نسمةُ هواءٍ حارَّة، تنهَّد بها صدرها المغموم، ثم دفنتْ ما تبقَّى لها من أيامٍ في روضة الشوق؛ مع صوتٍ يصدره عكّازه.
رائعة أختي الكريمة، و أديبتنا الراقية فاطمة بلحاج. أسجل إعجابي، لقد استمتعت بقراءتها، لغة متينة، وسرد ممتع، و تعبير راقي. تحياتي و بالغ تقديري.
نداء غريب صبري
21-01-2013, 11:32 PM
النهاية جميلة والسرد مشوق
والقصة أعجبتني رغم طولها
شكرا لك أختي
بوركت
آمال المصري
22-01-2013, 04:12 AM
سرد شائق وتصاوير بديعة أخذتنا معها لشاعرية عالية ونبضات متدفقة
ونهاية جميلة جميلة
استمتعت بالقراءة هنا أديبتنا الرائعة
دام ألقك
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي
محمد الشرادي
22-01-2013, 04:28 AM
خريف
سارتْ معه على ذاتِ الرصيف، تداعبُهما نسائمُ الربيع، وقد ضمَّا الصمت الرهيب، فسقطتِ الكلماتُ من خاطرِها كزخَّات المطر، لتبعثرَ أوراق خريفٍ مرَّ من هناك، تسألُها حروف اللهفة: إلى متى هذا الجفاء؟! وكم سيطول هذا السكون؟ فأمسكتْها بقبضتِها وألقتْها بعيدًا، ثم بعثتْ له برسالةٍ مع القمر، معطَّرة برياحين فؤادِها، تعاتبُ فيها ليله: تُرَى متى توارى نجمُك الساطع؟! متى احتوى العتمة وحلّق بعيداً عن القمر؟ فانتفض الليل وعزف ترانيم شوقٍ لأيامٍ مضت، بين أزاهير روضةِ حبٍّ تشدوا لشغف ليالي بدرٍ تلاشى ضياؤه.
خفق قلبها، فوقفتْ لبرهةٍ، وأخذتْ أنفاسًا من نسائم عمرِها، ثم تطلَّعتْ إلى السماء الصافية كصفاء روحها، فتقاطر الندى على وجنتيها الذابلتين، تشطفان أخاديدَ هرمتْ من عصور الودِّ، وأمسكتْ دمعة تتأجَّج بين أهدابها، احتقنتْ من زوبعةٍ أزاحتِ العطرَ عن الورد، ثم اتَّكأتْ على كتفه، ولامست أناملُها يدَه وقد خانها إحساسٌ يعشعش بين ضلوعها؛ منذ أن حلَّ الخريف بديارهما!
لمحت قمرها في الأفقِ وحيدًا تآكله الشَّجَن، يترنَّم أهزوجةً حزينة، ويردِّد: في حَضرتِك يا خريف.. زارني طيف الحزن، فاحتوَتهُ الرُّوح وانتشَتْ من كأسه المرَّة، أترى تاهَ عن دربه؟ أم لم يلقَ حبيبًا غيري؟!
سمع الليل الحالك أنينَ القمر الهرِم، فهُرِع إليه وقد تلألأ نجمُه، فتبسَّمت ممسكةً بيدِه وهمستْ له: أودُّ - يا عزيزي - أن أبوحَ لك بهوى القلب، هناك في روضة الشوق؛ حيث شجرةُ الزيزفون، غرستُ لك تحت تربتها تمائمَ الحبِّ؛ لتتلفظ سكرًا لمدى العمر، فلا نرى خريفًا وإن حلَّ على عمرِنا ضيفًا!
ضَحِك حتى ظهرتْ نواجذُه السوداء، وأبعد يدَه عن أناملها الباردة، ثم أكمل المسير وهو يتطلَّع للشمس الساطعة، وصَمتُ الخريف يُلاحِق ورقات حبٍّ ربيعي، بعثرتْها نسمةُ هواءٍ حارَّة، تنهَّد بها صدرها المغموم، ثم دفنتْ ما تبقَّى لها من أيامٍ في روضة الشوق؛ مع صوتٍ يصدره عكّازه.
أخت فاطمة
فيض وجداني أضفى على النص حرارة لذيذة
تحياتي
حارس كامل
22-01-2013, 04:32 AM
تري هل يعيش الحب طويلا الي مثل هذا العمر ؟ حلم جميل في قصة عاشقة صيغت بنص شعري .
تحياتي لروعة القصة ، ولكاتبتها.
فاطمة بلحاج
15-02-2013, 05:17 AM
حرفك ِ جميل
كل تقديري
كنت سعيدة هنا
أختي الكريمة سهى
شكراً للمرور الجميل
بوركتِ
تحياتي
ربيحة الرفاعي
21-04-2013, 01:21 AM
نستغني أحيانا عن التكثيف حين تغل على السرد شاعرية اللغة وتتألق فيها نفثات الشعور
وقد عشنا مع سرد طال قليلا باستمتاع
في نص قصي موفق
دمت غاليتي بألق
تحاياي
محمد ذيب سليمان
21-04-2013, 12:57 PM
أي سردية هذه التي حملت كل هذا الكم من الوهج الوجداني
والتصوير المفعم بالرومنسية والمغرق في ثنايا الروح
كم تمنيت ان لا نهاية له
غابت تفاصيل الحكاية بين بتلات الودر المتناثرة بين طيات الحروف الليلكية
رائع
مودتي
فاطمة بلحاج
24-04-2013, 06:06 PM
نهاية موفّقة
سرد بلغة شاعرية وأوصاف جميلة
بوركت
تقديري وتحيّتي
الأديبة الكريمة كاملة بدارنه
شكراً للمرور الجميل
بوركتِ
تحياتي وتقديري
فاطمة بلحاج
08-05-2013, 05:19 PM
نص شاعري بلغة عاطفية وصور جميلة سار بنا إلى نهاية قفلة رائعة ومعبرة.
تسير السنون بالعمر إلى ساحة الخريف ، لكن الحب الصادق ينفلت منها ليقيم في رياض الربيع.
تحيتي وتقديري أختي فاطمة.
الأديب الكريم عبد السلام هلالي
شكراً للمرور الكريم والتعليق الراقي
بورك فيك
تحياتي وتقديري
فاطمة بلحاج
08-05-2013, 05:25 PM
رائعة أختي الكريمة، و أديبتنا الراقية فاطمة بلحاج. أسجل إعجابي، لقد استمتعت بقراءتها، لغة متينة، وسرد ممتع، و تعبير راقي. تحياتي و بالغ تقديري.
الأديب الكريم سهل المغربي
أشكرك أخي على المرور الطيب والتعليق الراقي
بوك فيك
تحياتي وتقديري
فاطمة بلحاج
08-05-2013, 05:31 PM
النهاية جميلة والسرد مشوق
والقصة أعجبتني رغم طولها
شكرا لك أختي
بوركت
أختي الكريمة الشاعرة نداء
يسعدني إعجابك بالقصة
شكراً لمرورك العطر
تحياتي
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir