تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : صَـــوْتُــــــــكِ ...



خالد بناني
26-12-2012, 02:17 AM
صوتكِ

ويسألني الذين لا يعرفون عنكِ شيئا سوى أنكِ امرأةٌ مَسَّني صوتُها: لماذا هي؟ فأكاد أجيب في حدود ما أعرفه: لأن صوتَها.. حكاية. ذلك أنني لا أعرف الجواب يقينا، وكثيرا ما كنت أنتبه وأنا في غمرة انشغالي بكِ على وقْع السؤال ذاته: لماذا أنتِ وحدكِ امتَـلكتِ غوايةَ صوتٍ مُضمَّخٍ بالشجنِ كهذا؟ لماذا شُغِفتُ بصوتِكِ قبل حتى أن أفكر في الذي بيننا إن كان له أملٌ في الصمود أمْ لا؟ أسألُني، وأُتِمُّ انشغالي بكِ دون جواب. يا امرأةً لفرطِ روعته تنحني الناياتُ أمام صوتها في خجل وغيرة مفضوحة، والناياتُ نساءٌ من قصب، خلقهن الله جميلات مغريات، كلماتهن همسٌ مدسوسةٌ فيه بُحَّةٌ لا تخلو من أناقة ودلال، غير أنك أجملُ الأجمل، أكثرُ إغراءً وأناقةً ودلالاً. حيثما كنتُ وبيننا مسافةُ غياب، ظلَلْتُ الرجلَ الذي يُدمِن صوتَكِ وبي خصاصٌ فادحٌ لاستنشاقه، كأنه فصيلةُ دمي النادرة، كأن حواسي السَّكرى المُعطلة دونَه ليست تستجيب إلا له، كأنني أعمى تُغرِّر بي المتاهاتُ ولست أدركُ وجهتي متى افتقدته... كنتُ أتصل مرات كثيرة لأسباب تستحق، ومرات أكثر لأسباب لا تبدو مقنِعة بالمرة، ومرات لا تحصى لغير سبب وأنا أفتعِلُ حواراتٍ مفقودةَ المنطق فقط حتى أسمعكِ.. أسألُكِ عن أشياء لا تهمني بالمطلق، وأتعمد مراوغتك في الإجابة عن أسئلتك، وبينهما استفزكِ بكل ما أوتيتُ كطفل مشاغب عن سبقِ إصرار وترصد إلى أن تفقدي أعصابك فتنهالي علي بعبارات مسرعة لا أفهم جلَّها، وكلُّها تفيض بذات القدر من العذوبة والسحر.
ويسألني الذين لا يعرفون عنكِ شيئا سوى أنكِ امرأةٌ مسَّني صوتُها: كيف هو؟ فأكاد أجيب دونما إجابة بأنَّ صوتَكِ أشبَه ما يكون بصوتِك لا غير، وهو الذي ليس يشبهه شيء...
صوتُك آيةٌ تتحدى قانونَ الجاذبية بكل ثقة، إذ ما إن تقولي "آلو.." حتى أسقُطَ نحوكِ، مِنِّي إليكِ، مختصرا مسافاتِ الدنيا كلَّها والنبرةُ الآسرةُ تلك ترفض الاعتراف بالجغرافيا.
صوتُك هو اللونُ الثامن بعد سُباعية الطيف، ذاك الذي وحدي أراه وقت صار من المستحيل أن أراكِ، والعيونُ المتجسسة المنصوبة شِراكا تترصدُنا دونما تعبٍ عسانا نطمئنُّ يوما لهذا الهدوء المريب فنلتقي...
صوتك لوحةٌ مفقودةُ الإطار والقماش والأصباغ، تستوقفني دوما فأتسمَّرُ حُيَالَها كتمثالٍ مأخوذاً بروعتها هي المدهشة في كل وضع عُلِّقتْ به على جُدران ذهولي...
صوتُكِ قصيدٌ غنائيٌ حينا، ونشيدُ طفولةٍ حينا آخر، لا علاقة له بالأوزان والقوافي، وليس تستوعبه الأبجديةُ، له استعاراتُه الخاصةُ ومجازهُ الخاص، وبَيانُه يُرمِّمُ قُصورَ الكلمات...
صوتُكِ مَقامٌ شرقي لم يسبقني إليه أحدٌ، تقاطعتْ عنده المقاماتُ الأخرى وقد خلَّف فيه كلُّ واحد منها بعضه.. هو مُقامي وأنا المجدوبُ في حضرته مترنحاً أتمايلُ، يتجاذبني اليمينُ واليسارُ، والقلبُ منخطفُ الإيقاعِ مُغيَّبُ الوعي أشُدُّه إلى صدري حتى لا يفارقني كلما راوده عنِّي الصدى...
ويسألني الذين لا يعرفون شيئا سوى أنكِ امرأةٌ مَسَّني صوتُها: من هي؟ فأجيب: هي امرأة مسَّني صوتُها، وصوتُها.. حكاية...

كاملة بدارنه
26-12-2012, 02:51 AM
وسحبتني كلماتك نحو تذوّق جمال اللفظة ودقّة الوصف لتأثير جاذبيّة وسطوة الصّوت
قد تثير موجات ونغمات الصّوت عند الكثيرين مشاعر جيّاشة وإعجابا لا حدّ له، وليس عبثا قول الشّاعر.
والأذن تعشق قبل العين أحيانا
بوركت ( وسلامتك من المسّ)
تقديري وتحيّتي

عبد الرحيم صادقي
26-12-2012, 03:58 AM
جميلة الانسياب، عذبة اللفظة
بوركت يا خالد
تحياتي لك وللجمال

ربيحة الرفاعي
01-01-2013, 09:43 AM
الله يا خالد
ما أجمل اغتسال الحروف في جام درّك المنثور يحكي المشاعر بلغة راقية ويصف ما هو أهم واعمق من الشكل

دمت بألق كدائما

تحاياي

سهى رشدان
01-01-2013, 07:27 PM
مكثت هنا طويلاً بين تلك الحروف الجميلة
السرد رائع
تقبل مروري

نسرين بن لكحل
01-01-2013, 08:58 PM
ويسألني الذين لا يعرفون شيئا سوى أنكِ امرأةٌ مَسَّني صوتُها: من هي؟ فأجيب: هي امرأة مسَّني صوتُها، وصوتُها.. حكاية...



و صوتها حكاية ..كم أنت رائع أستاذ خالد ، تذوقت الجمال و الوصف العذب هنا ، استمتعت صدقا حتى أني تمنيت لو كان بالامكان أن نسمع صوتها ، و نشاركك هذه النغمة التي أطربتك.
تحياتي و شكرا بحجم المتعة التي رافقتني طيلة النص.

نداء غريب صبري
29-01-2013, 03:41 PM
صوتها سحرك
وكلماتك سحرتنا

نثر رائع ولغة أروع

شكرا لك اخي خالد

بوركت

بشار عبد الهادي العاني
29-01-2013, 05:31 PM
أخي خالد : كما شعرك الفخم الجميل المتميز يسحرني , كذلك هو نثرك وسردك الرائع .
لك كل تحية وتقدير

عبدالله المحمدي
30-01-2013, 05:39 AM
وحنين يلفه حنين .. وبقايا حلمي العتيق

جاء صوتها رخيما يبعثر اتزاني .. وينتشر معه شذى حضورها

يدنيني من أملي .. وتتقاذفني شكوكي .. ويئن شوقي إليها

الاديب خالد :

.. اسكب روعتك وسننهلُ إلى أن يحين هطولٌ آخر
رائعة بصدق

دمت بخير

فاطمه عبد القادر
30-01-2013, 10:31 AM
ويسألني الذين لا يعرفون شيئا سوى أنكِ امرأةٌ مَسَّني صوتُها: من هي؟ فأجيب: هي امرأة مسَّني صوتُها، وصوتُها.. حكاية...


السلام عليكم
لن نستهن بالصوت طبعا
وضع الله في بعض الأصوات من آياته أجملها
نثرية جميلة الوصف ,رائعة الكلمة ,قوية البنيان ,ساحرة مقنعة
شكرا لك أخي خالد
ماسة

فاتن دراوشة
30-01-2013, 01:28 PM
كثير من تصرّفاتنا، مشاعرنا وأحاسيسنا تأتي دونما مبرّر ودونما منطق يحكمها

طرح جميل أخي

مودّتي

فاتن

خالد بناني
16-02-2013, 01:20 AM
الرائعة كاملة...
أهلا وسهلا بمرورك الطيب
وأدام الله عليك فرحك وطلتك الآسرة
مودتي وتقديري

خليل حلاوجي
16-02-2013, 04:57 AM
صوتُك هو اللونُ الثامن بعد سُباعية الطيف، ذاك الذي وحدي أراه وقت صار من المستحيل أن أراكِ، والعيونُ المتجسسة المنصوبة شِراكا تترصدُنا دونما تعبٍ عسانا نطمئنُّ يوما لهذا الهدوء المريب فنلتقي...


صوتها حكاية ... وحكايتها صوتٌ .

وهذا النص : أصوات تستفز دهشتنا ..

أنرتَ .

لانا عبد الستار
15-06-2013, 02:03 AM
لا أدري أهي روعة صوتها جعلت حرفك رائعا
أم روعة حرفك جعلتنا نحس بروعة صوت وصفته بمهارتك
نثر رائع
أشكرك

ناديه محمد الجابي
25-02-2016, 08:42 PM
يتغنى الرواة ببيت بشار بن برد المشهور:

يا قومي أذني لبعض الحي عاشقة
والأذن تعشق قبل العين أحيانا

هو نوع من التجاذب والتآلف بين الأرواح
لحرفك نغم تعزفه بمهارة فتتراقص المعاني الجميلة
بين السطور فنطرب.
شكرا على هذه الروعة. :0014:

خلود محمد جمعة
08-03-2016, 10:19 AM
هو صوت روحها الذي سكب كل حواسك في بوتقة واحدة متدفقة بصخب ورقة وجمال وشاعرية بنغم أطرب أرواحنا
هو العشق الذي يغير ملامح وتضاريس القلب ليسمع ويرى ويشعر معا بوجود وغياب من نحب
بوح مغرد اطربنا
بوركت

سحر أحمد سمير
10-03-2016, 06:23 PM
بوح ثري بالمشاعر المتأججة و كأنك تشعر حينما تسمع صوتها بزوال تعبك و نكد مزاجك ..تتبدل أحوالك في عالمها السحري لتلغى كل المسافات بينكما ..

راقت لي كثيرا ..

سلمت يمناك أستاذ خالد..

تحاياي