بهجت عبدالغني
04-01-2013, 01:47 AM
كاردينيا
عندما أعلن كابتن السفينة ( كاردينيا ) المتوجهة من الجزائر إلى مارسيليا ، أن السفينة غارقة لا محالة ، وأن كل محاولات الانقاد والاتصال بالسفن الأخرى فشلت ، وقوارب النجاة لا تتسع للكل ، وبينما كانت أصوات المسافرين في الصالة التي كانوا يرقصون فيها ويشربون قبل اعلان حالة الغرق ، كانت تناقش الأشخاص الذين يجب انقادهم .. خرج من الصالة شاب متألق ثمل ووقف عند حاجز الشرفة وهو ينظر إلى البحر قائلاً :
ـ ماذا لو سمحوا لي بواحدة من زوارق الانقاد لكي ينقلني إلى حبيبتي .. آه إننا لن نلتقي بعد الآن يا سيمون ...
وبالطبع فإن قصة غرق السفينة كانت كذبة اتفق عليها الدكتور رباح عالم الاجتماع والكابتن لرصد ردود الأفعال إزاء اللحظات الأخيرة للناس وهم يواجهون الموت ..
ولذا وبمجرد إعلان الكابتن أنه قد تمّ السيطرة على الوضع وأن السفينة ستسمر ماضية إلى مارسيليا ، حتى عادت الموسيقى الصاخبة في الصالة بأعنف من قبل .. وعندما أدرك الشاب أنه تخلص من الموت قفز إلى الصالة وهو يصرخ :
ـ سيمون .. لم يبق بيني وبينك سوى ساعات قلائل .. سيمون ..
فيشير الدكتور رباح إلى الشاب قائلاً :
ـ لم يتعلم أي شيء !!
إنه نمط آخر من الناس وهو أكثرها عدداً .. أولئك الذين لا يتعلمون شيئاً من الموت !!
هكذا يختم الدكتور عمادالدين خليل مسرحية ( كاردينيا ) ، وهي إحدى مجموعة مسرحيات ( الجوع والكلمة ) ..
نعم .. هناك من الناس من لا يتعلمون شيئاً ، يدخلون في الحدث ويخرجون منه كما دخلوا .. لا يتعلمون حتى من الموت ..
بالأمس كنا نرى من خُدع بشعارات المقاومة والصمود والممانعة ، فيشعر المرء بالشفقة عليهم ..
ثم ما لبث أن انجلى الغبار ، فكشف عن الحمار ، وثبت أن كل تلك الشعارات زائفة مخادعة ، وان جيوش الصمود والممانعة ما هي إلا عصابات مجرمة مهيأة لقتل الإنسان ..
ولكن مع كل هذه البراهين الساطعة ، والأدلة القاطعة ، هناك من لا يريد أن يتغير .. أن يتعلم .. لا زال يُخدع بتلك الشعارات والهتافات ، ما زال يصر على تصديق الأكاذيب وتكذيب الحقائق ..
لا زال هناك من يسمي المحتل محرراً بعد كل ما فعله ، ويسمي اللصوص سياسيين .. والذين دمروا البلاد وجعلوها في حالة تختلف وجهل وطنيين مخلصين .. ومن باع القدس الشريف في صفقات قذرة ممانعة ومقاومة !
نعم إنه نمط آخر من الناس ، يصرّون على مخادعة النفس واغرائها بالسراب ..
أمـعـن الناس في مخادعة النّفــسِ ...... وضـلُّـوا بصائراً وعقولا
نعم ..
هناك من لا يريد أن يتعلم ، فبالأمس أعطينا السكين للجزار ليذبحنا ، ونحن نقرأ في التاريخ ونهز رؤوسنا عند قراءته بأن هؤلاء جزارون ذبحونا في الماضي ، ومع ذلك لا نتعلم ، لأن القراءة باتت حينها قصص تحكى في سهرة شتوية دافئة ..
ولم العجب ؟
هناك ناس لا يتعلمون .. حتى من أحداث يوم القيامة !
ألا تصدقون ؟
اقرؤوا ..
( وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ (27) بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (28) ) .
صدق الله العظيم .. لو ردوا لعادوا .. إنهم كاذبون ..
عندما أعلن كابتن السفينة ( كاردينيا ) المتوجهة من الجزائر إلى مارسيليا ، أن السفينة غارقة لا محالة ، وأن كل محاولات الانقاد والاتصال بالسفن الأخرى فشلت ، وقوارب النجاة لا تتسع للكل ، وبينما كانت أصوات المسافرين في الصالة التي كانوا يرقصون فيها ويشربون قبل اعلان حالة الغرق ، كانت تناقش الأشخاص الذين يجب انقادهم .. خرج من الصالة شاب متألق ثمل ووقف عند حاجز الشرفة وهو ينظر إلى البحر قائلاً :
ـ ماذا لو سمحوا لي بواحدة من زوارق الانقاد لكي ينقلني إلى حبيبتي .. آه إننا لن نلتقي بعد الآن يا سيمون ...
وبالطبع فإن قصة غرق السفينة كانت كذبة اتفق عليها الدكتور رباح عالم الاجتماع والكابتن لرصد ردود الأفعال إزاء اللحظات الأخيرة للناس وهم يواجهون الموت ..
ولذا وبمجرد إعلان الكابتن أنه قد تمّ السيطرة على الوضع وأن السفينة ستسمر ماضية إلى مارسيليا ، حتى عادت الموسيقى الصاخبة في الصالة بأعنف من قبل .. وعندما أدرك الشاب أنه تخلص من الموت قفز إلى الصالة وهو يصرخ :
ـ سيمون .. لم يبق بيني وبينك سوى ساعات قلائل .. سيمون ..
فيشير الدكتور رباح إلى الشاب قائلاً :
ـ لم يتعلم أي شيء !!
إنه نمط آخر من الناس وهو أكثرها عدداً .. أولئك الذين لا يتعلمون شيئاً من الموت !!
هكذا يختم الدكتور عمادالدين خليل مسرحية ( كاردينيا ) ، وهي إحدى مجموعة مسرحيات ( الجوع والكلمة ) ..
نعم .. هناك من الناس من لا يتعلمون شيئاً ، يدخلون في الحدث ويخرجون منه كما دخلوا .. لا يتعلمون حتى من الموت ..
بالأمس كنا نرى من خُدع بشعارات المقاومة والصمود والممانعة ، فيشعر المرء بالشفقة عليهم ..
ثم ما لبث أن انجلى الغبار ، فكشف عن الحمار ، وثبت أن كل تلك الشعارات زائفة مخادعة ، وان جيوش الصمود والممانعة ما هي إلا عصابات مجرمة مهيأة لقتل الإنسان ..
ولكن مع كل هذه البراهين الساطعة ، والأدلة القاطعة ، هناك من لا يريد أن يتغير .. أن يتعلم .. لا زال يُخدع بتلك الشعارات والهتافات ، ما زال يصر على تصديق الأكاذيب وتكذيب الحقائق ..
لا زال هناك من يسمي المحتل محرراً بعد كل ما فعله ، ويسمي اللصوص سياسيين .. والذين دمروا البلاد وجعلوها في حالة تختلف وجهل وطنيين مخلصين .. ومن باع القدس الشريف في صفقات قذرة ممانعة ومقاومة !
نعم إنه نمط آخر من الناس ، يصرّون على مخادعة النفس واغرائها بالسراب ..
أمـعـن الناس في مخادعة النّفــسِ ...... وضـلُّـوا بصائراً وعقولا
نعم ..
هناك من لا يريد أن يتعلم ، فبالأمس أعطينا السكين للجزار ليذبحنا ، ونحن نقرأ في التاريخ ونهز رؤوسنا عند قراءته بأن هؤلاء جزارون ذبحونا في الماضي ، ومع ذلك لا نتعلم ، لأن القراءة باتت حينها قصص تحكى في سهرة شتوية دافئة ..
ولم العجب ؟
هناك ناس لا يتعلمون .. حتى من أحداث يوم القيامة !
ألا تصدقون ؟
اقرؤوا ..
( وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ (27) بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (28) ) .
صدق الله العظيم .. لو ردوا لعادوا .. إنهم كاذبون ..