المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مدن غارقة في فم افعى



رنا اسعد
06-01-2013, 10:48 PM
تشيخ النصوص ....
وتفقد أوراق الأشجار بريقها الأليف، فتصير إلى جفاف بانتظار لحظة السقوط على بساطٍ خيوطه رجع الوجع ....
والتعب يئن كلما عصفت به صيحات الرياح، تصحو وتغفو عليه عذابات المسكونين بالهم اليومي ...
فتختلط الألوان على شرفات صفحات خاوية من قيم الإنسانية.

أمام عطاء الدم ... تصغر إطارات ومعاني وألق الصور ويبقى الحدث الصاعق مصنعاً للأجيال، ليجسّد المعنى الأسمى للقيمة من تلاحم الأجساد ونزف الذات، وفراغ التسرّب والانصهار في نسيج واحد لا ينفصل عن اﻠ "كل" ولا يفنى.

حكاية ليست جديدة !!!
ولكنها تتجدد مع تاريخ المدن الغارقة في فم أفعى تتلوى على شاطئ مصبوغ بالدماء، وأمواج تلفظ النفايات.
خرائط مرسومة لا تعرف حدوداًً للقدرة على تحمّل ألم الحصار والجوع، خطت ملامحها على ضفائر حرائر ثائرات عصيّات على موت، تمزق أستار الليل الحالك بفجر الله أكبر !.

أوراقنا جافّة ...
وأقلامنا قاصرة عن وصف شموخهن أمام دفق الدم وتقرّح الجروح !!
فالآلام لا ترسم بالمداد ... والقلوب لا تنبض إلا لصفاء الأحبة الصامدين هناك ... تُشمَّر في موسم الحصاد عن زند العمل، بشرى تزفّها على بقايا أجساد توشّحت بسواد الحداد مع دفقة النداء الأخير.

خيالات أرواح مسكونة بالإباء والكبرياء تنشر عطرها في فضاء معفّر برائحة الموت، وتسطّر ملحمة معجونة بالدم واللحم في عصر فقد أبجدية العقل وحق الإنسان.

غصّة في الحلق تجترّ الذهول أمام عظمة نفوس ترى النور والأنام نيام ...
جميلة تقود ثورة تتصدى بشفيف الروح لهمجية وحوش، فتحولهم إلى فئران يرتعدون خوفاً من مشروع شهيدات باقيات بيننا أحياء، يعلمن نساء الأرض الحفر في صخر المستحيل، ليتفجر ينبوع الإيثار، وتنبت من قلب الحصى براعم يشتد عودها على إيقاع هتاف العائدين من غبار الرحيل.
وبتول تأبى الحياة بين الحفر، تطوف باحثة عن رحم يلثم أطهر الجباه المكللة بغار النصر.

تسقط دمعة مقهورة فتنقلب إلى صرخة حقد يستعر في الضلوع .. لتحيا كعنقاء تزلزل الأرض تحت أقدام الغافلين، وتهزّ ريشات النخوة الصماء، علها تجد ثغرة تقلب الظلمة نوراً، وحلم طال انتظاره ينبعث من نبض العروق.

باسمكِ هتفت بعد أن صار الوطن قصيدة مذبوحة من الوريد إلى الوريد ... وبضفائركِ الملثمة، أقول ليتني امرأة لا تعترف بالقيود والحدود ... ولا تذرف الدمع، ولا تهرع من زاوية إلى زاوية تسترق السمع، تلاحق أنفاس الأخبار من وراء حجاب.
عجبتُ من حال ينسل العدم إلى أرواح يعشش فيها متاع السقم، وأنتن تقدمن مواسم الريحان إلى مروج اليباس، ولا من صدى لنداء يشق صمت القبور.

صرخة "وامعتصماه" انطلقت ألف مرة من حناجر حرائر أنهكهن تعب الصمود والقهر والجوع ... حتى عاف الصبر حدود السكون , فعدت إلى "الخنساء" ألتمس من ريحها بعضاً من جذورنا، فوجدتها بينكن تهدهد دموع الثكالى، وتمسح من صدور الأمهات شوك الصبّار كي تزهر ورود الخريف!.

الكلمات قاصرة، والأوراق غارقة في ربكة الوجع، ولا أجد غير أبيات للشاعر خير الدين الزركلي ألجأ إليها، وأرددها بلا ملل، قد تعيد إلى الغرباء خفقة حنين..

العين بعد فراقها الوطنا لا ساكناً ألفت ولا سكنا
ليت الذين أحبهم علموا وهم هنالك ما لقيتُ هنا

رفعت زيتون
06-01-2013, 11:27 PM
جميلة تقود ثورة تتصدى بشفيف الروح لهمجية وحوش، فتحولهم إلى فئران يرتعدون خوفاً من مشروع شهيدات باقيات بيننا أحياء، يعلمن نساء الأرض الحفر في صخر المستحيل، ليتفجر ينبوع الإيثار، وتنبت من قلب الحصى براعم يشتد عودها على إيقاع هتاف العائدين من غبار الرحيل.
وبتول تأبى الحياة بين الحفر، تطوف باحثة عن رحم يلثم أطهر الجباه المكللة بغار النصر.

تسقط دمعة مقهورة فتنقلب إلى صرخة حقد يستعر في الضلوع .. لتحيا كعنقاء تزلزل الأرض تحت أقدام الغافلين، وتهزّ ريشات النخوة الصماء، علها تجد ثغرة تقلب الظلمة نوراً، وحلم طال انتظاره ينبعث من نبض العروق.


جميلة تقود الثورة

في زمن عزّ فيه الفرسان

والأدهى أن تتحول الوحوش خوفا منها إلى فئران

بينما يدفن في التراب رؤوسهم الفرسان

إنه زمن العار والدمار

.

وليد عارف الرشيد
07-01-2013, 12:21 AM
رائعة هذه المقطوعات النثرية مترعة بالشاعرية والمشاعر الأبية والتصوير المدهش رغم الوجع والخيبة
بوركت مبدعتنا القديرة على حرف أمضى من سيوف وطلقات الفرسان
دمت بخير وألق
مودتي وإعجابي وتقديري

فاطمه عبد القادر
07-01-2013, 07:50 AM
الكلمات قاصرة، والأوراق غارقة في ربكة الوجع، ولا أجد غير أبيات للشاعر خير الدين الزركلي ألجأ إليها، وأرددها بلا ملل، قد تعيد إلى الغرباء خفقة حنين..
العين بعد فراقها الوطنا لا ساكناً ألفت ولا سكنا

السلام عليكم
نص يتلوى وجعا كتلك المدن الغارقة في فم أفعى
نص يثير الدهشة والفكر ويزخر بالجمال
رائعة يا رنا
شكرا لك
ماسة

سامية الحربي
07-01-2013, 08:03 PM
"باسمكِ هتفت بعد أن صار الوطن قصيدة مذبوحة من الوريد إلى الوريد ... وبضفائركِ الملثمة، أقول ليتني امرأة لا تعترف بالقيود والحدود ... ولا تذرف الدمع، ولا تهرع من زاوية إلى زاوية تسترق السمع، تلاحق أنفاس الأخبار من وراء حجاب.
عجبتُ من حال ينسل العدم إلى أرواح يعشش فيها متاع السقم، وأنتن تقدمن مواسم الريحان إلى مروج اليباس، ولا من صدى لنداء يشق صمت القبور."

أنه قدر مدننا أن يتناوب على إبتلاعها أفعى تلو أخرى هيهات أن يهنأ ساكنيها. نص يعبق إباءًا و شموخًا لا ينحني لغة قوية و صور ماتعة . بورك اليراع . كل التحايا والتقدير.

سهى رشدان
07-01-2013, 09:19 PM
لغت ِ جميلة
حضرت ْ بكلّ قوة
كل تقديري

نسرين بن لكحل
07-01-2013, 10:12 PM
هنا وجع يتلوّى من ضربة قلمك ،و خيبة تجر أذيالها هاربة من حرفك،
أبدعت لغة و فكرا .ثقة و شموخا،
زادك الله من فضلك أيتها الأديبة الرائعة .

براءة الجودي
08-01-2013, 04:46 AM
ولكنها تتجدد مع تاريخ المدن الغارقة في فم أفعى تتلوى على شاطئ مصبوغ بالدماء، وأمواج تلفظ النفايات.

وصف قوي ورائع ولغة راقية بحق , اشكرك على قلمك الثائر الذي خط لنا كلمات من ذهب تفيد كل صاحب قلم وفكر , حفظك الباري

لمى ناصر
08-01-2013, 05:25 AM
متعبة أنت يا رنا
خيبة وانكسار وصرخات لا تسمع
ومدن غارقة بالأحمر
جميل نبضك الذي يئن...ليس لنا ولهم إلا الله.

ربيحة الرفاعي
31-01-2013, 09:06 AM
أمام عطاء الدم ... تصغر إطارات ومعاني وألق الصور ويبقى الحدث الصاعق مصنعاً للأجيال، ليجسّد المعنى الأسمى للقيمة من تلاحم الأجساد ونزف الذات، وفراغ التسرّب والانصهار في نسيج واحد لا ينفصل عن اﻠ "كل" ولا يفنى.

حكاية ليست جديدة !!!
ولكنها تتجدد مع تاريخ المدن الغارقة في فم أفعى تتلوى على شاطئ مصبوغ بالدماء، وأمواج تلفظ النفايات.
خرائط مرسومة لا تعرف حدوداً للقدرة على تحمّل ألم الحصار والجوع
على لوحة من الأم رسمت الحروف بالدم صورة الواقع
وبدمعة أسرية في عيون الصمت نطق الأحمر معلنا شفق صبيحة النهار القادم

نص من قلب فجيعتنا بنا

دمت بألق

تحاياي

كاملة بدارنه
04-04-2013, 10:54 PM
صرخة "وامعتصماه" انطلقت ألف مرة من حناجر حرائر أنهكهن تعب الصمود والقهر والجوع ... حتى عاف الصبر حدود السكون , فعدت إلى "الخنساء" ألتمس من ريحها بعضاً من جذورنا، فوجدتها بينكن تهدهد دموع الثكالى، وتمسح من صدور الأمهات شوك الصبّار كي تزهر ورود الخريف!.

ازدادت الصّرخات، وكثرت (الخنساوات) وتدفّقت شلالات الدّماء...
لكلماتك ميزّة خاصّة عزيزتي رنا
بوركت
تقديري وتحيّتي

نداء غريب صبري
04-07-2013, 03:20 PM
الثورة تقودها جميلة بدلا من أن يقودها الفرسان
والوحوش تتحول لفئران

هذا يشبه الوقع جدا

شكرا لك أختي رنا

بوركت

خليل حلاوجي
04-07-2013, 09:22 PM
الأديبة المبدعة : رنا.

نعم ... الواقع المفزع الموجع يدعونا لنصرخ في مدن غارقة بالدم والوهم والعتمة ..

لا نزال : نعيش والصفعات توقظنا ..





بالغ تقديري ..

فاتن دراوشة
09-07-2013, 04:50 PM
نزفت الكثير من هموم الوطن هنا غاليتي

عبثًا حاولت ألّا أتشظّى وجعًا ها هنا لكنّي فعلت

دام ألق حرفك

محبّتي

د. سمير العمري
09-09-2013, 08:17 PM
نص جميل الطرح راقي المضمون إنساني الهدف والشعور.
لا فض فوك فقد أحسنت التعبير عن حالة التردي المؤسفة وحالة النهوض الشامخة في نص متألق!

تقديري

آمال المصري
08-03-2015, 05:49 PM
دفقة حزن مسكوب ولمسات وجع غلفت الكلمات وحرف رغم الشجن جاء أنيقا يسستنطق الجمال بقوة
أديبتنا الفاضلة ...
دام ألقك
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي

خلود محمد جمعة
10-03-2015, 07:03 AM
نثرية فاضت بوجع الحقيقة المرة
قوة في الطرح وجمال في الاسلوب واناقة في اللغة مع عمق في الفكر
بوركت
كل التقدير

لانا عبد الستار
14-03-2016, 02:48 PM
رنا اسعد
أيتها الكاتبة الرائعة
قطع نثرية شاعرية أحببتها جميعا
قسوتها رائعة
أشكرك

ناديه محمد الجابي
14-03-2016, 04:47 PM
حرف شجي يئن وجعا ، ونبض نازف أحرق قلوب تلقته
ما أروع وما أجمل وما أوجع حرفك المشبوب نارا ونورا
مؤلمة وصادقة نثريتك .. جمال في التصوير، وبراعة في رسم الحروف
ما ضاقت واستحكمت واشتدت إلا لقرب مجئ الفرج.
دمت مبدعة. :001:

أسيل أحمد
04-09-2021, 09:25 PM
واقعنا مفزع واوطاننا جريحة وقلوبنا ممزقة
ونثرك جميل حزين مثلنا
وصف عميق المعاني ، مهيب الحرف والفكر بأداء جميل.
تحياتي وتقديري.