المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : زهرة التوليب



محمد حمدي
10-01-2013, 07:36 AM
زهرة التوليب

يا أيها العقلُ الفَهيم:
كيفَ المعاني تَستقيمْ
إن رُحتَ تَغرسُ زهرةَ التُولِيبِ في حقلٍ من البِرسيمْ؟!
إن عِثْتَ إجرامًا لِتَكسرَ كِبرياءَ جمالِها مثلَ الرَّجيمْ
فَتَفُوتَ أبدعَ زهرةٍ
لتموتَ دونَ الموتِ في الصمتِ العقيمْ؟!
تَذوِي مُعطَّلةً
ونادرةً
ورائعةً
ومُبهِرَةً
وسطَ اعتيادِ العشبِ يَجتَرُّ البَهيمْ!
في وحشةِ الليلِ البهيمْ!
لِتَغيبَ بينَ تَشابُهِ الأيامِ مُفردةً
ومُجهدةً
وبائسةً
ويائسةُ
بلا نحلٍ يُداعبُها ويَرشُفُ مِن حلاوتِها
ولا عطشَى فراشاتٍ تُحَوِّمُ من حَوالَيْها
تَرومُ رحيقَ عينيها
ولا غيظِ الصَّبايا وارتياباتِ الصَّبا
إن راودَتْها عن شَهِيِّ طُيوبهِا نَجوَى النسيمْ
وبلا عنادلَ تَستطيبُ جمالَها تَرنيمةً
تَنسابُ حينَ يَلَـذُّ للعشاقِ في أسمارِهِمْ خَمْـرُ الرَّنيمْ
وبلا صَـفا ليلِ السُّهَى، أضواؤهُ همسُ السَّديمْ
وبِقُربِها حُسنُ المَها تَختالُ في جنّاتِها
وعلى التلالِ شُرودُ رِيمْ
كيفَ المعاني تستقيمْ:
إن رُحتَ تَغرسُ زهرةَ التُوليبِ في حقلٍ من البِّرسيمْ؟!
لتموتَ دونَ الموتِ في عجزٍ سقيمْ؟!
***
يا أيها القلبُ الكَليمْ:
وهل المعاني تَستقيمْ
إن رحتَ تَغرسُ زهرةَ التوليبِ
في أحضانِ غاباتٍ من الصبارِ في القيظِ العظيمْ؟
لو كان يَحميها جُموحَ جمالِها المغرورِ
في أشواكِ غَيْرتِه على وهّاجِ فِتنتِها
أفليسَ في السجنِ المُقيمْ؟
هل سوفَ يُنسيها جَراحَ الشوكِ
حينَ يَضُمُّها في مِخمَـلِ القلبِ الرَّحيمْ؟
ماذا سيُغنِيها إذا غنَّى لها بالعشقِ
طولَ الليلِ بالصوتِ الرَّخيمْ؟
ما دامَ ناظِرُ قَلبِها سيظلُّ دومًا شاخصًا للشُهْـبِ
تَهوَى أن تَطيرَ مع الرياحِ
لتسكنَ الرَّبواتِ في رَوضِ النعيمْ
أنْ تعبرَ الأحلامَ في نَزَقٍ
كما (أَلِسٍ) إلى بلدِ العجائبِ لا تَريمْ
هي زهرةُ التوليبِ.. لا هي (سندريلا)
طالما انتظرتْ بَجوفِ الليلِ ساحرةً
لِتَنقُـلَها إلى بُستانِ هذا القصرِ
تَخلُبُ لُبَّ فارِسِها أميرِ القصرِ سيِّدِها الكريمْ
كيفَ المعاني تستقيمْ
إن رُحتَ تَغرسُ زهرةَ التوليبِ
في أحضانِ غاباتٍ من الصبّارِ في القيظِ العظيمْ؟
لتموتَ دونَ الموتِ في مللٍ سقيمْ؟!
***
يا زهَرةَ التوليبِ عُذرًا
أنتِ أجملُ زهرةٍ في العمرِ داعبَها النسيمْ
فتَخَـيَّري في البدرِ بُستانا
ولا تَذوِي بِدُنيانا
كما يَفنَى الهَشيمْ
وَلْـتُعْمِلي التفكيرَ مَهْلاً، وانظُري الرأيَ الحكيمْ
حتّى المعاني تَستقيمْ

محمد حمدي غانم
9/1/2013

كاملة بدارنه
10-01-2013, 05:32 PM
قصيدة رائعة اللّغة والصّور ...
بوركت
تقديري وتحيّتي

محمد حمدي
11-01-2013, 01:48 AM
شكرا لتقديرك أ. كاملة..
تحياتي

جهاد إبراهيم درويش
11-01-2013, 02:15 AM
كيفَ المعاني تستقيمْ:
إن رُحتَ تَغرسُ زهرةَ التُوليبِ في حقلٍ من البِّرسيمْ؟!

بوركت شاعرنا
فهي لن تستقيم طالما عقول أصحابها لا تستقيم
أجدت التصوير وأمتعت الذائقة
فشكرا لك

مودتي وصادق الود

محمد ذيب سليمان
11-01-2013, 02:28 AM
رمزية جميلة بما حملت منة معان ودلالات
ولكننا ما زلنا نزرعها حيث اشرت ونطعمها للحيوانات
وما همنا ان كان موقعها الصحيح على شواطي افراح القلب
مودتي

حسين العقدي
11-01-2013, 06:54 AM
حتى وإن حُجبتْ هذه الزهرة عن العيون فإن أريجها الفواح سيقود العاشقين إليها ذات نسمة ربيعية فينكبون عليها كالنحل مقبلين ثغرها متلذذين برحيقها ..فلا تبتئس وازرع زهورك حيث شئت

وأنثرها في كل الاتجاهات فالزهور لا تبحث عن إكتساب الجمال بل هي من تجمل كل مكان يحويها


باقة توليب ..وخالص ود ..تحياتي

محمد حمدي
11-01-2013, 11:15 AM
شاكر لكم احتفاءكم أساتذتي الكرام
تحياتي

ربيحة الرفاعي
11-02-2013, 07:31 AM
شعر جميل وشاعرية محلقة رسمت الصورة بهاء والحس سخاء والمعاني رخاء
وفي جمال جرسها تغنت الحروف

أخشى ان التفعيلة بترت في بعض موقع كما في قولك
إن رُحتَ تَغرسُ زهرةَ التُولِيبِ في حقلٍ من البِرسيمْ؟!
في أشواكِ غَيْرتِه على وهّاجِ فِتنتِها

دمت بخير شاعرنا

تحاياي

محمد حمدي
11-02-2013, 11:04 AM
شكرا لك أ. ربيحة..
وما الضير في بتر التفعيلة؟
أنا شاعر أعزف ما أراه جميلا من الألحان، ولا ألتزم فقط بالقوالب القديمة، لهذا كتبت على صيغ كثيرة جديدة ليست مما سردته كتب العروض.. هذا في الشعر العمودي أساسا..
أما في قصيدة التفعيلة، فلا توجد اي من هذه الضوابط في القوافي والعلل، وإلا لما كان شعراء العصر الحديث قد كتبوا شعر التفعيلة أصلا، فالهدف منه هو تحرير الشاعر من الانتظام الصارم الموجود في الشعر العمودي..
لهذا نعم: أنا أبتر التفعيلة متفاعلن في أي موضع لتصير: متفاعلْ (فعلاتن)، متفعلْ (فعولن)، متفاعْ (فعلان)، متفا (فعلن)، متفْ (فعو)، متْ (فع)
تحياتي

محمد حمدي
02-10-2013, 11:05 PM
هذا هو إلقائي للقصيدة:
http://www.youtube.com/watch?v=DqXy3hEfba4

فاتن دراوشة
03-10-2013, 06:32 PM
زهور تغوص بين الأوحال والقاذورات والأشواك

تفني أعمارها تهب شذاها لمن لا يعيرون له اهتمامًا

ما أروع تصويرك لهذه المعاناة

دمت بودّ مبدعنا

محمد حمدي
06-10-2013, 05:11 AM
شكرا لتقديرك أ. فاتن..
تحياتي

د. سمير العمري
18-12-2013, 11:52 AM
نص جميل بتحليق شاعري وجرس رقيق منسجم خلا تلك المواضع التي أشارت لها الشاعرة الكبيرة ربيحة الرفاعي.
ورغم إعجابي بالنص عموما مبنى ومعنى ، وثانئي المستحق عليه إلا أنني استوقفني ردك بشأن مواضع بتر التفعيلة وتعميمك الحكم على الأمر بمنطق أنا شاعر وأنا حر فيما أفعل.
والحقيقة أيها الحبيب أن التفعيلة بترت في تلك الآماكن ولهذا استوقفت ذائقة شاعرة كبيرة وذائقتي وذاثقة كل محب مدرك للشعر. أما أن تققر بتر تفعيلبة أو كسر وزن أو حتى عدم الالتزام بوزن فهذا أمر يعود لك ، ولنا نحن أن نرد بما نراه يفيد أو يخدم الشعر ، ولعلني هنا أمحضك النصح بأن تدرك أن شعر السطر لا يعني ما قلت من التخلص من ضوابط العروض والوزن الأساسية وإلا فسيكون القادم ما يسمونه "قصيدة النثر" وربما أتى بعدها أي شيء آخر.
الأمر ليس كذلك بل هناك قواعد ومقومات تعتمد على أسس بيت السطر وتنفرد بصفات أخرى أهمها هو تفاوت عدد التفعيلات في كل سطر ثم تدوير الأسطر بشكل يناسب المعنى والمبنى ، ويتولد عن ذلك بعض ضوابط جديدة ترفع من قيمة شعر السطر كالقافية المركزية والقافية الثانوية والتوزيع الجرسي. ولكن يبقى دوما ضوابط التفعيلة ذاتها من زحافات وإضافات وأنت فعلت هذا كله بأسلوب مميز ورائع واستخدمت التذييل بياء وميم إلا في موضع البرسيم فبترت الجرس في الذائقة ناهيك ذلك الموضع الآخر أيضا.

هو نصحنا فخذ أو فدع!

تقديري

سامي الحاج دحمان
18-12-2013, 02:23 PM
مشاهد و مشاهدات

تصويرية راقت لي كثيرا

بوركت و اليراع

محبتي و تقديري

سامي الحاج دحمان

محمد حمدي
02-01-2014, 01:52 AM
د. سمير العمري:
شكرا لتقديرك ونقدك..
ربما تقع هذه المسألة في نطاق ذوقي، فأنا بالتأكيد لن أكتب شيئا لا استسيغه..
وفكرة تعميم القاعدة بدأت معي منذ 15 عاما حينما كتبت برنامجا لتحليل الشعر ووزنه، ونظرا لاعتمادي التفعيلة فيه، وسماحي للشطرة بأن تطول إلى ما لا نهاية، فقد وجدت من المنطقي أيضا بتر التفعيلة في أي موضع يوافق علة معروفة (حتى ولو لم يقل العروضيون إنها جائزة في هذا البحر تحديدا لأنهم يتكلمون دائما عن الصيغ التي ورد عليها البحر، وليس عن الصيغ التي يمكن ان يرد عليها البحر).
والحقيقة أن برمجتي لهذا البرنامج كشفت لي ثغرات كثيرة في العروض الخليلي، فهناك مواطن عديدة للتداخل بينت البحور، تنتج خاصة بخرم أول تفعيلة، أو قص جزء من آخر تفعيلة، مما يحول البحر إلى بحر آخر.. ولي قصيدة اسمها: يا حسنا كثير الذنوب، ابتكرتها على صيغة مفعولن فعولن فعولن، كشف لي البرنامج أنها تستقيم على أربعة بحور معا بتقطيعات غير تقليدية!
فأرجو أن تعذروني إن خالفتكم في الرأي والذوق، فرؤيتي للعروض حاليا أبعد بكثير مما هو موجود في الكتب، ولا تقلقن من أن يكون في هذا بادرة لفرية قصيدة النثر، فهي ليست شعرا وإن تمحكت به.. بل إني أصل إلى العكس، بأن أطرح لمن يفترونها رؤية أخرؤى للعروض تجعله أسهل مما ينثرونه، فعلى سبيل المثال: إذا تم مزج المتدارك والخبب صار أسهل من النثر وأقل جرعة موسيقية من الشعر.. كما أني أحيانا أتجاوز الفوارق الباهتة بين الرجز والكامل فأدمجهما، وبين الوافر والهزج فأدمجهما.. واكتشفت أن البحور المهملة هي في حقيقتها بحور صاخبة الموسيقى لو تم تقليمها بخرم أولها أو بتر آخرها.. كل المطلوب هو الخروج من القوالب الجامدة، وستكون الإمكانيات الموسيقية بلا حدود.
تحياتي

محمد حمدي
02-01-2014, 01:54 AM
أ سامي الحاج:
شكرا لتقديرك وجميل ثنائك..
تحياتي