تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أناسٌ طيبون ولكن ....



الدكتور أحمد قاسم العريقي
13-01-2013, 03:34 AM
أُناس طيبون ولكن ....

أسرع أحد العُمال الذين يعملون مع (عامر) وأحضر مركبة أُجرة وبقي آخر بجواره، لا يدرى ماذا يفعل لعامر غير الدعاء والبكاء.
ركبوا المركبة وعامر يتوجّع من شدة الألم .
انطلقت السيارة مُسرعةً ثم توقفت على مقربة من إشارة المرور ــ فأمامهم رتلٌ من السيارات ــ قال السائق: لم يبق إلا خمس إشارات للتوقف وسنصل إلى المستشفى إن شاء الله. لا تخافوا، هناك ستلقون كل رعاية واهتمام وستنقذون مريضكم. إنهم أناس طيبون ، يسرعون لمساعدة المرضى وعند دخول بوابة المستشفى العمومي، تحدث أحد المرافقين: أرجوك لدينا إسعاف، إسعاف... حقّق حارس البوابة قليلاً معهم وعامر مغشياً عليه.
سأل: هل هو مضروب؟، مصدوم؟. من قتله ؟ لابد من معرفة ذلك قبل الدخول . وبعد أن رجوهُ قال: لابد أن أذهب معكم إلى الطبيب.
ركب معهم، قال السائق: ألم أقل لكم إنهم أناس طيبون يعملون لمصلحتنا دائماً ولم يرجوا منّا شيئاً ؛ لكنه سيؤخركم قليلا لمصلحة النظام، فالنظام شيءٌ مُقدّس لا أحد يجرحه عندهم حتى بشوكة.
حُمل عامر، على ظهر أحد مرافقيه إلى غرفة الإسعاف، وظل المرافق الآخر يرجو الطبيب كي يعتني بمريضهم. قال الدكتور: ألا تراني مشغولاً لابد أن تلتزم بالنظام.
ــ يا دكتور لدينا إسعاف، أرجوك انظرْ إلى حالته.
ــ لابد أن تصبروا قليلاً يا أخي، سوف أحضر حااالاً قال: السائق ألم أقل لكم إنهم ملائكة الرحمة، سترون كيف سيعتني به.
أتى الطبيب بعد ربع ساعة. وبعد الكشف قال: حالته خطيرة جداً، يحتاج إلى عناية خاصة وكل الأَسِرّة في العناية المركزة لدينا مشغولة . نحن متأسفون جداً، انقلوه إلى مستشفى عمومي آخر سريعاً، : ويجب أن تدركوه خلال ساعات، يمكن أن يفارق الحياة.
قال السائق وهم يحملون عامر: سأنقلكم إلى مستشفى عمومي آخر، على بعد كيلو من هنا، وسنمرُّ من طريق سريع؛ لكن ألم تروا كيف نصحكم الدكتور: إنه طيب والله .
وصلوا بعد ساعة إلى المستشفى الآخر وعامر مازال ينبض بالحياة، بقى في ممر المستشفى فترة دون النظر إليه، قيل لهم نفس الكلام : ليس لدينا له سرير في العناية وهو بحاجة إلى العناية المُركزة.
صاح أحد المرافقين : اِعملوا له أي شيء أي شيء.... قال الطبيب: لابد له من عناية خاصة، غير ذلك لن ينفعه شيء. أسرع السائق وحمل معهم، ثم قال لهم : ألم أقل لكم إن الأطباء يخافون على صحة المرضى ويرجون لهم الأفضل، وقد أشار عليكم أن تذهبوا إلى مستشفى فلان.... الخاص وأعطاكم كَرْته لإبرازه لهم كي يهتموا بمريضكم إنه رجل طيب والله، إيهٍ كم مثله طيبن في هذه البلاد ولكن .....
مضت سبع ساعات وهم من مشفى إلى مشفى آخر... حتى أوصلوا عامر إلى مستشفى خاص (ثمانية نجوم) وقد فارق الحياة وأدخلوا جثته ثلجة الموتى للعناية بها من التلف.

ماهر يونس
13-01-2013, 04:21 AM
احترت أأضحك أم ألطم على طيبتنا؟
نص قال الكثير أستاذي الحبيب أحمد العريقي...
وفي نهاية الأمر كلنا طيبون...ولكن!
أطنان شكر ومحبة

آمال المصري
13-01-2013, 09:10 PM
ذكرتني قصتك أديبنا بواقعة حينما مرضت إحدى المقربات لي وذهبنا بها لمشفى كانت سبعة نجوم خير من التجول بها على المشفيات العاملة دون جدوى
وظلت في الممر الخارجي على طاولة لحين ذهاب ابنها لسحب مبلغ وقدوه " ..... " من البنك لدفعه تأمين دخول وكانت قد فارقت الحياة ولم يعلنوا عن ذلك إلا بعد دفع المبلغ
مضحك مبكي حال منشئاتنا
ولا أعرف بما نسمي أنفسنا ؟ هل كما ذكر الماهر طيبة أم سذاجة أم عبــ.....
نص جميل وفكرة رائعة وأسلوب ماتع
دام ألقك أديبنا الفاضل
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي

كاملة بدارنه
13-01-2013, 11:19 PM
عكست قيمة الإنسان الرّخيصة
سرد جميل رغم مأساويّة الحدث
بوركت
تقديري وتحيّتي

سامية الحربي
15-01-2013, 09:28 AM
إنهم ملائكة الأرض لكن للأسف سقطت عندهم الألويات الأنسان لم يعد سوى رقم و كتلة لحم . القصة ليست خيال أو مبالغ فيها للأسف. تحياتي وتقديري.

كريمة سعيد
15-01-2013, 09:42 PM
قصة واقعية تعكس الطيبة والانضباط للنظام ..
أليس هذا أفضل ما نقدمه لمرضانا؟؟؟
وما خفي كان أعظم....
بورك النبض

عبد السلام هلالي
16-01-2013, 02:42 AM
قصة ساخرة من واقعنا المعيش ، ومن منا لم يعش الحدث ولم يكتو من حالة مستشفياتنا و سائر الخدمات عموما.
أكيد ستلقى جثته العناية في مستشفى ال... نجوم ، ريثما تسمن الفاتورة.
نص جميل أخي أحمد قاسم.

الدكتور أحمد قاسم العريقي
16-01-2013, 04:24 AM
أشكر الكل من قام بالتفاعل مع القصة التي نعاني منها دائماً من يدعون أنهم ملائكة الرحمة مع إعتذاري لمن مازل لم يغريهم الزمن

ناديه محمد الجابي
16-01-2013, 04:57 AM
طيبون وذو أخلاق جد عالية , ولكن المشكلة فى
زحمة الطريق , والروتين , وقوانين النظام , وضيق
المستشفيات العامة .. وكما يقولون .. أن الطريق إلى
جهنم ملىء بالنوايا الحسنة .
أعجبتنى قصتك الناقدة بأسلوب تهكمى وآلمتنى فى آن
واحد .. المؤلم فى الحقيقة هو أن الإنسان فى عالمنا
العربى ليس له قيمة .
دمت ببهاء الحرف الهادف .

مصطفى حمزة
16-01-2013, 05:25 PM
أخي الأكرم ، الدكتور أحمد
أسعد الله اوقاتك
" الأدب الساخر فلسفة لامساخر " .. بل هو نقد وعلاج حين يفضح سوءات نظامنا المدنيّ المتخلّف ... القضيّة في جوهرها تتعلّق بـ ( الإنسان )
فحيثما يكن الإنسان هو الأغلى يكن النظام المدنيّ هو الأرقى ، وكل ما فيه للحفاظ على مواطنه كريماً سليماً .. فانظر إلى قيمة الإنسان عندنا ... وقِسْ !
القلم بيدك أخي الأكرم بطيء خمول ... يُحدّثنا وعيناه نصف مغمضتين ! لذلك ينسى الإيجاز والتكثيف ، فيُطنب ويسترسل على هواه ، تاركاً القصّة
القصيرة تتميّز من الغيظ !!
تحياتي وتقديري

نداء غريب صبري
09-02-2013, 03:06 PM
قصة ساخرة شرحت ظاهرة واقعية موجودة حولنا

شكرا لك اخي

ربيحة الرفاعي
19-06-2015, 03:44 AM
قص ساخر بفلسقة تهكمية نالت من بعض ما نعاني في قالب سردي تاق للتكثيف يمنحة ميزة التشويق والجمالية الأدبية

دمت بخير أيها الكريم

تحاياي

خلود محمد جمعة
22-06-2015, 11:39 AM
أخي الأكرم ، الدكتور أحمد
أسعد الله اوقاتك
" الأدب الساخر فلسفة لامساخر " .. بل هو نقد وعلاج حين يفضح سوءات نظامنا المدنيّ المتخلّف ... القضيّة في جوهرها تتعلّق بـ ( الإنسان )
فحيثما يكن الإنسان هو الأغلى يكن النظام المدنيّ هو الأرقى ، وكل ما فيه للحفاظ على مواطنه كريماً سليماً .. فانظر إلى قيمة الإنسان عندنا ... وقِسْ !
القلم بيدك أخي الأكرم بطيء خمول ... يُحدّثنا وعيناه نصف مغمضتين ! لذلك ينسى الإيجاز والتكثيف ، فيُطنب ويسترسل على هواه ، تاركاً القصّة
القصيرة تتميّز من الغيظ !!
تحياتي وتقديري
:nj::nj::nj: