المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حياةُ الْهَشِيم َ



محمد محمود محمد شعبان
20-01-2013, 03:01 AM
حياةُ الْهَشِيم َ

قصة قصيرة بقلمي

وقف عاجزا بينما يضمد الطبيب جرحَها ، مستلقيةً فوق سرير الطوارئ والدماء تحوطه من كل جانب ، ورائحة الألم تحاصره وتضيق عليه كل متنفس ، ظل يرقبها وهي تتألم وتتأوه وتناديه : يا أبت يا أبت ، كان سيفقد اتزانه لعدة مرات كلما نظر إليها وكلما وقعت عينه في عينيها الصغيرتين البريئتين ، تناديه : يا أبت لا تتركني .. أرجوك لا تدعني أنا خائفة .. كان الجرح غائرًا في كاحلها الناصع البياض كأنه صبحٌ جريح .
بدأ صوته يرتفع : أنا السبب أنا السبب ... ثم انطلق بفكره يناجي نفسه : ليتني استجبت لنداء الإيجابية ولم أنصعْ لوسوسة السلبية والأنانية .. كنت أستطيع أن أحمل قطعة الخشب الحادة تلك ، والتي كانت أمامي مباشرة بينما كنت أقُمُّ الشارع ، وأنظف أمام البيت ، لكنني نظرت إليها ، وقلت : طالما إنها ليست أمام بيتي فليس عليَّ أن أحملها ، ولم َأُبْعدُها عن الطريق ؟ ، ولماذا وعلى جاري نفسه أن يحملها إذا خرج .. إنها أمام بيته هو ؟ ، بل لقد أسرَّت لي نفسي الأمارةُ بالسُّوء : ليته يتعثر هو بها وتصيبه بأذى كي لا يلقى قاذوراته ، ومخلفاته أمام بيته ، فيشوِّه منظر الشارع ، ويؤذي المارِّين ... لم أكن أعلم أنَّ من سيتعثر بقطعة الخشب الحادة هو ابنتي الصغيرة التي لم تكمل ربيعها الرابع بعدُ ، كانت راغبةً في تناول المثلجات على ( الكورنيش ) ، وارتدت رداءها الأبيض الجميل وحذاءها الأحمر ، وانطلقت تقفز الفرحة في عينيها أمامي ، وترقص الأماني بين يديها ، وتظلها شمسٌ ربيعيةٌ لطيفةٌ ساعةَ غروبٍ هادئ .. كنتُ خلفها مباشرة لكنَّ القدر لم يمهلني أن أنبهها من الأذى المتربِّصِ بقدمها الرقيقة الصغيرة ، وفجأةً ، وعلى غير توقع صرعتها تلك القطعة الخشبية الحادة اللعينة على الأرض ، واخترقت كاحلها اللين الرقيق ، وعلا صراخ ابنتي الصغيرة .. لم أتمالك أعصابي .. وضعت كفي على عينيّ .. لم تطاوعاني أن أنظر لحالها الذي أدمى الثرى ببكائها ، وردائِها الذي تلطخ دما ، وجبينها الذي علاه الطين والقذر ، لم أجد من يساعدني سوى جاري العزيز والذي أرسله القدر لي في تلك اللحظة .. عرفت أنه كان مسافرا ليطمئن على والده المريض في إحدى قرى محافظتنا ، وهذا ما منعه لعدة أيام من الظهور ، وتنظيف المكان أمام داره ، وأنا لم أكلف خاطري ـ حتى ـ لأسأل عنه ، وأطمئن عليه ولو بمجرد لفت انتباهه لتلك القطعة الخشبية الحادة .. لقد حمل جاري العزيز ابنتي الصغيرة بين يديه القويتين وكأنها ابنته ، وذرف من أجلها دمعًا غزيرًا بينما يتم تقطيب الجرح لها بالمشفى .. لقد أحسستُ للحظةٍ أنها ابنته هو وليست ابنتي ، واختلجني شعورٌ قويٌ أن المصاب مصابه هو وليس مصابي أنا ...
ولم يدعْهُ الجار وحده للحظة داخل المشفى ، وحتى انتهوا ، بل ظل الجار يحادث الطبيب ويستفسر منه عن حالة البنت ، وما إذا كان سيترك الجرح أثرا أم لا ، حمل الجار البنت ووضعها على كرسي متحرك وأخذ يدفعها حتى باب المشفى ، بينما هو ما زال ينظر لجاره خُفيةً ويحاول حصر خواطره السلبية عن جاره وقَمِّها بأفكار إيجابية ، ليحيي علاقة أضحت هشيما ، وأوشك التجاهل أن يذهب بها أدراج الرياح .
========================

تحيتي

محمد محمود محمد شعبان

حمادة الشاعر
أديب ، وشاعر

مصر ـ الزقازيق ـ محافظة الشرقية

مصطفى حمزة
20-01-2013, 06:57 PM
أخي العزيز الأستاذ محمود
أسعد الله أوقاتك
لأنك تحمل في صدرك قلب طفل ؛ أبى قلمك أن يكتب لغير الأطفال !
حكاية بحدث بسيط ، وسردٍ مباشرٍ أبسط ، تخللته بعض الوصايا التربوية ، والأحاسيس البريئة الصادقة
لو كتبتَ الحوار في النص بالعاميّ الفصيح لكان أحلى وأطعم
تحياتي
ودمتَ بألف خير

محمد محمود محمد شعبان
20-01-2013, 07:12 PM
أخي العزيز الأستاذ محمود
أسعد الله أوقاتك
لأنك تحمل في صدرك قلب طفل ؛ أبى قلمك أن يكتب لغير الأطفال !
حكاية بحدث بسيط ، وسردٍ مباشرٍ أبسط ، تخللته بعض الوصايا التربوية ، والأحاسيس البريئة الصادقة
لو كتبتَ الحوار في النص بالعاميّ الفصيح لكان أحلى وأطعم
تحياتي
ودمتَ بألف خير

لا حرمنا توجيهاتكم الرشيدة سيدي / مصطفى حمزة
وأشكرك جزيل الشكر على تلك الكلمات الطيبة التي شرفتني بها

خالص التحية والتقدير


حمادة الشاعر
أديب ، وشاعر

نداء غريب صبري
09-02-2013, 04:03 PM
قصة تربوية جميلة ومفيدة
امتعتني قراءتها

شكرا لك أخي

ناديه محمد الجابي
09-02-2013, 08:49 PM
قال: قال رسول الله صلى الله علية وسلم: { الإيمان بضع
وستون - أو سبعون - شعبة، أعلاها لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة
من الإيمان } [رواه مسلم والبخاري وغيرهما].

والأذى كل ما يؤذي المار كالحجر والشوكة والعظم والنحاسة والحديد والزجاج وغير ذلك. وإماطته: تنحيه وإزالته.

آة لو أتبعنا سنة رسول الله لكسبنا الدنيا والآخرة .
نص رائع , ممتع ونبيل .. أحييك .

محمد محمود محمد شعبان
11-02-2013, 09:15 PM
قصة تربوية جميلة ومفيدة
امتعتني قراءتها

شكرا لك أخي

الشكر كله لحضورك الراقي أخت نداء
لا حرمناه

تحيتي


حمادة الشاعر

ربيحة الرفاعي
21-04-2013, 12:26 AM
قص تربوي نافع يقوم على التوجيه الواعي من خلال الحدث القصي والمنولوج الداخلي للبطل

أراها أكثر ملاءمة لقسم أدب الطفل فإن وافقت نقلناها إليه

تحاياي

محمد محمود محمد شعبان
21-04-2013, 11:02 AM
قال: قال رسول الله صلى الله علية وسلم: { الإيمان بضع
وستون - أو سبعون - شعبة، أعلاها لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة
من الإيمان } [رواه مسلم والبخاري وغيرهما].

والأذى كل ما يؤذي المار كالحجر والشوكة والعظم والنحاسة والحديد والزجاج وغير ذلك. وإماطته: تنحيه وإزالته.

آة لو أتبعنا سنة رسول الله لكسبنا الدنيا والآخرة .
نص رائع , ممتع ونبيل .. أحييك .


صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم
وبورك حضورك الطيب سيدتي نادية
لا حرمناه


تحيتي

حمادة الشاعر

محمد محمود محمد شعبان
21-04-2013, 11:03 AM
قص تربوي نافع يقوم على التوجيه الواعي من خلال الحدث القصي والمنولوج الداخلي للبطل

أراها أكثر ملاءمة لقسم أدب الطفل فإن وافقت نقلناها إليه

تحاياي

يا فندم القصة بين أياد أمينة فافعلوا ما شئتم مكرمين متفضلين ،ولكم منا جزيل الشكر على حضورك الرقيق الطيب النافع وعلى مجهوداتكم الدائبة في خدمة الأدب والأدباء .
لا حرمنا توجيهاتكم المثمرة .


تحيتي

حمادة الشاعر

محمد ذيب سليمان
21-04-2013, 11:39 AM
شكرا ايها الحبيب على هذا المضمون الناصع
مودتي

براءة الجودي
21-04-2013, 11:48 PM
قصة جميلة وتعليمية أشكرك عليها أديبنا الفاضل
تحياتي لك

آمال المصري
05-05-2013, 11:42 AM
نص تربوي اجتماعي هادف صيغ بأسلوب مباشر سلس وكان الهدف نبيلا
شكرا لك أديبنا على نصك الماتع
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي

محمد محمود محمد شعبان
06-05-2013, 05:35 AM
شكرا ايها الحبيب على هذا المضمون الناصع
مودتي

الشكر لحضور قامتكم الأديبة على متواضعتي
شكرا لكرمكم أديبنا الفاضل


تحيتي

حمادة الشاعر

أحمد عيسى
06-05-2013, 08:43 AM
أراك مبدعاً في القص كما كنت مبدعاً في الشعر أيها الشاعر الجميل

تقبل تقديري وأجمل باقات الورد لروحك الجميلة