المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الكلمة الأخيرة لشهيد



مؤيد عبدالله الشايب
01-02-2013, 07:12 AM
‎( الكلمة الأخيرة لشهيد )

ما غادَرَتْ شَمسُ النّهارِ ولم تَغبْ
إني أَراها في عُيوني مُشْرِقةْ

و الليل لم يسْدلْ ستارةَ خوفهِ
هذي نسوري في السماء مُحلّقة

بالرّغمِ من كُلّ المذابحِ ما انحَنى
رَأسي ولا ألْغَتْ وُجودي المِحرقةْ

عاهدتُ ربي من بدايةِ ثورتي
أن لا أقاتلَ في مقاهي الهرطقة

عانقتُ في زمنِ الهزائم قِبْلتي
و نفضتُ عن جسدي خيوط الشرنقة

لم يلتقوني في فنادق عهرهمْ
أعطي المذلة في خفايا الأروقة

حاربتُ أوكار التقهقرِ ثائراً
و أتوا إلى حفلِ الهزيمة زَحلقة

غربان نحسِ في خرائب غيّها
حشرات ليلٍ في المذلّةِ مُغرِقة

هم أوصدوا أبواب كلّ كرامة
و تكلموا في خسّةٍ مُتشدقة

هم قرّبوا من كان رهن خيانةٍ
هم أبعدوا من كان من أهل الثقة

ما ذات يومٍ قاتلوا بل سلّموا
أعناقنا و عتادنا في بوتقة

ركعوا لأصنامٍ تقادم عهدها
و حروفهمْ عند الركوع مُنمّقة

إنّي أراهمْ في مسارحِ ذلّهمْ
و ظلال شُؤمٍ حوْلهمْ مُتَحلّقة

قالوا بأني لست غير مخرّفٍ
و خرافتي لا لن تكون مصدقة

قالوا بأني لست إلا حالماً
لم يستطعْ فهم المعاني المُطلقة

أوهامهمْ في خنق زحف عواصفي
لم تلتهمْ غير العقول الضيّقة

أحلامهمْ من عالمي منفيةٌ
و لسوف تبقى في العراء مُطلّقة

و سيوفهمْ في ذبح ثورة عزّتي
مأفونة مبتورة و معوّقة

ما لوثتْ روضي رياح خضوعهمْ
أو أرّقتني نبتةٌ مُتَسلّقة

أخطو على طرقِ المواجع ثابتاً
و الأرض تبقى تحتهمْ مُتَشقّقة

أبناء شعبي كم لبستُ خيامهمْ
و رأيتُ وجهي في وجوهٍ مُرهقة

يلقونَ من حيفِ الزمان لواعجاً
أحلامهمْ خلف الجدار مطوّقة

لم يستر الجيران عفّة عريهمْ
صرخاتهم فوق التلال مُمَزّقة

بسماتهمْ في نبضِ كلّ قصيدة
و دموعهمْ في دمعتي مُترقرقة

لكنهمْ بالرغم من آلامهمْ
أشعارهمْ ما غادرتها الزقزقة

أرواحهمْ رغم الخرابِ ثريّة
و عيونهمْ رغم الأسى مُتَألّقة

قابلتهمْ في نزفِ ألف حكاية
و رواية رغم الجروح مُشوّقة

لم أنسَ من عبروا يباب مواجعي
فدمائهمْ في الذكريات مُعتّقة

يأتيكَ من خلفِ الغياب نداؤهم
و عيونهمْ في الأمنياتِ مُحدّقة

صوت الذين تعاهدوا أن يشعلوا
نيران ثأرٍ من عيونٍ مُشْفقة

قسماتهم ما فارقتْ أطيافنا
و حروفهم في مهجتي مُتَخندِقة

لم أعترفْ يوماً بدولةِ قاتلي
فالصلح في عرفِ الكرامةِ زندقة

أسوارها لا لن تهد عزيمتي
قطعانها لا لم تكنْ لي مُقلِقة

بدمي رسمت على الرمال ملاحمي
و كتبتُ من عرقِ الرصاصِ مُعلّقة

ما خفتُ من موتٍ تقدمَ ساخراً
و أَتيتهُ في خطوةٍ مُتأنّقة

ما غيّرَ الجلاّد وجهَ ملامحي
أو بعثرتني عصْبةٌ مُتفرّقة

إن علّقوا رأسي بمشنقة الردى
قَدَمي أنا فوق الرؤوس مُعلّقة

فاضرِبْ سَياجَكَ فوقَ أرضي واحْتَجِزْ
نيسانَ عُمري في السّجُونِ المغْلَقةْ

فَمِنَ الجُنونِ رَسَمْتُ وَجْهَ خَريطَتي
وَمِنَ العروقِ رَوَيتُ أرضي المورِقةْ

وَأنا الذي وَجَعُ الحِرابِ بِداخِلي
وَشُموخُ رَأسي ليس يَخشى المِشنقةْ

فَعلي دَمي دُقّتْ نَواقيسُ الرّدى
وَمِنَ العِظامِ أنا صَنَعْتُ المِطْرَقةْ

بشار عبد الهادي العاني
01-02-2013, 10:07 AM
بوركت أيها الشاعر الثائر الرائع , وسلم النبض والإحساس , ورحم الله شهداء أمتنا , فقد سطروا أجمل الملاحم والبطولات.
معلقة بديعة , وحرف شامخ قوي , وقد استوقفتني بعض الأبيات التي شابها سناد الحذو , لكنه لم يعكر صفو جمالها ورونقها.
تحيتي وتقديري

جلال طه الجميلي
01-02-2013, 11:15 PM
مرحى مرحى ايها الشاعر المدهش

بصوره وبلغته وبثورته العارمة قصيدةٌ قمينةٌ أن يقال

فيها الكثير سأعود لها ان شاء الله فهي تستحق دراسة نقدية متانية
دام القك

محمد ذيب سليمان
02-02-2013, 06:13 AM
شكرا ايها الحبيب على هذا النص المحلق
وهذا المحمول الرائع الذي حملته نصوصك
مودتي

عمر ابو غريبة
02-02-2013, 06:10 PM
أستاذي مؤيد
قافية جميلة ونفس طيب وشاعرية على تخفى على أحد
أعجبني قولك:

عانقتُ في زمنِ الهزائم قِبْلتي
و نفضتُ عن جسدي خيوط الشرنقة

والصورة المدهشة في قولك:

إن علّقوا رأسي بمشنقة الردى
قَدَمي أنا فوق الرؤوس مُعلّقة

محبتي وإعجابي

د. مختار محرم
02-02-2013, 06:16 PM
قصيدة رائعة ثائرة جميلة
وقد عهدناك هكذا دوما .. شاعرٌ تريسم للشعر أنبل الدروب
سأقتبس من قصيدتك البيتين اللذين اقتبسهما شاعرنا عمر أبو غريبة

عانقتُ في زمنِ الهزائم قِبْلتي
و نفضتُ عن جسدي خيوط الشرنقة
...
إن علّقوا رأسي بمشنقة الردى
قَدَمي أنا فوق الرؤوس مُعلّقة

دمت مؤيدا شاعرنا الحبيب

آبو عمرو سليمان
02-02-2013, 06:29 PM
لا فض فوك أ/مؤيد عبد الله الشايب

رائد مصطفى احمد
02-02-2013, 07:35 PM
قصيدة جميلة جدا وبها من الصور ما بها اعجبنى وشرفنى القراءة فيها دام التألق سيدى الفاضل

ربيحة الرفاعي
19-02-2013, 08:29 PM
قصيدة بديعة الحرف والمعاني، في صورها بهاء وفي حسها إباء
تغنيت فيها بسمو الثورة وبعظمة الشهداء وعرّيت المتخاذلين والأدعياء

بديع ما قرأت هنا نصا وحسا
لا فض فوك

تحاياي