تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : عناقيدُ دمعٍ



أسماء منصور
06-02-2013, 06:25 AM
من بعيدٍ رآها.. لم يُصدِّق عينيه.. إنها هي، تخلصت من المرض وتماثلت لشفاءٍ -ربما يكون سريعًا- بعد عام ونصف العام من المرض المَقيت.. اقتربَ منها.. حدَّق بعينيها بعد وقتٍ طويل من الغياب، لم يرَ تلك العينين الهزيلتين أبدًا بهذا الانكسار من قبلُ.. رمقته وجلست فى هدوءٍ اعتادته مرغمةً من طول مدَّة الرقاد بسريرٍ عاجيٍّ بمصحة الصدر، واقتطفت من بساتين الذكريات بعضَ الزهور التي كانت بزمانه يانعةً، كانت هناك زهرة اقتطفتها من زكريات محمومة وقتَ فِراقه لها.. وجلس ثلاثتهم هي وهو وبينهما نفسُها التي لا تعرف منه معنًى للخزلان.. قالت لنفسها: ربما لا يدري عمقَ الجراح التي خلَّفَها بجدار عمري.. ربما يدرك هذا فقط مَن رأى النزفَ وحاول تضميد الجراح.. كأن وجودي رمال تقتات الجروح.. ما رأيتك إلا مُشتَّتا بعالم مصدره الجنون.. لا تكن بقلبي عابثًا، كفى عبثًا أيها الخالد بفعلك، فربما أكفكفُ أدمعك الخرقاء بساحةٍ من الألم والجراح، دموعك بمجراها على وجنتيَّ لم تجف بعدُ.. أعلم مدَى النفس الأبيَّة فيك، مثل يقيني باستحالة عودة اللقاء.. وحدَها الأحلام مجازية الصنع تخلق لنا عوالمَ وردية بألوانها بوادٍ مُزهرٍ.. لا أعلم هل كانت الأحلام بيقظتنا أمْ أن الآمال أصبحت سلعةً كاسدةً بزمانٍ كل شيء فيه ينجلي لا يتردد بالذهاب ولا يتردد بتشتيت أعمارنا أو ما بقي منها.. علمت منذ البدء ولم أرتجل بخطواتي العمياء، ظللت بعالمٍ من صنع خيالاتي البكماء بوادٍ غير ذي زرع.. جفت الأنهار إذًا ولم تُنبت الأرض غيرَ الأشواك وما زلت أهذي.. بحلقي غُصَّة تشبه غُصَّة اقتلاع الروح، لا أسألك الرحيل ولن أسألك البقاء، هي فقط خياراتٌ مؤجَّلة.. الآن أغلق جفنيَّ لعلي أرى بوضوح، فما كان الضياء إلا أكثر خديعةً للعيون المغلقة كفراشات تجذبها ألوان نيرانٍ مهلكةٍ ترنو إليها بكل شغف لتلهو ببراءةِ صغيرٍ، وما تدري أنها على حافة هاوية الاحتراق، وبالبداية النهاية دائمًا.. تلك عناقيدُ دمعٍ تدلَّت من أعين صنعها الزجاج، لا ترى بينما لها بريقٌ خاطف..كغربتي عنك وعن نفسي، ربما أسكنتُك ضلوعي وأسكنتني حيث لا قلبَ ينبض.. هناك على مقرُبة منا أناسٌ يجمعهم التشابه دائمًا، تلك نقطة الضوء من مسقطها غير عابئةٍ بالعبث بتفاصيل ملامح متشابهة لا يمكِّنها الضوء المحتضر من الاتضاح لترى.. لأرى.. لنرى معًا وجوهًا تتبدَّد.. تتساقط.. تحتضر.. تموت.. فما بين البين والبين كنت بينًا، لا أدري ربما لا يشعر الآخر.. هكذا تسير وأنا أسير كلٌّ بعالمه مؤكد لن تجمعنا السُّبُل المتقابلة.. ثم نهضَتْ واستكملت المَسير

محمد النعمة بيروك
06-02-2013, 08:15 AM
نص موغل في الشجن، مونولوجي في غالبه، استرجاعي في إثارة ماض لا تريد البطلة أن يعود.. وبين السطور حب يرفض أن يتجلى بوضوح، بعد أن شابه ألم ما..
زاوية النص متعددة، فهو يبدأ به، ثم يغوص في مشاعرها، ثم ينتهي بها في جملة واحدة "ثم نهضَتْ واستكملت المَسير".. لكن تعدد الزوايا لم يخدم النص برأيي، وكان مناسبا لو كان نصا مونولوجيا قحا..

وجهة نظر لا تنقص نصا جميلا يشد القارئ بعبارات حالمة حدّ الوجع..

تحياتي.

عبد السلام هلالي
06-02-2013, 09:20 AM
قرأت هذا النص الجميل المفعم بأحاسيس متضاربة هائمة بين حب الأمس و جرح أعقبه لم تشفى جراحه بعد ، بين إقدام و إحجام ، بين قلب راغب و عقل متمنع. لتقرر الشخصية في الأخير الانصات لصوت العقل فيها.
خرجت بتساؤل ربما يجيبني عليه الأساتذة الكرام في قراءات لا حقة : هل أنا أمام قصة غلب عليها نفس الخاطرة و امتدت فيها الوقفة المونولوجية أكثر من اللازم ، أم خاطرة بمدخل سردي قصير ؟
تقبلي مروري و تحيتي أختي أسماء

الخذلان

آمال المصري
06-02-2013, 11:03 PM
هي لحظة فاصلة لتغلب حكمة العقل على حكم القلب لتقف عند مفترق القرار عازمة الصمود رغم الوهن والانكسار وربما الاحتياج النفسي والمعنوي
هناك من لايستحق بفعلته وتخليه في وقت هي أشد ماتكون الحاجة إلى يد حانية تمسح عن روحها قهر الألم ليعود بعد أن برئت مبررا حيث لاتطيب كل المبررات خاطر كسير
بوركت اليراع التي نسجت الجمال
ومرحبا بك أديبتنا في واحتك
تحاياي

كاملة بدارنه
07-02-2013, 12:02 AM
قرأت هذا النص الجميل المفعم بأحاسيس متضاربة هائمة بين حب الأمس و جرح أعقبه لم تشفى جراحه بعد ، بين إقدام و إحجام ، بين قلب راغب و عقل متمنع. لتقرر الشخصية في الأخير الانصات لصوت العقل فيها.
خرجت بتساؤل ربما يجيبني عليه الأساتذة الكرام في قراءات لا حقة : هل أنا أمام قصة غلب عليها نفس الخاطرة و امتدت فيها الوقفة المونولوجية أكثر من اللازم ، أم خاطرة بمدخل سردي قصير ؟
تقبلي مروري و تحيتي أختي أسماء

الخذلان
نصّ جميل ولغة أجدت فيها التّعبير عن المشاعر وتضاربها
أميل لتصنيف النّصّ بالخاطرة وإن حوت الكلمات سردا لبعض أحداث
بوركت
تقديري وتحيّتي

محمد ذيب سليمان
07-02-2013, 06:23 PM
نص جميل حمل بين حروفه ما يخامر المرء اذا احس بالخذلان
فلا هو يستطيع انكار ماض جميل ولا هو قادر على متابعته
شكرا لك

مصطفى حمزة
09-02-2013, 03:14 AM
أختي الفاضلة الأديبة أسماء
أسعد الله أوقاتك
كنتُ في حضرة قلمٍ قدير ، مدهش في بلاغته ، رشيق في متح الألفاظ التي يُريد
وكنتُ أمام عاطفةِ الحزن الجميل ، والأسف اللذيذ لقلبٍ خافقٍ بالحب الكاره والكرامة الدامعة أمام الحبيب القاتل .. العائد !
لا أدري لم تذكرتُ رواية ( إني راحلة ) ليوسف السباعي ...قيها النَفَسُ نفسُهُ ..
رأيتُ أنّ المقدّمة السرديّة كانت كجسمٍ غريب على النصّ ، على حديث النفس ( المنولوج ) الرائع الذي تكفل وحده - فيما أرى - بالوصف والكشف ونقل الحدث حتى الومضة ( السردية ) المؤثرة الخاطفة
ولعله كانت تكفي في البداية عبارة سرديّة قصيرة مكثفة تُنبي بلقائهما لينتقل القلم إلى المنولوج ...
- زكريات / للخزلان = ذكريات / للخذلان
تحياتي وتقديري

أسماء منصور
25-02-2013, 05:54 PM
[QUOTE=محمد النعمة بيروك;790779]نص موغل في الشجن، مونولوجي في غالبه، استرجاعي في إثارة ماض لا تريد البطلة أن يعود.. وبين السطور حب يرفض أن يتجلى بوضوح، بعد أن شابه ألم ما..
زاوية النص متعددة، فهو يبدأ به، ثم يغوص في مشاعرها، ثم ينتهي بها في جملة واحدة "ثم نهضَتْ واستكملت المَسير".. لكن تعدد الزوايا لم يخدم النص برأيي، وكان مناسبا لو كان نصا مونولوجيا قحا..

وجهة نظر لا تنقص نصا جميلا يشد القارئ بعبارات حالمة حدّ الوجع..

تحياتي.[/QUOTE


اشكر مرورك الكريم عزيزى
تحياى كما يليق ايها الراقى

ربيحة الرفاعي
02-04-2013, 01:56 PM
نص مؤثث بصور الحزن ومعاني الخذلان، تقدمته سردية طويلة أرهقته وشتت تصنيفه، قبل الوصول بالمتلقي لحوارها الداخلي البديع
تمتلكين موهبة قصية جميلة ولغة طيبة في اجتماعهما مع بعض تعهد لحرفك ما يبشر بقادم رائع

في انتظار جديدك

دمت بألق

تحاياي

براءة الجودي
02-04-2013, 09:59 PM
غالبا ماتكون ذكرياتنا الماضية سواء الحزينة أو المفرحة شفافة تدمع لها العين ونشعر بالوجع لفقدان الكثير منها وعدم رؤيته في الحاضر
فنأمل ان يكون في المستقبل بعضا منه
شعرتُ بحزن كبير في هذه القصة الرائعة , واحب أن اقول أنك أجدت في العنوان ( عناقيد الدمع ) عنوان رقيق وشاعري وفيه لمسة فنية وإحساس عالٍ بدنيا الجمال
تقديري

لانا عبد الستار
26-04-2013, 11:50 PM
خاطرة بلغة قوية وبلاغة أعجبتني ومشاعر تصارع فيها العقل والقلب في مونولوج ممتع
أحسنت اسماء
أشكرك

نور محمّد زياد
27-04-2013, 12:25 AM
جميل ماكتبتِه أخت أسماء وتحفّه هالة إبداع ملحوظة,
مزيداً من الإبداع أرجوه لكِ يارقيقة.
تحيّتي

نداء غريب صبري
17-05-2013, 12:22 AM
قرأت النص وشعرت بما فيه من الخيبة والحسرة
لكني لم أشعر أني أمام قصة أختي

أارها خاطرة جميلة

شكرا لك

بوركت