المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ذكريات



حارس كامل
14-02-2013, 08:10 PM
ذكريات
أخذته في حضني ، وسألته في لهفة :
- أين كنت يا صديقي ؟! لم أرك منذ سنة !!
فنظر إلي نظرة ذابلة ، وقال بصوت متهدج :
- هناك حيث الهدوء والسكينة ، والحياة الدافئة ...
وصمت طويلا ولم يكمل ...
كنا سويا ...صديقين ، تجمعنا الأيام والساعات والدقائق ..تجمعنا النكات والضحكات ..تجمعنا الأحزان والأفراح ..نتفق ونختلف ، ولا نفترق إلا للحظات النوم .
من يعرفه جيدا يعرف بأنه شخص ثائر رغم هدوئه ، لا يعجبه الحال المايل ، ويغضب لكل شئ غلط ، ودائما ما تعلو صرخاته :
- البلد دي لازم حالها ينعدل ...لا بد من ثورة علي الفساد والظلم ...
كنت أحاول أن أهدئ من ثورته وغضبته ، فأهمس فيه مازحا :
- أهدا يا عم الثاير ، وخلينا ف حالنا ..
فيزداد حنقه وغضبه :
- إحنا مش جبنا ...والعمر واحد ، والروح مبياخدهاش إلا اللي خالقها .
ويكمل :
- أنت عاجبك اللي إحنا فيه ..عاجبك الفقر والجوع ...التخلف والخنوع.
أنظر إليه مليا ، وأقول له :
- في حاجات كتير كويسة ..مستشفيات ..كهربا ...مايه ...أنت عايز إيه اكتر من كده ...وكفايه بناكل ونشرب ..
فيقفز صارخا :
- أنت مصدق اللي أنت بتقوله ..هو في حاجة واحدة كويسة ...وأكل وشرب إيه اللي أنت بتتكلم عليه ..
لا أنطق ، وأتأمل حديثه ، وأؤمن بكل كلمة قالها ..فكل شئ حولنا مظلم ، ولا توجد بادرة من نور ...وكان الظلام يزداد حولنا كثيرا كثيرا ، حتى تحول إلي سخام أسود كثيف أطبق علي صدرينا ...علي صدور الجميع ...
*****
وجدته ذات يوم متألقا علي غير عادته ...حيوية ونشاطا ...وجها منيرا ، وابتسامة عريضة تعلوه ، وقال بتفاؤل شديد :
- أنا شامم ريحة الحرية ...أنا حاسس أني بتولد من جديد !!!
نظرت إليه في اندهاش :
- حرية اية ، وولادة اية !!!
لم يهتم لكلامي ، وأكمل قائلا :
- أنا مسافر مصر النهاردة ..أنا رايح أشارك أخواني وأخواتي في قهر الظلم .
لم أكن أتخيل يوما أن تتحول أحاديثه الثورية ، ومشاركته الغاضبة علي "الفيس بوك " ، وانتقاداته الدائمة للفساد إلي مشاركة ..مشاركة في قلب الميدان.
حاولت إثنائه ، لكنه أبي ورفض ..بل أقنعني بالمشاركة ..
*****
وجدنا نفسانا في قلب الميدان بين مئات الآلاف ..تدفعنا الأقدام إلي الأمام ، وتدفعنا طلقات الرصاص والدخان إلي الخلف ..نتقدم خطوة ، ونتراجع خطوات ..حركة بطيئة ، وأصوات تعلو ، وآهات ترتفع ..أنين وألم وأجساد تتساقط ..دماء تذرف ..وحناجر تهتف : "يحيا الشهداء " ..وتعلو الأصوات ، ونزداد قوة وحماسة ؛ فتعيد لنا النشاط بعد الفتور ..تلهمنا الأمل المستحيل ، وتفتتح أمام أعيننا طاقات النور ...لا نأبه لطلقات الرصاص ورائحة الغاز التي تمزق صدورنا ..كان كل شئ كلحظة سكون يحيط بها الصفاء والنقاء ، تراقبها شمس ساطعة ترسل أشعتها الذهبية تبدد بها الظلام ...
ننظر حولنا فيبدو الكل في واحد ..كتلة واحدة ..يحملون شعارا واحدا: "أيد واحدة "، وترتفع أصوات المآذن فتختلط بأجراس الكنائس ..ويقترب الحلم رويدا رويدا ، وتفوح عطور الأمل ، ويصير المستحيل حقيقة .
ونظرت إلي صديقي ، وقد بدا وجهه أبيض منيرا ، وقال فرحا:
- ألم أقل لك أن الحرية قادمة !!
دنوت منه وقد بات كل شئ واضح أمامنا ..حرية نحلم بها ، ونصر كبير وظلم يتبدد ، وأحلام جديدة تولد .
أحدقت صديقي بنظرة حب وشكر ، وقلت مهللا :
- أنا حاسس إني أتولدت من جديد !!
فالتفت إلي وقد ازداد وجهه لمعانا ، وندت عنه آهة وأمال جسده نحوي ، وخيطا أحمر يسيل من صدره ، وقال بصوت هامس أجوف :
- ثمن الحرية غالي يا صديقي ..
فأخذته في حضني لأحضن فرحته ، فلم أجد منه غير سراب ...أو بقايا من ذكريات ..



(كتبت في الذكري الأولي لثورة 25 يناير 2011)

ناديه محمد الجابي
14-02-2013, 09:28 PM
قصتك فيها تسجيل لأحداث ثورة 25 يناير بكل أحداثها
كيف كانت القلوب كالمراجل تغلى مما يحدث حولها من
أحوال الفساد والسلبيات , والشعور العام بالأحباط الفردى
والجماعى وما ترتب عليه بشعور باللامبالاة وعدم الأنتماء
وكانت الثورة كالزلزال الذى هز مشاعر المجتمع , وكان
عنصر المفاجأة فى قيادة الشباب للثورة وهو الذى لم يكن له أى
سابقة فى الحياة السياسية فكان هو عنصر نجاح الثورة
لتحقيق الحرية .. وللحرية ثمن غال .. وكل غال يرخص
فى سبيلك ياوطن .. حتى لو كانت أرواح أبنائك .

نص تسجيلى متدفق ـ بالسرد والوصف والحوار
والقص أوصلت فكرتك .. بارك الله فى قلمك وفى فكرك.

كاملة بدارنه
15-02-2013, 05:22 AM
السّلام عليكم ...
قصّة تحدّثت عن الثّورة والحنين للحريّة، لكن أكثرت من استعمال اللّغة العاميّة، واحتاجت منك مراجعة لغويّة
بوركت
تقديري وتحيّتي

حارس كامل
15-02-2013, 05:24 AM
قصتك فيها تسجيل لأحداث ثورة 25 يناير بكل أحداثها
كيف كانت القلوب كالمراجل تغلى مما يحدث حولها من
أحوال الفساد والسلبيات , والشعور العام بالأحباط الفردى
والجماعى وما ترتب عليه بشعور باللامبالاة وعدم الأنتماء
وكانت الثورة كالزلزال الذى هز مشاعر المجتمع , وكان
عنصر المفاجأة فى قيادة الشباب للثورة وهو الذى لم يكن له أى
سابقة فى الحياة السياسية فكان هو عنصر نجاح الثورة
لتحقيق الحرية .. وللحرية ثمن غال .. وكل غال يرخص
فى سبيلك ياوطن .. حتى لو كانت أرواح أبنائك .

نص تسجيلى متدفق ـ بالسرد والوصف والحوار
والقص أوصلت فكرتك .. بارك الله فى قلمك وفى فكرك.
تحياتي وتقديري اختي نادية محمد

حارس كامل
15-02-2013, 11:57 PM
السّلام عليكم ...
قصّة تحدّثت عن الثّورة والحنين للحريّة، لكن أكثرت من استعمال اللّغة العاميّة، واحتاجت منك مراجعة لغويّة
بوركت
تقديري وتحيّتي

تحياتي اختي كاملة
كتب النص كما احسست به بلغته العاميه والحوار كما هو الحوار الذي كان بيننا في تلك الايام ، واردت ان اكتبه بنفس احساسي دون تغيير تحية مني لذلك الشهيد ولغيره من الشهداء.
تحية مني لك ، وارجو ان تعود واحة القصة صاخبة بالأراء النقدية ليظل كما هو منارة للاقلام العربية.

آمال المصري
17-02-2013, 01:30 PM
صورة حية ونقل لمشهد حقيقي من قلب الحدث
بوركت واليراع أديبنا الفاضل
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي

عبد السلام دغمش
17-02-2013, 01:56 PM
أخي حارس كامل
نص فيه تسجيل لمشاهد من ثورة يناير..عشناها كما عاشها الكثيرون ساعة بساعة
المشهد الأول الذي نقلته كان مشهد حلم للشهيد و هو في الجنة بهدوئها و سكينتها

استوقفني المقطع الأخير
"فأخذته في حضني لأحضن فرحته ، فلم أجد منه غير سراب ...أو بقايا من ذكريات ".ربما الضمير "منه"كان الأبلغ :فلم اجدها
اما السراب فيرسمه من يستعجل قطف الثمرة..أو من يعطل المسيرة..
وافر تحياتي

حاولت اثناءه، الألف المقصورة بدل الياء في "الى"

حارس كامل
18-02-2013, 01:09 AM
صورة حية ونقل لمشهد حقيقي من قلب الحدث
بوركت واليراع أديبنا الفاضل
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي

تحياتي اختنا الفاضلة أمال ، وبوركت اينما حلت كلماتك

حارس كامل
18-02-2013, 10:58 PM
أخي حارس كامل
نص فيه تسجيل لمشاهد من ثورة يناير..عشناها كما عاشها الكثيرون ساعة بساعة
المشهد الأول الذي نقلته كان مشهد حلم للشهيد و هو في الجنة بهدوئها و سكينتها

استوقفني المقطع الأخير
"فأخذته في حضني لأحضن فرحته ، فلم أجد منه غير سراب ...أو بقايا من ذكريات ".ربما الضمير "منه"كان الأبلغ :فلم اجدها
اما السراب فيرسمه من يستعجل قطف الثمرة..أو من يعطل المسيرة..
وافر تحياتي

حاولت اثناءه، الألف المقصورة بدل الياء في "الى"

تحياتي وتقديري اخي عبدالسلام
اختلف معك في جزئية السراب ، فالسراب ان يتوهم الانسان انه ير ماء في الصحراء وخاصة حينما يكون عطشان ،وهنا هي دلالة لهفة الصديق الي رؤية صديقة ؛فيتوهم برؤيته في كل لحظة مع انه أصبح ماض.
شكرا لك وانتظر دوما نقدا متبادلا

ربيحة الرفاعي
02-05-2013, 09:18 PM
وليدة أدبية أخرى لثورة مصر العظيمة
نسأل الله أن يقيها كيد الكائدين وينتصر لدماء شهدائها

دمت بخير اديبنا

تحاياي

خلود محمد جمعة
11-12-2014, 11:23 AM
ومازال القصف عذرا القص مستمرا
مؤثرة وجميلة باسلوب سردي ماتع
عازها بعض عناية
بوركت وكل التقدير