مشاهدة النسخة كاملة : اللحظات الميتة
محمد محضار
15-02-2013, 07:22 AM
الألوان تتماوج أمام عيني في حركات تلاحقية, الأحمر البنفسجي, الكاكي, القمحي وألوان اخرى, لساني يتجول على ضفتي شفتي دون توقف, درجة حرارتي ترتفع, أصوات غريبة تنطلق في أعماقي , أحس بمغص في بطني , وألم في رأسي, نظراتي زائغة تلاحق أجسام الحسناوات المارات أمام المقهى, إرتباكي أفرغه في مداعبة منفضة السجائر بأناملي . حنين وشوق كبيران إلى أشياء قديمة يرسمان معالمهما على سحنتي.
مريرة هي اللحظات , وثقيلة تمر, وأنا أزدرد كومة حزن واِكتئاب.
شحاذة عجوز , تقوس ظهرها وضمر جسمها -سمعت أحد رواد المقهى يهمس لصديقه في شأنها "لقد كانت شيخة كبيرة 1..أنظر ماذا حل بها" - تمد لي يدها المغضنة ولسانها يسترحم , أشمئز من منظرها لكنني أنقذها بضع سنتيمات.
صمت أيام رهيبةقد ثوت ينزل بكل ثقله على رأسي..تعلق نظراتي الزائغة بحدائي المحمل بغبار البادية التي أدرس بها ..قبل لحظة من الآن غازلت فتاة , فقالت لي بصوت ساخر " سير ديها غير في صباطك 2الموسخ"ثم ركبت سيارة كانت تلاحقها من الخلف , يظهر ماسح أحذية صغير السن على حين غرة, أسلمه حذائي كيْ يلمعه, يشتغل الصبي بكل عناية وجدٍّ ..بعد برهة أنظر الى حذائي بكل إعجاب. أترك مكاني بالمقهى , أشق طريقي بين شوارع المدينة , بخطو تأئه لا يرسو على إتجاه. المدينة تعيش مهرجان الغروب, الشمس ثملة تعب كؤوس الشفق , معانقة الأفق باستسلام ..وخيوط الظلام تتسرب بتتابع إلى السماء..
ساهيا أمشي , تصطدم قدماي المتخذلتان بصندوق قمامة , تنط منه قطة سوداء , تسرع هاربة ومواءها يكسر السكون , رعشة إشمئزاز تعتري جسدي النحيف, القطط السوداء فأل شؤم..هذاما رددته أمي على مسامعي باستمرار إبان طفولتي , أقرأ البسملة وأتابع سيري..
البرد يلفع وجهي, يلسعني في أرنبة انفي..خطاي تصبح حثيثة..أصل البيت الذي أتقاسمه مع صديقي عزوز , المشتغل بإحدى ثانويات المدينة ..أدلف الى الداخل ..مصباح غرفة عزوز مضاء ..ألجها ..عزوز صحبة صديقته "أرحيمو "التي تُدرّس صحبته . كانا يحتسيان كؤوس الراح..ألقي إليهما بالتحية , ثم أنثني خارجا , صوت ارحيمويطرق أذني :
- ألا تشرب معنا كأسا ..ولو لمرة واحدة؟؟
- تعلمين انني لا أشرب أو أدخن ..
يعلق عزوز ساخرا:
- بوركت ايها المتصوف المخذول..
أبتسم دون أن أرد , ثم أخرج..تحتويني غرفتي ..أستلقي على السرير تضطرب الخواطر في صدري ..تقبل الكلمات والعبارات على زورق الماضي و تتزاحم عند بوابة ذهني , تنتابني الرغبة المعتادة في الاحتراق على الورق, أهرع إلى مكتبي ..أصب حبر قلمي على القرطاس , أكتشف أنني أتحول إلى ألفاظ ناطقة تشع بالكآبة , كم أمقت الكآبة لكنها تفرض نفسها ضيفة ثقيلة على كل ماأكتب............
محمد محضار وادي زم 21/10/1985 </B></I>
مصطفى حمزة
15-02-2013, 08:37 PM
أخي الأكرم ، الأستاذ محمد
أسعد الله أوقاتك
للأدب المغاربي - في مذاقي على الأقل - طعمان مختلفان ، بل على طرفي نقيض : طعمٌ إسلاميٌ بثوبٍ ناصع البياض ، يُلقي عليكَ السلام والابتسام ويتركك في متعة الأمن والأمان والجمال
وطعمٌ غربيّ السمات ، واللفتات ، والكلمات .. يمر بك برأسٍ غريب ، وثوبٍ غريب .. ولولا معرفتنا بصاحبه ، لقلنا إنه أدبٌ مُترجم لأحد كتاب الغرب !
التسكع على مقاهي الرصيف ، والاشمئزاز من السائل ، والتدخين ، ومغازلة الحسناوات العابرات وتلقّي السباب منهنّ بعبارات سوقيّة .. والرضا بذلك !.. ومشاركة ( البوي فرند والغيرل فرند ) السكّيرين العاهرين في سكنهما .. والاستهزاء بـمن لا يشرب الخمر ( بوركت ايها المتصوف المخذول ) كلّ ذلك يجعل القارئ العربي المسلمَ فيه ( غريب الوجه واليد واللسان ) !!
لم أر في النص - وصاحبه عزيزٌ مُكرم - قيمة تسمو بالقارئ النبيل
- أنقذها بضع سنتيمات = أنقدها
- ومواءها يكسر السكون = مواؤها
تحياتي
عبدالإله الزّاكي
16-02-2013, 02:35 AM
نظراتي زائغة تلاحق أجسام الحسناوات المارات أمام المقهى, إرتباكي أفرغه في مداعبة منفضة السجائر بأناملي . حنين وشوق كبيران إلى أشياء قديمة يرسمان معالمهما على سحنتي.
مريرة هي اللحظات , وثقيلة تمر, وأنا أزدرد كومة حزن واِكتئاب.
شحاذة عجوز , تقوس ظهرها وضمر جسمها -سمعت أحد رواد المقهى يهمس لصديقه في شأنها "لقد كانت شيخة كبيرة 1..أنظر ماذا حل بها" -
صمت أيام رهيبةقد ثوت ينزل بكل ثقله على رأسي..تعلق نظراتي الزائغة بحدائي المحمل بغبار البادية التي أدرس بها ..قبل لحظة من الآن غازلت فتاة , فقالت لي بصوت ساخر " سير ديها غير في صباطك 2الموسخ"ثم ركبت سيارة كانت تلاحقها من الخلف ,
..أصل البيت الذي أتقاسمه مع صديقي عزوز , المشتغل بإحدى ثانويات المدينة ..أدلف الى الداخل ..مصباح غرفة عزوز مضاء ..ألجها ..عزوز صحبة صديقته "أرحيمو "التي تُدرّس صحبته . كانا يحتسيان كؤوس الراح..ألقي إليهما بالتحية , ثم أنثني خارجا , صوت ارحيمويطرق أذني :
- ألا تشرب معنا كأسا ..ولو لمرة واحدة؟؟
- تعلمين انني لا أشرب أو أدخن ..
يعلق عزوز ساخرا:
- بوركت ايها المتصوف المخذول..
محمد محضار وادي زم 21/10/1985 </B></I>
قصة من الأدب الواقعي، فالأخ الكريم محمد محضار ينطلق من الواقع الإجتماعي لبناء موضوعه و حوادثه و شخصياته و يصرف النظر عن المثاليات و الخياليات.
فالكاتب الواقعي ينزل إلى الواقع، و ما يعنيه هي الأمور الواقعة التي يعيشها الإنسان ويعانيها وليس الإنسان المثاليّ المجرد الذي يدور في محور الرومانسية و الهارب من المجتمع .
تحاياي و تقديري.
محمد محضار
17-02-2013, 08:41 AM
أخي الأكرم ، الأستاذ محمد
أسعد الله أوقاتك
للأدب المغاربي - في مذاقي على الأقل - طعمان مختلفان ، بل على طرفي نقيض : طعمٌ إسلاميٌ بثوبٍ ناصع البياض ، يُلقي عليكَ السلام والابتسام ويتركك في متعة الأمن والأمان والجمال
وطعمٌ غربيّ السمات ، واللفتات ، والكلمات .. يمر بك برأسٍ غريب ، وثوبٍ غريب .. ولولا معرفتنا بصاحبه ، لقلنا إنه أدبٌ مُترجم لأحد كتاب الغرب !
التسكع على مقاهي الرصيف ، والاشمئزاز من السائل ، والتدخين ، ومغازلة الحسناوات العابرات وتلقّي السباب منهنّ بعبارات سوقيّة .. والرضا بذلك !.. ومشاركة ( البوي فرند والغيرل فرند ) السكّيرين العاهرين في سكنهما .. والاستهزاء بـمن لا يشرب الخمر ( بوركت ايها المتصوف المخذول ) كلّ ذلك يجعل القارئ العربي المسلمَ فيه ( غريب الوجه واليد واللسان ) !!
لم أر في النص - وصاحبه عزيزٌ مُكرم - قيمة تسمو بالقارئ النبيل
- أنقذها بضع سنتيمات = أنقدها
- ومواءها يكسر السكون = مواؤها
تحياتي
مرحبا أخي حمزة شكرا لك على المرور والتعليق، النص كتب خلال سنوات الثمانيات ، ويرتبط بمرحلة تاريخية معينة من حياتي ، حضور الذات الساردة بشكل قوي ، ونقل الواقع بشكل حرفي ، له قيمته ، فنحن نمارس هنا سياسة تشريح وكشف عن ظواهر كائنة وموجودة ولا يمكن التستر عليها ، كلنا نطمح إلى الاحسن ونتمنى من أعماق القلب أن تجد القيم طريقها غلى مجتمعاتنا ، لكن هذا لا يمنع من تعرية الواقع ، ومحاولة السمو بأفراد هذه المجتمعات لتجاوز الاحباطا ت والانكسارات المسيطرة ، بقيت الإشارة أن الأدب المغاربي ليس وحده من يقارب الواقع الحرفي كما ، ويكشف عن ظواهر الانحراقذف السائدة في المجتمع ، أدعوك لقراءة روايات صنع الله إبراهيم ، ويوسف إدريس ، ونجيب محفوظ خاصة روايته ثرثرة فوق النيل ، وحنا مينا وروايته الولاعة ، وغيرهم
محمد محضار
17-02-2013, 08:44 AM
قصة من الأدب الواقعي، فالأخ الكريم محمد محضار ينطلق من الواقع الإجتماعي لبناء موضوعه و حوادثه و شخصياته و يصرف النظر عن المثاليات و الخياليات.
فالكاتب الواقعي ينزل إلى الواقع، و ما يعنيه هي الأمور الواقعة التي يعيشها الإنسان ويعانيها وليس الإنسان المثاليّ المجرد الذي يدور في محور الرومانسية و الهارب من المجتمع .
تحاياي و تقديري.
والله أخي سهيل : تعليقك أنصف النص ، فشخوصة واحداثه ترتبط بالواقع كما هو كائن ، لا كما نتمنى أن يكون ، وهذا هو المطلوب ، لان تشريح الظاهرة والكشف عنها ، يكون هو الوسيلة لمعالجتها ،شكرا لك أخي السامق
آمال المصري
04-03-2013, 09:48 AM
هنا راق لي الأسلوب والسرد وتمكن أديبنا الفاضل من أدواته
بوركت واليراع
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي
عبد السلام هلالي
04-03-2013, 10:21 AM
النص بأسلوبه السردي البسيط ، السلس . ينطلق من الواقع المعيش للسارد ليفتح نافذة صغيرة تظهر الوجه الآخر للمجتمع العربي المسلم و ليس فقط المجتمع المغربي.
و يبقى الخلاف قائما حول هذا النوع من الكتابة بين مؤيد يراه يعكس الواقع ، يشرحه و يؤرخ له . و يواجه المجتمع بعيوبه و تناقضاته . و من يراه تصويرا جافا خاليا من القيم ومن الرسالة الهادفة.
و هذا يجعلنا نعيد النظر في المكانة الأدبية المميزة التي أفردت لبعض أشهر الكتاب من محترفي هذا النوع من الكتابة . ك نجيب محفوظ و نجيب الكلاني و محمد شكري من المغرب .
سرتني كثيرا رؤية اسم مدينتي الأم " وادي زم" مدينة الشهداء.
تحيتي لك أخي محضار .
لانا عبد الستار
05-04-2013, 11:27 PM
النص مشوق لكنه غربي الروح أشعرني بالغربة
أشكرك
نداء غريب صبري
04-07-2013, 08:35 PM
للأدب المغاربي - في مذاقي على الأقل - طعمان مختلفان ، بل على طرفي نقيض : طعمٌ إسلاميٌ بثوبٍ ناصع البياض ، يُلقي عليكَ السلام والابتسام ويتركك في متعة الأمن والأمان والجمال
وطعمٌ غربيّ السمات ، واللفتات ، والكلمات .. يمر بك برأسٍ غريب ، وثوبٍ غريب .. ولولا معرفتنا بصاحبه ، لقلنا إنه أدبٌ مُترجم لأحد كتاب الغرب !
التسكع على مقاهي الرصيف ، والاشمئزاز من السائل ، والتدخين ، ومغازلة الحسناوات العابرات وتلقّي السباب منهنّ بعبارات سوقيّة .. والرضا بذلك !.. ومشاركة ( البوي فرند والغيرل فرند ) السكّيرين العاهرين في سكنهما .. والاستهزاء بـمن لا يشرب الخمر ( بوركت ايها المتصوف المخذول ) كلّ ذلك يجعل القارئ العربي المسلمَ فيه ( غريب الوجه واليد واللسان ) !!
وفي مذاقي أيضا أستاذنا
شكرا لكما
ربيحة الرفاعي
10-11-2013, 02:46 PM
نص قصّي طيب السرد متقن الصنعة، جميل الحبكة، قريب للمتلقي بلغته وأدائه
أما الغربة في المضمون فقد أضحت سمة الواقع ومتوقع اقتحامها النصوص الأدبية سواء الرسالية التشريحية منها أو التي تعنى بالأدب للأدب ولا يعنيها توظيفه بدور تأثيري في المجتمع
دمت بخير أيها الكريم
تحاياي
خلود محمد جمعة
13-11-2013, 04:22 PM
قصة تتراقص على أرض الواقع
بخطى مغربية
واقع مأساوي للكثيرين
سرد جميل
دمت بخير
مودتي وتقديري
ناديه محمد الجابي
06-10-2020, 06:04 PM
قصة من الأدب الواقعي الذي يقوم على تصوير الواقع كما هو
وهو يقدم نموذج لإنسان بسيط ويصور المجتمع تصويرا حيا
إن الغرض الأول لهذه الواقعية هو تسليط الأضواء على كوامن الخلل
الفكري والتطرف السلوكي والفكري بكشفها وتعريتها.
نسج محكم، وسرد بتمكن، وحبكة
دمت بكل خير.
:wow::001:
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir