المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : البطة البيضاء .



ناديه محمد الجابي
18-02-2013, 01:13 AM
البطة البيضاء .
على ضفاف بحيرة صغيرة في إحدى القرى , وبين الحقول الفسيحة الخضراء , كان هناك
بين الأعشاب عش لبطتين بريتين , كان الذكر يبدو جميلا بألوان ريشه الزرقاء والخضراء
أما البطة الأنثى فقد كانت أصغر حجما, بيضاء اللون .
رقدت البطة البيضاء فوق بيضها في عشها الهادئ الموجود بين الحشائش النامية على
ضفاف البحيرة , وقد أخذت تراقب الذكر الذي كان يسبح أمامها في مياه البحيرة الصافي .
كان وليد أحد أبناء القرية يلعب وحيدا بالقرب من هذه البحيرة , عندما أكتشف صدفة عش
البطة البيضاء ــ قرر وليد ألا يخبر أحدا عن هذا العش , وتمنى ألا يعثر عليه أحد سواه .
وأنفرد وليد بمراقبة هاتين البطتين , مترقبا موعد فقس البيض , ممنيا نفسه برؤية البط
الصغير , واثقا بأن البطة البيضاء لن تمنعه من رؤية بطاتها الصغيرة .
وبعد أيام جاء وليد إلى البحيرة , وأقترب من العش بهدوء شديد , فوجد أن البيض قد فقس
وخرجت منه سبع بطات صغيرة يلعبن بفرح وابتهاج بجوار أمهن التي كانت تراقبهن بكل
اهتمام . فرح وليد وابتهج برؤية هذه البطات الصغيرة ذات الريش الأصفر والمناقير
المفلطحة الكبيرة .
وبعد عدة أيام أخرى وبينما كان وليد بجوار البحيرة بالقرب من العش كعادته , رأى منظرا
ساحرا , ذلك أن البطة الأم كانت تسير في المقدمة وبطاتها الصغار تسير في هدوء
وكبرياء , في خط واحد في اتجاه البحيرة فقد جاء وقت تعلميهن السباحة.
قفزت البطة الأم إلى الماء ,يتبعنها بطاتها الصغيرة واحدة تلو الأخرى , يحركن أرجلهن
فى تبادل , ويضربن بأجنحتهن الصغيرة الماء فى سرعة مقلدات أمهن .
كن جميعا يسيرن فى الماء وراء الأم , بينما كان البط الذكر يسبح أمام الجميع بكبرياء
وزهو , يكشف لعائلته الطريق الآمن بين صخور وأعشاب هذه البحيرة .
عاد وليد فى ذلك اليوم إلى منزله مبتهجا , سعيدا بما شاهده , وبمجرد وصوله إلى المنزل,
قص على والده ما رآه , وسأل متعجبا : ولكن كيف تعلمت البطات الصغيرة السباحة بهذه
السرعة ؟ فضحك الوالد وقال له : أن البط من الطيور التي خلقها الله قادرة على السباحة
بفطرتها ــ حيث أن جسمها الانسيابي يشبه القارب الصغير ـ وأرجلها تشبه المجداف لوجود
غشاء رقيق بين الأصابع مما يساعدها على العوم ـ ولها غدة بالقرب من ذيلها تفرز مادة
زيتية على جسمها مما يحول دون وصول الماء إلى جسمها .
قال وليد : ولكن لماذا منقار البطة مفلطحا , وليس مدببا كباقي الطيور التي نراها؟؟
أجاب والده : إن منقار البطة مكيف هو أيضا للعمل في الماء , فهو مفلطح حتى يمكن أن
يغرس في الطين , أو تحت الحصى للبحث عن غذائها من القواقع , والأسماك الصغيرة ,
والنباتات المختلفة .فشكر وليد والده على هذه المعلومات الطريفة .
وظل وليد يذهب كل يوم إلى البحيرة لمشاهدة البطات الصغيرة , وكان يحضر لهن معه
في كل مرة بعض فتات الخبز , فيرمى لهن بها في البحيرة , ويتمتع بمنظرهن وهن
يتنافسن فى سرعة الوصول إلى هذا الطعام .
وفى يوم من أيام الصيف , وبينما كان وليد ذاهبا إلى البحيرة , مرت عليه حافلة تحمل
بعض المسافرين قاصدين المدينة التالية لهذه القرية , وقد توقفت لعطب أصابها , ونزل
بعض الأولاد ليتمشوا بالقرب من البحيرة ريثما يصلح العطب .
وفى أثناء تجوال هؤلاء الصبية رأوا البطة البيضاء برفقة بطاتها الصغيرة يسبحن في الماء
وعلى الفور بدأ الأولاد الأشقياء برمي البط بالحجارة في وسط البحيرة وهم يضحكون من
منظر البطة الأم الخائفة على صغارها من الأحجار الصغيرة المتناثرة على البحيرة في كل
اتجاه . وانطلقت صيحات الفزع والرعب من أفواه البطات الصغيرة , وقد أصاب إحداهن
حجر فصاحت متألمة .
وصل وحيد وسمع صرخات الألم والفزع والاستغاثة من بطاته العزيزات, ورأى الأولاد
وهم يرموهن بالأحجار .
ـ توقفوا .. توقفوا أيها الأشرار ـ لم يبال الصبية بصراخ وليد وتجاهلوه , واستمروا في
إرهاب البطات التي بدت وكأنها تستغيث بصديقها القديم وليد .
كان على وليد أن ينقذهن بسرعة.. وفجأة جرى فى اتجاه أحد الأولاد ودفعه بكلتا يديه ففقد
توازنه وسقط في الماءـ وكالبرق أنطلق وليد بكل قوته إلى الولد الآخر الذي كان ما يزال
مأخوذا بما حدث .لصاحبه فسقط هو الآخر .
فزع الولد الثالث وأخذ يعدو هاربا فقد أعتقد أن أصدقاءه سيغرقون .. ولكن وليد كان
يعرف بأن الماء ليس عميقا عند حافة البحيرة .
بدأ الولدان يصعدان من الماء واتجها صوب وليد يريدان الإمساك به وضربه , وفى هذه
اللحظة صاح سائق الحافلة بأعلى صوته : أسرعا .. ستتحرك الحافلة الآن .. من يتأخر
سنتركه ـ أندفع الولدان وجريا في اتجاه الحافلة ليلحقا بها .
جلس وليد على الأرض يرتعش فهو لم يكن يصدق إنه أفلت من عقاب هؤلاء الأشقياء .
شاهدت البطة البيضاء ما فعله وليد من أجلها , وعادت سابحة في اتجاه وليد .
ركع وليد على ركبتيه عند حافة البحيرة , ومد يده وأخرج البطة الصغيرة المجروحة ,
فوجد أن الحجر قد أصاب جناحها الرقيق الصغير , ولكن وليد أطمأن حين رأى أن
الجرح ليس خطيرا , وأنه سوف يشفى سريعاـ أعاد وليد البطة المرتعشة بين يديه إلى
عشها بين الحشائش والأعشاب .
فى عيد ميلاد وليد أحتفل به الأهل والأصدقاء , وأهداه عمه هدية لطيفة ـ هي عبارة عن
قارب شراعي جميل ـ فرح وليد بالهدية فرحا عظيما , وأسرع به إلي البحيرة , ووضعه
فى الماء, وأمسك بطرف الخيط الممسوك بالقارب, وتركه في الماء تدفعه الرياح فيعلو
ويهبط , ووليد يراقبه بسعادة غامرة . وفجأة هبت رياح قوية دفعت القارب إلى وسط
البحيرة, وانقطع الخيط الذي كان يمسك به وليد .. وذهب القارب بعيدا إلى وسط البحيرة
فزع وليد وأخذ يصيح باكيا ..قاربي .. أنقذوه ـ أخذ القارب يبتعد حتى ظن وليد أنه سوف
يفقده إلى الأبد .. ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان .. فقد اندفعت البطة البيضاء سابحة
بأقصى سرعتها في اتجاه القارب الراحل وكأنها شعرت بأن عليها إغاثة وليد وقاربه .
اندفعت البطة سابحة بأقصى سرعة وراء القارب الذاهب مع التيار , وبعد مجهود
استطاعت أن تقبض بمنقارها على طرف الخيط وجذبته , وبدأت تجره في اتجاه الشاطئ
حيث ينتظر وليد مهللا .
قال وليد فرحا للبطة وهو يلتقط الخيط , ويجذب القارب نحوه .. شكرا لك بطتي العزيزة
يبدو أنك ما زلت تذكرين أنني أنقذتك وصغارك من عبث الأولاد الأشقياء في يوم سابق
فأنقذت لي اليوم قاربي الحبيب من الضياع وسط البحيرة , وكأنك تقولين لي .. أن الفعل
الطيب لا يذهب أبدا , وإنما يعود على صاحبه بأحسن منه .

آمال المصري
18-02-2013, 02:48 AM
تنقلت بالأطفال الأعزاء أديبتنا الفاضلة أخت نادية مابين الدرس والعبرة التي تهدف إليها القصة
فقد ألقيت درسا علميا عن طبيعة تكوين بعض الطيور لتلائم أسلوب المعيشة ثم انتقلنا لتضارب بعض السلوكيات مابين الرحمة والرفق بالحيوان وما فعله الصبية الأشقياء, والحكمة التي اختتم بها النص القائلة " افعل الخير تجده " والتي تمثلت في رد الجميل لوليد من البطة البيضاء حينما جاهدت التيار للعوم واستعادة قاربه الذي أوشك أن يفتقده
جميلة أحببتها بأسلوبها ومتعة القراءة
وسأهديها لأحفادي
بوركت واليراع أديبتنا الفاضلة
تحاياي

ناديه محمد الجابي
18-02-2013, 07:32 PM
أحمد الله إن قصتى أعجبتك عزيزتى أمال
أحب أن أكتب للأطفال ولكنى مازلت متهيبة
مع إن بداياتى كانت فى كتابة قصص للأطفال
أسعدنى تواجدك وكلماتك .. دائما لمرورك
ألق متميز , وبصمة تترك نورها على المتصفح
لا حرمنى الله من وجودك وجميل ردودك .
تحياتى وودى .

بهجت عبدالغني
19-02-2013, 08:00 PM
قصة رائعة وجميلة ..
فيها دروس تربوية وتعليمية ..

وستحول نسخة منها إلى مشروع ( لأطفالنا نحكي ) ..


المبدعة نادية
دمت مبدعة


تحياتي ..

ناديه محمد الجابي
20-02-2013, 05:37 AM
قصة رائعة وجميلة ..
فيها دروس تربوية وتعليمية ..

وستحول نسخة منها إلى مشروع ( لأطفالنا نحكي ) ..


المبدعة نادية
دمت مبدعة


تحياتي ..






كريما كان ردك وبهيا أخى بهجت
سيغرينى تشجيعكم بالخوض في هذا المغمار مرة أخرى ..
دمت بكل خير وسعادة .

براءة الجودي
25-02-2013, 11:25 PM
قصة تربوية للطفل وتحمل الكثير من الإنسانية , اليوم نرى الإنسان لايرفق بأخيه فما بالك بالحيوان
أدب جميل علما إياه الغسلام الرحمة واللين في التعامل مع كل شئ
أختي الفاضلة / نادية
بارك الله في قلمك وعلمك وأدبك
دمت بخير

ناديه محمد الجابي
26-02-2013, 06:49 PM
قصة تربوية للطفل وتحمل الكثير من الإنسانية , اليوم نرى الإنسان لايرفق بأخيه فما بالك بالحيوان
أدب جميل علما إياه الغسلام الرحمة واللين في التعامل مع كل شئ
أختي الفاضلة / نادية
بارك الله في قلمك وعلمك وأدبك
دمت بخير

وفيك اللهم بارك براءة علي نشاط واجتهاد في خوض
كل مجالات الواحة ـ قليل هم من يقرأون قصص الأطفال
يسرني تفاعلك مع كل النصوص .
أعتز بتواصلك الدائم
محبتي الخالصة .

ربيحة الرفاعي
17-03-2013, 11:31 PM
جميل هذا أديبتنا الراقية نادية محمد الجابي
قصة حملت جناحي طائر القص الموجه للأطفال التربية والتعليم، فحثت على الرحمة والإنسانية وتقديم العون لمن يحتاج إليه، كما قدمت المعلومة العلمية عن النوع الذي وظفته الكاتبة في قصتها من الطيور

أدب أطفال ماتع نافع
دمت بألق

تحاياي

ناديه محمد الجابي
19-03-2013, 05:37 PM
جميل هذا أديبتنا الراقية نادية محمد الجابي
قصة حملت جناحي طائر القص الموجه للأطفال التربية والتعليم، فحثت على الرحمة والإنسانية وتقديم العون لمن يحتاج إليه، كما قدمت المعلومة العلمية عن النوع الذي وظفته الكاتبة في قصتها من الطيور

أدب أطفال ماتع نافع
دمت بألق

تحاياي

:014:

شكرا لهذا الإحتفاء بهذا القلم البسيط
يسعدني تواصلك الدائم
وذلك من فيض كرمك
خالص ودي وإحترامي.

:0014:

فاتن دراوشة
30-03-2013, 01:36 PM
ما بين العبرة وجمال السّرد تبتهج نفوسنا وتسعد

دام لحرفك البهاء غاليتي

محبّتي

فاتن

ناديه محمد الجابي
06-04-2013, 09:59 PM
ما بين العبرة وجمال السّرد تبتهج نفوسنا وتسعد

دام لحرفك البهاء غاليتي

محبّتي

فاتن

بل دام التواجد الرائع والبصمة الألقة عزيزتي فاتن
مرور جميل أسعد الحرف وصاحبته
فشكرا لك. :014::0014:

نداء غريب صبري
08-04-2013, 12:02 AM
قصة تربوية تعليمية رائعة أختي نادية
لا أعرف لماذا لم أرها من قبل
لكني ساقرأها على بناتي

شكرا لك اختي

بوركت

ناديه محمد الجابي
08-04-2013, 02:35 PM
سرني أن راقت لك أيتها المبدعة القديرة
مودتي وكثير امتناني لك و وقبلاتي
لبناتك حفظن الله . :014:

سعاد محمود الامين
08-04-2013, 08:28 PM
ماشاء الله الاديبة نادية متعددة المواهب قص رائع وسرد هادئ كأنك تحكى بصوت.. نص مكتمل فى أدب الاطفال.. عذوبة الاسلوب، التسلسل الهادئ فى السرد، والمعلومة العلمية الصحيحةالمبسطة الفهم والعبرة والغدوة فى فعل الخير، وماذا بعد ذلك غير الانطلاق ورفد مكتبة الطفل بجميل ابداعك لاتترددى.:011: دام قلمك متألقا وانتظر المزيد لاستعيد طفولتى فى القص البرئ الشيق شكرا لك.

لانا عبد الستار
11-04-2013, 01:21 AM
جميل
علم وتربية وإمتاع هذا ما يجب أن نقدمه للطفل
وبأسلوب يحترم عقله دون مبالغة لأنه طفل وليس أبلها ولا راشدا

أحييك أستاذة نادية
وأشكرك

رنا الحداد
11-04-2013, 04:24 AM
قصة تربوية تحمل عبر انسانية
دتم لنا قلمك .

ناديه محمد الجابي
11-04-2013, 10:54 PM
ماشاء الله الاديبة نادية متعددة المواهب قص رائع وسرد هادئ كأنك تحكى بصوت.. نص مكتمل فى أدب الاطفال.. عذوبة الاسلوب، التسلسل الهادئ فى السرد، والمعلومة العلمية الصحيحةالمبسطة الفهم والعبرة والغدوة فى فعل الخير، وماذا بعد ذلك غير الانطلاق ورفد مكتبة الطفل بجميل ابداعك لاتترددى.:011: دام قلمك متألقا وانتظر المزيد لاستعيد طفولتى فى القص البرئ الشيق شكرا لك.

أسعدني حضورك عزيزتي سعاد
أنتم من تجعلون للنص قيمة بردودكم الثرية
سعدت صديقتي بإطلالتك وإطرائك الذي أخجلني.
تحياتي والورود. :0014::0014:

ناديه محمد الجابي
11-04-2013, 11:00 PM
جميل
علم وتربية وإمتاع هذا ما يجب أن نقدمه للطفل
وبأسلوب يحترم عقله دون مبالغة لأنه طفل وليس أبلها ولا راشدا

أحييك أستاذة نادية
وأشكرك

زيارة كنت أنتظرها لانا منذ زمن لسببين:
الأول: لأني دعوتك لقراءتها في ردي على موضوعك ( أدب الطفل ليس حواديت الجن)
الثاني:لأني أثق جدا برأيك الثاقب والصريح في غير ما مجاملة في كل ردودك على المشاركات.
عزيزتي لانا.. أسعدني حضورك وقراءتك العميقة
وردك الذي أفتخر به وأباهي.
تحياتي والورود. :0014::0014:

ناديه محمد الجابي
11-04-2013, 11:05 PM
قصة تربوية تحمل عبر انسانية
دتم لنا قلمك .

الأخت / رنا الحداد.
يسعدني جدا أن يكون ردك على قصتي هى أول مشاركة لك في الواحة
نتمنى لك أن تنعمي بربوع هذه الواحة المعطاءة فتفيدي وتستفيدي
وتستمتعي معنا وتمتعينا بمواهبك التي سنكتشفها معك بالتدريج بإذن الله
وأهلا بك ومرحبا. :0014::0014:

ناديه محمد الجابي
02-08-2016, 10:53 PM
البطة البيضاء .
على ضفاف بحيرة صغيرة في إحدى القرى , وبين الحقول الفسيحة الخضراء , كان هناك
بين الأعشاب عش لبطتين بريتين , كان الذكر يبدو جميلا بألوان ريشه الزرقاء والخضراء
أما البطة الأنثى فقد كانت أصغر حجما, بيضاء اللون .
رقدت البطة البيضاء فوق بيضها في عشها الهادئ الموجود بين الحشائش النامية على
ضفاف البحيرة , وقد أخذت تراقب الذكر الذي كان يسبح أمامها في مياه البحيرة الصافي .
كان وليد أحد أبناء القرية يلعب وحيدا بالقرب من هذه البحيرة , عندما أكتشف صدفة عش
البطة البيضاء ــ قرر وليد ألا يخبر أحدا عن هذا العش , وتمنى ألا يعثر عليه أحد سواه .
وأنفرد وليد بمراقبة هاتين البطتين , مترقبا موعد فقس البيض , ممنيا نفسه برؤية البط
الصغير , واثقا بأن البطة البيضاء لن تمنعه من رؤية بطاتها الصغيرة .
وبعد أيام جاء وليد إلى البحيرة , وأقترب من العش بهدوء شديد , فوجد أن البيض قد فقس
وخرجت منه سبع بطات صغيرة يلعبن بفرح وابتهاج بجوار أمهن التي كانت تراقبهن بكل
اهتمام . فرح وليد وابتهج برؤية هذه البطات الصغيرة ذات الريش الأصفر والمناقير
المفلطحة الكبيرة .
وبعد عدة أيام أخرى وبينما كان وليد بجوار البحيرة بالقرب من العش كعادته , رأى منظرا
ساحرا , ذلك أن البطة الأم كانت تسير في المقدمة وبطاتها الصغار تسير في هدوء
وكبرياء , في خط واحد في اتجاه البحيرة فقد جاء وقت تعلميهن السباحة.
قفزت البطة الأم إلى الماء ,يتبعنها بطاتها الصغيرة واحدة تلو الأخرى , يحركن أرجلهن
فى تبادل , ويضربن بأجنحتهن الصغيرة الماء فى سرعة مقلدات أمهن .
كن جميعا يسيرن فى الماء وراء الأم , بينما كان البط الذكر يسبح أمام الجميع بكبرياء
وزهو , يكشف لعائلته الطريق الآمن بين صخور وأعشاب هذه البحيرة .
عاد وليد فى ذلك اليوم إلى منزله مبتهجا , سعيدا بما شاهده , وبمجرد وصوله إلى المنزل,
قص على والده ما رآه , وسأل متعجبا : ولكن كيف تعلمت البطات الصغيرة السباحة بهذه
السرعة ؟ فضحك الوالد وقال له : أن البط من الطيور التي خلقها الله قادرة على السباحة
بفطرتها ــ حيث أن جسمها الانسيابي يشبه القارب الصغير ـ وأرجلها تشبه المجداف لوجود
غشاء رقيق بين الأصابع مما يساعدها على العوم ـ ولها غدة بالقرب من ذيلها تفرز مادة
زيتية على جسمها مما يحول دون وصول الماء إلى جسمها .
قال وليد : ولكن لماذا منقار البطة مفلطحا , وليس مدببا كباقي الطيور التي نراها؟؟
أجاب والده : إن منقار البطة مكيف هو أيضا للعمل في الماء , فهو مفلطح حتى يمكن أن
يغرس في الطين , أو تحت الحصى للبحث عن غذائها من القواقع , والأسماك الصغيرة ,
والنباتات المختلفة .فشكر وليد والده على هذه المعلومات الطريفة .
وظل وليد يذهب كل يوم إلى البحيرة لمشاهدة البطات الصغيرة , وكان يحضر لهن معه
في كل مرة بعض فتات الخبز , فيرمى لهن بها في البحيرة , ويتمتع بمنظرهن وهن
يتنافسن فى سرعة الوصول إلى هذا الطعام .
وفى يوم من أيام الصيف , وبينما كان وليد ذاهبا إلى البحيرة , مرت عليه حافلة تحمل
بعض المسافرين قاصدين المدينة التالية لهذه القرية , وقد توقفت لعطب أصابها , ونزل
بعض الأولاد ليتمشوا بالقرب من البحيرة ريثما يصلح العطب .
وفى أثناء تجوال هؤلاء الصبية رأوا البطة البيضاء برفقة بطاتها الصغيرة يسبحن في الماء
وعلى الفور بدأ الأولاد الأشقياء برمي البط بالحجارة في وسط البحيرة وهم يضحكون من
منظر البطة الأم الخائفة على صغارها من الأحجار الصغيرة المتناثرة على البحيرة في كل
اتجاه . وانطلقت صيحات الفزع والرعب من أفواه البطات الصغيرة , وقد أصاب إحداهن
حجر فصاحت متألمة .
وصل وحيد وسمع صرخات الألم والفزع والاستغاثة من بطاته العزيزات, ورأى الأولاد
وهم يرموهن بالأحجار .
ـ توقفوا .. توقفوا أيها الأشرار ـ لم يبال الصبية بصراخ وليد وتجاهلوه , واستمروا في
إرهاب البطات التي بدت وكأنها تستغيث بصديقها القديم وليد .
كان على وليد أن ينقذهن بسرعة.. وفجأة جرى فى اتجاه أحد الأولاد ودفعه بكلتا يديه ففقد
توازنه وسقط في الماءـ وكالبرق أنطلق وليد بكل قوته إلى الولد الآخر الذي كان ما يزال
مأخوذا بما حدث .لصاحبه فسقط هو الآخر .
فزع الولد الثالث وأخذ يعدو هاربا فقد أعتقد أن أصدقاءه سيغرقون .. ولكن وليد كان
يعرف بأن الماء ليس عميقا عند حافة البحيرة .
بدأ الولدان يصعدان من الماء واتجها صوب وليد يريدان الإمساك به وضربه , وفى هذه
اللحظة صاح سائق الحافلة بأعلى صوته : أسرعا .. ستتحرك الحافلة الآن .. من يتأخر
سنتركه ـ أندفع الولدان وجريا في اتجاه الحافلة ليلحقا بها .
جلس وليد على الأرض يرتعش فهو لم يكن يصدق إنه أفلت من عقاب هؤلاء الأشقياء .
شاهدت البطة البيضاء ما فعله وليد من أجلها , وعادت سابحة في اتجاه وليد .
ركع وليد على ركبتيه عند حافة البحيرة , ومد يده وأخرج البطة الصغيرة المجروحة ,
فوجد أن الحجر قد أصاب جناحها الرقيق الصغير , ولكن وليد أطمأن حين رأى أن
الجرح ليس خطيرا , وأنه سوف يشفى سريعاـ أعاد وليد البطة المرتعشة بين يديه إلى
عشها بين الحشائش والأعشاب .
فى عيد ميلاد وليد أحتفل به الأهل والأصدقاء , وأهداه عمه هدية لطيفة ـ هي عبارة عن
قارب شراعي جميل ـ فرح وليد بالهدية فرحا عظيما , وأسرع به إلي البحيرة , ووضعه
فى الماء, وأمسك بطرف الخيط الممسوك بالقارب, وتركه في الماء تدفعه الرياح فيعلو
ويهبط , ووليد يراقبه بسعادة غامرة . وفجأة هبت رياح قوية دفعت القارب إلى وسط
البحيرة, وانقطع الخيط الذي كان يمسك به وليد .. وذهب القارب بعيدا إلى وسط البحيرة
فزع وليد وأخذ يصيح باكيا ..قاربي .. أنقذوه ـ أخذ القارب يبتعد حتى ظن وليد أنه سوف
يفقده إلى الأبد .. ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان .. فقد اندفعت البطة البيضاء سابحة
بأقصى سرعتها في اتجاه القارب الراحل وكأنها شعرت بأن عليها إغاثة وليد وقاربه .
اندفعت البطة سابحة بأقصى سرعة وراء القارب الذاهب مع التيار , وبعد مجهود
استطاعت أن تقبض بمنقارها على طرف الخيط وجذبته , وبدأت تجره في اتجاه الشاطئ
حيث ينتظر وليد مهللا .
قال وليد فرحا للبطة وهو يلتقط الخيط , ويجذب القارب نحوه .. شكرا لك بطتي العزيزة
يبدو أنك ما زلت تذكرين أنني أنقذتك وصغارك من عبث الأولاد الأشقياء في يوم سابق
فأنقذت لي اليوم قاربي الحبيب من الضياع وسط البحيرة , وكأنك تقولين لي .. أن الفعل
الطيب لا يذهب أبدا , وإنما يعود على صاحبه بأحسن منه .

ناديه محمد الجابي
28-11-2016, 09:17 PM
هذه القصة من أحب القصص إلى قلبي لأنها كانت من أوائل ما كتبت في حياتي
فاسمحوا لي برفعها مرة أخرى لتأخذ حظها من القراءة
ولكم تحياتي وتقديري. :001:

احمد المعطي
28-11-2016, 09:59 PM
قصة طريفة استمتعت بقراءتها الى النهاية.
تحياتي الحارة
كل الود والاحترام والتقدير

الدكتور ضياء الدين الجماس
28-11-2016, 11:51 PM
قصة تربوية هادفة سهلة اللغة تناسب الطفل وتعلمه الحكمة وعمل المعروف للناس كما للحيوان الأليف.
حفظ الله لنا هذا اليراع النقي.:v1:
بارك الله بك وجزاك خيراً

ناديه محمد الجابي
29-11-2016, 08:04 PM
قصة طريفة استمتعت بقراءتها الى النهاية.
تحياتي الحارة
كل الود والاحترام والتقدير

كما هطول النور كانت حروفك هنا
مرور راقي من شاعر كبير
أمر يشعرني بالزهو والتيه
بوركت ـ ولك كل التقدير.
:0014::noc::0014:

ناديه محمد الجابي
29-11-2016, 08:15 PM
قصة تربوية هادفة سهلة اللغة تناسب الطفل وتعلمه الحكمة وعمل المعروف للناس كما للحيوان الأليف.
حفظ الله لنا هذا اليراع النقي.:v1:
بارك الله بك وجزاك خيراً

اكتسى حرفي فخرا وألقا بردك
دام حضوركم دعما وودا ودمتم بطاعة وتقى ونور بصيرة
وجزاكم الله خيرا.
:0014::noc::0014:

أسيل أحمد
02-10-2021, 07:52 PM
بين القص الهادف الماتع والذي يقدم المعلومة المفيدة
قضيت وقتا ممتعا مع قصة تلائم الأطفال بما حملت من توجيه تربوي وأخلاقي.
سلمت يداك.

محمد محمد أبو كشك
03-10-2021, 07:08 PM
نص بديع ذكرنا بالايام الجميلة.