المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المراهق



عماد بكّر الحضرمي
19-02-2013, 09:23 PM
أمسك يد زميله وعصرها عصر الثوب فأطلق زميله صرخة قوية ملتفتاً إلى الخلف صارخا من الألم ...قل سأتوب.. قل سأتوب ؟؟ نعم. ..نعم سأتوب.. سأتوب!! أطلق يد زميله في كوم من ضجيج زملائه ودخل المعلم مسلما ليتبخر الضجيج في ثواني معدودة ! وقف التلاميذ كالأشجار تتحرك رؤوسهم يمنة ويسرة وهم يردون التحية وأطلق المعلم عينيه في الحشد الصغير وكأنه يبحث عن صديق قديم .ثم قال :- جلوس .
جلس مع التلاميذ وكان يقبع في الوسط علي يمين الفصل ويشرف موقعه على ما يسميه الشارع العام وهو الممر الذي يقسم أمياز التلاميذ ذات اليمين وذات الشمال . يتيح له هذا الموقع رؤية جميع التلاميذ من الخلف كالكاميرا الخفية وهم لا يشعرون كما يرى السبورة بوضوح والحمد لله . في هذا الموقع يراقب التلاميذ ويتعجب من قصات شعورهم الغريبة و يراقب ما يتبادلون من تعابير إشارية فيما بينهم في غفلة المعلم ، ما يخبئون في أدراجهم من الطعام وما يشاهدونه تحت الأدراج في الجوالات من الصور والمقاطع ويحفظ عليهم أخطاءهم ونقاط ضعفهم ، أصبح يعرفهم أكثر من المشرف الاجتماعي في المدرسة . يعرف الانطوائي والاجتماعي ،الملتزم والمتحرر، الخلوق والغضوب ، الأخرق والكيس .. ! ومن هذا الموقع يخرج الكثير من أحلام اليقظة التي يحلم بإنتاجها في المستقبل ولا يزعجه أثناء استغراقه فيها إلا القليل من المعلمين وخاصة معلم التأريخ صاحب القدرة الفائقة على ذبح أحلام يقظته فلا تبعث حتى حصة أخرى ومعلم اللغة العربية الذي يزعجه و يأمره بالوقوف ويرغمه على القراءة والمشاركة في إعراب بعض الكلمات، يحاول صديقه أنيس أن ينقذه فيقول للمعلم أنا أجيب يا أستاذ ؟ فيرد المعلم :دعه يحاول يا أنيس وإن كنت تريد مساعدته فذاكرا معا وحاول أن تشرح له بعض أساسيات النحو .في الحقيقة أنيس يفعل ذلك كلما جلسا معا في بيت أحدهما في جلسات متباعدة ولكن استجابة المريض للعلاج ضعيفة . كان أنيس متفوقا وهو يحارب منذ سنوات للحصول على المركز الأول دون جدوى فقد سقط في خندق المركز الثاني ولم يفارقه بعد. كثيرا ما كان يغبط أنيس على ما هو فيه من المثابرة والجد والاجتهاد، لديه شعور أنه لو أراد لتجاوز أنيس هذا بسرعة ولكنه بدلا من منافسته يكثر من شيئين في أحلام يقظته سيارة الكاديلاك التي يركبها في كل حصة تقريبا وأحلام يقظته مع زوجته وحبيبه روحه ذلك الملاك الطاهر تلك اللؤلؤة الساحرة . لم يستطع أبدا البوح لأي أحد عن هذا السر وخاصة انيس إذ كيف سيخبره أنه يهيم في أخته . قبل يومين اختلف معها في حصة الرياضيات في أحد أجمل أحلام يقظته وكاد الخلاف بينهما أن يؤدي لطلاقهما لولا قرع الجرس !!وبالرغم أنه لم يشاهدها منذ سنتين بعد أن لبست النقاب إلا أنه يظن أنها تزداد جمالا يوما عن يوم . ليت أباه يوافق على خطبتها .. فقط خطبتها!! سأل صديقه أنيس مرة ماذا لو طلبت من أبي أن يخطب لي فتاة ؟؟ فقال أنيس أنت مجنون تخطب وأنت في الصف الثاني ثانوي ؟؟ .. ولكن أحمد تزوج في العطلة ألا تعرف ذلك ؟ ..أحمد ظروفه خاصة فأمه مريضه وتحتاج إلى مساعدة لها وأبوه أغنى من أبيك وأحمد أكثر التزاما وجدية منك . هذه الكلمة الأخيرة أشعلت الغضب في دمائه فهي تعني أنه لن يوافق على خطبة أخته فيما لو طلب يدها يوما وهو يفكر كثيرا في هذه العبارة : أكثر جدية منك .. أكثر جدية منك !! هنا يتذكرها تاركا المعلم والفصل في مكانهما ..... ترى هل لازلت غاضبة مني يا حبيبة روحي ؟ فتقول : أنت لا تحبني لو كنت تحبني لجلبت لي ذلك الخاتم .... خرج المعلم وخرج التلاميذ من الفصل وبقي شارد الذهن معها بضع دقائق أخرى حتى اقترب أنيس منه قائلا ألن تعزمني في المقصف اليوم ؟؟ فقال طبعا طبعا وكان يقول في نفسه أيها الصهر العزيز هي تشفط جيبي في الأحلام وأنت تشفط جيبي في المقصف !!.

آمال المصري
20-02-2013, 12:00 AM
ترجمة لحالة مراهقة سيطرت عليها أحلام اليقظة فسرقت من صاحبها الطموح الذي يصبو إليه ليتقوقع ويعيش حالة من اللاواقع
هي دعوة لاحتواء مثل تلك الحالات وهذة الفترة السنية الخطيرة التي يكون فيها الولد في حالة انتقال من الطفولة للشباب ومايطرأ عليها من تغيرات فيكون أو لايكون
نص رائع بفكرته وأسلوبه الشائق وحواريته الرائعة
بوركت شاعرنا واليراع
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي

كاملة بدارنه
20-02-2013, 12:14 AM
غوص في نفسيّة المراهق وما يدور في خلده من أفكار ، ووصف للحدث ومكانه جاء موفّقا
قصّة تربويّة هادفة
بوركت
تقديري وتحيّتي

بهجت عبدالغني
20-02-2013, 01:39 AM
إنها المراهقة تلقي بظلالها مدة من الزمن ، فيسير فيها صاحبها مزهواً بقوته وذكائه وأحلام يقظته
ثم يستفيق على عالم الواقع ، فيكدح كدحاً إلى ربه ..
استفاقة قد تسمو به إلى عالم ملائكي ، أو تهبط به إلى دركات الشياطين !
وتلك الحياة الدنيا ، وذلك حالها ..

نسأل الله الثبات على الحق ..


أخي الأديب عماد بكّر الحضرمي
نص جميل رشيق ..



تحياتي ومحبتي ..

ناديه محمد الجابي
20-02-2013, 05:24 AM
تعد المراهقة من أخطر المراحل التى يمر بها الأنسان ضمن أطواره المختلفة
والمراهق نموه متفجر فى عقله وفكره وجسمه وإدراكه وإنفعالاته وكأنه نمو
بركانى .. يجعله في منعطف خطر يمر به الشباب .
والنص يتعرض لهذة الظاهرة فى حالة شاب يعيش فى أحلام يقظته بأسلوب
تصويرى تعبيرى نابض بالحياة .
نص جاذب وعمل هادف ولغة ممتعة صورت خوالج البطل لتصف الحدث .
بارك الله فى قلمك وفي فكرك .

براءة الجودي
20-02-2013, 05:25 AM
احلام اليقظة قد تجعل أوقاتنا تضيع من الاستغراق فيها ونسيان مايجري حولنا في الواقع , اعجبتني النهاية في القصة
دمت مبدعا

معزوز أسامة
20-02-2013, 05:35 AM
ليس خفيا عليك ايها الشاعر الجميل ...كما عودتنا ..و ها انت تؤكد أن قلمك رشيق يرقص اينما شاء و متى شاء

أخي عماد قصتك تحمل بين حناياها هدفا تربويا نبيلا و ما زانها هو سردك المتزن ...

لك و لقلمك كل الاحترام و التقدير...مودتي .

أسامة

محمد النعمة بيروك
20-02-2013, 08:37 AM
هههههه
قصة جميلة ومُعبّرة، لامست العديد من المواضيع، لكنها حامت أكثر حول الدراسة والزواج، تقمصها الحواروالمونولوج، وانتهت بطرفة..

أحييك.



في ثواني....قي ثوان
لت أباه يوافق.... ليت...

عبد المجيد برزاني
20-02-2013, 09:59 AM
قبل يومين اختلف معها في حصة الرياضيات في أحد أجمل أحلام يقظته وكاد الخلاف بينهما أن يؤدي لطلاقهما لولا قرع الجرس !!

نص موضوعي بسرد ماتع ولغة سليمة راقية.
تحيتي.

عماد بكّر الحضرمي
20-02-2013, 07:22 PM
ترجمة لحالة مراهقة سيطرت عليها أحلام اليقظة فسرقت من صاحبها الطموح الذي يصبو إليه ليتقوقع ويعيش حالة من اللاواقع
هي دعوة لاحتواء مثل تلك الحالات وهذة الفترة السنية الخطيرة التي يكون فيها الولد في حالة انتقال من الطفولة للشباب ومايطرأ عليها من تغيرات فيكون أو لايكون
نص رائع بفكرته وأسلوبه الشائق وحواريته الرائعة
بوركت شاعرنا واليراع
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي
منكم أيها المصريون تعلمنا فن القصص والإمتاع ، أثلج صدري استمتاعك بالفكرة والنص ، شكرا لك على التعليق والمشاركة .:0014:

عماد بكّر الحضرمي
20-02-2013, 07:25 PM
غوص في نفسيّة المراهق وما يدور في خلده من أفكار ، ووصف للحدث ومكانه جاء موفّقا
قصّة تربويّة هادفة
بوركت
تقديري وتحيّتي
تحيتي العطرة أيتها الأديبة المتمكنة وبارك الله في يراعك المبدع وحضورك المشجع .:001:

عماد بكّر الحضرمي
20-02-2013, 07:29 PM
إنها المراهقة تلقي بظلالها مدة من الزمن ، فيسير فيها صاحبها مزهواً بقوته وذكائه وأحلام يقظته
ثم يستفيق على عالم الواقع ، فيكدح كدحاً إلى ربه ..
استفاقة قد تسمو به إلى عالم ملائكي ، أو تهبط به إلى دركات الشياطين !
وتلك الحياة الدنيا ، وذلك حالها ..
نسأل الله الثبات على الحق ..
أخي الأديب عماد بكّر الحضرمي
نص جميل رشيق ..
تحياتي ومحبتي ..

لامناص من تتبع أحوال المراهقين من قبل الآباء والتربويين والأدباء وكل أطياف المجتمع من أجل توجيههم حتى لايهبطوا إلى دركات الشياطين ، سرني تعليقك الجميل وتعقيبك المثمر صديقي بهجت الرشيد.:noc:

ربيحة الرفاعي
21-10-2015, 12:49 AM
قص واقعي اختار موضوعا هاما غاض من خلاله في نفسية المراهق وانعكاسها على سلوكه وتفاعله مع واقعه

سرد ماتع ولغة جميلة ونص تربوي هادف نشكره لك

دمت بخير

تحاياي