تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : إلى روح أمي



يوسف الصالحي
26-02-2013, 02:13 PM
سَلامٌ علَيْكِ
عليْكِ السّلامْ،
وأنتِ تَنَامين فوْقَ السّحابِ
وفوْق الرِّياحِ
وخَلْف الغمامْ،
سَلام عليكِ
عليْك السّلامْ.

..وأهْمِسُ باسْمِك أمّي،
صباحَ مَساءْ
بكُلّ خُشوعٍ وكلّ احْتِرامْ؛
لأنّكِ أُمي،
لأنّك تاجُ المحبّة، تاجُ الوِئامْ،
لأنّ صَفاءَك فاقَ الخَيالَ،
وفاقَ الحَقيقهْ،
وجاوَزَ حبّك هَذا الزّمانَ
وكُلّ العُصور السَّحيقهْ،

لأنّ حنانَك فاقَ الحَنانْ
وصَدْرك نَبْع المُنى والأمانْ
تَفَجّر عطفَا،
وظَلّلَ أرْض الأحِبة كالسِّنْدِيانْ
وغَطّى بِفَيْئِهِ كلّ الدّروب العَتيقهْ،
فأنْشَأتِ بالدِّفْءِ أحْلى حديقهْ؛
فإني أُحِسُّكِ أمًّا لكلّ الأنامْ،
وكلّ الخَليقهْ.

سلام عليك
عليك السّلامْ
من البدْءِ
حتّى نُضوبِ الكَلامْ.

سلامٌ عليك
سلامٌ على روحِك الطّاهِرهْ،
أيَا نَسْمةً عاطِرهْ،
تمُرّ على القلْبِ والرّوح والذّاكرهْ..

فيا لَلْعذابِ
ويا للعذابْ
ويا هَوْل هَذا المُصابْ.

أيا نَفْحةً منْ عَبير السّماءْ
أيا كَوْمَةً منْ عَطاءْ؛
أحقًّا يضُمُّك هَذا التّراب!
أحقًّا يضُمُّك هَذا التّرابْ!
فهَا قدْ غَدَوْتِ لنا مثْل لَمْع السّرابْ
يَصُدُّكِ عنَّا من الصّخر هذا الغِشاءُ،
وألْفُ حِجابْ؛
وأنتِ اخْتِراق السّنا والضّبابْ،
وأنتِ اشْتِعال الضّياءْ.

فنُور الشّموس، يُشعّ ويَخْبو،
ولكنّ نوركِ ليْس لهُ منْ غِيابْ،
فكيْف يضُمّك هَذا التّراب !
وكيْف يضمّك هذا التّرابْ !

سلامٌ عليْك
عليْك السّلام؛
فهَل تقْبلين ببَعْض العِتابْ ؟
أيا نُور أيّامِنا في الظّلامْ
وفي كُلّ حينٍ ووقتِ
فكَيْف تركْتِ الجَميع نيامْ
ورُحتِ،
إلى عالمٍ منْ غَمامْ
بكلّ هُدوءٍ وصمْتِ،
وكيْف اتّخَذْتِ القَرارَ
بِلا إذْنِنا
ثُمّ.. متِّ.

أمَا كَان مِنْ حَقّنا
أنّ تظَلِّي،
هُنا، بَيْنَنا كَيْ تُطلِّي
علَيْنا مساءً برِفْقٍ.. وخِفّة ظلِّ؛
لكيْ تُطْفِئي النّورَ حتّى ننامْ،
وكيْ ما تَلُفّي عليْنا الغِطاءَ
بِجُنْحِ الظّلامْ.

أما كانَ من حقّنا
أن تَظَلّي،
هُنا، بيْنَنا كيْ تُصلّي
لنا كلّ صبْحٍ وكلّ مساءْ
لأَلاَّ نَتُوه هُنا في الزّحامْ،

عليكِ السّلامْ
عَليك السّلامْ.

فَيا ظِلّ ظلّي
أطِلّي..
أطلّي..
وجُودي عليَّ
ببعْض الوَصايا
وبعْض الحكايا،
أطلّي..
أطلّي..
أطلّي.. عليّ
ولَوْ منْ شُقوقِ المَرايا،
ولو منْ نُتُوءِ الغَمامْ.

وطُوفي بروحِك حَوْلي
كسِرْب الحَمامْ،
تَعاليْ هُنا واشْطُريني
شَظايا..
لتَسْكُن منْها بروحكِ
بعْضُ البَقَايَا
تعاليْ إليّ احْضُنيني
برَغْمِ الرَّدَى والحِمامْ

تعاليْ .. تعاليْ،
تعاليْ إليّ، ارْشُقيني
بأغْلى العَطايا
وأحْلى الهَدايا.

فما أشْتَهي الآنَ..
ما أشْتَهيهْ،
وأطْيبُ ما نَفْسي فيهْ
سِوى أنْ أقبّل كفّك أمّي
ولوْ في المَنامْ
ولو في المَنامْ.

فيَخْفِقَ قلْبُك باسْمي،
لأسْكُن فيهْ
وأُدْفَن فيهْ؛
عليك السّلامْ
عليكِ السّلامْ
منَ البدءِ
حتىّ حُلول الظّلامْ.

دَعيني أقبِّل كَفّك أمّي
ليَرْتاحَ قلْبي
ويَنْزاحَ هَمّي
وغَمّي.

دَعيني أُقبّل كَفّك عَلِّي
أُكَفِّرُ عنْ بعْض ذنْبي،
وأنْجو بنفْسي،
منَ الموْت شُؤمَا
وسُوء الخِتامْ.

لعَلّي أكونُ ارْتكَبتُ بحقّكِ إثمَا
لعلّي أكونُ نَهَرْتُك يومَا
بغيْر انْتِباهٍ وقصْدِ؛

لعلّي أكونُ تجاوزْتُ حدّي،
وفُهْت بكِلْمَة أفٍّ
فأَغْضبْت ربّي،

فيا نورَ قلْبي
أحنّ.. أحنّ
لِخَفْق خُطاكِ،
فَهُبِّي إليَّ امْنَحيني رِضاكِ
ولوْ في المَنامْ،
ولوْ في المَنامْ.
عليْكِ السّلامْ،
عليك السّلامْ.

أُناديكِ أُمّي،
فهلْ تسْمَعين النّداءْ؟
أيا صرْخة بيْن نارٍ وماءْ
أيا نجْمَة في عِنانِ السّماءْ
تَضُوعُ السَّنَا والضّياءْ.

أُناديك أمّي..
فيرتَدُّ نَحْوي النّداءْ:
سُكونٌ..
خَواءْ..
خواءٌ..
سكونْ..
أنا لسْتُ أطْلب ردَّ القَضاءْ،
ولكنَّ فُقدانَ أمٍ حنونْ،
جنونٌ..جنونْ..
فبَعْدك أمِّي
أنا منْ أَكونْ ؟

خَلاَ البيْت منْ زعْترٍ ..
من خُزامَى
خلاَ منْ رَحيق العُطورْ
خلاَ منْ قُرنْفُلِ حِنّائِكِ..
منْ عَبير البُخورْ.
خلاَ منْ زُوارٍ..وصَحْبٍ قُدامى
ووجْهكِ أُمي؛
وأنتِ تَطوفينَ بالشّاي بيْن الأَحبّة بيْن الحُضورْ؛
يُشِعّ رضًى وابْتِسامَا
خلاَ البيْتُ منْهُ
تَخَلَّى أَريجُ الأُمومَةِ عنهُ
فَصِرْنا يَتامى...
فصِرْنا يَتامى..
فصِرْنا يتامى..

فَيا أُمّ كلّ الأنامْ،
عليْكِ السّلامْ
عليْكِ السّلامْ،
منَ البدْءِ
حتّى أُفُولِ الكلامْ.



* المرجو من الإخوة المشاركين إبداء آرائهم من وجهة نظر نقدية عوض عبارات المواساة والتعازي
وشكرا

آمال المصري
01-03-2013, 11:43 AM
رحم الله والدتك وكل أمهات المسلمين
بعيدا عن النقد الذي أتركه لأهل الاختصاص كان الانهمار رائعا يهدهد الروح لحنا وحرفا ونبضا وشعور
بوركت شاعرنا الفاضل واليراع التي نسجت
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي

براءة الجودي
01-03-2013, 07:31 PM
أرى في الأحرف صفاء ونقاء وطفولة بريئة , وقد يكون الندم شديدا بعد فقدان أحد الوالدينخصوصا إن قصرنا معهم وسنظل مقصرين , جميل ماكتبت سوى انه ساءني بعض التكرار هنا وتبقى هذه وجهة نظري وهل الاختصاص ومن لهم درية لن يقصروا معك في هذا
تحياتي

سامي أحمد الأشول
01-03-2013, 07:46 PM
كل كلام في الأم كبير في أسماعنا قليل في حقها
ولكن ما قلته يستحق الثناء
من أروع ما قرأته في الأم
فلله الدر الذي شربته من ثديها

د. سمير العمري
05-03-2013, 11:26 PM
أحسن الله عزاءنا جميعا ففقد الأم من أعظم المصائب وأشد الأوجاع!

ورأيي النقدي بهذا النص هو أنه مميز وجد جميل أسلوبا وجرسا حتى كأن الحروف تئن والكلمات تترفق وترق تأدبا مع الذكرى تارة وبرا بالمعنى تارة وتوجعا من الفقد تارة أخرى.

نص راق لي كثيرا وقدم لي شاعرا أرى أنه صاحب موهبة مميزة وبقليل فقط من الجهد سيكون له شأن كبير. ولكن هناك بعض أمور بسيطة في النص كانت تحتاج بعض عناية ثم هناك أيضا الحاجة لقليل من تكثيف الصورة والمعنى ، وراق لي كثيرا في مواضع عديدة هذا التحكم بالموسيقى الداخلية والخارجية لتخرج كلها موافقة للحالة الشعورية.

سأضع هنا مثلا بسيطا لبعض ما وجب عليك أن تراعيه وسأسوق هذه الفقرة مثالا:

خَلاَ البيْت منْ زعْترٍ ..
من خُزامَى
خلاَ منْ رَحيق العُطورْ
خلاَ منْ قُرنْفُلِ حِنّائِكِ..
منْ عَبير البُخورْ.
هنا تلاعب غير مقبول على التفعيلة ، وكذا تدوير غير صحيح إذ توجب أن يكون السطران كلاهما سطرا واحدا.

خلاَ منْ زُوارٍ..وصَحْبٍ قُدامى
زوّار هو الاشتقاق الصحيح وتخفيف التشديد هنا ممجوج ومستثقل حدا كبيرا وكان يمكنك أن تجد بدائل أخرى للمفردة تخدم المعنى.

ووجْهكِ أُمي؛
وأنتِ تَطوفينَ بالشّاي بيْن الأَحبّة بيْن الحُضورْ؛
يُشِعّ رضًى وابْتِسامَا
خلاَ البيْتُ منْهُ
تَخَلَّى أَريجُ الأُمومَةِ عنهُ
فَصِرْنا يَتامى...
فصِرْنا يَتامى..
فصِرْنا يتامى..
برأيي أن هذا تكلف شعري بالتكرار لم يكن له ثمة ضرورة.


تقديري

هاشم الناشري
06-03-2013, 11:05 PM
أنا لسْتُ أطْلب ردَّ القَضاءْ،
ولكنَّ فُقدانَ أمٍ حنونْ،
جنونٌ..جنونْ..
فبَعْدك أمِّي
أنا منْ أَكونْ ؟

رحم الله أمك وأسكنها فسيح جناته أخي
وجزاك الله خيرًا على التسليم والرضا
بقدر الله .
مشاعر صادقة نبيلة لاحرمك الله أجرها.

حياك الله في واحتك.

تحياتي وتقديري.

يوسف الصالحي
10-03-2013, 02:09 PM
الأديبة آمال المصري
شكرا لمرورك
تسعدني كثيرا كلمات تشجيعك الساحرة المعطاءة
لك مني ألف ألف تحية

يوسف الصالحي
10-03-2013, 02:16 PM
الشاعرة الأنيقة براءة الجودي
شكرا لمرورك العبق
أعدك بالعمل بنصائحك وتنقيح القصيدة
وهاهو الدكتور الفد سمير العمري يضع أنامله على الجرح الذي كنت سباقة في الإشارة إليه
دام ألقك

يوسف الصالحي
10-03-2013, 02:31 PM
الاستاذ الفاضل سامي أحمد الأشول
شكرا لمرورك وتفاعلك مع القصيدة
أسرتني كثيرا كلماتك
تحياتي

يوسف الصالحي
10-03-2013, 02:40 PM
الدكتور الفاضل أمير الواحة ومعلمها سمير العمري
إن مجرد مروركم على قصيدتي هو وسام فخر أضعه على صفحات مسيرتي الأدبية المتواضعة
فما بالكم وقد كلفتم نفسكم عناء دراسة هذه القصيدة وتحليلها وكشف مواطن الضعف والقوة فيها
أعدكم سيدي بمراجعتها وتنقيحها وفقا لملاحظاتكم السديدة
أدامكم الله دخرا للواحة وللأمة العربية
ودمتم في عزة الله

يوسف الصالحي
10-03-2013, 02:44 PM
الشاعر هاشم الناشري
مرورك بصمة وارفة أستظل بفيئها في واحتنا الظليلة
لك مني أزكى تحية

فاتن دراوشة
10-03-2013, 02:48 PM
نصّ رائع من حيث المضمون والفكرة

حمل حسّا راقيا وعواطف صادقة دافئة تّجاه أروع مخلوق بالنّسبة للملاحظات الأخرى أظنّ ما سبقني إليه الرّفاق كافيا

مودّتي

فاتن

يوسف الصالحي
17-03-2013, 10:26 PM
الشاعرة فاتن دراوشة
مرورك العذب أظفى على قصيدتي رونقا وجمالا
لك مني أحلى تحية

محمد ذيب سليمان
18-03-2013, 07:39 AM
رحم الله امك وامهات المسلمين
اعدتنا لأمهاتنا وما كن يفعلن من اجلنا طوال مدة حياتهن
وكم كن ينسين انفسهن لتقديم ارواحهن لنا
شكرا لك اخي الكريم

يوسف الصالحي
20-03-2013, 10:24 PM
الشاعر محمد ذيب سليمان
هي هدية لك بمناسبة عيد الأم
شكرا لمرورك العطر
تحياتي

نداء غريب صبري
07-04-2013, 11:26 PM
شعر جميل ومميز أخي
وكل ما نقوله في الأم مميز فكيف عندما يكون الكلام رائعا

شكرا لك

بوركت

يوسف الصالحي
22-04-2013, 06:26 PM
الشاعرة نداء غريب صبري
شكرا لك على هذا الإطراء الجميل
تحياتي وودي