المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أحمد الطموح



يحيى البحاري
27-02-2013, 08:00 PM
كان أحمد يجلس برفقة أصدقائه داخل كافتيريا ( الأمل المشرق) وسط المدينة ، رنّ هاتفه النقال ، بــامتعاض ردّ : آاي يا أمي
- تعال يا أحمد أبوك عَيّان
- أنا شغال يا أمي ، شوفي زول تاني
أحمد من أسرة متوسطة تخرج من الجامعة قبل خمس سنوات ،كان كثير التذمر من وضعه المعيشي ، كان يريد لطموحه القفز فوق المراحل ، كلما وجد وظيفة تركها ، معللاً ذلك لضعف راتبها الشهري ، ورغم ذلك يحلم ويحلم بتغيير وضعه الى الأفضل .. مرة ثانية رنّ هاتفه تلكأ قليلاً قبل أن يرد: ألو .. ولكن سريعاً ماتبدل امتعاضه الى ابتسامة وابتعد قليلاً عن أصدقائه .. ألو ندى، ندى الفتاة الثرية التي تزوجها واحد من أبناء طبقتها قبل ثلاث سنوات ، لكنها لم تكن موفقة معه ،كانا كثيراً مايتشاجران على كل صغيرة وكبيرة ، وفي خلافهما الأخير أتفقا على أن يبتعدا عن بعضهما عدة أيام حتى يتوصلان الى طريقة يضعان بها حداً لخلافاتهما المستمرة ، كان أحمد يرى فيها خلاصه من الفقر ، وهي ترى فيه خلاصها من زوجها .
قالت : أحمد زوجي داخل علي في الخط اقفل أنا برجع ليك
مباشرة أتصل زوجها : ألو .. ندى كيفك ؟
ردّت : أنا منتظراك
بعزيمة أتخذت قرارها ، أن تضع حداً نهائياً لمشاكلها مع زوجها هكذا قررت .. وفي موعده تماماً كان زوجها معها داخل الفيللا ،لاحظ وجودها لوحدها كغير المألوف ،لم يكترث لملاحظته كثيراً ، ما شغل تفكيره إصرارها على أن ينتظرها داخل الغرفة المنزوية آخر الممر الداخلي للفيللا ريثما تعود .. رنّ هاتفه كان المتصل صديقه ضابط الشرطة الذي أخبره إنه اليوم مناوب ، فأخبره بدوره إنه الآن في جلسة صلح ودية مع ندى .. دخلت عليه وهي مصوبة نحوه مسدسها كاتم الصوت ،دون أن تتردد أطلقت عليه رصاصتين أردتاه ( قتيلاً ) ثم نزعت عنه خاتماً باهظ الثمن ،وأخرجت من جيبه حزمة نقود وهاتفه النقال .. لم يكن شاقاً عليها قتله ، شغل تفكيرها ضخامة جسده الملقى وسط الغرفة وعليها كيفية إخفاءه ، سرعان ما واتتها فكرة أن تزحزح السرير وتجعله فوق الجثة ،لم تفكر كثيراً إذ بدأت في تفكيك أطراف السرير ،وإعادة تركيبها فوق الجسد الضخم .. ولم تنسى وهي خارجة من الغرفة أن تلقي عليها نظرة مراجعة .. ومن الهاتف الثابت الخاص بالفيللا أتصلت .
ألو .. أحمد إنت وين ؟
ردّ أحمد :أنا قريب
قبل أن تعرف أين هو بالضبط قالت : أنا عاوزه أشوّفك تعال هسه مامعاي زول
- حاضر
وفي طريقه إليها رنّ هاتفه بــامتعاض لم يرد حتى أنتهت نغمة هاتفه ، إنّه رقم والدته مرة أخرى أتصلت
ردّ مختصراً : آاي يا أمي
- أحمد إنت وين ؟
- أنا شغال يا أمي
لم تهتم لكلمة ( شغال ) لأنها تدرك أنّه يخدعها ، أكملت قولها :
- تعال يا أحمد أبوك عَيّان
ردّ أحمد: برجع بعد ساعتين
كان إحساسها كـأم يخبرها بأنه لن يرجع مثلما قال لها .. عندما اقترب من الفيللا أتصل بـ (ندى) ألو .. انا قريب ..أخبرته إنها تركت له الباب موارباً وعليه الدخول مباشرة .. مايميز الفيللا فنائها الشاسع ، وسورها العالي ،ونباتات الزينة المتراصة في تناسق تام ،وأشجار " اللاشوقة " العالية كأنها تتباهى بسموقها أعلى من الجدران .. وسط ممرات الحديقة كانت تنتظره ،وفي نفسها أن تضع نهاية لعلاقتها به ،اقتادته من يده وهو يتبعها مسلوب الإرادة، في آخر الممر عند باب الغرفة همست له :انتظرني على السرير ، انتظرني على السرير.. استلقى على السرير ونظره معلق على سقف الغرفة ، كتعليق أحلامه الموعودة ،انتظاره لندى كالعاشق يمني نفسه بالحسناء في ليل مجونها .. فسرّ تأخرها عنه بأنها تعد له شيئاً لأجل الضيافة ، بينما هي تعد له شيئاً آخر ! كانت تقف داخل محل إتصالات ، ألو.. شرطة النجدة ؟ أريد التبليغ عن جريمة قتل ، سجل العنوان .. وأحمد يجول ببصره في أنحاء الغرفة نظر الى المرآة كأنه تخيل وجود رجل أسفل السرير ، ومابين شخوص بصره لبرهة ومابين توهمه ، نظر أسفل السرير ليتأكد من ذلك ، نهض مذعوراً غير مصدقاً بأن أسفل السرير قتيل .. وبصوت عالٍ: ياندى ، ندى ، ياندى .. باحثاً عنها في كل أرجاء الفيللا ركض الى الفناء الخارجي ، والأبواب مغلقة من الخارج ،تناهى الى مسامعه صافرة النجدة وهي تقترب من الفيللا ، بمهارة تسلق على شجرة ( اللاشوقة ) وثمة طائر عليها وصل رجال الشرطة وانتشروا داخل الفناء ، وهو ينظر الى الطائر كأنه يستجديه راجياً منه ، أن لا يصدر صوتاً يلفت إنتباه العسكري إليه .. فبدر الى ذهنه ماذا لو أتصلت عليه والدته في هذه اللحظات ؟ لنبه رنين هاتفه رجال الشرطة ،لماذا أمه بالذات ؟ ربما يتصل عليه أي واحد من أصدقائه او ربما يتصل شخص ما عن طريق الخطأ .. وأمه هناك تدعو الله له ، بأن يصلح من حاله ويهديه الى الطريق القويم . دخلت ندى من الباب مستفسرة عن الذي حصل ، كأنها جاءت للتو ، ولدهشة الجميع أمر الضابط بالقبض عليها ، موجهاً لها تهمة قتل صديقه، الذي أخبره قبل مقتله بقليل ،إنّه معها في جلسة صلح ودية .


الخرطوم /15/12/2011
يحيى البحاري

عبد السلام دغمش
27-02-2013, 08:28 PM
أخي البحاري

قصة تلاحقت فيها الأنفاس تعكس حالات الصراع داخل البيوت ..والصراع بين الانتماء العائلي -- الفضيلة-والذي مثله هاتف الأم وبين ندى و شططها-الرذيلة

تحياتي لك ولأسلوبك المباشر في السرد

تنبيه بسيط :مستفسرة عن الذي حصل..الكلمة العامية "عيّان" بالتشكيل أفضل

يحيى البحاري
27-02-2013, 08:36 PM
أخي البحاري

قصة تلاحقت فيها الأنفاس تعكس حالات الصراع داخل البيوت ..والصراع بين الانتماء العائلي -- الفضيلة-والذي مثله هاتف الأم وبين ندى و شططها-الرذيلة

تحياتي لك ولأسلوبك المباشر في السرد

تنبيه بسيط :مستفسرة عن الذي حصل..الكلمة العامية "عيّان" بالتشكيل أفضل

أهلاً بك أخي الأديب الراقي جداً عبدالسلام
لقد جئت في وقتك . تم التعديل .. أشكرك على التنبيه
تحياتي

براءة الجودي
28-02-2013, 11:10 AM
حقيقة قصة مشوقةونهاية مفاجأة كنتُ أن أحمد سيثقبض عليه لكن سبحان الله أمه لم تنساه من دعواتها والله ينجي البرئ ,والمأة بقى عليها دلي لم تدركه لأنها لم تكن مع زوجها حيما قال لصديقه أنه في جلسة ودية معه
تسرد القصة بسلاسة وتمنيتُ ان لاتكون هناك عبارات عامية
تحياتي لك

يحيى البحاري
07-03-2013, 11:10 AM
حقيقة قصة مشوقةونهاية مفاجأة كنتُ أن أحمد سيثقبض عليه لكن سبحان الله أمه لم تنساه من دعواتها والله ينجي البرئ ,والمأة بقى عليها دلي لم تدركه لأنها لم تكن مع زوجها حيما قال لصديقه أنه في جلسة ودية معه
تسرد القصة بسلاسة وتمنيتُ ان لاتكون هناك عبارات عامية
تحياتي لك

أهلاً بالأديبة الراقية براءة
الكتابة عندي تحتمل التجريب مابين العامية والفصحى
سأضع ملاحظتك في خطواتي القادمة بإذنه تعالى
تحياتي

آمال المصري
07-03-2013, 05:10 PM
ومن الطموح ماقتل ....
وهنا كاد أن يرمي به في غياهب السجن أو يُعلق بحبل المشنقة وهو بريء
لولا رحمة من ربه ودعوة صادقة ممن عاقها مانجى من مانُصب له من فخ
قص ماتع وسرد جميل وتصاعد للأحداث يجعلنا نتابع بشوق
لولا استخدامك لبعض لفظة عامية لصار النص أروع
بوركن أديبنا واليراع
ولك مطر من التحايا

يحيى البحاري
09-03-2013, 12:24 PM
ومن الطموح ماقتل ....
وهنا كاد أن يرمي به في غياهب السجن أو يُعلق بحبل المشنقة وهو بريء
لولا رحمة من ربه ودعوة صادقة ممن عاقها مانجى من مانُصب له من فخ
قص ماتع وسرد جميل وتصاعد للأحداث يجعلنا نتابع بشوق
لولا استخدامك لبعض لفظة عامية لصار النص أروع
بوركن أديبنا واليراع
ولك مطر من التحايا

أهلا بك أختي أستاذة آمال
دائما يسعدني وجودك
سأعمل بهذه النصيحة القيمة
كوني بخير

ربيحة الرفاعي
20-06-2013, 09:41 PM
أكان ليعتبر قتيل طموحة لو لم تنقذه بدعاء أمه تلك المكالمة بين القتيل وصديقه ضابط الأمن أم قتيل مجونه وانفلاته الخلقي أم قتيل عقوقه
فتى كل وصفه مذمّة
وقصة شائقة السرد رغم بعض مباشرة

دمت بخير

تحاياي

نداء غريب صبري
21-06-2013, 08:49 AM
وكم يجني الطموح على ذويه فينقلب الطموح لهم عقابا
الطموح يجب أن يستند لامكانات موجودة، وهو يريد صيدا سهلا

قصة جميلة أخي

شكرا لك

بوركت

يحيى البحاري
21-06-2013, 08:21 PM
أكان ليعتبر قتيل طموحة لو لم تنقذه بدعاء أمه تلك المكالمة بين القتيل وصديقه ضابط الأمن أم قتيل مجونه وانفلاته الخلقي أم قتيل عقوقه
فتى كل وصفه مذمّة
وقصة شائقة السرد رغم بعض مباشرة

دمت بخير

تحاياي

أهلااااا أستاذة ربيحة
أعجبني قولك " فتى كل وصفه مذمة"
كوني بخير

يحيى البحاري
21-06-2013, 08:23 PM
وكم يجني الطموح على ذويه فينقلب الطموح لهم عقابا
الطموح يجب أن يستند لامكانات موجودة، وهو يريد صيدا سهلا

قصة جميلة أخي

شكرا لك

بوركت

أهلا، أهلا أستاذة نداء
تعليق في مقام النصيحة
تحياتي

ناديه محمد الجابي
22-06-2013, 11:26 AM
إن عقوق الأبناء ظاهرة متفشية في كثير من مجتمعاتنا
ولكن هل يجفا صدر الأم وتتلاشى كلمات الود والحنان
من قلبها الزاخر بالعطاء بلا حساب , فتكف عن الدعاء لولدها
حتى لو كان قد أعاقها .
هذا ما تحكيه لنا هذه القصة المشوقة بسرد واقعي سلس يقدم
بأسلوب أدبي قصة رائعة معبرة مؤثرة.
بوركت ولك تحياتي وودي.

يحيى البحاري
24-06-2013, 07:22 AM
إن عقوق الأبناء ظاهرة متفشية في كثير من مجتمعاتنا
ولكن هل يجفا صدر الأم وتتلاشى كلمات الود والحنان
من قلبها الزاخر بالعطاء بلا حساب , فتكف عن الدعاء لولدها
حتى لو كان قد أعاقها .
هذا ما تحكيه لنا هذه القصة المشوقة بسرد واقعي سلس يقدم
بأسلوب أدبي قصة رائعة معبرة مؤثرة.
بوركت ولك تحياتي وودي.

أهلا ومرحبا أستاذة نادية
إنه قلب الأم
لايعرف غير الحب والتسامح والنبل
تحياتي

كاملة بدارنه
29-07-2013, 10:43 PM
قصّة تعكس حقدا وقسوة امرأة لا مبرّر لهما ... وكذلك الكذب بتخطيطها لاتّهام غيرها
سرد شائق، لكن احتاجت اللّغة مراجعة لوجود بعض الأخطاء
بوركت
تقديري وتحيّتي

يحيى البحاري
31-07-2013, 08:24 AM
قصّة تعكس حقدا وقسوة امرأة لا مبرّر لهما ... وكذلك الكذب بتخطيطها لاتّهام غيرها
سرد شائق، لكن احتاجت اللّغة مراجعة لوجود بعض الأخطاء
بوركت
تقديري وتحيّتي

أهلا أستاذة كاملة
سأقف عند اللغة مرات ومرات رغم استخدامي للعامية وأرجو أن أجد المفردة الاجمل
مرورك يسعدني
رمضان كريم وكل عام وأنت بخير

تقديري

د. سمير العمري
28-09-2013, 06:30 PM
نص أقرب لفن الحكي منه إلى القص ، ورصد لحالة اجتماعية وتناول نفسي إنساني لمن يدفعه غروره حينا وطموحه غير السوي حينا للوصول للهلكة.
أسلوبك يستحق الإشادة لأنه يجذب القارئ حتى النهاية.

تقديري

يحيى البحاري
29-09-2013, 07:03 PM
نص أقرب لفن الحكي منه إلى القص ، ورصد لحالة اجتماعية وتناول نفسي إنساني لمن يدفعه غروره حينا وطموحه غير السوي حينا للوصول للهلكة.
أسلوبك يستحق الإشادة لأنه يجذب القارئ حتى النهاية.

تقديري

أسعد الله كل أوقاتك أستاذنا القدير د.العمري
يسعدني حضورك الراقي ، كلماتك شهادة أعتز بها
كن بخير