مشاهدة النسخة كاملة : الليلة الثانية بعد الألف ..
بهجت عبدالغني
28-02-2013, 06:02 PM
الليلة الثانية بعد الألف ..
في آخر أسفاري ، اعتليت صهوة سفينتي ، وقبل انبلاج الفجر ، خضت عباب البحر ، فساقتني الأمواج العاتية ، وسط الأعاصير الهائجة ، إلى جزيرة من أعجب ما رأيت ، وأغرب ما سمعت ..
جزيرة تحمل من كل متناقض لوناً ، وتُظهر كل لحظة وجهاً ، تتكلم فلا تفقه منها شيئاً ، وتصمت فلا تزداد إلا جهلاً ، تغنّي بألف لحن ولحن ، ألحان ذات شجن ، تخدر العقول ، وتبعث في النفس الخمول ..
أنا السندباد .. وهذه حكايتي لليلة الثانية بعد الألف ..
كنت أرسو في شاطئ ، فتتقاذف إليّ التجار والبحارة من كل حدب وصوب ، يطمعون في تجارتي ، ويصغون إلى غرائبي ..
أما هذه الجزيرة فشأنها مختلف ، وشملها غير مؤتلف ..
استقبلنا الخواء ، فلا أرض تبدو ولا سماء ، فتشاءم الرفاق ، وأشاروا بمغادرتها والفراق ، فذكّرتهم بالبطولات والأيام الخوالي ، في الوديان والبحار والجبال والفيافي ، فاستعادوا بأسهم ، وشحذوا همتهم ، فتوكلنا على الله ، وأنزلنا المرساة ..
توغلنا داخل الجزيرة ، غابات كئيبة ، ومناظر موحشة .. وأخرى لا تدري ، أتضحك منها أم تبكي ؟
فئران تلتهم أسوداً .. دجاجة تنهش بمخالبها صقوراً .. ديدان تناطح الجبال .. ملوك تلبس الأسمال ..
ذئاب مجتمعة ، يتوافقون حيناً ، ويمضغون لحوم بعض أحياناً أخرى ..
حمار بليد يمشي الهوينا على ثلاثة ، تقود قافلة من قسورة ، يزأرون لنعيقه ، ويسيرون على خطته .. أو ربما هكذا بدا لي .. لا ادري ..
ضباع سحم الوجوه ، الغدر فيهم طبيعة ، والمكر لهم طريقة ، يترصدون كل جميل فيقتلعوه ، وكل خير فيدفنوه ..
قوارير ناصعة ، كأنها الربيع في بهائها وزينتها ، تشوهها أيادي غول قبيحة ، يمتصون منها الرحيق ، ثم يرمونها ذابلة محطمة على قارعة الطريق ..
ناس حفاة عراة جوعى ، تمر قدّامهم ما لذّ وطاب ، فلا يرجعون منه إلا بحفنات تسد الرمق وتستر العورة .. أو يكاد ..
فلاح معه بذور صالحة وفاسدة ، يزرع الفاسدة ويترك الجيدة ، فإذا جاء وقت الحصاد ورأى سوء وقبح صنيعه ، لم يعتبر وعاد إلى سيرته ..
ناس حسن الوجوه جميلها ، فإذا اقتربت أصابتك نارها ولظاها ..
كل شيء هنا مختلف ، وشمل هذه الجزيرة غير مؤتلف ..
فهالني ما رأيت .. وهزني ما سمعت ..
فوليت فراراً لا آلو على شيء ولا أعقب ، النجاة النجاة .. أمرت برفع المرساة ، والخوض في البحار المجهولة ، فلا طائر الرخ بات في ناظري مهولاً ، ولا وادي الثعابين يخيفني ، ولا الغول يرعبني ..
والبحر بكل ما فيه من مخاطر وخواطر ، بات قريباً مني ، صديقاً لي .. فماؤه ماء ، وسماؤه سماء ..
وصرت أصيح :
أنت يا بحر أحبك أنت .. كما أنت .. وهذا يكفيني منك ..
أنا السندباد ..
ما عاد لي حكاية منذ الليلة الثانية بعد الألف ..
الطنطاوي الحسيني
28-02-2013, 07:09 PM
صراحة بعد كل هذا الرعب والانقلاب والانفلات
له حق السندباد ان يعتبر مخاطر البحر واهواله لا شيئ بجانب كل ما جزيرة الاحياء الاموات
تحياتي لالقك ومعك متابعون ايه اللاوزعي
محمد الشرادي
28-02-2013, 09:13 PM
الليلة الثانية بعد الألف ..
في آخر أسفاري ، اعتليت صهوة سفينتي ، وقبل انبلاج الفجر ، خضت عباب البحر ، فساقتني الأمواج العاتية ، وسط الأعاصير الهائجة ، إلى جزيرة من أعجب ما رأيت ، وأغرب ما سمعت ..
جزيرة تحمل من كل متناقض لوناً ، وتُظهر كل لحظة وجهاً ، تتكلم فلا تفقه منها شيئاً ، وتصمت فلا تزداد إلا جهلاً ، تغنّي بألف لحن ولحن ، ألحان ذات شجن ، تخدر العقول ، وتبعث في النفس الخمول ..
أنا السندباد .. وهذه حكايتي لليلة الثانية بعد الألف ..
كنت أرسو في شاطئ ، فتتقاذف إليّ التجار والبحارة من كل حدب وصوب ، يطمعون في تجارتي ، ويصغون إلى غرائبي ..
أما هذه الجزيرة فشأنها مختلف ، وشملها غير مؤتلف ..
استقبلنا الخواء ، فلا أرض تبدو ولا سماء ، فتشاءم الرفاق ، وأشاروا بمغادرتها والفراق ، فذكّرتهم بالبطولات والأيام الخوالي ، في الوديان والبحار والجبال والفيافي ، فاستعادوا بأسهم ، وشحذوا همتهم ، فتوكلنا على الله ، وأنزلنا المرساة ..
توغلنا داخل الجزيرة ، غابات كئيبة ، ومناظر موحشة .. وأخرى لا تدري ، أتضحك منها أم تبكي ؟
فئران تلتهم أسوداً .. دجاجة تنهش بمخالبها صقوراً .. ديدان تناطح الجبال .. ملوك تلبس الأسمال ..
ذئاب مجتمعة ، يتوافقون حيناً ، ويمضغون لحوم بعض أحياناً أخرى ..
حمار بليد يمشي الهوينا على ثلاثة ، تقود قافلة من قسورة ، يزأرون لنعيقه ، ويسيرون على خطته .. أو ربما هكذا بدا لي .. لا ادري ..
ضباع سحم الوجوه ، الغدر فيهم طبيعة ، والمكر لهم طريقة ، يترصدون كل جميل فيقتلعوه ، وكل خير فيدفنوه ..
قوارير ناصعة ، كأنها الربيع في بهائها وزينتها ، تشوهها أيادي غول قبيحة ، يمتصون منها الرحيق ، ثم يرمونها ذابلة محطمة على قارعة الطريق ..
ناس حفاة عراة جوعى ، تمر قدّامهم ما لذّ وطاب ، فلا يرجعون منه إلا بحفنات تسد الرمق وتستر العورة .. أو يكاد ..
فلاح معه بذور صالحة وفاسدة ، يزرع الفاسدة ويترك الجيدة ، فإذا جاء وقت الحصاد ورأى سوء وقبح صنيعه ، لم يعتبر وعاد إلى سيرته ..
ناس حسن الوجوه جميلها ، فإذا اقتربت أصابتك نارها ولظاها ..
كل شيء هنا مختلف ، وشمل هذه الجزيرة غير مؤتلف ..
فهالني ما رأيت .. وهزني ما سمعت ..
فوليت فراراً لا آلو على شيء ولا أعقب ، النجاة النجاة .. أمرت برفع المرساة ، والخوض في البحار المجهولة ، فلا طائر الرخ بات في ناظري مهولاً ، ولا وادي الثعابين يخيفني ، ولا الغول يرعبني ..
والبحر بكل ما فيه من مخاطر وخواطر ، بات قريباً مني ، صديقاً لي .. فماؤه ماء ، وسماؤه سماء ..
وصرت أصيح :
أنت يا بحر أحبك أنت .. كما أنت .. وهذا يكفيني منك ..
أنا السندباد ..
ما عاد لي حكاية منذ الليلة الثانية بعد الألف ..
أخ بهجت
في هذا النص الذي يقف في الوسط بين القصة و المقامة عبرت بكل صدق عن حالة امة بات كل شيء فيها يمشي على يديه، و كل ما رآه السندباد وجده معكوسا بشكل غريب.
وضع يحتاج إلى تصويب حتى يمشي على قدميه.
دام الألق لقلمك.
ناديه محمد الجابي
28-02-2013, 11:03 PM
يبدو أن سندباد في رحلته في الليلة الثانية بعد الألف
قد نزل في جزيرة الدنيا في الألفية الثانية .. وقد اختلط
الحابل بالنابل , واختلف كل شىء , فظهرت كل تلك المناظر
الغريبة .. فعلي سبيل المثال : القوارير.. هي النساء التي
تعتدي علها الذئاب البشرية .
والحفاة العراة الجوعي .. هم الشعوب , وهم يرون رزق بلادهم
ولا يتحصلوا منه إلا علي الفتات .
والفلاح الذي يزرع فيحصد ما يزرع :
قال تعالي : يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ
والناس حسنة الوجوه إذا اقتربت منها أصابتك
هم رفقاء السوء , وشياطين الأنس ـ إذا اقترب
منهم الأنسان يصيبهم نارهم , ويلقوا بهم إلي الجحيم .
هكذا رأيت سندبادك
أرجو أن أكون قد اقتربت من فكرتك , ولو قليل
تحياتي لك وتقديري لقلمك .
براءة الجودي
01-03-2013, 06:38 PM
فئران تلتهم أسوداً .. دجاجة تنهش بمخالبها صقوراً .. ديدان تناطح الجبال .. ملوك تلبس الأسمال ..
ذئاب مجتمعة ، يتوافقون حيناً ، ويمضغون لحوم بعض أحياناً أخرى ..
حمار بليد يمشي الهوينا على ثلاثة ، تقود قافلة من قسورة ، يزأرون لنعيقه ، ويسيرون على خطته .. أو ربما هكذا بدا لي .. لا ادري ..
ضباع سحم الوجوه ، الغدر فيهم طبيعة ، والمكر لهم طريقة ، يترصدون كل جميل فيقتلعوه ، وكل خير فيدفنوه ..
قوارير ناصعة ، كأنها الربيع في بهائها وزينتها ، تشوهها أيادي غول قبيحة ، يمتصون منها الرحيق ، ثم يرمونها ذابلة محطمة على قارعة الطريق ..
ناس حفاة عراة جوعى ، تمر قدّامهم ما لذّ وطاب ، فلا يرجعون منه إلا بحفنات تسد الرمق وتستر العورة .. أو يكاد ..
فلاح معه بذور صالحة وفاسدة ، يزرع الفاسدة ويترك الجيدة ، فإذا جاء وقت الحصاد ورأى سوء وقبح صنيعه ، لم يعتبر وعاد إلى سيرته ..
ناس حسن الوجوه جميلها ، فإذا اقتربت أصابتك نارها ولظاها ..
هذه أحوال المسلمين اليوم داخل بلدانهم ولن يغير الله مابهم حتى يغيروا مابأنفسهم , قصة رائعة وهادفة استاذ بهجت
نفع الله بك
بهجت عبدالغني
02-03-2013, 08:48 AM
صراحة بعد كل هذا الرعب والانقلاب والانفلات
له حق السندباد ان يعتبر مخاطر البحر واهواله لا شيئ بجانب كل ما جزيرة الاحياء الاموات
تحياتي لالقك ومعك متابعون ايه اللاوزعي
أهلاً بك صديقي العزيز الأستاذ الطنطاوي
شاكرٌ لك حضورك البهي وقراءتك
حفظك المولى ورعاك
تحياتي ..
بهجت عبدالغني
02-03-2013, 08:52 AM
أخ بهجت
في هذا النص الذي يقف في الوسط بين القصة و المقامة عبرت بكل صدق عن حالة امة بات كل شيء فيها يمشي على يديه، و كل ما رآه السندباد وجده معكوسا بشكل غريب.
وضع يحتاج إلى تصويب حتى يمشي على قدميه.
دام الألق لقلمك.
من خلال صناعة الوعي ، والاعتراف بالاخطاء والسلبيات لحلها وفق المنظور الشرعي
سيعود السندباد ليقف على قدميه ..
الأخ المبدع محمد الشرادي
تحيتي وشكري لمرورك العطر
وقراءتك القيمة ..
دعائي وتحياتي ..
بهجت عبدالغني
04-03-2013, 05:57 PM
يبدو أن سندباد في رحلته في الليلة الثانية بعد الألف
قد نزل في جزيرة الدنيا في الألفية الثانية .. وقد اختلط
الحابل بالنابل , واختلف كل شىء , فظهرت كل تلك المناظر
الغريبة .. فعلي سبيل المثال : القوارير.. هي النساء التي
تعتدي علها الذئاب البشرية .
والحفاة العراة الجوعي .. هم الشعوب , وهم يرون رزق بلادهم
ولا يتحصلوا منه إلا علي الفتات .
والفلاح الذي يزرع فيحصد ما يزرع :
قال تعالي : يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ
والناس حسنة الوجوه إذا اقتربت منها أصابتك
هم رفقاء السوء , وشياطين الأنس ـ إذا اقترب
منهم الأنسان يصيبهم نارهم , ويلقوا بهم إلي الجحيم .
هكذا رأيت سندبادك
أرجو أن أكون قد اقتربت من فكرتك , ولو قليل
تحياتي لك وتقديري لقلمك .
أهلاً بك أستاذتي الكريمة نادية
وقراءتك الفاحصة الدقيقة ..
نعم لقد نزل السندباد على جزيرة الحياة التي تكتنفها الفوضى والتخبط ..
وخرج مذعوراً
فهل عندما سيعود إليها في حكايته الثالثة بعد الألف ، سيرى ما يسره !
حفظك المولى ورعاك ووفقك
تحياتي وتقديري ..
بهجت عبدالغني
04-03-2013, 06:16 PM
هذه أحوال المسلمين اليوم داخل بلدانهم ولن يغير الله مابهم حتى يغيروا مابأنفسهم , قصة رائعة وهادفة استاذ بهجت
نفع الله بك
تحيتي لك مبدعتنا العزيزة براءة
وشكراً لحضورك المشرق وقراءتك ..
دمت بخير وعافية
تحياتي ..
ربيحة الرفاعي
07-04-2013, 01:22 AM
تعجبني الفلسفة الحكيمة المتوارية وراء النص بذكاء
نص طرح رسالته التوعوية بسردية استلهمت واقع الأمة واستوحت صورها من التراث القصي الجميل
دممت بخير ايها الرائع
تحاياي
بهجت عبدالغني
11-04-2013, 05:22 PM
تعجبني الفلسفة الحكيمة المتوارية وراء النص بذكاء
نص طرح رسالته التوعوية بسردية استلهمت واقع الأمة واستوحت صورها من التراث القصي الجميل
دممت بخير ايها الرائع
تحاياي
أن تُعجب قامة سامقة بنصي
فذاك شهادة فخر لي
استاذتي ربيحة
حضورك نور
دمت بخير وعافية
تحياتي ..
نداء غريب صبري
06-07-2013, 12:21 AM
من الذي يسير على يديه السندباد أم العباد؟
كل شئ صار مقلوبا في هذا الزمان المقلوب أخي
والحقيقة صارت ملونة
وكاذبة
شكرا لك
بوركت
بهجت عبدالغني
06-07-2013, 01:10 PM
من الذي يسير على يديه السندباد أم العباد؟
كل شئ صار مقلوبا في هذا الزمان المقلوب أخي
والحقيقة صارت ملونة
وكاذبة
شكرا لك
بوركت
يبدو ذلك أختي العزيزة
البارحة قلت لأخي : تعلمت من هذه الأيام القليلة التي رأينا فيها ما جرى في مصر ما لم أتعلمه من قراءة خمسة عشر سنة !
شكري الخالص
ودعواتي
لانا عبد الستار
02-08-2013, 02:27 AM
قصة اهتمت بالفكرة وعمقها وتاثيرها أكثر من كل شئ آخر
وقراتها هادفة وعظيمة الفائدة
اشكرك
بهجت عبدالغني
08-08-2013, 10:19 PM
أختي العزيزة الأديبة لانا عبد الستار
شكراً لمرورك وحضورك
رزقك الله تعالى سعادة الدارين
وكل عام وأنت بألف خير
تحاياي
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir