المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : انكسارات ...



ياسر سالم
07-03-2013, 05:30 PM
http://www6.0zz0.com/2013/03/07/16/519047611.jpg (http://www.0zz0.com)



في كل مرة .. لم تكد تصفو أيامنا حتى تخترمها عادية أخرى من عوادى الدهر .. كنت أحلم ببيت مسقوف .. فلما أظلني سقفه مات أبي ؛ لأنه في علم المصريات إما أن تلهث نَصَباً ؛ فتصل الليل بالنهار ليكون لك بيت صالح للسكنى وإما أن تعيش ..!
فأحرزت بيتا مسقوفا صالحا للعيش ولا أزال حيا ..!
عشت .. حتى إذا آذنت الفجيعة بانقضاء ..تعللت أمى من أشياء (بسيطة) .. ربما كانت تصر من قبل على عدم البوح بها ، لتوفر لنا مساحة أعرض من الهدوء والطمأنينة ..
فلما بلغ الأمر منها مبلغا ؛ تبدّى رغما عنها ما كانت تخفيه وتقصيه ، ارتسمت آثار ذلك على ملامحها فهمدت حركاتها شيئا ...
..... قاوَمَت ولم تزل ، حتى بقى لديها كُلْية معطوبة بعد توقف الأخرى ... ولله الأمر من قبلُ ومن بعد .
لم أستطع فعل شئ حتى لأخي الأصغر الذى أودع في السجن (هناك ) منذ فترة طويلة تمهيدا لترحيله إلى مصر ..
ضربت في الأرض سعياً ، وخلّفت مع أمي أخي الفتي الذي تحسنت مِشيته شيئا ما ، بعد التئام ٍجزئي لقدميه المكسورتين ، وعقبيه اللذين تفتتا إثر سقوط مدوٍ من علٍ .. خلّفته معها ليقوم على أمرها ..!
لم ألبث سوى بضعة شهور حتى عدت أدراجي من أقاصي الأرض فزعا مذعورا؛ لأحضر جنازة أخي الشاب الفتىّ الذي لم تكد تتحسن مشيته حتى لاقى ما يلقاه كثير من جيراننا .. دهسته سيارة حقيرة على طريق غبي (صُنع في مصر )
عدت ولا أبالى بقصور العصب السمعي، والطنين المستمر في أذنيّ .. ومن خلف العتومات المزمنة التي عششت في عيني ، والدموع التي تنساح على وجهي ، استطعت أن أرى أمي ، وأرى زهرتين خلّفهما أخي، اطمأننت على أحوالهم ..
سافرت ، ثم عدت بعد أشهر ؛ لأمكث دهرا واقفا في طابور مصري طويل من أجل حجز تذكرة دخول إلى قسم جراحة التجميل ، وأنا أتساءل طيلة الوقت :هل حقا سيتمكن الطبيب - أي طبيب - أن يعالج رأس ابن أخي الراحل بعد أن ذابت مساحة كبيرة من فروة رأسه وسقطت مع جلد صدغه الأيمن على إثر مقلاة زيتٍ مغلىٍ انكفأت عليها .؟!

.... لا محيد عن الصبر، ولا أمل إلا في الرضا بما تصرّف به القضاء ..
من يدري لعل أموري يوما أن تتحسن فأشتري لنفسي جهازا لمراقبة داء السكري ... كالذي اشتريته لأمي منذ أشهر قليلة ..!

عبد السلام دغمش
07-03-2013, 06:21 PM
أخي ياسر
إستمتعت بهذا النصّ لغةً و سرداً..وإن كنت قد تألمت لهذه "الانكسارات" على تكالبها
المرض وفقدان الحبيب ثم الغربة والظلم ..شديدة الوقع على النفس ولا مفر من قضاء الله الا التسليم والأمل.
الاشارة لمصر لها وقعٌ خاص ..ولعل هذه الانكسارات تجبر بتوفيق الله وصبر العباد لما هو خير.
أحييك أخي

كاملة بدارنه
07-03-2013, 09:11 PM
.. لا محيد عن الصبر، ولا أمل إلا في الرضا بما تصرّف به القضاء ..
هنا قرأت عن صبر ك" صبر الخشب تحت المناشير" مثلما يقال.
انكسارات لا يتحمّلها إلّا البعض
هموم الدّنيا لا تحصى ولا تعدّ ولكل نصيبه ... مسكين هذا البطل
بوركت
تقديري وتحيّتي

ناديه محمد الجابي
08-03-2013, 07:04 PM
قال تعالى :
استَعِينُواْ بِالصَّبرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ
وقال الشاعر :
اصبر قليلا فبعد العسر تيسير*** وكل أمر له وقت وتدبير.

قصة مؤلمة موجعة, أتمنى أن لا تكون حقيقية
وأن كنت أقول لك :
ولا تجزع لحادثة الليالي فما لحوادث الدنيا بقاء
تحياتي .

مصطفى حمزة
10-03-2013, 06:28 AM
http://www6.0zz0.com/2013/03/07/16/519047611.jpg (http://www.0zz0.com)



في كل مرة .. لم تكد تصفو أيامنا حتى تخترمها عادية أخرى من عوادى الدهر .. كنت أحلم ببيت مسقوف .. فلما أظلني سقفه مات أبي ؛ لأنه في علم المصريات إما أن تلهث نَصَباً ؛ فتصل الليل بالنهار ليكون لك بيت صالح للسكنى وإما أن تعيش ..!
فأحرزت بيتا مسقوفا صالحا للعيش ولا أزال حيا ..!
عشت .. حتى إذا آذنت الفجيعة بانقضاء ..تعللت أمى من أشياء (بسيطة) .. ربما كانت تصر من قبل على عدم البوح بها ، لتوفر لنا مساحة أعرض من الهدوء والطمأنينة ..
فلما بلغ الأمر منها مبلغا ؛ تبدّى رغما عنها ما كانت تخفيه وتقصيه ، ارتسمت آثار ذلك على ملامحها فهمدت حركاتها شيئا ...
..... قاوَمَت ولم تزل ، حتى بقى لديها كُلْية معطوبة بعد توقف الأخرى ... ولله الأمر من قبلُ ومن بعد .
لم أستطع فعل شئ حتى لأخي الأصغر الذى أودع في السجن (هناك ) منذ فترة طويلة تمهيدا لترحيله إلى مصر ..
ضربت في الأرض سعياً ، وخلّفت مع أمي أخي الفتي الذي تحسنت مِشيته شيئا ما ، بعد التئام ٍجزئي لقدميه المكسورتين ، وعقبيه اللذين تفتتا إثر سقوط مدوٍ من علٍ .. خلّفته معها ليقوم على أمرها ..!
لم ألبث سوى بضعة شهور حتى عدت أدراجي من أقاصي الأرض فزعا مذعورا؛ لأحضر جنازة أخي الشاب الفتىّ الذي لم تكد تتحسن مشيته حتى لاقى ما يلقاه كثير من جيراننا .. دهسته سيارة حقيرة على طريق غبي (صُنع في مصر )
عدت ولا أبالى بقصور العصب السمعي، والطنين المستمر في أذنيّ .. ومن خلف العتومات المزمنة التي عششت في عيني ، والدموع التي تنساح على وجهي ، استطعت أن أرى أمي ، وأرى زهرتين خلّفهما أخي، اطمأننت على أحوالهم ..
سافرت ، ثم عدت بعد أشهر ؛ لأمكث دهرا واقفا في طابور مصري طويل من أجل حجز تذكرة دخول إلى قسم جراحة التجميل ، وأنا أتساءل طيلة الوقت :هل حقا سيتمكن الطبيب - أي طبيب - أن يعالج رأس ابن أخي الراحل بعد أن ذابت مساحة كبيرة من فروة رأسه وسقطت مع جلد صدغه الأيمن على إثر مقلاة زيتٍ مغلىٍ انكفأت عليها .؟!

.... لا محيد عن الصبر، ولا أمل إلا في الرضا بما تصرّف به القضاء ..
من يدري لعل أموري يوما أن تتحسن فأشتري لنفسي جهازا لمراقبة داء السكري ... كالذي اشتريته لأمي منذ أشهر قليلة ..!
أخي الأكرم ، الأستاذ ياسر
أسعد الله أوقاتك
ذكرني هذا البؤس والبؤساء بـ ( بؤساء ) هوجو ! أوما في حياة هذه الأسرة إلا المرض والشقاء !؟ حتى الومضة الأخيرة تحمل إعلانا بداء السكر !
سردٌ عفويٌ ممتع ، بلغة نقية قويّة ، ونقد اجتماعيّ لاذع ذكيّ .
تحياتي وتقديري

ياسر سالم
10-03-2013, 09:38 AM
أخي ياسر
إستمتعت بهذا النصّ لغةً و سرداً..وإن كنت قد تألمت لهذه "الانكسارات" على تكالبها
المرض وفقدان الحبيب ثم الغربة والظلم ..شديدة الوقع على النفس ولا مفر من قضاء الله الا التسليم والأمل.
الاشارة لمصر لها وقعٌ خاص ..ولعل هذه الانكسارات تجبر بتوفيق الله وصبر العباد لما هو خير.
أحييك أخي



أشكرك أخي الكريم عبد السلام
وألتمس من حضرت العذر في التفاعل معك على نحو فيه انتصاف لك من نفسي ووقتي
أرحب بك دائما اخا عزيزا وقارئا مكينا لهذه النمنمات التي تجتاحني بين الفينة والأخرى
نعم سيدي .. كان تبعات جسام ومصائب تبدو في ظاهرها عظيمه ..
ولكنني كنت - ومازلت - على يقين أن الله تعالى لم ينزل بنا بلاء إلا وأنزل معه ما يخففه ويلطف من حرارته وقسوته وغلوائه وقد كان .. ولله وحده الفضل والمنة ..
انجبرت هذه الانكسارت أخي الحبيب ,, وكما عودنا الله الجميل ، فقد انعم علينا بما ينعم به على عباده
فلله شكرى وحمدي ..
أشكرك على تفاعلك الطيب وقراءتك الجميلة
ولك دعواتي وتقديري

ياسر سالم
10-03-2013, 09:44 AM
هنا قرأت عن صبر ك" صبر الخشب تحت المناشير" مثلما يقال.
انكسارات لا يتحمّلها إلّا البعض
هموم الدّنيا لا تحصى ولا تعدّ ولكل نصيبه ... مسكين هذا البطل
بوركت
تقديري وتحيّتي



اهلا بمقدم استاذتنا الكبيرة العزيزة استاذة كاملة ..
أكمل الله عليك نعمه ظاهرةً وباطنةَ
ورزقك وذويك السعادة ابدا ..
وأبعد عنكم كل وحشة وغربة وألم وانكسار

نعم أستاذة ....
مسكين من عنيتِ .. و أرجو الله تعالى ان يحشره في زمرة المساكين

إنها الحياة ..
طُبعت على كدر ونحن نريدها .:. صفوا من الأقذاء الأكدار

وإنه العيش لمن رضى .. أو أبى ...

إذا لم يكن للمرء من عيشه غنىً .:. فلابد من عسر ولابد من يسر ...

أشكرك على وجودك الحميل هنا
لاحرمنا الله إطلالتك ونصحك وتوجيهك
شكرا جزيلا لحضرتك

ياسر سالم
10-03-2013, 09:50 AM
قال تعالى :
استَعِينُواْ بِالصَّبرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ
وقال الشاعر :
اصبر قليلا فبعد العسر تيسير*** وكل أمر له وقت وتدبير.

قصة مؤلمة موجعة, أتمنى أن لا تكون حقيقية
وأن كنت أقول لك :
ولا تجزع لحادثة الليالي فما لحوادث الدنيا بقاء
تحياتي .



ربما كانت هناك قصص أشد بؤسا وألما
ولكن لم تتهيأ لها يد كاتب حاذق ترقمها عبرة وعظة وتدبرا
لم نجزع اختنا الغالية نادية ..
بل لزمنا باب الصبر ، وإن كان حظنا منه قليلا ..
وكان العوض من الله خيرا كما عودنا
فله وحده الفضل والمنة علينا وعلى الناس ..

أشكرك على تعليقك الذي يشي برقة قلبك وحبك الخير للناس
جزاك الله خيرا وابقاك دهرا لأسرتك الجميلة
تحياتي ...

ياسر سالم
10-03-2013, 09:55 AM
أخي الأكرم ، الأستاذ ياسر
أسعد الله أوقاتك
ذكرني هذا البؤس والبؤساء بـ ( بؤساء ) هوجو ! أوما في حياة هذه الأسرة إلا المرض والشقاء !؟ حتى الومضة الأخيرة تحمل إعلانا بداء السكر !
سردٌ عفويٌ ممتع ، بلغة نقية قويّة ، ونقد اجتماعيّ لاذع ذكيّ .
تحياتي وتقديري



بل أنت الأكرم الأعز أخي وأستاذي مصطفى
ذكرك الله بالخير دائما
وأشكرك على رأيك الذي أتوشح به
الأدواء كثيرة وهي علامة دالة على اسرافنا في امورنا وبعدنا عن لزوم طاعة ربنا ...
فما ظهرت المعاصي في قوم واعلنوا بها إلا حلت في فيهم الامراض والأوبئة
اشكرك على رؤيتك الجميلة
وكم يكون جميلا ان تحظى كلماتي هنا بمباركة المتمرسين من امثالك
أشكرك كثيرا واعتذر عن تقصيري بحقك
تحياتي وتقديري لشخصك النبيل ...

آمال المصري
18-03-2013, 03:45 PM
ينزل الله البلاء على قدر تحمل كل منا ولكل أجره عند الله
وطوبى لمن صبر واحتسب

" إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه "

نص يفيض ألما بلغة سلسة
بوركت واليراع أديبنا الفاضل
تحاياي

ربيحة الرفاعي
13-04-2013, 01:02 AM
أودى بي قبل أن ابدأ قراءة النص انكسار نظرة الصغير الجالس إلى الجدار قرب جرته المكسورة
وهيأتني لوحتك المنتخبة لهذا الوجع الذي سكبته بكل عفوية الحرف وصدق انثياله بوحا يتحدى بواقع الملايين عجز من لا يعانونه عن فهمه

غامر بحسه كان نصك
ومتمما للوجع كانت الخاتمة

خفف الله برحمته أوجاعنا

دمت أديبنا والألق

تحاياي

نداء غريب صبري
03-05-2013, 12:04 AM
عائلة كشعوبنا العربية
يحاصرها الأسى من كل الجهات

أما بوحك فجميل أخي
ونثرك رائع وممتع

وصورك أكثر من رائعة


شكرا لك
بوركت

د. سمير العمري
21-05-2013, 07:59 PM
إنما جبلت الحياة على كدر ، فلا يكاد يخلص منها بخير إلا الصالحون ممن قدموا الخير لأنفسهم وصبروا على الضراء والبأساء ، ولا أجد في الحياة رغم آلامها إلا أنها يجب أن تعاش بنفس رضية غير مستكينة ، ومهما عظم بلاء امرئ فهناك من عنده بلاء أعظم وأشد ، وإن في المحن منح عظيمة لا يعرف قيمتها وأسباب السرور بها إلا المجربون والواعون بالدور وبالقدر.

نص رأيته بوح وجداني ذاتي وقف على حدود القصة مع النثر فكان يحمل الوجهتين ، ولكن بلغة راقية واسلوب متين وتميز في الطرح والبوح.

أعانك الله أخي وفرج عنك وعن أمة محمد الكربات!

تقديري

خلود محمد جمعة
13-11-2014, 08:34 AM
.... لا محيد عن الصبر، ولا أمل إلا في الرضا بما تصرّف به القضاء ..
الانكسارات لا تنتهي
وكف الخيبات ما زال يصفع ويعصف بما تبقى من أمل
رسمت البؤس بدقة
بوركت
كل التقدير

رويدة القحطاني
22-02-2015, 12:11 AM
"لقد خلقنا الإنسان في كبد " صدق الله العظيم
شعرت بالصدق في القصة كأنها حقيقية وشعرت بجمال اللغة والتفصيل كأن خيالا عجيبا اختلقها
رائعة

ياسر سالم
23-02-2015, 06:13 AM
ينزل الله البلاء على قدر تحمل كل منا ولكل أجره عند الله
وطوبى لمن صبر واحتسب

" إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه "

نص يفيض ألما بلغة سلسة
بوركت واليراع أديبنا الفاضل
تحاياي





نعم امنا الرؤوم الغالية السيدة آمال
انها الدنيا التي .... طُبعت على كدرٍ ونحن نريدها .:. صفوا من الأقذاء والأكدار ..
شربنا مرارا على القذى .. ومازا تشرابي الآلام يملأ الأضالع ويطغى على كل لذة
ولكن حسبنا أن الله تعالى يسمع ويرى ...
يسمع كلامنا ويرى مكاننا ويعلم حالنا ...
هو يقدر ولا نقدر ويعلم ولا نعلم
وليس لنا أمام تصاريف القدر إلا التسليم والإذعان تأدبا وخشية ..
....
أذكر أنهم حشروني يوما في زنزانة ضيقة الأركان موحشة البنيان كئيبة المنظر
وكان أخر عهدي بالحياة وقتها هو بيت تخطفته أذني من فم أحد المشايخ
نقشته على الجدار مما يلي رأسي ...
رضيت في حبك الأيام جائرة .:. فعلقم الدهر إن أرضاك كالعسل ...
وكم وددت ان اكون على هذا القدر من التسليم والرضا ...
اللهم هيئ لأمتنا أمر رشد يعلو فيه دينك ويظهر
ويفيئ الناس إلى خالقهم في رضا ووفاء وتسليم
..
تحياتي لحضرتك
ودمت وفاء ونقاء وصدقا ....