طارق السكري
09-03-2013, 07:31 PM
الكسل شيطان أمرنا رسولنا الكريم أن نلجأ إلى الله ونستعين به على هذا الطاغوت الأثيم : ( وأعوذ بك من العجز والكسل ) لكن دعونا قليلاً نقف عند كلمة العجز .
العجز هو عدم القدرة . والعاجز من لا يستطيع . وهو شرٌّ أيضاً في حال الوفرة من الصحة الجسمانية والعافية . والعجز حالة نفسية واعتقاد داخلي بالفشل وعدم تقديرٍ للذات . قال تعالى : ( وهو كلٌّ على مولاه أينما يوجِّهْهُ لا يأتِ بخير ..)
أما الكسل فهو أثرُ ذلك العجز الظاهرِ على جوارح الإنسان . يبدو فيه مخدراً مشلولاً .
والسؤال ماهو الكسل الذي أمرنا الشارع الحكيم أن نستعيذ الله منه ؟ هل هو الرغبة الملحة بالنوم ؟ القعود عن أداء الواجبات ؟
الكسل في نظري نوعان : نوع في البدن . ونوع في العقل وهو أخطر وآثم . إن الله أمرنا في القرآن بقوة أن نمشي في الأرض أن نقرأ التاريخ فنستخرج منه القواعد المعرفية والسنن التاريخية والفوائد والعظات لحياتنا : ( قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين ) .
وأمرنا بالقراءة في أول مانزل من القرآن فقال : ( اقرأ .. ) وأمرنا بقراءة القرآن نفسه كي نقتبس من شعاعة اللغة الأدبية والجمالية والمعرفية منه فقال ( وأن أتلوَ القرآن ) ودعانا إلى التدوين والكتابة والتسجيل والبحث : ( نٓ والقلم ومايسطرون ) إذن فإن الذي لايقرأ يندثر كالضوء ويتلاشى كالدخان ويتراجع كعمر الإنسان . والذي لايكتب ينسى ماتحصّل ، ويتداعى ما تحصَّن ، ويتناقصُ ماادّخر .
فنعوذ بالله من حالٍ كهذا ! إحساسٌ حيٌّ كميت . وعقل كصندوق كبريت . وطرفٌ شاخص ، وفمٌ كأحجار الخرابة !!
إن الذكاءات في الإنسان متعددة ذكاء عاطفي وذكاء اجتماعي وذكاء عقلي . والطاقات في الإنسان هائلة الطاقة الداخلية والطاقة الخارجية ولو أراد الإنسان أن ينقل جبلاً من مكانه لاستطاع كما يقول ابن القيم . وإن لكل عقلٍ موهبة كما يقول الدكتور : (مِل لِيفين). وأمة تعيش هذه الوفرة من القوة والحركة والعزم ثورة بيضاء وانتفاضة إنسان لا يكون لها أي عذر عن عدم النهوض بالأدب الذي يمثل هوية الأمة . .
من هنا كان الكسل تحدياً كبيراً وشيطاناً من العادات القذرة .
وكان الانشغال بالسياسة حد الترف حرفة من لا حرفة له . من البقال إلى الضابط . من الخباز إلى الدكتور ، من البنشري إلى الفيلسوف ، من الأعمى إلى البصير ! لو طلع الذي مات قبل الحرب العالمية الأولى من قبره فرآنا ، لقال: الحال هو الحال ، هذا هو الحال كما قال فنان العرب .
يعيب أحدهم النقد الأدبي القديم، وهو لا يعرف الأدب القديم ،لكنه سمع هكذا والتزم الأمانة فنقل كما سمع بل إنه أضاف إلى ذلك تفتح المنخر وتشنج الأوداج ، ويظن الأدب القديم لوناً واحداً ولايدري أن النقد في الأدب الجديد ولادة طبيعية من رحم القديم . وأن الإشارة والرمز في الشعر ، بارز حتى في الأدب الجاهلي .
ولو أنَّا تماشينا مع هذا الذي يسمونه الرمزية في الأدب وأنشدنا للحارث بن حلّزة في معلقته :
فَبـِقينا على الشَّناءةِ تنْمِينا حصونٌ وعزةٌ قعساءُ !
وطبقنا الرمزية هنا لما أغربنا ! فقلنا: إن الحصون هنا ليست هي تلك الدور المرصعة بالحجارة القوية في قّنّةٍ توغل في السحاب ، وإنما الحصون هنا رمز لكل اكتفاء ذاتي واسغنائها التقني والتكنلوجي والمعرفي فأهل هذه الحصون على كفاية تامة . والحصون في البيت هاجس في شاعر عربي يعيش في الصحراء قبل مئات السنين ينفذ الحجب ويعاني من تدهور أوضاعه ، شاعر كان يعيش ملوك عصره في تبعية للروم وتعيش قبائله فوضى عارمة . وقد يكون الحصن رمزاً للحكمة التي يلجأ الناس إليها وقت الحاجة وهي القدرة أيضا على قراءة المستقبل . إذن فإن الحارث ابن حلّزة شاعر معاصر !
ألا سقى الله قبرك صوب الغمامة أديبنا التجاني يوم قلت :
يا أديباً مضيَّعا من بني الدنيا بحسْب الأديبِ محضُ انتجاعه
أنت يا رائدَ القريض وما أنت بسَقْطِ الورى ولا من رعاعه
أنت قيثارةُ الجديدِ بك استظهرَ من في الوجود سرَّ متاعه
أدبٌ ملؤهُ الحياةَ وشعرٌ مفعمٌ بالسموِّ في أوضاعه
ضاعَ ويح الذي يغارُ على الشعرِ وويحُ الأديب يوم ضياعه
أنا إن متُّ فالتمسنيَ في شعري تجدني مُدَّثراً برقاعه
العجز هو عدم القدرة . والعاجز من لا يستطيع . وهو شرٌّ أيضاً في حال الوفرة من الصحة الجسمانية والعافية . والعجز حالة نفسية واعتقاد داخلي بالفشل وعدم تقديرٍ للذات . قال تعالى : ( وهو كلٌّ على مولاه أينما يوجِّهْهُ لا يأتِ بخير ..)
أما الكسل فهو أثرُ ذلك العجز الظاهرِ على جوارح الإنسان . يبدو فيه مخدراً مشلولاً .
والسؤال ماهو الكسل الذي أمرنا الشارع الحكيم أن نستعيذ الله منه ؟ هل هو الرغبة الملحة بالنوم ؟ القعود عن أداء الواجبات ؟
الكسل في نظري نوعان : نوع في البدن . ونوع في العقل وهو أخطر وآثم . إن الله أمرنا في القرآن بقوة أن نمشي في الأرض أن نقرأ التاريخ فنستخرج منه القواعد المعرفية والسنن التاريخية والفوائد والعظات لحياتنا : ( قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين ) .
وأمرنا بالقراءة في أول مانزل من القرآن فقال : ( اقرأ .. ) وأمرنا بقراءة القرآن نفسه كي نقتبس من شعاعة اللغة الأدبية والجمالية والمعرفية منه فقال ( وأن أتلوَ القرآن ) ودعانا إلى التدوين والكتابة والتسجيل والبحث : ( نٓ والقلم ومايسطرون ) إذن فإن الذي لايقرأ يندثر كالضوء ويتلاشى كالدخان ويتراجع كعمر الإنسان . والذي لايكتب ينسى ماتحصّل ، ويتداعى ما تحصَّن ، ويتناقصُ ماادّخر .
فنعوذ بالله من حالٍ كهذا ! إحساسٌ حيٌّ كميت . وعقل كصندوق كبريت . وطرفٌ شاخص ، وفمٌ كأحجار الخرابة !!
إن الذكاءات في الإنسان متعددة ذكاء عاطفي وذكاء اجتماعي وذكاء عقلي . والطاقات في الإنسان هائلة الطاقة الداخلية والطاقة الخارجية ولو أراد الإنسان أن ينقل جبلاً من مكانه لاستطاع كما يقول ابن القيم . وإن لكل عقلٍ موهبة كما يقول الدكتور : (مِل لِيفين). وأمة تعيش هذه الوفرة من القوة والحركة والعزم ثورة بيضاء وانتفاضة إنسان لا يكون لها أي عذر عن عدم النهوض بالأدب الذي يمثل هوية الأمة . .
من هنا كان الكسل تحدياً كبيراً وشيطاناً من العادات القذرة .
وكان الانشغال بالسياسة حد الترف حرفة من لا حرفة له . من البقال إلى الضابط . من الخباز إلى الدكتور ، من البنشري إلى الفيلسوف ، من الأعمى إلى البصير ! لو طلع الذي مات قبل الحرب العالمية الأولى من قبره فرآنا ، لقال: الحال هو الحال ، هذا هو الحال كما قال فنان العرب .
يعيب أحدهم النقد الأدبي القديم، وهو لا يعرف الأدب القديم ،لكنه سمع هكذا والتزم الأمانة فنقل كما سمع بل إنه أضاف إلى ذلك تفتح المنخر وتشنج الأوداج ، ويظن الأدب القديم لوناً واحداً ولايدري أن النقد في الأدب الجديد ولادة طبيعية من رحم القديم . وأن الإشارة والرمز في الشعر ، بارز حتى في الأدب الجاهلي .
ولو أنَّا تماشينا مع هذا الذي يسمونه الرمزية في الأدب وأنشدنا للحارث بن حلّزة في معلقته :
فَبـِقينا على الشَّناءةِ تنْمِينا حصونٌ وعزةٌ قعساءُ !
وطبقنا الرمزية هنا لما أغربنا ! فقلنا: إن الحصون هنا ليست هي تلك الدور المرصعة بالحجارة القوية في قّنّةٍ توغل في السحاب ، وإنما الحصون هنا رمز لكل اكتفاء ذاتي واسغنائها التقني والتكنلوجي والمعرفي فأهل هذه الحصون على كفاية تامة . والحصون في البيت هاجس في شاعر عربي يعيش في الصحراء قبل مئات السنين ينفذ الحجب ويعاني من تدهور أوضاعه ، شاعر كان يعيش ملوك عصره في تبعية للروم وتعيش قبائله فوضى عارمة . وقد يكون الحصن رمزاً للحكمة التي يلجأ الناس إليها وقت الحاجة وهي القدرة أيضا على قراءة المستقبل . إذن فإن الحارث ابن حلّزة شاعر معاصر !
ألا سقى الله قبرك صوب الغمامة أديبنا التجاني يوم قلت :
يا أديباً مضيَّعا من بني الدنيا بحسْب الأديبِ محضُ انتجاعه
أنت يا رائدَ القريض وما أنت بسَقْطِ الورى ولا من رعاعه
أنت قيثارةُ الجديدِ بك استظهرَ من في الوجود سرَّ متاعه
أدبٌ ملؤهُ الحياةَ وشعرٌ مفعمٌ بالسموِّ في أوضاعه
ضاعَ ويح الذي يغارُ على الشعرِ وويحُ الأديب يوم ضياعه
أنا إن متُّ فالتمسنيَ في شعري تجدني مُدَّثراً برقاعه