المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نظْرةٌ سيّارة



عبد السلام دغمش
17-03-2013, 12:33 PM
ما أثقلَها هذه القافلة وأشدَّ وطْـأتها على نفسِه وأَعْصابِه ..لكنْ ما من بدٍّ إلا أنْ يمْتَطيها كلَّ يومٍ مرّتين ذاهباً وقافلاً ما بينَ مسْكنِه وعملِه..
تلك زحمةُ السّير.. ولا مفَرَّ منها إلا أنْ يكون فيها..! وما عليه إذنْ وهو يقودُ سيّارتَهُ ببُطْءٍ شديدٍ إلا أن يلوذَ بالصّبر أوْ أن يُسرّي عنْ نفسِه تارةً بالمذياع وأخرى بما حولهُ مستطلعاً أوْ متأمِّلاً ..
..كانَ السِّربُ المقابلُ منَ السّياراتِ مزدحماً كذلك .. وكانَ يجولُ ببصرِهِ على غيْرِ هدىً ليقتل َ مللَ الإنتظار عندما توقَّفَ بصرُه على وجْهِ غَيداءَ رائعةِ الجمال تجلسُ في الحافلة في السِّربِ المقابل.. كان يزيِّنُ صفْحةَ وجهِها منديلٌ تتقمّطُ به يتهدّل كعارضِ غيم ٍ أبيض على جانبِ البدر.. وعينان واسعتان ترسلان نظراتٍ قصُرتْ عن مدى أبعدَ من نافذةِ الحافلة ..وهي من حينٍ لآخر تتحرّك ُ في دَعةٍ و ترمي ببصرها إلى الأسفل..
أَثارتْ صورَتُها في نفسهِ منابعَ برْكانٍ طالَما جاهدَ أنْ يخمدَه ..ليسيرَ القلبُ والبصَرُ حينَها في سِرْبٍ آخر تخطّى زحمةَ السّير.. خطُّ عرقٍ ساخنٍ مرّ على جَبهتِه.. وانطلقتْ دفقاتٌ نبضٍ تعلنُ رضوخَ قلبِهِ لثوْرةٍ قادتها العيون.. أرسلتْ تلك الدفقات يدَهُ فارتفعت في رَعشةٍ إلى مستوى عينيهِ المسلَّطتينِ نحوَ الحافلة.. حتّى خَرجَتْ من نافذة السيّارةِ لتومئَ بإشارةٍ تنتظرُ من يستقبلَها ..
لم يطُلِ الوقتُ حتّى التقطتْها من بالحافلة ..سحائبٌ سوداءٍ كدّرت ْوجه البدر..لكنّهُ لم يزلْ على وضاءَته ..رمت ببصرها للأسفل كدأبِها .. أومَأتْ بِرَأْسِها ثمَّ انخفضَتْ كأنَّها تتناولُ شيئاً ..رفعتْ يدَها نحوه ..ينما كان يحدّق ببصرهِ وتطلقُ أنفاسهُ دفقاً من اللهثات، ..ها هي كفّها ترتفع... لكنّها حمَلتْ بينَ أصابعها يداً صغيرةً كانت كافيةً لتسدّ منافذَ عينيه.. همَدَ البركان..بعدما أسال حمماً في أحشائِهِ ليغمضَ جفنيْهِ على احتراق .. ثمّ يتوارى بعدَ انفراجِ زحمة السير. .!

ناديه محمد الجابي
17-03-2013, 05:03 PM
يبدوأن صاحبنا لا يحب إضاعة الوقت أبدا
فقد استغل ذلك الزمن الذي يقضيه في رحلة العذاب
والزحام بين مسكنه وعمله بالتسرية عن نفسه..
إما بالمذياع , أو متاملا , او مستطلعا.. فلا بأس
أن يكون أيضا عاشقا لأول وجه جميل يأسره
فتنطلق دفقات نبضه تعلن أن القلب قد سلم لصاحبة
تلك العيون.. فيومئ إليها بيده, فتومئ إليه ردا
رافعة كف صغيرها .. فيهمد البركان وإن كانت أحشاؤه تحترق .

استطعت بسرد شائق, وأداء ماتع , وتعبيرات جميلة
ووصف دقيق موحي .. ان تجعلنا نندمج في الصورة ونعيشها.
راقني ما قرأت هنا ـ فسلمت أناملك .

كاملة بدارنه
17-03-2013, 05:16 PM
لكنّها حمَلتْ بينَ أصابعها يداً صغيرةً كانت كافيةً لتسدّ منافذَ عينيه.. همَدَ البركان.
نهاية وضعت حدّا، وأنهت كلّ ما بدأ
قصّة بسرد سلس حتّى النّهاية
بوركت
تقديري وتحيّتي
( سحائبُ سوداءُ)

محمد النعمة بيروك
17-03-2013, 05:24 PM
كأنك هو، تنساب مع هذا النص حتى تُصدم مثله تماما باليد الصغيرة التي كان آخر ما يتوقع هو.. وما تتوقع أنت..
هكذا يفاجئ هذا النص القارئ، في قصة حملت كل ملامح القص القصير بدءا بوحدة الموقف والزمكان والشخوص وانتهاء بهذه القفلة المدهشة التي أخمدت لحظات الإثارة في السائق والقارئ على حد سواء..
تحياتي.

براءة الجودي
17-03-2013, 08:03 PM
أستاذنا عبدالسلام ..
حرفك من الطراز الرفيع نصوصك فاخرة تنطقُ بالجمال
خاب عشقُ هذا الرجل بعد رؤية يدِ الطفلة التي معها , ليتعلم بعدها أن لايُطلق بصره فيما يخصه ويغرق في خياله حتى لايُصدم بعدها
تحاياي

كريمة سعيد
18-03-2013, 04:37 PM
قصة جميلة التقطت مشهدا عاديا لتصوغ منه حدثا مثيرا بطريقة سلسة وبديعة
بوكت

ياسر ميمو
18-03-2013, 04:42 PM
السلام عليكم


بسم الله وتبارك الرحمن

حقيقة نص يفيض روعة وبهاء وجمال

من فترة لم أقرأ نصاً بهذا المستوى الفني المتميز

نص يستحق كل التحية والتقدير والامتنان

مودتي و .... امتناني

عبد السلام دغمش
18-03-2013, 04:57 PM
يبدوأن صاحبنا لا يحب إضاعة الوقت أبدا
فقد استغل ذلك الزمن الذي يقضيه في رحلة العذاب
والزحام بين مسكنه وعمله بالتسرية عن نفسه..
إما بالمذياع , أو متاملا , او مستطلعا.. فلا بأس
أن يكون أيضا عاشقا لأول وجه جميل يأسره
فتنطلق دفقات نبضه تعلن أن القلب قد سلم لصاحبة
تلك العيون.. فيومئ إليها بيده, فتومئ إليه ردا
رافعة كف صغيرها .. فيهمد البركان وإن كانت أحشاؤه تحترق .

استطعت بسرد شائق, وأداء ماتع , وتعبيرات جميلة
ووصف دقيق موحي .. ان تجعلنا نندمج في الصورة ونعيشها.
راقني ما قرأت هنا ـ فسلمت أناملك .

الأخت نادية الجابي
شرفني مروركم العطر أديبتنا الكريمة..بورك فيكم

عبد السلام دغمش
18-03-2013, 05:00 PM
.
نهاية وضعت حدّا، وأنهت كلّ ما بدأ
قصّة بسرد سلس حتّى النّهاية
بوركت
تقديري وتحيّتي
( سحائبُ سوداءُ)

الأخت كاملة بدارنة
بارك الله فيكم وشكرا للتصحيح.

عبد السلام دغمش
18-03-2013, 05:06 PM
كأنك هو، تنساب مع هذا النص حتى تُصدم مثله تماما باليد الصغيرة التي كان آخر ما يتوقع هو.. وما تتوقع أنت..
هكذا يفاجئ هذا النص القارئ، في قصة حملت كل ملامح القص القصير بدءا بوحدة الموقف والزمكان والشخوص وانتهاء بهذه القفلة المدهشة التي أخمدت لحظات الإثارة في السائق والقارئ على حد سواء..
تحياتي.

أخي الأديب و الشاعر محمد النعمة

يشرفني مروركم النديّ..دعائي لكم بالتوفيق

عبد السلام دغمش
18-03-2013, 05:09 PM
أستاذنا عبدالسلام ..
حرفك من الطراز الرفيع نصوصك فاخرة تنطقُ بالجمال
خاب عشقُ هذا الرجل بعد رؤية يدِ الطفلة التي معها , ليتعلم بعدها أن لايُطلق بصره فيما يخصه ويغرق في خياله حتى لايُصدم بعدها
تحاياي

الأخت براءة
يا لله .. كم أدمت هذه النظرات وأصابت أسهمها من قلوب
تحياتي لحضوركم المميز أختنا الكريمة

عبد السلام دغمش
18-03-2013, 05:11 PM
قصة جميلة التقطت مشهدا عاديا لتصوغ منه حدثا مثيرا بطريقة سلسة وبديعة
بوكت

الأديبة كريمة سعيد
بوركتم وشرفني تعليقكم ..
تحياتي

عبد السلام دغمش
18-03-2013, 05:14 PM
السلام عليكم


بسم الله وتبارك الرحمن

حقيقة نص يفيض روعة وبهاء وجمال

من فترة لم أقرأ نصاً بهذا المستوى الفني المتميز

نص يستحق كل التحية والتقدير والامتنان

مودتي و .... امتناني

أخي الاديب ياسر

شرف ٌلي هذا المرور ..ومن نبعكم ننهل أخي الكريم
تحياتي

آمال المصري
27-03-2013, 10:31 AM
مرتان يوميا ذهابا وإيابا ووجوه كثيرة في زحمة الحياة تتماوج مع رحلتها الشاقة
أحداث عادية تمر بنا وقد صنعت من أحدها أديبنا الفاضل قطعة أدبية جميلة تحمل كل مقومات القصة القصيرة وخاتمة حولتها من حدث يومي عادي لحالة ربما من الحب لأول نظرة من طرف واحد ويتسارع ويتصاعد الحوار من خلال نظرة متبادلة يصل من خلالها الرد
أعجبني الأسلوب والفكرة أديبنا الفاضل
بوركت واليراع
تحاياي

عبد السلام دغمش
27-03-2013, 09:04 PM
مرتان يوميا ذهابا وإيابا ووجوه كثيرة في زحمة الحياة تتماوج مع رحلتها الشاقة
أحداث عادية تمر بنا وقد صنعت من أحدها أديبنا الفاضل قطعة أدبية جميلة تحمل كل مقومات القصة القصيرة وخاتمة حولتها من حدث يومي عادي لحالة ربما من الحب لأول نظرة من طرف واحد ويتسارع ويتصاعد الحوار من خلال نظرة متبادلة يصل من خلالها الرد
أعجبني الأسلوب والفكرة أديبنا الفاضل
بوركت واليراع
تحاياي

الأخت آمال
تلك نكسة للروح والقلب وما تلك النظرات إلا رسائل لكنها ترتد الى صاحبها خيبة أمل
تحياتي لكم ولحضور كم المتميز

فوزي الشلبي
02-04-2013, 08:06 AM
الأخ عبد السلام:

كان حبا افترضته ازمة السير الخانقة...سحابة صيف ثم تقشعت في لحظات..هكذا يرتسم الأمل لدينا ليتحول إلى الم...ملل...ثم ثورة بركان...ثم هدأة وعودةٌ إلى ملل الحياة...هكذا الإنسان يرسم دورة الوجود ليبحث عن املٍ أخرجديد..والم لطالما تحملته النفس كثيرا!

جميل ما امتعني هذا السرد الممتع!

قبلاتي وودي الكبير!

اخوكم

عبد السلام دغمش
03-04-2013, 08:19 PM
أخي فوزي الشلبي

والأجمل مروركم النديّ على النصّ..
وافر تحياتي

محمد ذيب سليمان
03-04-2013, 08:39 PM
شكر ايها الكريم على النص الماتع الذي حملنا معه لحظة بلحظة
فعشنا الزحام والــ,, والــ .. حتى لحظة النهاية الصادة
مودتي للتصوير الموحي الجميل

عبد السلام دغمش
05-04-2013, 10:17 PM
شكر ايها الكريم على النص الماتع الذي حملنا معه لحظة بلحظة
فعشنا الزحام والــ,, والــ .. حتى لحظة النهاية الصادة
مودتي للتصوير الموحي الجميل

الأستاذ محمد ذيب سليمان

جنبنا الله وإياكم شر الزحام وما سواه..
تحياتي و شرفني مروركم أستاذنا

نداء غريب صبري
01-07-2013, 11:32 PM
مشهد عادي جعلت منه قصة جميلة سردها رائع ومشوق

شكرا لك أخي

بوركت

عبد السلام دغمش
15-07-2013, 08:19 AM
مشهد عادي جعلت منه قصة جميلة سردها رائع ومشوق

شكرا لك أخي

بوركت

الأخت نداء

تشرفني قراءتكم لهذا النص المتواضع..
بوركتم.

ربيحة الرفاعي
05-10-2013, 02:42 AM
أحسنت القص في نص متكامل متقن البناء شائق السرد منساب الحدث باتجاه القفلة الصادمة للقارئ كما البطل

جميل هذا الحرف بأدائه

دمت بخير

تحاياي

عبد السلام دغمش
05-10-2013, 07:26 AM
أحسنت القص في نص متكامل متقن البناء شائق السرد منساب الحدث باتجاه القفلة الصادمة للقارئ كما البطل

جميل هذا الحرف بأدائه

دمت بخير

تحاياي

الأخت الأديبة ربيحة الرفاعي

قراءة وشهادة أعتز بها شاعرتنا الفاضلة.
بورك فيكم .
وافر تحياتي.

الدكتور ضياء الدين الجماس
05-10-2013, 08:28 AM
أخي عبد السلام
بورك حرفك وسردك الذي شهد به الأدباء
أنا يهمني أتعلم وأتدبر النتائج
هل النوعية التي تطلق بصرها للحرام، تتقصى به الجمال المثير يهمد بركانها بمجرد مشاهدة طفلة معها قد تكون لها أو لغيرها..؟
أنا أرى أن هذه النوعية لا ترعوي حتى لو رأت عشرة أولاد طالما أن جمالها أثار ما سميته بركانه
شكراً لهذا الحرف البارع

عبد السلام دغمش
05-10-2013, 11:17 AM
أخي عبد السلام
بورك حرفك وسردك الذي شهد به الأدباء
أنا يهمني أتعلم وأتدبر النتائج
هل النوعية التي تطلق بصرها للحرام، تتقصى به الجمال المثير يهمد بركانها بمجرد مشاهدة طفلة معها قد تكون لها أو لغيرها..؟
أنا أرى أن هذه النوعية لا ترعوي حتى لو رأت عشرة أولاد طالما أن جمالها أثار ما سميته بركانه
شكراً لهذا الحرف البارع

أستاذنا الدكتور ضياء الدين

بل نحن من نتعلم منكم ونتدبر
لعل من فوائد القصة القصيرة أنها تقود لاستنتاجات متعددة وفقاً لرؤية القارئ للنص و الحدث..
طبعاً كاتب القصة لديه فكرته الخاصة التي بنى عليها النص..
أما هذه النوعية التي تطلق بصرها فإحدى طائفتين:
الأولى" إنّ الذين اتقوا إذا مسّهُمْ طائفٌ من الشيطانِ تذكروا فإذا هم مبصرون" وهذا ما قصدته في النص المتواضع..
والثانية " ولو رُدّوا لعادوا لما نُهوا عنْهُ وإنّهمْ لكاذبونْ" ربّ لا تجعلنا منهم.

وافر تحياتي أديبنا الفاضل.

د. سمير العمري
05-02-2014, 11:36 PM
نص قصصي جميل وأداء جذاب.

وتظل النفس الإنسانية خبيئة مشاعرها وأخلاقها.

تقديري

عبد السلام دغمش
10-02-2014, 07:12 PM
الدكتور سمير

شرفتنا بمروركم و تعليقكم الكريم.
تحياتي الوارفة.

خلود محمد جمعة
12-02-2014, 11:44 PM
كيف تتسلل سهام العشق الى القلوب
كيف نعيش لحظات تساوي عمراً
قصة تحمل بين سطورها العمق والانسياب اللذيذ
دمت محلقاً
مودتي وتقديري

عبد السلام دغمش
16-02-2014, 06:38 PM
كيف تتسلل سهام العشق الى القلوب
كيف نعيش لحظات تساوي عمراً
قصة تحمل بين سطورها العمق والانسياب اللذيذ
دمت محلقاً
مودتي وتقديري

الأخت خلود

هي حقّاً سهام ٌ كما وصفتِها وأجدت الوصف.
تقديري لطيب قراءتكم.

ناديه محمد الجابي
22-01-2024, 07:22 PM
يعجبني منك إنك تنظر إلى الحياة بعين الأديب لتنسج من كل حدث بسيط
قصة جميلة السرد متقنة البناء بأداء جميل جذاب
تتراقص الحروف بين أناملك بإبداع ، وترسم لوحات تلونها المشاعر حتى النهاية
التي تجعله يفيق من أحاسيسه المتصاعدة وخياله المحلق.
دام نبض قلمك يمتعنا ودام ألقك.
:v1::nj::0014:

عبد السلام دغمش
04-12-2024, 05:40 PM
شكرا أديبتنا الفاضلة الأخت نادية..
بارك الله بكم وأدام عطاءكم..

أسيل أحمد
07-12-2024, 11:38 AM
راقت لي القصة كثيرا بأسلوبها الرائع
لغة سردية قوية تميزت بدقة الوصف، ورسم المشهد بجمال في التصوير
ونهاية صادمة أنهت وأخمدت المشاعر المتوهجة في لحظة.
بوركت قلما وفكرا ـ ولك تحياتي.