المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كوخ القصب



فاتن دراوشة
29-03-2013, 09:34 PM
كُنْتُ أَجْلِسُ فِي شرفَةِ المَنْزِلِ، فِي ذَاكَ المَسَاءِ الكَئِيبِ، حَيْثُ التَهَمَتْ عُتمَةُ اللّيلِ ونَسَمَاتُهُ البَارِدَهُ جَسَدِي، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ غيرَ الْتِمَاعِ مَرَايَا الدُّمُوعِ المُتَأَرْجِحِ فِي مُغُرِ عَيْنَيَّ.

كَانَتِ البُيُوتُ تَتَزَاحَمُ مِنْ حَوْلِي كَعِيدَانِ الثَّقَابِ فِي العُلْبَةِ، وَكَانَتِ الوُجُوهُ الغَرِيبَةُ المُبْهَمَةُ تُطَالِعُنِي مِنَ الشُّرُفَاتِ القَرِيبَةِ، بِعُيُونِهَا الحَائِرَةِ.

وَكُنْتُ أُحَاوِلُ أَنْ أَقْرَأَ نَفْسِي فِي تِلْكَ العُيُونِ، عَلَّنِي أُفْلِحُ فِي العُثُورِعَلَى ذَاتِي الهَارِبَةِ، بَعْدَ رِحْلَةِ تَشَتُّتٍ مُرْهِقَةٍ، أَدْمَتْ كَاهِلِي.

أَسْنَدْتُ قَدَمَيَّ عَلَى حَافَّةِ الشُّرْفَةِ، وَاسْتَرْخَيْتُ، فِي ذَلِكَ الكُرْسِيِّ الأَبْيَضِ، الَّذِي نَسِيَ لَوْنَهُ جَرَّاءَ لَثْمِ الشَّمْسِ لَهُ عِنْدَ شُرُوقِهَا وَغُرُوبِهَا .

أَغْمَضْتُ جَفْنَيَّ، وَحَاوَلْتُ أَنْ أَنْتَزِعَ نَفْسِي مِنْ دَوَّامَةِ التَخَبُّطِ، الَّتِي كُنْتُ أَغْرَقُ بِهَا، انْتَشَلْتُ بَقَايَايَ، وَحَاوَلْتُ تَنْقَيَةَ ذِهْنِي، لَكِنْ سَرْعَانَ مَا وَجَدْتُنِي أُجَرُّ بِحَبْلِ الذِّكْرِيَاتِ قَسْرًا، لِأَرْتَمِيَ فِي حِضْنِها الحَالِمِ، حَيْثُ شُغِلْتُ عَنِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا .

اسْتَعَدْتُ تَفَاصِيلَ ذَلِكَ اليَوْمِ الَّذِي التَقَيْتُهُ بِهِ، فِي تِلْكَ الحَدِيقَةِ، حَيْثُ كُنْتُ أَجْلِسُ وَحِيدَةً هُنَاكَ، أُلَمْلِمُ أَطْيَافَ النَّهَارِ الهَارِبِ ،وَأَتَأَمَّلُ الأَشْجَارَ مِنْ حَوْلِي، وَهْيَ تُلَوِّحُ بِذِرَاعَيْهَا، مُوَدِّعَةً لِقُرْصِ الشَّمْسِ الدَّامِي، والعَصَافِيرِ الَّتِي كَانَتْ تُحَلِّقُ مُسْرِعَةً لِتُعَانِقَ جَسَدَ الشَّفَقِ الذَّاوِي، وَلِتُغْرِقَ جَنَاحَيْهَا فِي شَلَّالِ حُمْرَتِهِ وَلِتَغْتَسِلَ بِبَقَايَا دِفْئِهِ.

كُنْتُ أَسْتَلْقِي عَلَى العُشْبِ، وَأُطَالِعُ رِوَايَةً لِشِكْسْبِيرَ، وَلَمْ يَكُنْ يُرَافِقُنِي عِنْدَهَا سِوَى عُشْبُ الحَدِيقَةِ، وَظِلَالُ الأَشْجَارِ المُتَرَاقِصَةِ فَوْقَ تِلْكَ الأَعْشَابِ.

وَهَامَسَنِي صَوْتُهُ مِنْ خَلْفِي كَعَزْفٍ مَلَائِكِيٍّ عَلَى أَوْتَارِ قِيثَارَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، هَادِئًا، حَزِينًا، عَذْبًا.

فَلَمْ أَفْزَعْ، وَلَمْ أُسَارِعْ لِلَمْلَمَةِ جَسَدِي مِنْ عَلَى العُشْبِ، لَمْ تَكُنْ مِنِّي غَيْرَالتِفَاتَةٍ لِلْخَلْفِ، حَيْثُ كَانَ يَتَكَلَّمُ، لِأَتَأَكَّدَ مِنْ أَنَّنِي أَسْمَعُ صَوْتًا بَشَرِيًّا، فَقَدْ شَكَكْتُ لِوَهْلَةٍ أَنَّ طَيْفًا خَرَجَ مِنْ رِوَايَةِ شِكْسْبيِرَ الَّتِي كُنْتُ أَقْرَأُهَا.

-عَفْوًا آنِسَتِي، هَلْ يُمْكِنُنِي الجُلُوسَ بِرِفْقَتِكِ؟ أَعِدُكِ أَلَّا أُزْعِجَكِ.

-أَجَلْ سَيِّدِي.

قُلْتُهَا وَنَهَضْتُ هَذِهِ المَرَّةَ بِسُرْعَةٍ تَنَاثَرَتْ مِنْهَا الحَيرَةُ وَالارْتِبَاكُ كَمَا لَوْ كُنْتُ اسْتَيْقَظْتُ مِنْ حُلُمِ يَقَظَةٍ طَوِيلٍ جِدًا. وَلَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أُخْفِيَ ارْتِبَاكِي عَنْهُ فَرَفْرَفَتْ عَلَى ثَغْرِهِ أَطْيَافُ ابْتِسَامَةٍ مَاكِرَةٍ بِالْكَادِ ارْتَسَمَتْ عَلَى شَفَتَيْهِ، لَكِنَّنِي شَعَرْتُ بِهَا تَخْتَرِقُ أَضْلُعِي.

-إِذَا كَانَتْ رِفْقَتِي تُزْعِجُكِ فَأَنَا سَأُغَادِرُ آنِسَتِي، لَا أُحِبُّ أَنْ أَتَسَبَّبَ لَكِ بِالإِحْرَاجِ.

-أَبَدًا سَيِّدِي لَكِنِّي كُنْتُ شَارِدَةً بَعْضَ الشَّيْءِ، لَا عَلَيْكَ سَأَكُونُ عَلَى مَا يُرَامُ.

وَجَلَسْتُ قُرْبَهُ عَلَى العُشْبِ الأَخْضَرِ. لَا أَعِي لِمَ وَافَقْتُ أَنْ يَنْضَمَّ إِلَيَّ، وَلَا لِمَ طَلَبَ هُوَ ذَلِكَ، لَكِنْ مَا كُنْت مُتَيَقِّنَةً مِنْهُ هُوَ أَنَّنِي كُنْتُ بِحَاجَةٍ إِلَى إِنْسَانٍ يَحْتَوِي قَلَقِي فِي تِلْكَ اللَّحَظَاتِ، وَبِأَنَّي وَجَدْتُهُ.

كَانَ يَجْلِسُ بِقُرْبِي، مَاضِغًا تَفَاصِيلَ وَجْهِي بِعَيْنَيْهِ، وَكُنْتُ أخْتَلِسُ النَّظَرَ إِلَيْهِ كُلَّمَا اسْتَشْعَرْتُ غِيَابَ نَاظِرَيْهِ عَنِّي.

-هَلْ تُمَانِعِينَ لَوْ تَجَاذَبْنَا أَطْرَافَ الحَدِيثِ آنِسَتِي؟

وَلَمْ أَتَرَدَّدْ بِالْرَدِّ وَكَأَنِّي كُنْتُ أَطْهُو إِجَابَتِي عَلَى نَارٍ هَادِئَةٍ مُنْذُ سَنَوَاتٍ مَضَتْ.

-بِالْطَّبْعِ لَا سَيِّدِي، بَلْ يُسْعِدُنِي ذَلِكَ، أَشْعُرُ بِأَنِّي أَعْرِفُكَ مُنْذُ زَمَنٍ طَوِيلٍ.

وَتَوَقَّعْتُ أَنْ تُحَرِّكَ إِجَابَتِي بِهِ سَاكِنًا، لَكِنَّ الهُدُوءَ كَانَ يُغْرِقُ نَظَرَاتِهِ وَتَفَاصِيلَ وَجْهِهِ اللَّطِيفِ، فَلَمْ تَنْطِقْ خُطُوطَ بَشَرَتِهِ بِشَيْءٍ .

-حَدِّثِينِي عَنْ نَفْسِكِ آنِسَتِي، وَاعْذُرِينِي إِنْ كُنْتُ قَدْ أَخْطَأْتُ اللَّقَبَ فَهَذَا مَا أَشْعُرُ بِهِ، لَا أَعْتَقِدُكِ سَيِّدَةً، أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟

وَأَرْفَقَ سُؤَالَهُ ذَاكَ بِنَظْرَةٍ مُتَفَحِّصَةٍ كَادَتْ تَثْقُبُ تَفَاصِيلَ وَجْهِي، لِدَرَجَةِ أَنِّي تَمَنَّيْتُ وَقْتَهَا لَوْ تَلَاشَيْتُ، لِأَلَّا تَحْرِقَنِي تِلْكَ النَّظْرَةُ.

-لَا لَمْ تُخْطِئْ سَيِّدِي فَأَنَا لَا زِلْتُ آنِسَةً. مَا الّذي تُحِبُّ أَنْ تَعْرِفَهُ عَنِّي؟ أَمْ أُحَدِّثُكَ بِمَا يَرُوقُ لِي؟

وَلَمْ يُجِبْ، تَرَكَ بَرِيقَ عَيْنَيْهِ المُتَّشِحِ بِاللَّهْفَةِ يُخْبِرُنِي الرَدَّ. فَلَمْ أَجِدْ نَفْسِي إِلَّا وَأَنَا أَغْرَقُ فِي بَحْرِ التَّفَاصِيلِ، اسْمِي، سِنِّي، أُسْرَتِي، أَصْدِقَائِي، جِيرَانِي، مَدْرَسَتِي، زُمَلَائِي، دَفَاتِرِي، أَقْلَامِي، أَحْلَامِي...
لَا أدْرِي مَا الَّذِي سَاقَنِي لِصَبِّ ذَاتِي فِي كَأْسِ إِصْغَائِهِ، لَكِنَّنِي كُنْتُ أَشْعُرُ بِرَاحَةٍ عَارِمَةٍ وَأَنَا أَتَحَدَّثُ. وَهُوَ كَانَ يَجْلِسُ وَيُعَانِقُ كَلِمَاتِي كَمَا لَوْ أَنَّهَا بلسَمٌ شَافٍ يُدَاوِي رُوحَهُ المُتْعَبَةَ.

تَوَقَّفْتُ عَنِ الكَلَامِ، وَتَمَعَّنْتُ تَفَاصِيلَ وَجْهِهِ، كَأَنَّنِي أَقُولُ لَهُ: "جَاءَ دَوْرُكَ". فَشَرَعَ يَتَكَلَّمُ.

-هَلْ تَوَدُّ آنِسَتِي أَنْ تَسْمَعَنِي؟

وَأَجَبْتُهُ بِلَهْجَةٍ حَالِمَةٍ، تَتَرَاقَصُ عَلَى أَهْدَابِهَا خَوَاصِرُ الفَرْحَةِ.

-بِالطَّبْعِ سَيِّدِي.

-هَلْ يُمْكِنُكِ مُنَادَاتِي بِاسْمِي الشَخْصِيِّ، أَحْمَد ؟

- أَ .......حْ.........مَ.....دْدْدْدْدْ

شَعَرْتُ بِالاسْمِ يَحْتَلُّ حُنْجَرَتِي، وَتَشَبَّعَتْ أَنْفَاسِي بِهِ فَخَرَجَ كَلَحْنٍ مُوسِيقِيٍّ رَائِعٍ.

-نَعَمْ آنِسَتِي، وَأُحِبُّ أَنْ أُنَادِيكِ أَمِيرَتِي، فَهَلْ تُعْجِبُكِ التَّسْمِيَةَ؟

وَلَمْ أَجِدْ نَفْسِي إِلَّا وَأَنَا أَتُوهُ فِي الأَحْلَامِ وَأَزْرَعُهُ فِي حُلُمِي أَمِيرًا.

-لَنْ أُمَانِعَ، حَدِّثْنِي عَنْكَ!.

- أَنَا يَا أَمِيرَتِي شَخْصٌ بِلَا مَاضٍ، وَحَاضِرِي هُوَ أَنْتِ، فَهَلْ تَقْبَلِينَنِي حَاضِرًا؟.

كَانَت إِجَابَتُهُ غَرِيبَةً، وَسُؤَالُهُ كَانَ أعْجَبَ. وَالأَعْجَبُ مِنْ كِلَيْهِمَا رَدَّةُ فِعْلِي المُكَبَّلَةُ بِانْجِذَابِي إلَيْهِ وَانْبِهَارِي بِسِحْرِ شَخْصِيَّتِهِ وَأُسْلُوبِهِ الوَاثِقِ بالْحَدِيثِ.
لَمْ أنْطِقْ حَرْفًا، وَتَرَكْتُ نَظَرَاتِي المُنْبَهِرَةَ تَدْرُسُ تَضَارِيسَ وَجْهِهِ.

-هَلْ تَسْمَحُ أَمِيرَتِي أَنْ أُمْسِكَ يَدَهَا؟

وَسَارَعْتُ لِأَضَعَ يَدِي فِي يَدِهِ، دُونَمَا وَجَلٍ أَوْ تَرَدُّدٍ، كَأَنِّي كُنْتُ أَخْشَى أَنْ يَعْدِلَ عَنْ طَلَبِهِ لَوْ تَرَدَّدْتُ قَلِيلًا.

- يَااااااااااااااااااااااا ااهْ ، أَمِيرَتِي، أَشْعُرُ بِأَنَّ مَمَالِكَ عِدَّة قَدْ تَوَالَتْ عَلَى رَاحَتِكِ الغَضَّةِ، إِنَّهَا عَالَمٌ قَائِمٌ بِحَدِّ ذَاتِهِ، لَيْتَنِي انْتَسَبْتُ إِلَيْهِ مُذْ وُلِدْتُ، لَكَمْ تَفِيضُ يَدُكِ بِالدِّفْءِ، هَلْ تَسْمَحِينَ لِي بِتَحِيَّتِهَا.

وَلَمْ يَنْتَظِرْ إِجَابَتِي بَلِ اكْتَفَى بِالنَّظْرَةِ التَّائِهَةِ الَّتِي دَاعَبَتْ نَظَرَاتِهِ . فَلَثَمَ يَدِي بِشَفَتَيِهِ بِرَقَّةٍ بَالِغَةٍ جَعَلَتْنِي أَشْعُرُ بِأَنَّ يَدِي قَدْ ذَابَتْ بَيْنَ شَفَتَيْهِ وَتَلَاشَتْ.

-هَلْ تَسْمَحُ لِي أَمِيرَتِي أَنْ أَعِيشَ وَإِيَّاهَا الحُلُمَ؟، وَأَنْ نَتُوهَ سَوِيَّةً فِي جَنَبَاتِ الخَيَالِ؟ أُرِيدُ أَنْ نَذْهَبَ فِي رِحْلَةٍ جَمِيلَةٍ فَهَلْ تُوَافِقِينَ؟

وَكُنْتُ عِنْدَهَا أَحْيَاهُ حُلُمًا رَائِعًا، فَلَمْ أَسْتَهْجِنِ الفِكْرَةَ، وَلَمْ أَتَرَدَّدْ بِالقَبُولِ.

-أَجَلْ فَلْنَحْلُمْ، إِلَى أَيْنَ سَتَأْخُذُنِي فِي الحُلُمِ؟

-نَحْنُ الآنَ عَلَى شَاطِئِ البَحْرِ يَا أَمِيرَتِي، وَبِانْتِظَارِنَا قَارِبٌ سَنَرْكَبُهُ، وَنَمْضِي فِي جَوْلَةٍ بَحْرِيَّةٍ هَادِئَةٍ يُرَافِقُنَا بِهَا اللَّيْلُ وَالْمَوْجُ فَقَطْ، وَسَأَحْمِلُكِ عَلَى ذِرَاعَيَّ إِلَى القَارِبِ لِأَلَّا تَبْتَلَّ أَطْرَافُ ثَوْبِكِ البَهِيِّ بِالمَاءِ.

وَعِشْنَا أَجْوَاءَ الرِّحْلَةِ بِالخَيَالِ فَانْطَلَقْنَا نَنْسِجُ الأَحْلَامَ دُونَ تَوَقُّفٍ. كُنَّا نَجْلِسُ فِي القَارِبِ وَالأَمْوَاجُ تُدَاعِبُ جَنَبَاتِ القَارِبِ مِنْ كُلِّ صَوْبٍ، وَكَانَتْ أَصْوَاتُ تَلَاطُمِهَا تُوحِي لَنَا بِالمَزِيدِ وَالمَزِيدِ مِنَ الأَحْلَامِ، وَكَانَ اللَّيْلُ يَهْمِسُ لَنَا بِالكَثِيرِ مِنَ الأُمْنِيَاتِ، وَكَانَ هُوَ يَتَغَزَّلُ بِعَيْنَيَّ وَشَفَتَيَّ وَمَلَامِحِ وَجْهِي، كُنْتُ أَجْلِسُ فِي طَرَفِ القَارِبِ وَأُغَنِّي أُغْنِيَةً لِفَيْرُوزَ " فَايِقْ يَا هَوَا " وَهُوَ يَسْتَمِعُ إِلَيَّ بِلَهْفَةٍ وَشَوْقٍ.

ثُمَّ وَصَلْنَا إِلَى الشَّاطِئِ حَيْثُ كَانَتْ جَزِيرَةُ نَائِيَةٌ بُنِيَ عَلَى شَاطِئِهَا، كُوخٌ مِنَ القَصَبِ جَلَسْنَا بِقُرْبِهِ وَأَوْقَدَ هُوَ النَّارَ، فَأَعْدَدْتُ بِدَوْرِي القَهْوَةَ لَنَا، وَجَلَسْنَا قُرْبَ النَّارِ فَأَوْسَدْتُ رَأْسِي كَتِفَهُ وَغَفَوْتُ.

اسْتَيْقَظْتُ مِنَ الحُلُمِ لِأَجِدَ نَفْسِي أُوْسِدُ رَأْسِي كَتِفَهُ، وَلِأَجِدَنَا لَا نَزَالُ نَجْلِسُ عَلَى العُشْبِ فِي تِلْكَ الحَدِيقَةِ الهَادِئَةِ تَحْتَضِنُنَا الأَشْجَارُ، وَالأَضْوَاءُ الخَافِتَةُ المُنْبَعِثَةُ مِنَ المَصَابِيحِ المُتَناثِرَةِ هُنَا وَهُنَاكَ. نَظَرْتُ إِلَى سَاعَتِي فَانْتَزَعَتَنِي عَقَارِبُهَا المُشِيرَةِ إِلَى السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ عَشْرَةَ لَيْلًا مِنَ الجَوِّ الحَالِمِ، وَنَهَضْتُ مُسْرِعَةً أُلَمْلِمُ أَنْفَاسِي وَكِتَابِي لِأَهُمَّ بِالرَّحِيلِ.

وَنَهَضَ هُوَ بِدَوْرِهِ مِنْ مَكَانِهِ عَارِضًا عَلَيَّ اصْطِحَابِي بِسَيَّارَتِهِ إِلَى المَنْزِلِ، لَكِنَّنِي رَفَضْتُ ذَلِكَ مُعْلِنَةً رَغْبَتِي بِالذَّهَابِ بِمُفْرَدِي.

أَوْلَيْتُهُ ظَهْرِي وَمَضَيْتُ، وَعِنْدَهَا غَزَتْنِي رَغْبَةٌ عَارِمَةٌ بِعِنَاقِهِ، فَرَكَضْتُ نَحْوَهُ وَعَانَقْتُهُ، وَطَبَعَ هُوَ بِدَوْرِهِ قُبْلَةً عَلَى جَبِينِي، وَانْتَزَعْتُ نَفْسِي مِنْ بَيْنِ ذِرَاعَيْهِ، وَجَرَيْتُ رَاكِضَةً. مُخَلِّفَةً وَرَائِي حُلُمًا جَمِيلًا يَسْتَلْقِي عَلَى تِلْكَ الأَعْشَابِ الغَضَّةِ، يُدَاعِبُ المَكَانُ تَفَاصِيلَهُ، وَتُحِيطُهُ الأَشْجَارُ العَالِيَةُ لِتَحْجُبَهُ عَنِ العُيُونِ العَاذِلَةِ، وَرَجُلًا هَادِئًا بِنَظَرَاتٍ لَامِعَةٍ يَنْطِقُ بَرِيقَهَا بِسَعَادَةٍ عَارِمَةٍ، وَلَا يَزَالُ طَعْمُ الحُلُمِ عَالِقًا عَلَى شَفَتَيْهِ كَتِلْكَ القُبْلَةِ الوَلْهَى الَّتِي وَسَمَ بِهَا جَبِينِي خَاتِمًا لِقَاءَنا.


تَحَرَّكْتُ فِي جَلْسَتِي عَلَى ذَلِكَ الكُرْسِيِّ الأَبْيَضِ، فَسَقَطَتْ قَدَمَيَّ عَنْ حَافَّةِ الشُّرْفَةِ، وَاسْتَيْقَظْتُ لِأَلْمَحَ بَعْضَ عُيُونٍ تَلْتَمِعُ فِي عُتْمَةِ اللَّيْلِ، تَلْتَهِمُنِي بِفُضُولِهَا، فَنَهَضْتُ مِنْ مَكَانِي ذَاكَ دَاخِلَةً إِلَى غُرْفَتِي، وَسَمِعْتُ عِنْدَهَا مُوسِيقَا تَأْتِي مِنَ الشُّرْفَةِ المُجَاوِرَةِ، وَصَدَى صَوْتِ السَيِّدَةِ فَيْرُوزَ تُغَنِّي:
فَايِقْ يَا هَوَا

لِمْ كُنَّا سَوَا

وِالدَّمِعْ سَهَّرْنِي

وَصَفُولِي دَوَا

تَارِي الدَّوَا حُبَّكْ

وْفَتِّشْ عَالدَّوَا

ناديه محمد الجابي
29-03-2013, 10:35 PM
( أشعر بأني أعرفك منذ زمن طويل )
نقابل احيانا أناسا فنشعر بألفة حيالهم وكأننا كنا نعرفهم منذ زمن طويل ..
هل هو تعانق الأرواح وائتلافها .. ربما

معزوفة رومانسية رائعة فاتن ـ أول مرة أقرأ لك قصة , فهل كتبت القصة من قبل؟
أمسكت بتلابيب الحرف, فرودته لتقدمي لنا حلما جميلا, في قصة رائعة اللغة, جميلة
المعاني, بتصوير بديع, ووصف بليغ.. حتى وهو يبدو غير واقعي

سحرتني شاعرية هذه اللغة, ومهارة بنائها, في مشهد إنساني عميق الحس
تحايا وشكري لمتعة وهبها لي حرفك, فسلمت أناملك. ..:nj:

الفرحان بوعزة
29-03-2013, 11:02 PM
الأخت الفاضلة والمبدعة المتألقة .. فاتن ..تحية طيبة ..
أحاول أن أقرأ نفسي في تلك العيون / علني أفلح في العثور على ذاتي الهاربة /
تجولت بين دهاليز النص ومنعرجاته فوجدته ممتعاً وغنياً بالدلالة .. نص يتمتع بجغرافية متنوعة تجمع بين اللغة الشيقة والسرد القوي .. بطلة حاولت أن تحيي الماضي قسراً عن طريق التذكر والاسترجاع ،والواقع هي تحاول أن ترتبه مع إقصاء ما يحزنها أو ينغص عليها جلستها .. فعمدت إلى بناء الماضي كعالم قابل للتجدد والتغير ونفخ الحياة في نفسها وذاتها الهاربة منها ..استطاعت الساردة بفنية أدبية متميزة تشكيل هذه المرحلة مرتكزة على الحلم ..حلم لم يأت دفعة واحدة بل تدرج من الإغراق في البحث والنبش في الذاكرة ،فتحولت الأحداث من واقع ممكن في الماضي ،وأصبح متخيلا في الزمن الحاضر ..
بطلة اتكأت على رغبتها وطموحها الذي استفاق بغثة من تجاويف الذاكرة ، بطلة تحس أن شيئاً ما انفلت منها أو ساهمت في ضياعه ، فرغبت أن تعيده كما تريده في الحاضر عسى أن تسترجع ذاتها وشخصيتها التي بدأت في الذبول وتقدم السن ..
جميل ما قرأت لك أختي فاتن .. دمت مبدعة .
تقديري واحترامي ..
الفرحان بوعزة .

حارس كامل
29-03-2013, 11:27 PM
نص رومانسي بلغة شاعرية ..الفيت نفسي جالسا علي كرسي اتنسم رائحة البحر..
اشكرك ،فلقد اخرجتيني قليلا من حالة التشاؤم والتشرذم التي أعانيها تلك الأيام بسبب مايدور حولنا.
امسكت بالنص منذ بدايته حتي نهايته فجعلتينا نتأمل كلماته المتدفقة لحنا عذبا من قيثارة فنان ملهم متمكن.
تقبلي تحياتي اختي الفاضلة
دمت بخير

فاتن دراوشة
30-03-2013, 01:07 PM
( أشعر بأني أعرفك منذ زمن طويل )
نقابل احيانا أناسا فنشعر بألفة حيالهم وكأننا كنا نعرفهم منذ زمن طويل ..
هل هو تعانق الأرواح وائتلافها .. ربما

معزوفة رومانسية رائعة فاتن ـ أول مرة أقرأ لك قصة , فهل كتبت القصة من قبل؟
أمسكت بتلابيب الحرف, فرودته لتقدمي لنا حلما جميلا, في قصة رائعة اللغة, جميلة
المعاني, بتصوير بديع, ووصف بليغ.. حتى وهو يبدو غير واقعي

سحرتني شاعرية هذه اللغة, ومهارة بنائها, في مشهد إنساني عميق الحس
تحايا وشكري لمتعة وهبها لي حرفك, فسلمت أناملك. ..:nj:

لم تكن لي في القصّة محاولات كثيرة غاليتي

وحتّى عندما خضت بها وجدت اللغة الشّعريّة تفرض نفسها على السّرد

أتمنّى أن تكون لي محاولات أنجح وأروع في القصّة.

سعيدة بمرورك وبصمتك الرّاقية

صفو محبّتي

فاتن

براءة الجودي
30-03-2013, 11:29 PM
فاتن انتِ مبدعة في مجالات الأدب بانواعها
قصة جميلة عذبة تفننتِ في نسجها وفي رسم لوحة تذكارية للماضي تنطق بحكاياها في الحضار والمستقبل وتتجدد
تقديري لقلمك الراقي

سعاد محمود الامين
31-03-2013, 12:41 PM
حلم جميل عشته معك فى هذا السرد الراقى المطرز بدرر اللغة المنتقاة قصك ماتع شكرا لك أيتها الأديبة المتمكنة من أدوات القص. بوركت

عبد السلام دغمش
31-03-2013, 02:14 PM
الأخت فاتن
عندما يكتب الشاعر قصّة فله صولات..
جميلة هذه الصور التي رسمِتها خاصة ما جاء في مقدمة النص..الدموع-البيوت
والكرسي بلونه الأبيض إنما يجسد الحلم البريء حين يراد به أن ينقل المتخيّل لعالمٍ جميل كان أم لم يكن..
لكن هذا الحلم لا بد وان ينتهي ..حين سقطت قدماها عن شرفة الذكريات ..لتعود إلى واقعها المُعاش بما له وما عليه ..
رحلة جميلة أخذنا إليها النصّ الجميل ..
تحياتي

آمال المصري
31-03-2013, 03:20 PM
أَغْمَضْتُ جَفْنَيَّ، وَحَاوَلْتُ أَنْ أَنْتَزِعَ نَفْسِي مِنْ دَوَّامَةِ التَخَبُّطِ، الَّتِي كُنْتُ أَغْرَقُ بِهَا، انْتَشَلْتُ بَقَايَايَ، وَحَاوَلْتُ تَنْقَيَةَ ذِهْنِي، لَكِنْ سَرْعَانَ مَا وَجَدْتُنِي أُجَرُّ بِحَبْلِ الذِّكْرِيَاتِ قَسْرًا، لِأَرْتَمِيَ فِي حِضْنِها الحَالِمِ، حَيْثُ شُغِلْتُ عَنِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا .
تأخذنا دوامة الحياة وانشغالاتها فننسى أنفسنا ومالها علينا من حقوق تفرض نفسها عنوة عبر الذكريات التي تخترق أذهاننا لتحتل منها مسكنا
تنسج حوله شرنقة من المشاعر التي نتوق إليها إذا ماجفت البُلَّة وعطبت الروح
كان حلمك ماتعا فاتنة الحرف
لغة أنيقة وتعابير بديعة راقت لي وقدرة على السرد الشاعري
بوركت غاليتي واليراع الجميلة
تحاياي

ثروت محمد صادق
31-03-2013, 04:12 PM
انتقلت معك من الواقع الى الخيال ولم اشعر بذلك الاحينما تحرك الكرسى وهذا اجمل
هذا بالاضافة الى الحالمية والشاعرية التى كنتى ترسمين بها الكلمات والحروف
تحاياى

كاملة بدارنه
31-03-2013, 09:15 PM
سرد استرجاعيّ بلغة شاعريّة رائعة بمعانيها ودلالاتها
خسارة أنّ ذلك كان حلما...
بتنا نفتقد الواقع الجميل، فنهرب إلى الخيال أو الحلم علّنا نحظى بقليل من الجمال المفقود
بوركت عزيزتي فاتن
تقديري وتحيّتي
(همسة: غيرُ - جمع مغارة مغاور أو مغارات - التقيته فيه - سوى عشبِ - وظلالٍ - لم تكن منّي غيرُ _ الجلوسُ )

مصطفى حمزة
31-03-2013, 10:07 PM
أختي العزيزة الأستاذة فاتن
أسعد الله أوقاتك
فتاة عطشى غرام ، أو ظمآنة حنان ، أو حالمة زواج !!
قصّة شاعريّة رومانسيّة من الطراز المصري أو الهندي ! ومن أجواء محمد عبد الحليم عبد الله ، وإن شئتِ تحت ظلال الزيزفون للمنفلوطي !
ممتعة بصورها المخمليّة ، وبلغتها الملائكيّة ، وبعاطفتها البيضاء !
رأيتُ أن المقدمة طالت في وصف الجلسة ، وليست الجلسة بتلك الأهمية بالنسبة للموضوع المحوري ، لذلك حدث ما يُسمى بعدم التوازن في النص .
ورأيتُ كذلك أنّ هناك مبالغة في الاستجابة له ، ومبالغة في سرعة الانسجام ، ما كان منهما يكون مقنعاً لو أنهما حبيبان قديمان ، وكانت تنظره في موعد
بعد طول غياب !
وفي كل حال ، استطعتِ أن تمنحينا بنصك هذا لحظات حلوة عشناها مع قلبين وروحين ... تعبنا في البحث عن مثلهما !
تحياتي وتقديري

فاتن دراوشة
01-04-2013, 11:03 AM
كُنْتُ أَجْلِسُ فِي شرفَةِ المَنْزِلِ، فِي ذَاكَ المَسَاءِ الكَئِيبِ، حَيْثُ التَهَمَتْ عُتمَةُ اللّيلِ ونَسَمَاتُهُ البَارِدَهُ جَسَدِي.

كَانَتِ البُيُوتُ تَتَزَاحَمُ مِنْ حَوْلِي كَعِيدَانِ الثَّقَابِ فِي العُلْبَةِ، وَكَانَتِ الوُجُوهُ الغَرِيبَةُ المُبْهَمَةُ تُطَالِعُنِي مِنَ الشُّرُفَاتِ القَرِيبَةِ، بِعُيُونِهَا الحَائِرَةِ.

أَسْنَدْتُ قَدَمَيَّ عَلَى حَافَّةِ الشُّرْفَةِ، وَاسْتَرْخَيْتُ، فِي ذَلِكَ الكُرْسِيِّ الأَبْيَضِ، الَّذِي نَسِيَ لَوْنَهُ جَرَّاءَ لَثْمِ الشَّمْسِ لَهُ عِنْدَ شُرُوقِهَا وَغُرُوبِهَا .

أَغْمَضْتُ جَفْنَيَّ، وَحَاوَلْتُ أَنْ أَنْتَزِعَ نَفْسِي مِنْ دَوَّامَةِ التَخَبُّطِ، انْتَشَلْتُ بَقَايَايَ، وَحَاوَلْتُ تَنْقَيَةَ ذِهْنِي، لَكِنْ سَرْعَانَ مَا وَجَدْتُنِي أُجَرُّ بِحَبْلِ الذِّكْرِيَاتِ قَسْرًا، لِأَرْتَمِيَ فِي حِضْنِها الحَالِمِ، حَيْثُ شُغِلْتُ عَنِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا .

اسْتَعَدْتُ تَفَاصِيلَ ذَلِكَ اليَوْمِ الَّذِي التَقَيْتُهُ فِيهِ، فِي تِلْكَ الحَدِيقَةِ، حَيْثُ كُنْتُ أَجْلِسُ وَحِيدَةً هُنَاكَ، أُلَمْلِمُ أَطْيَافَ النَّهَارِ الهَارِبِ ،وَأَتَأَمَّلُ الأَشْجَارَ مِنْ حَوْلِي، وَهْيَ تُلَوِّحُ بِذِرَاعَيْهَا، مُوَدِّعَةً لِقُرْصِ الشَّمْسِ الدَّامِي، والعَصَافِيرِ الَّتِي كَانَتْ تُحَلِّقُ مُسْرِعَةً لِتُعَانِقَ جَسَدَ الشَّفَقِ الذَّاوِي، وَلِتُغْرِقَ جَنَاحَيْهَا فِي شَلَّالِ حُمْرَتِهِ وَلِتَغْتَسِلَ بِبَقَايَا دِفْئِهِ.

كُنْتُ أَسْتَلْقِي عَلَى العُشْبِ، وَأُطَالِعُ رِوَايَةً لِشِكْسْبِيرَ، وَلَمْ يَكُنْ يُرَافِقُنِي عِنْدَهَا سِوَى عُشْبِ الحَدِيقَةِ، وَظِلَالِ الأَشْجَارِ المُتَرَاقِصَةِ فَوْقَ تِلْكَ الأَعْشَابِ.

وَهَامَسَنِي صَوْتُهُ مِنْ خَلْفِي كَعَزْفٍ مَلَائِكِيٍّ عَلَى أَوْتَارِ قِيثَارَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، هَادِئًا، حَزِينًا، عَذْبًا.

فَلَمْ أَفْزَعْ، وَلَمْ أُسَارِعْ لِلَمْلَمَةِ جَسَدِي مِنْ عَلَى العُشْبِ، لَمْ تَكُنْ مِنِّي غَيْرُ التِفَاتَةٍ لِلْخَلْفِ، حَيْثُ كَانَ يَتَكَلَّمُ، لِأَتَأَكَّدَ مِنْ أَنَّنِي أَسْمَعُ صَوْتًا بَشَرِيًّا، فَقَدْ شَكَكْتُ لِوَهْلَةٍ أَنَّ طَيْفًا خَرَجَ مِنْ رِوَايَةِ شِكْسْبيِرَ الَّتِي كُنْتُ أَقْرَأُهَا.

-عَفْوًا آنِسَتِي، هَلْ يُمْكِنُنِي الجُلُوسُ بِرِفْقَتِكِ؟ أَعِدُكِ أَلَّا أُزْعِجَكِ.

-أَجَلْ سَيِّدِي.

قُلْتُهَا وَنَهَضْتُ هَذِهِ المَرَّةَ بِسُرْعَةٍ تَنَاثَرَتْ مِنْهَا الحَيرَةُ وَالارْتِبَاكُ كَمَا لَوْ كُنْتُ اسْتَيْقَظْتُ مِنْ حُلُمِ يَقَظَةٍ طَوِيلٍ جِدًا. وَلَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أُخْفِيَ ارْتِبَاكِي عَنْهُ فَرَفْرَفَتْ عَلَى ثَغْرِهِ أَطْيَافُ ابْتِسَامَةٍ مَاكِرَةٍ بِالْكَادِ ارْتَسَمَتْ عَلَى شَفَتَيْهِ، لَكِنَّنِي شَعَرْتُ بِهَا تَخْتَرِقُ أَضْلُعِي.

-إِذَا كَانَتْ رِفْقَتِي تُزْعِجُكِ فَأَنَا سَأُغَادِرُ آنِسَتِي، لَا أُحِبُّ أَنْ أَتَسَبَّبَ لَكِ بِالإِحْرَاجِ.

-أَبَدًا سَيِّدِي لَكِنِّي كُنْتُ شَارِدَةً بَعْضَ الشَّيْءِ، لَا عَلَيْكَ سَأَكُونُ عَلَى مَا يُرَامُ.

وَجَلَسْتُ قُرْبَهُ عَلَى العُشْبِ الأَخْضَرِ. لَا أَعِي لِمَ وَافَقْتُ أَنْ يَنْضَمَّ إِلَيَّ، وَلَا لِمَ طَلَبَ هُوَ ذَلِكَ، لَكِنْ مَا كُنْت مُتَيَقِّنَةً مِنْهُ هُوَ أَنَّنِي كُنْتُ بِحَاجَةٍ إِلَى إِنْسَانٍ يَحْتَوِي قَلَقِي فِي تِلْكَ اللَّحَظَاتِ، وَبِأَنَّي وَجَدْتُهُ.

كَانَ يَجْلِسُ بِقُرْبِي، مَاضِغًا تَفَاصِيلَ وَجْهِي بِعَيْنَيْهِ، وَكُنْتُ أخْتَلِسُ النَّظَرَ إِلَيْهِ كُلَّمَا اسْتَشْعَرْتُ غِيَابَ نَاظِرَيْهِ عَنِّي.

-هَلْ تُمَانِعِينَ لَوْ تَجَاذَبْنَا أَطْرَافَ الحَدِيثِ آنِسَتِي؟

وَلَمْ أَتَرَدَّدْ بِالْرَدِّ وَكَأَنِّي كُنْتُ أَطْهُو إِجَابَتِي عَلَى نَارٍ هَادِئَةٍ مُنْذُ سَنَوَاتٍ مَضَتْ.

-بِالْطَّبْعِ لَا سَيِّدِي، بَلْ يُسْعِدُنِي ذَلِكَ، أَشْعُرُ بِأَنِّي أَعْرِفُكَ مُنْذُ زَمَنٍ طَوِيلٍ.

وَتَوَقَّعْتُ أَنْ تُحَرِّكَ إِجَابَتِي بِهِ سَاكِنًا، لَكِنَّ الهُدُوءَ كَانَ يُغْرِقُ نَظَرَاتِهِ وَتَفَاصِيلَ وَجْهِهِ اللَّطِيفِ، فَلَمْ تَنْطِقْ خُطُوطَ بَشَرَتِهِ بِشَيْءٍ .

-حَدِّثِينِي عَنْ نَفْسِكِ آنِسَتِي، وَاعْذُرِينِي إِنْ كُنْتُ قَدْ أَخْطَأْتُ اللَّقَبَ فَهَذَا مَا أَشْعُرُ بِهِ، لَا أَعْتَقِدُكِ سَيِّدَةً، أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟

وَأَرْفَقَ سُؤَالَهُ ذَاكَ بِنَظْرَةٍ مُتَفَحِّصَةٍ كَادَتْ تَثْقُبُ تَفَاصِيلَ وَجْهِي، لِدَرَجَةِ أَنِّي تَمَنَّيْتُ وَقْتَهَا لَوْ تَلَاشَيْتُ، لِأَلَّا تَحْرِقَنِي تِلْكَ النَّظْرَةُ.

-لَا لَمْ تُخْطِئْ سَيِّدِي فَأَنَا لَا زِلْتُ آنِسَةً. مَا الّذي تُحِبُّ أَنْ تَعْرِفَهُ عَنِّي؟ أَمْ أُحَدِّثُكَ بِمَا يَرُوقُ لِي؟

وَلَمْ يُجِبْ، تَرَكَ بَرِيقَ عَيْنَيْهِ المُتَّشِحِ بِاللَّهْفَةِ يُخْبِرُنِي الرَدَّ. فَلَمْ أَجِدْ نَفْسِي إِلَّا وَأَنَا أَغْرَقُ فِي بَحْرِ التَّفَاصِيلِ، اسْمِي، سِنِّي، أُسْرَتِي، أَصْدِقَائِي، جِيرَانِي، مَدْرَسَتِي، زُمَلَائِي، دَفَاتِرِي، أَقْلَامِي، أَحْلَامِي...
لَا أدْرِي مَا الَّذِي سَاقَنِي لِصَبِّ ذَاتِي فِي كَأْسِ إِصْغَائِهِ، لَكِنَّنِي كُنْتُ أَشْعُرُ بِرَاحَةٍ عَارِمَةٍ وَأَنَا أَتَحَدَّثُ. وَهُوَ كَانَ يَجْلِسُ وَيُعَانِقُ كَلِمَاتِي كَمَا لَوْ أَنَّهَا بلسَمٌ شَافٍ يُدَاوِي رُوحَهُ المُتْعَبَةَ.

تَوَقَّفْتُ عَنِ الكَلَامِ، وَتَمَعَّنْتُ تَفَاصِيلَ وَجْهِهِ، كَأَنَّنِي أَقُولُ لَهُ: "جَاءَ دَوْرُكَ". فَشَرَعَ يَتَكَلَّمُ.

-هَلْ تَوَدُّ آنِسَتِي أَنْ تَسْمَعَنِي؟

وَأَجَبْتُهُ بِلَهْجَةٍ حَالِمَةٍ، تَتَرَاقَصُ عَلَى أَهْدَابِهَا خَوَاصِرُ الفَرْحَةِ.

-بِالطَّبْعِ سَيِّدِي.

-هَلْ يُمْكِنُكِ مُنَادَاتِي بِاسْمِي الشَخْصِيِّ، أَحْمَد ؟

- أَ .......حْ.........مَ.....دْدْدْدْدْ

شَعَرْتُ بِالاسْمِ يَحْتَلُّ حُنْجَرَتِي، وَتَشَبَّعَتْ أَنْفَاسِي بِهِ فَخَرَجَ كَلَحْنٍ مُوسِيقِيٍّ رَائِعٍ.

-نَعَمْ آنِسَتِي، وَأُحِبُّ أَنْ أُنَادِيكِ أَمِيرَتِي، فَهَلْ تُعْجِبُكِ التَّسْمِيَةَ؟

وَلَمْ أَجِدْ نَفْسِي إِلَّا وَأَنَا أَتُوهُ فِي الأَحْلَامِ وَأَزْرَعُهُ فِي حُلُمِي أَمِيرًا.

-لَنْ أُمَانِعَ، حَدِّثْنِي عَنْكَ!.

- أَنَا يَا أَمِيرَتِي شَخْصٌ بِلَا مَاضٍ، وَحَاضِرِي هُوَ أَنْتِ، فَهَلْ تَقْبَلِينَنِي حَاضِرًا؟.

كَانَت إِجَابَتُهُ غَرِيبَةً، وَسُؤَالُهُ كَانَ أعْجَبَ. وَالأَعْجَبُ مِنْ كِلَيْهِمَا رَدَّةُ فِعْلِي المُكَبَّلَةُ بِانْجِذَابِي إلَيْهِ وَانْبِهَارِي بِسِحْرِ شَخْصِيَّتِهِ وَأُسْلُوبِهِ الوَاثِقِ بالْحَدِيثِ.
لَمْ أنْطِقْ حَرْفًا، وَتَرَكْتُ نَظَرَاتِي المُنْبَهِرَةَ تَدْرُسُ تَضَارِيسَ وَجْهِهِ.

-هَلْ تَسْمَحُ أَمِيرَتِي أَنْ أُمْسِكَ يَدَهَا؟

وَسَارَعْتُ لِأَضَعَ يَدِي فِي يَدِهِ، دُونَمَا وَجَلٍ أَوْ تَرَدُّدٍ، كَأَنِّي كُنْتُ أَخْشَى أَنْ يَعْدِلَ عَنْ طَلَبِهِ لَوْ تَرَدَّدْتُ قَلِيلًا.

- يَااااااااااااااااااااااا ااهْ ، أَمِيرَتِي، أَشْعُرُ بِأَنَّ مَمَالِكَ عِدَّة قَدْ تَوَالَتْ عَلَى رَاحَتِكِ الغَضَّةِ، إِنَّهَا عَالَمٌ قَائِمٌ بِحَدِّ ذَاتِهِ، لَيْتَنِي انْتَسَبْتُ إِلَيْهِ مُذْ وُلِدْتُ، لَكَمْ تَفِيضُ يَدُكِ بِالدِّفْءِ، هَلْ تَسْمَحِينَ لِي بِتَحِيَّتِهَا.

وَلَمْ يَنْتَظِرْ إِجَابَتِي بَلِ اكْتَفَى بِالنَّظْرَةِ التَّائِهَةِ الَّتِي دَاعَبَتْ نَظَرَاتِهِ . فَلَثَمَ يَدِي بِشَفَتَيِهِ بِرَقَّةٍ بَالِغَةٍ جَعَلَتْنِي أَشْعُرُ بِأَنَّ يَدِي قَدْ ذَابَتْ بَيْنَ شَفَتَيْهِ وَتَلَاشَتْ.

-هَلْ تَسْمَحُ لِي أَمِيرَتِي أَنْ أَعِيشَ وَإِيَّاهَا الحُلُمَ؟، وَأَنْ نَتُوهَ سَوِيَّةً فِي جَنَبَاتِ الخَيَالِ؟ أُرِيدُ أَنْ نَذْهَبَ فِي رِحْلَةٍ جَمِيلَةٍ فَهَلْ تُوَافِقِينَ؟

وَكُنْتُ عِنْدَهَا أَحْيَاهُ حُلُمًا رَائِعًا، فَلَمْ أَسْتَهْجِنِ الفِكْرَةَ، وَلَمْ أَتَرَدَّدْ بِالقَبُولِ.

-أَجَلْ فَلْنَحْلُمْ، إِلَى أَيْنَ سَتَأْخُذُنِي فِي الحُلُمِ؟

-نَحْنُ الآنَ عَلَى شَاطِئِ البَحْرِ يَا أَمِيرَتِي، وَبِانْتِظَارِنَا قَارِبٌ سَنَرْكَبُهُ، وَنَمْضِي فِي جَوْلَةٍ بَحْرِيَّةٍ هَادِئَةٍ يُرَافِقُنَا بِهَا اللَّيْلُ وَالْمَوْجُ فَقَطْ، وَسَأَحْمِلُكِ عَلَى ذِرَاعَيَّ إِلَى القَارِبِ لِأَلَّا تَبْتَلَّ أَطْرَافُ ثَوْبِكِ البَهِيِّ بِالمَاءِ.

وَعِشْنَا أَجْوَاءَ الرِّحْلَةِ بِالخَيَالِ فَانْطَلَقْنَا نَنْسِجُ الأَحْلَامَ دُونَ تَوَقُّفٍ. كُنَّا نَجْلِسُ فِي القَارِبِ وَالأَمْوَاجُ تُدَاعِبُ جَنَبَاتِ القَارِبِ مِنْ كُلِّ صَوْبٍ، وَكَانَتْ أَصْوَاتُ تَلَاطُمِهَا تُوحِي لَنَا بِالمَزِيدِ وَالمَزِيدِ مِنَ الأَحْلَامِ، وَكَانَ اللَّيْلُ يَهْمِسُ لَنَا بِالكَثِيرِ مِنَ الأُمْنِيَاتِ، وَكَانَ هُوَ يَتَغَزَّلُ بِعَيْنَيَّ وَشَفَتَيَّ وَمَلَامِحِ وَجْهِي، كُنْتُ أَجْلِسُ فِي طَرَفِ القَارِبِ وَأُغَنِّي أُغْنِيَةً لِفَيْرُوزَ " فَايِقْ يَا هَوَا " وَهُوَ يَسْتَمِعُ إِلَيَّ بِلَهْفَةٍ وَشَوْقٍ.

ثُمَّ وَصَلْنَا إِلَى الشَّاطِئِ حَيْثُ كَانَتْ جَزِيرَةُ نَائِيَةٌ بُنِيَ عَلَى شَاطِئِهَا، كُوخٌ مِنَ القَصَبِ جَلَسْنَا بِقُرْبِهِ وَأَوْقَدَ هُوَ النَّارَ، فَأَعْدَدْتُ بِدَوْرِي القَهْوَةَ لَنَا، وَجَلَسْنَا قُرْبَ النَّارِ فَأَوْسَدْتُ رَأْسِي كَتِفَهُ وَغَفَوْتُ.

اسْتَيْقَظْتُ مِنَ الحُلُمِ لِأَجِدَ نَفْسِي أُوْسِدُ رَأْسِي كَتِفَهُ، وَلِأَجِدَنَا لَا نَزَالُ نَجْلِسُ عَلَى العُشْبِ فِي تِلْكَ الحَدِيقَةِ الهَادِئَةِ تَحْتَضِنُنَا الأَشْجَارُ، وَالأَضْوَاءُ الخَافِتَةُ المُنْبَعِثَةُ مِنَ المَصَابِيحِ المُتَناثِرَةِ هُنَا وَهُنَاكَ. نَظَرْتُ إِلَى سَاعَتِي فَانْتَزَعَتَنِي عَقَارِبُهَا المُشِيرَةِ إِلَى السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ عَشْرَةَ لَيْلًا مِنَ الجَوِّ الحَالِمِ، وَنَهَضْتُ مُسْرِعَةً أُلَمْلِمُ أَنْفَاسِي وَكِتَابِي لِأَهُمَّ بِالرَّحِيلِ.

وَنَهَضَ هُوَ بِدَوْرِهِ مِنْ مَكَانِهِ عَارِضًا عَلَيَّ اصْطِحَابِي بِسَيَّارَتِهِ إِلَى المَنْزِلِ، لَكِنَّنِي رَفَضْتُ ذَلِكَ مُعْلِنَةً رَغْبَتِي بِالذَّهَابِ بِمُفْرَدِي.

أَوْلَيْتُهُ ظَهْرِي وَمَضَيْتُ، وَعِنْدَهَا غَزَتْنِي رَغْبَةٌ عَارِمَةٌ بِعِنَاقِهِ، فَرَكَضْتُ نَحْوَهُ وَعَانَقْتُهُ، وَطَبَعَ هُوَ بِدَوْرِهِ قُبْلَةً عَلَى جَبِينِي، وَانْتَزَعْتُ نَفْسِي مِنْ بَيْنِ ذِرَاعَيْهِ، وَجَرَيْتُ رَاكِضَةً. مُخَلِّفَةً وَرَائِي حُلُمًا جَمِيلًا يَسْتَلْقِي عَلَى تِلْكَ الأَعْشَابِ الغَضَّةِ، يُدَاعِبُ المَكَانُ تَفَاصِيلَهُ، وَتُحِيطُهُ الأَشْجَارُ العَالِيَةُ لِتَحْجُبَهُ عَنِ العُيُونِ العَاذِلَةِ، وَرَجُلًا هَادِئًا بِنَظَرَاتٍ لَامِعَةٍ يَنْطِقُ بَرِيقَهَا بِسَعَادَةٍ عَارِمَةٍ، وَلَا يَزَالُ طَعْمُ الحُلُمِ عَالِقًا عَلَى شَفَتَيْهِ كَتِلْكَ القُبْلَةِ الوَلْهَى الَّتِي وَسَمَ بِهَا جَبِينِي خَاتِمًا لِقَاءَنا.


تَحَرَّكْتُ فِي جَلْسَتِي عَلَى ذَلِكَ الكُرْسِيِّ الأَبْيَضِ، فَسَقَطَتْ قَدَمَيَّ عَنْ حَافَّةِ الشُّرْفَةِ، وَاسْتَيْقَظْتُ لِأَلْمَحَ بَعْضَ عُيُونٍ تَلْتَمِعُ فِي عُتْمَةِ اللَّيْلِ، تَلْتَهِمُنِي بِفُضُولِهَا، فَنَهَضْتُ مِنْ مَكَانِي ذَاكَ دَاخِلَةً إِلَى غُرْفَتِي، وَسَمِعْتُ عِنْدَهَا مُوسِيقَا تَأْتِي مِنَ الشُّرْفَةِ المُجَاوِرَةِ، وَصَدَى صَوْتِ السَيِّدَةِ فَيْرُوزَ تُغَنِّي:

فَايِقْ يَا هَوَا

لِمْ كُنَّا سَوَا

وِالدَّمِعْ سَهَّرْنِي

وَصَفُولِي دَوَا

تَارِي الدَّوَا حُبَّكْ

وْفَتِّشْ عَالدَّوَا

فاتن دراوشة
01-04-2013, 11:49 AM
الأخت الفاضلة والمبدعة المتألقة .. فاتن ..تحية طيبة ..
أحاول أن أقرأ نفسي في تلك العيون / علني أفلح في العثور على ذاتي الهاربة /
تجولت بين دهاليز النص ومنعرجاته فوجدته ممتعاً وغنياً بالدلالة .. نص يتمتع بجغرافية متنوعة تجمع بين اللغة الشيقة والسرد القوي .. بطلة حاولت أن تحيي الماضي قسراً عن طريق التذكر والاسترجاع ،والواقع هي تحاول أن ترتبه مع إقصاء ما يحزنها أو ينغص عليها جلستها .. فعمدت إلى بناء الماضي كعالم قابل للتجدد والتغير ونفخ الحياة في نفسها وذاتها الهاربة منها ..استطاعت الساردة بفنية أدبية متميزة تشكيل هذه المرحلة مرتكزة على الحلم ..حلم لم يأت دفعة واحدة بل تدرج من الإغراق في البحث والنبش في الذاكرة ،فتحولت الأحداث من واقع ممكن في الماضي ،وأصبح متخيلا في الزمن الحاضر ..
بطلة اتكأت على رغبتها وطموحها الذي استفاق بغثة من تجاويف الذاكرة ، بطلة تحس أن شيئاً ما انفلت منها أو ساهمت في ضياعه ، فرغبت أن تعيده كما تريده في الحاضر عسى أن تسترجع ذاتها وشخصيتها التي بدأت في الذبول وتقدم السن ..
جميل ما قرأت لك أختي فاتن .. دمت مبدعة .
تقديري واحترامي ..
الفرحان بوعزة .

قراءة رائعة أثرت النصّ وأضافت له الكثير أستاذنا

سعيدة بهطول درر حروفك هنا

صفو مودّتي

فاتن

فاتن دراوشة
02-04-2013, 06:38 AM
نص رومانسي بلغة شاعرية ..الفيت نفسي جالسا علي كرسي اتنسم رائحة البحر..
اشكرك ،فلقد اخرجتيني قليلا من حالة التشاؤم والتشرذم التي أعانيها تلك الأيام بسبب مايدور حولنا.
امسكت بالنص منذ بدايته حتي نهايته فجعلتينا نتأمل كلماته المتدفقة لحنا عذبا من قيثارة فنان ملهم متمكن.
تقبلي تحياتي اختي الفاضلة
دمت بخير

سعيدة لأنّي وهبتك هذه الفسحة أخي

وسعيدة بمرورك الذي أبهج نصّي

مودّتي

فاتن دراوشة
04-04-2013, 10:43 AM
فاتن انتِ مبدعة في مجالات الأدب بانواعها
قصة جميلة عذبة تفننتِ في نسجها وفي رسم لوحة تذكارية للماضي تنطق بحكاياها في الحضار والمستقبل وتتجدد
تقديري لقلمك الراقي

وتقديري لروعة مرورك التي تبهج حرفي يا غالية

محبّتي

فاتن دراوشة
09-04-2013, 07:49 AM
حلم جميل عشته معك فى هذا السرد الراقى المطرز بدرر اللغة المنتقاة قصك ماتع شكرا لك أيتها الأديبة المتمكنة من أدوات القص. بوركت

سعيدة قصّتي بصحبتك لها يا غالية

شرّفتني بمرورك العبق بالجمال

محبّتي

ربيحة الرفاعي
29-04-2013, 12:52 AM
قصة عاطفية حالمة ذكرتني بقراءات الصبا وأحلام

أظنها تحتمل تكثيفا وبعض تورية تصويرية
تكرار كان وكنت بزعمي يوهي النص

أحببتك قاصة بهذه الروح الشفيفة

دمت غاليتي بألق

تحاياي

فاتن دراوشة
10-06-2013, 06:50 PM
الأخت فاتن
عندما يكتب الشاعر قصّة فله صولات..
جميلة هذه الصور التي رسمِتها خاصة ما جاء في مقدمة النص..الدموع-البيوت
والكرسي بلونه الأبيض إنما يجسد الحلم البريء حين يراد به أن ينقل المتخيّل لعالمٍ جميل كان أم لم يكن..
لكن هذا الحلم لا بد وان ينتهي ..حين سقطت قدماها عن شرفة الذكريات ..لتعود إلى واقعها المُعاش بما له وما عليه ..
رحلة جميلة أخذنا إليها النصّ الجميل ..
تحياتي

سعيدة لكونك شاركتني الحلم أخي عبد السلام

إشراقة رقيقة حظي بها متصفّحي فألف شكر

مودّتي

فاتن دراوشة
02-07-2013, 12:25 PM
تأخذنا دوامة الحياة وانشغالاتها فننسى أنفسنا ومالها علينا من حقوق تفرض نفسها عنوة عبر الذكريات التي تخترق أذهاننا لتحتل منها مسكنا
تنسج حوله شرنقة من المشاعر التي نتوق إليها إذا ماجفت البُلَّة وعطبت الروح
كان حلمك ماتعا فاتنة الحرف
لغة أنيقة وتعابير بديعة راقت لي وقدرة على السرد الشاعري
بوركت غاليتي واليراع الجميلة
تحاياي

تزرعين رياحين قلبك كلّما دلفت حقل حرفي فيزهر الحقل ويفيض شذًى وجمالا غاليتي

قراءة أثرت القصّة وزادتها بهاءً

محبّتي

فاتن دراوشة
23-07-2013, 12:28 PM
انتقلت معك من الواقع الى الخيال ولم اشعر بذلك الاحينما تحرك الكرسى وهذا اجمل
هذا بالاضافة الى الحالمية والشاعرية التى كنتى ترسمين بها الكلمات والحروف
تحاياى

سعيدة لأنّ قصّتي حظيت باستحسانك مبدعنا

صفو مودّتي

نداء غريب صبري
07-07-2014, 06:20 PM
قصة رومانسية كلاسيكية، وأسلوب في الكتابة جميل وممتع
نجحت في جعلنا نعيش مع قلبيهما قصتها الجميلة

شكرا لك أختي

بوركت

د.حسين جاسم
04-09-2014, 01:45 AM
اللغة قوية وتعبيرها شاعري والاسترجاعية منحت الحبكة تشويقا
لكني تساءلت عند قراءتها: كاتبة تملك هذه اللغة هي ستكون راضية حقا عن هذه الفكرة موضوعا لقصتها؟
أحييك

خلود محمد جمعة
06-09-2014, 01:39 PM
قصة رومانسية رسمت حروفها بإبداع حتى عشنا الحلم معك
ربما صحوت من حلم الى أمل فاح عبيره مع صوت فيروز
سيمفونية أطربتني
شكرا لك
كل التقدير

رويدة القحطاني
20-11-2014, 10:48 PM
قصة عاطفية بلغة سهلة وأسلوب مشوّق

د. سمير العمري
06-12-2015, 05:19 PM
كأني به حلم كل فتاة بحثا عن فارس الأحلام تعيشه خيالا انتظارا أو تعويضا.

ولقد رأيت هنا صورا بلاغية وأساليب مبهرة أدبيا ، ولكن كأني بالصور البلاغية والمحسنات قد شغلتك قليلا عن فنون القص الأدبي فكان أقل مستوى عن اللغة والأسلوب.

أحسنت عموما وأنت فارسة حرف جميل!

تقديري

فاتن دراوشة
30-05-2016, 05:56 PM
سرد استرجاعيّ بلغة شاعريّة رائعة بمعانيها ودلالاتها
خسارة أنّ ذلك كان حلما...
بتنا نفتقد الواقع الجميل، فنهرب إلى الخيال أو الحلم علّنا نحظى بقليل من الجمال المفقود
بوركت عزيزتي فاتن
تقديري وتحيّتي
(همسة: غيرُ - جمع مغارة مغاور أو مغارات - التقيته فيه - سوى عشبِ - وظلالٍ - لم تكن منّي غيرُ _ الجلوسُ )

نعم غاليتي حين يحاصرنا الواقع بالألم من كلّ جانب يصبح الحلم ملاذا لقلوبنا التي أعياها الوجع

سعيدة بمصافحتك الرّاقية لنصّي المتواضع غاليتي

محبّتي