المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وقرأ همّامُ الرسالة!



فوزي الشلبي
17-04-2013, 03:20 PM
وقرأ همّام الرسالة!


في فترة الاستراحة الصباحية الوجيزة ومدتها نصف ساعة، يتدافع الطلاب نحو واجهة مقصف المدرسة، يتسابقون إلى المقدمة من الدور، لعلهم يتناولون حاجتهم من الساندويش وشراب العصير، أو الشوكولا و السكاكر، فيزدردونها ازدرادا أو يعُبُّون الشراب والماء عباً، حتى إذا فرغوا من أكلهم وشرابهم ، فزعوا إلى ألعابهم ، وما ينتظرهم من لعبٍ بالكرة، أو جري متلاحق مع زملائهم ورفاقهم، في دوران لا تكتمله الأيام إلا روعةً وإقبالا، روعة الطفولة تزدان المدارس بها كأشهى ما تكون.كان همام في طليعة المتسابقين إلى رأس الدور، يشتد في عدوه ،ويمضي منطلقاً كالسَّهم لا يلوي على شيء.

كاد همام أن يصل رأس الدور، لولا أن أعاقه جسم خفيف ارتطم به ، فردَّه حينا عن السَّبيل. فإذا وقف في الترتيب الخامس من الدور، وعزَّ عليه أن فاته ما سبقه إليه أقرانه إلى المركز الأول، يلهث بقوة، يتحلَّب فمه ريقا رطب اللعاب. بينا طبقتان رقيقتان من العرق كحبات اللؤلؤ، تلازمان خدَّين أحمرين، وأخريان تعانقان جانبي الجبين، وتفور الدماء أعلى أذنيه، وكأن النحل التسعهما..

أحسَّ همام شيئا من برودة العرق خلف الرقبة أسفل الرأس، مما اخضلَّ به الشَّعر عند نهاياته ..وتنهَّدْ ...ثمَّ تذكر الجِرْمَ الخفيف الثَّقيل الذي أعاقه في مهمته تلك...فارتد طرفه جُنُباَ جهة المكان من الحادث... فرأى زميله سامي، ذلك الطالب الهادئ ذا الجسم الرقيق، وهو يعالج أثر الصدمة من الرَّمل الملتصق بقوة في كفيه وركبتيه، فاكتنفه الأسى، وحزن لضعف صاحبه ورقَّته، وتمنى لو أنه لم يصطدم به هذا الاصطدام ، وتمنى لو لم يراه ضعيفا هذا الضعف، أو أنه اصطدم بطالبٍ آخر أشد بأسا واحتمالا. كماتمنى لو أنه قام من سقطته تلك، واحتمل لنفسه كما يحلو له هو أن يحتمل لو كان في مثل موقفه ذاك، وتسابق كما يتسابق الآخرون، فأحس بشوك من وخز الضَّمير، ففكَّرَ وقدَّرْ، والتمعت خطة في ذهنه... فالتفت إلى من كان خلفه في الدور، فكان ممن عرف، طالبا إليه أن يحفظ له الدور حتى حين ... انطلق همام نحو سامي مسرعا، قال: سامي.. سامي لا يهمُّك، هات أشتري لك..هات! تلاقت عيناهما ـ رغبة في الإقبال، ورغبة في الارتداد، رغبة في مد يد عون إلى يد، ورغبة مقابلة في انتزاعها.. فارتسمت طبقتان صافيتان رقيقتان من الدَّمع في عيني سامي ولم يُحر جوابا.. واستدار إلى حيث كان الظِّلُّ من المقصف.. واستدار همام في سرعةٍ إلى حيث المعمعة من الطابور، ورسالة سامي تلتمع في عينيه لا تبارح. قرأ همام الرسالة كما لم يقرأ درسا من دروسه من قبل. و فهمها في سرعة كما لم يفهم شيئا من مثله في سرعته من قبل.

عاد همام من المقصف، حاملا ما اشتراه بالثلاثين قرشا، هي مصروفه اليومي، من الساندويش والعصير...عاد إلى صاحبه يحمله خيلاءٌ من الانتصار ..فهل انتصر حقاً؟..شعور بنشوة انتصار غريب.. هو أحلى من أي انتصار حققه على أقرانه، سواء في مجال القوة في الملاعب ..أو المشاكل والنزاع بين الطلاب .. وأغلى من أي انتصار حققه في تحصيله للعلامات والنشاط الصفي... هناك تحت ظل بناء المقصف جلس إلى صاحبه.. وأصر عليه ليقاسمنَّهُ الطعام والشَّراب.. فاستجاب سامي على حياء ... وضحكا بعد ذلك، وتمازحا وتجاذبا أطراف الحديث ..في سعادة غامرة يشق ثوبها صوت الجرس الرهيب..صحوة من غفلة إلى ممارسة النظام والجلوس على مقاعد الدرس... عاد همام إلى بيته بعد أن قرع جرس الانصراف من المدرسة ... شاعرا بالجوع مختلطا بالسعادة و الانتشاء ... وكيف يسعد وينتشي وهو لم يأكل في الاستراحة إلا نصف بطن ... كيف .... وكان إذا جاع فإنه يقيم الدنيا ولا يقعدها حتى يأكل ...كبف وليس له على الجوع صبر؟ ...وحدَّث نفسه مستغربا: لماذا لم يعد الجوع أوّل آلامه؟...وفي البيت أراد أن يحدِّث أهله بما كان حال وصوله... لكنه لم يفعل، فنشوة الانتصار طغت على كل حديث...وجاء موعد الذهاب إلى الفراش ملبيا رجاء والديه.... فما إن استقرَّ في فراشه لم يطق صبراً حتى ناداهما: أن تعالَيا فلدي ما أقوله لكما...فأقبلا على قدم الاستغراب والظنون. حدث همام والديه من أمر ذلك اليوم وانتهى. فأشرقت عيون والديه بالحبور...فقبَّلاه وأسكناه الفراش.

وعلى مائدة الإفطار في الصباح، جلس همام حيث يجلس دائما ليتناول طعام الإفطار قبل ذهابه إلى المدرسة...خبز.. مارتديلا...جبن...كأس حليب...و ستون قرشا!! وتلاقت عيناه في عيني أمِّه تتساءلان... فقرأ الرِّسالة...

كاملة بدارنه
17-04-2013, 05:13 PM
فقرأ الرِّسالة...
رسالة رائعة غير مكتوبة سطر مضمونها حسن الخلق
قصّة اجتماعيّة تربويّة هادفة
بوركت
تقديري وتحيّتي

فوزي الشلبي
21-04-2013, 05:23 PM
رسالة رائعة غير مكتوبة سطر مضمونها حسن الخلق
قصّة اجتماعيّة تربويّة هادفة
بوركت
تقديري وتحيّتي

الأديبة العزيزة كاملة:

تحية كبيرة وود...شرفني كرمك البالغ في تقدير القصة...ثقة طالما اعتززتُ بها!

دعائي المتصل!

أخوكم:

فوزي

براءة الجودي
21-04-2013, 11:38 PM
قصة تربوية تعلمنا حقيقة الأخوة في الله وترابط المسلمين وكيف يكون الأصدقاء لا كلاما يُنطق ووعودا تملأ السمع والصفحات نما أحاسيسا تتُرجمُ بفعالٍ ملموسة حقيقية كالمشهد الذي ورد في مشاطرة الفطور
شكرا لقلمك وفكرك استاذ فوزي
حفظك الباري

فوزي الشلبي
23-04-2013, 05:42 PM
قصة تربوية تعلمنا حقيقة الأخوة في الله وترابط المسلمين وكيف يكون الأصدقاء لا كلاما يُنطق ووعودا تملأ السمع والصفحات نما أحاسيسا تتُرجمُ بفعالٍ ملموسة حقيقية كالمشهد الذي ورد في مشاطرة الفطور
شكرا لقلمك وفكرك استاذ فوزي
حفظك الباري

العزيزة براءة:

أجل ايتها العزيزة، علينا ان نربي هذا النشا الجميل على فضائل الأعمال والخير..فارتايت ان تكون هذه قصة رائدة للأطفال، الذين هم عماد المستقبل، وأمل الأمة..
أشكرك على تقديرك الكريم للقصة..وكما نعلمين فهذه ثقة أعتزُّ بها!

أخوكم:

فوزي

آمال المصري
26-04-2013, 11:01 PM
يالها من رسالة سامية قرأتها العيون وتداولتها دون حروف
هكذا تكون التربية على نهج رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم -
نص رائع متين البيان والبنيان والحبكة
ونهاية رائعة رائعة أوصلت الرسالة باقتدار
شكرا لتلك المتعة التي رافقتني وأنا أقرأك هنا شاعرنا الفاضل
تحاياي

فوزي الشلبي
01-05-2013, 11:32 AM
يالها من رسالة سامية قرأتها العيون وتداولتها دون حروف
هكذا تكون التربية على نهج رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم -
نص رائع متين البيان والبنيان والحبكة
ونهاية رائعة رائعة أوصلت الرسالة باقتدار
شكرا لتلك المتعة التي رافقتني وأنا أقرأك هنا شاعرنا الفاضل
تحاياي

الأديبة العزيزة آمال:

تحية إكبار وود...أثمن غاليا تقديرك الثمين للنص,,,,وهذا وسام أجمل به صدري..أشكر لك قراءتك السامية ولطفك الكريم!

دعائي وودي المتصل!

أخوكم:

فوزي

ربيحة الرفاعي
13-06-2013, 12:58 AM
أدب جاد وقصة اجتماعية هادفة بقيمة سامية

دمت أديبنا بألق

تحاياي

ناديه محمد الجابي
13-06-2013, 10:40 PM
سرد بديع تسربل بالعفوية في نص إجتماعي عميق المغزى
حيك بأسلوب ممتع .. ورسالة استطعت إن تجعلها تصل للقلوب.
دمت كاتبنا بألف خير.

فوزي الشلبي
14-06-2013, 11:09 AM
أدب جاد وقصة اجتماعية هادفة بقيمة سامية

دمت أديبنا بألق

تحاياي


الأديبة الغالية ربيحة:

لقد آنسني قربك أيتها الأخت...وقد نثرت علي ورودك، وبذختِ فألبستني قطيفة البهاء، أزهو بها وأتجمل!

تقديري الكبير ودعائي الموصول!

أخوكم:

فوزي

فوزي الشلبي
14-06-2013, 11:14 AM
سرد بديع تسربل بالعفوية في نص إجتماعي عميق المغزى
حيك بأسلوب ممتع .. ورسالة استطعت إن تجعلها تصل للقلوب.
دمت كاتبنا بألف خير.


الأديبة الغالية نادية:

سرني مرورك الكريم أيتها النبيلة...اخت كريمة تسبق بالفضل..ألبستني بكرمك حلل البهاء!

تقديري الكبير ودعائي الموصول!

أخوكم:

فوزي

نداء غريب صبري
12-07-2013, 06:04 PM
قصة جميلة جدا
مفيدة وتربوية وأسلوبها ممتع

شكرا لك اخي

بوركت

فوزي الشلبي
15-07-2013, 10:53 AM
قصة جميلة جدا
مفيدة وتربوية وأسلوبها ممتع

شكرا لك اخي

بوركت


الأديبة الغالية نداء:

أشكر لك تقديرك الكريم...وما هذا إلا بهاؤك الذي أشرقت به على النص فزدته بهاءً!

دعائي وودي المتصل!

أخوكم

د. سمير العمري
02-09-2013, 04:01 PM
قصة هادفة ودعوة للسلوك الإنساني والخلق القويم وأن يرحم القوي الضعيف وأن يطعم الغني الفقير.

سرتي ما قرأت وإن كنت استوقفتني بعض هنات لغوية قليلة وكنت أود لو منح الأسلوب بعض عناية في السبك والحبك.

دمت كريما!

تقديري

فوزي الشلبي
13-09-2013, 08:00 PM
قصة هادفة ودعوة للسلوك الإنساني والخلق القويم وأن يرحم القوي الضعيف وأن يطعم الغني الفقير.

سرتي ما قرأت وإن كنت استوقفتني بعض هنات لغوية قليلة وكنت أود لو منح الأسلوب بعض عناية في السبك والحبك.

دمت كريما!

تقديري


الأستاذ القدير د. سمير العمري:

تقديرك النبيل ايها الغالي تضيف للنص إشراقة بهية...أقدر عاليا مرورك الكريم..لولا أشرت إلى هذه الهنات حتى أتعلم من أخطائي..رحم الله من اهدى إلي عيوبي!

تقديري وودي الكبير!

اخوكم

خلود محمد جمعة
01-04-2015, 11:26 AM
رسالة تربوية اجتماعية وصلت بوضوح وعمق
سرد هادئ وأسلوب ماتع بحبكة أعادت لنا ذكريات جميلة الى نهاية اختصرت الفكرة بمهارة
جميلة
كل التقدير
بوركت

سحر أحمد سمير
01-04-2015, 12:08 PM
حينما يسود جو من الاحترام بين أفراد الأسرة ولا يخطئ أي فرد على الآخر..

يكتسبه الفرد و ينعكس و يمتد بشكل ايجابي على تعامله مع الآخرين مما يرفع من أسهمه لديهم..

و من ثم يقودنا إلى إتقان فن الحوار الوجداني الذي يجعل تكامل العلاقات متناغما وقوية ودرجة صمودها أمام الصعاب تكون عالية ..

نص تربوي هادف و رائع ..

كل التقدير

رويدة القحطاني
30-04-2015, 03:51 PM
قصة اجتماعية مشوقة
أعجبتني فكرتها وأسلوبها

فوزي الشلبي
08-02-2016, 11:40 AM
رسالة تربوية اجتماعية وصلت بوضوح وعمق
سرد هادئ وأسلوب ماتع بحبكة أعادت لنا ذكريات جميلة الى نهاية اختصرت الفكرة بمهارة
جميلة
كل التقدير
بوركت

الاديبة العزيزة خلود:

شكرا لمرورك البهي، وتعليقك الكربم على النص!

تقديري وخالص دعائي!

أخوكم

فوزي الشلبي
08-02-2016, 11:43 AM
[QUOTE=رويدة القحطاني;994429]قصة اجتماعية مشوقة
أعجبتني فكرتها وأسلوبها[/QU
OTE]

الاديبة العزيزة رويدة:

شكرا امرورك الكريم وتعليقك الكريم على النص!

أخوكم

علاء سعد حسن
08-02-2016, 06:13 PM
تمنيت لو ان ولدي الاصغر همام قرأها

بارك الله تعالى في ادبك وقلمك ايها المبدع

فوزي الشلبي
13-02-2016, 10:46 AM
تمنيت لو ان ولدي الاصغر همام قرأها

بارك الله تعالى في ادبك وقلمك ايها المبدع

الأخ الأديب الأستاذ علاء:
همام الآن طالب في الجامعة سنة ثالثة محاسبة، وقد حصل في الثانوية على معدل ٩٣%، أرجو أن يكون لابنك الاصغر همام من النجاح والتفوق كما حصّل همام!

شاكرا مرورك الكريم وتقديرك الثمين للنص!