المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جنون الشـظايا



د.نبيل قصاب باشي
23-04-2013, 09:09 AM
جنون الشـظايا

د.نبيل قصاب باشي

طاشَ "شـــامُ" الهوى وطاشَ بنوهُ====أَتُراهمْ بمَا جَنَى روّعُوهُ؟!

أَتُراهمْ ســاقُوهُ للموتِ هيمـانَ ؟ أيخشى وِرْدَ الرَّدَى عاشقُوهُ؟!

كيفَ يخشى الرَّدَى رجالُ المنايا=====وهمُ الموتُ طالما هزمُوهُ

غير أنَّ الجُناةَ جُنَّ جنونُ البغيِ فيهمْ و قادَهمْ مَعتُوهُ

زرعوا الشر في نفوسِ البرايا ===== فجنَوْا شرَّها بما حصدُوهُ

جوَّعُوها فهبَّ صارخُها المجنونُ يغلي لظىً بما جوَّعُوهُ

جرّعُوهُ الزقَّومَ صَاباً زُعَافاً=====وجحيمَ الحياةِ قدْ صلُّوهُ

حرقُوا حُلْمَهُ بجمْرِ الشَّظايا======وَبنارِ الحريقِ قدْ كفّنُوهُ

قتلُوا العقلَ حينَ ظنُّوهُ عَدُوَّاً لدوداً يعي الذي جَهِلُوهُ

أفسدُوا النفسَ كي تموتَ سـجايـاها ويحيا ما كانَ قدْ أفسدُوهُ

جعلوا البعثَ حُلْمَ كُلِّ وضيعٍ=======فإذا شانَهُ الخَنَــــا رَفعُوهُ

وإذا اشتَطَّ في هَواهُ مُسِـفاً=====في الدّنَايَا ؛ عرشَ العُلا نَصَّبُوهُ

زيَّنُوا روحَهُ بكلِّ قبيحٍ=====ثمّ غالَوْا في مَدْحِ ما قبّحُوهُ

لقَّنُوهُ أنْ لا إلهَ سوى البعْثِ يُرَجَّى عَنَا لَهُ مُؤمنُوهُ

قائدُ البعْثِ ربُّهُ ليسَ في الأرضِ مَليكٌ كمثْلِهِ عبدُوهُ

قتلُوا كلَّ آبقٍ و كفورٍ=======لمْ يُمجِّدْهُ بالمحامدِ فُوهُ

خلَّدُوه كأنَّهُ اللهُ يُرْجَى=====ثمَّ في باطنِ الثّرى ألحدُوهُ

ليسَ في الدّينِ مأربٌ دونَ ما يهوى ولو حافَ أو غَوَى مُفتُوهُ

دينُهم بعْثُهمْ و مَنْ شاءَ أنْ يرتدَّ يُنْفَى في الأرضِ مُرتَدُّوهُ

أو يذوقَ الأوْباءَ منْ وَجَعِ العيشِ ولو ماتَ أهلُهُ وذَوُوهُ

أوجعَوا سمعَهُ ببُوقِ نشيدِ البعْثِ حتَّى ملَّ المدى مُنشدُوهُ

وإذا شاءَ أنْ يُصلِّيَ للهِ ففي نارِ بعْثِهمْ دَعُّوهُ

وإذا شاءَ أنْ يُقدِّسَ "يُوحَنَّا و َ مَتَّى" ذلُّوهُ أو صَلبُوهُ

ورجَوْا منْ صلاتِهمِ سجدةً للهِ لكنْ منْ دُونِ أنْ يعبدُوهُ

ليسَ في الأرضِ مالكٌ أو مليكٌ=====غير ُهُ ساجدٌ لهُ عابدُوهُ

ورفيعُ الخلال سامُوهُ ضَيْماً===== وبقَيـْدِ الإمـلاقِ قدْ كبَّلُوهُ

و سَقَوْهُ "أفيونَهُمْ" بالتمنّي=======وبهمِّ الحيـاةِ قدْ خدَّرُوهُ

دوّخُوا رأسَهُ بنَيْلِ الطُّموحاتِ فأضْحَى يلتاثُ ما دَوَّخُوهُ

قتلُوا في طموحِهِ شهوةَ المجْدِ وفي رِبْقةِ المُنَى سجنُوهُ

وإذا ما ارتجَى الكرامةَ حراً====== أزهقُوا في الحياةِ ما يرجُوهُ

ليسَ يُرْجَى لهُ سوى الموتِ خزيانَ ويحيا بموتِهِ حاكمُوهُ

و أغلُّوا الصدورَ بالمكْرِ حتَّى=======ضاقَ مكْرُ الورى بما غَلُّوهُ

كم تهاوتْ بنا المروءاتُ حيْرَى====== والحليمُ الحكيمُ كمْ حيَّرُوهُ!

أيُّ شيخٍ لم يعصفُوهُ رماداً======أيُّ طفلٍ هناكَ لمْ يحرقُوهُ؟!

عَجِبَ اللهُ كيفَ يَعْصِفُ بالطفْلِ شُواظٌ رمى بهِ عاصفُوهُ؟!

ليسَ للطفلِ عندَهُ إنْ تجنَّى==== مَأْثمٌ يُرْتجَى فَلِمْ قَتَلُوهُ؟!

لِمْ رمَوْهُ في نارهمْ ؟ أيُّ ذنبٍ====قدْ جَناهُ ؟ ولِمْ ولِمْ خنقُوهُ؟!

لِمْ أحدُّوا السكينَ في نحرِهِ الغضِّ أَيُرضِي الوحوشَ ما اقترفُوهُ؟!

ليسَ للطفلِ إنْ قضَى غيرُ عَدْنٍ====تُرْتجَى أمـُّهُ لها و أبـوهُ

طالمَا طالمَا استكانَ ضعيفاً=====وتربَّى على الهوانِ بَنُوهُ

مزَّقُوهُ برشوةِ العيشِ والطيشِ وفي مِيعةِ الخِنَـا غرَّرُوهُ

ضاقَ رحْبُ الأحرارِ بالقمْع ِ والرَّوْعِ وأخنَى بالفِكْرِ مُعتقَلُوهُ

وتصدَّى الباغونَ بالفتْكِ والسفْكِ وقالوا : تمرُّدٌ مَشبُوهُ

خائنٌ مارقٌ يُجنِّدُهُ الإرهــــــــــــــــــــ ـابُ فامْضُوا لقهْرِهِ واقْتلُوهُ

زعمُوا الموتَ يهزِمُ الماردَ المِغْوارَ لكنْ قدْ خابَ ما زعمُوهُ

هبَّ أحرارُ شامِنَا يقهرونَ الموتَ حتّى أعيا الردى قاهروهُ

أيُّها المُشتهِي فنائي أنا الموتُ تهاوى في لحْدِهِ مُشتَهُوهُ

غيرَ أنَّ الرَّدَى يُماطلُ أحراراً و يشتطُّ في الرّدَى صانعُوهُ

ليسَ في الأرضِ مُجرمٌ يعشقُ الذّبحَ ويُثني عليهِ جزّارُوهُ

لا يريدونَ للشّآمِ حياةً======بلْ دمـارٌ يريدُهُ مُجرمُوهُ

كلَّ يوم ٍمحافلُ السِّلْمِ تَتْرى===ودعاةُ السـّــلامِ مُحتربُوهُ

كم تنادَوْا لنَصْرِهِ بحقوقٍ=====ذبحُوها بما جَنَى ناصرُوهُ

وَعَدُوهُ بنُصْرةِ الحقِّ لكنْ=====في دهاليـزِ مَكْرِهِمْ خَذلُوهُ

فمضَى لاجئاً إلى اللهِ يدعُو======ليسَ إلَّاكَ ناصراً أَدعُوهُ

أنا وَحْدي هنا ووحْدَكَ يا ربّي ملاذي ســــــــــواكَ لا أرجُوهُ

إبراهيم أحمد
23-04-2013, 10:31 AM
موجة من مواجع تئن بها جراح الشام
أحسنت تصويرها أيها الشاعر الكبير د.نبيل قصاب
كانت القافية كأنها نفث المواجع
شكراً لك على هذه الممتدة عبر اتساع الجرح

مودتي والشعر والدعوات

فاتن دراوشة
23-04-2013, 02:15 PM
كم تطعننا تلك الصّور والوقائع

زكم تنزف قلوبنا حزنًا وكمدًا

ونحن نعجز عن مدّ يد العون لشام الشّموخ في محنتها

دمتم للشّام أُسدها

مودّتي

د.نبيل قصاب باشي
23-04-2013, 02:53 PM
الأخ الجميل إبراهيم أحمد

شكراً لجميل انطباعك وأليم مواساتك

إن في فيض وجعك ونزف حروفك صوت مناصر لقضية الشام يمسح عن المنهك تعب أوجاعه ونصب أحزانه وغُمّة أشجانه .. بوركت ودمت أخاً ودوداً .....

د.نبيل قصاب باشي
23-04-2013, 03:06 PM
الأخت الشاعرة فاتن دراوشة

طيب الله مشاعرك .. إن الجرح عميق ... والمأساة ضربت أطنابها في كل خاصرة ؛ لقد ضاقت صدور الشاميين بطعنات نصال الألم التي تكسرت عليها نصال تلو نصال ؛ لكنها لم تضق بالصبر والصمود والتحمل المرير الذي يعانيه كل طفل وشيخ .. كان الله في عونهم جميعاً ، ونجأر إليه تعالى أن يجزيهم على صبرهم ومصابرتهم بفرحة النصر وبهجة الخلاص من عنت القهر ومرارة القمع والاضطهاد ....

هاشم الناشري
23-04-2013, 06:57 PM
نسأل الله تعالى أن يحفظ الشام وأهلها ، وأن يعجل ببسط أمنه وأمانه عليها.

بوركت وحرفك الجميل الأصيل أيها الشاعر الأبي.

تحياتي وتقديري.

د.نبيل قصاب باشي
24-04-2013, 07:44 PM
بورك فيك أخي الشاعر هاشم الناشري

وأرجو من المولى عز وجل أن يكلأ أهلنا في الشام وأن يعجل في الفرج ونصر الأمان والاطمئنان

د. سمير العمري
18-05-2014, 06:27 PM
صرخة إباء بحس انتماء ووفاء لشام الكبار الكرام ووطن الأبرار الأحرار فلله درك!

هي قصيدة كبيرة كبيرة من حيث المعنى ومن حيث المبنى ولكن رأيتها لم تحظ بما تستحق من عناية ورعاية ، ووجدت فيها بعض ترهل بحشو تكرار في المعاني وفي المباني ، فالقصيدة تبدو كمعلقة وتستحق تنقيح بتكثيف للمبنى وللمعنى وترتيب للهندام كي تبدو على حقيقتها أميرة في القصائد.

نسأل الله الفرج العاجل وأن ينتصر أهل الحق وينخذل أهل الباطل!

تقديري

فايدة حسن
18-05-2014, 10:25 PM
مشاعر متدفقة وأحاسيس نابضة وكلمات تبوح بوجع الشام
لكِ الله يا شام العروبة

هاشم الناشري
22-05-2014, 12:40 AM
للرفع طلبًا للدعاء وحبًا في الشام وأهل الشام ؛

دمت شاعرنا الأبيّ وحفظ الله أحبابنا هناك.

محبتي وتقديري.

ربيحة الرفاعي
18-06-2014, 12:34 AM
قصيد أبي ينبض حسه بوجع الشام وتنزف حروفه بجراحه، سكن الأنين منخ المضامين كما سكنها الغضب، فجاءت الصرخة قويّة معبرة
وكأني به طال فاعترته حاجة لتكثيف

فرج الله كربة شآمنا وأسدل عليها برحمته خيمة الأمن والأمان
ودمت بخير أيها الرائع

تحاياي

د.نبيل قصاب باشي
10-07-2014, 11:15 AM
الدكتور العمري طيب الله خاطره لديه مشكلة مع التكرار لكن يبدو أنها مشكلة منبثقة من ذوق نمطي كلاسيكي ،، إن للتكرار وظاثف فنية أقرها البلاغيون القدامى والمشتغلون بالنقد في العصر الحديث ، لذا يرجى من صديقنا العمري وفقه الله أن يراجع كتب البلاغة القديمة وكتب الحداثة تحديداً مثل كتاب "قضايا الشعر لمعاصر "لنازكك الملائكة ففيه بسط فني موفق لمعايير توظيف التكرار في الشعر أو في النثر ...

نداء غريب صبري
20-08-2014, 02:47 AM
عَجِبَ اللهُ كيفَ يَعْصِفُ بالطفْلِ شُواظٌ رمى بهِ عاصفُوهُ؟!

ليسَ للطفلِ عندَهُ إنْ تجنَّى==== مَأْثمٌ يُرْتجَى فَلِمْ قَتَلُوهُ؟!

لِمْ رمَوْهُ في نارهمْ ؟ أيُّ ذنبٍ====قدْ جَناهُ ؟ ولِمْ ولِمْ خنقُوهُ؟!

هم لم يقتلوا الأطفال فقط يا أخي بل قتلوا كل شيء وكل حياة وصارت مأساة الشام تاريخا للبشرية ودليلا على وحشية البشر
شكرا لك على هذا الشعر وهذا الحس

بوركت