تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : وامتلأ الخزان.. فراغا!



م. تامر مقداد
03-05-2013, 02:13 PM
* * * * *
كانت المشاهدُ عرضًا مكرورًا إلا قليلاً: محطةٌ وقطار، سيارةٌ أقودُها، وفتاةٌ مسافرة!

لدى المحطةِ الأولى.. ما كدتُ أصلُ حتى لاقيتُها.. فاتنةٌ ما رأتْ لها –قطُّ– عيني مثيلا! ولا عهدتني لطيفا كحين استوقفتها، ودودًا، مهذبًا، يسيل من فيَّ شهدُ الحروف؛ فتبتسمُ، تضحكُ، ولا تزيد! ثم عصف بها الغضب: "نسيتُ معك نفسي؛ فتحرك القطار ولم أركبْ!".. فأبتسم: "لا ضير.. أوصلك – بسيارتي – للمحطة التالية". انطلقتُ.. حمدا لله أن هداني أملأ خزان الوقود عن آخره.
"وصلنا" زفرتُ هابطًا أفتح الباب لها، "ولم يصل القطار بعد!"، غمرت وجهها الابتسامة العذبة: "سامحني.. قسوت!".. صافحتني.. شدت على يدي.. سكرتُ! غشيتني نشوةٌ عجيبة! ما شعرتُ بانسحابها، ولا بتحرك القطار! لكنّ صورةً ظلت تسكن اللاوعي: "لم تلتفت.. شُغلتْ عني بأحد القطاريين!"

قبلما أغادر المحطة الثانية.. رهطٌ من مُيّعِ الشباب أعشار الرجال، تولوا بالمعاكسات حسناء فزعة، تخطو.. يعترضونها.. عيونٌ غامزة.. عبارات لزجة.. تتلوّن خجلا.. تتعثر.. تشرفُ تسقطُ.. "أيها الأوغاد!" من حلقي صيحة – بلا إذني – بعثرت الجرذان؛ فخلا - إلا من كلينا – المكان!
لم أُعنَ بمحادثتها، أو حتى الاقتراب إليها؛ إذ ما برحت عينيها نظرات الخوف! أدركتْ نيتي؛ فاطمأنتْ إليّ.. تزلّفتْ.. راحت تحدثني؛ فاضطررت – وتحرك القطار – أوصلها – بسيارتي – للمحطة التالية، وما زال الوقود وفيرا، ولكنّ صورةً ظلت تسكن اللاوعي: "لم تلتفت.. شُغلتْ عني بأحد القطاريين!"

اختلف في المحطة الثالثة وجه المليحة وأسلوب اللقاء فحسب؛ إذ خشيت – وهي الصغيرةُ – ركوب القطار بلا رفقة تؤنس الوحشة، وتطوي السكة.. اعتذرتُ: "لستُ قطاريّا!"؛ فألحّتْ.. توسلتْ.. راحت – لأقتنع – تتحدث بلا انقطاعٍ حتى.. حتى تحرّك – وخلّفها – القطار!
أحرج مروءتي عتب الأطفال؛ فأوصلتها – بسيارتي – للمحطة التالية، وفي الخزان وقود، ولكنّ صورةً ظلت تسكن اللاوعي: "لم تلتفتْ.. شُغلتْ عني بأحد القطاريين!"

المحطةُ الرابعةُ.. الخامسةُ.. العاشرةُ.. لم يزل المشهد يتكرر.. وينفد الوقود!




تامر مقداد
الجمعة 13/8/2004م
15:12

محمد عبد المجيد الصاوي
06-05-2013, 04:56 PM
أبا ليث ..
كشأني مع أعمالك الأدبية ..
التي أطلع عليها منذ عشر سنوات ( منذ تعارفنا )
أقف أمام لغتك ..
وهنا استطعتَ بلغتكَ التي بثثتها البساطة ..
ولكن دفعتنا أن نقف أمام صورك ومشاهد ..
فإذا بالقطار هو قطار المحب الذي يسافر عبر زمان المحبين
ولا يقف عند مكان ـ ولو لحين من الدهر ـ قد شغلوا به ..
فالفاتنة والحسناء والمليحة ..
ثلاث ـ وإن ظهرن لوهلة أولى واحدة ـ
هن دلالة على شيء في نفسك عمدت أن نميز بينهن ..
ولم تلقِ إلينا بسهم التفريق ..
فارتقِ يا صديق ..
وواصل الهمس ..
واعزفنا لحونا ..

م. تامر مقداد
08-05-2013, 05:18 PM
ولكن دفعتنا أن نقف أمام صورك ومشاهد ..

فالفاتنة والحسناء والمليحة ..
ثلاث ـ وإن ظهرن لوهلة أولى واحدة ـ
هن دلالة على شيء في نفسك عمدت أن نميز بينهن ..



أبا عبد المجيد.. أهلا بك يا صديقي الأثير :17:

مزيدا من هذه الإضاءات الـ تشي بعمق القراءة وسبر أغوار النص.. فما زلتُ أزعم أن فيه الكثير :sm:

تحية محبة.. وأخوة :noc: :001:

آمال المصري
10-05-2013, 04:56 AM
عملة نادرة في زمن الميوعة قلت فيه مروء الرجال إلا من رحم ربي
وتتوالى المحطات وينفذ الوقود مع الإيثار والعطاء اللامحدود
نص ماتع شاعري بديع اللغة أجزم أن مازال يحمل الكثير بين طياته
بوركت شاعرنا الفاضل واليراع
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي

م. تامر مقداد
12-05-2013, 10:15 AM
عملة نادرة في زمن الميوعة قلت فيه مروء الرجال إلا من رحم ربي
وتتوالى المحطات وينفذ الوقود مع الإيثار والعطاء اللامحدود
نص ماتع شاعري بديع اللغة أجزم أن مازال يحمل الكثير بين طياته
بوركت شاعرنا الفاضل واليراع
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي

أديبتنا الرائعة آمال

لابد للوقود أن "ينفد" إذا توالت المحطات.. ويضطر من كان "ليس قطاريًّا" أن يغدوَ قطاريًّا رغم أنفه!

أوافقك أن في النص الكثير.. وقفتِ على بعضه.. ووقف أخي أبو عبد المجيد على بعض.. ولدى السطور مزيد! D::002:

بوركت همتكم الوثابة.. ومتابعتكم اليقظة.. تحية إكبار :001:

عبد السلام دغمش
12-05-2013, 10:45 AM
أخي تامر مقداد
أنا من المعجبين بكتاباتك..!

لستَ قطارياً..ولكنها شغلت عنك باحد القطاريين ممن يهوون قيادة مراكب الحبّ وكأنها حرفة..
ولكنك لا زلت تجازف ثم تجازف ..ففي قلبك من شغف الحب وقودٌ يسير بك الى محطات أبعد..لكن إلى حين ..فسوف تلتقي هي بالقطاريّ الذي أرادت ..وسوف يشحّ منك الوقود..
.."بالطبع انا اخاطب بطل القصة وليس أنت ههه"
تحياتي أيها الجميل.

ربيحة الرفاعي
13-05-2013, 11:35 PM
موضوع أراه مطروق في كل ألوان الأدب، لكن القاص اختار له مدخلا فيه تغيير أمكنه من تشويق القارئ للمتابعة
ولغة صافية مريحة بأداء قصي جميل

دمت أديبنا بألق

تحاياي

م. تامر مقداد
14-05-2013, 05:43 PM
أخي تامر مقداد
...
.."بالطبع انا اخاطب بطل القصة وليس أنت ههه"
تحياتي أيها الجميل.

تحياتي أيها الخطير..! :sm:
هل تعرف يا صديق.. ذلك الشعور الغريب.. حين يخالط فرحتَك بأن شخصًا قرأ معانيك خوفٌ أن يقرأك؟! :003:
لا ترعَ حول الحمى يا صاح.. ! D:

دمت قريبا.. مقرّبا :001:

خليل حلاوجي
14-05-2013, 05:57 PM
أجاد الكاتب في التلاعب بزمنية النص والقفز فوق مطابقة الحدث لزمنه ... في لفتة ذكية عبّرت عن امكانية ادبية رصينة ..


/

امتعني هذا النص .



بالغ تقديري.

م. تامر مقداد
15-05-2013, 02:23 PM
موضوع أراه مطروق في كل ألوان الأدب، لكن القاص اختار له مدخلا فيه تغيير أمكنه من تشويق القارئ للمتابعة
ولغة صافية مريحة بأداء قصي جميل

دمت أديبنا بألق

تحاياي

الفاضلة ربيحة.. قبلي بخمسة عشر قرنا كتب الشاعر الفارس عنترة بن شداد:
هل غادر الشعراء من متردّم؟! :010:

ولولا "المداخل" التي فيها تغيير.. لما بقي موضوع إلا رأيناه "مطروقا".. وإذّاك نطلّق الكتابة! D:

أشكر مرورك الطيب.. تحية تقدير :001:

م. تامر مقداد
17-05-2013, 08:24 AM
أجاد الكاتب في التلاعب بزمنية النص والقفز فوق مطابقة الحدث لزمنه ... في لفتة ذكية عبّرت عن امكانية ادبية رصينة ..


/

امتعني هذا النص .



بالغ تقديري.

وأمتعني ذوقك الرفيع في القراءة والتعليق.. أمتعك الله -والحاضرين- بنعمة النظر إلى وجهه الكريم

تحية ومحبة :0014:

د. سمير العمري
01-06-2013, 05:04 PM
نص ذكي الطرح جاء ببساطة اللغة والأسلوب ليقول الكثير الكثير من المعاني والإسقاطات أمان على مستوى التصرف الشخصي ممن يدمنون رحلات البحث عن الحب ويظنون أن موقفا ما أو حدثا ما كاف ليكون دليل حب.
وهناك من يبحث في هذا عن سكينة قلب ورحلة عمر فيكرر المرة تلو المرة تختلف الأسماء والوجوه وتتشابه النتائج والمواقف في زمن القطاريين ويظل هو الغريب الذي لا يجد إلفه ولا صنوه.
وهناك من يجد أن القطار يفوته وهو لا يزال متمسكا بما يؤمن به فتفوته الرحلة تلو الرحلة حتى ليجد نفسه خارج نطاقها ويقف أمام أحد مفترقين فإما الموت حيا وإما الحياة ميتا.
وهناك إسقاطات سياسية وأخلاقة لعل من أبرزها حالة التفاوض العبثي والإصرار على أن الحالات المتغيرة تمنح أملا جديدا وتعلقا جديا فلا يحصد إلا الخسارة وفراغ الخزان من قدراته وحقوقه ومرتكزات قيمه وكرامته.

نص رائع أشكرك عليه!

تقديري

م. تامر مقداد
02-06-2013, 12:46 PM
هناك من يبحث في هذا عن سكينة قلب ورحلة عمر فيكرر المرة تلو المرة تختلف الأسماء والوجوه وتتشابه النتائج والمواقف في زمن القطاريين ويظل هو الغريب الذي لا يجد إلفه ولا صنوه.

تقديري

دكتورنا الفاضل.. أبا حسام.. أسعد الله أوقاتك بلزوم طاعته

أشكر مرورك الكريم هنا.. وأصدقك القول إنني ما انتظرت مرورك على نص لي كما هذا النص.. ورأيك فيه - أنت وإخواننا أساتذة الواحة جميعا - يعني لي الكثير! :17:

همسة: كل كلمة في ردكم تستحق الاقتباس.. وكل عبارة هي قراءة محتملة للنص.. لكن العبارة التي اقتبستها أكثر ما صادف هوى في نفسي الساعة.. أسأل الله أن يرزقني وإياكم السكينة.. ويقينا شر الغربة والاغتراب.

تحية إجلال لجنابكم العالي :001:

كاملة بدارنه
08-06-2013, 01:17 PM
حياتنا محطات قد نقف فيها كثيرا دون تحقيق ما نبغي ... يعتصر العابرون أيّامنا، ونحن نأمل أن نعتصر عنب انتظارنا وأملنا بهم خمرة فرح... تطوف بنا القاطرات فتنفد طاقاتنا ونجدنا على قارعة الحياة ضعفاء إلّا من الخيبات
نص راقني
بوركت
تقديري وتحيتي

م. تامر مقداد
10-06-2013, 02:21 PM
حياتنا محطات قد نقف فيها كثيرا دون تحقيق ما نبغي ... يعتصر العابرون أيّامنا، ونحن نأمل أن نعتصر عنب انتظارنا وأملنا بهم خمرة فرح... تطوف بنا القاطرات فتنفد طاقاتنا ونجدنا على قارعة الحياة ضعفاء إلّا من الخيبات
نص راقني
بوركت
تقديري وتحيتي

حقق الله لك من الخير ما تبغي.. وأترع لك كأس الفرح من معين طاقة لا تنضب.. ولا خيّب لك رجاء

ومثل ذلك لكل من شرّفني بالمرور هنا.. تحية شكر وتقدير :001:

ناديه محمد الجابي
10-06-2013, 06:44 PM
أتمنى أن تجد من تكون محطتك ومحطتها واحدة
وأن لا تشغل عنك بأي قطاري
وأن تظل قابعة في الوعي واللاوعي, على أن يكون ذلك قبل أن ينفذ خزان الوقود.
لوحات قصية جميلة, مرسومة بحس إنسان و ومهارة شاعر, وذكاء قاص, ولغة بسيطة
متمكنة في إيجاز مبهر... أحييك ودام أبداعك.

فاتن دراوشة
10-06-2013, 06:44 PM
لغةٌ رمزيّة موغلة في العمق

وقود السيّارة وخزّانها الذي يتناقص

والمحطّات والفتيات والقطارين والسّائق الذي يقود سيّارته عبر المحطّات ويرفض أن يكون قطاريّا

جميعها عناصر تحتمل العديد من التّأويلات والتّفسيرات تهب النصّ الكثير من الأبعاد السّياسيّة والاجتماعيّة والعاطفيّة و.....

سعيدة بمصافحة نصّك الثريّ مبدعنا

مودّتي

أحمد عيسى
11-06-2013, 09:48 AM
رحلة الامتلاء والفراغ ، مع قص الأديب : تامر مقداد


يمكنني -والحمد لله- أن أميز بين كتابات الهواة والمحترفين ، من النظرة الأولى ، ومن السطر الأول لكتاباته
ومنذ السطر الأول لقصة الزميل الأديب : تامر مقداد : وامتلأ الخزان فراغا ، عرفت أنني أمام كاتب متمرس ، متمكن من أدواته بشكل ممتاز ، متقن لأساليب السرد ، واعٍ بالقصة القصيرة ودورها ورؤيتها والموازنة بين الغموض والوضوح ، عميق بطرحه ، دارس لبنية القصة وخباياها ، وطرائق سردها

يبدأ سيل الابداع في قصة الكاتب المتميز تامر مقداد ، من العنوان ، الذي يشي بما في القصة دون أن يفضحها ، عنوان دال ، شامل جامع مثير ، محفز للقراءة ، باعثٍ على التساؤل ، العنوان ( وامتلأ الخزان فراغاً ) كيف يمتلأ الخزان فراغاً ، لو أراد الكاتب المعنى ببساطة لقال / فرغ الخزان ، لكن الابداع جاء في الجمع بين المتناقضات ، الامتلاء والفراغ ، بدءاً بالفعل الماضي : امتلأ ، وحرف العطف : و ، الذي يشي بأن هناك ما يسبق هذه اللحظة : لحظة الامتلاء ، وأن هذه نهاية لها ما يسبقها من البدايات .

استخدم الكاتب أسلوب المتكلم ، على لسان السارد/الكاتب ، وهو ما كان مناسباً لشرح الحالة النفسية الملائمة لجو النص .
واذا أردنا أن ندخل في متن القصة ، لنفصلها ، بشيء من التبسيط ، نستطيع أن نقسم القصة الى ثلاث مجموعات رئيسية :
العناصر الرئيسية في قصة مقداد ، كانت : المحطة -القطار-السيارة-الفتاة ، وتكررت هذه العناصر ثلاث مرات

1) المحطة الأولى -القطار الأول - الفتاة الأولى
الحدث / فاتها القطار ، أوصلها الراوي للمحطة التالية ، ، ، ، انشغلت عنه بأحد ركاب القطار

2) المحطة الثانية - القطار الثاني - الفتاة الثانية
الحدث / حسناء يعاكسها بعض الشباب، ينقذها الراوي ، ، يفوتها القطار ، يوصلها للمحطة التالية ، تنشغل عنه بأحد ركاب القطار

3) المحطة الثالثة - القطار الثالث - الفتاة الثالثة
الحدث / صغيرة ، تخاف ركوب القطار ، تلح على الراوي ، ، يفوتها القطار ، يوصلها الراوي للمحطة التالية ، تنشغل عنه

في المرات السابقة كلها ، الخزان يمتلأ وقوداً

الرابعة - الخامسة - العاشرة - ربما الألف ،
يتكرر المشهد
وينفد الوقود

فكيف يفعل ؟ كيف ينفد الوقود؟ ان كان المشهد يتكرر ، فلو نفد لما استمر المشهد في فعلته ، وان لم ينفد لبقي المشهد في دائرة مفرغة
لا تنتهي
فانتهاء الوقود ، يعني نهاية المشهد الحتمية

ليس من السهولة بمكان ـ، تناول مثل هذا النص ، بما يحمله من غموض لذيذ ، وايحاءات مستفزة ، وليس من السهل أن نحلل
ونستنتج مراد الكاتب ، فهذا يعلمه الكاتب وحده
لكننا نستطيع أن نحلل وفق رؤيتنا الخاصة ، وقد تختلف من قارئ لقارئ
ربما أرى أن هذه هي محطات الحياة ، في كل مرة تسرقنا الدنيا ، تسرق أجمل ما فينا ، ثم تتركنا لتنشغل بغيرنا
أرى الدنيا هي هذه الفتاة الجميلة ، والقطار هو الانسان ، والوقود هو العمر ، ومهما امتلأ الخزان وقوداً
ففي النهاية سوف ينفذ منا - فجأة .
نمط الحياة وروتينيتها تجعل المشاهد ممجوجة متكررة ، كأنها تحدث بذات الترتيب ، وكما يقال ، أبسط تلخيص لحياة أي انسان
أن نقول : ولد وعاش ومات
والأسوأ من ذلك -كما يقول كريم الشاذلي- أن نقول / ولد ومات
وأن يحرم الانسان حتى من أبسط ما في الدنيا : الحياة
والحياة أكثر عمقاً من الأكل والشرب ، وتقاس حياة الانسان ، بما بقي خلفه في كل محطة يزورها
وان نفد الوقود منا ذات مرة ، فحسبنا أننا تركنا في كل محطة زرناها ، بعض من ذواتنا ، لتعبر عنا كلما تذكرنا الناس

أعجبتني هذه المشاهد المتكررة ، الكاتب اعتمد أسلوب التقطيع ، تقطيع المشاهد ، والاعتماد على الجمل القصيرة ، أكثر من علامة الشرطة-
أو الوصلة ، أو المعترضة ، وأنا ورغم أنني لست خبيراً بمثل هذه الأمور اللغوية ، الا أن رأيي الشخصي أنه تم الاكثار منها في غير موضعها
فكما نعرف أن لها شروطاً ، في الجملة الاعتراضية ، وبعد الجملة الطويلة ، وبين الشرط وجوابه اذا طال الكلام بينهما ، وبين المبتدأ والخبر اذا طال الكلام بينهما
وأعتقد أن كثيراً من المواضع المستخدمة في القصة دون هذه الشروط .

رحلةٌ ممتعة خضتها معك أخي تامر مقداد
ولأنها الرحلة الأولى ، فأنا أعدك أنها لن تكون الأخيرة ، وأنني سأكون ممن يقرأ لك دائماً
كن بخير

م. تامر مقداد
19-06-2013, 06:18 PM
أتمنى أن تجد من تكون محطتك ومحطتها واحدة
وأن لا تشغل عنك بأي قطاري
وأن تظل قابعة في الوعي واللاوعي, على أن يكون ذلك قبل أن ينفذ خزان الوقود.
لوحات قصية جميلة, مرسومة بحس إنسان و ومهارة شاعر, وذكاء قاص, ولغة بسيطة
متمكنة في إيجاز مبهر... أحييك ودام أبداعك.

شكرا للفاضلة نادية الجابي على هذه الإطلالة البهية

أشكر قلبك الطيب الذي يتمنى لي الخير.. وأنا اليوم بخير بعد تسعة أعوام على كتابة النص (وخمسة أعوام على زواجي D: )

تحية تقدير :001:

م. تامر مقداد
20-06-2013, 08:12 AM
لغةٌ رمزيّة موغلة في العمق

وقود السيّارة وخزّانها الذي يتناقص

والمحطّات والفتيات والقطارين والسّائق الذي يقود سيّارته عبر المحطّات ويرفض أن يكون قطاريّا

جميعها عناصر تحتمل العديد من التّأويلات والتّفسيرات تهب النصّ الكثير من الأبعاد السّياسيّة والاجتماعيّة والعاطفيّة و.....

سعيدة بمصافحة نصّك الثريّ مبدعنا

مودّتي

وأكثر من سعادتكم سعادتي بهذا المرور الشذيّ البهيّ وهذا الاقتناص الفطن لعناصر النص وأبعادها :vio:

تحية تقدير :001:

م. تامر مقداد
27-06-2013, 09:19 AM
رحلة الامتلاء والفراغ ، مع قص الأديب : تامر مقداد


يمكنني -والحمد لله- أن أميز بين كتابات الهواة والمحترفين ، من النظرة الأولى ، ومن السطر الأول لكتاباته
ومنذ السطر الأول لقصة الزميل الأديب : تامر مقداد : وامتلأ الخزان فراغا ، عرفت أنني أمام كاتب متمرس ، متمكن من أدواته بشكل ممتاز ، متقن لأساليب السرد ، واعٍ بالقصة القصيرة ودورها ورؤيتها والموازنة بين الغموض والوضوح ، عميق بطرحه ، دارس لبنية القصة وخباياها ، وطرائق سردها

يبدأ سيل الابداع في قصة الكاتب المتميز تامر مقداد ، من العنوان ، الذي يشي بما في القصة دون أن يفضحها ، عنوان دال ، شامل جامع مثير ، محفز للقراءة ، باعثٍ على التساؤل ، العنوان ( وامتلأ الخزان فراغاً ) كيف يمتلأ الخزان فراغاً ، لو أراد الكاتب المعنى ببساطة لقال / فرغ الخزان ، لكن الابداع جاء في الجمع بين المتناقضات ، الامتلاء والفراغ ، بدءاً بالفعل الماضي : امتلأ ، وحرف العطف : و ، الذي يشي بأن هناك ما يسبق هذه اللحظة : لحظة الامتلاء ، وأن هذه نهاية لها ما يسبقها من البدايات .

استخدم الكاتب أسلوب المتكلم ، على لسان السارد/الكاتب ، وهو ما كان مناسباً لشرح الحالة النفسية الملائمة لجو النص .
واذا أردنا أن ندخل في متن القصة ، لنفصلها ، بشيء من التبسيط ، نستطيع أن نقسم القصة الى ثلاث مجموعات رئيسية :
العناصر الرئيسية في قصة مقداد ، كانت : المحطة -القطار-السيارة-الفتاة ، وتكررت هذه العناصر ثلاث مرات

1) المحطة الأولى -القطار الأول - الفتاة الأولى
الحدث / فاتها القطار ، أوصلها الراوي للمحطة التالية ، ، ، ، انشغلت عنه بأحد ركاب القطار

2) المحطة الثانية - القطار الثاني - الفتاة الثانية
الحدث / حسناء يعاكسها بعض الشباب، ينقذها الراوي ، ، يفوتها القطار ، يوصلها للمحطة التالية ، تنشغل عنه بأحد ركاب القطار

3) المحطة الثالثة - القطار الثالث - الفتاة الثالثة
الحدث / صغيرة ، تخاف ركوب القطار ، تلح على الراوي ، ، يفوتها القطار ، يوصلها الراوي للمحطة التالية ، تنشغل عنه

في المرات السابقة كلها ، الخزان يمتلأ وقوداً

الرابعة - الخامسة - العاشرة - ربما الألف ،
يتكرر المشهد
وينفد الوقود

فكيف يفعل ؟ كيف ينفد الوقود؟ ان كان المشهد يتكرر ، فلو نفد لما استمر المشهد في فعلته ، وان لم ينفد لبقي المشهد في دائرة مفرغة
لا تنتهي
فانتهاء الوقود ، يعني نهاية المشهد الحتمية

ليس من السهولة بمكان ـ، تناول مثل هذا النص ، بما يحمله من غموض لذيذ ، وايحاءات مستفزة ، وليس من السهل أن نحلل
ونستنتج مراد الكاتب ، فهذا يعلمه الكاتب وحده
لكننا نستطيع أن نحلل وفق رؤيتنا الخاصة ، وقد تختلف من قارئ لقارئ
ربما أرى أن هذه هي محطات الحياة ، في كل مرة تسرقنا الدنيا ، تسرق أجمل ما فينا ، ثم تتركنا لتنشغل بغيرنا
أرى الدنيا هي هذه الفتاة الجميلة ، والقطار هو الانسان ، والوقود هو العمر ، ومهما امتلأ الخزان وقوداً
ففي النهاية سوف ينفذ منا - فجأة .
نمط الحياة وروتينيتها تجعل المشاهد ممجوجة متكررة ، كأنها تحدث بذات الترتيب ، وكما يقال ، أبسط تلخيص لحياة أي انسان
أن نقول : ولد وعاش ومات
والأسوأ من ذلك -كما يقول كريم الشاذلي- أن نقول / ولد ومات
وأن يحرم الانسان حتى من أبسط ما في الدنيا : الحياة
والحياة أكثر عمقاً من الأكل والشرب ، وتقاس حياة الانسان ، بما بقي خلفه في كل محطة يزورها
وان نفد الوقود منا ذات مرة ، فحسبنا أننا تركنا في كل محطة زرناها ، بعض من ذواتنا ، لتعبر عنا كلما تذكرنا الناس

أعجبتني هذه المشاهد المتكررة ، الكاتب اعتمد أسلوب التقطيع ، تقطيع المشاهد ، والاعتماد على الجمل القصيرة ، أكثر من علامة الشرطة-
أو الوصلة ، أو المعترضة ، وأنا ورغم أنني لست خبيراً بمثل هذه الأمور اللغوية ، الا أن رأيي الشخصي أنه تم الاكثار منها في غير موضعها
فكما نعرف أن لها شروطاً ، في الجملة الاعتراضية ، وبعد الجملة الطويلة ، وبين الشرط وجوابه اذا طال الكلام بينهما ، وبين المبتدأ والخبر اذا طال الكلام بينهما
وأعتقد أن كثيراً من المواضع المستخدمة في القصة دون هذه الشروط .

رحلةٌ ممتعة خضتها معك أخي تامر مقداد
ولأنها الرحلة الأولى ، فأنا أعدك أنها لن تكون الأخيرة ، وأنني سأكون ممن يقرأ لك دائماً
كن بخير

أخي الجميل الجليل.. الأديب الأريب.. الذكيّ البهيّ.. أحمد عيسى.. صاحب القلم الناطق.. والحرف السامق.. والعطر الرائق.. والنظرة العميقة الثاقبة.. والرؤية الواضحة بلا شائبة

أسعد الله أوقاتك بكل الخير والبركة.. :011:

صدقا أيها العزيز.. صدمني هذا التحليل وأذهلني حد الخوف! مررتُ هنا مرات ومرات.. وحاولت أن أرد حتى على تعليقات الإخوة قبلك في حينه فما استطعت! :003:

كيف لا وشعوري أمام قراءتك شعور موظف خشي أن يتأخر عن دوامه فخرج بأقصى سرعته وصعد إلى (القطار).. ثم بدا له أن لا ثياب عليه إلا ما يستر السوءة! :008::cup:

أنتَ تدخلُ إلى أعماقي يا صديق.. وهذا جد مخيف! (لم تُبقِ لي إلا الاحتفاظ بسر الفاتنة بأول.. فالحسناء ثانيا.. والمليحة في الثالثة D: )

معك في أمر (الشَرطة).. ربما لأنني كتبتها وأنا أتخيلني أسردها.. وقد تعجب إن صارحتك بأني لحظتئذ كنتُ أشير بيدي متفاعلا.. حتى "دقيت على صدري" عندما قلتُ: بسيارتي! وهززت رأسي بحسرة رُسمت في نظراتي وأنا أكتب: لم تلتفت.. شغلت عني بأحد القطاريين! :cup:

سعدت بـ"رحلتك الأولى".. وأنتظر أخريات.. ولعل الثانية هنا :sm: (https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=66132).. وأعتذر عن تقصيري في المرور بحرفك الشذيّ النديّ فيما مضى.. إذ شغلتني امتحانات الماجستير وأمور أخرى.. وخنقتني العبرة فما استطعت التعليق على (ليلة البيضا الأخيرة)!..

لي - بإذن الله - مرور يشرّفني بكل ما تكتب.. تحية إجلال وتقدير :001: .. ولا عدمتُ مودتك يا صديقي

نداء غريب صبري
29-07-2013, 06:12 AM
قصة تملأها المشاعر والخيبة
وموضوع ليس جديدا ولكن الأسلوب جميل ومشوق

شكرا لك اخي

بوركت

لانا عبد الستار
15-07-2014, 01:34 AM
هذا خزان وقود متجدد لا ينفد
تماما كخزان الإبداع الذي يمكننا من الكتابة المتجددة بأساليب لا تنفد حتى حين نعيد نفس المواضيع

انت قاص مبدع
أشكرك

خلود محمد جمعة
21-07-2014, 06:11 PM
ركبت معه السيارة ومرة تلو المرة فاتها القطار وبالرغم من ذلك بقي همها الأول القطار وهو ليس قطاريّا
محطات كثيرة وخزان اتسع لأكبر من حجمه لكنه في النهاية فرغ
رمز عميق وسلاسة في السرد وحبكة قوية شدتنا الى النهاية
اسجل اعجابي
تقديري

ناديه محمد الجابي
26-11-2021, 07:41 PM
رحلة الامتلاء والفراغ ، مع قص الأديب : تامر مقداد


يمكنني -والحمد لله- أن أميز بين كتابات الهواة والمحترفين ، من النظرة الأولى ، ومن السطر الأول لكتاباته
ومنذ السطر الأول لقصة الزميل الأديب : تامر مقداد : وامتلأ الخزان فراغا ، عرفت أنني أمام كاتب متمرس ، متمكن من أدواته بشكل ممتاز ، متقن لأساليب السرد ، واعٍ بالقصة القصيرة ودورها ورؤيتها والموازنة بين الغموض والوضوح ، عميق بطرحه ، دارس لبنية القصة وخباياها ، وطرائق سردها

يبدأ سيل الابداع في قصة الكاتب المتميز تامر مقداد ، من العنوان ، الذي يشي بما في القصة دون أن يفضحها ، عنوان دال ، شامل جامع مثير ، محفز للقراءة ، باعثٍ على التساؤل ، العنوان ( وامتلأ الخزان فراغاً ) كيف يمتلأ الخزان فراغاً ، لو أراد الكاتب المعنى ببساطة لقال / فرغ الخزان ، لكن الابداع جاء في الجمع بين المتناقضات ، الامتلاء والفراغ ، بدءاً بالفعل الماضي : امتلأ ، وحرف العطف : و ، الذي يشي بأن هناك ما يسبق هذه اللحظة : لحظة الامتلاء ، وأن هذه نهاية لها ما يسبقها من البدايات .

استخدم الكاتب أسلوب المتكلم ، على لسان السارد/الكاتب ، وهو ما كان مناسباً لشرح الحالة النفسية الملائمة لجو النص .
واذا أردنا أن ندخل في متن القصة ، لنفصلها ، بشيء من التبسيط ، نستطيع أن نقسم القصة الى ثلاث مجموعات رئيسية :
العناصر الرئيسية في قصة مقداد ، كانت : المحطة -القطار-السيارة-الفتاة ، وتكررت هذه العناصر ثلاث مرات

1) المحطة الأولى -القطار الأول - الفتاة الأولى
الحدث / فاتها القطار ، أوصلها الراوي للمحطة التالية ، ، ، ، انشغلت عنه بأحد ركاب القطار

2) المحطة الثانية - القطار الثاني - الفتاة الثانية
الحدث / حسناء يعاكسها بعض الشباب، ينقذها الراوي ، ، يفوتها القطار ، يوصلها للمحطة التالية ، تنشغل عنه بأحد ركاب القطار

3) المحطة الثالثة - القطار الثالث - الفتاة الثالثة
الحدث / صغيرة ، تخاف ركوب القطار ، تلح على الراوي ، ، يفوتها القطار ، يوصلها الراوي للمحطة التالية ، تنشغل عنه

في المرات السابقة كلها ، الخزان يمتلأ وقوداً

الرابعة - الخامسة - العاشرة - ربما الألف ،
يتكرر المشهد
وينفد الوقود

فكيف يفعل ؟ كيف ينفد الوقود؟ ان كان المشهد يتكرر ، فلو نفد لما استمر المشهد في فعلته ، وان لم ينفد لبقي المشهد في دائرة مفرغة
لا تنتهي
فانتهاء الوقود ، يعني نهاية المشهد الحتمية

ليس من السهولة بمكان ـ، تناول مثل هذا النص ، بما يحمله من غموض لذيذ ، وايحاءات مستفزة ، وليس من السهل أن نحلل
ونستنتج مراد الكاتب ، فهذا يعلمه الكاتب وحده
لكننا نستطيع أن نحلل وفق رؤيتنا الخاصة ، وقد تختلف من قارئ لقارئ
ربما أرى أن هذه هي محطات الحياة ، في كل مرة تسرقنا الدنيا ، تسرق أجمل ما فينا ، ثم تتركنا لتنشغل بغيرنا
أرى الدنيا هي هذه الفتاة الجميلة ، والقطار هو الانسان ، والوقود هو العمر ، ومهما امتلأ الخزان وقوداً
ففي النهاية سوف ينفذ منا - فجأة .
نمط الحياة وروتينيتها تجعل المشاهد ممجوجة متكررة ، كأنها تحدث بذات الترتيب ، وكما يقال ، أبسط تلخيص لحياة أي انسان
أن نقول : ولد وعاش ومات
والأسوأ من ذلك -كما يقول كريم الشاذلي- أن نقول / ولد ومات
وأن يحرم الانسان حتى من أبسط ما في الدنيا : الحياة
والحياة أكثر عمقاً من الأكل والشرب ، وتقاس حياة الانسان ، بما بقي خلفه في كل محطة يزورها
وان نفد الوقود منا ذات مرة ، فحسبنا أننا تركنا في كل محطة زرناها ، بعض من ذواتنا ، لتعبر عنا كلما تذكرنا الناس

أعجبتني هذه المشاهد المتكررة ، الكاتب اعتمد أسلوب التقطيع ، تقطيع المشاهد ، والاعتماد على الجمل القصيرة ، أكثر من علامة الشرطة-
أو الوصلة ، أو المعترضة ، وأنا ورغم أنني لست خبيراً بمثل هذه الأمور اللغوية ، الا أن رأيي الشخصي أنه تم الاكثار منها في غير موضعها
فكما نعرف أن لها شروطاً ، في الجملة الاعتراضية ، وبعد الجملة الطويلة ، وبين الشرط وجوابه اذا طال الكلام بينهما ، وبين المبتدأ والخبر اذا طال الكلام بينهما
وأعتقد أن كثيراً من المواضع المستخدمة في القصة دون هذه الشروط .

رحلةٌ ممتعة خضتها معك أخي تامر مقداد
ولأنها الرحلة الأولى ، فأنا أعدك أنها لن تكون الأخيرة ، وأنني سأكون ممن يقرأ لك دائماً
كن بخير

رؤية نقدية تحليلية رائعة أعجبتني فأكملت المتعة التي بدأت بقراءة نص مختلف
سهرتي معكما كانت رائعة فشكرا للإبداع والإمتاع من الكاتب والناقد.
تحياتي وتقدير.
:v1::nj::0014: