المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ليتها توقفت واستمعت ..!



الفرحان بوعزة
05-05-2013, 12:29 AM
... الزمان ينذر بأول دمعة من السماء، والشمس تودع المساء، خفت أن يجرّ الموت وشاحه عليّ قبل الوقت ، وينشر على جسدي شكله الأبيض فأموت غريباً ..
عشرون سنة مضت ، والزمن يأكل عمري ، يخنق أنفاسي . ظلمة حالكة تتجول بين الحيطان ، لا أعرف متى أشرقت الشمس ومتى غربت . حياة تُخفي تحت ستارها ألغازاً وطلاسم محيرة ، نغمة حزن تخيم على المكان .. كلما زحفت الأيام إلي الأمام ، ينتصب بين عيني أمل فضفاض ، ومع ذلك تحـيا العروق وتتجدد مع الأيام المندحرة ...
خلف الجدران وقفت أنبش صمت الفضاء ، أتشمم سطح الزمن الباقي . دقات الساعة تقضم ما تبقى من عمري ثانية ثانية ، تعانقت عقاربها، تخيلت أنني أعانق الأهل والأحباب . خيالي يقرب المسافات ، وبريق أمل يرتعش ويتقوقع داخل نفسي بالتدريج ..
ما أن تخطيت عتبة باب السجن، أغلقه الحراس من ورائي بعنف . جفلت من ظلي ، خرجت وشعيرات رأسي القديمة تعانق الضباب الأبيض، اختنقت وردة الصبا ، اندحر الشباب مخلفاً وراءه وجهاً شاحب اللون ، وأسناناً مكسورة اكتسحها الخمج الأسود ..
أيامي جراح بالية نقشت كتجاعيد يابسة على وجهي ، لم تتوان الجدران أن تجاهر بعدائها طول هذه المدة . أسرعت في خطاي والخوف يشد على قلبي ، لا أدري لماذا كنت مستعجلا في مشيتي ..؟ !
وجدت نفسي في الشارع الكبير، لا أحد ينتظرني .. توقعت ذلك ..؟! مرة أخرى ألقيت نظرة علي أسوار السجن ، يغلب عليها اللون الأحمر ، عالية وسميكة تسرق الزمن ، تقتات من دم الأبرياء . كم من مرة هممت أن أتسلقها من الداخل ، لكن الرصاص كان يرقـبني باستمرار..
تتغير الأحوال كلما ارتجف الزمن .. ! تشابهت علي الشوارع ، وارتجت الأزقة من شدة اختناقها بأجسام بشرية .. تصارع الزمن الراجف وهي صامتة ...
أسأل عن محطة المسافرين ، أعيد السؤال . !! الكل في عجلة ، الكل يعتذر، يخطون ويخطون . لا يتوقفون ولا يستمعون ، السيارات تـنغـل كالنمل . بكيت دموعاً مالحة الطعم ، قد أتعرّى في الشارع ولا أحد يرد ملابسي ، قد أمــوت فلا يعرفـني أحد ..؟
قريتي لها نكهة خاصة ، مذاقها متميز .. كلما حفرت الذاكرة تترقرق في عيني . سرت إليها والظلام الدامس يغمرها، الناس في سبات عميق . تجاوبت الكلاب في نباحها فحاصرت الرقم الغريب ..! وقفت على أطلال متآكلة تتنفس بصعوبة تحت شعاع القمر . أنقاض ميتة ، بنايات منزوعة الأسقف قصمها الدهر، قـست عليها الأمطار والعواصف .. تنوح على الماضي الميت ، وتبكي على أيامها المتبقية . غول ضار يجوب زوايا المعمور، يغني ويصدح بمواله الحزين .
أعصابي تتقاتـل فيما بينها ، سعار حاد ينهش جسمي . صحت صيحة الموتى في القبور . تلاشيت على مصطبة متآكلة الأطراف ، تسكنها حشرات من مختلف الأصناف ، ساحت أتربة كثيرة في كل الجهات.. حصى رقيق ينسحق تحت أقدامي ، قصب بال يـئن تحت حذائي..!
أين ذهب الجميع ..؟ ماذا حل بالمكان ..؟ قلت في نفسي : ماذا يخبئ لك الزمان ياعياد من جديد ؟ تقدمت بخطى ميتة وحق الأهل مكتوب على الجدران المنهارة ،لا أحد يجيبني ؟
سألني الماضي ، كلمني الحاضر، هنا كان يجلس أبي يشرب الشاي الدافئ ، هناك كانت أمي تنخل الدقـيق... في هذا البيت قاسمتني حليمة الحصير، والجوع يؤاخينا على الحلو والمر، والصدق والوفاء يسكنان قـلبينا ..؟!
أين أنت يا حليمة ..؟ أين ابني ..؟ ترى ما اسمه ..؟
في ذلك اليوم الأسود ،همست بين القضبان بصوت عال : لا أستطيع الانتظار..؟ الحياة انتهت معك ياعياد في نصف الطريق ..
غرقت في أسف شديد ، رددت مع نفسي كالمخبول .. ما كنت قاتلا لجاري ؟ ما كنت مجرماً ؟ لفقوا ، كذبوا ، كتبوا وحكموا ..
ليل حالك يلقي نظرته الأخيرة على المنزل المنهار . ينسحب في هدوء تاركاً وراءه أنواراً مشعة . سكون قاتـل يجـثم على أنفاس القرية ، يعزف نغمات الخواء .. !
جاء الصبح ينازع الظلام ، والنهار يزحف في تؤدة .. برزت أطلال من الدور المتآكلة منبتة هنا وهناك .. كأن حرباً ضارية حلت بها... سكنني رعب مخيف ، وموت قاتل يتربص بفؤادي ويراقب جريان دمي ، وفي لحظة ما سيخرج عن مجراه ، وتحدث الكارثة .. ! تلهيت بالحسرة والأسى ، والآهات تأكل وتقتات مني، تفتت عمري بين ظلمة الزنازن ، فلم أعد أقوى على مجابهة المصير.
فجأة، دبت مخلوقات القرية متباطئة في حركـتها . بقبضة يدي حاولت أن أدق على الجيران ، ولكن... سألت عن الأصحاب القدامى بالكلمة الطيبة .. فلا زمن يحمل الذكريات ، الكل يفرّ من أمامي ، تمنيت أن يتخطفني الموت قبل أن تحرقـني النظرات الثاقبة ..
ــ ما مصير أرضنا..؟ الأرض لازالت في مكانها ، تربتها لم تتغير ، ولكن حدودها تناقصت . فالأكاذيب تتفرق وتتسع بدون حدود ، والتزوير علي الأموات موجود في القرية قبل أن تقـتـل الشمس النجوم .. ما باع أبي أرضه ، بل انتزعت منه بالقوة ، مات وهو يلوك بين شفتيه حسرته ..
أخذني الدوار من ناصيتي ، ارتجّت أطرافي كلها، تفصد العرق مني، بعيون جاحظة تزحزحت من مكاني مـتـثاقلا لا ألوي على شيء، ضاع الأهل ، ضاعـت الأرض ..
رجعت قافلا إلى المدينة ، والزمن قد أدبني ولا أرغب أن أعود من حيث أتيت ، صراخ صامت يستبد بي . والشمس توشك أن تتهاوى على عجل .
تهت أمضغ المرارة في زنقة تدعى السكاكين ، أرضيتها يحتلها الباعة المتجولون ، لا يتركون منفذاً للمارة ،
وصلت إلي باب السوق المركزي، لمحت عدة أقفاص معلقة على الجدران ، بداخلها طيور جميلة وغريبة الألوان، تُطعم بالتقسيط ، تقرأ سر البشر في صمت . وما هذه الطيور إلا مخلوقات ضعيفة فقدت حريتها بسبب ظلم الإنسان ..؟
اعتصرتـني الغربة ، أخذ الحزن ينش داخل فؤادي كالقدر الذي فقد غطاءه ، وأنا متأكد أن أعوام الشقاء لم تنته بعد..
داع يدعو إلى صلاة المغرب ، تدحرجت عبر درب ضيق إلى مسجد تاريخي ، فبرزت لي مئذنته البالية تخرق الفضاء في شموخ . تجمعت النساء عند عتبة المسجد قبل المصلين يطلبن إحسانا ً. انتهت الصلاة ، فتعالت أصوات مختلفة الإيقـاع تدغدغ العواطف ، تمنع في العمق استفحال الجوع ..
صوت امرأة يخرق القلوب.. كانت كلمات الاستجداء تنضج في فمها كما تنضج الفواكه قبل الأوان ، تنساب إلي فناء المسجد فتهـتز الأجسام ...هزني تيار الصوت الجارف ، قلت :
ـــ من يصدح بهذا الصوت الحزين ..؟
هممت أن أمد يدي إلى جيبي فتذكرت أني لا أملك إلا القليل من الدراهم .. وكانت مفاجأة الزمن قاتـلة ..؟
ـــ من ..؟ زوجتي..؟ حليمة ..؟

محمد الشرادي
05-05-2013, 10:47 AM
أهلا أخي بوعزة.كيف حالك؟
لله درك ياأخي بوعزة. كيف استطعت الصبر و أنت تكتب هذا الوجع؟
نص باذخ بكل المقاييس.
تحياتي

الفرحان بوعزة
05-05-2013, 11:07 AM
أهلا أخي بوعزة.كيف حالك؟
لله درك ياأخي بوعزة. كيف استطعت الصبر و أنت تكتب هذا الوجع؟
نص باذخ بكل المقاييس.
تحياتي

شكراً لك أخي محمد على قراءتك القيمة رغم طول النص ،
شكراً على اهتمامك المتميز وكلمتك الطيبة ..
تقديري واحترامي ..
الفرحان بوعزة

آمال المصري
10-05-2013, 06:19 AM
نص رائع ألزمني الصمت والمتابعة حتى آخر حرف
صور فارهة ولغة سامقة وحبكة متينة وتنقلات مابين عقدين من الزمن حجب فيهما عن الحياة داخل جدران السجن ليخرج إلى العدم خلا بصيص أمل بائس في ختام النص
أبدعت أبدعت أديبنا الرائع
بوركت واليراع
تحاياي

الفرحان بوعزة
10-05-2013, 11:50 AM
نص رائع ألزمني الصمت والمتابعة حتى آخر حرف
صور فارهة ولغة سامقة وحبكة متينة وتنقلات مابين عقدين من الزمن حجب فيهما عن الحياة داخل جدران السجن ليخرج إلى العدم خلا بصيص أمل بائس في ختام النص
أبدعت أبدعت أديبنا الرائع
بوركت واليراع
تحاياي

أديبتنا المتألقة آمال .. تحية طيبة ..
حفظك الله ، شكراً على اقتطاع جزء كبير من وقتك في قراءة نصوصي المتواضعة رغم طولها ..
أختي الفاضلة : هذا النص مرت شهور على كتابته ، وفي هذه الأيام نشرت إحدى الصحف خبر رجل اتهم بالقتل وبقي مدة طويلة في السجن ، وأخيراً أنصفته المحكمة بعدما ألقوا على القاتل الحقيقي ..
قد نتخيل ونكتب ، ونخضع الحوادث لأقلامنا على أساس أنها من الممكن أن تقع ، فإذا بها قريبة منا ..
شكراً وألف شكر على اهتمامك النبيل ، تشجيع أعتز به ..
تقديري واحترامي ..

كريمة سعيد
10-05-2013, 02:42 PM
رائعة أخرى من روائعك أخي الفرحان بوعزة
قرأتها وأنفاسي مخنوقة أنتظر فرجا .... أحسست ببعض الراحة واطمأن قلبي بمنظر الجامع وصوت الآذان ...
و لكن النهاية الصادمة قضت على أي انفراج....
مفارقات غريبة وعجيبة نعيشها في هذا العصر إذ تنخر السجون أجساد الأبرياء بينما يختال المجرمون بيننا ينخرون مجتمعاتنا ويمتصون دماءنا....
قصة قوية أتمنى أن يسمح الوقت بالعودة إليها مرة أخرى
تقديري

الفرحان بوعزة
10-05-2013, 10:32 PM
رائعة أخرى من روائعك أخي الفرحان بوعزة
قرأتها وأنفاسي مخنوقة أنتظر فرجا .... أحسست ببعض الراحة واطمأن قلبي بمنظر الجامع وصوت الآذان ...
و لكن النهاية الصادمة قضت على أي انفراج....
مفارقات غريبة وعجيبة نعيشها في هذا العصر إذ تنخر السجون أجساد الأبرياء بينما يختال المجرمون بيننا ينخرون مجتمعاتنا ويمتصون دماءنا....
قصة قوية أتمنى أن يسمح الوقت بالعودة إليها مرة أخرى
تقديري

سعيد بقراءتك القيمة كعادتك أختي كريمة ، شكراً على اهتمامك وكلمتك الطيبة ..
فعلا أختي المبدعة ، الضعفاء هم الذين يسقطون في الشباك ، أما الأقوياء فإنهم يمزقونها ..
تقديري واحترامي ..
الفرحان بوعزة ..

حارس كامل
10-05-2013, 10:40 PM
لماذا أخي الفرحان؟!!!!!!!
يكفي ماأنا فيه يا أخي!
لكن لا بأس
سردية النص الجميلة تجعلني أغفر لك.
تحيتي وتقديري

الفرحان بوعزة
11-05-2013, 10:41 AM
لماذا أخي الفرحان؟!!!!!!!
يكفي ماأنا فيه يا أخي!
لكن لا بأس
سردية النص الجميلة تجعلني أغفر لك.
تحيتي وتقديري
أخي الفاضل والمبدع المتألق .. حارس كامل .. تحية طيبة ..
شكراً على قراءتك للنص رغم طوله ، شكراً على اهتمامك المتواصل .. اهتمام أعتز به ..
تقديري واحترامي ..
الفرحان بوعزة ..

فاتن دراوشة
20-05-2013, 09:28 PM
تصوير رائع لنقش الظلم على صفحات الحياة

أحيانا تضيق بالإنسان كلّ السّبل

لكنّي أعتقد أنّ باب الإيمان كفيل بأن يهبه الأمل دائمًا وأبدا

دام إبداعك أخي

ناديه محمد الجابي
20-05-2013, 10:22 PM
الأخ الفاضل/ الفرحان أبو عزة
قصة قوية ممتعة ككل قصصك ـ تبث الحياة في السطور بأسلوب رائع
وسرد قوي, فنعيش مع البطل آلامه ووجعه, وقد سرقت منا كل الحواس
بأسلوبك اللغوي المتين المتمكن, وبقدرتك على الغوص داخل الشخصية
بمهارة وحرفية مستخدما صورا غنية نابضة .
أبدعت كما دائما .. تحياتي لك وتقديري.
يبقى لي عدة ملاحظات:
الأولى: العنوان .. يخيل لي إني قرأت لك قصة من قبل بهذا الأسم
( ليتها توقفت واستمعت) ـ كما إني لم أجد علاقة بين العنوان والقصة.
الثانية: لما أخي انتقلت بخطك من اللون الأخضر إلى اللون الأسود
وقد كان اللون الأخضر مميزا لك ودالا عليك وكأنه جزء من شخصيتك
إنه مجرد تساءل؟!!
وأخيرا .. وخارج نطاق القصة ـ أقول لك إني كنت في رحلة إلى المغرب
ولا أستطيع أن أعبر عن سعادتي بهذة الزيارة , وقد أحببت المغرب حبا
شديدا وجدت فيها الجمال والنظافة والرقي والشعب المغربي لطيف ودود
بلاد رائعة في كل شئ فهنيئا لكم بلادكم ومن الله عليكم وعلينا وكل بلاد
المسلمين بالأمن والأمان .. اغفر لي إطالتي .. ولك تحياتي.

الفرحان بوعزة
21-05-2013, 12:07 AM
تصوير رائع لنقش الظلم على صفحات الحياة
أحيانا تضيق بالإنسان كلّ السّبل
لكنّي أعتقد أنّ باب الإيمان كفيل بأن يهبه الأمل دائمًا وأبدا
دام إبداعك أخي
نعم أختي المبدعة فاتن ، ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل ، والأمل لا يكتمل إلا بالثقة في الله تعالى ..
شكراً على قراءتك القيمة ، اهتمام أعتد به ..
تقديري واحترامي ..الفرحان بوعزة ..

الفرحان بوعزة
21-05-2013, 01:02 AM
الأخ الفاضل/ الفرحان أبو عزة
قصة قوية ممتعة ككل قصصك ـ تبث الحياة في السطور بأسلوب رائع
وسرد قوي, فنعيش مع البطل آلامه ووجعه, وقد سرقت منا كل الحواس
بأسلوبك اللغوي المتين المتمكن, وبقدرتك على الغوص داخل الشخصية
بمهارة وحرفية مستخدما صورا غنية نابضة .
أبدعت كما دائما .. تحياتي لك وتقديري.
يبقى لي عدة ملاحظات:
الأولى: العنوان .. يخيل لي إني قرأت لك قصة من قبل بهذا الأسم
( ليتها توقفت واستمعت) ـ كما إني لم أجد علاقة بين العنوان والقصة.
الثانية: لما أخي انتقلت بخطك من اللون الأخضر إلى اللون الأسود
وقد كان اللون الأخضر مميزا لك ودالا عليك وكأنه جزء من شخصيتك
إنه مجرد تساءل؟!!
وأخيرا .. وخارج نطاق القصة ـ أقول لك إني كنت في رحلة إلى المغرب
ولا أستطيع أن أعبر عن سعادتي بهذة الزيارة , وقد أحببت المغرب حبا
شديدا وجدت فيها الجمال والنظافة والرقي والشعب المغربي لطيف ودود
بلاد رائعة في كل شئ فهنيئا لكم بلادكم ومن الله عليكم وعلينا وكل بلاد
المسلمين بالأمن والأمان .. اغفر لي إطالتي .. ولك تحياتي.

شكراً لك أختي المبدعة المتألقة .. نادية على قراءتك القيمة للنص رغم طوله ، اهتمام أعتز به دائماً ..
سعيد بملاحظتك الطيبة ،ونباهتك المتميزة ..
ـــ هذه القصة مقتطفة من مجموعتي القصصية الثالثة والتي لم تطبع بعد ، أتمنى من إخواني المبدعين وأخواتي المبدعات أن ينبهوني لكل هفوة كما كان نوعها :في النحو ،في الإملاء ، علامات الترقيم ...فالإبداع الجيد لا يكسب جودته إلا بالقراءات المتعددة والمختلفة ..عنوان هذه القصة هو / ليتها توقفت واستمعت /
ــــ هناك عنوان لقصة أخرى هي من ضمن مجموعتي القصصية الثانية الصادرة سنة 2012 / عندما تتعرى الأيام من أوراقها / وهو : ليته توقف واستمع ..والنص منشور في هذا المنتدى الطيب ..
ــــ تعجبني الكتابة باللون الأخضر لأنه رمز للسلم والتسامح .. استبدلته هنا نزولا لرغبة بعض الإخوان الذين راسلوني على الخاص ..
ــــ بلد المغرب هو بلدك ووطنك ، بلد يحبه كل من زاره ، بلد يحب الآخر ويقدره .. وكل من زاره سوف يكرر زيارته له .. شكراً على كلمتك الطيبة ..
تقديري واحترامي ..الفرحان بوعزة ..

ربيحة الرفاعي
10-06-2013, 12:09 AM
بتأطيره الزماني اعتبارا من الجملة الأولى وضعنا النص في جو حزنه وكآبته، فهي ساعات الغروب في مساء خريفي بارد، والإطار الأول للشخصية حالة اغتراب مهد الكاتب بها لجولة استرجاع نتابع فيها مع البطل ملامح عقدين من الزمان قضاهما خلف قضيان السجن، يتقوى على عذابه بأمل قوي يتراجع بريقه شيئا فشيئا أمام حلكة الأيام.
ونعود للحظة الباردة الخريفية اللون، حيث يغادر البطل قفصا خلّف فيه شبابه ليستقبل بشيبته واقعا جديدا ضبابيا يتحداه فيه تواصل كالح مع ما حوله يكرّس خوفه ويمتّن شباك اغترابه، في رحلة خرساء تحمله لقريته، يستقبل وميض حنينه فيها إنكار كلابها له، فيلتجأ للأطلال تشاركه البكاء، وينشد الأهل فلا يلقى جوابا
وبتوصيف شاعري بديع يشرّح السارد المشهد، معددا من فقد بطله وما فقد، كاشفا النقاب عن أسباب ما تقدم به السرد من عذاب ومعاناة بنقلة استرجاعية أخرى قادت للصرخة الموجعة:
"ما كنت قاتلا لجاري "
هي جريمة قتل أودع بها السجن إذا؟! وهو فقد أبعد حتى من الأهل الذين رحلوا والزوجة التي تخلّت، فاحتوى الصحب والجيرة والمال، وهي حال لا يملك معها إلا ان يهرب إلى حيث كان، إلى مدينة لا تعرفه، يرى نفسه ومأساته في طيور الزينة داخل اقفاصها عند باب السوق، تهصره الغربة والضعف، ويلتجأ لدى سماعه صوت الأذان إلى الله طلبا للأمن وطمأنينة النفس، ليجد حليمة التي لم كانت أول من تنكر له متسوّلة عند باب المسجد

العنوان كان عتبة منطقية استفزت ذهن المتلقي للبحث في كل سطر عن تلك التي ليتها، والسرد كان شائقا بما كبّل القارئ للنص، موفقا في توريطه بولوجه والتفاعل مع مشاهده ومعايشة أحداثة، واللغة بشاعريتها كانت آسرة ، والبناء الدرامي متينا منطقيا في تسارع الأحداث تقود للقفلة التي فقد فيها السرد هدوءه قليلا وبدا موحيا بحدث مقحم قادم ..

قاص ماهر لا أملك أمام نصوصك إلا أن اصفق إعجابا

دمت بألق

تحاياي

الفرحان بوعزة
11-06-2013, 12:26 AM
بتأطيره الزماني اعتبارا من الجملة الأولى وضعنا النص في جو حزنه وكآبته، فهي ساعات الغروب في مساء خريفي بارد، والإطار الأول للشخصية حالة اغتراب مهد الكاتب بها لجولة استرجاع نتابع فيها مع البطل ملامح عقدين من الزمان قضاهما خلف قضيان السجن، يتقوى على عذابه بأمل قوي يتراجع بريقه شيئا فشيئا أمام حلكة الأيام.
ونعود للحظة الباردة الخريفية اللون، حيث يغادر البطل قفصا خلّف فيه شبابه ليستقبل بشيبته واقعا جديدا ضبابيا يتحداه فيه تواصل كالح مع ما حوله يكرّس خوفه ويمتّن شباك اغترابه، في رحلة خرساء تحمله لقريته، يستقبل وميض حنينه فيها إنكار كلابها له، فيلتجأ للأطلال تشاركه البكاء، وينشد الأهل فلا يلقى جوابا
وبتوصيف شاعري بديع يشرّح السارد المشهد، معددا من فقد بطله وما فقد، كاشفا النقاب عن أسباب ما تقدم به السرد من عذاب ومعاناة بنقلة استرجاعية أخرى قادت للصرخة الموجعة:
"ما كنت قاتلا لجاري "
هي جريمة قتل أودع بها السجن إذا؟! وهو فقد أبعد حتى من الأهل الذين رحلوا والزوجة التي تخلّت، فاحتوى الصحب والجيرة والمال، وهي حال لا يملك معها إلا ان يهرب إلى حيث كان، إلى مدينة لا تعرفه، يرى نفسه ومأساته في طيور الزينة داخل اقفاصها عند باب السوق، تهصره الغربة والضعف، ويلتجأ لدى سماعه صوت الأذان إلى الله طلبا للأمن وطمأنينة النفس، ليجد حليمة التي لم كانت أول من تنكر له متسوّلة عند باب المسجد
العنوان كان عتبة منطقية استفزت ذهن المتلقي للبحث في كل سطر عن تلك التي ليتها، والسرد كان شائقا بما كبّل القارئ للنص، موفقا في توريطه بولوجه والتفاعل مع مشاهده ومعايشة أحداثة، واللغة بشاعريتها كانت آسرة ، والبناء الدرامي متينا منطقيا في تسارع الأحداث تقود للقفلة التي فقد فيها السرد هدوءه قليلا وبدا موحيا بحدث مقحم قادم ..
قاص ماهر لا أملك أمام نصوصك إلا أن اصفق إعجابا
دمت بألق
تحاياي

ما أجملها من قراءة تحليلية عميقة للنص ، وما أحسنه من تعليق جاد وهادف ..
قراءة إبداعية أضفت على النص رؤية جديدة بعدما ربطت بين دلالاته وبين الحياة العامة من جهة ، وبين العمل الأدبي والقيم الإنسانية ..
فإذا كان كل نص إبداعي يغرف من تناقضات الحياة أي ما يسمى في الأدب ب/ الفوضى الممكنة في النص الأدبي / ،فإن القراءة الجميلة ترتب هذه الفوضى وتجعلها قابلة للفهم والإقناع ..
فعلا سررت بهذه القراءة الممتعة الهادفة والجادة .. أختي الأديبة والشاعرة المتميزة .. ربيحة الرفاعي التي قالت في إحدى قصائدها المتميزة .. ..
أَهِيـمُ ومَــا الـفُـؤادُ بِمُستَـهـامٍ **** كَـمَـاءِ السَّـيْـلِ لا يـرجـو قَــرَارا
وَأسْتَجْدي لِوَجْدي وَهْمَ صِدْقٍ **** فّتُزْهِقُـنـي عَذابَـاتـي انـهِـمَـارا
دمت مبدعة متألقة وشاعرة قديرة ..
تقديري واحترامي ..
الفرحان بوعزة ..

كاملة بدارنه
19-06-2013, 10:41 PM
لله درّك أخي الأستاذ الفرحان !
استطعت أن ترسم لنا بقلم راق مبدع لوحة نطقت بالظّلم وحلكة وقسوة الزّمن وأهله والاغتراب
سرد تمكّنت قوته أن تجعلني أعيش مع البطل كلّ اللحظات حتّى النّهاية المفجعة
شكرا لك على هذا الإبداع الرّائع
بوركت
تقديري وتحيّتي

الفرحان بوعزة
20-06-2013, 10:39 AM
لله درّك أخي الأستاذ الفرحان !
استطعت أن ترسم لنا بقلم راق مبدع لوحة نطقت بالظّلم وحلكة وقسوة الزّمن وأهله والاغتراب
سرد تمكّنت قوته أن تجعلني أعيش مع البطل كلّ اللحظات حتّى النّهاية المفجعة
شكرا لك على هذا الإبداع الرّائع
بوركت
تقديري وتحيّتي

شهادة أعتز بها أختي الكريمة .. كاملة ،
شكراً على تفاعلك الدائم مع نصوصي السردية ،
شرف وتشجيع أعتز بهما .. أعتز بكلمتك الطيبة ..
تقديري واحترامي ..
الفرحان بوعزة ..

خلود محمد جمعة
23-10-2014, 09:42 AM
ومن خلف قضبان السجن الى خلف قضبان صدره رسمت الصورة بشفافية مبهرة
رسم الزمن ملامحه بقسوة وحول القدر مجرى حياته الى جفاف حد التشقق
خرج من سجن الظلم ليدخل الى سجن الفقد لأهله وأرضه وقريته
عاد الى الشوارع الكبيرة الصغيرة و الواسعة الضيقة و الممتلئة الفارغة
عاد الى المدينة باحثا عن أمل ليجد بقاياه قد تبعثرت على أرصفة الضياع
ليتها صدقته
ليتها انتظرته
ليتها احتفظت ببقايا تراب وسقف
ليتها توقفت وسمعت قبل أن يتوقف الآن ويسمعها
وليتك لا تتوقف عن امتاعنا بروائعك
تقديري

الفرحان بوعزة
30-10-2014, 09:06 PM
ومن خلف قضبان السجن الى خلف قضبان صدره رسمت الصورة بشفافية مبهرة
رسم الزمن ملامحه بقسوة وحول القدر مجرى حياته الى جفاف حد التشقق
خرج من سجن الظلم ليدخل الى سجن الفقد لأهله وأرضه وقريته
عاد الى الشوارع الكبيرة الصغيرة و الواسعة الضيقة و الممتلئة الفارغة
عاد الى المدينة باحثا عن أمل ليجد بقاياه قد تبعثرت على أرصفة الضياع
ليتها صدقته
ليتها انتظرته
ليتها احتفظت ببقايا تراب وسقف
ليتها توقفت وسمعت قبل أن يتوقف الآن ويسمعها
وليتك لا تتوقف عن امتاعنا بروائعك
تقديري

شكراً على إعجابك بهذا النص المتواضع أختي المبدعة المتألقة ..خلود ، اهتمام أعتز به ..
مودتي وتقديري .. الفرحان بوعزة ..

نداء غريب صبري
19-11-2014, 09:30 PM
قصة جميلة وسردها رائع

شكرا لك أخي

بوركت

الفرحان بوعزة
23-11-2014, 11:02 AM
قصة جميلة وسردها رائع

شكرا لك أخي

بوركت

تحية طيبة .. شكراً لك أختي المبدعة ..نداء
على اهتمامك النبيل وكلمتك الطيبة .. كلمة أعتز بها ..
تقديري واحترامي ..
الفرحان بوعزة ..

وليد مجاهد
04-03-2015, 11:57 PM
أنت كاتب غير عادي وهذا نص غير عادي
تمزقت بقراءته فكيف صبرت أنت على كتابته
لك تقديري

الفرحان بوعزة
19-03-2015, 05:58 PM
أنت كاتب غير عادي وهذا نص غير عادي
تمزقت بقراءته فكيف صبرت أنت على كتابته
لك تقديري

تحية طيبة أخي الفاضل وليد ، شكراً على متابعتك القيمة لنصوصي السردية المتواضعة ،
شكراً لتشجيعك المتواصل ..
تشجيع أعتز به .. محبتي وتقديري / الفرحان بوعزة ..

رويدة القحطاني
11-06-2015, 03:52 PM
كتابة قصصية احترافية، فيها تظهر قوة الحبكة، ومهارة السرد، والبناء الدرامي المتناسق

الفرحان بوعزة
17-06-2015, 11:18 AM
كتابة قصصية احترافية، فيها تظهر قوة الحبكة، ومهارة السرد، والبناء الدرامي المتناسق


تحية كريمة ..
شكراً لك أختي المبدعة المتألقــــة رويــــدة
على اهتمامك النبيل وكلمتك الطيبة .. كلمة أعتز بها ..
تقديري واحترامي ..

سحر أحمد سمير
18-06-2015, 10:41 PM
رائعة حد الكمال ..اللغة قوية ..التكامل البنائي للقصة (سبر أغوار الحالة النفسية للبطل و النهاية الصادمة التي جعلت من البطل خسيف البال خافض الرأس لجرم لم يرتكبه و لتزداد معاناته في سجنه الاجتماعي )..

دمت و دام قلمك الباذخ بالرصانة أستاذي الفاضل ..الفرحان بو عزة ..

رمضان مبارك ..

تحاياي.

الفرحان بوعزة
21-06-2015, 12:48 PM
رائعة حد الكمال ..اللغة قوية ..التكامل البنائي للقصة (سبر أغوار الحالة النفسية للبطل و النهاية الصادمة التي جعلت من البطل خسيف البال خافض الرأس لجرم لم يرتكبه و لتزداد معاناته في سجنه الاجتماعي )..
دمت و دام قلمك الباذخ بالرصانة أستاذي الفاضل ..الفرحان بو عزة ..
رمضان مبارك ..
تحاياي.

المبدعة المتألقة سحر .. تحية طيبة ..
شكرا على اهتمامك النبيل وتواصلك الدائم مع نصوصي السردية المتواضعة ..
تواصل أعتز به .. رمضان مبارك عليكم وعلى الأمة العربية والإسلامية .. تقديري واحترامي ..
الفرحان بوعزة ..