تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : && رجلٌ نسى قلبه &&



عمر الصالح
24-05-2013, 10:01 AM
نظراته تعدو بين الجداول والسطور..
لايستوقفها سوى جمود الارقام وغموض الإحصائيات..
بينما رقدت على صفحة مكتبه البارد أكوامٌ من الملفات ..
كلما إنتهى من واحد أخرج الباقون ألسنتهم فى شماتةٍ يتحدون صبره وطول باله !

تمتد يده فى لهفةٍ إلى كوب الماء المنتصب فى إغراء إلى يمينه ..
لعل رشفات قليله منه تعينه على جفاف تلك الارقام والحسابات المعقدة..
منشغل هو إلى أخمص قدميه بين الاوراق..
بينما جو المكتب صاخبا" مابين تململ بعض المواطنين من تأخير معاملاتهم.. واحاديث النميمة واخر صيحات الموضة النسائية!..
يقتطع لحظات يلتطق فيها أنفاسه فيسند ظهره المتعب على خلفية المقعد الخشبى الخشن.. ثم يهيم ناظرا" فى سقف الغرفة كأنه يبحث عن حبلِ يتدلى ليلتف على عنق الوقت المتبقى فيشنقه..!





عيناه تتفحص المكتب المواجهه له.. وكأنه يبحث عن شئ وسط سكونه وصمت أدراجه..
غابت صاحبته منذ عشر أيام بعدما قررت الرحيل إلى أسرتها فى الخليج..قرار تأخر عام ونصف لكنها فى النهاية كانت عاقدة العزم وبكل إصرار أن تتخذ هذا القرار.. وكل ماسمعه عنها أنه بعد أيام قليله سوف يتم زفافها على إبن خالها الذى يعمل مع أبيها هناك..زملاءها فى المكتب أصابتهم الدهشة لحماسها فى إتخاذ قرار الرحيل بذلك العزم.. لأنها هى ذاتها كانت رافضة من قبل وبنفس العزم وربما أكثر..!

ذات العينين السوداوين.. كانت محل إهتمام ومودة كل زملاءها.. هادئة.. بشوشة.. كلماتها كأنها تنهدات الورد عند تفتحه وقت الصباح!..
لكن إنشغاله بالورق ومع الورق.. وإنشغاله بذلك الحوار الدائم بينه وبين نفسه عن ميزانية الشهر.. وكم سيرسل لأسرته الفقيرة فى الصعيد.. وكم سينفق على إحتياجاته اليوميه هذا الشهر. . ولما لاينشغل وقد أمضى29عاما" من عمره لايعرف سوى مقاعد الدراسة وأظافر العمل فى الحقول أو فى عالم المعمار القاسى!..
الان هو جالس على مقعد مُريح ..فلما لايشكر الله على تلك النعمة التى كان يشتهيها فور تخرجه من الجامعة..!

دقائق على إنتهاء وقت العمل الصباحى..
بعدها يذهب إلى غرفته المتواضعه على أحد السطوح القريبة...
ساعةٌ واحده يرتاح فيها ليعاود العمل االمسائى فى إحدى المحلات الخاصة..!


قدماه تمسح وجه الشارع المجعد.. قدماه تقوده فى الية إلى حيث تعود الذهاب يوميا".. بينما هو شارد فى ذات العينين السوداوين.. يستحضر فيها ذلك المشهد الأخير بينهم يوم إقتربت من مكتبه لتودعه.. سحابة من دموع تغرق بياض عينيها التى إنطفاء بريق السعادة فيها.. عيناها كانت لا تقوى أن تواجه عينيه.. بينما إرتعاشات شفتيها كانت تبوح بكلمات متعثرة فى حلقها لاتبرح فمها.. كان يومها لايدرى ماذا يقول فى تلك المناسبات.. رغم انه قد تعود على الوداع وعلى الإرتحال منذ كان صغيرا".. لكن جمال وجه إمراءة باكية وحزينة كفيل أن يلف حول لسانه حبل الصمت وربما الخجل..

تتعثر قدمه فى حفرة خادعة.. فيستفيق من شروده بعدما رأى باب البيت أمام عينيه..

يدلف من باب البيت.. لكن صوت الحاج عبده البقال يستوقفه .. جواب يا استاذ علاء... يلتفت خلفه ليلتقط الخطاب من بين أصابعه.. خطاب وردى اللون لم يعهد نعومة ملمسه.. فكل الخطابات دائما تاتى له من القرية حتى انه اصبح يعرف مافيها قبل ان يهم بقرائتها..!




يصعد الدرج فى لهفة..ينزلق المفتاح فى مكانه المعهود.. بينما يستقبله الباب العتيق بأنين مفاصله المزعج!..

يستلقى على سريره ويفض الخطاب.. رائحته تدير رأسه على عنقه.. الأن عرف صاحبته قبل ان يقراءه..!


إلى مَن نَسى قلبَه :
:
:
:
:
:
:
:
.. .. .. .. .. ..
يضم الخطاب إلى صدره مُبتلا" بدموعه..!

لايدرى أيبكى على صاحبة الخطاب التى إكتشف متأخرا" انها خير تعويض له عن شقاء السنين..؟!

أم يبكى على اوراق يقطعها كل يوم من تلك اللوحة المعلقة على الجدار.. تقويم عمره..!

يدس الخطاب برقة وحنان تحت وسادته..
ثم يهرع إلى مطبخه الصغير حتى يجهز ما يسد رمقه قبل أن يعاود رحلة المساء..!

هَنا نور
25-05-2013, 12:11 AM
الأديب المبدع دكتور عمر الصالح
طابت أوقاتك.
قصة واقعية تعبر عن حال معظم الشباب في بلادنا. غير أن بطلنا في هذه القصة بطلٌ مميز؛ فهو الجنوبي الذي نشأ كغيره من أبناء الصعيد على قيم الرجولة والجدية في الحياة.

علاء الرجل على مشارف الثلاثين هو الامتداد الطبيعي لذات الطفل الذي لم يعرف من الحياة سوى الدراسة والعمل وتحمل المسؤلية. هو " الرجل القطار " الذي لا يعرف سوى دقة المواعيد ودقة الأماكن واستقامة الخطوط. حياته كلها محطات ، ويبدو أنه مازال أمامه بضع محطات قبل أن يبلغ محطة الحب .. أدركت زميلته ذلك فآثرت ألا تضيع عمرها على رصيف الانتظار.

أسلوب قصصي يتميز بالحيوية وكأن القاريء لا يقرأ الكلمات وإنما يشاهد الأحداث في بثٍ حي مباشر.

دمتَ مبدعاً.
ودمتَ بكل خيرٍ وسعادة.

كاملة بدارنه
25-05-2013, 10:03 PM
قصّة مؤثّرة وأسلوب جميل في السّرد حتّى النّهاية
تمنّيت مراجعة النّصّ أخي لتفادي الأخطاء اللّغويّة التي ظهرت فيه
بوركت
تقديري وتحيّتي

عمر الصالح
28-05-2013, 02:54 AM
الأديب المبدع دكتور عمر الصالح
طابت أوقاتك.
قصة واقعية تعبر عن حال معظم الشباب في بلادنا. غير أن بطلنا في هذه القصة بطلٌ مميز؛ فهو الجنوبي الذي نشأ كغيره من أبناء الصعيد على قيم الرجولة والجدية في الحياة.

علاء الرجل على مشارف الثلاثين هو الامتداد الطبيعي لذات الطفل الذي لم يعرف من الحياة سوى الدراسة والعمل وتحمل المسؤلية. هو " الرجل القطار " الذي لا يعرف سوى دقة المواعيد ودقة الأماكن واستقامة الخطوط. حياته كلها محطات ، ويبدو أنه مازال أمامه بضع محطات قبل أن يبلغ محطة الحب .. أدركت زميلته ذلك فآثرت ألا تضيع عمرها على رصيف الانتظار.

أسلوب قصصي يتميز بالحيوية وكأن القاريء لا يقرأ الكلمات وإنما يشاهد الأحداث في بثٍ حي مباشر.

دمتَ مبدعاً.
ودمتَ بكل خيرٍ وسعادة.



مداخلة ولا أروع..

أتمنى أن أكون دائماً عند حسن الظن

تحية تقدير وود

عمر

ناديه محمد الجابي
28-05-2013, 12:16 PM
قال الحبيب عليه الصلاة والسلام “يا معشر الشباب، مَن استطاع الباءة فليتزوج،
فإنّه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومَن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء” (صحيح البخاري).
في العهد السابق كان الزواج أمرا ميسرا بدون تعقيدات , أما اليوم فقد أصبح
تأمين المسكن, وتكاليف الزواج أمرا صعبا في ظل البطالة والفقر وغلاء المعيشة
وندرة فرص العمل والأزمة الأقتصادية ..ولو صلح أمر الشباب وتوكلوا على الله حق الإتكال لأعانهم.
قدمت لنا في هذا النص الرائع لوحة قصية جميلة لمشاكل الشباب
مرسومة بحس إنساني, ومهارة شاعر, وذكاء قاص, وثراء فكري
كما أثني على رأي المبدعة هنا نور الذي أعجبني بكل المقاييس.
همسة:
إنطفاء: إنطفأ
إمراءة: إمرأة
ولك تحياتي وودي.

عمر الصالح
03-06-2013, 02:34 AM
قصّة مؤثّرة وأسلوب جميل في السّرد حتّى النّهاية
تمنّيت مراجعة النّصّ أخي لتفادي الأخطاء اللّغويّة التي ظهرت فيه
بوركت
تقديري وتحيّتي

كل الشكر يا أستاذتنا على زيارتك الكريمة

تحية تقدير

عمر

آمال المصري
06-09-2013, 12:08 AM
لغة أنيقة وسرد ماتع ونص حمل هموم الشباب مع صعوبة الحياة والغلاء وضعف الحيلة ويأس البعض
هناك مشكلة مع الهمزة أحسبها عبث كيبوردي
أبدعت أديبنا الفاضل

نداء غريب صبري
26-09-2013, 02:45 AM
تعجبني قراءة قصصك أخي عمر
أسلوبك مشوق جدا

شكرا لك

بوركت

عمر الصالح
27-09-2013, 06:21 PM
قال الحبيب عليه الصلاة والسلام “يا معشر الشباب، مَن استطاع الباءة فليتزوج،
فإنّه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومَن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء” (صحيح البخاري).
في العهد السابق كان الزواج أمرا ميسرا بدون تعقيدات , أما اليوم فقد أصبح
تأمين المسكن, وتكاليف الزواج أمرا صعبا في ظل البطالة والفقر وغلاء المعيشة
وندرة فرص العمل والأزمة الأقتصادية ..ولو صلح أمر الشباب وتوكلوا على الله حق الإتكال لأعانهم.
قدمت لنا في هذا النص الرائع لوحة قصية جميلة لمشاكل الشباب
مرسومة بحس إنساني, ومهارة شاعر, وذكاء قاص, وثراء فكري
كما أثني على رأي المبدعة هنا نور الذي أعجبني بكل المقاييس.
همسة:
إنطفاء: إنطفأ
إمراءة: إمرأة
ولك تحياتي وودي.



زيارة استمتعت بها


تحية تقدير وود

عمر

عمر الصالح
27-09-2013, 06:23 PM
لغة أنيقة وسرد ماتع ونص حمل هموم الشباب مع صعوبة الحياة والغلاء وضعف الحيلة ويأس البعض
هناك مشكلة مع الهمزة أحسبها عبث كيبوردي
أبدعت أديبنا الفاضل

دائم أنتظر زيارتك الطيبة

تحية تقدير وود

عمر

ربيحة الرفاعي
18-10-2013, 03:00 AM
سرد شائق تتعاضد فيه أدوات القص لنقل الحدث بجمالية في التفاصيل ومهارة توصيف
وأداء قصي طيب يستقطب القارئ لدنيا النص

وددت لو أوليته كاتبنا يعض مراجعة لضبط وتصحيح ما شابه من عثرة

دمت بخير

تحاياي

عمر الصالح
16-12-2013, 11:10 AM
سرد شائق تتعاضد فيه أدوات القص لنقل الحدث بجمالية في التفاصيل ومهارة توصيف
وأداء قصي طيب يستقطب القارئ لدنيا النص

وددت لو أوليته كاتبنا يعض مراجعة لضبط وتصحيح ما شابه من عثرة

دمت بخير

تحاياي

دائماً زيارتك تضيف للنص رونق..

تحية تقدير وود

د. عمر الصالح
الكويت

خلود محمد جمعة
18-12-2013, 08:28 PM
أن ينسى الأنسان قلبه فذلك يعني أنه نسي انسانيته
راقتني القصة
دمت بخير
مودتي وتقديري

عمر الصالح
22-12-2013, 06:36 PM
أن ينسى الأنسان قلبه فذلك يعني أنه نسي انسانيته
راقتني القصة
دمت بخير
مودتي وتقديري

اشكر لك حضورك الرائع

تحية ود وتقدير

د.عمر

ناديه محمد الجابي
21-01-2024, 06:30 PM
أحب أن أقرأ لك فلغتك معبرة وسردك جذاب
أجدت رسم الشخصية وما تواجه من مصاعب لتحمل القارئ ليسكن أعماقه
ويعيش معه كل همومه وصراعاته التي تعبر عن هموم معظم الشباب.
تجسيد بارع بأسلوب قصي متميز وملفت لقاص متمكن من أدواته.
ولك تحياتي وودي.
:v1::nj::0014:

عمر الصالح
24-01-2024, 09:29 PM
أحب أن أقرأ لك فلغتك معبرة وسردك جذاب
أجدت رسم الشخصية وما تواجه من مصاعب لتحمل القارئ ليسكن أعماقه
ويعيش معه كل همومه وصراعاته التي تعبر عن هموم معظم الشباب.
تجسيد بارع بأسلوب قصي متميز وملفت لقاص متمكن من أدواته.
ولك تحياتي وودي.
:v1::nj::0014:



سعادتى كبيرة بتلك الكلمات الطيبة

أتمنى أن أكون دوما عند حسن الظن

تحياتى

أسيل أحمد
15-01-2025, 08:14 PM
حدوتة قصصية واصفة لمشاكل الشباب يسرد رائع متماسك وقص جميل هادف في قالب مشوق.
أجدت وأبدعت وأمتعت ـــ أحي قلمك السامق .

عمر صالح
06-02-2025, 08:24 PM
حدوتة قصصية واصفة لمشاكل الشباب يسرد رائع متماسك وقص جميل هادف في قالب مشوق.
أجدت وأبدعت وأمتعت ـــ أحي قلمك السامق .

مداخلتك زانت النص .. وأضافت له معنى ومبنى ..

تحياتى