مشاهدة النسخة كاملة : وفاء لذكرى الرّاحل _ أحمد حسين أحمد
فاتن دراوشة
24-05-2013, 03:47 PM
(( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي ))
هي وقفة وفاء لا بدّ منها لذكرى فارس امتطى جواد الكلمة وجعل من حرفه رسالة صدق عبرت جدران القلوب
لتنقل حبّ الحريّة والانتماء للوطن لكلّ من قرأها
هو فقيد الواحة
الشّاعر العراقيّ المغترب : أحمد حسين أحمد رحمه الله
ووفاء لهذا الفارس الأصيل النّبيل
سأخصّص هذه الزّاوية لنصوصه وبصماته الرّاقية في عالم الأدب
وأرجو من المولى أن يجعل حروفه حجّة له يوم لا ينفع مؤمن إلاّ عمله
فاتن دراوشة
24-05-2013, 04:00 PM
مقتطفات من محطّات حياته
ولد الراحل في بغداد في 25 ـ 2 ـ 1952
حصل على شهادته الجامعية الأولية من كلية الزراعة والغابات
جامعة الموصل قسم الثروة الحيوانية في العام 1975 ..
ثم حصل على شهادة الماجستير من كلية الزراعة جامعة بغداد قسم الإنتاج الحيواني مطلع عام 1989..
التحق ما بين 1977 - 1991 في حقل التدريس بالمدارس المهنية العراقية ..
ثم سافر الى اليمن والتحق بجامعة صنعاء كلية الـطب والعلوم الصحية
كمدرس في قسم مختبر الحيوان للعام الدراسي 95 -96
سافر الى ليبيا وعمل كمدرس في المعهد العالي لإعداد المعلميـن
في الكفرة وكرئيس لقسم الأحياء للفترة من 97 - 2001
واخيرا هاجر إلى ألمانيا وحصل على جنسيتها
وعمل في السياحة ومارس اهتماماته بالرسم والمسرح وبقية الفنون.
متزوج وله ثلاثة أبناء ولدين وبنت
الكبير وسيم والوسطى بلسم وآخر العنقود علاء الدين
بداياته مع الشعر سنة 1970
الأعمال المنشورة :
ديوان عصافير الغبار
عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت 2003
ديوان شرفة القمر
مع مجموعة من شعراء العرب ايزيس للثقافة والإبداع مصر 2005
ديوان غرزات في بدن الهجيرة
بمعرفة د.يوسف عيدابي والأستاذ حارب الظاهري كتاب دولة الإمارات العربية المتحدة /الشارقة/وزارة الإعلام
ديوان عيناك البجعات البيض
للناشر عدنان هرملاني شركة المطبوعات للتوزيع والنشر بيروت
ديوان كهف الريح 2007
صدر عنه كم هائل من القصائد الشعرية غير المصنفة
منها تحت عنوان عرس البارود أيام الحرب العراقية الإيرانية
ومنها حوار شعري مع نخبة من شعراء العرب على الشبكة العنكبوتية تحت عنوان قصف على الهواء
في مجال القصة
مجموعة : أوراق مدينة دبقة
مجموعة : مصابيح صياد الأغاني
نشر العديد من الأعمال على مواقع أدبية في الانترنيت
وفي بعض الصحف العربية والأجنبية
أهمها مجلة الحركة الشعرية التي تصدر في المكسيك للأديب قيصر عفيف
فاتن دراوشة
24-05-2013, 05:19 PM
مقتطفات من حوار كان لي مع الرّاحل حول رحلته الأدبيّة
أسئلتي كانت :
1) من هو احمد حسين الاحمد؟
2) متى بدأت رحلة الاحمد مع الحرف؟ وإن امكن اتمنى أن تمدّنا بأولى محاولاتك الشعريّة !
3) ما هي علاقة الألم بالقلم؟ وإن كانت هناك علاقة كيف تجلّت تلك العلاقة في رحلتك مع القلم؟
4) كيف ومتى تركت العراق ولماذا اخترت المانيا بالذّات للعيش بها؟
5) هل لك محاولات في الشّعر العامودي؟ وان كانت توجد أتمنّى إمدادنا بإحداها!
6) ما هي اقرب قصائدك إلى قلبك ولم ؟
7) ما هي أقسى التّجارب واللّحظات التّي تعرّض لها الأحمد؟
8) ما هي أجمل الذّكريات التّي لا زالت تترنّح في ذاكرتك؟
اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد حسين أحمد
1/ من هو أحمد حسين الأحمد؟
الاسم أحمد حسين أحمد
المواليد ١٩٥٢ بغداد
الجنسية مزدوجة عراقية ألمانية
التحصيل الدراسي
بكلوريوس علوم زراعية في الثروة الحيوانية جامعة الموصل 1975
ماجستير علوم زراعية في تربية وتحسين الدواجن من جامعة بغداد ١٩٨٩
العمل السابق أستاذ جامعي
العمل في الدول العربية / مدير قسم الحيوان في جامعة صنعاء اليمن 1995 /1996
رئيس قسم علوم الحياة في المعهد العالي لإعداد المعلمين في الكفرة ليبيا 1997 /2001
العمل الحالي في السياحة بمدينة أوربا بارك السياحية جنوب ألمانيا
السيرة الأدبية
عضو اتحاد الكتاب والأدباء العراقي
البدايات مع الشعر سنة 1969/1970
الأعمال المنشورة
ديوان عصافير الغبار عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت/عمان ٢٠٠٣
ديوان شرفة القمر مع مجموعة من شعراء العرب إيزيس للإبداع والثقافة مصر 2005
نشرت العديد من القصائد في صحف ومجلات عربية وعالمية أهمها مجلة الحركة الشعرية التي تصدر في المكسيك للأديب قيصر عفيف والتي أدمنت النشر فيها منذ العدد 12 عام 2002 وحتى آخر إصدار في أكتوبر 2009 والمجلة نصف سنوية
ولدي عدد من الدواوين معدة للطبع
وأعمال أخرى ما زالت في طور التنقيح
وفي مجال القصة القصيرة والرواية لي
أوراق مدينة دبقة/ مجموعة قصصية 2000
مصابيح صياد الأغاني / مجموعة قصصية بغدادية تتضمن مقاطعا شعرية 2001
نزيف على الطريق/ رواية منعت من النشر في العراق 1982
الحرب على جبهتين / رواية لم تكتمل 1984
عشرات النصوص في مواقع أدبية على الانترنيت وموقع شخصي لم يكتمل ومدونتين
2/ متى بدأت رحلة الأحمد مع الحرف؟، وان أمكن أتمنى أن تمدنا بأولى محاولاتك الشعرية
عشقت الحرف منذ نعومة أظفاري وبدأت بمقاطع نثرية أقرب للشعر المنثور المعروف هذه الأيام تداولتها على شكل رسائل موجهة للأصدقاء ولحبيبة الطفولة بعمر مبكر جدا سرعان ما تحولت لنصوص شعرية موزونة مطلع السبعينيات فقدت معظمها بسبب كثرة التنقل وظروف البلاد التي عانت من ويلات الحروب زمنا طويلا فحتى قبل الحرب العراقية الإيرانية كنا نعاني من حرب داخلية بين الشمال والجنوب نلت جزء منها بين الأعوام 1975 و 1977 والتي تركت بصمتها على الكثير من أعمالي وكنت أكوّن مجموعات شعرية أضع لها الأسماء وفترتها الزمنية وهذه هي الأسماء:
الفوانيس المطفأة 1969_1970
قمر وخريف 1971_1977
السفر بلا طرقات (بجزأين) 1971_1077
قصائد للأرض والإنسان 1973_1978
عرس البارود 1980_1982
الحب لا يغرق في العيون 1983/1984
حصاد الزوابع 1985_1988
الزهور البرية 1988_1989
انتحار الحب 1990_1991
خطوط على أبواب الذاكرة 1995_1998
البلبل الصيني 2000_2001
عصافير الغبار2001_2002 (طبعت)
كهف الريح 2003_2007
خيول من ورق 2008_2009
مع الشعراء على الهواء 2003_2009
( مساجلات شعرية حية)
و من شعر البدايات
الطيور المهاجرة
وحيدٌ هنا أسري كطير مهاجر
إلى صوب غيثٍ بأقصى المقابـرِ
ولاشيء في قلبي سوى ألمٍ كـوى
فؤادي ورحلي يسّتفز مشاعري
إلى نحو صلب النور يزهو بناظري
ويخفي شجوني في جحور محاجري
وذا قلمي قد سال منه لعابه
ببطن الجوى دارت عليه دوائـري
تراه ينادي الصحب هيا لننزوي
بنسـغ سويقٍ أو تويـج أزاهـر
وذا مرحي قد هام في شبه مـرتعٍ
لشمسٍ تصلّي في ربوع البيــادر
وهذا حطامي معْ سحاب خطيئتي
تناثر أقواساً نجوم منائـر
همست لسقف الليل واللحد مضجعي
ألا يا شجون الحب عودي وكابري
وحيدٌ هنا لا شيء يسري بمكمني
سوى ما تنامى في ضميري وخاطري
تحوم على بدني وبين أناملي
طيـور الهوى تغزو عريني وساتري
حملت أريج الحب ما بين أضلعـي
فناءت ضلوعي تداعت سرائري
مقهى البلدية بغداد 1970
طرقات .. !
أسمعُ طرقاتٍ في بطنِ الليلِ ، عــلى البابِ
و الريحُ تئنُّ بمحرابي
سـاءلتُ الـريحَ منْ الطارق..؟
هلْ أنتِ هيَ يا لمياءُ) ؟
أمْ أنتِ (دنيا) قدْ عدّتِ..؟
لتداوي جرحي بالملحِ
باللهِ عليكِ أجيبيني ،
هـيّا ردّي
...................
لا شئَ يجيبُ على صوتي
غير الطرقاتِ على البابِ
تِكْ..تِكْ..ترَرِكْتكْ... تَكْ ..تِكْ ..تِك ..
طرقاتٌ تسري في جسمي ،
ويـغوصُ لظاها في كبدي
وتظلُّ ترتّلُّ أنغاماً
من بحر الشوقِ فتنسيني ،
لـفحةُ أنفاسكِ (إلهامُ )
أو غمزةُ عينكِ (إنعامُ )
و تعيدُ لي الذكرى المرّة
في الحبِّ وأيامُ السهّدِ
في لوعةِ بعدكَ مقصودي
ما بينَ الحاضر والماضي..
( إلهامٌ ) كفرتْ بالحبِّ
والأخرى سحقتْ لي قلبي
و (سعادٌ) راحتْ توعدني
باللقيا،
قسماً بحياتي
لمْ يبقَ لي أحدٌ يوفي
إلاّ أقلامي ودواتي
هي قالتْ أحلى كلماتي
هي قالتْ أحلى آياتي . .
يـا طرقاً لا تسخُر منّي
كـفْ يا طرق
أنا ذا آتٍ
...............
وفتحتُ البابَ لكي أعرف
من ذا قد جاء إلى داري؟
لا لم يكُ ثمّةَ إنسانٌ
لا (لمياءٌ ) لا (إنعامٌ) لا (إيمان )
لا لم يكُ غيرَ الأمطارِ
ترسل لي أحلى الأشعارِ
تِكْ ..تِكْ ..تَرللاّ .. تَرللاّ..
بطريقتها قرعتْ بابي..
من ذا قدْ جاءَ إلى داري..؟
...................
لا لمْ يكُ غيرَ الأمطارِ.. *
الرمادي 25/1/1971
3) ما هي علاقة الألم بالقلم؟ وإن كانت هناك علاقة كيف تجلت تلك العلاقة في رحلتك مع القلم؟
ربما لو ألقيت نظرة بسيطة على مسميات دواويني لاتضحت الصورة وبان المستور. حيث بانت صورة معتمة قاتمة على المسميات التي أطلقتها على أعمالي فكانت الفوانيس مطفأة وكأنها بلا بريق نور وجاء القمر متجرداً مع الخريف والسفر ليست له طرقات فهي متاهة الحروف ولوعة اللحن وكان البارود هو عريس الوطن المأزوم بلا منازع . أما الحب فلم يعد يستطيع الغوص في العيون لفقر حاله أو عدم جرأته، فكان لابد من أن نحصد الزوابع بعد ويلات الحروب. وحدها الزهور كانت برّية المنبت بعد تشوه حدائق المدينة وبساتينها وهي ربما النفس الوحيد الذي بقي يلازمنا على طريق الهجرة، ثم ينتحر الحب من تلقاء نفسه بعد نكسة خطيرة ويبقى لنا بضعة خطوط مشوشة رسمناها على جدار الذاكرة تجترنا ونجترها كلما توجع القلب وشتَّ الفكر . لكن الحلم له أفقٌ مغرد وكأنه بلبلٌ صيني ، والصين بلد العجائب، لذا تخيلت هواها كذلك ولكن... يهدنا السفر وتتعفر الحقائب في كل رحلة ، وكان الغبار المتطاير خلفنا يشكّلُ عصافيره في الجو لا سيما ونحن مزروعون في قلب الصحراء الكبرى في الكفرة . ثم تبتلعنا كهوف الريح وكأننا قشة لا حول لها ولا قوة فنحاول أن نصول ونجول ونعود فرسانا كما كنّا من قبل.... ولكن خيولنا لم تكن إلاّ ورقاً هشاً.
هذه هي رحلة الألم والقلم يا فاتن استقيتها من الأسماء التي مرت وإليك بعض الأمثلة:
ذكرياتُ الأمسِ رملاً وصخوراً قد تركناها وطين
وقوافي الشعر تشكو من قصورٍ كان فيها أو سكون
ربّما الحبرُ جفاها، ربّما الشعرُ لمعناها مدين
(فاعلاتن) في جذور القلب تبكي،
وعلى أنحاءها (فعلن) حزين
ثمَّ (مفعولن) تغنّى بزمان الوصلِ والقلب السجين
ونسينا الشعر والأوزان والذهن المكفن بالحنين
وبكينا،
كم بكينا ، كم ضحكنا،
كم غرقنا في الأنين
هكذا سرنا وسرنا،
ثمَّ سرنا وبقينا سائرين
الفوانيس المطفأة /من قصيدة المسير
حبيبتي القمر..
يذوبُ في عينيكِ يزرعُ الظلال
دعيهِ يستحمُّ بالدموعِ باعتلال
فبعد حزنِ خطوتين زارني المطر
وعضّني الخريفُ بابتلاعهِ الشجر
أواهُ لو يقول أنني أحبّكِ
أحبُّ كل شيء
الشمس والأطفال والحفر
الناسُ والكروم والسفر
أواه لو أذوبُ فيكِ أشربُ الربيع
وألثم الثمر
أعانق القمر
لكنّما الخريف يا حبيبتي يعود من جديد
يجرّد الطيور والقلوب والصور
قمر وخريف/من قصيدة بنفس الاسم
ولعل حكاية الطريق تعبير رائع عن مسيرة الألم خلال عقود من الزمن:
حكاية الطريق
1ـ الطريق إلى أربيل
خلفي بغداد وأحلامي
وأمامي جبلُ الأوهامِ
دنيا إن شاءت تمنحني
أو شاءت تنثرُ أكوامي
في الدربِ حكايات تمضي
تحّتكُ برأسي الهيّام
خلفي أتلفّتُ مرعوباً
لا شيء سوى ألمي الدامي
وطريقاً جئتُ لأسلكُها،
تسرقني من بين ركامي
يا ويلي ما أفلتْ روحي
لولا أن شلّتْ أقدامي
وتشرّدَ حلماً أحملهُ
ما بين جوانبِ هندامي
لمّا ساقوني منتشياً
في أحلى مقبلِ أعوامي
لمصيرٍ حتماً أجهلهُ
وكأنّي المندوبُ السامي
من دون ترانيمٍ أمضي،
بدروبٍ ترفض أَنْ تسمع
وجبالٍ أعلى من حلمي
وسهولٍ ليس لها مرتع
فلهذي الأرضُ تضاريسٌ
سبحانَ الخالق إذْ يصنع
أربيل وما حول القلعة
تحكمها أربابٌ تسعة
وأنا يحكمني منزلقي
ما بين الوقعةِ والوقعة
مبهورٌ لا أفقهُ نفسي
هلْ إنّي بومٌ أمْ بجعة
حامت بنهارٍ أو ليلٍ
روحي فتوسعتْ الرقعة
أربيل المارد ألمحه
وبكائي النائح أسمعهُ
ودروب الذكرى لا ترجع
الكل ترانيمٌ كسلى
عنوانٌ للموت الأسرع
وأنا منكفئٌ
كالموتى
ترقبني مصطبةُ المدفع
1976 أربيل
2ـ الطريق إلى البحر
خلفي بغدادَ وعنواني
ومسيري للطرفِ الثاني
مشحونٌ كمتاعٍ بالٍ
لا يملكُ إلاّ الإذعانِ
أتسابقُ والريح وصولاً
للبحرِ وآخرَ ( صفوانِ )
فإذا أصبحتُ إلى أمدي
ونديمي قلمي ولساني
باشرتُ الموتَ على مضضٍ
وعقرتُ سلاحي وحصاني
مهجورٌ في قبو همومي
وهمومي حطبُ البستانِ
الكلُّ تهاوى من حولي
وتجلّد دمعُ الأحزانِ
1991البصرة
3ـ الطريق إلى بغداد
بغداد أراها كالمبضع
وبقايا ألمٍ مستقطع
من نزفي ودفين كياني
يتلوّى فوق المستنقع
وجيوشٌ ليسَ لها عدٌّ
تنزعني من جوف المخدع
لمّا سلبوني من حلمي
واغتالوا الوقتَ المستقطع
كنتُ بلا والٍ يحميني
أو جيشٍ يحتضنُ المربع
أتسلّى حيناً بقصيدي
وأتوقُ لأبياتٍ أبرع
تقذفني من بين حطامي
وكأني القنبلةُ الأسرع
نحو متاريسٍ مُحصَنةٍ
تتصدّى للجيشِ الأبشع
2003 بغداد
4ـ الطريق إلى المجهول
خلفي بغدادَ أودّعُها
وأمامي مدنٌ أذرَعُها
طولاً أو عرضاً أو قُطراً
وعساها تقبلُ أجمعُها
تطبيعي أو شطبَ مكاني
حاولتُ وحاولَ أقراني
تجميل الهمَّ وما معهُ
في بلدٍ يجهلُ أشجاني
في أرضٍ ترفضُ رفقتنا
وعرينٍ صار كميدانِ
نتقرّفصُ خلفَ متاريسٍ
من خجلٍ شرقيُ الشانِ
فلعلَّ المنفى يهضمنا
وعساهُ الوجعُ الألماني
ألمانيا 2007
4/ كيف ومتى تركت العراق ولماذا اخترت ألمانيا بالذات للعيش بها؟
بعد انتهاء الحرب المدمرة الأخيرة سنة 1991 وبدء الحصار الظالم على العراق قبل ذلك بعام، ضاقت سبل العيش وتدهور سعر الدينار العراقي ولم يعد الموظف في دوائر الدولة قادرا على توفير مستلزماته فبدأت عدة سفرات مكوكية إلى الأردن بحثا عن فرصة عمل أفضل انتهت بزيارة إلى ألمانيا بعد أن تلقيت دعوة من أخي المقيم هناك منذ عشرين عاما والحاصل على الجنسية الألمانية وكان من المفترض أن أبقى هناك ولكنني كنت قد تركت زوجة وولد وبنت كان من المستحيل أن يلتحقوا بي قبل مضي سنوات طويلة لذلك عدت للوطن وحاولت مقامة كل الظروف حتى قبيل نهاية عام 1994 حيث وصلت لطريق مسدود بعد أن هجرت مهنة التعليم واشتغلت بمختلف أنواع الأعمال الحرة آخرها سائق سيارة للأجرة بعد أن حولت سيارتي الخاصة لتفي بالغرض ولم ينفع الأمر أيضا لذلك قررت السفر مجددا وهذه المرة إلى اليمن عن طريق الأردن حيث عملت في أحد شركات الدواجن كمدير لأحد حقول الدجاج البياض وبعدها تعاقدت مع كلية الطب والعلوم الصحية لتأسيس قسم لحيوانات التجارب المختبرية في الكلية ثم زارت صنعاء لجنة علمية متخصصة من الجماهيرية الليبية تطلب أساتذة لمعاهدها هناك فكان أن وفقت في التعاقد معها وسافرنا عن طريق الأردن ثم تونس فليبيا وفي العام 2000 أرسلت عائلتي التي كانت تصحبني إلى ألمانيا بعد رحلة غريبة عجيبة يصعب شرحها وفي البداية صدقا لم نكن نقصد ألمانيا بالذات بل بلجيكا لسهولة لم الشمل فيها ولكن القسمة وحدها حكمت بالإقامة في ألمانيا هي صدفة محضة لا أكثر وبعد عام كامل التحقت بالعائلة بطريقة لا تخلو من الطرافة ربما تسنح لنا الفرصة في وقت ما للحديث عنها إنما كانت عبر باريس.
5/ هل لك محاولات بالشعر العامودي؟ وان كانت توجد أتمنى إمدادنا بإحداها!
كثيرة هي محاولاتي مع الشعر العمودي مع أنني أفضل الشعر الحر ولكن القصيدة هي التي تفرض نفسها في كل الأحوال وقد اخترت لك هذه القصيدة من واحة الكفرة عساها تعجبك:
ياسمين
وفاتنةٍ رأتها العينُ وهجاً
تربّى في لظاهُ الاحمرارُ
فأحدثَ وهجها عندي خراباً
جداراً كنتُ فانهدَّ الجدارُ
فقلتُ لها: أ أنتِ النارُ تسعى؟
ومِنْ مثلي يؤججهُ الشرارُ
ألا رفقاً فهذا الدربُ أبغي
و جونُ اللـيلِ بدّدهُ النهارُ
ففي (دار السلام) تركتُ قلبي
فسابـقني إليكِ فهلْ يجارُ
عفيفاً جئتُ ملتحفاً وقاري
فلمّا جئتِ فارقني الوقارُ
فقالتْ لي: أمنْ (بغدادَ) تأتي؟
منارُ الخلـدِ فيها والعِمارُ
هنالكَ معبد العشّاقِ صرحٌ
وما عـندي يخالطهُ الغبارُ
أنا في تربةٍ سمراء أنمو
وأعبقُ عندما تحلو الثمارُ
فدعْ عنكَ الهواجسَ لستُ نوراً
أنا زهرُ البريّةِ والقفارُ
فلو ترنـو إلـيَّ ترى عروقي
ولو حدقّتَ في جذري تحارُ
فقلتُ لها وفي الأحشاءِ نارٌ
عرفتكِ دلّني هذا الحوارُ
فأنتِ الياسمين فدتكِ نفسي
تحدَّثَ عنك عندي الجلّنارُ
أتيتُ بلادكم وسلوتُ نفسي
تعبتُ وهدّني ذاكَ الحصارُ
وكـنتُ أرومُ وصلاً غير إنّي
أخافُ القوم إنْ عبسوا وثاروا
فإنْ خبأتني بين الثنايا
يغازلكِ القصيدُ لكِ القرارُ
وإنْ طابَ اللقاء فدثّريني
ولا تخشي عليَّ إذا أغاروا
فداءُ الحـبِّ قرباناً سأغدو
وهل للصبِّ إلاّ الانتحارُ
دعيني ألثمُ التيجانِ حتّى
أعبُّ النسغَ يأخذني الدوارُ
فيسقيني الهوى خمر البراري
يدحرجني لجنّتكِ العقارُ
فقالتْ: إنْ أردتَ تعالَ ليلاً
سيستركَ الظلامُ هو الستارُ
لدى قومي الغريبُ يموت غمّاً
وما للصبِّ إلاّ الانتظارُ
على عجلٍ تقبّلُ وردَ خدّي
يدثّركَ احتوائي والإزارُ
وحاذر أنْ تـنامَ وأنتَ عندي
وعاجلـني القصيدَ هو الخيارُ
تطيبُ النفس يعبقُ كلّ عطري
فتعشقهُ ويعشقكَ الدثارُ
الكفرة ٢٠٠١
6/ ما هي اقرب قصائدك إلى قلبك ولم ؟
أنت شاعرة وفنانة كبيرة، وتعلمين تماما أن قصائد الشاعر مثل أبناءه ومن الصعب أن يفرق بين أي منها حيث أن لكل قصيدة ظروفها ومخاضها العسير أثناء الولادة بغض النظر عن متانة القصيدة وموضوعها. ولكن بالتأكيد توجد بعض القصائد يعتقد الشاعر أنها أفضل من غيرها، أو بتعبير آخر، أنها استطاعت أن تجسد موضوعها كما أحس بها الشاعر ساعة الصياغة وربما تكون تلك القصيدة ليست كما يعتقد الشاعر ويكون رأي القارئ غير ذلك تماما وكذلك الحال بالنسبة للناقد الذي يتناولها وبالنسبة لي، توجد مجموعة من القصائد أميل لها أكثر من غيرها لا سيما أثناء المراجعة أو تذكر الحدث . ولا أخفيك سرا لو قلت أنها تلك القصائد التي ترتبط بذكرى الحبيبة التي رحلت وما يزال كل شيء منها كامنا بنفسي ، نعم عاشت معي وستبقى أشعاري تتنفس أريجها مهما طال الزمن.والأمثلة كثيرة منها قصائد بعد الرحيل ، وتسأل عنّي، بلسمي، فانوسها، شوق، عند المساء، الشاعر المغمور، في الحلم، قد لا أرى الغد، الخسارة، من أنتِ، افرحي بجنازتي،وجهك رائحة الربيع، حورية البحر، ابنة عشتار،الزهور البرية وغيرها الكثير ولكن ربما كانت قصيدة الزهور البرية أقرب القصائد التي قصّت القصة شعرا وهذه هي كما رسمت:
عبرتُ المداخلَ نحو الجنوب
وكان المسارُ فسيحاً،
كمـا كانتْ الأمنيات
غريبٌ مع الليلِ أسري وبعضُ الصحاب
يشدّونَ أزري بدرب الأمل
يذودون عنّي خفايا الطريق،
بوقع القُبل
وكان الطريقُ طويلاً وصوتُ القطار،
طبولاً لحربٍ مضتْ
ولن يُستثار،
شعوري القديم إذا الليل عسّعسَ فوقَ الصدور
لأني شممتُ التمنّي
وأطلقتُ حلمي طيورَ الزواجلِ،
عودَ بخور..
عبرتُ المداخلَ،
كلُّ المداخلِ حتّى خلال القصب
وفي غبشةٍ رأيتُ الإوزَّ سعيداً،
بهِ الماءُ يزهو (بهور) العجب
جنوباً و يا ليتني سبحتُ بماءِ الملوحةِ،
ماءُ الغضب
لزالَ فتوري وكانَ القطار
سعيداً بمسراهُ حتّى النهار
قديماً عبرتُ..... نعم
فبالأمسِ كنّا حواراً لذيذاً،
لهُ ما لهُ من سمات
نعيدُ بقاياهُ في ذهننا المستعار
وذاكَ القطار،
سيسري إلى أنْ يحلُّ النهار
دخلتُ وكانتْ جميعُ الأمورِ،
كما ينبغي أن تُرى،
مثلما قد تصير
فهذي البلادُ خرابٌ ،
عوتْ في ثراها الذئاب
وأغّدقَ في سبيها المترفون
وذاكَ (أبو الشعر) رثَّ الثياب1
يديرُ قفاهُ لصوبِ العدى
مستكيناً كما نخلةٍ في العراء
و لكنَّ كلّ الشموخ تجمّهرَ فوقَ الجبين
وما زالَ صوتٌ بموج الخليج
كعرسٍ بهيج
يصيحُ بالخليجِ: ( يا خليج....)2
تذكرّتُ أنَّ العبورَ مساري ،
فثارَتْ شجوني وكنتُ حزيناً
وأجَّ النشيج
أيا ( بصرةَ) الخيرِ ماذا جرى؟
أماتَ (بويبٌ) أم أنَّ الثرى،3
تمطّى بـ (جيكورَ) عند الصباح 4
وأنَّ الرفاقَ الذين استفاقوا،
يغطّونَ في النومِ قبل الرواح
يسفّونَ من تربةِ القبرِ طعمَ المطر 5
بلا حلم ليلٍ ولا مُستَقر
وإنَّ الهشيمَ حصادُ العيون إذا ما استبيحت
حصاد النواح..
نعم قبلَ عامٍ مضى واستراح ،
تسامرتُ يوماً بنارِ اللظى
وكنتُ مُجّداً كما زاخرات الحديدِ،
تجوبُ الشوارعَ تغزو البيوت
تنامُ على غارقاتِ السفن
فصاحَ الخليج
كمن يستغيثُ بعابرِ دربٍ
فأجَّ الأجيج
بداخلِ صرحي،
إذْ استحوذتْ من نشيجي مكاناً قصيّا
كأنَّ الثريا،
تغوصُ بنفسي وتزرعُ شيّا
وما أتفه الجملة التاليةْ
فلا وصف: أحلى الجميلات..يكفي
ولا أشّعرُ الشعرِ بيتُ القصيد..
خليجٌ سما فوقَ كلِّ الخصوماتِ،
رحبٌ فسيح
رستْ فيهِ نوق البواخر..
نسيتُ التداعي لديها
فصارَ الخليج،
بأمواجهِ المرّة السلسبيل..
وباتَ الهشيمُ،
صروحٌ علتْ في المكان الصحيح
فهذي الجميلةُ من عينها يستجمُّ القبيح
أتتْ ، رغم إني بقيتُ بليداً أمامَ الجمال
إذا ما المساءُ استضافَ (مقامَ) المديح
وما أسعد الوافدينَ إليها،
وما أكثر المغرمين..
تـعالتْ بجوفي جميعُ الملمّاتِ،
يا ليتني ما أتيتُ لتلكَ الممرات كي أستريح
ويا ليتَ حلمي احتواها قبيل القدوم
و يا ليت ما قلتُ : ليت
لتبقى القروح
رموزاً لمعنى الهموم
ويا ليت ركبُ القطارِ توقّفَ ،
عندَ الإوزِّ السعيد..
لأنَّ النضارةَ لا تلتقي والهشيم
وكنتُ الهشيم بتلكَ السفوح..
قطار البصرة النازل تشرين الثاني 1988
1: هو بدر شاكر السياب
2:عن قصيدة أنشودة المطر يقول السياب ( أصيح بالخليج يا خليج
يا واهب اللؤلؤ والمحار والردى
فيرجع الصدى
كأنهُ النشيج
يا واهب المحار و الردى)
3: بويب أحد الأنهر الفرعية الذي يستقي من شط العرب
4: جيكور القرية التي ولد وعاش فيها السياب رحمه الله
5:نفس القصيدة يقول (وإن تهامس الرفاق أنها هناك
في جانب التل تنام نومة اللحود
تسفُّ من ترابها وتشرب المطر
كأن صيادا حزيناً يجمع الشباك
ويلعن المياه والقدر
وينثر الغناء حين يأفل القمر)
7/ ما هي أقسى التجارب واللحظات التي تعرض لها الأحمد؟
حسنا فاتن، بدأت هنا بالتجارب القاسية، وما أكثرها.. بحيث بات من الصعب على تجميعها في لحظة واحدة وربما ليس عليّ تذكرها بكل تفاصيلها بقدر أن أجعل أشعاري تتحدث عنها لكان أجدى.. وسوف أمر للتو على سيل تلك الأشعار عساها تسعفني وأجد مخرجا مناسباً.. ولعل هذه القصيدة كانت أهم وأقسى تجربة بحياتي بغض النظر عن التفاصيل فيومها قررت الرحيل للأبد من العراق ، بعد أن اسودت كل الصور..
صعب هروب الرجال
قطْع حبال الصلاتِ
لم يبقَ في العمرِ آتِ
مـزّق سكون الليالي
دقّـاً على الناقراتِ
وامرحْ فما من بقية
باتتْ لدينا، أو منيّة
هزّتْ صوان الحجارة
فاضحك فما من قضية
تـبقى علينا عصيّة
لم يبقَ غير الإثارة
في ما تصوغ العبارة
اضحك إذن لا تبالي
دمّر سكون الليالي
هذا الذي قد أتانا
حقدٌ مـقيتُ السمات
الحبُّ لم يدن منهُ
ما عــلّـمـتهُ الحياة
صلباً أتى أم فتات
قـطْع حبال المودّة
وانصب جداراً وسدّة
مـا بيـن قلبٍ عليلٍ
عافَ الهوى واستعـدّ
أن يرتحل لا تصـدّه
الهجرُ حلٌ جميلٌ
الهـجرُ حدٌّ لحـدّه
قطّع إذن ما تبقَّ
من كلّ تلك الحبال
مـزّق ولا تبقِ ثغرة
في الذهنِ أو في الخيال
صعبٌ هروب الرجال
صعبٌ أليمٌ مُحال
فارحل ولا تلقِ بالاً
للجنبِ أو للوراء
إنّ اجتياز الصعاب
درسٌ كما الكبرياء
وهو امتحان الرجال
بالصبر لا بالبكاء
حاذر ستنسى الهموم
هذي فنونُ الأفاعي
لمّا تتـمَّ الهجوم
قاسي لتبقى قوياً
تستطيع حصدَ النجوم
هذي همومٌ هموم
قطـّع بواقي حشاها
فهو الهجوم العزوم
بغداد/ تشرين الأول 1994
موقف آخر كان صعبا للغاية، ألا وهو رحيل الأم الحنون، ففي ذلك اليوم بالذات كانت صغرى أخواتي في رحلة شهر العسل ، وتحديدا بالقاهرة .. يومها لم أقو على فعل شيء أو كتابة شيء ولكن ذلك أتى لاحقا بعد رسالة تلقيتها من أختي تلك فكانت هذه القصيدة..
حمامة
« كانت ترفل بثوب عرسها بعيداً، والأم ترقد على فراش الموت، وليتها انتظرتها ولو قليلا »
حمامةٌ
أمْ بـطّةٌ سبحتْ بجرّفِ الـــــشــطِّ
في الـمقلِ الشقـيّةْ..؟
صورٌ تخـطّـفها الضياع ُ فعادني
ألقٌ يجـــسُّ النبضَ في غرفي الخفية
يقسو ويـغرسُ خنجراً في أضلعي
و يباتُ طفـلاً عــنـدَ أذرعها الشهيّةْ
الـبسّـمة السمراء والحبُّ الذي
أودعتهُ تحــتَ التراب ِ هيَ البهـيّةْ
صُــليتْ بنارِ الاحتضارِ ، يلوكها قلقٌ ،
أترجـعُ مهجتي، تلكَ النديّةْ
من أرضِ مـصرَ، أضمّـها وتضمّنــي
و نضـمُّ صرحاً فارقتهُ الأعظميةْ؟
في ليلةِ الصبرِ العميقِ يلـفّني الشـللُ البـليدُ،
وما تكشّفتْ القضيةْ
صَـلّـيتُ والحدقات نارٌ والدجى بلـلٌ،
وصوتُ أبي تهجّدَ في العشية:
( يـس . والقرآن الحكيم إنّـكَ لمن المرسلـيـن على صراطٍ مستقيم )
فاضــتْ بها الروحُ التي أوفتْ عهودَ الله
وانطلقتْ بنا سحب المنيّة
.................................
يا و يحهـا الريحُ التي هبـّـتْ
تصّـرصرُ نعــيها
نَـعْقَ الغراب
تنعى الغيابَ وترتدي
سفري ومحرقةَ اكتئابي
لو إنّـها عـادتْ بثوبِ العرسِ،
لانتفضَ السريرُ وضمّــها عبق الترابِ
لـو إنـّها عـادتْ قبيلَ سويعةٍ
لتربّعتْ بالحضنِ مـن قـبل الرحيلِ،
إلى مدن اليبابِ
ما بالها الأنفاس،
كـيـف تقطّعتْ؟
لمَ لا تــعودُ كنسمةٍ عذراء
تُثلجُ لاهباً فـي صيفِ آبِ؟
هي لحظة،ٌ
وتمرُّ فــي دهرٍ
وينقطعُ المدى،
خــيطّ السرابِ
بغداد 1975
8/ ما هي اجمل الذكريات التي لا زالت تترنح في ذاكرتك؟
سؤال شامل واسع، فما أكثر الذكريات الجميلة على مر هذا العمر لا سيما تلك التي عشتها بين أحضان الوطن الدافئة مع الصحبة والأحبة الذين تناثروا بين بقاع الأرض أو ضمهم الثرى . وهي مسيرة طويلة جدا يا فاتن لا أدري كيف أختصرها ببضع كلمات ، وعن أيهما أتحدث فمنها تلك الساعات التي كنت أقضيها مع رفاق الدرب والكلمة كل عصر خميس في حدائق قناة الجيش القريبة من منطقة المشتل ببغداد وكنا فتية في مقتبل العمر لم نبلغ الثامنة عشر بعد ، وكان كل منّا يعد ما يعده من نصوص له شعرا ونثرا نقرأها بيننا ونحاول أن ننقد الضعيف منها أو نثني على النصوص المتميزة وأذكر من هذه الأسماء النقيب محمد الأمامي الذي استشهد في المحمرة رحمة الله والشاعر علاء العبادي والمقدم مقصود الجلبي الذي هاجر إلى نيوزلندا والقاص محمود النعيمي والناقد علي فيصل حجاب والرحالة محمد عبد الغفور المشهور باسم محمد بطوطة وهو الوحيد الذي ما زالت صلتي به قائمة لحد اللحظة والتقيت به في آخر زياراتي لبغداد مطلع هذا العام. كانت تلك اللقاءات تستمر حتى ساعات متأخرة من الليل كلها تنصب على الأدب بكل صنوفه وكنا نسميها مهرجان الخميس ولها يعود الفضل الكبير في الاستمرار بالعطاء ومتابعة ما يدور في ساحة الأدب محليا وعربيا ولاحقا انضمت لنا نخبة جديدة بعد أن أصبحنا في الجامعات وجاء كل منا بأصحاب جدد ومنهم الفنان التشكيلي أحمد الراوي ابن الرسام العراقي الكبير نوري الراوي والشاعر الشعبي محمد بندر وحميد ساجت الشاعر القاص الجميل الذي هاجر إلى أسبانيا ثم كندا وأسماء كثيرة أخرى.ومن قصائد ذاك الزمان اخترت قصيدة خيال الرؤيا التي كانت أكثر القصائد شهرة لدى الصحبة:
مدى شوقي،
عميقٌ في الحشا دقّتْ مساميره
وكالمخمورِ كان دوار إكسيره
هنا في مخبأ الذكّرى
أشدّ سواعد الذكّرى
أطوف بحار أسفاري
بعمق المبّسم الملسوع بالنار
بجوع الصائم الخاوي ،
أحنّ إليك يا داري
هنا والليل مشلول الخطى وكأنّه جبلٌ
ذكرّتك في حفيف أشعاري
ذكرّتك والنوى آه توسّدَ فوق أمتعتي
تمرغّ في غبارِ الصحو من أجواءِ أنفاسي
ترامى في قرارةِ مسّجد الأحلامِ ،
في أفيون إحساسي
فمن عمري
قطفّت مقابرَ الأبعادِ ،
ما استوقفتُ أفراسي
ذكرّتك ِ،
أنتِ كُنتِ دمي وحبّكِ كان قدّاسي
ذكرّتك ،لا .......
ما أردتُ الخوضَ في الذكرى
ولكنْ لوّعةَ الذكّرى،
خريفُ العمر للناسِ
وفي المنّفى
ألفّ تبوغَ عمري في يدي لفّا
وأحرقهُا حنيناً رائقاً صرفا
فهلْ زارتكِ محرقتي؟
وهلْ مرسالها كفّى ؟
أنا أسرفتُ في رحلي
وقرب الروحِ ما وفّى
أريدُ عصيرَ ما تحوين من قلقٍ
أريدُ مزاجهُ حرّا
أريد صبابةَ الأشواقِ من أعنابكِ خمرا
أريد .......،
أريد جرّك في دمي جرّا
أريدك ِأنت لا الذكّرى..
سواقي الأمس أشواكٌ تحيطُ رؤوسها شفتي
وتدمي أذرعٌ كنّا شبكناها ،
سويعةَ ضمّنا ركبٌ وما أسرى
فأذّكر لفح أنفاسٍ زفرناها
تلحّنُ قصّتي شعرا
فأسّكبُ دمّعةً حرّا
سواقي الأمس ، أواهٌ ،
إلامَ البعدُ لا يأتي بأيامي
إلامَ ربيع ُذكّرانا
يرصُّ صقيعَ أيامي
إلام أضلُّ والذّكرى
ينامُ الخلقُ في رغدٍ
وجسمي في الحصى يركع
متى يا زورقي السكران قد نرجع ؟
متى ؟
ويلفّني التيّار أنساكِ
متى…
يا عمر فأذّرع شارع الأشواك وانسيها
متى..؟
لا تفزعي سأضلّ أهواكِ
عميق في الحشا جرحي
عميق عمق عينيكِ
عميق ما استطعتُ الغورَ في ديجورهِ النائي
حنيني كنت قد جمّعته دهراً
هدية عرسَ لقيانا
هدية....؟
ما ستهديني أنا الآخر؟
ستهديني حنيناً برعماً أخضرْ
كبيراً كبر قلبينٍ
بديعاً،
أوه لا تصغي
كثيراً أبصرُ المنورْ
*
سراويلُ الحنينِ طويلةَ الأشواقِ،
يا زرزورَ أعوامي
كأقمار الربيعِ كثيرةُ الإشراقِ في أجواءِ رسّام
حنيني ما أقول لكِ
حنيني جدّولٌ يسري
حنيني موّقدٌ أخّاذ بالجمّرِ
أخاف عليك إنْ أفرغتهُ ورداً،
يكوّي ورّدَ خدّيك
سأجّمعهُ،
ألمّلمهُ،
أكّدسهُ
كزادٍ آخر العمرِ
حبيبة آخر العمرِ
تفتّتَ في الصدى حسّي
تلوّث في غبارِ الصحو،
في أنبوبة الرمسِ
فبعدكِ أفزع الأشباحِ ،
يأتيني ويفزعني
فأهربُ من رؤى نحسي
بلا لقيا،
بلا عرس
هذا على نطاق الصحبة أما على النطاق العاطفي فأكثر ما يستحوذ على ذهني من ذكريات تلك التي ضمتني بها البصرة الفيحاء وخصوصا في جزيرة السندباد، ذلك المكان الساحر الذي كثيرا ما تنزهنا بأنحائه.. كذلك رحاب جامعة البصرة وضفاف شط العرب ولي فيها مجموعة من قصائد ربما لو جمعتها معا لصارت أكثر من ديوان وهذه مقاطع من بعض القصائد :
وفي البصر ةِ كان الحبُّ يزخُّ كما الأمطار
يتكوّرُ كالأرضِ نزولاً،
أو يتمرّدُ كالإعصار
هو بعض جنون البشرِ المتفشي،
يتدفقُ بيني من خلف الأسوار
وهنا دوّنتُ الأقصوصةَ ،
عن حوريةِ بحرٍ لبستْ ثوبَ فتاة
منطقها أسلمُ من منطقنا
و حلاوتها أكثر من طعم السكّرِ،
قدسيتها جبل العرفات
أحبّتْ يوماً دنيانا المعمورة بالأسرار
فانسابتْ ظلاً أرضياً ،
نلمسهُ ضوءاً ينسلُّ من الأقمار
من قصيدة حورية البحر
رتاجٌ يوثّقُ ما بيننا
وما في الخفاءِ عظيمٌ
على أعرف العارفين
وقد آن أن تستريح الجراح
على الرغم من نشوة الخافقين
أرانـي اعتزلتُ الحياة
أراني تعجبتُ من فرحتي
ودوّى بسمعي صدى صرختي
لقد حان وقت الرحيل
وغادرَ عرش الوداد الجميل
عجيبٌ وليس عجيباً نواح الجراح
بما ينتهي من أقاويل حبٍّ غريب
علاهُ الغبار وصار النحيب
سقوف العرايا على النفس إذ تستباح
فيخمـدُ بركانها المستديم
ويخمدُ فيهِ انـصهارُ الحجر
من قصيدة قد لا أرى الغد
لياليـكِ في البعد أحلى من الاقتراب
فأنتِ تعيشين عندي هنا مرّتين:
بـذكراكِ مرّة ،
وعند الغياب تعودينني بانتظام
فأحلمُ لمّا التقينا قديماً
كريمٍ رمتني بسيل السهام
ولـمّا شدوتُ القوافي بروح الشباب
وقاسيتُ كـلّ الهمومِ كما المتعبين ،
ينامون فـي الدربِ عند الغروب
وجدتُ رحيقكِ شهدُ الحياة
فأنتِ معي يحتويني الجمال
وأنتِ الأغاني بصبحٍ طروب
لذلك أبقى أحدّث فيكِ الربيع
إلى أن تزول حياة الكهوف ،
ويكسو النباتات ثوبٌ جديد
من قصيدة عند المساء
فاتن دراوشة
24-05-2013, 05:27 PM
الحارس الخشبي
أحمد حسين أحمد
لا أثرٌ تبقّى في طريقِ الرجعِ،
لا شجرٌ على ممشى مسالكها يدلُّ إلى اتجاه الربع
تعمّدتْ أيدي الرياح خرابها،
وزوابع الأمطار تغتسل الدروب
وخطاكَ في الأفقِ الفسيحِ مذلّةٌ،
تتآكل الأشجار من عصف الهبوب
لا مأوى، ولا فتحت كهوف الغاب أذرعها،
فنمْ ما بين منتجع القصيدةِ وابتداء التيه..
زفراتها رجعُ الصدى،
وعويلكَ الخابي اصطفاق الريح
ما حطّتْ بقربكَ بجعةٌ،
أو فرَّ من شفتيك شحرورٌ فصيح
عبثاً تهادن فرحةً
ورداءك الحالي سكاكين الكروب
طلٌّ يهفُّ عليكَ من وجهِ الصباحِ،
وأنتَ مرهونٌ إلى سحبٍ سكوب
والماء يجري تحتَ نخلاتٍ عجافٍ
ما حملنَ بتمرةٍ أ فترتجي وقتَ القطوف؟
الكوكبُ الأرضيُ دارَ كمغزلٍ،
في جيبكِ الخاوي فمن أين النقود؟
تأتي، وأنتَ الساهمُ المحموم تكنسكَ المقاهي للمقاهي،
والحدودُ إلى الحدود..
فعلام يستهويكَ دربٌ لا يعود
ومسالكُ الحمّى التي سطّرتها،
ترتجُ في جوفِ البراكين الخمود؟
سفراتُ " ماجلاّن" ، رحلُ السندبادِ،
دروبها، الـغاب الذي قطّعتَ،
ما انضمّتْ إليكَ بواخر الأحبابِ،
أو حملتكَ أمواجٌ إلى حضنٍ ودود..
تبيضُّ عينكَ في الكهوفِ،
وتوشك الأشباح تمتين القيود
إنْ كنتَ تسأل أو تعيد:
من أين جاءت بابتسامتها،
علامات التوسل ، حاجبيها معبر الأسرار،
للجسدِ البعيد..
فتعالَ نفترش المدى،
ورداءها الشفق الأكيد..
يا أنتِ يا دفئ المجامر في المكان
كيف انتشرنا في مدار الأرضِ،
كالثلجِ المعفّرِ بالدخان
في ليلة السبي الأخير ؟
اليوم أقفلت القرى أبوابها،
والحارسُ الخشبيُ منهمكٌ بمنصبهِ الخطير
أضلاعهُ العوج امتشاقةُ خنجرٍ،
ويداهُ دولابٌ كسير
يرتجُّ حين تمايلٍ وتطقطقُ الخطواتُ،
إذْ بدأ المسير
من كوّتي في الكهفِ أرقبُ كرشَهُ،
يهتزُّ كالبطِّ السمين
يمشي، وتنبحني كلابُ مسيرهِ،
إنْ رمتُ عَوداً بالخيالِ إلى مكحّلةِ العيون
أوراقي الحبّلى بشوقي للنخيلِ،
وللشواطئ والجنون
أضغاثُ أحلامٍ سَأَمتُ حريقها،
وسَأَمتُ ترتيل الشجون
يمتدُّ برقٌ من شفاهكِ يخطفُ الحمّى،
وينتهكُ العيون
يدعو منافذ عزلتي للطينِ في الجرفِ الحنون
يا آه يا شطَّ الحياةِ،
ويا طفولةَ جريهِ بين الأتون..
الآن أدركتُ التصدّعَ،
منذُ أنكرني طريقُ العَودِ ،
والبجعُ المهاجر صوبَ حضنكِ والبقاع
أسرابهُ المتناثرات مراكبٌ عبرتْ خطوط تخبطي،
وبلا شراع
الآن أحسستُ القطيعةَ،
واعترتني الصبوة الأولى إلى الوطن المُضاع
يا آه يا تلك البقاعِ على ضفافِ الدجلتين
فيها ولدّتُ وعندها يا ربُّ ، فليأتي الوداع
ألمانيا4/12/2008
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=33244
فاتن دراوشة
24-05-2013, 05:32 PM
للحب وأشياء أخرى
أحمد حسين أحمد
تطــلبني حبيبتي للمرّة الأولى على الجـوّال
تسـألُ عنّـي لحظةً ، ..... وانقطع السؤال
..............................
وأعلمـــتني الــريحُ أنّــها مريضةٌ
بالحبِّ ما تزال
وأنّهــا ستهــربُ اللـيلة من حرّاسها لتعبر الجبال
صعـداً إلى القلبِ وأرض الحور
فأمطَرَ القلـــــب عناءً وانجلى المستور
دوّنتُ عشقي فـــوق ســـنديانةٍ عتيقةٍ كانت بلا أوصال
فـي الـــــغابةِ السـوداءِ بعد الغزوِ
أنقشُ المحال
مستذكراً آشور بانيبال
وجحفل الجنود بين نينوى والسور
يسوقُ قرص الشمس بالأغلال
وآخر الأطلال
رأيتُ قاع النهر ينزع العبيدَ والجواري الحسان
ســمعتهم في صوتها المخنوق بالجوّال
يــبكون بالمجّان
يـرتّلـــون حـــزن عاشقٍ راودهُ الغندور
ترنيمــةَ الـنسّـاكِ في آشور
فأرعدت في جسدي بوابة العصور
وسَــرَّ في أذن الندى مصراعها الرنّـان
أنّ الهوى مستترٌ في نيسم اليخضور
لنهرب الليلة يا حبيبتي
فالملك الـمـخلوع في آشور
منتهكٌ مأسور
وفرّت الغزلان للصحراء
والغربان
نامت على منابع الغدران
وافتُـتحــت مــــنابرٌ للقتلِ بالساطور
وانتشر البعوض في البستان
لنهرب الليلة َ قبل مصرع الديجور
فالحبُّ بعد السبي ممنوعٌ وبثّ الشوق ،
جريمةٌ يطالها القانون
والقمرُ العرجون
ألقى به الأغرابُ في غياهب السجون
لنهـــــرب الليلة أو نضلّ في العراء
أو تطلبيني مـرّةً أخرى على الـجوّال
عساهُ يغنينا عن الترحال
ألمانيا ٢٢/١/٢٠٠٦
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=11458
فاتن دراوشة
24-05-2013, 05:37 PM
عيناكِ البجعات البيض
أحمد حسين أحمد
كي أعبر وجهَ الصبحِ،
تجسّدتُ هناك قصيدةَ شعرٍ في عينيها،
تنظرني وتراً مـشدوداً لم يحترف العزفَ،
و لمّا أثمر بعدُ مخاض الشهر التاسع..
فرَّ البجعُ المهووس بعشقِ طيور النورسِ،
للبحر الشاسع..
خجلى نزهتكِ البحريةُ في مائي،
لم ينحسر المدّ،
ولا عاد البجع الأبيض من عرض البحر،ِ
تمشّطني الشمسُ الذهبيةُ في خديكِ،
بقايا نسج لامع..
يا هذي البجعاتُ المهووسةُ لا ترتعشي،
يأتي الصبحُ نديّاً يركبُ خيلَ الريحِ،
يصففُ روحي القدح الثلجي نهارا،ً
في مرمى عينيها كالبَرَد الناصع
صبحٌ كالوشمِ يعبّدني في منزلقِ النهدينِ،
تنامُ القارورةُ والناطورةُ والشمسُ المسحورة،ُ
كالطفلِ بحضنٍ واسع..
أيُ جنون يدركني ،
الرقصُ على أرضٍ هشّة..
لن يسحب من تحتي قشة..
كنـتُ بنيتُ قراي بغابِ قريحتها،
تقرأني شعراً خمرياً عـتّقَ في دنٍّ ساقع..
أسمعُ صوتَ هبوب الريح على ممشى أهدابكِ،
تفتتح الغابات بفسحة روحي المأزومة،
من بؤبؤ عينيكِ وحتى طرف الشارع..
عيـناكِ البجعاتُ البيضُ تطاير حولي،
وأنا السمكُ البحريُ يخضّبني ماء الملح،
فأطفو كالضوءِ الساطع..
قد ينتشر الضوء ظلاماً في المدن المهزومة..
تلك ملاعب عصف الريحِ،
وهذا جرف الشفق الفاقع..
يظهرُ بعد حدود الروح
وروحي جرّةُ فخّارٍ مكسورة..
لو تدرين بأنَّ همومي تستلقي،
في مهد الليل لكنتِ القمر الفضي،
يسامرني ويلمّ الوجع الأزلي بضلعي السابع..
لكنكِ والوقتُ نهارٌ تفترشين الظلَ،
وتنزلقين مراراً تحت دثار الرغبة..
لمّي أهدابكِ عن وجهي،
لا أقوى تقبيل الطفل النائم فيها
أو فوحي عطراً وانحسري عن بحري
عيناكِ البجعاتُ البيضُ تخوضُ مياهي
تلفحني الريحَ فتخطفها مني الأنواء
وحدكِ أنتِ تخوضين جراحي
أرخى البحرُ سحاب الشوق على شاطئ وجهي
وأدارَ الدفّةَ ربّان العشق إلى مرفأ عينيكِ،
تعالي نقتلعُ الصاري ونغوصُ إلى أعماق النزف
كانت باردةٌ أمواج فراتي حين احتضرتْ،
بعدَ مخاض الشهر التاسع..
هل أدركتِ الآن جنوني الرائع؟
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=32988
فاتن دراوشة
24-05-2013, 05:42 PM
رسالة لقارئة السطور
"تضامنا مع صاحب الحذاء: منتظر الزيدي"
تهدّل الفجرُ على أقبيتي ،
يبتاع خيط النور..
وكنت ما أزال أرتمي في لجّة الظلام ،
أستحم بالبخور
أكتبُ أبجديتي فوق خطوط الشفق الوردي والغيوم
تلك التي تنام عند ساحل الأفقِ،
على مشارف الوجوم
أكتب دون ريشةٍ عامرةٍ بالحبرِ،
أو مسّودةٍ من ورقٍ محموم
خلاصة الهموم
فالليلُ في الغاباتِ يستلقي على أريكة السحاب
ويبعث الرهبة والوجوم،
يجرّني من ياقتي لعالمٍ مهجور..
أنا وعازف الناي على مقربةٍ من شاطئ الفرات
من ألفِ عصرٍ جاء يرتدي خمارهُ المسحور
عيناهُ نجمتان تلمعان،
تحكمان عالمَ الموات
رأيتهُ ، وكانت المدائن الكبيرة
تغطُّ في النومِ إذا ما لاحها الديجور..
فتحتسي أنوارها الأخيرة
والموت والجذام..
وعندما تصحو،
يكون قدّ مرَّ على بوابةِ الظلام،
سيلٌ من العصور..
*
أكتب من خلف حدود الشمس ،
رسالة تحملها الطيور
إلى التي ستقرأ السطور:
"عشتارُ " والسماءُ والصحراءُ والنجماتْ،
أسرنني ، ونخلةٌ وحيدةٌ في آخرِ الواحاتْ..
أبرقن حلمي حمرةً حطّتْ على خدِّ الشطوطِ،
وناعسِ النايات..
ما بينَ " دجلةَ" والمها وتنفّس الآهات..
والدرّة الأم التي أودعتها معشوقتي،
وبوادر المأساة..
تلك التي ما همها عشقي ،
ولم تعترِها النوبات..
في هذهِ الليلةِ أسترجعُ دربَ النفي والحمّى،
وأستصرخُ ربَّ الجند..
من قاع بئر الموت في معمورة الأطلال
فما الذي كانت ولادةَ موتهِ نفياً،
بلا أهزوجةٍ يمشي ولا موّال؟
لو علمتْ قارئة السطور..
كيف تسفُّ هاجسي بواطن القبور
وكيف تنبثُّ خيوط الشمس من رأسي،
إلى مدائن الخوف التي حاصرها المحظور
تخترق الحرّاس والجنود بعد حاجز المنطقة الخضراء
هناك حيث هبَّ صاحب الحذاء،
منتفضاً بوجهِ أفعى الحقد والشرور
فترعد السماء
من بعد رميتين رعدة القتال
فينهضُ القتلى عرايا دون ما أكفان
يستجلبون القطر للمكان
*
حاصرني جنود " بانيبال"
ذاك الذي قيّدَ قرص الشمس في قرطاسهِ ،
والقمر العرجون
في قاعة العرش معلقين رأس الملكِ المكسور
على أريكة الجلوس ، ثمَّ أحكموا الأقفال
قالوا، ولم يهدأْ نزيف الدمِ من شريانهِ المطعون:
الرأسُ بالرأسِ،
ونصف جثّةِ المأسور
تأكلها الغربان والنسور..
وما تبقى حصة الوحوش في الجبال
لكنني انسلخت كالأفعى من الجلد،
إلى خميلةِ النخلات
يصحبني "شاماش" صوب "بابل" المسوّرة 1
لأكتب الأشعار فوق جثّة الفرات
والعسكر الجديد والطاعون ،
حولي يقهقهون..
جاءوا من الغربِ،
ومن غياهب السجون
من قلب إعصارٍ من البحرِ ،
من الأدغال
تتبعهم كلابهم وشرّ جند الخلق
والعاهرات والخمور والأغلال
جاءوا محررين..
للأرضِ من سكّانها،
والزيتِ من قمقمهِ ،
و الماءِ من نافذة ِالغربال..
*
أسقطُ كالنيازك المهشمة
فوق سطوح الحي في "بغداد"..
مغطياً جرحي بملح الأرض والرماد
بحثتُ عن جاري ،
وعن حديقة الزهور
في آخر الحي ، فقالوا : غادر البلاد
وزوجهِ صاحبة الخمسين قدْ جنّدها " الموساد"
أما زهور الحي في الحديقة الغنّاء،
يقول شيخ الجامع الكبير:
مكانها حوائط الأسمنتِ والصخور
أكتبُ ما زلتُ إلى قارئة السطور
رسالتي المحمومة
لعلها تقرأ ما سطّرتْ ،
بدون أن يدهمها عساكر الحكومة،
أو قبل أن تباغت الأجواء زمرةً بحجّةِ التفتيش
فترجع الطيور،
إلىَّ دون ريش..
*
ألمانيا 14/12/2008ـــــــــــــــــــــــ ــ ــــــــــــــ
1. شاماش: هو شاماش شوموكن الأخ التوأم لآشور بانيبال ملك نينوى وكان حاكما لبابل القديمة 669 ق.م.حيث أنقلب على حكم أخيه وحاربه لأربع سنوات قبل أن يختطفه الموت.
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=33459
فاتن دراوشة
24-05-2013, 05:47 PM
خيول من ورق
أحمد حسين أحمد
1
من هنا مرّت خيولي ذات صبحٍ
فتلقّفتُ خيوط الضوء، فانسلَّ الصباح
فإذا بالزهرةِ الإكليلِ تحملها الرياح
ترصفُ الإسفنجَ في قلبي على مرمى البصر
لتداري النزفَ والحمّى،
وأشياء أُخر
آه .. يا درب المحطّاتِ،
وناقوس الخطر
كيف لم تُقرعَ قبلَ الغوصِ في الحمّى ،
وتـنّّين السفر..
كنتُ حينا أرتمي عند الفرات
لأغنّي..
لحمام الدوح أو حتّى صغار القبّرات..
منذ أن كنّا صغاراً ،
نكتبُ اللحنَ ونحيا الأغنيات..
ونغنّي ،
للبساتينِ نغنّي ولحملانِ الحقول..
مرّةً كنتُ أناجي الطير ،
مرّاتٍ على مهري أصول..
باحثاً عن وجهها الحلو الخجول
نافضاً عنها حبيبات المطر..
آه.. يا دوامة الدرب الطويل ،
كيف أسّستِ على صدريَ متراساً ثقيلْ
في عصور السبي والإرهاب والوطن البديلْ .
2
بدّدتني سبلُ العشقِ لبعضِ الملكات
فتهالكتُ على جرفِ السطور
أجلدُ الظلمةَ بالشعرِ،
وحيناً بالبخور..
ملكٌ للحبِّ مخلوعٌ وتاجي ترّهات..
فمتى يستيقظ الصبح الجسور
فأداري خيبتي مع خيطِ نور
ومتى يحملني الثور الخرافي المجنّح،
طائراً بي ساعةً في أرض " أور"
ملقياً بي بين حضن الأمّهات..؟
3
منذُ أزمانٍ يحطُّ الموتُ في وادي الفرات
عبثاً تحتجّ، أو تُبعثَ في الأرضِ الحياة
فالثرى نارٌ وتحت الأرضِ مخزون زيوت
وإذا ما انشقَّ نبتٌ ،
بادرتهُ الريحُ بالعصفِ ، وأشداقٌ لحوت..
مَنْ تُرى يقوى على الصبرِ،
ويحيا في بيوت العنكبوت؟
سقطَ الفارسُ في الميدانِ،
وانفكت مهاميز الخيول
وأنا ما بين جرفيها أغنّي وأصول،
بثيابِ الكهنوت
مرّةً وحدي،
وأحيانا معي بعض العجول..
حضروا من كلِّ صوبٍ من ألوف السنوات
كلّما زالوا تجّددِ نسلهم،
أو كلّما زيلوا تناسخت الفلول
آه.. من عقمِ التراتيلِ وصمت الكلمات
لم يزل حلمي وسحر الشرقِ أعمى،
وبقايا الكائنات..
4
أسرتني حلوتي حتّى القشورْ..
منذ أنْ كنتُ وإياها نغّني للعصافيرِ وللنهرِ الطهورْ
بين نهديها تدثّرتُ طويلاً،
والمها حولي يدورْ
قبل أنْ يهبط في ليلٍ هبوط الصاعقةْ،
مَلكُ الموت وجرذان جنود المحرقةْ
جلّهم من أرضِ "سامٍ" و خنازيرِ البلادِ المارقةْ
سقطوا في المدنِ الكبرى ، وبركانٌ يثورْ
فاستباحوا صفوةَ الطيرِ وثوبَ العاشقةْ..
حاضراً كان المساء
والتوابيتُ وحفّارُ القبور
والأفاعي والطيورُ الباشقةْ..
وحدها الحلوةُ،
كانت تتدلّى بحبالِ المشنقة..
وتديرُ العينَ للنهرِ ومَنْ قدْ يسرقهْ
وأنا كنتُ بعيداً،
في سهوب الغربِ ملتفّاً كخيطِ الشرنقة
5
وحشةُ الليلِ ، ومنفايَ، وأكوامُ جليد..
وبقايا أمنياتٍ سافرتْ عبرَ حدودِ النفسِ،
للزمنِ البعيد..
تمتطي خيلَ "المثنى " ،
وتصلّي في دواوين " الرشيد"..
تحملُ الآمال والآلام للعصر الجديد
عصر "هاروت" و "ماروت" ،
وأفراس السبق..
هكذا مرّت خيولي ذات صبحٍ لتصول
إنّما كانت خيولاً من ورق،
لم تعبر النهر ولم تتبع دقّات الطبول..
آه.. ماذا للأميرةِ ، حين تلقاني، أقول..؟
ألمانيا في
29/10/2008
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=32443
فاتن دراوشة
24-05-2013, 05:52 PM
رحى عينيكِ
أحمد حسين أحمد
رحى عينيكِ تسحقني
وتوشك دقَّ أضلاعي
ونافذتان باردتان تلفحني
تفتّق ثقب أوجاعي
كأنَّ حدائق الأمطار في عينيكِ تغرقني بلا رحمة
وجرن قرارها الحجري يأخذني إلى العتمة
فأذكرُ شطّنا ونحيبه الجاري
وأشياء عشقناها
تدثّر بعضها بالزنبق العاري
وملعبنا، ونخلة جدّكِ القروي تمطرنا بحلو التمر،
هل تدرين أنّي كدتُ أنساها
أما زالت كما تبدو؟
وهل ما زال بلبلنا يغرّد في محيّاها؟
*
ألا تدرين يا عصفور أفكاري
بأنَّي أول العاهات في الدارِ
وآخر من رماه الشرق غرباً دون أمطارِ
رحلتُ مهجّراً من قبل جرح الأرض مهزوماً،
وواجهت الهوى الغندور إعصاراًُ بإعصارِ
فيا أواه يا وجعي،
ويا ضعفي ويا مخسوف أقماري..
تظلُّ مجامر الأشواق موقدةٌ،
وحقلي دون أزهار
أديم الأرض محرقتي
وبردي شمسُ آذارِ
*
تفيضُ ربوعنا بعطورِ "عشتارِ"
وحضنكِ معبدُ العشاق أجَّ حريقه الناري
فيا أنفاق أشعاري
تعالي نفتحُ ُ الما بين من نيران حمّاها
ونحصد بعض بلواها
مدينتنا،
تغضُّ الطرفَ ، أحياناً ،
عن الأعداءِ وهي تزفّ ُقتلاها..
مخضّبة بحنّاءِ العروسِ أصولُ شكواها
صفيرُ الريحِ ، شذّبها،
وظلمُ القومِ سوّاها..
فلا هدأتْ قبيل العصف ،
أو سلمتْ معالمها من التخريبِ،
أنصاباً أقمناها
مدينتنا التي شبعتْ من البارودِ والموتِ
ومن حمّى غزاة الأرض وهي تزيد حمّاها
مدينتا التي قُلبَتْ ، وصار الفوق للتحتِ
خبرناها،
كذلك دائما، كنّا خبرناها..
فلا هجعتْ ولا نامتْ على أنغام قيثار
تدورُ عيونها أبداً،
كما الأفلاك في معمورة الباري
وأنتِ هناك تبتكرين فخّارا لموتاها
*
عيونكِ ترشقُ الملكوت بالبرقِ
عيونكِ كومة الأحجار في الطرقاتِ تستلقي
رأيتُ وميضها لمحاً،
يجادلُ صبرنا وحثالة الحكّام في الشرقِ
فما فُتحتْ لها باباً،
ولا أُخذتْ بيمناها
عيونكِ، وحدها الطلقات ترعاها..
يمرُّ العام بعد العام،
والطرقات مسدودة
وقالوا أنّكِ الأحلى برغمِ الجوع والموتى،
وقال البعض محسودة
فهل أقوى على بعدي وترحالي،
وتلكَ يداك ممدودة؟
صحا عفريتُ نومي وانتهى عاري
سأقصفُ معقل الأعداء من منفاي للدارِ
ولو بالريحِ والكلماتِ،
أو أشواك صبّارِ
*
ألمانيا
6/11/2008
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=32568
فاتن دراوشة
24-05-2013, 05:57 PM
إعدام الحبّ
أحمد حسيـن أحمد
أسىً فـي القلـبِ حطَّ أساهُ في نفسي
أسىً يؤذي
أسىً تتمزّقُ الأوصال من ديجورهِ التعسِ
فما مدّتْ لهُ الأيام أيديها
ولا امتلأتْ على أطلالهِ كأسي
أسىً يبقى لظاهُ يدّقُ في رأسي
ويسلبني فراشي في عزيز النومِ،
يحفرُ في الدجى رمسي
سرابٌ كانت الأشياء نلمحها
أقاويلٍ لمـفتونٍ تلّوعَ قلبهُ
والحبُّ منخورُ
بني في جذرهِ السوسُ
وعشْشَ عنكبوتٌ في وريقات الهوى
والساقُ مكسورُ
ولكـنّا عرفنا الحبَّ طفلاً
ينتشي في وجههِ النورُ
لأنّا محضُ أحجيةٍ
نمت في ذهنِ سلطان الهوى
والوصلُ مبتورُ
فمارسنا الهوى شعراً
وأنفقناهُ تمريناً على الحبِّ
بلا مللٍ مشينا في دروب الأرضِ
بـيّاعين للحبِّ
نحيلُ القفرَ أغنيةً
ونجعلُ من سنانِ الشوكِ غانيةً
فأنفقنا كثيراً من كلامِ الشعرِ
دجاليـن،
محتاليـن،
بياعين للحرفِ
فما أخضرّتْ بوادينا
ولمّا أزهرَ الدفلى رياحينا
مشينا نحو ماضينا
نقـولُ الشعرَ للخلفِ
ندقُّ الكفَّ بالكفِّ
كأنّا ريحَ تشرينِ
كأنّا قصةً كُتبتْ على الطينِ
وكان لقائنا صدفة
وكان عذابنا صدفة
كما تتصادم السحبُ
وتبرقُ من تصادمها عذابات الأسى،
والقطرُ ينهمرُ
تذبُّ عذابها مسكينةٌ نخلة
على سعفاتها
شدّو شظايا الحقدِ واعتمروا
على الإحباط عشنا عندما انتحرت أمانينا
وكان الشوق يُكوينا
زمان خراب ربعتنا
بُعيد لقائنا الأزلي
زمان تشتت الأفكار
والصورُ
تهاوى اللونُ في أشكالها
وتمرّد الضجرُ
أواخر قصةٍ للحبِّ
إذْ سُدّتْ منافذها
بما قد كان يسقيها
وبات الماء في واحاتها عكرُ
وبات الحبّ يغرق في مجاريها
علامات الأسى عنوان أشعاري
إذا ما خُطّتْ الأبيات من أصماغِ صبّارِ
إذا ما انداحت الأفكار
والنياتُ مسلوبة
عرفنا الحبّ، ما معناه،
أسلوبه
لأنّا لم نكن نفهم
ونجهلُ أكثر الأشياء
فتسقطُ أجمل الأسماء
من علوٍ،
ويهوي النجمُ مشنوقاً
بصبحِ العيدِ والثرواتُ منهوبة
تذبُّ عذابها نقمة
لمن قد مسّهم كالداءِ : إملاقُ
وما كانوا مجانيناً
سوى في أنّهم للحبِّ عشّاقُ
سوى في أنّهم ذهبوا ليشتاقوا
أحبو مخلصين الزرعَ والتربة
لأنَّ الأرض مختبرٌ
وما شعري سوى أنبوبُ مخبارِ
يقاتلُ زمرةَ الأشرارِ من دارٍ إلى دارِ
فهلْ كانتْ جميعُ مصائر الشجعانِ مكتوبة؟
يعاني الحبُّ من عشقٍ بلا أملٍ
وما أن يلتقي العشاق، ينتحرُ
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=19563
فاتن دراوشة
24-05-2013, 06:04 PM
بعد الفرار
أحمد حسين أحمد
مقدمة
الليل في المنفى كئيبٌ،
والنهارُ بلا قرار
وحدي، وتقذفني المواجعُ فوق حاويةٍ لنار
لا البيتُ يغني غربتي،
لا ليس ينقذني الفرار
أنأى بنفسي عن بلوغ الغيمِ،
من منفى إلى قبوٍ بغار
1
مرّتْ ليلةٌ،
أكملتُ رحلي غارقاً في الوحلِ،
صوب المارد الفرات
مستسلماً للريحِ والضباب
أحملُ قرطاسي بلا خريطةِ الطريق،
أو طارقةٍ لباب
وكانت الشطوطُ مستريحةً،
والنخلُ بعد( الزاب)،
يلفّهُ (المارينزُ) والذباب
وراقصاتُ المدنُ الجديدة
يرقصنَ للملوكِ والثعالبِ السعيدة
وآخر الكلاب
2
ما أروع المكوث في الشواطئ اللطيفة
ما أعمق الرموز في القصائد المخيفة
كنتُ بلا مترجمٍ وصاحبي القرطاس،
يحدّثُ الفرات والوسواس
عن مصرع الراقصة الخفيفة،
والعازفُ (الزرياب)
كان لصوصُ الليل والنهار عند شاطئ الفرات يسكرون
والجنرالُ القاتلُ المأجورُ في بواطن الحصون،
يغتصبُ المادون
في حضرة الخليفة
3
الليلُ في المنفى ،
وفي كلِّ الدروب
وريثنا الشرعيُ والمستوطنُ المندوب
جاء قرانا حاملاً بشارة
لكلِّ قطّاعِ الطريقِ،
أو مَنْ عاش في مغارة
أنْ أطلقوا السيوف في الأعناق
وقطّعوا الأرزاق
هذا هو المنطقُ والصواب
فهذهِ المدائنُ العابسةُ الكسول
تنتظر الإشارة
للنومِ في السرداب
4
جماجمُ الفقرِ لها مناسكٌ،
أحلامها تباتُ في محارة
5
أعودُ من ممالك الضباب للنهرين
أعودُ بعد أن توشّحتْ وسادتي بالدمعِ،
واستعبدني التنين
أعودُ للنورين
أبحثُ عن مضارب القبيلة
وعن جواد الشيخِ،
عن بارقةٍ بديلة
وجدتُ أنَّ الأهلّ ماتوا، قُتلوا،
واستوطن الخصيان
من أول الشطِّ إلى معرّة النعمان
....................
وعسعس الليلُ على (برلين)
6
قصائدي حرائقٌ أطعمتها النيران
عسى يراها العورُ والعميان
وحاكمُ المدينةِ السكران
7
الليلُ في كلِّ الدروبِ يستريحُ،
والصباح..
يعانقُ الأشباح
أنتظرُ البعثَ ،
فيا جماجم الرياح
قومي إلى السلاح
مرَّ بنا الإسكندر الكبير والنجوم،
تعانقُ الأرواح
ألمانيا 19/12/2006
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=19259
د. مختار محرم
24-05-2013, 06:10 PM
واحة يزهر فيها الوفاء ..
بارك الله فيك أختي فاتن وجزاك الله خيرا
ورحم الله فقيدنا فقيد الشعر العربي وأسكنه فسيح جناته
وألهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان
فاتن دراوشة
24-05-2013, 06:17 PM
سقط الشيخ وقوفا
أحمد حسيـن أحمد
في هشيم الفجرِ
في صمت العيون المقفلة
تحت أنظارِ الجواسيس
وأصحاب النواميس
وسرفات الجيوش العاملة
في حقول النرجس البريّ
في أقصى أقاصي الأرض
في أعـلى شجيرات الجنانِ المائلة
سقــط الشيخُ وقوفا
سقط الربُّ فجاءت ترتدي الرايات
في غزّة يافا
في الممرات التي يرتادها العشاقُ
في الساحاتِ
في الباحاتِ
في الراحاتِ
تسّتلُ السيوف القاتلة
تحت أنقاض الكراسي
والمراسي
بين أكوام الرؤوس النائلة
طوّحــت بالشفقِ الكابي
وأصحاب المقامات
وطلاّب الزعامات
ومن أسّس مجدا في ظلال المقصلة
أزهرت غزة بالمجدِ
وكان اللهُ مـــوجوداً بأيدي القابلة
تــــــلدُ الأنثى شهيداً في بلادي
لتسير القافلة
تحت أضواء قناديل الأعادي
في البوادي
في النوادي
في كراسي المقعديـن الثاكلة
تحملُ الحبَّ عصافيرُ المراعي
وصغارٌ يعرفون المهزلة
هكذا نحن ولدنا
في ثنيات السطور المنزلة
سقـــط الشيخُ وقوفاً
سقــــطَ الحبُّ شفيفاً
فلنصـلّي غبشةً للهِ
و لتبقى الزعامات تصلّي
في بطون المزبلة
ألمانيا
25/3/2004
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=13176
فاتن دراوشة
24-05-2013, 06:25 PM
واحة يزهر فيها الوفاء ..
بارك الله فيك أختي فاتن وجزاك الله خيرا
ورحم الله فقيدنا فقيد الشعر العربي وأسكنه فسيح جناته
وألهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان
هي جزء من واحة كُبرى تزخر بالوفاء
والثمار لا تقع بعيدا عن أشجارها أخي
بارك الله بك وجزاك خير الجزاء
ورحم فقيدنا وأودعه جنان الخلد
مودّتي
فاتن دراوشة
24-05-2013, 06:29 PM
وجه الشاعر
أحمد حسيـن أحمد
أغصانُ دمي تهجرها
أطيارُ الكلمات
وحقــول الشعر مغطاةٌ بالثلجِ
تحاصرها الأزمات
والشـاعـرُ في نفسي تعلكهُ أسنان الحسرات
لا زال كما منزوع نواة
تلفظــهُ قارعةُ الطرقات
لا أدري
هل للشـاعر وجـهٌ أم وجهان؟
وجهٌ للحزنِ
وجهٌ للحريةِ
من يعلن خاتمة الأحزان؟
من يُرجع مسلوب الأوطان؟
حــــرفٌ يتلوّى في حبري
هل يعرف ثمن الإنسان؟
يتعــلّم قـــومٌ من ألمي
ناموس الــثـورةِ كيف يصان
للشاعرِ وجهٌ حجريٌ
تتصارعُ فـيهِ الألوان
وبسـاتين الكلمـاتِ يروّيها
النسـغُ المتغلغل في البنيان
إليكِ أفــرُّ فلا تدعي أمطار حروفي
تُدلقُ في ساقيةِ الخوف
ولا تقفي بيني والشطّ
كحاشيةِ السلطان
خراجــكِ يـجبيهِ الأغرابُ
وسقفي السعف المتهلهل والغثيان
من يحميني من وجه الشاعر
إذ يتلوّنُ كالشيطان؟
من يقف اليوم بوجه قوى شارون
وجندالأمريكان؟
لا تبتئسي ذاك أسايَ
ومندبتي في زمن الحرب
أما في زمن النكبـةِفاحتسبي لله
وصومي عن مضغ الخذلان
عرفتكِ شامخةً لا تخشين الموت
فكيف سكتِّ على بطش الأغراب
وظلم السلطان؟
للشاعرِ وجهٌ يعرفهُ الطين
وساقية البستان
يعـــود إليكِ مع الأمطارِ لتغتسلي
فتفيض الشطآن
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=12423
فاتن دراوشة
24-05-2013, 06:35 PM
من سومر إلى شارون
أحمد حسيـن أحمد
١
لامستُ وجهكِ في صحائف دفتري
قمراً تحمّصَ تحت شمس الشرق فاحترق المساء
إذاً سـاســهرُ عـند وجهكِ والحروفُ ،
تهـــفُّ كالـطَلِّ المبللِ بالنقاء
باشــــــــرتُ نــوحي والحمامُ يحـطُّ قربكِ ،
والنخيلُ يعانقُ النهرَ الحميم
قومي إليهِ ، تمسحي بالظلِ
والتحفي الهواء
أوتذكريـن؟
لـمّــا عشـقتكِ كــان عمركِ نخلةً في أول الطلعِ الخجول
واليوم مازالت رؤاي تعانق العذق الكسول
رغــــــم ارتداد النسغ للكربِ القديم
من كان يعلمُ أنَّ قِــــرناً آخراً شــقَّ الرداء السومري
وباغت الكهّــانَ في الركن المقدس؟
ـ (آنو ) ، تــــململ بين ناصعةِ الحجارة والنخيل
فـــــرداء ( أُرك ) تحــفّهُ سود القرون
والـتاجُ يلبســـهُ أباطرة الرذيلةِ والضلال
هبطــوا عـلى سفحِ التلال
مدجـجـين بساخر الكلمات والنفَس الطويل
وقصائدي القطران
والملل الثقيل
نزلت على رئة المكان
ما بين عشقكِ
والعراقُ ، أذى قديم
(والعقـــلُ في الجسمِ السليم)
ها إنّ أوصالي ممزقة
وقاطعني النديم
الكل أصبح باطلاً
وكمنطق الأمم القويم
مشحونةٌ لغتي بغاب الخوفِ
والخلل الجسيم
يا أيها الهمجي ،
يا قلبي السقيم
يا أيها البالي ،
تضمّخ بالهموم
واسهر على صوت النباح
حتى إذا مرق الصباح
أطلق عصافير النجوم
..........................
ويح الشتات
للشــوقِ رائـحــــــة التمورِ إذا تنفّسها الفرات
كــــنتُ اسـتعدتُ قريحتي
وهـبطـتُ للــــــوادي أشــمُّ خـطــاكِ معْ غسق المغيب
أتســـقّـــط الأخــبارَ في خجلٍ لعلَّ غدٍ قريب
يأتي بوارفة الغصون
من بطن وادي التيهِ ،
يأتيني بها مهما تكن
عـــذراءُ لم يمسس أطارف ثوبها عصف الرياح
أو فلتكن ســــبيٌ تدلّــتْ بطنها حتى المنون
إنّـي أنـــا الــولهانُ فـي كــــلّ القـــرون
من عهــدِ (مردوخٍ ) إلى عهد القذى ( شارون ) ـ
ألمانيا ١٨/١/٢٠٠٦
ــــــ
آنو: كبير آلهة السومريين وكان مركزه مدينة أرك أو أوروك وشعاره تاج وقرون
مردوخ: كبير ألهة بابل وابن إله الماء والذي انتتشرت عبادته زمن حمورابي
شارون : كبير آلهه بني صـهيون يُعبد الآن في البيت الأبيض فقط
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=11364
فاتن دراوشة
24-05-2013, 06:41 PM
السقوط
أحمد حسين أحمد
تفارقنا
وشـدّت راحلات البيد أمتعتي
صهيل الخيل والأطلال تهجوني
جرى النهران خلفي
وابتدا أجلي ، بعيداً
أزرعُ الآهات في الأرض الخرافية
ذليل النفس لا أقوى
على الافصاح بالشكوى
كئيب القلب والإحساس والنية
هنا انتحرت أمانينا
هنا ضاع الخيال الخصب
من أيام ماضينا
وما عندي سوى دوامة الغربة
أغضُّ الطرف عن أمسي
فأمسي محض أفكارٍ
أراها في الدجى المنسي
فأخشاها
كوابيس الــرؤى والطرقُ في الرأسِ
مسلاّت الأذى يا مهجتي أقسى
من الكافور في الكأسِ
فأكرهُ أن أرى يأسي
وأكرهُ كلّ أفكاري البدائية
حبيبة موطني الدافئ
ومرجان الحصى في رملة الشاطئ
إليــــــكِ أبثُّ ألواني
وألثـــــــم زهرة الصــبّار تعبيراً لأحزاني
هنا في ملجأي الملعون
زارتني مواويلي المسائية
فأفتح خـــندقاً في القلب
أحشو فيه أشجاني
ولكنّــا تفارقنا
تركنا الحب من زمنٍ
وخبأناهُ في شذرات زهرية
فيا معصوبة الأفكار
هـــــــزّي نخلةَ الدارِ
تســــــاقط كالندى أبياتُ أشعاري
حزيناتٍ كجنح الليل
والنجمات قطبية
هـــــــنا تنهارُ أحلامي
هنا يشتد سور القهر
ينزف خيطه الدامي
هنا لا شئ يرشدني
لعش غرامنا السامي
تفارقــــنا وضــــلَّ غرامكِ العصفور
حوّاماً على منثور أكوامي
ولكنّـي تداركتُ الأسى بالشعرِ
يرصفُ زهر أيامي
لأبقى مغرماً فيكِ
وأبقى أرقب الأقدار
قد تنهي متاهاتي السرابية
خيـــــــالٌ بـتُّ أدمنهُ
إذا ما حان وقت الحبّ
والنســـماتُ نهـرية
إذا عادت سيحملني إلى وطني
دلــيل الشعر والأبياتُ وردية
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=11516
فاتن دراوشة
24-05-2013, 07:01 PM
النقش على أجفان عشتار
أحمد حسين أحمد
١
في شارع الموكب
أنقـشُ أشــعاري عــلى أجفانُ عشتارٍ وجرف السور
أستعجلُ المغرب
في الشارع المهجور
وربما غمامة
تحملني للعالم المسحور
أو يهرع المركب
لنجدتي من باطن الديجور
لكنما المركب
يمـرُّ بالمكتب
يسحبهُ الناطور
٢
رأيـتُ خــائن البـلاد حـــاكماً متوجاً يدخلُ للمنطقةِ الخضراء
يصحبهُ ( المارينز ) والمدججون بالضغينة
ورايتي الحزينة
تخفقُ بالغباء
خلف عواميدٍ من الإسمنت والحديد
والحاكمَ السعيد
منهمكاً بالسلب والتقتيل والوعيد
رأيتُ ، ليتني اكتشفتُ أنني عميت قبل أن أرى
وكنتُ نكتةً في ورق الجريد
٣
أجفانُ عشتارٍ على مرمى الفرات تحتفي ،
بمنظرِ الطغاةِ والغجر
ومنهج التتر
تقول لي :
أشجارنا مقطوعةٌ ،
والأرضُ عطشى لا ندى صبحٍ غدوقٍ ،
أو سحابٍ في الجوار
والنهـرُ يستلقي إلى ناعورةٍ مهجورةٍ ،
والفجرُ مشنوقٌ بحبلِ الليلِ ،
يستجدي النهار
وحدي أناجيها ،
ويستعصـــي علىَّ البوحُ ،
لا عطرٌ يجودُ بريحها أو ينثر الأشعار
أحملُ أوجاعي ،
على سفائنِ الشمسِ التي تشتاقُ للنارنجِ ،
والنسرين والأفكار
وحدي ،
وتشربني المدينةُ ،
كان منطلقي تقاسيم السماء ،
وناعم الأمطار
مَنْ يُرجِع لي بارقة التصويروالأسحار ؟
اليوم تسري في شراييني رمال الشرقِ ،
والأقمار ،
هلّــتّ ، وزار مواجعي قيثار
مــن بحـرِ عـــينيها يهدهدُ قاربي البحّار
يأخــذني ليلاً إلى جرفٍ عراقي الأذى
ينســلُّ في لحمي بريئاً كالندى
يرصفــــني غرّاً على برِّ الهوى ،
وخليلتي ..... عشتار
كـأنني اليوم بلا واسطةٍ أضاجعُ الربعَ
وفــي خاصرتي مِسّبار
اليومُ أستنطقُ في ليل الكرى خابورة الأنوار
مـرّتْ ، وها أنّـي أتوقُ لنظرةٍ
تــتناسل الثوّار
تنصاعُ للبرِّ الندي خلاصتي
وتذوبُ في الأسوار
٤
بعد عبور الطيف والرصيف
ونابضي الوصيف
توّجــــتُ شوقـــي ليلةَ مشنوقة الأحلام
تــنزف منقوع الأسى في حـضرة الحــكّام
تنزعُ من كواهل الجبال سلطة الصخور
تنثر مـن قبو الدياميس سروراً من قشور
لعــــــالمٍ نزيه
يصـــنعـــهُ الصغارُ حيـث يُذبحون
وحيـن ترتقي مدينتي سواترالمنون
أشعرُ بالطوفان
أشعرُ بالهوان
في مدن الجنون والغربان
لكنني مازلتُ مهووساً بكهف الريح
وخائن المسيح
أنتخــبُ الأحذيةَ القديمة
لأنها جاءت على بواخر (المارينز) والحيتان
لبلد الحرمان
٥
أطرقُ بوابات آخر المشوار
وكنتِ يا حبيبتي ، تبدين لي عشتار
تستحضرين الضوء في معابد النفوس
لعلّ خيل الربع تستيقظ عند الفجر
وتعبر الأسوار
يركبها الجند إلى مواقع النهار
لعلّ ريشةً من طائر العنقاء
تسقـــطُ حيـن غـــفلةٍ من غاسقِ السماء
تحملني لحضنكِ المنهار
تلقي بنا سويةً في منحر الفرات
نستصرخ الأموات
لعلّـــــها تنهضُ من جديد
لعلّـها تستجمع الصديد
تلقي به قذيفةً من عالم اللحود
تنصبُّ بالجوار
ما بين أعجاز النخيل واستراحة الفرات
لعـلهُ المستنّصر الأخير
جاء لنا بالسيد الوزير
وحفنة الرعاع والحفاة
ألمانيا ١٧/١/٢٠٠٦
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=11341
فاتن دراوشة
24-05-2013, 07:05 PM
طفل القرى
وفروض المدينة
أحمد حسين أحمد
مهداة للشاعر محمود أمين ردا على قصيدته طفل القرى
١
يأتي كــجنحِ الفجرِ
يخـفقُ في جوانحهِ الندى
يبتلُّ كالنسرينِ
حين تحطُّ في تيجانهِ الخجلى
فراشات النهار
( يأتي علانيةً )
هوالموج الطليق
تدافعت نفثاته القصوى
إلى جزري
تُفتتني
وتحملُ
جذوةَ الإعصــار للمدنِ البعيدة والديار
ماءٌ يسافرُ في العروقِ
يشــدُّ ساريةَ الحنين
على أساور طفلة النارنجِ
في بلدِ الشخير
كــانت هي العبق الذي غنّى
أوائل شعرهِ
وتطرزت أحلامها فرش السرير
طبعت على وجه المساء نجومها
وتدثرت بالنصِّ تقتبس الحوار
واليومُ تنزحُ آهةً عجلى يحاصرها العناق
ليــــت النوافـذ تشرأبُّ بهِ
فــيأتي من خلالِ زجاجها
ويحَ العراق
زرع الأحبة في سقوف الأرضِ
واحتبس النهار
٢
الليلُ يهبــــطُ كالسقامِ على الصدور
وكطـــــائرِ العنقاء ضجَّ بهِ المكان
قدماه حافيتيـن
من جرِّ الظلامِ
علــــى المدافنِ والقبور
يختــــطُّ سـاقيتيـن من نبعِ المحاجرِ
للنحور
و ( سليم) معتكفٌ على باب الزمان
مــــا زال عصــفوراً بلا ريشٍ يطيرُ
ويرتقي فوق الغمام
ما بيــن ( ســامراء ) و (الملّوية ) الكبرى
يحــطُّ على الدوام
مذ كان ( معتصمُ ) العراق مهندساً للجيشِ
يمنحنا السلام
وسـليمُ ليــس ككل عشّاق الصخور
لكنّهُ البنّاء يأتي بالجديد
فعلام تهربُ طفلة النارنج
من بيـن السطور؟
وعـلام ينـكرهُ الـمكان؟
٣
( الأرضُ فارغةٌ )
وما مـن فســـــحةٍ للروحِ تُـجلِسها التراب
رحل السنونو
باعـدتهُ الريح عن لمس السحاب
تبقى ( الرصافة ) وحدها تلقى الغروب
الأرضُ عامرةٌ
ســـترقبُ لاحقاً زمن الهبوب
وسلــــــيمُ يسحرهُ النخيلُ
إذا غــــفا بيـن الرصافةِ والجسور
عيـن المها منذورةٌ للقهرِ
والموتُ الأخير
ومياهُ دجلةَ عافها الزاب الكبير
مقهـــورةٌ نفسي
وليلى في العراق
تنام في حضن الحقير
ماذا إذن يبقى ليسفحهُ الضمير؟
نافورة الأحقاد ؟
أم قلقٌ تمطّى فوق ناصية السرير؟
هــذا هــــو الوطـــن المفـدّى
يرتقي النهرين بالجيشِ الكسير
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=8884
فاتن دراوشة
24-05-2013, 07:09 PM
غـــــرزات في بدن الهجيرة
أحمد حسيـن أحمد
« بيـن الهجيرة والشلل .. تسألني عن الخلل»
١ـ نفي
هو ذا زماني بائسٌ
لا تعرفيهْ
أشدو، فـــتعصرني البريّةُ بلسماً
ومدايَ منبسطٌ أنا لا ألتقيهْ
خــدّرتُ راحلتي
وخضّبتُ المتاعَ
قصــــائدي وجعاً وتيه
وعصايَ تلكزُ
هــدأةَ الليلِ الشبيه
إذْ حشّـدتني خيمتي
خيشاً
وصـــــــــّباراً كريه
هي تقتفي أثرَ الغروبِ
وتحتمي بالنذلِ
إذْ حـــرنَ النزيه
ما بيــن مفترقٍ ومنعطفٍ
أحــطُّ خرائبي
أثلامهــا تلجُ الظلامَ فتتقيه
وكأنَّ من أدرانها
ينمو حطامي أذرعاً
وحصيرها لا يحتويه
شوكٌ تكسّــرَ في الفلاةِ مسالماً
منها يمــصُّ فيرتوي حطبي قثاءً
يــستقي منّـي
ومنها أستقيه
وحدي
وتحتكـمُ السلاحف عند شيخِ الغابِ
إعدامي
يُــريــهـا فتُريه
وحدي ودربُ النفي يهضمني
وأبقى أقتفيه
مـــن كــان عـند اللهِ موصولاً بحبلٍ
فلــتـباركنا يديه
٢ـ خيام
لا تـــــــــسأليني كيف تنتصبُ الخيام
لا تــــسألينــي كــيفَ يزدهرُ الحطام
لا تسألــي كـيـــف التشرّد يقتفي أثري
ويستجدي رضا الحاخام
سَلــي ملوكَ العُربِ أو
مستودع الحيتان
كيف تباعُ في سرادقِ الخيامِ
هيبةَ الأوطان
سَلي الزعيمَ
والكريـمَ
والطوفان
٣ـ غزو
بعـضي تُحفّـزهُ الجبال
بـعضي يُسامرهُ الخيال
في غربِ أوربا
يُقطّـعني الجمال
وهناكَ يصحو الصبح
محتقناً
يُجندلهُ القتال
لا تــــسألي كيف استعرتُ إقامتي
من قاتلٍ نصبَ الحبال
هو بعضُ نـزفي عابرٌ
قـــطّرتهُ برجيعِ وجدي
فنفوني ونفوهْ
وطنٌ يـحــطُّ على دمي
لمـّا استباحوني
غزوهْ
٤ـ معاشرة
عــاشرتُ غانيةَ الوعودِ
عـــلى سريرِ الغرب
مـهــتـاجاً قضى وَطرَه
خرفٌ أنا
كيف استفـزّتني الوعودُ
وخاتلتني المقدرة؟
بطلٌ أنا
حاربــتُ طاحونَ الهواءِ بمعولي
وقلاعُ دون كيشوت
هـزّتها رياحي الممطرة
لا فرقَ عندي أن أنامَ بحضنها
متدثراً
أو أن أنــامَ على ترابِ المقبرة
أنا شاعرٌعشقَ الخيالَ
وهالّـهُ مـا دبّـروا لمصيرنا
فغدوتُ أشدو المسخرة
ملكٌ أنا
مثلُ اللذيـنَ تملّـكوا أحلامنا
وتسابقوا لخلاصنا
بالغرغرة
٥ ـ مقدرة
فـــارقتُ خيمةَ عشقنا المتحجّـرة
كنتُ الــنبيُ المرتجى
سيزورُ دنيا الآخرة
هــــــــذا الــبراقُ الحـرُّ يركبني
وأركبُ مئزره
شـــــدّي اللجامَ ، تمسّكي بالسرجِ
مـدّي في ركابي القاطرة
أصبحتُ والحبُّ الذي أقحمتهُ يأسي
غراباً
والـــــــقبـورُ تُـجاوره
وجعٌ أنا
أتيكِ بالآخبارِ من مدنِ الهجيرةِ
تحتوي شللي
وتــــلكَ إشارتي للمقدرة
٦ـ عودة
أدورُ من منفى إلى منفى
يُرافقني العراق
ما بيـن عشقي والنخيلُ
يـدٌ وساق
ولعـلَّ بيني والقصيدُ
مـــرافقٌ يرتادها العشّـاق
قدّمتُ أوراقَ اعتمادي للردى
فـــتحمّــسَ الورّاق
المــــــوتُ في المنفى أذلُّ وعودتي
جــرذاً أعــزُّ إذا قرعتِ الطبلَ
واستنجدتِ بالأبواق
عــــزفاً على جثثِ الغزاةِ
سأرتمي سهــماً هناكَ مع الأصيل
ورميةً تــــنسابُ في السرداق
المانيا ٢/١١/٢٠٠٣
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=6673
فاتن دراوشة
24-05-2013, 07:13 PM
كهف الريح
أحمد حسين أحمد
١
دعواتٌ في دجــى الليلِ نثرناها احتراسا
أمــــــطرت فــي غــــــرّةِ الفجرِ ظلاماً ويباسا
مـــــترعُ بالقحطِ نهري
وأنــا أنصبُ في القحطِ أساسا
آه لــــو أدخل كهفَ الريحِ
أستلُّ السحابات الثقيلة
أنثرُ الناضجَ منها
فوق قيعان بلادي المستطيلة
آه لو أنـــــسابُ والغيم فينثال المطر
والعصــافيرُ التي جاءت معي ترزمُ ريشات السفر
آه لو تــــــشرقُ شمس الحبِّ حتى في صقر
٢
ها هو البرقُ
وها جذوة روحي
نزلــت غيثاً على حقلي الحزيـن
هــــــــا أنا أبــــــذلُ بوحي
أرســــمُ الـــــحقلَ بزهرِ الياسميـن
فـــي يدي نارٌ وفي الشريانِ طيـن
بـــدني الــمــفخـورُ مـمـلوءٌ بأضواءِ ليالٍ مقمرات
طالما عشنا وإياها على مجرى الفرات
إنـما حلّت ليالي الصمت والدمعُ السخيـن
و الـــضحـى الـمغسولُ بالقطران آت
٣
ها أنا أحملُ آمالي عروقاً في حجر
تدفــعُ الريحُ ركامي فوقَ أمواجِ القهر
شابَ حزن الغيمة البيضاء
عرّاني القمر
آه يا عصفورتي الخضراء
ما عــــاد رجوعي موسمٌ للعشبِ
يرعاهُ المطر
ذاك حـــلمٌ بعثرتهُ الريح
شوكٌ في حفر
٤
باغــتــتنـا الـــريحُ واشّتدَ العذاب
أيها المحمولُ في كفِّ الضباب
هائمــاً فــي كــفّةِ الميزانِ مذهولاً تدور
أسقطَ الطاغوت آمالي وباقي سور أور
آه والتـفَّ الخنازيرُ على بوابةِ العشقِ الصموت
يربـــطون الــخيل بالـمحرابِ في صبحٍ خفوت
فمتى تنهضُ من كهفكَ
أو تخرجُ من بيـن ثراها عشتروت
آه.. هــــل أقوى على لمِّ فتاتي
وأنا بــقٌّ دقيقٌ في شباكِ العنكبوت؟
مسرحٌ للرملِ لحني وترانيمي بقايا من قشور
نثروهــــا، كلّما جاءوا، على مـرِّ العصور
٥
كلــمّا أدخــــلُ كــهفَ الريحِ ألقاكِ على سفحِ التلال
تجمعيـن البرقَ في صحنِ السلال
عــــلَّ راعٍ للسحاباتِ الثقال
يــرتدي رعداً ينادي للقتال
وإذا بالـــقـطـرِ فــيّاضاً على السهلِ يجود
يملأ الحوضيــــــن بالحبِّ فتنهارُ السدود
وإذا بـــالقـــنّــبِ الـمجدولِ في زنــدِ الرجال
يحتـــــوي قوساً فتنهالُ النبال
آه يا عصفورتي الخضراء
هل تبقى القيود
تحبــسُ الدافقَ من جوفِ الجبال؟
٦
مـــدنٌ تولَدُ للموتِ وأخرى للخلود
وحضاراتٌ على الباغي تجود
حشّــدت روما بغاياها وهولاكو الجديد
عائدٌ بالجندِ سلطاناً يعود
ناطحــــت قـــــرناهُ قرصَ الشمسِ
والــــناسُ سجود
وأنــا أربــضُ كـــالثـورِ الخرافي المجنّــح
نــــافضاً حبري وقرطاسي المسلّــح
فـي قــــرى آشــــــور أجــترُّ الزوابعَ والجليد
فإذا مرّت فحول النوق ألقمها الحديد
آه يا عصفورتي الخضراء
هل تبقى القيود
تحـــبــسُ الــــدافقَ من نزفِ شهيد؟
ألمانيا ٦/٢/٢٠٠٥
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=6868
فاتن دراوشة
24-05-2013, 07:23 PM
حسناء
أحمد حسين أحمد
ولربَّ حسناءٍ إذا طالعتها
طلعتْ عليكَ بشائرُ الإصباحِ
غازلتها لـمّا ابتلاني حسنها
ر دّتْ عليَّ بمبسمٍ وضّاحِ
قالتْ تنحَّ ولا تحرك ساكني
لي صاحبٌ أقسى من السفّاحِ
يخشى عليَّ من الهوا ونسيمهِ
ومن الندى ومن شذى القدّاحِ
قـلت: اطمئني لو أتى سأردّهُ
لي منطقٌ أحلى من التفّاحِ
لو ذاقهُ لمشى الهوينا تائهاً
حسبَ المها في البرِّ كالتمساحِ
حتى إذا سلكَ الطريقُ مفارقاً
نسيَ الهوى بلْ جالَ كالسيّاحِ
السحرُ في جزلِ الكلامِ مصيبةٌ
ومصيبتي عشق الجمال الصاحي
قالت: أراكَ تعلّل الأسباب لا
تخشى الخطوب بمنطق الإفصاحِ
و أنا يحركني الكلام، يشدّني
لجنائنٍ أقضي بها أفراحي
قلتُ: ابشري فجنائني مرصوفةٌ
بالزهرِ، والليمون بالأقداحِ
عندي الكرومُ تعتّقتْ صهباؤها
عومي بخمري وانتشي بالراحِ
أسقيكِ إنْ شئتِ سلافةَ مهجتي
أستـلّها من عطركِ الفوّاحِ
وتطرزي بحفيف أشعاري إذا
غـنّتْ لنا كالطائرِ الصدّاحِ
و تمتعي إنْ جنَّ ليل العشقِ حول
خبائنا أو عجَّ بالأشباحِ
قالت: أخاف الليل، يفزعني الدجى
قلتُ: اطمئني نوركِ مصباحي
نامي على كتفي تناسي رعبكِ
يحلو الحديث بجنتّي ترتاحي
سأزّقكِ حتى الصباح قصائدي
والخدُّ من قبلي كساهُ وشاحي
وأريكِ بعض مكامني ومدائني
فيها السرور تقدّمي واجتاحي
إن انتِ ما طاوعتني وتركتني
قدْ تُزدرينَ بـــشاعرٍ مدّاحِ
قـالت: أعندكَ للجراحِ بلاسمٌ؟
قلتُ: الطبيبُ أنا. فمن لجراحي؟
قالت: ترفّق بالجراحِ فبعضها
إنْ أهملتْ تعصَ على الجراحِ
هيا فخذني ولتعجّل بالدنانِ
نفضّها ،أنضو بها أتراحي
عـانـقــتها والليل منسدلٌ أشمُّ
أريجها، والملتقى بالساحِ
لـمّا احتوتني ما صحتْ عند الضحى
أسـكرتها مع ديكها الصيّاحِ
2001 ليبيا
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=6761
فاتن دراوشة
29-05-2013, 01:07 PM
أنوارها
أحمد حسين أحمد
ما زلـتُ أرشفُ بحر الشعرِ من فمها
وأرتوي عبقاً من عطرها الآسِ
حـــتّى ســكرتُ وما أسسّـتُ قافيتي
والشــعرُ منشــرحٌ خمرٌ بلا كاسِ
يا لـــيتها خــمّرتْ في دنّها لغتي
لاستوضحتْ لاحقاً ما دار بالراسِ
كنتُ امتشقتُ لها من مهجتي نغماً
غنّــى بهــا قــولا سوّاهُ قرطاسي
يهــفو كـــــــناكثةٍ للّيلِ مــوقدها
فالليـلُ وهّــاجٌ رجمٌ لإبليسِ
والقلـبُ منشغلٌ بالدقِّ يرقبها
وهـجُ الــــعيونِ قلاداتٌ إلى الناسِ
جاءتْ كــشمـسِ ضحىً يوماً لتعشقني
أنوارها مُزجتْ ببريقها الماسي
جاءتْ تكــبلّني بالعطرِ إذ نضحتْ
أطيابها الحبلى من جيدها الحاسي
حتّـى إذا فـــتّحتْ أبوابها لفمي
أسكنتها كتبي وشفيف نبراسي
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=6672
فاتن دراوشة
29-05-2013, 01:11 PM
نوع من الصلاة
أحمد حسين أحمد
الحب يا حــبيبتي نوعٌ من الصلاة
كان طــوال الليل يستحوذُ جذرَ الذات
صحوتُ عند بازغ النهار
أبحثُ عـن نسيمكِ الـمجنونُ كالإعصار
في فُرشِ السرير
أو في قلب صحن الدار
كان هــــسيسِ شعركِ الطويل ينحني
كالـريحِ وهي تضربُ البحور
وفــي دمي زوابعٌ تدور
تطرقُ ذكرى سافرت
تُـــعيدُ عرساً فات
نافذتي كانت بلا نافذة
وناظري من عاج
يكسرني الزجاج
أبحرُ عبر لـجّــة الظلام والغيوم
وزورقي رجراج
كيف أشـدُّ قبـــــضتيَّ في عيون الريح؟
أعـــرفٌ أنَّ دفّـتي مكسورةٌ وزورقي مخروم
وأننـــي أُبحرُ في ليلٍ بلا نجوم
لكننـي عـدتُ مـراراً أقتفي البجعات
فالــحب يا حـبيبتي نوعٌ من الصلاة
كان طـوال الليل يستنطقُ جذر الذات
ويسلخ الهموم
أتعلمين أنني متيمٌ محموم
كالنـخلِ حينَ يشربُ الفرات
تلفحــهُ نيرانُ شمس آب
من ناظــم (الورّار) حتى قرية المشخاب
الحبّ في تخوم أوربا سراب
وهو لديكِ يستحمُّ بالفرات
كنخلةٍ منزوعة الكربات
الـحب يا حــبيبتي نوعٌ من الجنون
يا ليتــه يدركُ ما أعاني
يا ليتـهُ يعرفُ من أكون
سأنثر الحب على خارطة الشجون
حتى إذا ما أنبتت صحرائنا زيتون
نلتفُّ عائدون
أتــــــعلمين آه يا حبيبتي أن النوى طاعون
يا ليته يسلخ أبجديتي
يا ليتني أعرف من أكون
ألمانيا ٧/آب / ٢٠٠٤
ناظم الورّار : من أهم المشاريع التي تنظم مجرى نهر الفرات في منطقة الرمادي وتحفظ مياهه من التسرب في بحيرة الحبانية قبل رحلته الطويلة للجنوب
المشخاب: مدينة جنوب العراق
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=6621
ابراهيم محمود الخضور
29-05-2013, 01:32 PM
رحمك الله رحمة تغنيك عن رحمة من سواه.....اللهم آآآمين
فاتن دراوشة
29-05-2013, 01:33 PM
الكابوس
أحمد حسيـن أحمد
ما الذي يُفرحني في أغنياتي الكاذبة؟
ما الذي يلهثُ في الجوفِ كئيباً
يستضيفُ المندبة؟
ما الذي أحصدهُ عــند التحدث للوجوه المتعَبة؟
هو حلـمٌ قد تمطّى في سريرِ النومِ
لا أدري لماذا أكتبه
ارتـــحل يا أيهــا الكابوس عنّــي
قد مللتُ الصبر في هذي الديار
إنَّ صــبري علقمٌ يطفو على سطحِ اللسان
إنــهُ يرتعُ في جوفي كما
ترتعُ في جوفِ الصحارى الأتربة
والأغاني بدعةٌ كبرى انتشت في خاطري
كي أرى الدنيا رياحاً غاضبة
ارتــحل عنّـي أنــا أصحرتُ في هذا المكان
وكـلامــي بات صبّاراً يغذّي نابتُ الأشواكِ
والآمــــال صارت كالسهامِ الثاقبة
ما هـو الكابوسُ في بطنِ قواميسِ حياتي؟
أهو إحســـاسي بعقمِ التجربة؟
أم شعوري بالتردي الدائميّ
عندما تسخرُ منّــي قافياتي المسهبة
أم هـو الإحساسُ بالإخفاقِ والموتِ الزؤام
خلف سـدّات المواضع
وميادين المدافع؟
لم أجد مـــا يُفرحَ النفس سوى
أن أغــنّي أغنيات المنقبة
و أخيطُ الجرح بالشئ الذي قد سبّبه
لغةُ التدوينِ أقسى ما يكون
فهي رمزٌ لاختلاجاتِ الأماني في العيون
وهــي فردوس حياتي المتعِبة
عندما يقسو عليَّ البعد أو تقسو الشجون
فأنــا وردةُ نيسانٍ حزينة
أزهـــرت في غابةِ الصبّــارِ
يسقيها مجانيـن المدينة
وأنا الثائرُ أمسي في الأراضي المجدبة
مـا الــذي يسخرُ منّــي؟
ما الذي أشعلَ في دربي شرارات التمني ؟
إنَّ إحساسي عقيمٌ
وضياعي في الدجى أمرٌ بديهي
كـم من المرّات أسأل
كــم من المرّاتِ أستعرض قانون العقوبات المعـدّل
علّــني أعثرُ في طــيّاتهِ معنىً لهذا النفي في هذي الأقاصي
والتلـوّي في كــوابيسِ الحياة المرعبة
إنما ضاعت سؤالاتي كما ضاع الحلم
و ارتـمى الكابوسُ فوقي
تاركــاً إيايَ لحـماً للكلابِ السائبة
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=6362
فاتن دراوشة
29-05-2013, 01:38 PM
بعض الحب
أحمد حسين أحمد
كتبت لي من بغداد ترجو عودتي، فهل مازال الطريق سالكا؟
وتحترقـي وتشتعلُ الليالي
بوجدٍ ســحَّ كالمزنِ الثقالِ
فـــلا فرح الصباح بشمسِ غربٍ
وشـــرق الفجر يصرعهُ ابتهالي
ألا يا دمعتي كوني سكوباً
فبعـض القهرِ تغسلهُ خلالي
أمــــوتُ بكل يومٍ ألفَ موتٍ
ويبـقى طيفها خدراً ببالي
إذا مـــــــا اللــيلُ حشــدَّ ألفَ غازٍ
تحــزَّمَ بالنبال فلا أبالي
مصير الغارةُ العمياء صحو
وبعض الحبِّ يؤخذ بالقتالِ
بعثتُ إليكِ منسكبي وقهري
فما أن حــطَّ في مقل الجمالِ
تـــنـــــــادى عــازفاً هذا مقـرّي
وبيتـي يوم أن ورفتْ ظلالي
أعـود إليــكِ إنْ حكمتْ أموري
وإنْ صعبـــت هتفتُ بها : تعالي
نقلّــمُ شوقنا سعفات نخلٍ
نجندلها فـــتورقُ في الأعالي
غضاضات تربّــع في حشاها
غبار الطلع فامتلأت سلالي
بــشـــــــــوقٍ نـــاضـجٍ رَطَبٍ جنّــيٍ
تدثّــرَ فاستوى بيـن الدوالي
هنالك حيثما عبقت عطوري
وحيث الشمس ترتعُ في التلالِ
تركتُ وديعتي ودمي وشعري
وبعـــضُ الحــبِّ يبزغُ كالهلالِ
ألمانيا ٢٨/٦/٢٠٠٤
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=5484
فاتن دراوشة
29-05-2013, 01:39 PM
رحمك الله رحمة تغنيك عن رحمة من سواه.....اللهم آآآمين
شكر الله سعيك أخي وثبّت قلبك على درب الخير
مودّتي
فاتن دراوشة
29-05-2013, 01:44 PM
ريــــف والغيم
ريف
أيتـها الأنشــــوطةالتفّي على حبلِ بكائي وباشري الخنق، اضغطي على مواجع الجروح ينهمرُ المطرَ ويزهو الســنبل، لن تشيخ الفصول، ها هي ذي تنبتُ بيـن أنامـــلكِ الـــمخمليـة ، أتعلمين؟ إنني أعرفُ ما هو الموت ..إنّهُ البوح على ثغر الحروف والتنزه في بساتين الغــــربة، جــودي عليـنا بهذه الأنفــاس الــزكيةنحنُ نحـــــتاج أحيانا تـنفــس الألـم
مميزةٌ أنت ، نعــم مـــميـزةٌ في النحتِ على الوجوه
١
غيــمٌ تناثرَ في الفضا يا ليــت شعري
لــو إنني بفراستي أدركتها أو كنتُ أدري
هـذا الـــــذي عـــانتهُ وهي وحيدةٌ
لــحــفرتُ قبري
٢
يا ريـــــف ليس لكونها معبودتي
ورديف عمري
أخفـــــي ببادي الوجد آفاقاً
لــســرّي
هذا الحوارُ الفــذُّ أدركني انكساري
مــــــــرّةً وهلمَّ يجري
كوني إذن ما كنتِ وقت قريحتي
وقبيل سهري
لا تـــملك الآجام بعثرةَ الندى
أو تدرك الرمضاء
أسباباً لقهري
٣
جودي عليَّ بنفحةٍ سمراء من عمر الضنا
ينثالُ سحري
إنـّـي عـلى ركبِ السحابِ تناثرتْ نجوايَ
واحتبست مواويل الهوى في صحن صدري
الدمعة السوداء نطفة ساهمٍ
فــــي الليلِ يحتطبُ الأسى
واللــيلُ يجري
لا تــــغلـــقي الأبوابَ جئتُ محمّــلاً
بــــــالشـــوقِ والكلماتُ تِبري
٤
كمْ مـــــن محطّاتٍ عبرنا
والوصولُ إلى العذاب هو الخلاص
كمْ مــــــن طــريقٍ ضـمّنا متوجساً
يخـــشـى علـــينا أن نتيه فلا نعود
اليــومُ تـــبلعــــــنا البريّةُ والوحوشُ، فلا مناص
سنعــود لـلـــصوبِ المـدجّج بالسلاحِ وبالرصاص
٥
مــــاذا أبـــثُّ إلــيكِ من خَرفٍ
وقدْ حبــــلتْ همومي بالضغينةِ والحطام؟
من عهد ( أوديب ) الضرير يجسّ في بدني الظلام
في هـــوّة الشرخ السحيق وقد تحزّمَ بالسخام
وجهي وأروقة المدينة والنيام
الحالـمــــون بفجرِ شمسٍ لا تغيب
مــــــــاذا أبثُّ إليكِ ، يا بشرى ، هو الموتُ الرهيب
٦
لا تفزعيـن حبيبتي
أحسبــتِ أنّي لا أعودُ وأستعيد
شيئاً من العشق المبللِ بالدموع
أنا عـــائدٌ من أرض حاضنةُ الجليد
وســتدفعيـن حبيبتي ثمن التشرّد والخنوع
فتحـــــضّري، أحتاج ناصيةَ الضلوع
حيناَ إذا أمـــطــرتُ ، ما أحلى الرجوع
ألمانيا ٢٤/١٠/٢٠٠٤
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=5693
فاتن دراوشة
29-05-2013, 03:06 PM
الحب على قوافل الهجرة
1
أهدابها وهي تومئ إلي ، غصن أشار للبلبل بالتغريد. أذكر تلك الدعوة للاستغراق بالحب، أجبرتني على تصفح النور المنبثق من بين نصف إغماض للجفون. فتحت أبواب حدائق قلبي لعندليبها
أذكر ذاك الشذا ونسيم جدائلها، يغزل البرق في شالها المسترخي. تنجذب الفراشات للسكر المكرر في العيون العسلية، والجنادب في الغابات تسترخي لرياح الربيع .
أذكر عطرها الياسميني وهو يطل على شجري الرطب، عندما قابلتها في ضواحي المدينة بين النهر والجزيرة الغارقة بالزينة. لقد لملمت خضرتها خجلا عندما رأيتها تمشي معي وشرعت زهورها بالانحناء ، لم لا وهي ترى المصابيح تمشي على الأرض.
ليس حلما ذاك الذي مر، لكنه إغفاءة الجمال في غفلة من شحارير البراري ، يوم بدا قصيرا لي ، لكنه ما زال يغدق عليَّ بنسائمه المهرولة في يوم قائظ، وجوانب حروف أهدابها لا زالت تطرز حروفي بالجمال،عبر أزهار الحديقة النائية وقرص الشمس الذي تلألأ في بؤبؤها الباسم.
ولكنني عندما غادرت أرض الشمس تركت خلفي المساحات المنبسطة حزينة تتذكر ساعات التواصل مع الأفق الرحب بعيدا عن أراضي الجنوب ، لم أكن أعلم أن حنيني لها ربما سيقتلني ولكنى أنبت أمري وأمرها لله..
أنبنا إلى الله أمر الرحيل..
وما كان من أمر حشد الجياع
عجنّا المرارة معْ صبرنا
وسرنا إلى ناطحات الضياع
لففنا خطانا بحزن السبايا
وقلنا سلاماً لأرضِ الوداع
سهونا قليلاً ولكننا،
خبزنا الضياع بديجورهِ
وعفنا العراق لأهل الضلالة والمعدمين
لعلَّ الظلام يتيح التخفّي
ويستحضر الملتقى بالسلام
وكنّا إلى الله ندعو الخلاص
فكفُّ الحصارِ جنودٌ علينا
أتتنا بفكٍّ ضروسٍ
وما قد تبقّى، شظايا عظام..
2
لم تكن تلك الكلمات الحالمة مجرد كلمات، لقد كانت سمفونية غنائية عزفتها أنامل غضة مفعمة بالحيوية والإبداع .لقد خطّـ خلاصة العواطف النبيلة الهادئة على ورق ناصع البياض فشعت أنواره لتخترق شغاف القلب وتتربع في الداخل ناسخة الألم مستلة الحزن لتزرع الفرح والمهرجانات في ليالي الغربة الصماء وأيام الوحدة القاتلة، لتفتح الأبواب على مصراعيها.. وتوزع ألحان عندليب فرد إلى جوقة الموسيقيين فينال الهوى رذاذا خفيفا يبلل النفوس العطشى ويرد إليها الروح المسلوبة ويمنحها لحظات التجلي والانتشاء .
هكذا أخذت من معين كلماتك الرقراقة عذوبة الحب وتذوقت طعم العواطف الصادقة الجياشة فنمت وأنا أحلم بك وأنت تندسين بين عروقي وتتسربين إلى شراييني كماء الحياة وباتت حشرجات كلماتي تتهاوى أمام ملكوت صفاؤك وهمسات أنفاسك تشق حنجرتي حتى أكاد أتنفسها وأنفث قرنفلها اللاهث رغم المسافات الشاسعة.
لقد اخترقتني من كل الجوانب وصار نزيف شوقي كافيا لاجتياح غابة الرغبات فيها، وراح فراتي يسترخي بين عشبها لترويه فيزدهر ويورق بالمسرات. حتى أنني ما عدت أقوى على الكلام لقد استنفذت قواي وتهاديت على بيادرها الخصبة متهالكا وأنا أرقب لحظات عشقنا المبتورة ، ولمّا اقتربت منها أكثر صوّبت نظراتها نحوي فتهالكت ملتزما بصمتي.
للوهلة الأولى حسبتُ أنها ستقتلني ، وربما ستفعلها يوماً ، تلك النظرات التي جعلتني ألوذ بالصمت المطبق ، ربما هو صمت القبور أو غيره .. لا أدري بالضبط ،ولكنني آثرت تدوين صمتي ذاك..
صمتّي تجلّى في العيونِ لأنها ملكي،
وملْكُ المرءِ تحفظهُ العيون
أ لأنها بسطتْ محاورها استقلتْ
واستباحَ بصيرتي شلل الجفون؟
تهالكتُ على مقعدي ولم أنبس ببنت شفة ، كانت تصفف شعرها لمّا انتزعتني من ملكوتي السرمدي ، شاعرٌ مغمورٌ جوال.. لا يعرف فكَّ تلك النظرات؟ يا للعار..هو إذن يضرب في الرمال الودع ، ويخالط الغرباء وعابري السبيل..ويقرأ ملامح أشكال النظرات ، لا بل يتمكن من فك رموز الطبيعة المجهولة أيضاً. هو يتحدث مع النحل ويحاكي إناث العناكب ، لا بل يعلمها أيضا خياطة نسيجها.. كيف لم يتمكن هذه المرة من فهم تلك النظرات؟ عار وأي عار ..
راهنتها،
تلك التي احتضنت أسارير النهار
إنَّ الليالي قدْ تشتتها فينتثرُ الغبار
حيناً إذا ما هزَّ شوقٌ نابضاً
بين الضلوع وهتّكَ الأسوار
خاطبتها،
بجميعِ أنواع اللغاتِ وبعضها لغة السنابل والحقول
يوماً إذا انحدرت معي للسهلِ،
أو صعدت على ظهر الخيول
لكنها آلتْ إلى عودٍ يجنبها التلاقي،
والتلاطم معْ تفاصيل القبول
هي والأمسية التي احتكرتني كانتا كالريح تعصف بالأغنيات ،وتلك العصافير التي أخلت الدار للغربان والطيور الجارحة ، جميعهم سلبوني جلدتي وانتمائي..ولم يكن أمامي سوى التلوّي على الورق.. أزرعهُ بالحمّى والقلق..
خاصمتها،
وخصمتُ شيئاً من ندى قلبي،
وكبّلتُ المطر..
لكنّني عدتُ أناجيها بصمتي،
وابتسامات الصور..
حيناً إذا عادت كما،
عادت طيور الدار تستبق الأثر..
يا ليتها سمعت بنجوايَ ،
وألحاني تغنيها البراري،
وجلاميد الصخر؟
3
معا كنّا حبيبين.. وخصمين عنيدين ..فهي كالسحاب الذي يرتقي الجبال ، وأنا كالعشب النامي الذي ينتظر الغيث..فلا هي تمر بحقلي ولا أنا أستميل ود النهر القريب ..
معاً كنّا حبيبينِ
وخصمينِ عنيدينِ..
هي الغيمُ الذي سوى
ثلوج الألب والقطبينِ والكونِ..
وكنتُ العشبَ لا أدري
متى يأتي سحاب الأرضِ بالأمطارِ،
والأمطار أحبسها هنا في بؤبؤ العينِ..
مرارا تعبر الأنهار ودياني
فلا أستعطف الأقفال في القنوات،
أو ينهلُّ نبعُ الماء من بيني..
بيني وبينها حلم مشترك ، هي التي باغتتها العنادل وهي تقترف الحب. كانت كلما تمر ، أتحسس ثقوب جسدي ، وجه أثملته التنهدات يسري بروحك كجرس ملائكي أو يهتز كأوتار قيثارة سومرية ، أو هكذا أحسستها لأنني اخترقت حواجز الزمن وحلمت مثلها بعوالمٍ مندثرة. هي وحدها التي هيجّتْ وجداني ودثّرني جنانها الخمري الملتهب ساعة حرماني الصحراوي ووحدتي القمرية.
من يقوى الصمود؟ .. حورية بحرية وعبد أرضي أدمته القيود ؟..آه...
هي الحبُّ، هي الرغبة..
هي الأخوان والصحبة
لها أسَّستُ ديواني
مقاماتي وألحاني
ومنها قدْ جدلتُ الماء بالتربة
إذا غنّت عنادلها
تغنّى الدارُ والعتبة
فهلاّ تهتدي يوماً لعنواني ؟
وتقطف زهر بستاني
وهلاّ زالت الغربة؟
في لحظات التردد تنتحر الفرصة، والفرصة ابنة البرق ، لا يأتي بعدها سوى سيل منهمر جارف. ألا يحق لي الانجراف إذن لمرة واحدة؟.. فما أحلى الموت بين ذراع النسرين وما أروع التوهج بين خصلات الغمام ..إنني مسلوب الإرادة بين مَلكين يتحققان أعمالي، وجهها السرمدي وصوتها المكهرب..
لها أطلقتُ أشواقي
لها من دون عشاقي
هي الدنيا وما فيها
هي الخمّارُ والساقي
ومنها أستقي شعري
ومنها كلّ أوراقي
إذا ما قلت زوريني
تعكّر صفوها الراقي
وإنْ جاءتْ تعانقني
ستتركني بلا باقي
حشرجة كلماتي تتهالك أمام ملكوت إصغائها ، وهمسات أنفاسها تشقّ بئر رئتي حتى أكاد أتنفس ياسمينها وأنفث قرنفلها اللاهث. هي ومذبح الليل تآمرا على سلخي حيّاً ، وهاأنذا أنزف شوقا وأترنح حنانا أحدثها من وعي مقتلي عن سعادتي بها . نازفا يطببني ترنيم حنجرتها الخافت فأختال فرحاً وأنا أتلوى تحت جنح الظلام وبطش جبروتها وسكينتها الجارحة.
4
اخترقتني من كل الزوايا بنظراتها،لم أعرف كيف دخلت قاموسي المشوش ، كنت منغمسا بها كبرعمٍ طفلٍ يُسقى من نبع فراتٍ صاف ويسترخي وعزف عود منفرد..ألهمتني بعض صفاتي فأغمضتُ عيني تاركا لخيالي حرية العوم في المساحات المغلقة ودوائر الإرهاصات الضحلة، مخترقا عباب تيارات الإخفاق المترادفة نحو أفق سلس وبعد غض..
ليس ثمة جدار غير قابل للتصدع، إلاّ إسمنت عزلتي وخرسانة وحدتي واشتهائها..في الليالي هلامية الأقمار، يندسُّ في بدني عبيرها ، فتهزمني الذاكرة ويسلبني السرير حق الرقاد..لذلك أمارسها حبّاً كبلبلٍ في قفصٍ يعذبه التغريد..ها هي ذي تداعبني، تلاطمني، تصفعني أحيانا، لكنني أستمر بحبها خصوصا وهي تضحك كالنسيم الذي غادر العراق..كانت هناك تلاطمها الأفكار، جنودٌ من الفرنجة بلا ملامح، عطبوا ما لديها من حنين..
هيَ الهاجسُ الشاردُ
هي المتعةُ المستديمة..
هي القاتلُ المشتكي
هي البسمةُ المستقيمة..
هي الملتقى والتجلّي
هي الأمسياتُ الأليمة
هي البلبلُ المنتشي
هي الذكرياتُ القديمة
لها وجهُ حورٍ تثنى
على ديمةٍ مستديمة
لها في ارتكابي انتثارٌ
لها... وابتلتني الهزيمة
لم تعد المسافات موجودة وتلك الحواجز لا أثر لها ، القيود مكسورة، وطريق العودة بات سالكا... ها ها ها .. من قال ذلك؟..بل أن الأيام المقبلة باتت قصيرة جدا وستمر دون الرجوع إلى منطق العقل أو منطق التحليل ، فعندما تسحقك الحياة تحت أقدامها الثقيلة ويهرب منك الزمن الباقي في مركبة (آينشتاين) الضوئية ،سوف يشلّ تفكيرك وتأخذك دربكة الأشياء الصغيرة بأصواتها الناعمة فتنبهر وتنساق بسهولة ضمن الدوائر والمسارات في لحظة بارقة ، وفي لحظة أخرى سينهار كل شيء..فما بالك و(آينشتاين) باللغة الألمانية يعني (حجرا واحدا).. ماذا ستفعل إذن لو كانا حجرين قاسيين؟..هي، والعزلة الخانقة.. مضغتُ الحلاوة من ثغر فيها
هي العندليبُ يغني غناء الأقاحي
لمن صمَّ أذناً لذكرى سعيدة..
أخذتُ النعومةَ من وجنتيها
هي النقشُ في غازلاتِ الحريرِ،
وثلجُ جبال الأقاصي البعيدة
وبعضي خرابٌ وبعضي رمال
وبعضي أسىً واحتداد اقتتال..
فهلاّ أسرتُ الأماني الأكيدة؟
تعلّمتُ منها ابتكار الأغاني
وكنتُ غزيراً بشرح المعاني
ولكن علمي تبعثر لمّا
تركتُ انتمائي وحضن القصيدة
5
إنه الزمن الضائع والضوء الذي غادر الأرض يوم نزل عليها الإنسان الأول فصنع ما صنع وقاسى ما قاسى ، فكانت الحياة مجرد نزهة قصيرة ستغادر الأرض مجددا كالإنسان الأول مع شعاع الضوء المغادر في جوف الفضاء السحيق، والفرصة الوحيدة التي تبقى قائمة هي العودة لمنطق العقل والتحليل لاستغلال الوقت القصير المتبقي والذي لابد سيلتحق بالركب المغادر. عندها لن تكون هناك جدوى لأي شيء وعندها أكون قد تهت مع الزمن الضائع.. سبحان الله..
نفرنا إلى الله مثل الحجيج
عساه يكفّرّ عنّا ويعفو
وكنّا نخيطُ الدعاء إليهِ ،
بكلِّ صلاةٍ ووقت أذان
ونأتيهِ قلباً طهوراً صدوقاً
لعلَّ السماء تخفف عنّا
وتفتح باباً لكلّ مُهان
فيا ربُّ إنّا عبيدٌ
ونبغي سماحاً ونبغي أمان
تطلعتُ في هذه الورقة البيضاء ربما أكثر مما ينبغي ، وربما لأنني ما زلت أتخبط في أسطرها المستقيمة. ينتابني شعور ما بالتردي والإحباط،وهذا يحدث عندما أفقد تركيزي ولا أتمكن من تحسس الأشياء المحيطة بي فوجهها على الطرف الآخر من الأرض يعذبني ويشج رونقي ويفض صفاء ذهني، لا أدري، فعندما خطوت خطوتي المرتقبة إلى المجهول، ثمة أسئلة مركونة على الرف راودتني وليس لي أن أسلخها من جلدتها، ولا أن أتركها تتهالك بين الرفوف. آنذاك لم أشأ أن أنزع لحائها على حين غرة لأن أكثر ما أخشاه أن نكون قد مارسنا جميع الأحاسيس دفعة واحدة ونكون قد فقدنا نقائنا لآخر مرة.
كنت أخشى الأمنيات التي لا تتحقق، كما أخشى اليراعات التي تنبذ الرحيق. تلك اللحظات التي صنعناها، كنت أحترمها ولسان حالي يقول: لا تقتلوا اللحظة ، إنها ابنة البرق..والآن أخشى أن جميع اللحظات التي صنعناها ربما قد قتلت. وها هي الأسئلة المنسية تجتث خمولي، أنا الذي تعودت على تصوير الحالة، وتمكنت من استخراج الحب من بين الصخور، ونثرت الأغاني تحت شموس الصحارى الملتهبة، فهل أستطيع الغناء تحت ظلال وارفة وجيوش الغيوم الممطرة تهاجم جفافي؟.. أليست هي محنةٌ مضافة؟.. لعل ما بي هو محض خيال لا ينبغي له التشرد، وجل ما أخشاه أن يأكلني النسيان، آفة الزمن العتيد..ولو كان كذلك سوف أعلم بحلول موسم الانتحار..
فقدتُ الخطى بُعيد ارتحالي،
ونامتْ بباقي شتاتي الهموم..
لأني أسرتُ التمنّي،
وأودعتُ حلمي لسرب طيور..
ربما أحرقتكم أحرّ الأماني
وربَّ الأماني غفت في الركام القديم
وربَّ الأحاسيسُ نبضٌ يفورُ،
بتنّورِ وجداننا المستقيم..
وكنّا سنمضي بدون وداعٍ،
وكانتْ ستحتجُ من رحلنا الراحلات..
6
هي تجربة صعبة وقاسية أدفع ثمنها كل يوم، فالوقوع في شباك التفكير بها كارثة ، فلو أغفلت الزمن ربما أجد نفسي في هاوية مظلمة. والسؤال الذي يطرح نفسه أمامي بقوة: هل تستمر حالة استنفاري القصوى للحرف؟ ومتى يتوقف التدوين وهذا العبث..؟
إنها ممارسة جديدة كلّفتني إعادة برمجة ذهني المختل للحصول على الصورة الأصلية التي كنتها يوما ما، ومن دون الولوج إلى داخل المتاهة مختارا. من المؤكد أن المرء يستطيع التفكير بشكل جلي وواضح عندما تتوفر الأسباب الملائمة، ولكن هذا يتأتى في جو خال من الصدمات المفاجئة وعندما يكون الهدف واضحا ومعروفا وذا طريق مرسومة يمكن السير نحوها بخطى ثابتة غير متعثرة ، وهذا ما افتقدته من سنين طويلة. والآن يعودني ذاك الإحساس بها بعد الغياب القسري ، وأجد أن من واجبي ترميم الصدع النفسي وإعادة الجسور المهدمة. الشيء الباقي الوحيد هو اختيار المسلك السليم والانتصار على التردد..
قواريرُ سِفر الطريق التي تحتوينا ،
استجارت ببعض النذور..
لعلَّ التي ما اصطحبتُ بخيرٍ تكون..
هناك تصلّي لربٍّ كريمٍ،
وتذكي البخور،
لنا أن نعودُ قريباً كسربِ الطيور
إذا ما تقوس ظهر المكانِ،
كشيخ الشتاء..
ولكن دعوى الحبيبُ تلاشت،
وبات الكلام..
وتلكَ القواريرُ ، حملي الثقيل
من الضيمِ أمستْ حطام..
ولمّا بلغنا مدى المستحيل..
وحيداً بقيتُ بدون انفراجٍ،
وعسعسَ ليلٌ طويل..
قالت لي مرة: تلسعني إن كنت ثلجي أو موقدي، وحتى لو أعرضت عنّي ستجدني فيك، أنا لمعة عينيك ومركز بؤبؤها.
آه.. لو تدري إن الأجساد المنتهكة أساطيل مهزومة تحوم عليها طيور النوء كلما حمحمت الظلماء .وإن الفراشات المولعة بصباحات الورد لا تطير ليلاً . وهل تدري إن خطايانا الصغيرة تجتمع في بؤرة واحدة؟ .. وها إنني دجّنتُ أحزاني مذ وطأت المكان وحملت باقات الكلمات الدافئة بين جوانحي أوزعها ككرات الثلج. فكم كرة ذابت، وكم كرة تحتاج المزيد؟.. لا أتقن الحساب يا سيدتي كما أتقن الكلام لذلك خاطبت الطيور المهاجرة بندى أزهار الصباح، وتهجيّت فراشات لوعتها حتى غفت بين ذراعيّ، ولمّا أيقظتها وجدت الفراشات قد تشرنقت. وكان عليّ انتظار صباح جديد.
فقدتُ الخطى من زمانٍ بَعيدٍ قبيلَ ارتحالي،
وبعدَ الرحيل..
وظلت بقايا الأماني تصاحبُ رحلي،
أراها الرفيق الصديق..
فلا أسّسَ الرحلُ بيتاً جديداً،
ولا سربلتني الأماني بعطرِ الحبيب
معاً حطمتنا صخور الطريق..
وبات شرودي متاعي الأثيرُ،
وثوبي الرحيب
فهلاّ أتتني السماءُ بقطرٍ غزيرٍ،
وعودٍ قريب..؟
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=32745
فاتن دراوشة
29-05-2013, 05:59 PM
الحب على قوافل الهجرة
الجزء الثاني
1
ممرات، وربما مضايق تحاصرنا في كوة صغيرة قد تنفذ وقد لا تنفذ، فهل لبصيص نور يأتي عبر مجرّة القلق أن يكشف الظلمة؟.. في منزلق الطرقات ننحدر، نجرُّ ذيول هزائمنا وشمسنا التي كُسفت تحرسنا قصائد آخر الشعراء المجانين،ويراقبنا آجرّ أطلالنا الذي تناثر بالجوار.مرضٌ مزمن عضال يطال تحملنا ، ينهمر من شؤبوب غربتنا، هو الحنين الذي تمطّى على أوتار حسرتنا واستدار يجلد الأفئدة المتكلسة بالحب. منْ يتقمّصُ خيالنا ويأتي كهيئةِ امرأةٍ ترتدي الشذا وتستحمُّ بالزمهرير لتسكب أضواءها المنتقاة على خرابنا المتقد؟.. ثمة أسئلة وأسئلة تجتر قلقنا وتنفث سمومها في البدن ، ولا ندري أهي الريح التي قوضت الشجر وتركت ضواحينا عارية، أم هي الزوابع التائهة التي اهتدت لكهوفنا وصارت تحاصر همسنا المستباح أصلاً؟
لا أثرٌ تبقّى في طريقِ الرجعِ،
لا شجرٌ على ممشى مسالكها،
يدلُّ إلى اتجاه الربع
تعمّدتْ أيدي الرياح خرابها،
وزوابع الأمطار تغتسل الدروب
وخطاكَ في الأفقِ الفسيحِ مذلّةٌ،
تتآكل الأشجار من عصف الهبوب
لا مأوى،
ولا فتحت كهوف الغاب أذرعها،
فنمْ ما بين منتجع القصيدةِ وابتداء التيه..
2
تحسست ندى شفتيكِ هذا الصباح وأنا ألمس البطاقة الملّونة التي أرسلتِ، بضع كلمات مختصرة: لهيبي كبقايا قشٍ لا مستهُ شرارة برق ،فمتى تصبّ فراتكَ قبل أن تأكل النار الهشيم؟
يا الله، كيف أفتح قنوات فراتي وأنا أفتقر لديمة عابرة؟.. أتدرين.. في منزلقي هذا، تهتُ ما بين التقدم والتقهقر فكلاهما يجرّني لخندق ضيّق !! ..فالطريق التي أمامي لا تبدو سالكة أو على الأقل ، لا أملك خرائطها ، والعودة هزيمة جديدة لي وتبدد لأحلامنا المشتركة.. ولكنني مع هذا الصباح وبطاقتك الملّونة، أحسن حالاً فنداوة شفتيك التي تحسستها كانت تتدثر بالسحب الخفيفة التي حامت على سرب النخيل في البطاقة الملّونة..
زفراتها رجعُ الصدى،
وعويلكَ الخابي اصطفاق الريح
ما حطّتْ بقربكَ بجعةٌ،
أو فرَّ من شفتيك شحرورٌ فصيح
عبثاً تهادن فرحةً
ورداءك الحالي سكاكين الكروب
طلٌّ يهفُّ عليكَ من وجهِ الصباحِ،
وأنتَ مرهونٌ إلى سحبٍ سكوب
والماء يجري تحتَ نخلاتٍ عجافٍ
ما حملنَ بتمرةٍ أ فترتجي زمنَ القطوف؟
3
اسمك اليوم أرسمهُ على ورق الجرائد المتناثرة في المقهى العجوز، هذا الذي يبتلع دخان السجائر ولا ينفثها أبداً.. مثلي وأنا أزدرد إعلانات العمل التي تزدريني وتمسح بوجهي سخريتها.. أغلب الإعلانات تبحث عن" شابة حسناء ....." ولأغراض مختلفة . لماذا لا يطلبون مثلا "سيدة أو شابة" بلا "حسناء" ؟ .. أها، هنا شيء مختلف، مطلوب: نادل في بار له القابلية بتوصيل الطلبات للمنازل.. عجيب؟ أهي طلبات البار أم طلبات أخرى؟.. أتدرين أن أفضل ما وفرته هذه الجرائد لي هو استخدامها كمنشفة ليدي أو فرشها تحت " الفلافل" التي ابتعتها من البائع الجوال على ناصية الشارع لزوم الغداء..إضافة للاستخدام السابق الذي تعرفين، وهو رسم اسمك المبجل عليها ليذكرني إنك ما زلت تتنقلين معي حتى في المقاهي الهرمة..
الكوكبُ الأرضي دارَ كمغزلٍ،
في جيبك الخاوي فمن أين النقود؟
تأتي، وأنتَ الساهم المحموم،
تكنسكَ المقاهي للمقاهي،
والحدود إلى الحدود..
فعلام يستهويك دربٌ لا يعود
ومسالكُ الحمّى التي سطّرتها،
ترتجُ في جوف البراكين الخمود؟
سفرات " ماجلاّن" ، رحلُ السندبادِ،
دروبها، الـغاب الذي قطّعتَ،
ما انضمّتْ إليك بواخر الأحبابِ،
أو حملتكَ أمواجٌ إلى حضنٍ ودود..
تبيضُّ عينكَ في الكهوفِ،
وتوشك الأشباح تمتين القيود
4
من أين تأتي ابتسامتكِ اللذيذة لتطلّ عليَّ عبر هذه الأبعاد ؟..لا أدري ، ولكنني كلما تطلعت للشفق البرتقالي وجدتك هناك تفترشين الأفق وتكاد تنطق السحب الخفيفة باسمكِ رذاذا ناعماً يلامس جبهتي المحمومة .. عندما كنّا معاً، نتهادى أحيانا على شاطئ النهر ويدك تنام في حضن يدي مثل طيور بجع وقت استجمامها، لم نكن نحس لحظة واحدة أننا سنفترق مع أنّكِ كنت تسمين تلك النزهات سحاب صيف سرعان ما يمر أو يتبدد..واليوم وبعد أن ارتدى النهر ثوب الحداد، ولم تعد أي بجعة لضفافهِ كي تستجم ،وبعد أن غلّقت القرى أبوابها ، عدتُ بخيالي لتلك الأماكن أستشفُّ عبقها ودفئها بعد أن هدني زمهرير الغرب ولكنني لم أجدك هناك، لا على الضفاف ولا على أبواب تلك القرى.. وحده الحارس الخشبي كان ينتصب أمامي ليمنعني من الدخول ولو بالخيال..
إنْ كنتَ تسأل أو تعيد:
من أين جاءت بابتسامتها،
علامات التوسل ، حاجبيها معبر الأسرار،
للجسد البعيد..
فتعالَ نفترش المدى،
ورداءها الشفق الأكيد..
يا أنتِ يا دفئ المجامر في المكان
كيف انتشرنا في مدار الأرضِ،
كالثلجِ المعفّرِ بالدخان ؟
في ليلة السبي الأخير ؟
اليوم أقفلت القرى أبوابها،
والحارسُ الخشبيُ منهمكٌ بمنصبهِ الخطير
أضلاعهُ العوج امتشاقةُ خنجرٍ،
ويداهُ دولابٌ كسير
يرتجُّ حين تمايلٍ وتطقطقُ الخطواتُ،
إذْ بدأ المسير
من كوّتي في الكهفِ أرقبُ كرشَهُ،
يهتزُّ كالبطِّ السمين
يمشي، وتنبحني كلابُ مسيرهِ،
إنْ رمتُ عوداً بالخيالِ إلى مكحّلةِ العيون
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=33192
فاتن دراوشة
25-07-2013, 03:28 PM
كتب مصطفى بطحيش ـ حمزة فقال
قال ابن الفارض
أوعدوني أوعدوني واخلفوا شأن دين الحب دين الحب لي
وقال الوافي
قد وعدت الحبّ لو أوفي له فوعدني بعطاء الحب لي
فقال بطحيش
جئتكم سغبانُ من سهدٍ وعَي= قرّح الساهدُ مني مقلتيْ
سامرٌ والبدرُ يغري حسنهُ =ظامئ والقطرُ موفورٌ لديْ
كـصــــــــوادٍ ظامأت للهوى= زاد منها الحبّ للحب صدِي
أيها (الــــــوافي) إذا واعدته= بزغَ الفجرُ على قطرٍ وري
فانشد السقيا إذا الفجرُ بدا =وارصد الأفلاك إن طال النأي
وتعلل بالقوافي واسقني =من قراح الشعر موفورا ندي
ساهرٌ والليلُ ينأى بالكرى =ظامئ والشعر يجري في يديْ
أيها الظامئ والشعر جرى =من جذا الإصباح في فجر بهي
إسقــــني كــأس القـــــــــوافي صرفةً= ترتقُ الأرواح ما أضناها غي
رُدّ صاح بجذاها لهفتي =فدواء الشعر بالشعر أخيْ
قال الوافي
هاهنا أنْ الكرى في مقلتي= ومضى الساهر يغفو في يدي
رب صوتٍ حالمٍ جاورته =فوجدت الحلم يكسو ناظريّ
إيه ياحمزُ وقد عنّ الهوى =شاعر الحزن، كأحزاني لدي
إن هي الرؤيا إذن لو نلتقي =نزرع الجرأة في خوف الرويّ
قال بطحيش
أيها (الوافي) وقد غيــل الروي= منْ سواكم إن طمى الغدرُ وفيْ
ربّ شعرٍ بان في ذي دُجنةٍ =فزها الداجي به نورا وضي
فارو شعرا فاق من نسغ مضى= ولحونا جازت الآناء طي
غنّ ( رصدا) تاقت الروح له =هكذا (زرياب ) أشجى مسمعيّ
وابعث الروح شـبابا نابضا =فارقاً ما بيـن موؤود وحي
لاح في باصــــرتي لاحٍ نعى =جذرهُ .. ذاوٍ تولاه النـعي
ويـحه هل أورق الــــدوح ولا= جذرَ له أو حاكت الأغصان فيْ
صاديات النخل من شُحٍ سقت =أعذقها فاساقطت يسرا جني
شـاخ سعــــف النخل لكن لم يشخ= وزها الشطبُ على جدبٍ فحي
علـــلوني بالقـــوافي ويلي من= قاتلٍ الأقراء عن عمدٍ و وي
قال ثم بَلُتَ القريض فقلت
قد وعدت الشعر، لو توفي له =لنضى عنه من الآلام كيْ
فهل يهمي القنيف؟
فقال أحمد حسين أحمد:
جــاءنا يعــــزفُ لــــحناً سـاهداً= فأصاب النخلُ عطباً موسميْ
ينـــحنــي الـــنخــــــــــــــلُ إذا مرَّ بهِ= شاعرٌ يعزفُ في ليلٍ سنيْ
أيهــــا الشـــادي ألا مـــــن نغمةٍ =تُذهبُ الأحزان من صبٍّ وفيْ
أنشــدَ الشــعرَ فغــنّى للهوى =والهــوى لاهٍ فما أعطاهُ شيْ
سامـهُ القهرُ ســــلافات الجوى= وسقاهُ البعد أمزان النعي
أنــــــتَ إن أنشــــــدتَ تــحيي ميتاً= مالهُ قبرٌ ولا وطنٌ أبيّ
مالـــه غــير القوافي سلوة =وقريض الشعرِ إن عزّ السليْ
فلتغنيّه ولو في غفــلةٍ =عــن عـيون الليل والبدر العليّ
أحرق الحـزن حــروفــي ومضى= يخبرُ(الوافي) بما قد مـر بي
في بطون القحطِ عشنا زمناً =فالتجأنا لتخوم الأجنبيّ
نحســـبُ الغـــربة بيـتاً آمناً =فإذابالبيتِ سجنٌ دائميّ
فلــتغنينا بمــا صــــنع النوى =بنديمِ الأمسِ لا تقسو عَليّ
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=5700
فاتن دراوشة
25-07-2013, 03:35 PM
بكتْ السماء
أحمد حسيـن أحمد
إليها أينما كانت ، نزيفي بيوم مولدها
١
بكتْ الســـماءُ تأسفــاً
واسـتقـطبتْ آهاتي
من ألفِ عامٍ والسماءُ حزينةٌ
لمــــّا هــجرتُ سماتي
فارقتها
في يومِ مولدها السعيد مودّعاً
ثمَّ استـــخرتُ شتاتي
وأنا الذي أسكنتها قلمي
لهيباً حارقاً
وأنا الذي أحببتها
كالـطيرِ للشجراتِ
واليوم أوقدتْ السماء بريقها
وهَمَتْ بغيثٍ
لاهب القطراتِ
٢
سفرٌ ، وشرخٌ في الوجيعِ الدامي
ما أزهرتْ أحلامنا
بلّ أينعت آلامي
لا توقدي الشمعاتَ هذا اليوم
لا تتزيني
بلْ أوقدي أكوامي
إنّــي رحلتُ الى السرابِ
أظنّــهُ غيثاً هما
فتيـبّــستْ أقدامي
٣
عيدُ التشرّدِ كانَ عيدي العابسُ
عيــــد الشروخِ الُمرتجى
عيــــــدٌبهــيٌّ يابسُ
لوتعلمي أيُ السرارات انتشتْ
بدواخلي
و أنا أموتُ كما يموتُ الفارسُ؟
٤
عـودتُ نــفسي أنْ أباتَ على الطوى
حبساً وسجنا
ما زالتْ الاشواق من نفسي ولا
شابتْ وشبنا
قطّــعتُ أوصالَ الهوى حتْى البقايا
ما زالَ من قلبي الهوى
وازدّدتِ حُســنا
لــو إنَّ في هجري دواءً يُرتجى
ما متُّ وهْنا
٥
من قبـــلُ عيدكِ ذا قد مرًّ عيدي
إنْ تـــسألي كيفَ انقضى
خـلفَ الحدودِ؟
مــرّي على قبري الذي أودعتهُ
سـرَّ الخلودِ
بــمكانِ لقيانا وكنتُ أضمّكِ
ضـــمَّ البوارج للحديدِ
تجــديــنني أسقي المكانِ مجدّداً
بدمي وجودي
٦
إنْ متُّ واستلمت يداي كتابها
مسكَ اليميـنِ
لن أدخـل الجنــّاتَ منتشياً ولن
أســعى لنيلِ الخلدِ
في اليومِ المبيـنِ
حتّـى أراكِ هناكَ تستبقيـنَ
أو فامضي بدوني
٧
بـــكتْ الـــسمـاءُ تودّداً وترحمّـا
لا لستُ أعرفُ كيف أفرحُ عندما
تتودّديـنَ وتختبي بمشاعري
أنا أرفـضُ أنْ تــدّسي البلسما
في جنــحِ حلمٍ خافتٍ لا ينبغي
أنْ يــحتوي قلقي ويوقدُ أنجما
عيدي هو اللقيا ولستُ أرومها
بالحلمِ تأسرني وما
أحببــتُ إيقادَ الشموعِ تفائلاً
لكنّها غيثي
وذاغيثــي هما
٨
جودي
فعصفـي راقـدٌ بيـنَ الزنودِ
إنْ أيـقضتهُ احتقنتْ أصولي
واستفاقَ تألقي عبقَ الجدودِ
لا تفرحي
عيدي أتى بســفيـنِ أعداءٍ لنا
سحقوا وجودي
لما استفــزَّ قريحتي خطبٌ
وحـطَّ على قرى بلد الرشيدِ
٩
والله لو وضعوا سروري
في مطـــنفـســةٍ يطالُ سرورها
الملكُ القديرُ
ما عفتها تحبو بأرضٍ
داسها الاغرابُ
وافترشوا حصيري
١٠
أقحمتها شرخي
وكنتُ أحبُّــها
حـــبُّ البساطــةِ للفقيرِ
ما همّـــهاالإعياءُ ، لا
لمْ تبتغِ الاسفارُ
فهيَ حبيبتي وحبوري
مُــذْ خانَهــا الاعرابُ
واحتقروا مصــيري
١١
بكـتْ الــسماءُ فمزّقتْ أكبادي
هلْ يُبتلــى بالضيمِ إلاّ
مَـــنْ يطوف سُهــادي؟
أحببتها
كانــتْ مواقدسهرتي وعمادي
وقتَ الشتاءِ
وبـرّدها يأتي إذا
مــا قدّرتْ أبعادي
لا تسّتحمّوا
والخريفُ مجنــّدٌ بعتادِ
هذا الذي قــدْ دجــّجَ الاجنادَ
ليسَ مسالماً
لا ليــسَ نــعرفهُ وتلكَ بلادي
لا تقبلَ المحروم من إرثٍ
ولا مَــنْ نسـلهُ رجسٌ أتى بفسادِ
١٢
فلتوقــدي شـمعاً ولا تتبسمي
إن نحـنُ قتّلنا العدو السادي
هي فرحتي
يومَ الجلاء سنلتقي
والموتُ للأوغادِ
ألمانيا ١/١٠/٢٠٠٣
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=5547
فاتن دراوشة
25-07-2013, 03:45 PM
الرصيف
أحمد حسيـن أحمد
مهداة للشاعر اللبناني سامر
1
تناختْ بوجهي نجوم المساء
فأسّــســــتُ بئراً بوجهِ القمرْ
تردهُ العذارى
وبعضُ الغجرْ
وقسمٌ من العابريـن الحيارى
أقاموا هناك
لرصد الضجرْ
فقال الرصيفُ
أتهزأ منّـــي؟
أنا مـنْ رماكَ لذاكَ المساء
ودثّـــــرَ قبوكَ بالعابريـن
فكـــيفَ تتوقُ العذارى
لمرمى حجر؟
وكـــيــــفَ سـكــــــبتَ مياهً بوادي القمرْ ؟
فقلتُ : هناكَ تركتُ حبيباً
بُعيدَ ارتحالي
نذرتُ لهُ نافضات الشجرْ
تــغطيهِ وقتَ ربيـعٍ
ووقت انتثار المطرْ
فصارَ مزاراً
لبعض الصبايا
وبعض اللذيـن أقاموا الحفرْ
وإنـي أراهُ هناكَ
بوجه القمرْ
٢
أفاقَ الرصيفُ
علـــى بعــض منْ عفْــــروهُ بنثرِ الثرى
وكان يراني
وكنتُ أرى
خيالاً لبعض الصبايا
مـــررنَ بذاكَ الرصيفِ
ســــراباً جرى
فـقلتُ لهُ : منْ أثارَ الغبارُ؟
فقال : الذي قد طواني بريحٍ رطيبٍ
ودسّ الكرى
٣
تقــــدّمتُ لمحاً لذاك الرصيفِ
عســــــاني أجسُّ ثراهُ
وأغزو المكان
ففــزَّ الرصيفُ
وقال : أتغزو بليلٍ
وهذا الزمانُ
خبيرٌ بغزو الليالي
وخطفِ الحسان
وســلْ من أتانا بركبٍ غريبٍ
من المشتري يشترينا
الجبان
فقلت : السماح جناب الرصيفِ
ظننـــتُ البسالةَ أن نفتدي
بلاداً أطــلّتْ على الفرقديـنِ
وإنّي حــسبتُ القتالَ نزيهاً
فشــذّبتُ سيفي
وظهر الحصان
٤
تناخـــــت صفوفُ الأعادي
ولمْ تحتويني حواشي الرصيف
تنفّــــستُ ظلماً
ونمتُ بُعيد العشاء الخفيف
وكانت بقربي
تسومُ احتقاري
هــي الــــخَفْــــرُ إذْ هـتّــكتْ في ازدرائي
بقايا النزيف
لبسـتُ حجاباتها واستخرتُ الإله
كـأيّ مليكٍ غفا
مثل باقي الملوكِ
وذاكَ الــــــذي حثّــهُ المستحيل
فقال : ألا هل تسامرُ بؤسي؟
وأهديكَ ثوبي الشفيف
تناخت ، وكنتُ أسوّي صفوفي
كما والصلاةُ تقامُ لجلب المطرْ
فحطَّ القدرْ
فوق رأس الغزاةِ
وبعض الـــنفرْ
من العابريـن
ومـنْ قد تخطّى حواشي الرصيف
ألست معي؟
أيهـا الخوفُ لـمّا التقينا وبعضُ الصحابِ
بكوا عندما حــلَّ في الربعةِ الأغبياء؟
هناك التقينا
وكانوا كعـــصبةِ إخوان يوسف
وذا الـــبئرُ حــلٌّ علينا
فهلاّ رميتم
بهِ مستريحاً
وكان الخلاص؟
٥
رمـــوهُ..؟
نعـــــم، هـــــم رموهُ، وسوّوا الغطاء
بإسمنتِ حقدٍ دفيـن
لكــي لا يشوفُ رعاةُ الفلاةِ
مكانَ الـــسقايةِ بعد قرون
فيدلون دلواً
فيخرجُ زيتٌ وطيـن
6
وتجترّني ..؟
مثلما عامرات الكروشِ
ألمْ نلتقي في الصباح البهيجِ..؟
ألســتَ الذي مــدَّ سيفاً
أخافَ الفراغ..؟
أراكَ تـــدكّ القلاعَ
وما مـــن قــلاعٍ تُدينُ بدينٍ إلينا
ولا سدرةٍ في العراء..؟
كفاكَ اختيالاً
أنا صـــاحبٌ للقبورِ
ونقرُ الصقورِ
ونبشُ البشرْ
كفاك علّــواً ، وتلك الرياح
نســــيمٌ تـحـسّـستُ عرقوبهِ يستديرُ
وبالٌ علينا
فلا تطلق الجارحات الرماح
كفانا التردي ورمي القداح
وسلْ ضاربات الرمال
أنحنُ خسرنا..!
أم إنـــا بلينا بقرعِ الطبول
٧
طبـــــــــولٌ لحربٍ أقضّتْ قرانا
قرعنا صداها
ولـمّا ارعوينا
فـما زال قرعُ الطبولِ
هــديراً يصــمُّ الأذان
ء أنتَ الذي مــسَّ
حلمي الخفيف؟
وكنتُ أمــرُّ على حاشيات الرصيف
كـــــراديسُ جندٍ
وصعقٍ وخوف
أخذتَ ردائي الوحيد
وأرهـــقتَ برقي وجرحاً يطوف
كما كعبةٍ قد سلاها الحجيج
ألم تسمع الداويات..؟
ألم ترتقي بالأجيجِ
سماعاً
لذاك الضجيج..؟
رأيتُ الوجوهَ
برغم الدخان...!
فكيف استباحتْ عيون الأعادي
المكان؟
وتـــسأل أيضاً..؟
أنا منْ أنا..؟
أنا المــــرهقُ السامريُ
أنا وهجةٌ من حياء
أنا شذرةٌ من بقايا بكاء
وعودي
ـ وعــــرقوبُ يدري ـ
بانّ وعودي خواء
وعصف الشتاء
أتانا من الربعةِ الخاوية
ويبقى الرصيف
ألمانيا ٦/١٠/٢٠٠٣
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=5421
فاتن دراوشة
25-07-2013, 03:50 PM
في الغابة السوداء
أحمد حسين أحمد
الليلُ في المنفى ينـادمني فيشربني الضباب
كالزمهريرِ تلفني أهدابها الأرض الغريبة
والريحُ أحصنةُ السباق تجرني جرّ السحاب
مَـــنْ دقّ باب الغرب لا عودٌ لهُ شرقاً
وليس لديه باب
في الغابة السوداء يزرعني الغياب
يوماً فيوماً يبتدي أجلي
وقد ذهب الشباب
وهناك تنــــتظرين سربَ يمامي النائي يحطُّ على القباب
مأسورةً تتصيدين
دَفقَ الزوابع والبروق
عيناكِ في ليل الكرى تترقبان
نجماً يشعُّ مع الأذان
والـبابُ خلّــعهُ الجنود
جاءوا من المرّيخ تسحبهم طواغيت اليهود
وأنا كجذع السنديان
في الغابة السوداء يشرخني المكان
ما بيـن ماخورٍ ومنزولٍ وحان
أبني قصوري من سحابات الدخان
الغاب ينزع نابضي
والــــــريحُ صـرٌّ زمهرير
ها إننـي فــي قلب إعصارٍ أدورُ وتستجير
رمضاؤنا بالقيضِ
والجيش الكسير
ومدينتي غرقى يداهمها الشخير
مَـــنْ ذا يسوس الخيل والمرعى بلا كلأٍ فقير؟
ها إنَّ دربي للعراق مقابرٌ
تزهو بشاخصها الكبير
فعلام يكرهني الضمير؟
وعــــلامَ عـيناكِ الجميلةُ تستجيرُ بمستجير؟
يـــا ويحها الأرضُ التي هبطت على وحيٍ حقير
مــرَّ المساءُ وأنتِ في ثكناتهِ تتمرغيـن
ما نــزَّ جرحكِ في سجون القهرِ
أو ســـلبوكِ ديــن
عُــريٌ عــلـى عُـريٍ فتزدهرُ الغصون
في الغابة السوداء يزرعني المساءُ ثقوب طيـن
الــيـومُ أشبـــه بالجــحيمِ يمـــرُّ والمنفى حزيـن
وعيون آلاف القواقع في دمي تسري
فتنبثقُ العيون
حـــولي وجــــدولكِ الخريرُ أتتهُ باسقةُ النخيل
بالخـيلِ توردها فتسمعكِ الصهيل
وجعي النبيل
لا زال يــنضحُ بالدماءِ كما قتيل
تركـوهُ فـــي بــرِّ العراق مجندلاً
ويــداهُ تحتضنُ الأصيل
أظننتِ أنّكِ بالغزاةِ ستسعدين؟
ويـمـرُّ يومــكِ بـــاتئادٍ لا تطاردهُ الشجون؟
وعسى أعودُ إليكِ أو تتلمسي وجهي بركبِ القادمين
يلقي عليـكِ ظلالهُ بالياسمين
وتفيـــضُ دجلةَ بالغلالِ وبالطحين
بــــدل الـجماجمِ والقبور
هاهم يعــرّون العراقَ من النخيل
والقاصفاتُ تنادمــت بدمِ العراةِ وبالزيوت
وسيطعموكِ قصائدي حتى القشور
في ساحة الشفقِ الظليل
وحدي يجندلنـــي المـساءُ على جذوع السنديان
في الغـــابةِ السوداءِ يشرخني الهوان
خيطاً من الدمِ والدخان
والليلُ في بغداد يقتطعُ النهود
أسوارها المــــتصدعاتِ تلوح لي جثثاً
كما خُسِفتْ ثمود
والنهرُ بالموتى وبالصرعى يجود
وعيونكِ البارودُ تحرقني
وينثرني المكان
طللاً كطعـم الزعفران
ما بين ماخورٍ ومنزولٍ وحان
عيناكِ في نجم الثريا ترقبان
نجمــاً يـــشــعُّ مع الأذان
ألمانيا ٨/٦/٢٠٠٤
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
الغابة السوداء Schwarzwald:-
هي أكبر غابة في أوربا حيث أسكن الآن
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=5399
فاتن دراوشة
25-07-2013, 03:57 PM
وتسأل عنّي
أحمد حسين الأحمد
سألت عني قائلــــــة : أين أنــت يا سيد الحضور، تطّــير في أعيننا البجعات البيضاء؟
على رابية الأحزان تلقيني
على بوابة الموتى
وتحتَ جدار برلين
أعـــــــدُّ بذار أعوامي ثلاثاً بعد خمسينِ
فلا تسلي
سؤالكِ بات يؤذيني
أنا أنمو كبكتريا
بلا وطنٍ وتكوينِ
أجوبُ سواحل الأشواق
كالأشباح في الليلِ
وأرســـمُ شكــلكِ المنسيّ في نافورةِ العقلِ
مكبلةَ بأصفادٍ لها مكر الثعابيـنِ
طلاها الغربُ بالبارود والقطران والطينِ
مــــبعثرةٌ خطايَ هنا
وأنتَ هناكَ تقتطعين أجزاء الشرايينِ
فلا تسلي، أنا أدنو من القبرِ
وروحـــــي تعبرُالأجواء فوق النخلِ والنهرِ
إذا صادفتها في ليلكِ الهمجي ضمّيها
ورشّــي بعض ما فيها
من الأشواق والشعرِ
على مــن ضلّ في الساحاتِ من طهرِ
ولــــمْ يمسسهُ مرتزقٌ
ولمْ يهتزّ بالقهرِ
أنـا يا ســـاحلــي العربيُ مصلوبٌ من العرقوبِ للنحرِ
وروحــــي ترتـــمي مأسورةً كالماءِ في القطرِ
سؤالكِ جاء يصفعي
صـــــــــراخٌ بــدّدَ الصمتا
إذا أسكنتهُ قدري
عـــبرتُ مسالكاً شتّــى
وعـــدتُ إليكِ منسلخاً
على مسّـــرى خطى الموتى
على مقصورة الأحزان يجرفني
صقيع الغرب للمشتى
أعانـقُ ليلَ أقبيتي
وأستجدي الهوى حتّــى
أضــمُّ سواد عينيكِ
فيملأني الدجى موتا
ألا تدريـن يا عصفورة الشطآن ما يجري؟
هواي الســمُّ في صيروتي يسري
سيدفعني إلى قبري
وأنتِ خلاصة الأحزان تصطاديـن في بحري
شوارعُ هذه الأصقاع مقفرةٌ
كرهتُ مسار ممشاها
تراقبني مسالكها
وتغرزُ في دمي فاها
لتشريني
لتشرخني
وأنــــتَ هناكَ يا وطني
يقطّــعكَ العدا فأصيحُ : أواها
شوارع هذه الأصقاع عاهرةٌ
ستلصقني على الحيطانِ عرياناً
كإعـــــلاناتِ مبغاها
أتذكرُ أيهـــا المنفيُ لون جبال وادينا؟
أليس اللونُ مجبولٌ برايات الوغى في صدر ماضينا؟
أضاءَ معابر التاريخ حيـن أنار مسراها
أراهُ اليوم يستحيي ضحاياها
ويمشي هازلاً ما بيـن قتلاها
ويســـتسقي بقايا من دمٍ فينا
أتــــــــــدري إنني ما مـتُّ، لولاها؟
لو أن الغربَ سمّــرني على المعبر
وحطَّ البعدُ في صيرورتي خنجر
إذن لعـــبرتُ مبتسماً
إذا أسرجتِ مهر غرامنا الأسمر
أنا يا ساحلي الأخضر
كمــــــا بــــجعاتكِ البيضاء حتماً تكرهُ المهجر
أنا ونسيمكِ العنبر
سأرجعُ رغم ما زرعوا من العسكر
ألمانيا ٢٥/٧/٢٠٠٤
ملاحظة/ القصيدة فازت بالمركز الأول بشعر التفعيلة بمهرجان عكاظ الثالث 9_2004
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=5483
فاتن دراوشة
25-07-2013, 04:03 PM
دعني لثلجي
أحمد حسين أحمد
إلى النديم مصطفى بطحيش الذي دعاني لوليمة شعر يوم كان قلبي يحترق بنيران غزة
القلبُ ينبضُ بالقهر
والشعرُ يصرعهُ التتر
يا صاحبي الحلبيُ،
يا عطر المسامر في الليالي الداجياتِ،
إليكَ ألجأ لا مفر
وحصاديَ اليوميُ،
نزفٌ في الديارِ ،
ومصرعٌ للحبِ في وضح القمر
اليومُ أعزفُ نازفي،
وأبوحُ بوحي للضواري ،
والجرائمُ بالجرائمِ تُستتر
اليومُ يحكمنا الرعاعُ،
وزمرةٌ للخائنين
بالأمسِ قدمنا العراق هديةً
من محسنين
واليوم غزّةَ تُستباح ،
ولا يحرّكنا الأنين
وأنت أدرى بالمصابِ،
وعارفٌ بالعارفين
وتُريدني آتيكَ طلّي من سفوح الثلجِ ميّاساً،
ترعرع في عبير الياسمين؟
ها أنت تأتي منذراً،
"بهبوب عاصفة الشتاء"
فبأيِّ مأوى نلتقي
وبأيِّ لحنٍ أرتدي ثوب اللقاء؟
يا صاحبي دعني لثلجي فالقريضُ يدكّني
دكَّ المدافعِ في المساء
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=33793
فاتن دراوشة
25-07-2013, 04:11 PM
مطالب منتدبة
أحمد حسين أحمد
أسائلُ عنكِ النجمَ عندَ الكواكبِ
وأخطبُ ودَّ الشمسِ بعدَ المغاربِ
وأحسبُ أني قدْ حظيتُ ودادكم
ولمْ أدرِ أن الودَّ رجعٌ لذاهبِ
فيا ليتَ ما بيني وبينكِ واحدٌ
وبينَ البيانينِ أنفاسُ راغبِ
عرفتكِ قبلي وقدْ سَدَّ مهجتي
وقوعُ التنائي في أصولِ المآربِ
ولكنَّ مُهري جدّدَ السيرُ لاهثاً
فما هوَ إلاّ واصلٌ للمطالبِ
وما طلبي لمنْ قدْ قُدَّ رَسمهُ
بظلّي، ألا فلتستعدُ رَكائبي
لخوضِ غِمارَ القُربِ والقربُ ينتهي
بنأيِ قريبٍ والبعيدُ بجانبي
فإنْ تسألينَ: لِمَ القربُ هدّني؟
أقولُ : بأنّي سليلٌ، ربّما، للعقاربِ
قضيتُ حياتي مثلما قدْ قضيتها
فما كنتُ مرموقاً ولستُ بسالبِ
وكان رحيلي من بلادي جريمةٌ
وأكثرُ أن ترقى ظهورَ العواقبِ
فمن قارّةٍ أُلقى لنحو بديلها
يطولُ اغترابي ويبّيضُّ شاربي
أقارعُ حرَّ البيدِ والرملُ دوننا
في (كفرة) السودانِ شوقاً لقاربِ
تهادى بليلٍ فوقَ (دجلةَ) مثقلاً
بخيراتِ أرضنا وعذبِ المشاربِ
ومن ( ريجل) الألمانِ أشدو قصيدتي
و أُ كثرُ من ذكرِ الحبيبِ المعاتبِ
ينامُ كما مثلي بدون جفونهِ
ويربطُ هدباً إلى طرفِ حاجبِ
يذكّرني كيفَ استقرَّ مقامنا
على كوّةٍ سوداء بين النوادب
كذا كنتُ أحيا والصحابُ تضمني
كما ضمَّ ليلٌ نجمهُ في الغياهبِ
فلألأ جوف الكونِ بالحسنِ مثلما
تلألأ في بحرٍ عيونُ الشوائبِ
وحقَّ لنا أن تستقيمَ أمورنا
ويدركُ منْ يدري أمورَ المقالبِ
أن الحياةَ كما الخيال قصيرةٌ
وأكثرُ ما يجنيهِ بعضَ الرغائبِ
كذا سارتْ الأحداث وازداد نأينا
واستنفد الإبحار سعياً لصاحبِ
بأيِّ بلادٍ لنا ولو في سقيفةٍ
تجلّلها الأمطارُ من كلِّ جانبِ
يُسيّرُ منها الحبُّ حتّى لتحتوي
بقايا دموعٍ من عيونِ المصائبِ
ألمانيا في 26/10/2011
فاتن دراوشة
25-07-2013, 04:15 PM
عشّاق
أحمد حسين أحمد
عرفتُ الحبَّ يأتينا ارتفاقا
ويدري القلبُ أيَّ دمٍ أراقا
إذا طلع الصباحُ بفجرِ عُشقٍ
تلاقى في الظهيرةِ من تلاقى
من العشّاقِ فاجتمعوا بنجدٍ
خَليِّ الناس لا رغبوا فراقا
وأسّسَ نابضٌ لهمُ الخلايا
مناصفةً فزادوهُ ائتِلاقا
كذا يتربّصُ المكنونُ فينا
كصيّادٍ إذا شددَ الوثاقا
فضمَّ فريسةً للركبِ قسراً
فلا فلتتْ وطابَ لها التصاقا
أخبّرُ مَنْ وددتُ بأنَّ شوقي
عظيمُ العمقِ يزدادُ اشتياقا
فمنذُ تركتُ أهلي في عراقٍ
أسّيرُ في شراييني عراقا
ولو عرفَ العراق مدى حنيني
لتربتهِ لطوقني نطاقا
وسارَ معي إلى ما لا حدودٍ
ومدَّ حدودَهُ قدماً وساقا
إلى حيث الحبيبةُ في مكانٍ
تّدارُ بهِ المُدام فما أفاقا
وصار بضمنا يزدادُ سكراً
ونحنُ بضمّهِ ازددنا عناقا
أما وجميعُ من حولي نيامٌ
فما عرفوا وما منهم أفاقا
بأنّي أستعدُّ لبذلِ نفسي
إلى نارٍ ولا أخشى احتراقا
فنيرانُ الهوى بعضُ افتراضٍ
سأشربها وأنفثها انتشاقا
هنالكَ عندَ برِّ الغاب أدنو
ونخلُ الشطِّ يعلونا فَواقا
وخوصُ شريعةٍ للنهرِ يُضفي
إلى شجرٍ يظلّلُ لي رواقا
أقيّلُ عندهُ ظهراً لعصرٍ
ويؤذنُ لي المؤّذنُ ما تباقى
من الفرضِ العسيرِ إذا تراخى
وتُقبلُ سُنّتي فرضاً طِباقا
ألمانيا 28/10/11
فاتن دراوشة
25-07-2013, 04:18 PM
ياسمين
أحمد حسين أحمد
وفاتنةٍ رأتها العينُ وهجاً
تربّى في لظاهُ الاحمرارُ
فأحدثَ وهجها عندي خراباً
جداراً كنتُ فانهدَّ الجدارُ
فقلتُ لها: أ أنتِ النارُ تسعى؟
ومِنْ مثلي يؤججهُ الشرارُ
ألا رفقاً فهذا الدربُ أبغي
و جونُ اللـيلِ بدّدهُ النهارُ
ففي (دار السلام) تركتُ قلبي
فسابـقني إليكِ فهلْ يجارُ
عفيفاً جئتُ ملتحفاً وقاري
فلمّا جئتِ فارقني الوقارُ
فقالتْ لي: أمنْ (بغدادَ) تأتي؟
منارُ الخلـدِ فيها والعِمارُ
هنالكَ معبد العشّاقِ صرحٌ
وما عـندي يخالطهُ الغبارُ
أنا في تربةٍ سمراء أنمو
وأعبقُ عندما تحلو الثمارُ
فدعْ عنكَ الهواجسَ لستُ نوراً
أنا زهرُ البريّةِ والقفارُ
فلو ترنـو إلـيَّ ترى عروقي
ولو حدقّتَ في جذري تحارُ
فقلتُ لها وفي الأحشاءِ نارٌ
عرفتكِ دلّني هذا الحوارُ
فأنتِ الياسمين فدتكِ نفسي
تحدَّثَ عنك عندي الجلّنارُ
أتيتُ بلادكم وسلوتُ نفسي
تعبتُ وهدّني ذاكَ الحصارُ
و كـنتُ أرومُ وصلاً غير إنّي
أخافُ القوم إنْ عبسوا وثاروا
فإنْ خبأتني بين الثنايا
يغازلكِ القصيدُ لكِ القرارُ
وإنْ طابَ اللقاء فدثّريني
ولا تخشي عليَّ إذا أغاروا
فداءُ الحـبِّ قرباناً سأغدو
وهل للصبِّ إلاّ الانتحارُ
دعيني ألثمُ التيجانِ حتّى
أعبُّ النسغَ يأخذني الدوارُ
فيسقيني الهوى خمر البراري
يدحرجني لجنّتكِ العقارُ
فقالتْ: إنْ أردتَ تعالَ ليلاً
سيستركَ الظلامُ هو الستارُ
لدى قومي الغريبُ يموت غمّاً
وما للصبِّ إلاّ الانتظارُ
على عجلٍ تقبّلُ وردَ خدّي
يدثّركَ احتوائي والإزارُ
وحاذر أنْ تـنامَ وأنتَ عندي
وعاجلـني القصيدَ هو الخيارُ
تطيبُ النفس يعبقُ كلّ عطري
فتعشقهُ ويعشقكَ الدثارُ
الكفرة ٢٠٠١
فاتن دراوشة
25-07-2013, 04:22 PM
أيها الشعر
أحمد حسين أحمد
1
أيها الشعر تشدّد
من جديد
إنَّ في أعماقنا مدٌّ تسامى
حانَ أن يطلق من أحزاننا
الحلم الوليد
أيها الشعر تمدّد
كثلوج الحسرات الهامدة
ونداءات السبايا تحت أقدامِ
الحشود الحاقدة
أيها الشعر تنهّد
كالمياه الراكدة
والمقاهي والملاهي
وبراكين العيون الخامدة
نحنُ شعب الكلمات الشاردة
وعبيدٌ للرموزِ
الفاسدة
أيها الشعر تشدّد
إننا ندخلُ حربا
باردة
2
أيها الشعر تجلد
واجمع النص الشريد
حان أن يصرخ فينا
ما تخمّر من صديد
هدّنا بطشُ أهالينا النشامى
فتناثرنا كما هشمُ ثريد
أيها الشعرُ تـبدّد
كالغيوم الصاعدة
كالبلايا والنوايا
ورسالات الجدود الخالدة
والسبايا والعرايا
وملايينِ الجياعِ الساجدة
تحتَ أقدامِ الولاةْ
وهراوات الغزاة
بـين أحـضانِ حقولِ النفطِ
في أرضِ الـدموع الجامدة
٣
أيها الشعر تشرّد
ببرود
في قرانا وثرانا
وسحاباتِ بلانا
قـدْ تخطيتَ الحدود
واستبحتَ العرشَ والكرسيَّ
والمولى الحقود
نحنُ شعبُ الخارقات الصامدة
ونعاجٌ سلختها القاعدة
عندما حطّتْ على تلكَ السدود
أيـها الشعرُ تردّد
قدْ صنعنا المجدَ رعباً
ثمَّ عدنا من جديد
نشتري الأمجادَ غزواً
مـن بقايـا
لشظايا
تتمطّى في سراويلِ الجنود
٤
أيها الشعرُ توسّد
نبضَ قلبي والسرايا الواعدة
عند بيـتٍ ضمَّ مسرانا
وأسرانا
وأشلاء البراقْ
عندَ فتقٍ
عند شدقٍ
في قرى بيسان والأقصى المعاق
عند غرسٍ
وقت عرسٍ
يتلوى في بساتين العراق
يعزف اللحن سعيدا
يتفشّى
يتمشى
كوباءٍ في قرانا
وثرانا
والزقاق
نحنُ شعب النظرات الحاسدة
ومرايا للحروف الناقدة
عندما نعشق يكوينا الفراق
5
أيها الشعر تنازل
وترجَّ الأعتدة
هي بوحٌ
هي نوحٌ
هي خسفٌ للجيوش الفاسدة
ألمانيا
٢٢/١٠/٢٠٠٣
فاتن دراوشة
25-07-2013, 04:25 PM
القرد والدف
أحمد حسين أحمد
وددنا لو عرفنا السرَّ
ما يخفيهِ هذا الكاهنُ الفنّانُ،
بين السطرِ والحرفِ
لكنّا قد أرحنا الناسَ،
والأبياتُ ننزعُها منَ الرفَِ
لعمري أنها مثلُ الحوار،
الغابر المغمور،
بين القردِ والدفِّ
فقال القردُ:
أرقصني،
فأمنحكَ العلا طرباً
بدقّ الكفَّ بالكفِّ
فقال الدفُّ :
يا هذا، أَما تدري،
لقدْ عفنا فنونَ العزفِ،
واخترنا السقايةَ،
بين حقلِ الدخنِ،
والجرفِ!!
ألمانيا 22/9/2003
فاتن دراوشة
25-07-2013, 04:35 PM
حكاية الطريق
أحمد حسين أحمد
( للطرقِ أحيانا بعض الهفوات، وهذه إحداها)
1ـ الطريق إلى أربيل
خلفي بغداد وأحلامي
وأمامي جبلُ الأوهامِ
دنيا إن شاءت تمنحني
أو شاءت تنثرُ أكوامي
في الدربِ حكايات تمضي
تحّتكُ برأسي الهيّام
خلفي أتلفّتُ مرعوباً
لا شيء سوى ألمي الدامي
وطريقاً جئتُ لأسلكُها،
تسرقني من بين ركامي
يا ويلي ما أفلتْ روحي
لولا أن شلّتْ أقدامي
وتشرّدَ حلماً أحملهُ
ما بين جوانبِ هندامي
لمّا ساقوني منتشياً
في أحلى مقبلِ أعوامي
لمصيرٍ حتماً أجهلهُ
وكأنّي المندوبُ السامي
من دون ترانيمٍ أمضي،
بدروبٍ ترفض أَنْ تسمع
وجبالٍ أعلى من حلمي
وسهولٍ ليس لها مرتع
فلهذي الأرضُ تضاريسٌ
سبحانَ الخالق إذْ يصنع
أربيل وما حول القلعة
تحكمها أربابٌ تسعة
وأنا يحكمني منزلقي
ما بين الوقعةِ والوقعة
مبهورٌ لا أفقهُ نفسي
هلْ إنّي بومٌ أمْ بجعة
حامت بنهارٍ أو ليلٍ
روحي فتوسعتْ الرقعة
أربيل المارد ألمحه
وبكائي النائح أسمعهُ
ودروب الذكرى لا ترجع
الكل ترانيمٌ كسلى
عنوانٌ للموت الأسرع
وأنا منكفئٌ
كالموتى
ترقبني مصطبةُ المدفع
1976
أربيل
2ـ الطريق إلى البحر
خلفي بغدادَ وعنواني
ومسيري للطرفِ الثاني
مشحونٌ كمتاعٍ بالٍ
لا يملكُ إلاّ الإذعانِ
أتسابقُ والريح وصولاً
للبحرِ وآخرَ ( صفوانِ )
فإذا أصبحتُ إلى أمدي
ونديمي قلمي ولساني
باشرتُ الموتَ على مضضٍ
وعقرتُ سلاحي وحصاني
مهجورٌ في قبو همومي
وهمومي حطبُ البستانِ
الكلُّ تهاوى من حولي
وتجلّد دمعُ الأحزانِ
1991
البصرة
3ـ الطريق إلى بغداد
بغداد أراها كالمبضع
وبقايا ألمٍ مستقطع
من نزفي ودفين كياني
يتلوّى فوق المستنقع
وجيوشٌ ليسَ لها عدٌّ
تنزعني من جوف المخدع
لمّا سلبوني من حلمي
واغتالوا الوقتَ المستقطع
كنتُ بلا والٍ يحميني
أو جيشٍ يحتضنُ المربع
أتسلّى حيناً بقصيدي
وأتوقُ لأبياتٍ أبرع
تقذفني من بين حطامي
وكأني القنبلةُ الأسرع
نحو متاريسٍ مُحصَنةٍ
تتصدّى للجيشِ الأبشع
2003
بغداد
4ـ الطريق إلى المجهول
خلفي بغدادَ أودّعُها
وأمامي مدنٌ أذرَعُها
طولاً أو عرضاً أو قُطراً
وعساها تقبلُ أجمعُها
تطبيعي أو شطبَ مكاني
حاولتُ وحاولَ أقراني
تجميل الهمَّ وما معهُ
في بلدٍ يجهلُ أشجاني
في أرضٍ ترفضُ رفقتنا
وعرينٍ صار كميدانِ
نتقرّفصُ خلفَ متاريسٍ
من خجلٍ شرقيُ الشانِ
فلعلَّ المنفى يهضمنا
وعساهُ الوجعُ الألماني
ألمانيا 2007
ملاحظة: القصيدة كتبت على مدى اكثر من ثلاثة عقود
فاتن دراوشة
30-07-2013, 09:42 PM
التحدّي
أحمد حسين أحمد
إنّي موجودٌ في كلّ مكان
في قاع البحر وفي حافظة الأذهان
وعلى أهدابكِ كحلاً شبحيّ الألوان
أتنفسُ من عينيكِ،
ولا أتذوق طعمكِ،
إلاّ من حبّات الرمّان
إنّي موجودٌ في رئتيكِ عبيرا
وعلى نهديكِ ترعرعت صغيرا
من قبل نفاد سنين اللقيا
كنتُ حسبتُ فؤادكِ في الفردوس،
سريرا
وتقمصّتُ خيال الشيطان قديماً
لمّا وسوسَ في حواء،
فخالتْ بالتفّاح عصيرا
ولسوف أجولُ بأفلاككِ حتّى،
تجدين الجنّة من دوني،
جمّرا وسعيرا
إنّي موجودٌ في خضر الوديان
ربيعاً أزهو في كلّ مكان
وأنا موجودٌ فيكِ ولا تدرين
خمراً معجوناً في عينيكِ
يهزُّ سرادق عشّاقكِ دون استئذان
وأنا مطرقة السندان ستهوي
قبل خروجك من دائرة السندان
فإذا أنتِ تجاهلتِ وجودي،
لن تحضر دنياكِ سوى سود الأحزان
حذّرتكِ قبل الآن
وأنا ما زلتُ أوجّه هذا التحذير
فإذا شئتِ تلافي وجهي
فانزلقي من بين الكلماتِ وحبر التعبير
لكنّي أبقى وهجاً لا يخبو
حتّى لو لمْ تبزغ شمسٌ في هذا العالم
وأنا كلّ قوارير الحبّ،
اندلقتْ في نهر الوجدان
وأنا بحرٌ لا يعرفهُ الموج،
ويجهلهُ الربّان
ناءٍ كالغيبِ عن الدنيا
لكنّي أقربُ من حبل الشريان
فإذا كثرَ عليك الشوق
وباغتكِ الطوفان
لن تجديني إلاّ مجتازاً في صدركِ،
ما بين الوديان
يا أجملُ امرأةٍ تحضرني،
من مدن النسيان
السليمانية 12/7/1984
فاتن دراوشة
30-07-2013, 09:46 PM
في أرجاء عزلتها
أحمد حسين أحمد
وترصُ بي عشقاً تغلغل في الخلايا
بين حافظة النعاسِ
وناصعة الجبين
أو ليس سحركَ ذاك شذّبني
وأسّسَ بيتهُ بين الحشايا والفؤاد؟
فوهبت شِعرك للرحيلِ
وهل يؤسّسُ للبناءِ مؤممٌ للعيسِ
يطردهُ العراءُ
فيستجيرُ برمضةٍ سمراء عاكسها الهبوب؟
هذا إذن درب الأناس المتعبين
تقهقروا عند المدائن والقرى زمن الغروب
البعضُ فرَّ إلى الكؤوس العامرة
وبقيتَ يصلبكَ الأسى في بئر قريتنا القديم
لا لن تغازلكَ العيون الغارفات
الماءُ بكرٌ لم يلامسهُ الهواءُ
ولم يسامرهُ النديم
فعلام تسّـتلُ السيوف الباترات؟
وعلام تسترخي وأنت ترومها؟
قاتل على كلّ الجهات
البعضُ فرّ وأنت باقٍ في الصميم
كالحبِّ كـالإعياءِ كالخللِ الذي فينا
كباعثةِ النسيم
قاتـل أو ارحل كالـسحابِ إلى الجبال العاليات
يستنفرُ المطرُ الغزيرُ ضياءَ سرب البارقات
وهناك تصطبحُ الفراتَ
ترى عيون النابعات
هذا زمان الغزو
لا إحدى حرائرنا اصطفتكَ
ولا اعتلى ظهر الكحيلة فارسٌ
شهرَ الحسام
هذا إذن زمن الخطيئة والجذام
وستضل تسمع رنّة الأحزان في أرجاء عزلتها
تدندنُ للظلام
مأسورةً بالوجدِ
ضاق على دوائرها الحزام
زمنٌ يمرُّ وعامها الدامي يمرُّ أسىً
فترتعشُ الجميلةُ ما لها مأوى
وبردُ الليل ملتهبٌ صفيق
بردٌ ولكنَّ الجوانح تستضيفُ جوى الحريق
وهناك نافذةٌ تضئ شموخها
ما هابت الحشد المدجّج بالسلاحِ
يلـمّها جمعُ الرجال الصابرون
قطعوا رؤوس المجرمين كما
قَطعتْ مسالكها الطريق
وتضلُّ أمتنا تفزُّ من المنام إلى المنامِ
بجرفِ منحدرٍ سحيق
ألمانيا 12/4/2004
فاتن دراوشة
30-07-2013, 09:59 PM
بقايا سرابيّة
أحمد حسين أحمد
عشقتُ السنينَ الخوالي ،
الحنينُ الذي تندّى على الوجنتين
سكبـتُ الحلاواتِ حلماً خفيّاً على المقلتين
تلاقـيتُ يوماً مع الوهمِ ساعة
إذا جئـتِ هلْ تسكبينَ عليَّ الأسى؟
كما كنتِ حيناً ،
تخـالـينَ السرابَ حكاياتُ حبٍّ صغيرة !
د روبٌ هـي السائراتُ بدون توقّف
أجئُ بدون امتطاء الخيولِ إليكِ ،
فـهلْ ترضخين؟
دروبٌ هي السائراتُ ،
ولكـن إلامَ المسيرُ يؤدّي إلى الهاوية؟
من الأفقِ دانتْ سهوب الرجاء
أنا كنتُ وحدي على قارعاتِ الطريقِ ،
يدور التلكؤ في خافقي
خيالاتُ يومٍ مريض المسيرِ،
إذا قاربَ الإنتهاء
على همـسةٍ في الأذن يغفو القمر
سنـينٌ خوالي ،
ولكــنّها رسومُ الـصغارِ على واجهات الدفاتر
كما إنّها وميضُ لبرقٍ يشدُّ البصر ..
أنا العاشقُ الدائميُ إليها ،
ولكنّـني سئمتُ التراجع
فلا غـير نفسي تطيقُ الضجر ..
على صفـحةِ الــماءِ راقتْ خيوطُ الضياءِ
أذوبُ إذا ما لمسـتُ شذا عطرها المرتقب
يـدورُ الـضياءُ عـلى صفحةِ الماءِ حتّى المساء
أحوّلُ نحـوكِ كلَّ ارتباكات يوم الصبا ..
تخالينَ إنّي كذوبُ المعاني ،
ولكنْ بدونكِ لن تستطيب
الجراح فكـالصقرِ ينوي انقضاضاً أصيرُ ،
فهـلْ ترضخين؟
بـدوني تكونينَ ظلاًّ كئيباً
بدوني ستبكينَ حتّى النواح
بدوني أنا لا من حبيب
بدوني تــــظلّينَ خلفَ الستار
جداراً تصيرينَ خلفَ الجِدار
تكـوّنتِ عندي وعندَ الذهاب ،
بقايا سـرابيةٌ تصبحين
أحـبّكِ دوماً ـ أنا من يشاءُ ، وهل ترفـضين !!؟؟
أربيل 1/6/1977
فاتن دراوشة
30-07-2013, 10:04 PM
أنت والوجه القديم
أحمد حسيـن أحمد
تتمزق
خلفَ جنح الليل تقتات أقاويل الهزيمة
أنتَ والدربُ بلا هاجسةٍ
تهبُ الأذن طَروب الأغنيات
وهتافاتُ العزيمة
وشعاراتُ أحاجينا القديمة
تنتهي مثل رواية
دوّنتها كتب التاريخ في مرّ الزمان
أنـتَ صدّقتَ الرواية
قبل أن تعرف ما تخفي النهاية
ليس ذنبي
كنتَ في جوف المتاريس تُقاتل
وعلى أبواب حفّار القبور
جئت تلهو
تطلب التابوت من دون غطاء
ليس ذنبي
كانت الأشياء تمضي
وأنـا والحبِّ بابانِ إذا سدّا
فلن يدخل فينا غير حفّار القبور
كنت تدري
وجهكَ المخفيُّ فيهِ الحزن
أعلامُ سبايا للحسين
يتمزق
وحدهُ في الدرب من دون وشاح
فإذا الدرب انتهى
عدّتَ تخفـي الوجهَ بيـن الراحتيـن
يا بقايا مقلتيـن
ذابـتا
والدربُ وضّــاحٌ به الشمسُ تصلّي
و هو ذا الليلُ يخيّم
كيف تشعر ؟
هـل تـرى في الأفقِ شيئاً؟
هل تريد الانتحار؟
وجهـها لن يأتِ في الليل
فأصحاب القرار
سكنوا هذي الديار
قبل أن يُذبح أطفال العراق
وتغيب الشمس في وضح النهار
ثم أنت
هائماً حول مغارات العراة
باحثاً عـن نفحةٍ تتركَ فيكَ الأمس
كي تحيى على مـرّ الزمان
إيه يا هذا الزمان
صوتها .. . هـل بعدهُ صوتٌ يجئ؟
لائحاً في الأفقِ
يا أفق المسرّات العديدة
وجهـها الشرقي والحبّ العتيق
يتمزّق
وجميع الاحتمالات الجديدة
عندما لن تستبيـن
سوف تبقى هذه الرؤيا العتيقة
في مغارات العراة
و سـتبقى تتمزّق
أوَ تذكر ؟
لملمَ الصبحُ خيوط النور من كبد النهار
عندما كنتَ تغنّي
وإذا بـالدربِ يغزوهُ الملل
إيه يا دربَ المتاهات العديدة
مرّةً كنتُ تمزّقتُ على تلّ السبات1
وتفتّـتُ شظايا
مرّةً لو يرجع الــوجهَ عليهِ النورُ أحلام صبايا
إيه يا ( سيزيف )2
لـو تحـيى على التلّ لمرّة
مـرّةً أخرى وينهارُ الجدار
وأنا أُرجعُ للقلبِ النظارة
هو والوجهُ القديم
وحـدهُ والحبُّ راحل
وحـدهُ كان أمامي
ما رآني كنتُ راحل
وحدهُ كان إلى جنبي أسيراً
مـا رآني كنـتُ راحل
كنتُ في درب محطات السفر
قاصــداً درباً جديداً
حاملا سود الصور
1_ تل السبات : أحد التلال المطلّة على ناحية حمام العليل جنوب الموصل في العراق ويسمى تل السبت تدعو عنده الفتيات كي يتزوجن ، وكنا كثيرا ما نتنزه هناك أنا وصاحبي قبل اكثر من ربع قرن.
2_ سيزيف : أحد الفلاسفة الذي قام بنقل حجر إلى قمة جبل وفي كل مرة يتدحرج الحجر للوادي قبل بلوغها والحكاية تعبير عن قوة الإرادة الإنسانية.
فاتن دراوشة
30-07-2013, 10:09 PM
بعض اللحظات المجنونة
أحمد حسين أحمد
أنفاسُ الضجرُ الليلي تمارسُ مهزلة الإيحاءِ فتلهثني الكلمات
أكتبُ للمنفيِّ الأبديِّ المهجورِ على قارعةِ الطرقات
أشياءً عن حادثة الطوفان
لكـنَّ اللوعةَ تنهشني
تغرسُ في وجهي أشواك اللحظات المجنونة
تنصبني تـمثالاً حجـري الوجه
يتفرّسُ عــن كثبٍ بالظلمات
لا يوجد أي خيارٍ غير النوم الأبدي
على أرصفةِ الحسرات
مـن يغفو لابدَّ ويصحو
إلاّ هذا الوطن الثلج المتراكم
أتزحلق يومياً حتى صرت جليداً
لكنّي أكتبُ للمنفي الأبدي المهجور المتجلدِ مثلي
أفكاراً عن وعي الغربة
في وقتٍ أحلاهُ عسير
تترادف كل الأشياء لأن المعنى مفقودٌ
والقلب ضرير
وبليدٌ فنّ التفكير
الراحلُ لا يعني غير الذكرى والحزن الشفافي الهيئة
في البعدِ يراودني شوقٌ محمومٌ للشفق الكابي
رغم شــحوبي تلتمعُ العين
وتعيد اللون إلى وجهي المخطوف
لكنَّ تشابك أفكاري ونتوءات القهر المحفور بحافظة النفس
تغرقني في بحر النسيان
أحلمُ لو تستلّ الزاوية الظلماء من الرأس
وتنار حدود الأبدان
أحلـمُ تلقــائياً حدَّ اليأس
أكتبُ ها أنّــي أكتبُ دون توقف
قد ألصق نفسي خارج مظروف البرق
أصل الأفق مع الإعصار المقبل
المنـفيُ الأبدي المحرومُ من الأوطان
مستاءٌ
فالحب ترانيمٌ لا تأتي زمن البرد
وأنـا والبردُ رفيقا دربٍ أبديان
ما معنى أن أصبح (عصري ) الكلمات
أرغبُ أن أكتب باللغة المسمارية
أشياءً لا يفهمها غير الإنسان المبتزة أشياءه
أبدأها بالعصر الحجري
من يقرأ لي أتعسُ منّي
فالشعراءُ خلاصة هذا العصر المهزوم
ألم الأحزان المحمومة والطرقُ على الرأس
أكتبُ للمحمومِ الراحل حزن ربيع
يتـفتّقُ عن أزهارٍ برّية
في صحراء العرب الكبرى
الحزنُ مراسيمٌ شائكة التعبير
يلهثني وسط بنود أحاسيسي آنفة الذكر
أبحث عـن وجهٍ غير الشعر يعبّرني
أبحثُ دون توقف
رغم بقائي أنتظرُ الحب
يعود شاردةٌ كل السبلِ
الأفكارُ عناء
والحب قليل
الحب قليل
محمد حمود الحميري
27-04-2018, 06:32 PM
رحم الله الشاعر أحمد حسين أحمد ، وبارك سعيه
شكرًا أستاذتنا الوفية ــ فاتن دراوشة
فاتن دراوشة
04-10-2019, 05:10 PM
رحم الله الشاعر أحمد حسين أحمد ، وبارك سعيه
شكرًا أستاذتنا الوفية ــ فاتن دراوشة
شكر الله سعيك أخي محمّد
اللهمّ ارحمه واجعل قبره روضة من رياض الجنّة
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir