المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المسافر لم يعد



إبراهيم الشريف
02-06-2013, 10:23 AM
عامانِ مرّا والجروحُ كأنّها=بالأمسِ كانت لمْ تزلْ تتدفّقُ
وطني تحاصركَ المواجعُ والأسى=من كل ناحية رباكَ يطوّقُ
لم تبكِ عينُك رغم جفنٍ موجعٍ=لكنّ فيها عبرةً تترقرقُ
هل كان هذا الشطـُّ يعلم أنهُ =رُغم السفينة والقواربِ يَغْرقُ؟
من أخبرَ البحّار أنّ شراعهُ =كلَّ احتمالاتِ الرياحِ سيسبق؟
أنّ السماءَ غيومَها محدودةٌ=وبأنّ دفء الشمسِ هاهو يشرق؟
لَمْ يَستمعْ للأرض وهي تشدّهُ=للبَرّ وهي على السفينة تُشفقُ
ومضى يجدِّفُ في يديهِ مرارةٌ=ويُشعُّ من كفّيه ضوءٌ أزرقُ
غطّى السماءَ نزيفُ غيمٍ أحْمرِ=الأمطار أوردةَ الغيومِ يُمزِّق
وانهالتِ الكدماتُ فوق شراعهِ=ومع اشتداد الريحِ صوتُهُ يُخنقُ
الجزْرُ لَمْ يترك لهُ من دفّةٍ=واستنزفَ المجدافَ مدٌّ مطْبقُ
وبكتْ عليه الأرضُ فهي كسيرةٌ=ومشاعرُ الشطـِّ الحزين تُمزَّقُ
كَم نورسٍ رفّ الأسى بجناحهِ=شجنٌ على شجنٍ فكيف يُحلّقُ
ضاعت حكاياتٌ وماتت رحلةٌ=وتناثرت سحبٌ وأجهشَ زورقُ
هل يشتكي للبحر مِن أوجاعهِ =أم أنّ أوجاعَ المرافىء أَعْمَق؟
هل يستطيعُ البرقُ هَجرَ رعودهِ=هل لاندفاع الريح بابٌ يُغلق؟
كم كان صوتُ الرعد يَصرُخُ باكياً=والبرقُ يلتحفُ السماءَ ويُحْرقُ
هل أصبح البحارُ محضَ حكايةٍ=وجعٍ على وجعِ الرفوفِ يُعلّق؟
رُغم اعتذار البحرِ عن آلامهِ=ما عادت الدنيا أساهُ تُصدّقُ
وطني وروحُ الشاطئينِ تغمّدت=أنفاسَ رملٍ من شجونكَ يعْبقُ
ظنّت بأنّ الوعدَ حانَ قِطافهُ=أُخذت على مرأى الأزاهرِ تُشْنقُ
تلك الجزيرةُ جَفّ في أشجارها=وهجُ الغصون فما بضوءٍ تخفقُ
والفأس لم ترأف بجذعٍ ضارعٍ=فَهَوتْ عليه بقسوةٍ لا ترْفقُ
عامانِ مَرّا والطيورُ كما مضى=مازال قوتُ اليوم منها يُسرقُ
عذراً فإني في المسافةِ موصدٌ=يعدو على قدميّ دربٌ مُرْهِقُ
أمضي وتتركني المسافةُ تائهاً=لكأنّما بيني وبينك خندقُ
أمضي وتَجْلدني الطريقُ بصمتها=وإذا عبرتُ شجونَها لا تنطقُ
الطيرُ والأغصانُ والأزهارُ والبحّارُ=كَمْ قَدْ للربيع تشوّقوا
عامان مَرّا والمسافرُ لَمْ يَعُدْ=مازالَ في وَجَعِ النجومِ يُحدّق
ينتابهُ وجعُ المساءِ فيرتمي=ليلٌ يئنُّ وموعدٌ يتشوّقُ
وطني التمستكَ في الموانئ لم أجدْ=إلا شجونكَ والجميع تفرقوا
الراحلونَ بحزنهم وبشجْوهِم=كانوا هنا غيرَ العواصفِ ما لَقوا
حَمَلوا المسافةَ عائدين إلى الأسى=وجعاً بمجدافِ الرحيل تَعلّقوا
ماذا تقولُ لَهُم وجُرحُك غائرٌ=والأرضُ تحتكَ حَيرةٌ وتَفرّقُ
من بعد أربعةٍ حَملتَ شجونَها=ما زالت الأوجاعُ شطّك تُغْرِقُ
كم كنتَ تأمل في الربيع بزهرهِ=يهمي على الشرفاتِ منهُ رَونَقُ
فهناك سوسنةٌ تبوح بعطرها=وهنا يغرّدُ في الروابي زنبقُ
يهمي اخضرارُ الغصنِ ضوءاً حالماً=والطيرُ رائحةَ المُنى يستنشقُ
وترى عصافيرَ اللقاءِ بشوشةً=بجناحها فوق السهولِ تُصفِّقُ
والشمسُ تُرسلُ للتلالِ بضوئها=دفءَ التأمّلِ في الندى يستغرقُ
الآن في صدر الأماني حرقةٌ=قلبٌ بأوهام اللقاء مُعلَّقُ
نظراتُ أفْق الملتقى مكسورةٌ=فبأي عينٍ أي جفنٍ تَرمُقُ؟
الجَزْرُ مختنقٌ بموجٍ موجَعٍ=والتيهُ بالمدِّ المهاجرِ يُحْدِقُ
واستسلمت تلك الضفاف لحظّها=وعدٌ نديٌ أم عذابٌ مُطَلقُ
خَدعَ التلالَ سكونُ نهرٍ عابرٍ=كم أُعطيتْ عهداً وأبْرِمَ مَوْثِقُ
لكنه سرعان ما فاض الأسى=ليزيد من وجع التلال ويُغْدقُ
هذي المواجعُ لا تَملُّ رأيتُها= في كلّ يومٍ جُرحَ بابكَ تَطرقُ
صبراً فيوماً ما ستَنبُت نخلةٌ=ويعودُ غصنُ الوعد فيها يورِقُ
وتُطلّ مِن بين الصخور شُجيرةٌ=تروي اخضرارَ الأرضِ غصناً يسمقُ
مهما تحرّى الليلُ ضوءاً صادقاً= بُحْ للنهار فإن ضوءَه أصدقُ
تحيى المزارعُ رغم شُحِّ مياهها= ماكان للأوطان روحٌ تُزهقُ
هذا أنا البحّارُ فانشرْ سرَّنا=مادامَ ضوءُ الشمسِ حياً يُرزقُ

هاشم الناشري
02-06-2013, 05:57 PM
عامـان مَـرّا والمسافـرُ لَـمْ يَعُـدْ
مازالَ فـي وَجَـعِ النجـومِ يُحـدّق

ينتابـهُ وجـعُ المسـاءِ فيرتـمـي
ليـلٌ يـئـنُّ ومـوعـدٌ يتـشـوّقُ

وطني التمستكَ في الموانئ لم أجـدْ
إلا شجونـكَ والجمـيـع تفـرقـوا

نسأل الله تعالى أن يجمعك وهذا الوطن في عزّ ورخاء

أهلا بك أخي الشاعر الجميل إبراهيم الشريف في واحتك

وعسى أن يكون القادم من الأيام أجمل.

تحياتي وتقديري.

براءة الجودي
03-06-2013, 12:50 AM
نسأل الله النصر للمسلمين وأن يرينا في العدو عقابه الشديد
قصيدة موجعة وجميلة
تحياتي

إبراهيم الشريف
06-06-2013, 09:44 AM
شكراً لك على وقوفك هنا وعلى كلماتك المرحبة أخي هاشم

تحياتي

ابراهيم

إبراهيم الشريف
11-06-2013, 06:55 AM
أخت براءة

وجع القصيد من وجع هذا الوطن الذي عانى الكثير ولا يزال

تحياتي

ابراهيم

ناديه محمد الجابي
11-06-2013, 10:40 AM
عـامــانِ مـــرّا والـجــروحُ كـأنّـهــا *** بـالأمـسِ كـانـت لـــمْ تـــزلْ تـتـدفّـقُ
وطنـي تحاصـركَ المواجـعُ والأســى *** مــن كـــل نـاحـيـة ربـــاكَ يـطــوّقُ

نص رائع وإحساس صادق عبر عما في قلوبنا جميعا تجاه هذا الوطن
الذي لم يذق طعم الأمن والأمان بعد..
فلنأمل جميعا بأن القادم أجمل إن شاء الله
بوركت المشاعر الجياشة, وبورك جمال حرفك
المهم أن تكون هذه المشاعر مع الثورة وليست ضدها ... تحياتي.

إبراهيم الشريف
11-06-2013, 03:56 PM
أختي الكريمة نادية

يبدو أن قراءتك للقصيدة لم تكن متمعنة، وإلا لكنت وجدت إجابة عن تعليقك المتسائل في نهاية الرد.

تحياتي

ابراهيم

فاتن دراوشة
11-06-2013, 04:44 PM
رغم غيوم الحزن والألم التي طفت في سماء القصيدة من واقع حال وطن جرحه ينزف في الصّدور

كان جوّ الأمل الذي ساد في نهاية القصيدة يحيي النّفس ويبعث الاخضرارَ في روابيها

ما أروعه من حرف وما أبهاها من صور

دام تألّقك مبدعنا

مودّتي

إبراهيم الشريف
14-06-2013, 09:48 AM
الأخت الكريمة فاتن

نحاول دائماً أن نتطلع لغد أفضل رغم كل الجروح، لعلنا بهذه الكلمات نشد أزر هذا الوطن المتعب.

تحياتي

ابراهيم

جلال طه الجميلي
14-06-2013, 11:03 AM
الاخ الشاعر ابراهيم الشريف

نصٌ عامرٌ بالمعاني الحِسان والاسلوب الرائق وكأنها جاءت
من ذلك الزمن الجميل الذي راجت به سوق الشعر أيام -بني العباس-
أنتَ شاعرٌ متمكنٌ من أدواتِ الشعرِ بصدق-- أُحييكَ
ودمتَ والألق

إبراهيم الشريف
20-06-2013, 03:04 PM
أخي الكريم جلال
سعدت بمرورك من هنا
تحياتي
ابراهيم