المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كولومبو مغفل



عبد الغفور مغوار
14-06-2013, 10:32 AM
بالقرب من محطة الحافلات، وبجانب صناديق للقمامة، كان يقف برأس قد غزاها الشيب، وكان يرتدي معطفا مشمعا. رغم شكله الفظ كان أنيقا و كان يظهر عليه أنه رجل مهم في مأمورية مهمة.
مرت به سيدة في مقتبل العمر، كان قصدها رمي كيس أسود في إحدى الصناديق قبالته. تتبعها الرجل بطرف عينه اليسرى وهو يتظاهر بانشغاله في إشعال سيجارة. كانت تجهد نفسها في إخفاء توترها ولكن كانت ترتجف. أشعل هو السيجارة، تعثرت هي قدمها فوقعت ووقع منها الكيس. أشفق عليها، فألقى السيجارة ووثب في خطوتين طويلتين ليمد لها يده وهو يقول بصوت دافئ:
- " مهلا سيدتي .. هل أنت بخير؟ "
قالت بنبرة فيها غنج وهي ترتجف دائما:
- "شكرا لك... الكعب العالي ... أنت تعرف ... ثم قلة النور بهذا الشارع... "
رد هو عليها وقد أنساه بريق عينها أن يجذبها لتنهض:
- " محقة... قلة النور... و الكعب العالي ..."
عصرت يده لتنهض، فقال :
- " عذرا ..."، ثم أعانها على الوقوف بجذبة قوية .
أخذ منها الكيس ووضعه في القمامة. شكرته على مروءته و ابتعدت بنحو خمسين مترا ثم ركبت سيارتها و غادرت. أحس هو ببلل في كفه، فتح عينه بجهد ليرى ما نوع البلل، صاح كالمسعور:
- " دم ..!."
تفحص الكيس، كان به وليد لا زال بحبل مشيمته وكان مذبوحا بلا شفقة.

ناديه محمد الجابي
14-06-2013, 11:59 AM
آه .. أيها الأخ / عبد الغفور .. لقد جعلت جسمي كله يقشعر
أيمكن أن يصل الحال إلى هذه الدرجة من القسوة ..
ما الذي حدث في مجتمعاتنا العربية.. وما الذي يحدث !!
ولما تغيرت طباعنا .. كلما أبتعدنا عن ديننا خربت حياتنا..
كان الله في عون هذا الكولومبو بمعطفه المشمع الأنيق ..
ستظل هذه الذكرى المؤلمة في مخيلته زمنا طويلا..

قصة حملت إلى جانب الحبكة والوصف المتقن, والسرد الرائع الموشي
بلغة مميزة تنساب إلى الوعي وتندمج فيه ـ حملت أيضا الكثير من الرمزية
والدلالة التي يمكن إسقاطها على الكثير من الأحوال والأشخاص.
تحياتي وتقديري.

بهجت عبدالغني
14-06-2013, 03:14 PM
استطاع القاص عبر سردية سلسلة أن يجرنا إلى عالمه الخاص الذي رسمه
العالم الذي قد يبدو خادعاً منافقاً

وجهه الظاهر .. امرأة ترتجف ـ جراء فعلها القبيح ـ لكنه يبدو لمن لا يعلم الحقيقة ارتجافة بريئة .. أضف إليها نبرة الغنج والكعب العالي .. قلة النور .. التي تلقي على المشهد شاعرية وشفافية !
ووجهه الخفي القبيح الذي انحط إلى درجات سفلى من اللاأخلاقية واللاضمير البشري ..

دم ...

هو اللحظة الفاصلة ليكتشف الحقيقة ..


الأديب الكريم عبد الغفور مغوار

دمت بخير مبدعاً



وتحياتي ..

براءة الجودي
15-06-2013, 09:15 AM
حقا لم توقع أن تكون الخاتمة هكذا وبحجم هذا الألم
كنتُ قد استغربُ كلمة غنج التي رايتها لاول وهلة لاتناسب امرأة ترتجف ؟؟
لم نعلم ماسبب هذه الجفة لربما من مرض أو موقف حديث وجلت منه , وفسرته بسبب غير مقنع بشكل كامل وهو الكعب العالي والنور
وبعد أن أنهيتُ القصة عرفتُ أن الصوت المتغنج له علاقة بالفعلة القبيحة , والخاتمة التي تنم عن قسوة قلب لم نعتدها عن الأمهات
أسلوب رائع في السرد
دمتَ بخير

مصطفى حمزة
15-06-2013, 08:43 PM
أخي الأكرم الأستاذ عبد الغفور
أسعد الله أوقاتك
قوة هذا النص بقوة إدهاش قفلته .. كانت مُفاجئة جداً ، وأليمة جداً !
استطاع قلمك الرائع أن يضعنا في جوٍ بوليسيّ بدءاً بالعنوان ( كولومبو ) - المفتش المشهور في المسلسل الأمريكي -
ثم وصفه ، ومهمته ..
واستطاع ان يُحوّلنا إلى شعور آخر ناعم جعلنا ننساق أيضاً مع تلك الجميلة الناعمة ..فكنا مغقلين مع مفتش مغفل هه
أما الفكرة / الحدث ، فواقعيّة غرائبية في آن معاً
تحياتي وتقديري

سعاد محمود الامين
17-06-2013, 05:27 AM
الأخ الأديب عبد الغفور
تحية طيبة
يا...لروعة قلمك.. وسردك الماتع الذى يخطف الأنفاس..قصة بكل مقاييس القص ناجحة فى الجذب ودهشة النهاية..بورك قلمك المبدع ودمت بخير

عبد السلام دغمش
17-06-2013, 07:20 AM
الأستاذ عبد الغفور

سرد قصصي متمكّن،مباشر و موجز ..
استطعت أن تأخذ بأيدينا الى الحدث مباشرة لنرى نهاية صادمة..
تحياتي.

آمال المصري
19-06-2013, 11:53 AM
كل أحداث النص اجتمعت واتفقت معا لتصفعنا بالنهاية الصادمة والتي جاءت مباغتة لم أتوقعها أبدا رغم أنني كنت أنتظر مفاجأة في الخاتمة
سرد شائق ونص من أروع ماقرأت في القصة منذ فترة
بوركت واليراع المبدعة
تحاياي

نداء غريب صبري
09-07-2013, 01:23 AM
قصة جميلة مشوقة وممتعة
وسرد مميز أعجبني جدا

شكرا لك اخي

بوركت

ربيحة الرفاعي
29-09-2013, 10:01 PM
تشويق في السرد صنعته المهارة التوصيفية للكاتب والتي أنطقت المشهد بما أراد توجيهنا لانتظاره كي يباغتنا بالفكرة كما باغتنا بالقفلة
دف وقوي

دمت بخير

تحاياي
نص ماتع ها

د. سمير العمري
26-02-2015, 11:28 PM
قصة جميلة معبرة ومؤثرة وفيها الكثير من التشويق والسياق الممهد للحدث ، وكان كل شيء مميزا حتى الخاتمة التي رغم جمالها إلا أنني رأيتها كانت بحاجة لمعالجة أقوى كأن تقول " تفحص الكيس ليجد فيه وليدا مشنوقا بحبل مشيمته".

لا فض فوك عموما!

تقديري

خلود محمد جمعة
03-06-2015, 09:23 AM
أخذ القارئ بذكاء الى حيث أراد الكاتب ثم القفلة المفاجئة التي تعود بنا الى العنوان لندرك اننا خدعنا مثل كولومبو
قصة مؤلمة وجميلة
بوركت وكل التقدير

عبد الغفور مغوار
08-06-2015, 08:05 PM
السلام عليكم ورحمة الله
أشكر من أعماق قلبي كل من تفاعل مع محاولتي المتواضعة هاته
إشادتكم و تنويهكم جميعا إخواني و أخاوتي الكرام أيقونة أفتخر بها
اغفروا لي خمولي و التأخير في الرد
لكم مني ألف تحية ود و تقدير
دمتم بألف خير أيها الأحباب