تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : سيدة البيت الخالي



صوت إمرأة
18-01-2005, 05:48 AM
ارتجف الكتاب بيدها ,
رفعت رأسها ومدت يدها لتتناول منه فنجان القهوة ..
شيء ما تأجج في داخلها ..أنار كلّ أعماقها , وكأنما استيقظت شموس ربيعها بعد طول إغفاء ..

رائع هذا الشعور الذي طغى على قلبها وغشى كلّ كيانها ...
لا تدري كيف أمسكت بفنجان القهوة , وهل قالت شكراً أم لا ؟!! ..
أمّا طعم القهوة فلا تدري كيف كانت نكهته ؟! ..
أسمر كث اللحية أسودها ... لعينيه بريق شق صدرها وغار حتى حرك ذاك الساكن في أعماقها..
لا تنكر أنها مرت بمحطات في حياتها التقت بكثيرين ...لكن أحدهم لم يضيء روحها كما تشرق الآن ..

أزمنة الزرع وأزمنة الحصاد كثيرة ومتشعبة .. شرّقت وغرّبت .. عركت الحياة وعركتها ..فازت بشهادات
وفاز بها عمل أغرقت نفسها به عشقاً واتحاداً .....كلّ عام تكبر ومعها تكبر المسئوليات , حتى أن خيوط القرار
صارت تنتهي بتوقيعها ...

بيت جميل بنته , رائع خططت لكل ركن به .. أجمل أنواع الرخام ذاك البيج المعشق بالوردي لبسه منزلها حله ..
في أركانه حلت شجيرات زينه رائعة وتدلت من أسقفه ثريات أبدعت أيد نمساوية في صنعها ..

طاولت طعامها تمتد غدوة وعشية , للقليل تمتد يدها , لولا كبرياؤها لدعت الخدم ليدفئو المقاعد الباردة ..

محطات العمر كثيرة , ازدحم بعضها وأقفر البعض الآخر ....
الوالدان عادا لرحم أمهما الأرض , والأخوة والأخوات كل أينع غصنه وتجذر , إلا هي لازالت أرضها بوراً..

تمسح عينيها من تحت نظارتها ...فنجان القهوة ما أنفك بيدها اليمنى , وقد برد , شربته جرعة واحدة ...
مدت يدها له مرة أخرى , صب لها , أعطت نفسها فرصة أخرى لرؤيته جيداً وقراءة أسمه ....
" هل تزدهر أحلامها معه ؟ ! .. ربما ..."
دعت الآمال تدغدغ قلبها مستعذبة .. رسمت حروف أسمه على قلبها ...
- كمّ تكبره ...؟!
سؤال ألح عليها ....بدأت تجيب نفسها ....
- ربما أربع ...
لا ربما سنتين ...
ثم اختصرتها حتى كاد يوم مولدها يصادف يوم ميلاده ....من كيسها أخرجت مرآه صغيرة أطلت على وجهها .
- مشرقة لازالت ...
- لماذا لا يكون هذا الشاب من حظها ...." يده خالية من الخاتم ....لكن أغلب الرجال لا يلبسونه ...لا يهم "
ستبني أحلامها على أنه أعزب ...
تسترسل وعقلها يدور في البيت الرخامي ...كم يحتاج دفئا وحيوية ...كم يحتاج الأطفال يشعون بهجة به ..
"" أطفال "" .. تعصف الكلمة في رأسها ...تمد يدها تتحسس بطنها .. تعد سنيها .. ربما ثلاثة سترزق ..
_ ربما خمسة _ تبتسم بخجل ..إنها تحب الأطفال , وخمسة أفضل من ثلاثة ...

هو يروح ويغدو , يزرع بهجة وحيوية في الدرجة الأولى حيث تسافر هي ...
كم هو متوهج ورائع هذا المضيف ...المطار يقترب .. وصوته الدافئ الجهوري يعلن نهاية الرحلة
ويطلب ربط الأحزمة , ولا يدري أن هناك قلبا يبني أحلاماً عليه ... فرصتها لن تدعه يتلاشى ..
تخرج كتاباً من حقيبتها أسمها وعنوانها واضحان عليه , تتركه له في المقعد المجاور ...ينزل كل
الركاب , وتتهادى نازلة ... يلحقها صوته ...
- سيدتي ... سيدتي .... نسيتِ كتاباً ...
- تتماسك تمد يدها تستلم الكتاب ...
- ترد بتمتمة ( شكرا ً ) .

د.جمال مرسي
18-01-2005, 06:50 AM
يا لها من قصة رائعة و جميلة تنم على قلم مبدع متمكن
و كم أسعدني أن أكون أول معانق لها
فأهلا بك أيتها المبدعة المتألقة بيننا
سأتبع بنهم كل ما تخطع يمينك هنا
دمت متألقة
و تقبلي الود
د. جمال

صوت إمرأة
18-01-2005, 08:34 AM
دكتور جمال مرسي ...

ربما تكون مبالغ في الإطراء قليلاً ..أليس كذلك ..؟ أتوق لتقول نعم حتى لا أصاب بالغرور ..:005:

سيدي والله لأسعدتني قراءتك ..ويشرفني تواصلك ...

شكرا

د.جمال مرسي
18-01-2005, 09:35 AM
أهلا بك سيدتي
أبدا لم أبالغ فلا تخشي من إصابتك بالغرور
تقبلي الود و التقدير
د. جمال

صوت إمرأة
18-01-2005, 10:20 AM
إذن هو كذلك ...حسناً يا دكتور

سأستمطر ذاكرتي لعلها تمدني بما يعجبك أيضاً ..فقط امنحني فرصة ولكن عدني أن تلحفني بغيومك الرقيقة أنت وكل الطيبين هنا ...


دام ظلكم وافراً ..

صوت

محمد المنصور الشقحاء
18-01-2005, 12:30 PM
صوت امرأة
تحية طيبة
وانا اردد مع الدكتور جمال مرسي ( قصة رائعة وجميلة)00
انما توقفت عند تاريخ الميلاد والبطلة تحسب فارق السن وقد اثار الرجل كوامنها وكيف انها بغريزة الأنثى تركت عنوانها من خلال نسيان كتاب يحمل عنوانها متناسية قوانين المكان0
المهم النص يحتاج الى قراءة متأنية
تحياتي00

د. محمد الشناوي
18-01-2005, 09:46 PM
أختي الكريمة "صوت امرأة"
بداية أنا خجل من تأخري في الترحاب بك
فاقبلي هذه الوردة عربونا للأخوة :001:

ثانيا أنا فخور بانضمام قلمك إلى هذه الواحة الوارفة الظلال

نصك جميل
سردك ماتع

فلا تحرمينا جميل أحرفك


كل عام وأنت بخير

د. سمير العمري
03-09-2005, 10:34 AM
فاتتني هذه في غمرة الانشغال ، وقادتني المصادفة إليها لأجد روعة ما كتب هنا.

أرفعها تقديراً ودعوة لصاحبتها المتمكنة بالعودة للواحة.


أهلاً ومرحبا بك.


تحياتي
:os::tree::os:

سحر الليالي
11-11-2005, 09:11 PM
حقا قصة جميلة بل رائعة

سلمت يداك أختي صوت امرأة ،وبانتظار عودتك

تقبلي خالص ودي المعطر بعطر الزهور

ليال
14-11-2005, 12:25 AM
هاجس الوحدة والخوف من الزمن ،اليس هو هاجس أغلب النساء في هذاالعصر؟؟قد تتفاوت حدته بالطبع بأختلاف الشرائح الثقافية والعمرية التي تنتمي إليها أولئك النسوة،لكن يبقى الخوف من الزمن رديف الخوف من الوحدة والمجهول لدى المرأة وهذه القصة تتعرض لهذا الجانب المؤلم الذي تقاسية المرأة مجتمعاتنا العربية ، القصة تبدو جيدة وتستحق الوقوف عليها ملياً والتأمل فيها..تقبلي اطيب التحيات.

أسماء حرمة الله
14-11-2005, 03:14 AM
سلام الله عليك ورحمته وبركاته

تحيــة مطرّزة بضوء القمــر

الأخت المبدعة صوت امرأة،

أراها وقد تمسكتْ بالوهـم، أو بأمل شاحب واهم..تخبّئ عمرها عن الزمـن..
الوحدة والأهل الذين رحلوا والزمن..كلها خيوط دفعتْ ببطلة قصتك إلى هذا المشهد الدامي: كل آمالها التي علّقتها على المضيف، والكتاب الذي تركتْه على المقعد المجاور، وعليه اسمها وعنوانها..هل خافتْ من انسياب عمر الزمن بين يديها؟ أم من انفراط حبّات شبابها؟ أم خافتْ من الوحدة التي تنتظرها كل مساء، عند عودتها إلى بيتٍ يسكنه الصمت؟؟ أم هو الخوف من هذا القادم/الزمن الآتي، ومايحمله من مفاجآت؟ من صمت جديد؟ ومن لغةٍ لن تستطيعَ أن تتقنَها؟؟
..........

لم (يُضِئْ) روحها ..
(طاولة) طعامها
(ليدفئوا) المقاعد الباردة ..
فنجان القهوة (ماانفك) بيدها اليمنى
وقراءة (اسمه) ....
لا ربما (بأربع/بسنتين) ...


صـوتَ امرأة، هل لي أن أسألكِ: أين أنتِ؟ لقد اشتقنا لحروفكِ كثيـرا..
سننتظــركِ وحرفَكِ بفارغ الصبـر...
لكِ فائق تحياتي وتقديري
وألف باقة من الورد والمطــر

الصباح الخالدي
26-06-2006, 04:41 AM
أه يازمن
قصة جميلة

ماريا يوسف النجار
26-06-2006, 09:08 AM
صوت امراة..صوتنا...رائع ما خطته يداك هنا..
محبتي وودي
مريم

جوتيار تمر
26-06-2006, 10:40 AM
صوت امرأة...
هي ترنيمة ذاتية..ترددها كل من اخذتها الايام...بغير رجعة..
ترنيمة..ترددها...من ظنت بان النجاح..كل النجاح..هو الامل..هو من يجعل الاخر يتصيدها..
ترنيمة..حطمت ازمنة الحصاد الانساني..
ازمنة..البناء الانساني..
ازمنة...الحياة الانسانية..
ترنيمة..كثرت اتباعها..في مجتمعنا...
تقليدا...لا..ايمانا وفكرا..
تأخذ بها السنون وهي تظن بان الوصول الى الكرسي القابع هناك..هو الحل..
هو في الاصل مسألة شعور.. شعور بنقص ما..
لانها في الاصل حالة نفسية هادمة..
تحدي..للاخر...الذي احتكر كل شيء...
ولكنه في النهاية قتل للازمنة..
اباحة قتل..
الارتباط لم يكن ابدا حاجزا للوصول..
لم يكن ابدا قاتلا للطموح..
اذا ما كان متزنا متكافئأ..غير مفروض..
لذا فهذه الحالة لم تعد بغريبة..
هناك الكثيرات من اردن الحصاد..وعندما حصدن مايرغبن..
التفتن الى الذات فوجدن بانه كان احوج من المظاهر بالحصاد..
المهم..
معالجة دقيقة لمشكلة اجتماعية..
اهنئك عليها...
تقديري ومحبتي
جوتيار