مشاهدة النسخة كاملة : المقدم علال
عبد المجيد برزاني
13-07-2013, 06:36 AM
المْـقدَّمْ علال*
لم يسبق لي بتاتا أن كرهت أحدا لدرجة الموت وأكثر، كما كرهت "المقدم علال".
"المقدم علال" رجل كلما لمحته اسودّ النهار في عيني.
"المقدم علال" كلما تقاطعت سبلنا إلا وترك الأمر في دواخلي أو على جسدي جرحا غائرا أحمل ندوبه سنين وسنين.
"المقدم علال" يوم زار مدرستنا ورأيته خارجا منها، نالت أضلعي من سوط المعلم ما لم يسبق أن نالته من قبل، بدعوى أنني الوحيد الذي يتبول على سور المدرسة. زيارته لمدرسة القرية لم أعرف أبدا سببها..، لكنها ماتزال لحد الآن مقترنة في مخيلتي بصراخي وبسياط المدرس يجلد أضلعي النحيلة.
"المقدم علال" ..إذا صادف ولاحت لي سحنته الغبراء ومرّ باقي النهار بسلام، تصيبني في الليل رعشة ُ حمّى تـُـحرمني المنام وتقض مضجعي حتى الصباح.
"المقدم علال" اسم سبب لي في حياتي نغصا جعلني أعتلي كل مساء كدية الرماد خلف بيتنا، أجلس على ركبتي، أيمم وجهي نحو القبلة وأطلب لبيته صاروخا أو قذيفة تحيله ركاما وخرابا كالذي كنت أشاهد في الأخبار. لكنني أستحي من الله، فأعده بألا أطلب أبدا مصائب الدنيا ورزاياها وفجائعها لمخلوق غير"المقدم علال".
"المقدم علال" يوم دخل بيت جارتنا "أم خديجة"، لم يخرج منها إلا وخديجة في يده. يجرها كما تـُـجر عنزة إلى السوق. تـُـجرْجرُ خطاها وتلتفت نحوي باكية كأنني آخر من تستنجد به. ترك بضع وريقات مالية في يد أمها ودموعا كثيرة في عيني وعيني أختي، ورحل بخديجة إلى المدينة مقابل بضعة دريهمات بداية كل شهر .... كانت خديجة شمسا، أطفأها وأظلم نهاري... كنتُ كل مساء أضع بين يدي خديجة الأرض بحقولها وأزهارها وجداولها، والسماء بنجومها وقمرها مقابل أن ألمس ضفيرتيها وأستنشق رائحة الله في عنقها. أخذها وذبحني.
"المقدم علال" أصل كل الشر الذي ينغص حياة أهالي القرية. يدبر البلاء بكفاءة عالية، ثم يوزعه عليهم في السوق الأسبوعي على شكل ضرائب بيضاء واستدعاءات صفراء كابتساماته الشامتة. كان قهر الضعفاء وخنوعهم يرضي كثيرا غروره الجشع وساديته البشعة.
"المقدم علال" بعد وفاة والدي بأشهر قليلة، عرض على والدتي بيع أرضنا بسعر حدده مسبقا، مهددا إياها بأن المشتري إقطاعي نفوذه عظيم ولا يـُـرد له طلب. كانت دراستي الجامعية تستوجب غيابي عن بيتنا، وكان تحرشه بأسرتي وبأرضي يزداد يوما عن يوم.
"المقدم علال" لأن قدره وقدري تقاطعا كثيرا، أحفر الآن حروف قصتي معه على جدران زنزانتي، أصلي، أتضرّع إلى الله، وأدعو له بجهنم خالدا فيها.
.................................................. .................................................. .....
• "المقدم" رجل غالبا ما يكون متسلطا، وظيفته صلة الوصل بين الساكنة ورجال السلطة، رجل واش ٍ يحملُ أخبار الناس إلى السلطات، وينقل أوامر السلطات إلى الناس .. وهي أدنى رتب وزارة الداخلية.
• "علال" اسم مذكر، كخالد وأحمد ....
فاتن دراوشة
13-07-2013, 09:52 AM
إنّه لا زال يتجوّل في طرقاتنا، ولا زال قدره يتقاطع مع أقدار آلاف الشبّان
ولا زالت خديجة تُساق لتوضع ضفيرتاها تحت نصل المقصلة ولتداس زهرة أنوثتها الغضّة بجزمة عهره الثّقيلة.
ولا زالت جدران السّجون تزخر بشخبطات تركتها دماء من وشى بهم ذلك العلّال المقيت
قصّة اجتثّت من رحم واقع مرير عاشه ويحياه شبابنا في مختلف بقاع أوطاننا العربيّة
مودّتي
الفرحان بوعزة
13-07-2013, 03:43 PM
أخي الفاضل والمبدع المتألق .. عبد المجيد .. تحية طيبة ..
كأني عايشت هذا النوع من المقدمين ، فعلا إنه نموذج بشري متفرد ، لكن ما يحيرني : من أي مدرسة تخرج هذا الإنسان الذي يتقن حرفته ..؟ أكان يتعلم بالليل ويطبق ما تعلمه في النهار ..؟ في أي سن بدأ تعليمه .. ؟؟
إنه مقدم ناجح في الاختبار، فهو لم يمتحن في أي مادة أدبية أو علمية .. تكوينه الفطري واستعداده النفسي والاجتماعي وتدريبه عبر الأيام ، واطلاعه على خبايا السلطة جعله أن يكون نفسه بنفسه ، وأن ينقح تجاربه اعتماداً على احتكاكه برئيسه وقضايا الناس ..
بطل تعلم كيف ينصب الفخاخ ،وكيف يخلط الأوراق ، وكيف يلبس الباطل بالحقيقة .. يجتهد في شحذ موهبته وصقل ذكاءه ، تعلم كيف يبث الخوف والرعب في نفوس الضعفاء ، والاستغناء منهم ومن ورائهم ..
من الغريب أننا نجد اسم / المقدم / في عصرنا الحالي ما زال منفراً ، يهرب الناس منه ومن شخصيته ، فهو عندما يظهر في الحي إلا والشر معه ..
والواقع ،أن المقدم يتحمل العبء الكبير ، ويتقبل الشتائم ،ويقبل على كل الأتعاب ،يعرف كلمة /نعم / فقط ، لا يتمتع بحقوقه .. ولا قيمة له في أعين رؤسائه وناسه ومجتمعه .. ومع ذلك يبقى المقدم كإنسان في حاجة للتنبيه والترشيد والتعليم ..
لا أدري لماذا جرني هذا النص الجميل ، أحسست أن انتفاضة عارمة سوف تقوم ضد هذا المخلوق الغريب ، بفنية أدبية متميزة استنفر السارد كل الذكريات المشينة المتعلقة بالسيرة الذاتية لهذا النوع من المقدمين .. حقيقة ، نص أدبي متميز حفل بلغة متينة وسرد دقيق ، وأسلوب شيق مبني على البساطة والسلاسة ..
جميل ما كتبت أخي عبد المجيد ..
محبتي الخالصة ..
الفرحان بوعزة ..
كاملة بدارنه
13-07-2013, 04:31 PM
للمقدّم علال أعوان يختبئون تحت أقنعة الحرص على العام، ولكنّهم أخطر ما يكون عليه.. ولهم في حياتهم مآرب أخرى
ظلمهم لا يدوم ويكفيهم دعاء من ظلموا
قصّة رائعة السّرد حتّى النّهاية
بوركت
تقديري وتحيّتي
للتّثبيت تقديرا
عبد المجيد برزاني
13-07-2013, 09:28 PM
إنّه لا زال يتجوّل في طرقاتنا، ولا زال قدره يتقاطع مع أقدار آلاف الشبّان
ولا زالت خديجة تُساق لتوضع ضفيرتاها تحت نصل المقصلة ولتداس زهرة أنوثتها الغضّة بجزمة عهره الثّقيلة.
ولا زالت جدران السّجون تزخر بشخبطات تركتها دماء من وشى بهم ذلك العلّال المقيت
قصّة اجتثّت من رحم واقع مرير عاشه ويحياه شبابنا في مختلف بقاع أوطاننا العربيّة
مودّتي
الأستاذة فاتن، تشرف النص بوقفتك البليغة.
شكرا لك.
تحيتي وكل التفدير.
عبد المجيد برزاني
13-07-2013, 09:40 PM
أخي الفاضل والمبدع المتألق .. عبد المجيد .. تحية طيبة ..
كأني عايشت هذا النوع من المقدمين ، فعلا إنه نموذج بشري متفرد ، لكن ما يحيرني : من أي مدرسة تخرج هذا الإنسان الذي يتقن حرفته ..؟ أكان يتعلم بالليل ويطبق ما تعلمه في النهار ..؟ في أي سن بدأ تعليمه .. ؟؟
إنه مقدم ناجح في الاختبار، فهو لم يمتحن في أي مادة أدبية أو علمية .. تكوينه الفطري واستعداده النفسي والاجتماعي وتدريبه عبر الأيام ، واطلاعه على خبايا السلطة جعله أن يكون نفسه بنفسه ، وأن ينقح تجاربه اعتماداً على احتكاكه برئيسه وقضايا الناس ..
بطل تعلم كيف ينصب الفخاخ ،وكيف يخلط الأوراق ، وكيف يلبس الباطل بالحقيقة .. يجتهد في شحذ موهبته وصقل ذكاءه ، تعلم كيف يبث الخوف والرعب في نفوس الضعفاء ، والاستغناء منهم ومن ورائهم ..
من الغريب أننا نجد اسم / المقدم / في عصرنا الحالي ما زال منفراً ، يهرب الناس منه ومن شخصيته ، فهو عندما يظهر في الحي إلا والشر معه ..
والواقع ،أن المقدم يتحمل العبء الكبير ، ويتقبل الشتائم ،ويقبل على كل الأتعاب ،يعرف كلمة /نعم / فقط ، لا يتمتع بحقوقه .. ولا قيمة له في أعين رؤسائه وناسه ومجتمعه .. ومع ذلك يبقى المقدم كإنسان في حاجة للتنبيه والترشيد والتعليم ..
لا أدري لماذا جرني هذا النص الجميل ، أحسست أن انتفاضة عارمة سوف تقوم ضد هذا المخلوق الغريب ، بفنية أدبية متميزة استنفر السارد كل الذكريات المشينة المتعلقة بالسيرة الذاتية لهذا النوع من المقدمين .. حقيقة ، نص أدبي متميز حفل بلغة متينة وسرد دقيق ، وأسلوب شيق مبني على البساطة والسلاسة ..
جميل ما كتبت أخي عبد المجيد ..
محبتي الخالصة ..
الفرحان بوعزة ..
سرتني جدا أخي الكريم بوعزة قراءتك.
فعلا أخي، ليس كل "المقدمين" من نفس الطينة.
وهذا السارد كان يسكن حياته كابوس اسمه المقدم علال، رغما عنه ومن دون أن تكون له أي يد في ذلك.
صعب أن ينغص حياتنا شخص آخر بحتمية مطلقة لا يمكننا تفاديها.
كان للنص شرف حروفك البليغة وحضورك الراقي أخي الكريم. شكرا لك.
تحيتي وكل التقدير.
عبد المجيد برزاني
14-07-2013, 01:18 AM
للمقدّم علال أعوان يختبئون تحت أقنعة الحرص على العام، ولكنّهم أخطر ما يكون عليه.. ولهم في حياتهم مآرب أخرى
ظلمهم لا يدوم ويكفيهم دعاء من ظلموا
قصّة رائعة السّرد حتّى النّهاية
بوركت
تقديري وتحيّتي
للتّثبيت تقديرا
فاضلتنا الأستاذة الكريمة كاملة بدارنه :
شكرا لإطرائك على النص.
شهادة أعتز بها أيما اعتزاز لما تتميز به ذائقتك الأدبية من سمو ورقي.
دمت للواحة فيئا نستظل ببهاء حرفك، ونمتح من عينك الأدبية الحصيفة.
شكري وتحيتي وتقديري وكل امتناني.
براءة الجودي
14-07-2013, 01:29 PM
وكثيرٌ من هم بظلم المقدم علال , ومافائدة المهارة والثقة والكفاءة والنفوذ إن استغله في قهر الآخرين والشماتة بهم وغفل أن فوقه قهار جبار
أسلوب رائع في عرض القصة وأحاسيس عاتية ثائرة
كل التقدير
عبد المجيد برزاني
17-07-2013, 09:32 PM
وكثيرٌ من هم بظلم المقدم علال , ومافائدة المهارة والثقة والكفاءة والنفوذ إن استغله في قهر الآخرين والشماتة بهم وغفل أن فوقه قهار جبار
أسلوب رائع في عرض القصة وأحاسيس عاتية ثائرة
كل التقدير
شكرا لك على المواكبة أستاذة براءة الجودي.
تحياتي وتقديري وامتناني.
آمال المصري
23-07-2013, 07:15 PM
الكثير يجيدون فنون القهر ويبرعون في تنفيذها وممارستها وترك علامات وندوب في بعض النفوس والتي لايمحها إلا الخلاص منها دون وضع النتيجة المترتبة على ذلك
نص جميل الفكرة .. قوية البيان والحبكة
بوركت أديبنا واليراع
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي
د. سمير العمري
19-08-2013, 10:39 PM
قصة رائعة بليغة ذات دلالات وإسقاطات مهمة تتعلق بواقعنا العربي المتردي.
نص لا يكتبه إلا أديب متمكن وقاص حاذق فلا فض فوك!
تقديري
عبد المجيد برزاني
23-08-2013, 04:38 PM
الكثير يجيدون فنون القهر ويبرعون في تنفيذها وممارستها وترك علامات وندوب في بعض النفوس والتي لايمحها إلا الخلاص منها دون وضع النتيجة المترتبة على ذلك
نص جميل الفكرة .. قوية البيان والحبكة
بوركت أديبنا واليراع
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي
الأستاذة آمال :
أشكر لك هذه المواكبة القيمة للنصوص.
بورك حضورك الوارف.
تحيتي وتقديري.
عبد المجيد برزاني
23-08-2013, 04:47 PM
قصة رائعة بليغة ذات دلالات وإسقاطات مهمة تتعلق بواقعنا العربي المتردي.
نص لا يكتبه إلا أديب متمكن وقاص حاذق فلا فض فوك!
تقديري
عميدنا الأكرم د.سمير العمري :
يكون سروري كبيرا عندما يرقى أحد نصوصي لعلياء ذائقتكم الأدبية السامية.
شكرا لطيب الحضور.
تحيتي واحترامي وكل الامتنان.
ربيحة الرفاعي
11-09-2013, 09:09 PM
المقدم علال ما يزال علّة تعانيها الأمة ، وما يزال كلبا للسلطان يجوب طرقاتها ويزرعها ظلما وقهرا
قصة جميلة السرد مائزة بأسلوبها وفكرتها
دمت بخير مبدعنا
تحاياي
عبد المجيد برزاني
06-10-2013, 04:57 PM
المقدم علال ما يزال علّة تعانيها الأمة ، وما يزال كلبا للسلطان يجوب طرقاتها ويزرعها ظلما وقهرا
قصة جميلة السرد مائزة بأسلوبها وفكرتها
دمت بخير مبدعنا
تحاياي
شكرا لكرم حضورك أستاذتنا المبدعة ربيحة الرفاعي :
فعلا لازالت الأمة تزخر بالعلل مثل هذا المقدم علال.
مائز مرورك ومحفز سيدتي فلا حرمتك الواحة.
تحاياي وكل التقدير.
ناديه محمد الجابي
06-10-2013, 07:01 PM
المقدم علال .. هو في مصر : المخبر ـ وفي ليبيا : البصاص
موجود في كل بلد وإن تغيرت أسماؤه , واتفقت أفعاله ,
مكروه أينما كان ـ ملعون في كل زمان ومكان.
نص جميل ومعالجة ذكية لنص له قيمةـ وفكرة
نجحت في طرحها بسرد رائع ووصف ماتع.
لقلمك أسلوب جميل ـ بارك الله في قلمك وفكرك.
نداء غريب صبري
28-10-2013, 11:06 PM
هو انتصر وقتل المقدم علال
فماذا عنا نحن؟
متى نقتل المقدمين الذي صاروا علاتنا؟
قصة جميلة ومؤثرة جدا
وخاتمتها حزينة وسعيدة معا
شكرا لك أخي
بوركت
خلود محمد جمعة
28-10-2013, 11:41 PM
المقدم علال
يستحق جائزة نوبل فهو الحي الميت
عمره اطول من الدهر
ينمو من وجعنا
يقتات من ألمنا
يسكننا قهراً
فنتفجر حقداً
نزج في زنزانة أنفسنا او في سجن الحياة
فهما سيان
فيولد ألف علال
صدق يراعك
مودتي واحترامي
عبد المجيد برزاني
19-08-2014, 02:31 PM
المقدم علال .. هو في مصر : المخبر ـ وفي ليبيا : البصاص
موجود في كل بلد وإن تغيرت أسماؤه , واتفقت أفعاله ,
مكروه أينما كان ـ ملعون في كل زمان ومكان.
نص جميل ومعالجة ذكية لنص له قيمةـ وفكرة
نجحت في طرحها بسرد رائع ووصف ماتع.
لقلمك أسلوب جميل ـ بارك الله في قلمك وفكرك.
في المغرب "المقدم" توكل إليه السلطات أيضا إمضاء شواهد السكنى وبعض وثائق المواطنين، لذا كان تسلطه أقوى وأشد على البسطاء من الناس لاسيما في البوادي. الحمد لله أنها ظاهرة آيلة للزوال، لولا بعض التحجر في العقليات والتمسك بزمن التسلط والقمع.
شكرا لمرورك أستاذة نادية .
تحياتي وتقديري.
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir