المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عطاء



غاندي يوسف سعد
01-08-2013, 06:27 AM
قبل عشرين عاما كانت تجلس قرب نافذة مطلّة على طريق يسافر عبره المسافرون ...
وهي تردّد أغنية تقول: ( بكرا لمّا بيرجعوا الخيّالي... بترجع ياحبيبي )
واليوم أجدها في نفس المكان تردّد قائلة: ( متل السهم الراجع... من سفر الزمان)
إنّها الحياة إنّه المال مفرّق الأحباب سارق ليالي وساعات العمر...

في بلاد بعيدة بدأـ غربته ...أناس وحياة جديدة ..عمل وتوفير ... تحوّل الحلم والطموح
إلى جشع وطمع وكلّما كسب جديدا من حطام هذه الدنيا كان يطلب المزيد حتى أصبح طالبا للثروة والمال ...
هكذا مرّتْ الأيام والسنون والتي بمرورها تتبدل الأشياء وتتغير الأفكار والقناعات ...
تولد حياة ...تنتهي حياة... تعزف ألحانا من الحزن وأنغاما من المسرّة...

على شريط ذاكرتها صور متتالية ....

... يقول لها سآتي بالمال ونعيش حياة هانئة ننجب البنين والبنات ...تبتسم ابتسامة ساخرة عندما تذكرت أنّهما اختلفا على اسم مولودهما البكر...

...أمّها وقبل رحيلها عن هذا العالم توصي أبناءها وأحفادها خيرا بها وكأنها طير صغير لايقوى على الطيران...

...زوجةأخيها تقول غامزة ً: المرأة كالشجرة إذا لم تعط ِ الثمار يجب قطعها ...

...جارتهم تقول: لماذا نعيش لولا أولادنا فنحن نعمل ونتعب لأجلهم ولأجل مستقبلهم ...

واليوم عاد حاملا معه المال الكثير مع أوراق صفراء تتساقط منه... وتتساقط معها بقايا من صور تبدّلتْ بتغيّر ملامح المكان والزمان ...
نظرتْ من شرفتها رأته رجلا غريبا قبيحا أغلقت نافذتها ودخلت إلى غرفتها...

نظرتْ إلى التلفاز دمار..رصاص.. قنابل... قذائف وموت ...
إنّها عائلة قُتلتْ بغير ذنب ولم يبق منها على قيد الحياة إلا طفلة في سنوات عمرها الأولى . تنظر إلى الكاميرات وإلى الناس الذين تجمعوا مستطلعين... وسط دهشتها واستغرابها لما يجري...
أمامها على الأرض بقايا من نجيع الدماء التي كانت تجري في عروق أهلها وإخوتها
من قلوب ٍ طالما خفقت في محبّتها ...

فوقفتْ أمام التلفاز كتمثال من الشمع يحترق دامعا ...
وكأنّها في غيبوبة ٍ صرخَتْ ( ياالله) بصوت ارتجّتْ له جدران ُ نفسها ...
تَردّد صداهُ فملأ كيانها كلّه ...
لبستْ ثيابها بسرعة وسافرتْ إلى ذلك المكان تفتّشُ عن وجه آخر للحياة ربّما هو جميل
لقد اكتشفته ورأته الآن ...

دائما تكون أمامنا دروب ٌ كثيرة لكنّنا نرى طريقا واحدا نضع فيه كلّ أحلامنا وآمالنا
وعندما يصبح مسدودا لابدّ من دروب أخرى علينا اكتشافها قبل فوات الأوان ...

وصلتْ لتطلب رعاية وتربية الطفلة التي كانت في حالة من الخوف والاستغراب
فكل مايجري أمامها هو جديد وغير مألوف في عالم الطفولة والألعاب ...

مع إشارات العاطفة المتواترة في أعصاب وخلايا دماغها ...عادت والطفلة معها
فأحسّتْ بشعور غريب نحوها وكأنّه صار لوجودها معنى ومغزى عميق ...
فليس كلّ من تزوج وأنجب الأولاد هو مُربّي ...
وليست الأم هي التي تُرضع من ثدييها فقط ...
غريب أمر هذه الدنيا وغريب أمر هذا القدر الذي حرم طفلة من أهلها وأراق دماء هؤلاء الأبرياء
هو نفسه القدَر الذي جعلها تعيش حياة جديدة هانئة مليئة بالحب والحنان ...

وهاهي اليوم تكبر في كنفها وبرعايتها حيث اعتادتْ أن تذهب بها كل يوم جمعة إلى قبور والديها وإخوتها تضعان الزهور وتترحمان ثمّ تعودان إلى حياتهما التي يوما بعد يوم تعززتْ فيها ركائزُ الود والحب والتضحية والإحترام ...

في الصباح تودّعها عند الباب وهي ذاهبة إلى مدرستها...
في البناء المقابل ثَمة رجل مريض سعاله يملأ المكان
بجانبه ممرضة أجنبيّة بيديها حُقن وأبر وأكياس ٌ مليئة ٌ بالدواء
--------------------------------------------------------------

كاملة بدارنه
02-08-2013, 11:03 PM
يخطّط الإنسان ما يشاء وفي النّهاية لا يتحقّق إلّا ما شاء الله أن يكون
لقد حصلت في النّهاية على ما انتظرته سنين ..
قصّة مؤثّرة بفكرتها وصورها التي كانت هنا وهناك...
بوركت
تقديري وتحيّتي

آمال المصري
06-08-2013, 11:45 AM
على قدر العطاء .. كانت الثمرة
لملمت خيوط النص في الخاتمة التي جاءت حكمة بليغة بلغة ماتعة وأسلوب قصصي جميل
بوركت أديبنا واليراع
تحاياي

ناديه محمد الجابي
07-08-2013, 10:25 AM
ناقشت في قصتك قضية هامة وهي مشكلة من يتغربوا
لتكوين أنفسهم ومن أجل جمع المال ثم يصبح جمع الثروة كل همهم
ثم يعودوا ومعهم المال ولكنهم يكونوا قد خسروا ما هو أهم ـ سنوات
عمرهم التي ذهبت منهم فلا هم استمتعوا بالمال الذي جمعوه ولا عاشوا حياتهم.
ثم عرجت على ما يحدث في عالمنا العربي في كل مكان من دمار .. ورصاص
وقنابل .. وقذائف موت ـ وكيف كان لبطلتنا أن تجد معنى لحياتها عندما احتضنت
طفلة يتمتا تلك الأحداث فكان كل منهما في احتاج إلى الآخر.
قصة جميلة , وفكرة قيمة , وسلاسة في السرد
بوركت وقلمك ـ ولك تحياتي.

غاندي يوسف سعد
10-08-2013, 03:48 AM
يخطّط الإنسان ما يشاء وفي النّهاية لا يتحقّق إلّا ما شاء الله أن يكون
لقد حصلت في النّهاية على ما انتظرته سنين ..
قصّة مؤثّرة بفكرتها وصورها التي كانت هنا وهناك...
بوركت
تقديري وتحيّتي
الأخت الأديبة الفاضلة كاملة بدرانه أشكرك سيّدتي على حضورك وإنارتك....
متمنيا لك المزيد من التألق والإبداع....مودّتي وتقديري.

غاندي يوسف سعد
10-08-2013, 03:51 AM
على قدر العطاء .. كانت الثمرة
لملمت خيوط النص في الخاتمة التي جاءت حكمة بليغة بلغة ماتعة وأسلوب قصصي جميل
بوركت أديبنا واليراع
تحاياي
الأخت الأديبة القديرة آمال المصري أشكرك سيّدتي على حضورك وتفاعلك مع هذا النص ...
متمنيا لك المزيد من التألق والإبداع...مودّتي وتقديري.

غاندي يوسف سعد
10-08-2013, 03:55 AM
ناقشت في قصتك قضية هامة وهي مشكلة من يتغربوا
لتكوين أنفسهم ومن أجل جمع المال ثم يصبح جمع الثروة كل همهم
ثم يعودوا ومعهم المال ولكنهم يكونوا قد خسروا ما هو أهم ـ سنوات
عمرهم التي ذهبت منهم فلا هم استمتعوا بالمال الذي جمعوه ولا عاشوا حياتهم.
ثم عرجت على ما يحدث في عالمنا العربي في كل مكان من دمار .. ورصاص
وقنابل .. وقذائف موت ـ وكيف كان لبطلتنا أن تجد معنى لحياتها عندما احتضنت
طفلة يتمتا تلك الأحداث فكان كل منهما في احتاج إلى الآخر.
قصة جميلة , وفكرة قيمة , وسلاسة في السرد
بوركت وقلمك ـ ولك تحياتي.
الأخت الأديبة القديرة نادية محمد الجابي أشكرك جزيل الشكر على حضورك وإنارتك وقراءتك الواعية المتبصرة...
تشرفتُ بحضورك هنا متمنيا لك المزيد من التألق والإبداع ...مودّتي وتقديري.

د. سمير العمري
21-08-2013, 04:47 PM
رأيت فيه نصا فلسفيا أكثر منه قصصيا.

لكني رأيت أيضا أنك صاحب قدرة مميزة على القص والكتابة بحرف معبر وجميل وإن كنت بحاجة لقليل من العناية والتركيز والتمحور حول الفكرة.

تقديري

غاندي يوسف سعد
24-08-2013, 03:58 AM
رأيت فيه نصا فلسفيا أكثر منه قصصيا.

لكني رأيت أيضا أنك صاحب قدرة مميزة على القص والكتابة بحرف معبر وجميل وإن كنت بحاجة لقليل من العناية والتركيز والتمحور حول الفكرة.

تقديري
الأخ الأديب والشاعر القدير د سمير العمري تشرفت بحضورك وتحليقك فوق هذا النص ...لقد شاركتُ في هذا القسم بقصتين هذه وأخرى عنوانها جبل المحبّة
وهما نصوص(فلسفية) بلباس قصصي ...وأشكرك جزيل الشكر على ماأبديته من نصح .....متمنيا لك ولأسرة هذه الواحة الغنّاء المزيد من التألق والنجاح
والإبداع...مودّتي وتقديري.

براءة الجودي
24-08-2013, 02:08 PM
قصة معبرة حقا , وكانت البداية والأحداث والخاتمة سلسلة مترابطة تجعل القارئ يسرح متأملا في جوانب عدة من هذه الحياة
تقديري لقلمك الفارع

غاندي يوسف سعد
25-08-2013, 06:07 AM
قصة معبرة حقا , وكانت البداية والأحداث والخاتمة سلسلة مترابطة تجعل القارئ يسرح متأملا في جوانب عدة من هذه الحياة
تقديري لقلمك الفارع

الأخت الأديبة والمثقفة براءة الجودي أشكرك جزيل الشكر على حضورك وإنارتك...
متمنيا لك سيّدتي المزيد من التألق والإبداع...مودّتي وتقديري.

ربيحة الرفاعي
26-09-2013, 06:34 PM
أجمل القصص تلك التي تحمل أفكارا كبيرة خلف سطورها ومشاهدها الإنسانية ، وقد كان لنصك من هذا حصة كبيرة، وبمهارة طرحت فلسفة طيبة صورت الأهداف الأعمق التي تضفي على الحياة معنى وقيمة

نص قصّي قوي الفكرة مؤثر المشهدية إيجابي المحمول


دمت بخير أيها الكريم

تحاياي

غاندي يوسف سعد
28-09-2013, 12:45 AM
أجمل القصص تلك التي تحمل أفكارا كبيرة خلف سطورها ومشاهدها الإنسانية ، وقد كان لنصك من هذا حصة كبيرة، وبمهارة طرحت فلسفة طيبة صورت الأهداف الأعمق التي تضفي على الحياة معنى وقيمة

نص قصّي قوي الفكرة مؤثر المشهدية إيجابي المحمول


دمت بخير أيها الكريم

تحاياي

الأخت القديرة ربيحة الرفاعي أشكرك ياسيّدتي على هذه القراءة المتمكنة ...الواعية والمتبصرة...
والتي أسجل إعجابي الكبير بها....تشرفتُ بحضورك البهي...
مودّتي وتقديري.

نداء غريب صبري
15-10-2013, 02:47 PM
هل يستحق ما جمعه الثمن الذي دفعه؟
كل جهودنا لا تغير ما يشاء الله وما يشاء الله وحده هو ما سيكون
قصة جميلة ومؤثرة

شكرا لك

بوركت

غاندي يوسف سعد
18-10-2013, 01:01 PM
هل يستحق ما جمعه الثمن الذي دفعه؟
كل جهودنا لا تغير ما يشاء الله وما يشاء الله وحده هو ما سيكون
قصة جميلة ومؤثرة

شكرا لك

بوركت
الأخت الأديبة والشاعرة الفاضلة نداء غريب صبري...أشكر لك هذا الحضور البهي
وهذه القراءة الواعية المتمكنة....متمنيا لك سيّدتي مزيدا من التألق والإبداع.
مودّتي وتقديري.

خلود محمد جمعة
23-12-2014, 10:58 AM
يمكن للاختيار تحديد طريق السعادة او التعاسة ولكن للعطاء طريق واحد وهو السعادة مهما كان حجمها
ولحرفك وجه واحد وهو الجمال
اسجل اعجابي وكل التقدير
بوركت

غاندي يوسف سعد
24-12-2014, 01:14 AM
يمكن للاختيار تحديد طريق السعادة او التعاسة ولكن للعطاء طريق واحد وهو السعادة مهما كان حجمها
ولحرفك وجه واحد وهو الجمال
اسجل اعجابي وكل التقدير
بوركت
الأخت المتألقة خلود محمد جمعة أشكر لك هذا الحضور الآثر والهطول النقي هنا...
متمنيا لك سيّدتي كل التألق والإبداع...
مودّتي وكامل تقديري.

وليد مجاهد
12-01-2015, 07:16 PM
وتقدرون وتضحك الأقدار
قصة جميلة بتفكير فلسفي
تقديري

غاندي يوسف سعد
15-01-2015, 05:02 AM
وتقدرون وتضحك الأقدار
قصة جميلة بتفكير فلسفي
تقديري
الأستاذ الأديب الفاضل وليد مجاهد...
أشكر حضورك وإنارتك وتوقيعك الراقي هنا...
مودّتي وتقديري.