تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : وداعا رمضان



أحلام أحمد
08-08-2013, 05:01 PM
http://im31.gulfup.com/bR9Fx.png
أحبتي في الله
بالأمس رحل شهر رمضان
وفاز من فاز وخسر من خسر
فهل من عودة إليه مرة أخرى...؟؟؟!!!
أم أن ضيفنا الأخير سيسبقنا إليه قبل أن يعود من جديد...؟؟؟!!!
أردت فتح هذا المتصفح قبل رحيل رمضان ولكن الظروف لم تسمح
فمعذرة منك يا رمضان :008:

http://www.youtube.com/watch?v=VqizUQUH1-s

......
أسأل الله لنا ولكم القبول والفوز
وكل عام وأنتم بخير

http://im31.gulfup.com/8ecns.png

أحلام أحمد
08-08-2013, 05:06 PM
[ ~ وداعا رمضان ~ ]

http://im31.gulfup.com/iPku7.jpg

بخُطى مُثقلةٍ وأنفاسٍ لاهثةٍ ..
والكون وسط السُكون قد غرقا ..
ولوعة لا تبلى في لحظةٍ لا تُنسى
بليلٍ مُظلمٍ قد غسقا ..
بحُرقةٍ تُلهبُ الأحشاء وعبرة تكوي الحدقا ..
أرجُوه المكوث وما بعد أيامٍ معدُوداتٍ له من بقا ..
انقضى رمضانُ والعُمرُ مني قد سُرقا
لهْف نفسي المُختنقة !!
من لي بتراويح بين الصحب والرفقا ؟!
في مسجدٍ يُضاهي القمر إذا اتسقا ..
وقُرآن فيه علا وبلغ الأفُق ..
كطيب المسك قد عبقا ..
من لي بتراويح بين الصحب والرفقا ؟!
تُزيلُ عن القلب من الدُنيا ما علقا ..
وأين أجدُ دُروس الذكر والحلق ؟
تُريحُ رُوحا ألفت الهم والقلق ..
انقضى رمضانُ والعُمرُ مني قد سُرقا ..
من للجائع يُطعمُهُ ..
من للمسكين يذكُره ..!
بصدقاتٍ، عن أعيُن الناس له وقا ..
يا راحلا مضى وانطلقا ..
والنبضُ لرحيلك خفق وانصب الدمع مُندفقا ..
لم الرحيل ؟!..
وقد طابت فيك الطاعاتُ صدقا ..
لا رياء ولا ملقا ..
ولا مللتُ بباب العفو والمغفرة الدق والطرق ..
فُؤاد بالله قد وثق ..
ودعاهُ في سكينةٍ أن يا رب الليلة الليلة عتْقا عتْقا ..
انقضى رمضانُ والعُمرُ مني قد سُرقا ..
بكت العينُ وغدا القلبُ مُحترقا ..
وحُق البُكا لعاشقٍ عابدٍ مُتبتلٍ في حُبه قد صدقا ..
فطُوبى لمحب للمجد قد سبقا
للمكرُمات سما وارتقى ..
انقضى رمضانُ والعُمرُ مني قد سُرقا ..
رفقا أيا سيدي رفقا ..
أما لنا من ميعادٍ ومُلتقى ؟!
أم سأكونُ راحلة حين تعُود على من بقى !!
وأتيتُ على كُل من بالشعر قد نطقا ..
فقال :
رمضان خيرُ الشهُور ما مثلهُ الله خلقا ..
انقضى رمضانُ وعمل المرء ما خُرقا ..

بقلم وريشة:
هداية

أحلام أحمد
08-08-2013, 05:09 PM
وداعا رمضان....للشيخ عبدالحميد كشك

http://www.youtube.com/watch?v=hFsyJ7CQuCQ

أحلام أحمد
08-08-2013, 05:26 PM
قَلوبِ الصائمين

http://im40.gulfup.com/f0Qdq.png

وداعاً يا شهر يا رمضان ! وداعاً يا شهر الخيرات والإحسان !
وداعاً يا ضيفنا الراحل ! مضى كثيرك ولم يبق بين أيدينا منك إلا أيام قلائل ،
عشر تجاورنا اليوم وهي إلى الرحيل أقرب من البقاء ، ولئن قال ابن رجب في لطائفه عند الفراق :
ياشهر رمضان ترفّق ، دموع المحبين تدفّق ، قلوبهم من ألم الفراق تشقّق...
عسى وقفة للوداع تطفيء من نار الشوق ما أحرق...
عسى ساعة توبة وإقلاع ترقع من الصيام ماتخرّق...
عسى منقطع من ركب المقبولين يلحق ، عسى أسير الأوزار يُطلق...
عسى من استوجب النار يُعتق . اهـ
فما أحرانا بتدبّر قوله بفعل يطفيء حرارة الوداع...!!!
كيف حال قلوب الصائمين بعد رمضان ..!
الناس بعد رمضان فريقان: فائزون وخاسرون.
فيا ليت شعري من هذا الفائز منا فنُهنّيه؟ ومن هذا الخاسر فنُعزّيه؟!
رحل رمضان ورحيله مُّر على الجميع، الفائزين والخاسرين...
الرحيل مر على الفائزين؛ لأنهم فقدوا أياماً ممتعة، وليالي جميلة، نهارها صدقة وصيام، وليلها قراءة وقيام،
نسيمها الذكر والدعاء، وطيبها الدموع والبكاء، شعروا بمرارة الفراق؛ فأرسلوا العبرات والآهات، كيف لا وهو شهر الرحمات، وتكفير السيئات، وإقالة العثرات؟!
كيف لا والدعاء فيه مسموع، والضرّ مدفوع، والخير مجموع؟!
كيف لا نبكي على رحيله ونحن لا نعلم أمن المقبولين نحن أم من المطرودين؟!
كيف لا نبكي على رحيله -أيها الأحبة- ونحن لا ندري أيعود ونحن في الوجود أم في اللحود؟!
الفائزون من خشية ربهم مشفقون! نعم.
هم فائزون ولكنهم من خشية ربهم مشفقون {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ}
أما المفرّطون -نعوذ بالله من حالهم- أناس قصّروا فلم يعملوا إلا القليل، نعم.
صلّوا التراويح والقيام سراعاً، فهم لم يقوموا إلا القليل، ولم يقرأوا من القرآن إلا القليل،
ولم يقدّموا من الصلوات إلا القليل، الصلوات المفروضة تشكو من تخريقها ونقرها،
والصيام يئن من تجريحه وتضييعه، والقرآن يشكو من هجره ونثره،
والصدقة ربما يتبعها مَنٌّ وأذى، الألسن يابسة من ذكر الله، غافلة عن الدعاء والاستغفار،
فهم في صراع مع الشهوات حتى في رمضان، لكن فطرة الخير تجذبهم،
فتغلبهم تارةً ويغلبونها تارات، فهم يصلّون التراويح، لكن قلوبهم معلقة بالرياضة، ومشاهدة المباريات، ورمضان هذا العام يشهد بمثل ذلك.
أيها الأحبة!
هذه بعض الثوابت الإيمانية التي رأيناها في رمضان، ولا ينبغي لمسلم صادق أن يتخلى عن هذه الثوابت بعد رمضان،
ونحن في أمس الحاجة إلى وصية سيد ولد عدنان إلى وصية الحبيب محمد عليه الصلاة والسلام، حينما جاءه سفيان بن عبد الله وحديثه في صحيح مسلم وقال:
(يا رسول الله! قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك،فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:قل آمنت بالله ثم استقم).
وهاهو شهر رمضان قد انتهى، انتهى شهر الصيام والقيام والقرآن والبر والجود والإحسان...
فيا عين جودي بالدمع من أسف على فراق ليالٍ ذات أنوار...
على ليالٍ لشهر الصوم ما جُعلت إلا لتمحيص آثام وأوزار...
ما كان أحسننا والشمل مجتمع منّا المصلي ومنّا القانت القاريء...
فابكوا على ما مضى في الشهر واغتنموا ما قد بقي إخوتي من فضل أعمار
وهكذا أسرعت أيام الخير والبر والفضل والطاعة،ولا شك أن ربّنا جلّ وعلا قد اختص رمضان بكثير من رحماته وبركاته،
فأنت ترى الناس تُقبل على طاعة الله في رمضان بأريحية عجيبة، وبيسر وسهولة غريبة؛
لأن الله قد هيّأ الناس في رمضان للطاعة، وقد سهل الطاعة للصادقين من المؤمنين في رمضان...
ولكن ليس معنى ذلك أن نُعرض عن كثير من الثوابت الإيمانية بعد رمضان،
فأنت ترى المساجد معطّرة بأنفاس الصائمين في رمضان،
وترى صفوف المصلين مزدحمة في رمضان؛ بل وترى البرّ والجود والإحسان والبذل والإنفاق والعطاء والذكر والتوبة والاستغفار،
وترى حرص الناس على الطاعة،فترى المحسن يقول للمسيء إليه: اللهم إني صائم، يذكّر نفسه بالله جل وعلا، وبطاعة الله.
حافِظوا على صَلاتِكُم والنَوافِل ،والصيام التَطوعي , وأذكاركم ، وكثير من عبادتكم التي أوجبها عليكم خالقكم .

منقول

أحلام أحمد
08-08-2013, 05:33 PM
الشيخ عبد الواحد المغربي...رمضان فرصة ذهبية

http://www.youtube.com/watch?v=pZdBCoY_vnY

أحلام أحمد
08-08-2013, 05:43 PM
http://im33.gulfup.com/VoGEP.gif

أحلام أحمد
08-08-2013, 05:45 PM
قصيدة كم فيك من مِنح
للدكتور: عبد الرحمن الأهدل

رَمَضَـانُ دَمْعِـيْ لِلْفِرَاقِ يَسِيْلُ ** وَالْقَلْبُ مِنْ أَلَمِ الْـوَدَاعِ هَـزِيْلُ
رَمَضَـانُ إِنَّكَ سَـيِّدٌ وَمُهَـذَّبٌ ** وَضِيَـاءُ وَجْهِـكَ يَا عَزِيْزُ جَلِيْلُ
رَمَضَـانُ جِئْتَ وَلَيْلُنَا مُتَصَـدِّعٌ ** أَمَّا النَّـهَـارُ بِلَهْـوِهِ مَشْغُـوْلُ
فَالْتـَفَّ حَـوْلَكَ سَادَةٌ ذُو هِمَّـةٍ ** لَمْ يُثْنِهِمْ عَنْ صوْمِهِمْ مخـذُوْلُ
قَامُوا لَـيَالٍ وَالدُّموْعُ غَـزِيْرَةٌ ** وَيَدُ السَّخَاءِ يَزِينهَا التّـَنْوِيْـلُ
سَجَـدُوا لِبَارِئِهِمْ بِجَبْهَةِ مُخْلِصٍ ** وَأَصابَ كُلاًّ زَفْرَةٌ وَعَوِيْـلُ
كَمْ فِيْكَ مِنْ مِنَـحِ الإِلَهِ وَرَحْمَـةٍ ** وَالْعِتْـقُ فِيْكَ لِمَنْ هَفَا مَأْمُـوْلُ
وَسَحَائِبُ الرَّحَمَاتِ فِيْ فَلَكِ الدُّجَى ** فِيْ لَيْـلَـةٍ نَادَى بِهَا التنزِيْلُ
وَمَلاَئِـكُ الرَّحْمَنِ تُحْيِـيْ لَيْلَهَا ** فِيْهِمْ أَمِـيْنُ الْوَحْي جِبْرَائيْلُ
وَعِصَـابَـةُ الشَّيْطَانِ فِيْ أَصْفَادِهَا ** قَـدْ ذَلّـَهَا التَّسْبِيْحُ وَالتَّهْلِيْلُ
تِلْكَ الْمَسَاجِـدُ وَالدُّعَـاءُ مُدَوِّيٌ ** لِلَّهِ جَـلَّ جَلالُـهُ التَّـبْجِـيْلُ
رَبَّاهُ فَارْحَـمْ فَالذُّنُوْبُ تَتَابَعَتْ ** كَالْموْجِ فِي لُجَجِ الْبِحَاِر يَسِيْرُ
وَاغْفِـرْ لِعَبْـدٍ آبَ أَوْبَـةَ صَادِقٍ ** وَاقْبَلْ دُعَـاءً حَرْفُـهُ مَذْهُـوْلُ
أَنْتَ الْمُجِـيْبُ وَأَنْتَ أَعْظَمُ مَنْ عَفَا ** أَنْتَ السَّمِيْعُ وَإِنْ دَعَاكَ جَهُولُ
ذَنْبِـيْ وَإِنْ مَلأَ الْبِحارَ فَـإِنَّـهُ ** فِيْ عَفْوِ مِثْلِكَ يَا كَرِيْمُ قَلِيْـلُ
ثُمَّ الصَّـلاةُ عَلَى النَّبِيِّ وَآلِـهِ ** وَالصَّحْبِ مَا شَمِلَ الدُّعَاءَ قَبُوْلُ

أحلام أحمد
08-08-2013, 07:24 PM
توديع رمضان
إبراهيم بن محمد الحقيل
http://im40.gulfup.com/Sj2Yk.jpg
الخطبة الأولى:
أما بعد:
فهذه آخرُ جمعةٍ من رمضان، وهكذا تمضي الأعمار، وإنما العبد جملةٌ من أيام؛ كلما ذهب يوم ذهب بعضه.
هذا رمضان يمضي، كما كان بالأمس يأتي، فسبحان من قلّب الليل والنهار، وأجرى الدهور والأعوام، وفي ذلك مُعْتَبَرٌ للمعتبرين، وموعظة للمتقين.
هذا رمضان تلك السنةُ يشيّع، تطوى صحائفه بأعمال العباد، ولا تنشر إلا يوم القيامة للحساب، ولا ندري أندرك رمضان القابل أم لا؟! فالله المستعان!
فحُقَّ لرمضان أن يُبكى له ويُبكى عليه، كيف لا يبكي المؤمن عليه وفيه تفتح أبواب الجنان؟! وكيف لا يبكي المذنب على ذهابه، وفيه تُغلق أبواب النيران؟! كيف لا يُبكى على وقت تسلسل فيه الشياطين!!
فيا لوعة الخاشعين على فقدانه، ويا حرقة المتقين على ذهابه!!
كان منهم القائم القانت في محرابه: (يَحْذَرُ الآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ) [الزُّمر:9] ويخشى عذابه، ومنهم من قد حبس نفسه على طاعة الله وذكره، وتجرّد من الدنيا وقطع عن نفسه كل العلائق، وعكف بقلبه وقالبه على ربه وما يقرب منه، فما بقي في قلبه غير الله تعالى، وليس له همٌّ إلا مرضاته، يتمثل قول داوود الطائي -رحمه الله- حينما كان يناجي ربه في ليله فيقول:
"همُّك عطَّل عليّ الهموم، وخالف بيني وبين السُّهاد، وشوقي إليك أوبق مني اللذات، وحال بيني وبين الشهوات".
هذا حال الصائمين القائمين، عرفتهم المساجد والخلوات، يطيلون القيام، ويتلون القرآن، ويُلحُّون في الدعاء، ويعلنون الإنابة، ويناجون الرحمن، بينما غيرهم في مجالس الزور مجتمعون على عرض الشيطان، وبرامج الفسّاق.
ماذا دهى الصالحين؟! وما الذي دعاهم إلى طول التهجد ومكابدةِ السهر والنصب؟!
إنهم يلتمسون ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، فلو نطقت المساجد لقالت:
"يا ليلةَ القدرِ: للعابدين اشهدي، يا أقدام القانتين: اركعي لربك واسجدي، يا ألسنة السائلين جدِّي في المسألة واجتهدي".
ها هو ذا رمضان يمضي، وقد شهدت لياليه أنين المذنبين، وقصص التائبين، وعبرات الخاشعين، وأخبار المنقطعين، وشهدت أسحاره استغفار المستغفرين، وشهد نهاره صوم الصائمين، وتلاوة القارئين، وكرم المنفقين، إنهم يرجون عفو الله، علموا أنه عفوٌ كريم يحب العفو فسألوه أن يعفوَ عنهم.
لما عرف العارفون جلاله خضعوا، ولما سمع المذنبون بعفوه طمعوا، ما ثمَّ إلا عفوُ الله أو النار، لولا طمعُ المذنبين في العفو لاحترقت قلوبُهم باليأس من الرحمة؛ ولكن إذا ذكرت عفوَ الله استروحت إلى برد عفوه، كان أحد الصالحين يدعو قائلاً:
"جرمي عظيم، وعفوك كبير، فاجمع بين جرمي وعفوك يا كريم".
هذا دعاء الصالحين، وهكذا قضوا رمضان، فلهم الحق أن يبكوا في ختامه؛ لما له من لذة في قلوبهم، ومع ذلك فهم وجلون من ربهم، خائفون من الردِّ وعدم القبول، يعلمون أن المعوَّل على القبول لا على الاجتهاد، وأن الاعتبار بصلاح القلوب لا بعمل الأبدان.
كم من قائم محروم!
ومن نائم مرحوم!
هذا نام وقلبُه ذاكر، وهذا قام وقلبُه فاجر؛ لكن العبد مأمور بالسعي في اكتساب الخيرات، والاجتهاد في الصالحات، مع سؤال الله القبول، والاشتغال بما يصلح القلوب، وهذا دأبُ الصالحين.
قال يحيى بن أبي كثير:
"كـان من دعائهم: اللهم سلمني إلى رمضان، وسلم لي رمضان، وتسلمه مني متقبلاً".
وقال ابن دينار:
"الخوف على العمل أن لا يتقبل أشدُ من العمل".
وقال عبد العزيز ابن أبي روّاد:
"أدركتهم يجتهدون في العمل الصالح، فإذا فعلوه وقع عليهم الهمُّ أيقبلُ منهم أم لا".
أيها الإخوة:
وأعظم علامةٍ على القبول:
استمرارُ العبد على الخير والعمل الصالح بعد رمضان، قال بعضهم: ثوابُ الحسنةِ الحسنةُ بعدها، فمن عمل حسنة ثم أتبعها بحسنةٍ بعدها كان ذلك علامةً على قبول الحسنةِ الأولى، كما أن من عمل حسنة ثم أتبعها بسيئة كان ذلك علامة ردِّ الحسنة وعدم قبولها.
إن مقابلة نعمةِ إدراك رمضان والتوفيق لصيامه وقيامه بارتكاب المعاصي بعده لَمِن فِعْلِ من بدل نعمة الله كفرًا، فإن كان قد عزم في صيامه على معاودة المعاصي بعد انقضاء الصيام فيخشى عليه أن يكون صيامه مردودًا، وباب الرحمة في وجهه مسدودًا، إلا أن يعجِّل بتوبة نصوح، ما أحسن الحسنة بعد السيئة تمحوها، وأحسنُ منها الحسنةُ بعد الحسنة تعقبها، وما أقبحَ السيئةَ بعد الحسنة تمحقها وتعفوها!
ذنبٌ واحد بعد التوبة أقبحُ من سبعين ذنبًا قبلها، ما أقبح النكسة بعد التوبة!
سلوا الله الثبات من تقلّب القلوب، ما أوحش ذلَّ المعصية بعد عزِّ الطاعة.
يا معشر التائبين:
لا ترجعوا إلى المعصية بعد رمضان، واصبروا عن لذة الهوى بحلاوة الإيمان، اصبروا لله تعالى يعوضكم خيرًا:
(إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [الأنفال:70].
يا معشر الطائعين:
إن الأعمال التي كان العبد يتقرب بها إلى ربه في رمضان لا تنقطع بانقضائه؛ بل هي باقية بعد انقضائه ما دام العبد حيًّا، نعم لا يطيقها كلَّها، فيخففُها لكنه لا يقطعها، قيل لبشر الحافي:
"إن قومًا يتعبدون ويجتهدون في رمضان، فقال: بئس القومُ قومٌ لا يعرفون الله حقًّا إلا في شهر رمضان، إن الصالح الذي يتعبد ويجتهد السنة كلَّها".
وتلك قاعدة سنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقوله:
"أحبّ الأعمال إلى الله أدومها وإن قلّ". متفق عليه عن عائشة -رضي الله عنها-.
قالت عائشة -رضي الله عنها-:
"وكان أحبّ الدين إليه ما داوم عليه صاحبه".
فربّ رمضان هو ربّ الشهورِ كلها -تعالى وتقدّس-، وعمل المؤمن لا ينقضي حتى يأتيه أجله.
قال الحسن -رحمه الله تعالى-:
"إن الله لم يجعل لعمل المؤمن أجلاً دون الموت
ثم قرأ:
(وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ اليَقِينُ) [الحجر:99]".
أما يستحيي قوم من ربهم إذا انقضى رمضان عطَّلوا المساجد والقرآن، وعادوا إلى الحرام، نعوذ بالله أن نكون منهم، هذا هو الحديث لمن قضوا رمضان في طاعة الله، ولمن كان رمضان مناسبة لتوبتهم، وميلادًا جديدًا لهم.
لكن ماذا يقال لمن فاتتهم الفرصة فأضاعوا رمضان في اللهو والباطل؟!
لا أحسن من أن يقال لهم: توبوا إلى ربكم، فما يزال ربكم يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، ما يزال باب التوبة مفتوحًا، فإلى ربكم أنيبوا.
فإن كانت الرحمةُ للمحسنين فالمسيء لا ييأس منها، وإن تكن المغفرة مكتوبة للمتقين فالظالمُ لنفسه غيرُ محجوب عنها:
(قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزُّمر: 53].
يا من ضاع منه رمضان: لا يضع منك عمرك، اختمه بتوبة عسى أجلُك أن يختم بالحسنى.
يا أيها العاصي - وكلنا ذلك -:
لا تقنط من رحمة الله لسوء عملك، فكم يُعتقُ من النار في ختام الشهر من أمثالك!!
اصدق مع الله يصدقك، وأحسن الظن بربك وتب إليه فإنه لا يهلك على الله إلا هالك.
يا شهر رمضان:
ترفّق، دموع المحبين تدْفق، قلوبهم من ألم الفراق تشقق، عسى وقفة للوداع أن تطفئ من نار الشوق ما أحرق، عسى ساعةُ توبةٍ وإقلاع أن ترفو من الصيام ما تخرق، عسى منقطعٌ عن ركب المقبولين أن يلحق، عسى أسير الأوزار أن يطلق، عسى من استوجب النار أن يعتق، عسى رحمة المولى لها العاصي يوفق، اللهم اجعلنا من المقبولين، اللهم سلمنا إلى رمضان وسلمه لنا، وتسلمه منا متقبلاً، وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.
http://im39.gulfup.com/I1w5i.gif
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمدًا ينبغي لجلال وجه ربنا وعظيم سلطانه، أحمده وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ غافر الذنب، وقابل التوب، شديد العقاب، ذو الطول لا إله إلا هو إليه المصير، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ خير من صام وقام، وأحسن الختام، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين.
أما بعد:
فاتقوا الله -عباد الله- فإن كان شهر التقوى قد آذن بصرم، ولم يبق منه إلا صبابة كصبابة الإناء يتصابها صاحبها، فإن الله تعالى يجب أن يُتقى في كل وقت وحين، فهو دائم لا يزول، وحي لا يموت.
أيها الإخوة المؤمنون:
كتب عمر بن عبد العزيز -رحمه الله تعالى- إلى الأمصار يأمرهم بختم شهر رمضان بالاستغفار والصدقة -صدقة الفطر-، فإن صدقة الفطر طُهرةٌ للصائم من اللغو والرفث، والاستغفارُ يرقع ما تخرّق من الصيام باللغو والرفث، ولهذا قال بعض المتقدمين:
"إن صدقة الفطر للصائم كسجدتي السهو للصلاة".
وقال عمر بن عبد العزيز في كتابه:
"قولوا كما قال أبوكم آدم: (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ) [الأعراف:23]،
وقولوا كما قال نوح -عليه السلام-: (وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الخَاسِرِينَ) [هود:47]،
وقولوا كما قال إبراهيم -عليه السلام-: (وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ) [الشعراء:82]،
وقولوا كما قال موسى -عليه السلام-: (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي) [القصص:16]،
وقولوا كما قال ذو النون -عليه السلام-: (لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) [الأنبياء:87].
أيها الإخوة:
لما كانت المغفرة والعتقُ من النار كلٌ منهما مرتبًا على صيام رمضان وقيامه، أمر الله -سبحانه وتعالى- عند إكمال العدة بتكبيره وشكره: (وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة:185].
فشكرُ من أنعم على عباده بتوفيقهم للصيام، وإعانتهم عليه، ومغفرتهِ لهم به، وعتقهم من النار، أن يذكروه ويشكروه ويتقوه حق تقاته، وقد فسّر ابن مسعودٍ -رضي الله عنه- تقواه حق تقاته:
"بأن يطاع فلا يعصى، ويذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر".
والتكبير مشروع من غروب شمس ليلة العيد إلى صلاة العيد، يجهر به الرجال في المساجد والأسواقِ والبيوت كما كان السلف يفعلون.
ومن السنّة أن يأكل قبل الخروج إلى الصلاة في عيد الفطر تمراتٍ وترًا، ثلاثًا، أو خمسًا، أو أكثر من ذلك، يقطعها على وتر؛ لقول أنس بن مالك -رضي الله عنه-: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات ويأكلهن وترًا". أخرجه البخاري.
ويخرج النساءُ لصلاة العيد غير متبرجات بزينة ولا متعطرات، يحضرن الصلاة والذكر، ومما يلزم التنبيه عليه أن بعض الناس يُهمِل أهله وبناته في لباسهن فيكون فيه مخالفاتٌ شرعية، يخرجن يوم العيد يفتنَّ الناس، وسيسأل عن إهماله هذا يوم القيامة، فيجب على من استرعاه الله نساءً أن يطَّلع على لباسهن للعيد، فإن كان مباحًا وإلا منعهن من لبسه، حماية لهن من الوقوع في الإثم، وأداءً للأمانة التي حمَّله الله تعالى إياها.
ثم إن كثيرًا من الناس بمجرد إعلان العيد يخرجون للأسواق، فتضيع ليلة العيد في التجوال في الأسواق مع ما تعجّ به من منكرات، فلا يسلم روّادها من الوقوع في الإثم والمنكر، وما هكذا يشكر الله تعالى في ليلة العيد التي ينبغي أن تقضى في الاستغفار والذكر حتى يختم الشهر بخاتمة حسنة.
فاتقوا الله ربكم، وجددوا توبتكم، واحذروا الكفران عقب النعمة، والنكسة بعد التوبة.
وصلّوا وسلّموا على محمد بن عبد الله كما أمركم بذلك ربكم.

أحلام أحمد
08-08-2013, 07:30 PM
http://im37.gulfup.com/jf0LN.jpg

أحلام أحمد
08-08-2013, 07:34 PM
وداعــا يا رمضــان يا شهر الإحســان

http://www.youtube.com/watch?v=DDFHrEIxuCE

أحلام أحمد
08-08-2013, 08:15 PM
رمضان قد أزف الرحيل فرفقا
عبد الله بن محمد البصري
http://im38.gulfup.com/xueBM.jpg
الخطبة الأولى:
أَمَّا بَعدُ:
فَأُوصِيكُم -أَيُّهَا النَّاسُ- وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-،
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنظُرْ نَفسٌ مَا قَدَّمَت لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بما تَعمَلُونَ) [الحشر:18].
أَيُّهَا المُسلِمُونَ: في اليَومِ السَّادِسِ وَالعِشرِينَ مِن رَمَضَانَ، وَفي آخِرِ جُمُعَةٍ في شَهرِ الرَّحمَةِ وَالغُفرَانِ، مَا الَّذِي يَجُولُ بِخَاطِرِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنكُم؟ وَفِيمَ تُفَكِّرُونَ؟ هَا هِيَ أَيَّامُ الشَّهرِ الفَضِيلِ تُسَارِعُ بِالرَّحِيلِ، كَانَت كَمَا وَصَفَهَا اللهُ -تَعَالى- أَيَّامًا مَعدُودَاتٍ، مَضَت سَرِيعَةً وَكَأَنَّهَا سُوَيعَاتٌ! فَلِلَّهِ الحَمدُ عَلَى مَا بَلَّغَنَا مِنهَا، وَلَهُ الشُّكرُ عَلَى مَا وَفَّقَنَا إِلَيهِ مِن عَمَلٍ صَالِحٍ فِيهَا، وَنَسأَلُهُ -تَعَالى- قَبُولَ مَا فَاتَ وَانقَضَى، وَالتَّوفِيقَ لِلازدِيَادِ مِنَ الصَّالِحَاتِ فِيمَا بَقِيَ.
أَزِفَ الرَّحِيلُ -أَيُّهَا المُسلِمُونَ- وَاقتَرَبَ النَّفِيرُ، فَهَلاَّ وَقَفنَا مَعَ أَنفُسِنَا وَساءَلْنَاهَا:
مَا الَّذِي خَرَجنَا بِهِ مِن رَمَضَانَ؟ وَكَيفَ غَدَا لَدَينَا مُستَوَى الإِيمَانِ؟ مَا الَّذِي كَسِبنَاهُ في رَصِيدِ حَسَنَاتِنَا؟ وَمَا الَّذِي أَضَفنَاهُ لِصَحَائِفِ أَعمَالِنَا؟ مَاذَا تَغَيَّرَ في دَوَاخِلِنَا؟ وَمَاذَا عَدَّلْنَا في أَنفُسِنَا؟ مَن مِنَّا نَالَ الرَّحمَةَ؟ وَمَن ذَاكَ المَغفُورُ لَهُ؟ وَمَن هُوَ عَتِيقُ رَبِّهِ مِنَ النَّارِ بِفَضلِهِ؟ مَن ذَلِكَ المُوَفَّقُ الَّذِي أَفلَحَ إِذْ أَعطَى وَاتَّقَى، وَتَزَكَّى وَذَكَرَ اسمَ رَبِّهِ فَصَلَّى؟ وَمَن ذَاكَ الخَائِبُ الَّذِي بَخِلَ وَاستَغنى، وَتَدَسَّى وَتَرَدَّى، وَانسَاقَ وَرَاءَ النَّفسِ وَالهَوَى؟ مَن مِنَّا شَمَّرَ، وَشَدَّ المِئزَرَ، وَصَامَ وَقَامَ إِيمَانًا وَاحتِسَابًا؟.
وَمَن مِنَّا شَغَلَهُ النَّومُ عَن شُهُودِ لَيلَةٍ هِيَ خَيرٌ مِن أَلفِ شَهرٍ؟ مَن هُوَ صَاحِبُ الذِّكرِ وَتَالي الآيَاتِ؟ وَمَن هُوَ مُرتَادُ الأَسوَاقِ وَالمُتَسَمِّرُ أَمَامَ القَنَوَاتِ؟ مَنِ الَّذِي أَطَالَ الدُّعَاءَ وَبَالَغَ في الرَّجَاءِ؟ مَنِ الَّذِي أَحسَنَ؟ وَمَن ذَاكَ الَّذِي أَسَاءَ؟ هَا هِيَ الرِّحلَةُ الرَّمَضَانِيَّةُ قَد أَوشَكَت عَلَى الانتِهَاءِ، فَاسأَلْ نَفسَكَ وأَجِبْهَا بِصِدقٍ: هَل كُنتُ مِنَ المُسَدِّدِينَ المُقَارِبِينَ، أَم أَنَّي مَا زِلتُ مِنَ المُطَفِّفِينَ المُخسِرِينَ؟!.
أَيُّهَا المُسلِمُونَ:
لَقَد كَانَ فِينَا مَن أَقبَلَ وَمِنَّا مَن أَقصَرَ، وَوُجِدَ بَينَنَا مَن أَتَمَّ وَمَن قَصَّرَ، وَكَانَ هُنَاكَ مُقِلٌّ وَمُكثِرٌ ومُتَعثِّرٌ وَمُستَغفِرٌ، مِنَّا مَن أَذهَبَت حَسَنَاتُهُ سَيِّئَاتِهِ، وَفِينَا مَن لم يَزَلْ يَحمِلُ عَلَى جَسَدِهِ جِبَالاً مِنَ الذُّنُوبِ تُثقِلُ كَاهِلَهُ، وَمَعَ هَذَا فَقَد بَقِيَت في الشَّهرِ بَقِيَّةٌ مُبَارَكَةٌ، وَالأَعمَالُ بِالخَوَاتِيمِ، وَمَن أَحسَنَ فِيمَا بَقِيَ غُفِرَ لَهُ مَا مَضَى، وَمَن أَسَاءَ فِيمَا بَقِيَ أُخِذَ بما مَضَى وَمَا بَقِيَ.
سَلامٌ مِنَ الرَّحمَنِ كُلَّ أَوَانِ *** عَلَى خَيرِ شَهرٍ قَد مَضَى وَزَمَانِ
سَلامٌ عَلَى شَهرِ الصِّيَامِ فَإِنَّهُ *** أَمَانٌ مِنَ الرَّحمَنِ كُلَّ أَمَانِ
لَئِن فَنِيَت أَيَّامُكَ الغُرُّ بَغتَةً *** فَمَا الحُزنُ مِن قَلبي عَلَيكَ بِفَانِ
عِبَادَ اللهِ:
مَا أَسرَعَ أَيَّامَ السُّرُورِ وَأَعجَلَ انقِضَاءَهَا!
وَمَا أَشَدَّ فَوَاتَ لَحَظَاتِ الفَرَحِ وَأَقسَى زَوَالَهَا!
وَاللهِ لَكَأَنَّنَا نَتَذَكَّرُ يَومَ هَلَّ بِالأَمسِ هِلالُهُ، وَتَبَاشَرَ النَّاسُ بِنَسِيمِهِ وَظِلالِهِ، وَهَا هِيَ سَفِينَتُهُ اليَومَ تَسِيرُ سَرِيعًا، وَسَاعَاتُهُ تَمضِي جَمِيعًا، هَا هُوَ قَدِ اقتَرَبَ رَحِيلُهُ، وَأَزِفَ تَحوِيلُهُ، فَيَا لَيتَ شِعرِي! مَنِ المَقبُولُ مِنَّا فَيُهَنَّا؟ وَمَنِ المَردُودُ فَيُعَزَّى؟!.
يَاقَومِ، أَلا بَاكٍ عَلَى مَا ظَهَرَ مِن عُيُوبِهِ!
أَلا رَاغِبٌ إِلى اللهِ في غُفرَانِ ذُنُوبِهِ!
أَمَا هَذَا شَهرُ التَّوبَةِ وَالغُفرَانِ؟!
أَمَا هَذَا مَعدِنُ العَفوِ وَالرِّضوَانِ؟!
أَمَا فِيهِ فُتِحَت أَبوَابُ الجِنَانِ، وَأُغلِقَت أَبوَابُ النِّيرَانِ؟!
أَمَا فِيهِ صُفِّدَ كُلُّ مَارِدٍ وَشَيطَانٍ؟!
أَمَا فِيهِ تُفَرَّقُ هِبَاتُ الإِحسَانِ، وَتَكثُرُ عَطَايَا المَلِكِ المَنَّانِ؟!
أَمَا للهِ في كُلِّ لَيلَةٍ مِنهُ عُتَقَاءُ يَنَالُونَ الرِّضوَانَ؟!
فَمَا لَكُم عَن ثَوَابِهِ غَافِلُونَ؟! وَفي ثِيَابِ المُخَالَفَةِ رَافِلُونَ؟!
أَفَسِحرٌ هَذَا أَم أَنتُم لا تُبصِرُونَ؟ أَلا فَانتَبِهُوا أَيُّهَا السَّادِرُونَ!
(وَتُوبُوا إِلى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا المُؤمِنُونَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ) [النور:31].
أَيُّهَا الصَّائِمُونَ القَائِمُونَ:
لَقَد وَجَدْنَا في رَمَضَانَ مَا لم نَجِدْ في غَيرِهِ، فَيَا لَيتَهُ يَبقَى فِينَا طَوِيلاً ولا يَرحَلُ عَنَّا سَرِيعًا، لَقَد طَهَّرَنَا وَغَيَّرَنَا، وَجَعَلَنَا عِندَ بُلُوغِنَا إِيَّاهُ عَلَى غَيرِ مَا كُنَّا، لَقَد تَعَلَّمنَا مِنهُ الكَثِيرَ وَالكَثِيرَ، وَحَصَّلْنَا مِن جُودِهِ العَطَاءَ الجَزِيلَ، عَلَّمَنَا أَن نَتَغَلَّبَ عَلَى شَهَوَاتِ بُطُونِنَا وَفُرُوجِنَا، وَأَن نُجَاهِدَ أَنفُسَنَا وَنَنتَصِرَ عَلَى أَلَدِّ أَعدَائِنَا، عَلَّمَنَا الصَّبرَ وَالحِلمَ وَالأَنَاةَ، وَأَن نُحسِنَ إِلى مَن أَسَاءَ إِلَينَا، وَلا نَجهَلَ عَلَى مَن جَهِلَ عَلَينَا.
عَلَّمَنَا أَن نُنفِقَ في وُجُوهِ البِرِّ، وَنَتَغَلَّبَ عَلَى دَوَاعِي الشُّحِّ، وَأَن نَثِقَ بِرِزقِ اللهِ العَاجِلِ وَإِخلافِهِ عَلَينَا، عَلَّمَنَا أَن نَشعُرَ بِجُوعِ الفُقَرَاءِ وَنُحِسَّ بِمُعَانَاةِ المَسَاكِينِ وَآلامِ المَحرُومِينَ، فَنَمُدَّ لَهُم أَيدِيَنَا بِكُلِّ مَا نَستَطِيعُ مِن مُسَاعَدَةٍ، زَكَاةً كَانَت أَو صَدَقَةً أَو عَطِيَّةً أَو هِبَةً، عَلَّمَنَا أَن نَقتَرِبَ إِلى أَقَارِبِنَا وَنَصِلَ أَرحَامَنَا، وَأَن نَبدَأَ صَفحَةً جَدِيدَةً مِنَ العِلاقَةِ الطَّيِّبَةِ مَعَ جِيرَانِنَا، وَأَن نَنسَى رَوَاسِبَ الأَيَّامِ المَاضِيَةِ، وَنُقبِلَ عَلَى بَعضِنَا بِقُلُوبٍ صَافِيَةٍ.
عَلَّمَنَا أَن نَتَلَذَّذَ بِكَلامِ رَبِّنَا، وَأَن نُدِيمَ تِلاوَتَهُ آنَاءَ اللَّيلِ وَأَطرَافَ النَّهَارِ، عَلَّمَنَا أَن نُحَافِظَ عَلَى الصَّلَوَاتِ جَمَاعَةً وَنَحرصَ عَلَى إِدرَاكِ التَّكبِيرَةِ الأُولى مَعَ الإِمَامِ، أَوقَفَنَا بَينَ يَدَي خَالِقِنَا في التَّرَاوِيحِ وَالتَّهَجُّدِ، نُنَاجِيهِ وَنُنَادِيهِ وَنَدعُوهُ وَنَرجُوهُ، وَنَشكُو لَهُ ضَعفَنَا وَعَجزَنَا وَقِلَّةَ حِيلَتِنَا، وَنَستَغفِرُهُ مِن ذُنُوبِنَا وَخَطَايَانَا.
عُمِرَتِ المَسَاجِدُ بِأَصوَاتِ التَّالِينَ لِكِتَابِ اللهِ، وَاصطَفَّتِ الصُّفُوفُ في الأَسحَارِ بَينَ يَدَيِ اللهِ، رَأَينَا دُمُوعَ المُصَلِّينَ القَانِتِينَ، وَسَمِعنَا بُكَاءَ الخَاشِعِينَ المُخبِتِينَ، وَحَرَّكَت قُلُوبَنَا ابتِهَالاتُ الدَّاعِينَ، وَهَيَّجَت أَفئِدَتَنَا تَضَرُّعَاتُ الطَّالِبِينَ، شَعَرنَا فِيهِ بِالأَمَانِ وَالطُّمَأنِينَةِ، وَذُقنَا الرَّاحَةَ النَّفسِيَّةَ وَالسَّكِينَةَ، وَبِقَدرِ مَا تَعِبَت أَجسَامُنَا بِالصِّيَامِ وَالقِيَامِ والطَّاعَةِ، بِقَدرِ مَا تَنَعَّمَت قُلُوبُنَا وَأَروَاحُنَا وَذَاقَتِ الرَّاحَةَ.
فَيَا أُمَّةَ الإِسلامِ:
يَا مَن كُنتُم في رَمَضَانَ خَلقًا آخَرَ، حَاسِبُوا أَنفُسَكُم فِيمَا أَنتُم عَلَيهِ قَادِمُونَ، وَاستَمِرُّوا عَلَى طَهَارِةِ القُلُوبِ، وَتَمَسَّكُوا بِصَفَاءِ النُّفُوسِ، وَلْيَكُنْ رَمَضَانُ مُنطَلَقًا لَكُم لِحَيَاةٍ إِيمَانِيَّةٍ مُستَمِرَّةٍ، حَيَاةٍ تُودِّعُونَ فِيهَا ذَنُوبًا طَالَمَا اقتَرَفتُمُوهَا، وَتُبَادِرُونَ فِيهَا صَالِحَاتٍ طَالَمَا هَجَرتُمُوهَا.
المَسَاجِدُ الَّتي عُمِرَت بِالصَّلاةِ مَعَ الجَمَاعَةِ، النُّفُوسُ الَّتي خَفَّت لِرَبِّهَا بِالطَّاعَةِ، المَصَاحِفُ الَّتي قُلِّبَت صَفَحَاتُهَا وَخُتِمَت مَرَّاتٍ وَمَرَّاتٍ , السُّنَنُ الرَّوَاتِبُ الَّتي حُوفِظَ عَلَيهَا وَأُكمِلَت, الأَيدِي الَّتي بُسِطَت بِالإِنفَاقِ وَالعَطَاءِ، الجَوَارِحُ الَّتي حُفِظَت مِنَ اللَّغوِ وَالهُرَاءِ، الهِمَمُ الَّتي زَادَت وَالفُرَصُ الَّتي اغتُنِمَت، الحَسَنَاتُ الَّتي جُمِعَت، وَالسَّيِّئَاتُ الَّتي مُحِيَت, إِنَّ هَذِهِ لَهِيَ الحَالُ الَّتي يَجِبُ أَن يَكُونَ عَلَيهَا المُؤمِنُ في دُنيَاهُ كُلِّهَا، إِنَّهَا الخِطَّةُ الَّتي يَجِبُ أَن يَمضِيَ عَلَيهَا في أَيَّامِ عُمُرِهِ المُبَارَكِ، إِنَّهَا الطَريِقَةُ الَّتي يَجِبُ أَن تَتَسَابَقَ عَلَيهَا سُوَيعَاتُ حَيَاتِهِ العَطِرَةِ.
وَكَمَا انقَضَى رَمَضَانُ سَرِيعًا، فَمَا أَسرَعَ وَاللهِ مَا سَيَنقَضِي العُمُرُ كُلُّهُ!
أَلا فَلا يَرْكَنَنْ قَلبٌ إِلى الرَّاحَةِ وَالدَّعَةِ، بَعدَ أَن ذَاقَ لَذَّةَ النَّشَاطِ وَوَجَدَ فِيهَا السَّعَةَ!
أَلا لا يَهجُرَنَّ أَحَدٌ كِتَابَ رَبِّهِ أَو يَتَرَاجَعَ عَن صَفِّ مَسجِدِهِ، بَعدَ أَنِ اقتَرَبَ مِن رَبِّهِ في سُجُودِهِ مَعَ السَّاجِدِينَ، وَبَعدَ أَنِ استَطَعَمَ عُذُوبَةَ كَلامِ الخَالِقِ في تِلاوَتِهِ مَعَ التَّالِينَ، مَن رَاقَبَ لِسَانَهُ وَحَفِظَ جَوَارِحَهُ , وَحَرِصَ عَلَى الحَلالِ وَاجتَنَبَ الحَرَامَ، فَذَاقَ بِذَلِكَ حَلاوَةَ الإِيمَانِ، وَوَجَدَ طُمَأنِينَةَ قَلبِهِ في رِضَا الرَّحمَنِ، فَكَيفَ يَعُودُ إِلى سَبَبِ مَوتِ قَلبِهِ وَقَتلِهِ، أَو يَنقُضُ الغَزلَ بَعدَ إِحكَامِ فَتلِهِ؟!.
عَبدَ اللهِ: يَا مَن قَصَّرتَ فِيمَا مَضَى أَو تَكَاسَلتَ، لا تَقُلْ فَاتَ الأَوَانُ! نَعَم، لا تَقُلْ فَاتَ الأَوَانُ، فَوَاللهِ مَا فَاتَ، وَلَقَد بَقِيَ مِن هَذَا الشَّهرِ أَيَّامٌ مُبَارَكَاتٌ، وَلَيَالٍ فَاضِلاتٌ، وَسَاعَاتٌ غَالِيَاتٌ، بَقِيَت مِنَحٌ إِلَهِيَّةٌ، وَهِبَاتٌ وَأُعطِيَاتٌ، وَأَنتَ تَتَعَامَلُ مَعَ رَبٍّ رَحِيمٍ، جَوَادٍ كَرِيمٍ، وَلَو لم يَبقَ في هَذَا الشَّهرِ المُبَارَكِ إِلاَّ دَقِيقَةٌ وَاحِدَةٌ, فَمَا الَّذِي يَصرِفُكَ عَنِ اغتِنَامِهِا؟ كَيفَ وَقَد بَقِيَت بَقِيَّةٌ صَالِحَةٌ مِن خَيرِ الأَيَّامِ وَأَشرَفِ اللَّيَالي؟ وَمَا يُدرِيكَ؟ فَلَعَلَّ لَيلَةَ القَدرِ لم تَأتِ بَعدُ، وَقَد قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-:
"مَن قَامَ لَيلَةَ القَدرِ إِيمَانًا وَاحتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ" مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
أَلا فَلا تُضَيِّعِ الوَقتَ -رَحِمَكَ اللهُ- وَإِنْ كُنتَ قَد قَصَّرتَ في بِدَايَةِ الشَّهرِ وَفَرَّطتَ، أَو أَسَأتَ في أَوَّلِهِ وَتَعَدَّيتَ، فَأَحسِنِ العَمَلَ في آخِرِهِ، وَاصدُقِ الطَّلَبَ، وَاجعَلْ مِن هَذِهِ اللَّيَالي القَلِيلَةِ مَطِيَّتَكَ إِلى الجِنَانِ، وَسَابِقْ إِخوَانَكَ بِهِمَّةٍ، وَنَافِسْهُم بِعَزِيمَةٍ، فَعَسَى أَن تَكُونَ مِمَّن قِيلَ فِيهِم:
(وَفي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ) [المطففين:26].
تَذَكَّرْ قَولَ الحَبِيبِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-:
"إِنَّ العَبدَ لَيَعمَلُ عَمَلَ أَهلِ النَّارِ وَإِنَّهُ مِن أَهلِ الجَنَّةِ، وَيَعمَلُ عَمَلَ أَهلِ الجَنَّةِ وَإِنَّهُ مِن أَهلِ النَّارِ، وَإِنَّمَا الأَعمَالُ بِالخَوَاتِيمِ" رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
فَاختِمْ شَهرَكَ بِخَيرٍ، عَسَى اللهُ أَن يَشمَلَكَ بِالخَيرِ، وَيُوَفِّقَكَ لِلخَيرِ، وَيَجعَلَكَ مِن أَهلِ الخَيرِ.
أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ:
(شَهرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الهُدَى وَالفُرقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَو عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِن أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ اليُسرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ العُسرَ وَلِتُكمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُم وَلَعَلَّكُم تَشكُرُونَ * وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَستَجِيبُوا لي وَليُؤمِنُوا بي لَعَلَّهُم يَرشُدُونَ) [البقرة:185-186].
http://im35.gulfup.com/hkdT0.gif
الخطبة الثانية:
أَمَّا بَعدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ -تَعَالى- وَأَطِيعُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ، اِستَدرِكُوا بَقِيَّةَ شَهرِكُم بِكَثرَةِ الطَّاعَاتِ، وَاعمُرُوا سَاعَاتِهِ بِالذِّكرِ وَتِلاوَةِ الآيَاتِ، وَأَخرِجُوا الزَّكَاةَ وَأَكثِرُوا الصَّدَقَاتِ، وَتُوبُوا إِلى اللهِ مِمَّا سَلَفَ مِنَ الزَّلاتِ؛ وَاعلَمُوا أَنَّ الحَسَنَاتِ يُذهِبنَ السَّيِّئَاتِ، وَأَنَّ عَمَلَ المُؤمِنِ لا يَنقَضِي بِانقِضَاءِ رَمَضَانَ، بَل هُوَ مُستَمِرٌّ في كُلِّ وَقتٍ وَأَوَانٍ، قَالَ -تَعَالى-:
(وَاعبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأتِيَكَ اليَقِينُ) [الحجر:99].
وَقَالَ عَن عِيسَى -عَلَيهِ السَّلامُ-:
(وَأَوصَاني بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمتُ حَيًّا) [مريم:31].
أَيُّهَا المُسلِمُونَ:
إِنَّ لَكُم في خِتَامِ شَهرِكُم عِبَادَاتٍ جَلِيلَةً، تَعمَلُونَ بهَا شُكرًا لِرَبِّكُم، فَتَزدَادُونَ مِنهُ قُربًا، وَيَمنَحُكُم وُدًّا وَحُبًّا؛ مِن ذَلِكَ التَّكبِيرُ لَيلَةَ العِيدِ إِلى صَلاةِ العِيدِ.
قَالَ -تَعَالى-:
(وَلِتُكمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُم وَلَعَلَّكُم تَشكُرُونَ) [البقرة:185].
وَالتَّكبِيرُ شَعِيرَةٌ عَظِيمَةٌ، وَسُنَّةٌ كَرِيمَةٌ، يَنبَغِي إِعلانُهُ إِذَا ثَبَتَ العِيدُ، وَرَفعُهُ في المَسَاجِدِ وَالأَسوَاقِ وَالبُيُوتِ، يَجهَرُ بِهِ الرِّجَالُ، وَتُسِرُّ بِهِ النِّسَاءُ؛ إِعلانًا لِلشَّعِيرَة،ِ وَشُكرًا لِلنِّعمَةِ، وَإِغَاظَةً لِلكَفَرَةِ وَالمُنَافِقِينَ.
وَمِمَّا شُرِعَ لَكُم في خِتَامِ الشَّهرِ زَكَاةُ الفِطرِ، وَهِيَ صَاعٌ مِن قُوتِكُم، عَلَى الصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ وَالذِّكرِ وَالأُنثَى وَالغَنيِّ وَالفَقِيرِ، شَرَعَهَا اللهُ -تَعَالى- تَكمِيلاً لِلصِّيَامِ، وَشُكرًا لَهُ عَلَى إِكمَالِ العِدَّةِ، وَطُهرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغوِ وَالرَّفَثِ، وَمُوَاسَاةً لِلفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ، وَإِغنَاءً لَهُم عَن ذُلِّ الحَاجَةِ وَالسُّؤَالِ يَومَ العِيدِ، وَوَقتُ إِخرَاجِهَا مِن ثُبُوتِ خَبَرِ العِيدِ إِلى صَلاةِ العِيدِ، وَيَجُوزُ إِخرَاجُهَا قَبلَ العِيدِ بِيَومٍ أَو يَومَينِ، فَأَخرِجُوهَا مِن طَيِّبِ قُوتِكُم، وابذُلُوهَا طَيِّبَةً بها نُفُوسُكُم، فَإِنَّكُم (لَن تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) [آل عمران:92].
وَاعلَمُوا أَنَّهُ لا يُجزِئُ إِخرَاجُ القِيمَةِ بَدَلاً عَنِ الطَّعَامِ، كَيفَ وَقَد أَخرَجَهَا النَّبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- وَأَصحَابُهُ طَعَامًا مَعَ وُجُودِ القِيمَةِ في عَهدِهِم؟ وَقَد قَالَ -تَعَالى-:
(لَقَد كَانَ لَكُم في رَسُولِ اللهِ أُسوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرجُو اللهَ وَاليَومَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا) [الأحزاب:21].
وَمِمَّا شُرِعَ لَكُم في خِتَامِ شَهرِكُم صَلاةُ العِيدِ، أَمَرَ بها رَسُولُ اللهِ -عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ- الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ، بَلْ حَتَّى العَوَاتِقُ وَذَوَاتُ الخُدُورِ وَالحُيَّضُ، أُمِرنَ بِشُهُودِهَا لِيَشهَدْنَ الخَيرَ وَدَعوَةَ المُسلِمِينَ.
فَهَنِيئًا لِمَنِ احتَسَبَ صِيَامَهُ وَقِيَامَهُ، وَعَمَّرَ بِالطَّاعَاتِ لَيَالِيَهُ وَأَيَّامَهُ، وَتَابَ تَوبَةً نَصُوحًا يُكَفِّرُ اللهُ بها ذُنُوبَهُ وَآثَامَهُ، ذَاكَ -وَاللهِ!- هُوَ الَّذِي يَحِقُّ لَهُ الفَرَحُ بِالعِيدِ، وَالسُّرُورُ بِلِبسِ الجَدِيدِ، فَاللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِمَا وَفَّقتَ إِلَيهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ، وَاغفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِينَا وَلِجَمِيعِ المُسلِمِينَ.

أحلام أحمد
08-08-2013, 08:19 PM
http://im36.gulfup.com/vGzmV.jpg

أحلام أحمد
08-08-2013, 08:24 PM
وداعـــاً رمضـــان

http://www.youtube.com/watch?v=RAU-u3a4uA4

أحلام أحمد
08-08-2013, 09:05 PM
في وداع رمضان
أمين بن نور الدين بتقة
http://im41.gulfup.com/WZoLm.jpg
أما بعد:
أيها المؤمنون:
هذا هو رمضان ولّى وانصرم، كأنما هو طيف عابر، مر ولم نشعر فيه بمضي الزمان ولا بكرِّ الليالي والأيام.
هكذا العمر يمر بنا ونحن لا نشعر، يكون بعضنا غارقًا في شهواته حتى يغزو الشيب مفرقيه، نذير أجل محتوم قد يحل بساحته، قد يحل الأجل والغافل لم يستعدَّ بعد للرحيل، فإذا حانت ساعة الميعاد، فلات حين مناص، يحمل الغافل على الأعواد، ويُدَس بين الألحاد، والذنب كثير، والعمل قليل، وحينئذ لا ينفعه أن يعض على أصبع الندم، ولا أن يهتف وينادي: يا ليتني أردّ فأعمل غير الذي كنت أعمل، فالعمر فرصة لا تمنح للإنسان إلا مرة واحدة، فإذا ما ذهبت هذه الفرصة وولت فهيهات أن تعود.
وبقيت مظان ليلة القدر، وأصح الأقوال أنها في العشر الأواخر، بل في الوتر من العشر الأواخر، كما صح عنه -صلى الله عليه وسلم-: "تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان"، وأصح أقوال أهل العلم والإيمان أنها تتنقل في الوتر من العشر، فسنة تكون ليلة إحدى وعشرين، وسنة تكون في غيرها من ليالي الوتر، كما صحّ عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:
"أريت ليلة القدر فنسيتها، وأراني صبيحتها أسجد في ماء وطين"، يقول الصحابي راوي الحديث: "فمطرنا ليلة إحدى وعشرين فخرّ المسجد، فصلّى بنا النبي -صلّى الله عليه وسلّم- الصبح فسجد في ماء وطين".
وصحّ عنه -صلّى الله عليه وسلّم- أنه قال:
"تحرّوا ليلة القدر ليلة ثلاث وعشرين".
وصحّ عنه -صلى الله عليه وسلم-:
"التمسوا ليلة القدر ليلة سبع وعشرين".
وقوله: "تحروا ليلة القدر، فمن كان متحريها فليتحرَّها في ليلة سبع وعشرين".
وقد قال أُبيّ بن كعب -رضي الله عنه-:
"والله الذي لا إله غيره إني لأعلم أي ليلة هي، هي الليلة التي جمع فيها النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أهله والناس أجمعين فصلّى بهم حتى الصبح، ليلة سبع وعشرين"، ففي تلك السنة كانت ليلة القدر ليلة سبع وعشرين.
وصحّ عنه -صلّى الله عليه وسلّم-:
"التمسوا ليلة القدر آخر ليلة من ليالي رمضان"، أي ليلة تسع وعشرين.
فكل تلك الروايات الثابتة عنه -صلّى الله عليه وسلّم- تدل بوضوح أنها لا تلزم ليلة السبع والعشرين في كل السنين، بل ربما كانت في سنة في ليلة إحدى وعشرين، وفي سنة أخرى في ليلة ثلاث وعشرين، وهكذا إلى تسع وعشرين.
ولما كان دخول شهر رمضان يختلف فيه الناس، فرب ليالٍ نعدها أوتارًا هي في واقع الأمر شفع ليست بوتر، وإذا كان الأمر كذلك فإن العبد المسدد لا يقصّر نشاطه على الأوتار من العشر، بل يجتهد في العشر كلها مقتديًا في ذلك برسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، قال تعالى:
(لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَلْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) [الأحزاب:21].
وليلة القدر سميت بذلك لشرفها وعلو قدرها، فعبادة فيها تعدل عبادة في ثلاثة وثمانين سنة، وسُمّيت بذلك أيضًا لأنها تقدَّر فيها مقادير العام الذي يليها، فيفصل من اللوح المحفوظ إلى كل ملك ما وكِّل إليه القيام به في كل عام، فملك الموت يعلم الأرواح التي يقبضها في كل عام، وهكذا يفرق في هذه الليلة من اللوح المحفوظ كل أمر محكم، فيعلم به من سينفذه من العباد المكرمين، الذين لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، قال الله سبحانه:
(فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) [الدخان:4].
وسماها الله -جل وعلا- مباركة كما قال سبحانه:
(إِنَّا أَنزَلْنَـاهُ فِى لَيْلَةٍ مُّبَـارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ) [الدخان:3].
ومن بركاتها أن الملائكة تتنزل فيها من السماء، كما قال سبحانه:
(تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا) [القدر:4].
والروح هو جبريل -عليه السلام-، وقد صحّ عنه -صلّى الله عليه وسلّم- أنه قال:
"إن الملائكة تلك الليلة في الأرض أكثر من عدد الحصى".
ومن بركاتها ما صحّ عنه -صلّى الله عليه وسلّم-:
"من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه".
فيا من فرط: استدرك.
ماذا نصنع حتى نتدارك ما فات؟! ورمضان قد تهيّأ للرحيل فلم يبق منه إلا ليال.
علينا -يا عباد الله- أن نعترف بذنوبنا، وأن نتوب التوبة الصادقة النصوح، وأن نتوجه إلى الله تعالى بالدعاء بالمغفرة والعتق من النار.
فاغفر لنا يا ربّنا وأعتقنا من النار، ألم تقل يا ربّنا:
(قُلْ يا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر:53]؟! ألم تقل يا ربنا: (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لّلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ) [الرعد:6]؟!
وأما من استغفر بلسانه وقلبهُ على المعصية معقود، وهو عازم بعد الشهر إلى المعاصي أن يعود، فصومه عليه مردود، وباب القبول عنه مسدود.
كيف لا؟! وقد قابل نداء الله: (قُلْ يا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) بالإعراض والصدود.
أيها المسلمون:
إن الاستغفار هو ختام الأعمال كلّها، فيُختم به في الصلاة كما في صحيح مسلم أن رسول الله كان إذا فرغ من الصلاة يستغفر الله ثلاثًا.
ويُختم به في الحج، قال الله تعالى: (ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [البقرة:199].
بعد هذه الشعيرة العظيمة وهي الوقوف بعرفة والحج عرفة، ينطلق الحاج إلى مزدلفة وهو يستغفر الله تعالى، ويُختم به قيام الليل، يمدح الله تعالى عباده المتقين ويصفهم فيقول: (الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا ءامَنَّا فَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * الصَّـابِرِينَ وَلصَّـادِقِينَ وَلْقَـانِتِينَ وَلْمُنفِقِينَ وَلْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأسْحَارِ) [آل عمران:16، 17]، وقال تعالى كذلك في وصفهم: (وَبِالأَسْحَـارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) [الذاريات:18]، قال الحسن -رحمه الله-:
"قاموا الليل إلى وقت السحر، ثم جلسوا يستغفرون"، وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- يُصلّي من الليل ثم يقول:
"يا نافع: هل جاء السحر؟!"، فإذا قال: نعم، أقبل على الدعاء والاستغفار حتى يصبح.
ويختم به كذلك في المجالس، فإن كانت ذكرًا كان كالطابع لها، وإن كانت لغوًا كان كفّارة لها.
وكذلك ينبغي أن يُختم صيام رمضان بالاستغفار، فمن أحبّ منكم أن يحطّ الله عنه الأوزار، ويعتقه من النار، فليكثر من الاستغفار، بالليل والنهار، لا سيما في وقت الأسحار.
ومما يُستحسن ختم هذا الشهر به أيضًا عتق الرقاب، فقد كان أبو قلابة يعتق في آخر الشهر جارية حسناء مزينة يرجو بعتقها العتق من النار.
وعتق الرقاب يوجب العتق من النار كما دل على ذلك الحديث الصحيح الذي رواه البخاري عن سعيد بن مرجانة صاحب علي بن الحسن قال: قال أبو هريرة: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:
"أيما رجل أعتق امرأً مسلمًا استنقذ الله بكل عضو منه عضوًا منه من النار"، قال سعيد من مرجانة: فانطلقت به إلى علي بن الحسين، فعمد علي بن الحسين -رضي الله عنهما- إلى عبد له قد أعطاه به عبد الله بن جعفر عشرة آلاف درهم أو ألف دينار فأعتقه.
ومن فاته عتق الرقاق لانعدامها فليكثر من شهادة التوحيد، فإنها تقوم مقام عتق الرقاب، قال -صلى الله عليه وسلم-: "من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرار كان كمن أعتق رقبة من ولد إسماعيل". أخرجه البخاري.
وقال: "من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب، وكتب له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزًا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأتِ أحد بأفضل ممّا جاء به إلا أحدٌ عمِل أكثر من ذلك". متفق عليه من حديث أبي هريرة.
واعلموا -عباد الله- أن الجمع بين شهادة التوحيد والاستغفار من أعظم أسباب المغفرة والنجاة من النار، وكشف الكربات، وقضاء الحاجات.
لهذا جمع الله تعالى بينهما في قوله: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلهَ إِلاَ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِك) [محمد:19]، وفي قوله: (لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَـانَكَ إِنّى كُنتُ مِنَ الظَّـالِمِين) [الأنبياء:87].
فأكثر -أخي المسلم- من طاعة الله لا سيما من قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.
وأكثر من الاستغفار وغيرها من الأذكار والأعمال الصالحة قبل فوات هذه الفرصة العظيمة، فإنه إن لم يُغفر لك في هذا الشهر فمتى سيغفر لك؟!
قال قتادة -رحمه الله-:
"كان يقال: من لم يغفر له في رمضان فلن يغفر له فيما بقي".
فيا من جد، واصل ولا تغتر، حذار من الاغترار بما صنعت، وكن كمن قال الله -جلّ وعلا- فيهم:
(كَانُواْ قَلِيلاً مّن الَّليْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالأَسْحَـارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) [الذاريات:17، 18]
ما استغفروا إلا لاستشعارهم تقصيرَهم في جنب الله، رغم قيامهم أكثر الليل، وكن كمن قال الله -جلّ وعلا- فيهم:
(وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا ءاتَواْ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبّهِمْ راجِعُونَ) [المؤمنون:60].
وتذكر أن ما أنت فيه إنما هو بفضل الله وتوفيقه لك، فالذي أعطاك ووفقك هو الذي حرم غيرك ومنعه، فقل كما قال الصالحون: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِىَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ) [الأعراف:43].
واعتبر بما قاله الله لعبده ونبيه محمد -صلّى الله عليه وسلّم-:
(وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِلَّذِى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلاً * إِلاَّ رَحْمَةً مّن رَّبّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا) [الأنبياء:86، 87]، حتى عدّها بعض السلف أعظم تهديد في كتاب الله.
فكن خافض الجناح، مجتهدًا في الطاعة، خائفًا من عدم القبول، (فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَـاسِرُونَ) [الأعراف:99]، (وإِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) [المائدة:27]. ولا تدري أتكون منهم أم لا؟!
ثم اعلموا -يا عباد الله- أن عائشة زوج النبي -صلّى الله عليه وسلّم- سألته إن هي أدركت ليلة القدر ما تقول فيها؟! قال: "قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني".
اعلموا -أيها المسلمون- أن رسول الله فرض زكاة الفطر على المسلمين، على الذكر والأنثى والصغير والكبير، صاعًا من طعام، أي صاعًا من قمح، أو صاعًا من تمر، أو صاعًا من زبيب، أو صاعًا من شعير، أو صاعًا من أقط، فهذه الزكاة مفروضة على كل قادر على إخراجها، كل مسلم فضَل عنه شيء من قوت يومه وقوت عياله عليه أن يخرج هذه الزكاة عن نفسه وعمَّن يعولهم، والصاع يساوي هذا اليوم كيلوين ومائتي جرام تقريبًا.
واعلموا أن وقت خروجها يبدأ من غروب شمس ليلة العيد، وينتهي بانتهاء صلاة العيد، فمن أخّرها إلى ما بعد ذلك فهي صدقة من الصدقات كما قال المصطفى –صلّى الله عليه وسلّم-، ولكنها لا تسقط عنه، ويلزمه إخراجها، ويجوز تعجيل هذه الزكاة قبل العيد بيوم أو يومين، ولكن لا يجوز تعجيلها أكثر من ذلك؛ لأن المقصود بها كما أخبرنا إغناء الفقراء عن المسألة يوم العيد، هذا هو المقصود من هذه الصدقة، أو من أهم مقاصد هذه الصدقة.
قال عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-:
"فرض رسول الله زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، من أدّاها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أدّاها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات".

أحلام أحمد
08-08-2013, 09:43 PM
http://im39.gulfup.com/cMVXd.jpg

أحلام أحمد
08-08-2013, 09:46 PM
وداعا يارمضان

http://www.youtube.com/watch?v=rWIwRRTd_DM

أحلام أحمد
08-08-2013, 10:12 PM
معانٍ في نهاية رمضان
عبد العزيز بن الطاهر بن غيث
http://im41.gulfup.com/d3UUI.jpg
الخطبة الأولى:
أما بعد:
إخوة الإيمان:
ها هو رمضان قد تصرمت أيامه وانتهت لياليه وانفضّ سوقه، فربح فيه من ربح، وخسر فيه من خسر.
ولَّى رمضان وكأنه لم يكن شهرًا بأيامه ولياليه، بل كأنه بضع أيام أو ساعات سرعان ما مرّت.
فعجبًا لمن لم يقاوم هواه ونفسه ويُرضِ ربه في هذه الساعات القليلة!
عجبًا لمن يضيّع هذه الساعات القليلة التي تأتي في العام مرة دون أن يعتق بها نفسه من النار!
هذه الساعات التي قد ينجيه العمل فيها من أهوال وكرب يوم الدين، يوم يقف بين يدي ربّ العالمين خائفًا وجلاً، قلبه لدى حنجرته، يتمنى لو لم يخلق ويتطلع إلى شفيع أو متفضّل يتفضل عليه بحسنة، في هذا الظرف العصيب يكرم الصائمون بكرامة عظيمة، فبينما يكون المسلم في وجل وخوف يأتيه صومه الذي صامه امتثالاً لأمر الله وخوفًا من الله، صامه إيمانًا واحتسابًا، صامه كما يريد الله سبحانه ورسوله -صلّى الله عليه وسلّم-، لا كما يريد هو، كفّ فيه جوارحه جميعًا وأمسك عمّا حرمه الله عليه.
يأتي هذا الصوم ويطلب من الله أن يشفعه في هذا العبد، فيشفعه الله فيه فيغفر له، عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال:
"الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب: إني منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: رب: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، فيشفعان". أخرجه أحمد.
يمضي رمضان وتلفظ أيامه أنفاسها؛ لنتعلّم من ذهابه أن البقاء لله وحده، وأن لكل مخلوق ولكل شيء مهما طال ومهما عظم نهاية، وأن الزمان والمكان ينتهيان ويفنيان ولا بقاء في هذه الحياة لشيء:
(كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ)،
(كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [القصص: 88].
فإذا ما استحضرت هذا المعنى علمت -يا عبد الله- أنك ستمضي أيضًا في يوم من الأيام، وستنتهي أيامك كما انتهت أيام هذا الشهر الكريم، وإذا علمت هذا وأيقنته تواضعت ولم تطغَ وأعددت العدة لملاقاة الله -عزّ وجلّ-.
يمضي رمضان -أيها الناس- مسجّلاً في سجل المحسنين حسنات وفضائل تستوجب الثواب والإكرام، وفي سجل المسيئين خطايا وآثام تستوجب الحساب والجزاء.
فتدبّروا واعلموا أن ما نقدمه في هذا الشهر وفي غيره هو ما سنلقاه بين يدي الله سبحانه، وهذا مقتضى العدل الإلهي.
فليس واردًا أن نقدّم خيرًا وبرًا راعَينا الله فيه واتبعنا سنة نبيه -صلّى الله عليه وسلّم- ثم نلقى يوم القيامة شرًّا وعنتًا، كما أنه ليس معقولاً أن نقدم شرًا وغفلة وتقصيرًا، ثم نمني أنفسنا بالمغفرة أو بالمنازل العالية من الجنة، إن الذي نقدمه هو الذي سنلقاه، إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر، قال تعالى:
(لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا * وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا).
بل إن الربّ -جلّ وعلا- بكرمه وفضله يضاعف لنا الحسنات ويكثِّرها، أما السيئات فتسجّل كما هي، يقول سبحانه:
(مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ) [الأنعام: 160]،
ويقول سبحانه:
(وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا) [البقرة: 110].
فرمضان إذًا صفحات بيضاء وأرض للحرث والبذر، إن شئت -أيها المسلم- جعلتها جنة وارفة، وإن شئت جعلتها يبابًا وصحراء قاحلة، إذًا فلا تتعجب إذا وجدت غير ما تحبّ وتشتهي، فهل تجازى إلا بما عملت وقدمت؟!
يقول تعالى:
(فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ).
ويقول -عزّ وجلّ-:
(وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ) [فصلت: 46].
وفي الحديث القدسي الذي أخرجه مسلم يقول المولى -عزّ وجل-:
"يا عبادي: إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه".
انقضى شهر رمضان وانقضاؤه لا يعني الراحة والدعة، ولا يعني الرضا عما قدمنا، بل انقضاؤه يتطلب إتباعه بالاستغفار حتى يقبله الله سبحانه، وحتى نتدارك ما وقع في صيامنا من نقص أو خلل أو تقصير، والاستغفار بعد الطاعات دأب الأنبياء والصالحين.
فمن هديهم أنهم يستغفرون الله سبحانه بعد أدائهم للطاعات، أما نحن فإننا نظنّ أن العبد أبعد ما يكون عن الاستغفار وهو يقدّم طاعة، إنما يستغفر المذنب، هذا هو فهمنا، أما فهم من صفَت سرائرهم وقوي إيمانهم واستنارت بصائرهم فغير ذلك؛ لأنهم يحسون بالنقص والتقصير مهما قدموا، أولئك الذين قال الله عنهم: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ).
أي: يؤدّون الطاعات والقربات وهم خائفون أن لا تقبل منهم.
إذًا فعلينا بعد أن أدّينا فريضة الصوم أن نستغفر الله، وهذا الاستغفار مطلوب بعد كل فريضة، يقول تعالى في سياق ذكره لآخر فريضة الحج:
(ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [البقرة: 199].
ويعلّمنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الاستغفار بعد الصلاة، ففي صحيح مسلم أن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كان إذا فرغ من الصلاة يستغفر الله ثلاثًا، ويخبرنا الله تعالى أيضًا عن المتهجدين بين يديه أنهم إذا جاء وقت السحر وهو وقت ما قبل الفجر استغفروا الله، يقول تعالى: (وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) [الذاريات: 18].
يستغفرون الله وهم قد قضوا ليلهم قائمين لله. فعلينا -عباد الله- أن ننهي شهرنا الكريم هذا بالاستغفار عما يمكن أن يكون صاحبه من أخطاء أو زلل أو عُجب أو رياء، وعلينا التضرع إلى الله أن يقبله منا وأن يعيده علينا ونحن أحسن حالاً وأصلح قلوبًا وأزكى نفوسًا.
ذهاب رمضان -أيها الناس- رسالة إلى كلّ مسلم أن الوقت رأس مالك الأول، والخسارة فيه من أعظم الخسائر، فقد تعوَّض خسارة الأموال ويعود ما ضاع منها، أما خسارة الوقت فإنها لا تعوض ولن نستطيع بأموال الدنيا كلها أن نعيد دقيقة مضت من عمرنا، كما أن ما ضاع من أوقاتنا في غير طاعة الله سوف يكون حسرة علينا يوم القيامة ولن يزيدنا من الله إلا بعدًا، عن عبد الله بن مغفل -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-:
"ما من قوم اجتمعوا في مجلس فتفرّقوا ولم يذكروا الله إلا كان ذلك المجلس حسرة عليهم يوم القيامة". أخرجه الطبراني.
فنحن مسؤولون عن أعمارنا كما نسأل عن أموالنا وأعمالنا، وفي الحديث الذي رواه الترمذي أن مما يسأل عنه العبد يوم القيامة: "وعن عمره: فيم أفناه؟!".
كما أن من أعظم المعاني التي ينبغي أن نستحضرها في نهاية هذا الشهر الكريم، أن من فاز بالتوبة في هذا الشهر، وفاز بالتعرف على مولاه، وذاق حلاوة الإيمان والعمل الصالح، لا ينبغي له أن يترك هذا النعيم عند انقضاء الشهر بترك التوبة والاستقامة، بل ينبغي له أن يبقي على هذه المعاني وهذه المشاعر حية في قلبه، وذلك بثباته على التوبة وعلى العمل الصالح، وهذا من علامات صحة الإيمان ومن علامات حلاوة الإيمان التي من ذاقها ثبت على الاستقامة ولم يعد إلى الكفر والفجور، وهذه العلامة ذكرها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث المتفق عليه حيث يقول -صلّى الله عليه وسلّم-:
"ثلاث من كنّ فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار".
إذًا فعلامة صحة التوبة وصحة الإيمان عدم الرجوع إلى ساحة المعاصي والآثام.
وينبغي أن نعلم أيضًا أن الصوم مدرسة وممارسة نتعلم فيها الإيمان بالغيب والامتثال لأمر الله والصبر على المشاق والمتاعب والشهوات ومشاركة المحتاجين والفقراء مشاعرهم ومعاناتهم، وكل ذلك مما يرضي الله ويحقق الفوز في الآخرة، لهذا حثنا ديننا الحنيف على أن نكون من الصائمين في مختلف أوقات السنة لما للصيام من أثر في تزكية أرواحنا وتهذيب نفوسنا، يقول -صلّى الله عليه وسلّم- كما في صحيح الجامع:
"من صام يومًا في سبيل الله باعد الله بذلك اليوم حر جهنم عن وجهه سبعين خريفًا".
بل ويحثنا -صلّى الله عليه وسلّم- على الصوم فور انتهائنا من صيام شهر رمضان، فيقول -صلّى الله عليه وسلّم-:
"من صام رمضان وأتبعه ستًا من شوال كان كصوم الدهر". أخرجه مسلم.
كل هذا لنعتاد على الصوم، هذه العبادة التي ترفع من قدر الإنسان وتسمو بأخلاقه وعقيدته.
فاحرصوا -عباد الله- على صوم هذه الأيام الست وغيرها من الأيام حتى يكون الصوم شافعًا لكم يوم القيامة، وحتى تدخلوا جنة ربكم من باب الريّان باب الصائمين، أسأل الله أن لا يحرمني وإياكم دخول جنته من باب الريان، يقول تعالى:
(إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 35].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله إنه هو الغفور الرحيم.
http://im35.gulfup.com/doQLY.gif
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وصلّى الله وسلّم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
إخوة الإيمان:
نحن على مشارف العيد الذي شرّعه المولى لعباده بعد هذه العبادة التي امتنعوا في نهارها عن المتع والملذات وأحيوا ليلها بصلاة القيام في المساجد، فصفت نفوسهم وزكت أرواحهم، يأتي العيد ليكون فرصة للاستجمام والترفيه عن النفس وتجديد النشاط لمواصلة العمل في هذه الحياة بما يرضي الخالق -عزّ وجلّ-، والعيد كما أنه فرصة للراحة والتوسعة فإنه عبادة يُتقرب بها إلى الله سبحانه؛ لهذا كانت له أعمال وآداب وسنن مستحبة، نذكّر في هذه الخطبة بهذه الآداب التي ينبغي أن يحاول كل منا أن يأتي بها عملاً بسنة خير المرسلين -صلّى الله عليه وسلّم-.
من هذه الآداب:
الاغتسال والتطيّب قبل صلاة العيد، ولبس أحسن الثياب، كما يستحب أكل تمرات وترًا قبل الخروج إلى الصلاة، وأن يخرج ماشيًا، والعودة من غير الطريق التي أتى منها، ومن هذه الآداب الإكثار من التكبير، والتكبير يبدأ من خروج المسلم إلى صلاة العيد حتى مجيء الإمام.
وقال بعض أهل العلم:
يبدأ التكبير من ثبوت رؤية هلال العيد، فيكبّر المسلم بين الحين والآخر في بيته وفي الطريق وفي أي مكان، ويكبّر عند خروجه إلى المسجد، ويجهر بالتكبير تعظيمًا لله، أما النساء فيكبرن سرًّا، ويستمر التكبير حتى مجيء الإمام عندها ينتهي التكبير ولا يكبر المأموم أثناء الخطبة، بل عليه الاستماع والإنصات، ويستحب حضور النساء لصلاة العيد، فقد أمر بها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الرجال والنساء، حتى العواتق وذوات الخدور اللاتي لا يخرجن عادة، وذلك ليشهدن الخير ودعاء المسلمين في هذا اليوم العظي.
يقول تعالى:
(وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة: 185].
فاتقوا الله -عباد الله-، وليكن العيد فرصة للتحابب والتسامح والتقارب والتعاون على البر والتقوى، عملاً بالوصية الخالدة التي أوصانا بها نبي الرحمة -صلّى الله عليه وسلّم- فهو القائل:
"لا تقاطعوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخوانًا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث". أخرجه البخاري.
اللهم تقبّل صيامنا وقيامنا وزكاتنا وسائر أعمالنا الصالحة، واجعلها خالصة لوجهك الكريم.
اللهم اجعل شهر رمضان شاهدًا لنا لا علينا، وأعده علينا مرات عديدة وأزمنة مديدة، واجعلنا ممن يصومونه إيمانًا واحتسابًا.
اللهم آتِ نفوسنا تقواها، وزكّها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاه.
اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، وانصر عبادك الموحّدين برحمتك يا أرحم الراحمين.

أحلام أحمد
08-08-2013, 10:18 PM
وداعا رمضان....الشيخ محمد المحيسني

http://www.youtube.com/watch?v=uCtxvRuzoaw

أحلام أحمد
08-08-2013, 10:38 PM
في وداع رمضان
عبدالغفار الدلاش

بِالأَمْسِ أَقْبَلَ مُشْرِقَ المِيلادِ *** شَهْــرُ التُّقَاةِ وَقِبْلَةُ العُبَّـادِ
فِي مَوْكِبِ الأَفْرَاحِ حَطَّ رِحَالَهُ *** وَأَقَامَ فِي بِشْرٍ وَفِي إِسْعَادِ
حُلْــمٌ يَمُرُّ وَفُرْصَةٌ مَرْغُوبَةٌ *** كَالطَّيْفِ لا كَبَقِيَّةِ الآمَـادِ
وَاليَوْمَ شَدَّ إِلَى الرَّحِيـلِ مَتَاعَهُ *** قَدْ زَوَّدَ الدُّنْيَا بِخَيْـرِالزَّادِ
لا أَوْحَشَ الرَّحْمَنُ مِنْكَ مَنَازِلاً *** خَيْرَاللَّيَالِي بَيْنَ كُلِّ مَعَادِ
رَمَضَانُ تَأْتِي وَالوُجُودُ مُعَرِّسٌ *** وَتَجِيءُ إِثْرَكَ بَهْجَةُ الأَعْيَادِ
وَإِذَا عَزَمْتَ عَلَى الرَّحِيلِ فَإِنَّمَا *** حُزْنُ الفِرَاقِ يَحِزُّ فِي الأَكْبَادِ

أحلام أحمد
08-08-2013, 10:41 PM
http://im40.gulfup.com/3Y4E3.png

أحلام أحمد
08-08-2013, 11:19 PM
وداع رمضان
علي مشاعل
http://im41.gulfup.com/3rGuS.gif
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله نحمده ونستعين به ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلن تجد له وليًا مرشدًا.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير:
(هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) [الحشر:22، 23].
هو الباقي وحده:
(كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ) [الرحمن:26، 27].
وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا -صلّى الله عليه وسلّم- عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون.
أوصيكم -عباد الله- ونفسي بتقوى الله وأحثكم على طاعته وأحذركم وبال عصيانه ومخالفة أمره، وأستفتح بالذي هو خير:
(فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) [الزلزلة:7، 8].
أما بعد:
فيا إخوة الإيمان والعقيدة:
مع آخر جمعة في شهر رمضان الجمعة اليتيمة كما يقولون، بالأمس القريب كما تذكرون كان أول يوم في رمضان ثم الجمعة تلو الجمعة واليوم نصوم يوم الجمعة الأخيرة في رمضان.
إذا كنا قد ابتدأنا بالأمس صيام هذا الشهر واليوم نوشك على النهاية فإن في هذا لعبرة، لكل بداية نهاية، هل نودع شهر رمضان أم يودعنا؟!
وفي كل يوم نُودع ونِودَّع، كتب الله -عزّ وجلّ- الانتقال والارتحال على كل مخلوق، حتى الزمان والمكان فلا يبقى إلا وجه الله -عزّ وجلّ-، البقاء له والدوام له وفي هذا عبرة لمن غفل عنه.
إخوة الإيمان: لسان حال كل مؤمن ينادي ذراته، كيانه، ينادي:
فيا شهر الصيام فدتك نفسـي *** تمهـل بالرحيل والانتقال
فما أدري إذا ما الحول ولـى *** وعدت بقابل في خير حال
أتلقـاني مـع الأحيـاء حيًا *** أو أنك تلقني في اللحد بالي
كم من إنسان لم يدرك أول رمضان، لم يصم، وكم من إنسان أدرك أوله ولم يدرك وسطه، وكم من مسلم أدرك أوله ووسطه ولم يدرك آخره، في كل لحظة تفارق الأرواح أجسادها في الأمة في العالم، هو المحيي والمميت لا يتوقف عن الإحياء والإماتة أبدًا.
في كل لحظة يُحيي خلقًا جديدًا ويميت آخرين أحياء، هذا معنى أسمائه وصفاته سبحانه، كل أسمائه وصفاته عاملة لا تتوقف، خلاق يخلق دائمًا، محيٍ يحيي دائمًا، مميت يميت دائمًا، وهكذا...
ينبغي أن نعتبر ونتعظ، ينبغي أن نتأمل ونتدبر، ينبغي أن نحمد ربنا سبحانه أن بلغنا شهر رمضان في بدايته وفي أوسطه وبلغنا الآن أواخره ينبغي أن نحمد ربنا على هذه النعمة وأن نشكره وأن نسأله أن يكون قد وفقنا لصيام هذا الشهر وقيامه وأداء حقوقه سبحانه في هذا الشهر وفي غيره، سائلين المولى -عزّ وجلّ- أن يتقبل منا شهر رمضان صحيحًا كاملاً غير منقوص، وأن يجلي لنا نعمه وآلاءه، وأن يوصّل إلينا كرمه وفيضه، وأن يجعلنا من المرحومين المغفور لهم المعتوقين من النار.
إخوة الإيمان:
الناس في وداع رمضان أصناف، لأنهم في صيامه أصناف، فهم أصناف في صيامه وأصناف في وداعه.
الذي كان متشوقًا إليه يعلم أنه موسم من مواسم الخير ونفحة من نفحات الكريم، استقبله بحب وشوق وسرور وإقبال وتوبة وجد واجتهاد وصدق وإخلاص واغتنام دون تفريط في بذل الجهد، وعند كل مؤمن تفريط وخطأ وتقصير لكنه بالتوبة يمحو هذا التفريط والخطأ والتقصير لأن المؤمن توّاب، والله -عزّ وجلّ- يحبّ التوّابين ويحبّ المتطّهرين.
المؤمن اليقظ العاقل لا يرضى عن نفسه أبدًا لأنه يعلم أن نفسه مقصرة وأن نفسه غافلة وأن نفسه قد تلهو وتلعب، فهو يلومها، نفسه لوّامة دائمًا يتوب من ذنوبه وأخطائه، يكفي المؤمن العاقل ذنبًا أنه لم يرَ أنه أدّى حقّ الله في عبادته وأنه غفل عنه كثيرًا من أوقاته وأنه لم يملأ ظرف الوقت بما ملأه السابقون المقربون قبله وبعده ومعه، يكفي هذا شعورًا بالذنب والتقصير، يكفي أن كل عامل يرى أن هناك من يعمل أكثر منه، وأن كل فاعل خير يشعر أنه ربما غيره قد فعل خيرًا منه أو أكثر.
يكفي هذا الشعور لأنه يوم القيامة كل الناس يندمون.
المحسن يندم؛ لماذا لم يزدد إحسانًا؟! والمسيء يندم؛ لماذا قد فعل الإساءة.
ونحن اليوم نستشعر هذا، نستشعر شيئًا من الحسرة والتقصير في جنب الله وفي ظرف هذا الشهر المبارك، نستشعر بأننا كنا قادرين على بذل الأكثر وعلى الجد والاجتهاد، وكنا قادرين على أن نتوجه بصدق ونفرغ الوقت ونعطي لربنا من وقتنا أكثر:
(قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) [الأنعام:162، 163].
كل ما نملك هو لله؛ لأن العبد وما ملكت يداه لمولاه، فكيف نؤدي حقّ الله؟!
صنف من الناس وفقه الله في هذا الشهر والتوفيق متفاوت، ليسوا سواء، لكنهم وفقوا للصيام فأعطوا للشهر قدسيته واحترامه، لم ينتهكوا الشهر بالحرام، حفظوه، وجنبوه معاصي الله لأنهم يخافون الله، يخشون الله، يعبدون الله، بعيدون عن المعاصي قبل رمضان وفي رمضان وبعد رمضان.
هؤلاء يهنئون ويرجى لهم القبول ويدعى لهم بالرضا والقرب من الله -عزّ وجلّ-، فلتهنأ نفوسهم ولتقر أعينهم بما بذلوا وبما اجتهدوا وبما فعلوا، وهم كما ذكرت غير راضين عن أنفسهم، بل يبكون مزيجًا بين الفرح بتوفيق الله وبين الحسرة على ما فرطوا وما قصروا حيث لم يغنموا أكثر.
هذا صنف من خيار أصناف المؤمنين، سابقون ملتزمون صادقون، وصنف على النقيض تمامًا، لم يعرف للشهر حرمته، ولم يؤدّ فيه لربه حقه، فلم يصمه أو لم يصم بعضه ولم يواظب على صلاته ولم يفعل الخير، بل بقي سادرًا في غيه لاهيًا غافلاً بعيدًا عن ربه، لم تحركه شجون رمضان ونفحاته ولا ظرفه القدسي ولا نعم الله فيه، لم تجذبه لأنه ليس ممن يجذبه الخير؛ لأنه غارق في المعاصي والآثام، لأنه لا يعرف قدر الله ولا يؤدي واجبه.
هذا صنف من الظالمين لأنفسهم، ظالم لنفسه، ظلم نفسه ظلمًا كثيرًا وشديدًا، واليوم ما عسى الظالمون لأنفسهم أن يفعلوا؟!
هل ينتهي شهر الصوم وتغرب شمسه ويأتي العيد وهم في هذه الغفلة لم يواظبوا على الصلاة ولم يصوموا الشهر ولم يؤدوا حقه ولم يبتعدوا عن محرمات الله -عزّ وجلّ- ولم يتوبوا إلى الله سبحانه.
ألم يسمعوا أن رمضان شهر المغفرة، أن رمضان شهر الرحمة، أن رمضان شهر الإنابة والرجوع والقبول!!
ألم يسمعوا أن الذي يدركه شهر رمضان ثم ينصرم عنه وينتهي ولا يكتب الله له المغفرة والرحمة أنه ذليل قد رغم أنفه وذل، أنه قد أبعده الله وأدخله النار، وهذا ما قاله جبريل -عليه السلام- عندما بعثه الله إلى سيد الخلق سيدنا محمد -صلّى الله عليه وسلّم- وهو يصعد درج المنبر فقال:
يا رسول الله: قل "آمين"، فقال: "آمين"، ثم صعد الثانية فقال: قل "آمين"، فقال: "آمين"، ثم صعد الثالثة فقال: قل "آمين"، فقال: "آمين"، ولما سأله قال: "يا محمد: يا رسول الله: من أدرك شهر رمضان فأبعده الله فلم يغفر له فأدخله النار، قل: "آمين".
وفي رواية: "رغم أنف من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له، ومن أدرك والديه أو أحدهما عند الكبر فلم يدخلاه الجنة، فأبعده الله وأدخله النار، قل "آمين"، فقلت: "آمين"، ومن ذكرت عنده ولم يصل عليك فأبعده الله فأدخله النار، قل "آمين"، فقلت: "آمين".
اللهم صلّ وسلّم وبارك على هذا النبي الكريم.
إخوة الإيمان:
هذا صنف آخر، صنف قد ظلم نفسه فمتى يرجع؟!
متى يرجع إلى فطرته؟!
متى يرجع إلى ربه؟!
متى يرجع إلى حقيقة الأمر؟!
متى يعود قبل فوات الأوان؟!
يا نفـس توبي فإن الموت قد حانَ *** واعصي الهوى فالهوى مازال فتانًا
في كل يوم لنـا ميت نشــيعه *** نـرى بمصـرعه آثـار موتـانا
يا نفـس ما لي وللأمـوال أتركها *** خلفي وأخـرج من دنياي عريانًا
***
لا تـركن إلى الـدنيا وما فيها *** فالموت لاشك يفنينا ويفنيها
واعمل لدارٍ غدًا رضوان خازنها *** والجار أحمد والرحمن ناشيها
قصورها ذهبٌ والمسك طينتها *** والزعفران حشيشٌ نابتٌ فيها
***
لا تركن إلى القصور الفاخرة *** واذكر عظامك حين تمسي ناخرة
وإذا رأيت زخارف الدنيا فقل *** يا ربي إن العيش عيش الآخرة
ابن آدم:
علام الظلم للنفس، وإلامَ الظلم؟! إلى متى؟! ولأي شيء؟!
علام نظلم أنفسنا ونتجاوز حدودنا، لماذا لا نرجع إلى ربنا؟!
المجال لا يزال مفتوحًا، وساعات رمضان لا تزال قائمة، وقد عرفنا أن الله -عزّ وجلّ- ينظر إلى هذه الأمة في أول ليلة من شهر رمضان، وأن خلوف فم الصائم منها أطيب عنده من ريح المسك، وأن الملائكة تستغفر للصائمين في كل يوم وليلة، وأن الله يأمر جنته أن تستعد لعباده المتقين لأنهم قد أوشكوا أن يرتحلوا عن هذه الدنيا، وكما ذكرت في كل لحظة من يرتحل عن هذه الدنيا سواء كان محسنًا أو مسيئًا طائعًا أو عاصيًا، متلبسًا بالجريمة أو شهيدًا في أرض المعركة.
في كل لحظة من يلقى الله، في كل لحظة من يسافر سفرًا لا عودة فيه ولا رجعة.
تـأهب للـذي لابد منه*** فإن الموت ميقات العباد
أترضى أن تكون رفيق قوم *** لهم زاد وأنت بغير زاد
أخا الإيمان:
إن الظالم لنفسه يجب أن يتوب إلى ربه، يجب أن يندم ولو في آخر ساعة، يجب أن لا تغرب شمس هذا الشهر وهو غافل وهو عاصٍ وهو متلبس بالكبائر وهو معرض عن خالق الأرض والسماوات وهو غافل عن فرائض الله -عزّ وجلّ-، يجب أن نرجع إلى الله.
والصنف الثالث في هذا الشهر ونحن نودعه صنف صام ولكنه قصر، لم يصم الصوم الحقيقي، أطلق لجوارحه انزلاقاتها ومساراتها وأفعالها، فقد عصى بلسانه وعينه وأذنه، وبيده ورجله فعل من الأخطاء ما لم يصل إلى الكبائر، فعل المحرمات التي هي اللمم، ليست بالكبيرة من كبائر الذنوب الموبقة، لكن الصوم يقتضي البعد عن الصغائر والكبائر، الصوم يقتضي أن تصوم الجوارح عما حرّم الله –عزّ وجلّ- من غيبة أو نميمة أو كذب أو إيذاء أو نظر محرم أو سماع آثم.
لا ينبغي أن نتهاون ونحن صائمون بمحرمات الله -عزّ وجلّ-، بل ينبغي أن نحاسب النفس حسابًا شديدًا حتى يهون الحساب أمام الله -عزّ وجلّ-.
حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، وتزينوا لليوم الأكبر يوم العرض على الله -جلّ جلاله-.
إخوة الإيمان:
إننا في هذه الساعات الأخيرة في هذه الأوقات الختامية إننا نودّع هذا الشهر المبارك، إننا لو عرفنا حقيقته، ولو عرفنا عطايا الله فيه، ولو عرفنا نفحات ربنا في ليله ونهاره، لتمنينا ورجونا أن تكون الحياة كلها رمضان، ولا عجب فهذا ما صرح به رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: "لو يعلم الناس ما في رمضان لتمنوا أن تكون الحياة رمضان"، ورجوا أن تكون الدنيا كلها رمضان.
أجل لأن شهر رمضان شهر تنزل فيه الرحمة، شهر عتق الرقاب من النار، شهر المغفرة، شهر الجود والعطاء، شهر النعم والآلاء والفضل المتدفق على البرية، شهر فيه تنزل كل معاني الخير وكل فضائل هذا الشهر على العباد المتعرضين له.
أجل -إخوة الإيمان- فهل من متعرّض لهذه النفحات؟!
هل من متدارك لما فات؟!
هل من تائب سائل أو مستغفر؟!
هل من نادم على التقصير والتفريط؟!
إن رحمة الله قريب من المحسنين، وإن الإحسان هو الإتقان، وإن الله كتب الإحسان على كل شيء.
إخوة الإيمان:
أذكّر نفسي وإياكم بفريضة الزكاة التي فرضها الله حتى يكون أداؤها في هذا الشهر الكريم أداء لسبعين فريضة في الأجر، من لم يؤدّ زكاة ماله فليبادر، ومن بقي عليه شيء من الزكاة فلا يؤخر، وزكاة الفطر أيضًا واجبة، فرض النبي -صلّى الله عليه وسلّم- صدقة الفطر على الصغير والكبير، الذكر والأنثى، الحرّ والعبد من المسلمين، صاع من طعام أو صاع من بر أو تمر أو شعير، صاع من غالب قوت البلد مما يأكله الناس ويتقوتون به.
هذا هو الأصل في صدقة الفطر، ويتساءل الناس في كل سنة:
هل يجوز إخراج القيمة؟!
إن الحديث ينص على الطعام أو على القوت، ولكن بعض الصحابة والأئمة المجتهدين -رضي الله عنهم وأرضاهم- نظر إلى مصلحة الفقير ورأى أن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قد قال: أغنوهم في هذا اليوم عن السؤال.
أي أغنوا الفقراء عن أن يمدوا أيديهم إلى الناس في حاجة أو فاقة، أعطوهم ما يغنيهم.
وإذا كان المقصود هو إغناء الفقير فإن إغناء الفقير يكون بقيمة الطعام وخاصة مع اختلاف الزمان وحوائج الناس؛ لذلك أجاز فريق من الفقهاء إعطاء القيمة وإن تشدد البعض الآخر في دفع الطعام فديننا يسر وواسع، ولا ينبغي لأهل العلم أن يتشددوا.
فمن أخرج الطعام فقد وافق ظاهر النص ومقتضاه، ومن أخرج القيمة للفقراء والمساكين والمحتاجين فقد راعى أيضًا مصلحة الفقير وحاجاته، ولم يرد أن الله لا يقبل إلا الطعام، إنما كان المفروض طعامًا، ولقد كان معاذ بن جبل -رضي الله عنه- وعمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه- يأخذون من الناس القيمة عن الزكاة لحاجة الفقراء وفاقتهم إلى ذلك، فمن فعل هذا أو هذا فلا حرج، ولا ينبغي التشديد والتعسير والتضييق على عباد الله طالما أن سلفهم الصالح قد فعلوا هذا وهذا.
كما أذكر نفسي وإياكم بأن نختم ساعات هذا الشهر المبارك بالحسنى وبالعمل الصالح، فالأمور بخواتيمها، وأن نزداد إقبالاً وتوجهًا وتوبة وعملاً صالحًا، وأن لا نتصور أن العمل الصالح يقل إذا انتهى شهر رمضان، وأن لا ننصرف عن ربنا ليلة العيد ويومه، بل إن يوم العيد وليلته من الأيام والأوقات الكريمة التي ينبغي أيضًا أن نملأها بالخير والعمل الصالح، وأن نكون يوم العيد وما بعده عبيدًا صالحين طائعين ملتزمين، غير مالّين ولا كارهين ولا معرضين ولا منصرفين عن ربنا، وأن نواظب على ما تعوّدنا عليه في هذا الشهر المبارك، وأن نزداد من الأعمال القلبية الصالحة، وأن نمحص النفوس والقلوب ونطهرها من أدرانها وأوصافها السيئة من الرياء والنفاق ومن العجب والكبر ومن الحسد والضغينة ومن الحقد ومن كل صفة تبعدنا عن الله -عزّ وجلّ-.
فينبغي أن نخلي قلوبنا وننظفها ونزكي نفوسنا ونطهرها في هذه الأوقات وما بعدها حتى نكون ممن طاب قلبه وزكى نفسه حتى يختم له بحسن الخاتمة ونلقى ربنا وهو راضٍ عنا غير غضبان.
نسأل الله –عز وجل- أن يمن علينا بخير وعافية، وأن يرحم أمواتنا وأمواتكم وأموات المسلمين، وأن يتغمد شهداء هذه الأمة الذين يدافعون عن الدين والعرض والأرض في مشارق الأرض ومغاربها.

أحلام أحمد
08-08-2013, 11:24 PM
خطبة عن ( وداع رمضان ) للد. الشيخ سعود الشريم

http://www.youtube.com/watch?v=xeigAhY3CjY

أحلام أحمد
08-08-2013, 11:26 PM
http://im37.gulfup.com/GB6ri.jpg

أحلام أحمد
08-08-2013, 11:39 PM
http://im41.gulfup.com/jW4Xs.jpg

أحلام أحمد
08-08-2013, 11:40 PM
تكبيرات عيد الفطر 1433هـ بصوت مؤذني الحرم المكي الشريف

http://www.youtube.com/watch?v=34TWhQGuECc

عبد الرحيم بيوم
16-08-2013, 12:31 AM
أدبرت ذاهبا ومودعا إلى لقاء تحضره موفيا بوعدك في وقتك
ولا ندري هل نكون في الموعد يومها للقائك أم لا
لا ندري هل نحيا لنعيش حلاوة أيامك ولياليك ثانية أم لا
ترى هل كنا فيك كما أحبنا الله أن نكون
صوامين حق الصيام كما يحب ويرضى
قوامين بالجوارح والقلوب كما يريد
هل عاشت أفئدتنا مع كتابه وتلاوة آياته
هل كان لساننا رطبا باستغفاره وذكره
هل.. حققنا التقوى فيه أم كان لنا منه حظ الجوع والعطش والتعب
صمنا.. نعم
قمنا.. نعم
تلونا.. نعم
فهل قُبلت أعمالنا وهل كان فيها لبارينا إخلاصنا
دعوة أحاسب بها نفسي لعلي أتدارك ما مضى
دعوة أدقق في أعمالي وما أتيت منها وتركت فلا زالت منك يا رمضان بقية
فلعلي أتوب وإلى خالقي أرجع وأؤوب
لا زالت بقية من رمضان الخير فأقل يا قلبا أثقلتك دنيا كذوب وأخذت بمجامعك حياة الغرور والأماني
أقبل أُخيّ أقبلي أُخيّتي
فلا زال من رمضان بقية

كانت في 27 من رمضان
فهل تداركنا توبتنا حقا

بوركت وموضوعك المتسلسل بالدرر والفوائد

أحلام أحمد
22-10-2013, 09:53 PM
أدبرت ذاهبا ومودعا إلى لقاء تحضره موفيا بوعدك في وقتك
ولا ندري هل نكون في الموعد يومها للقائك أم لا
لا ندري هل نحيا لنعيش حلاوة أيامك ولياليك ثانية أم لا
ترى هل كنا فيك كما أحبنا الله أن نكون
صوامين حق الصيام كما يحب ويرضى
قوامين بالجوارح والقلوب كما يريد
هل عاشت أفئدتنا مع كتابه وتلاوة آياته
هل كان لساننا رطبا باستغفاره وذكره
هل.. حققنا التقوى فيه أم كان لنا منه حظ الجوع والعطش والتعب
صمنا.. نعم
قمنا.. نعم
تلونا.. نعم
فهل قُبلت أعمالنا وهل كان فيها لبارينا إخلاصنا
دعوة أحاسب بها نفسي لعلي أتدارك ما مضى
دعوة أدقق في أعمالي وما أتيت منها وتركت فلا زالت منك يا رمضان بقية
فلعلي أتوب وإلى خالقي أرجع وأؤوب
لا زالت بقية من رمضان الخير فأقل يا قلبا أثقلتك دنيا كذوب وأخذت بمجامعك حياة الغرور والأماني
أقبل أُخيّ أقبلي أُخيّتي
فلا زال من رمضان بقية

كانت في 27 من رمضان
فهل تداركنا توبتنا حقا

بوركت وموضوعك المتسلسل بالدرر والفوائد

حيّاك أخي الكريم عبد الرحيم
أبكتني كلماتك الجميلة المُعبّرة
حروفك كانت كوخز الإبر
هيّجت بتعابيرك كوامن الأشجان
نعم أيها الكريم سيعود رمضان بمشيئة الرحمن وربما لن نستقبله مجددا
أعتقد أننا لو فكّرنا بهذا الشكل لكانت أعمالنا أجلّ وأجمل
ولكن....:008:
أرجو أن نكون من المقبولين ومن العائدين إلى رحابه مرة أخرى
....
أعتذر منك أيها الكريم لتأخر ردي عليك
ولا أستطيع أن أقول لك سوى : جزاك الله خيرا على حروفك المؤثّرة
جعلها الله في ميزان حسناتك
....
سلمت يمينك أيها الفاضل
وتقبّل شكري وتقديري :001:

ناديه محمد الجابي
28-07-2014, 01:15 PM
نعم وداعا يا رمضان .. يا شهر التوبة والغفران
يا شهر تفتح فيه أبواب الجنان ، وتغلق أبواب النيران
فَهَنِيئًا لِمَنِ احتَسَبَ صِيَامَهُ وَقِيَامَهُ، وَعَمَّرَ بِالطَّاعَاتِ لَيَالِيَهُ وَأَيَّامَهُ،
وَتَابَ تَوبَةً نَصُوحًا يُكَفِّرُ اللهُ بها ذُنُوبَهُ وَآثَامَهُ، ذَاكَ -وَاللهِ!-
هُوَ الَّذِي يَحِقُّ لَهُ الفَرَحُ بِالعِيدِ، وَالسُّرُورُ بِلِبسِ الجَدِيدِ،
فَاللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِمَا وَفَّقتَ إِلَيهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ، وَاغفِرْ لَنَا
وَلِوَالِدِينَا وَلِجَمِيعِ المُسلِمِينَ.
بارك الله فيك أحلام ـ تقبل الله صيامك وقيامك وسائر أعمالك
وجعل ما كتبت في صحائف حسنات أعمالك
بما قدمت من كنوز ودرر .