تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : المهاجر



محمد الطيب الحواط
16-08-2013, 12:48 AM
المهاجر




نشأ الزاكي مدللا بين أفراد أسرة تشبعت بتقاليد القبيلة الصارمة ، فرضت على الإناث التفرغ للتربية وتدبير الأشغال داخل البيت . وعلى الذكور السعي لكسب الرزق .
تفوق الطفل في دراسته وتميز بذكائه ، إلا أن والده اختار له الانضمام في سن مبكرة إلى ورشة العائلة التي تتوسط أحد الأحياء المهمشة بالمدينة .
بها أتقن السباكة والتلحيم مع بعض المعلومات عن ميكانيك المحركات .
ارتياح الأب يزداد مع نمو الفتى .
واطمئنانه على الورشة ومستقبل العائلة يكثر بما أحرزه ابنه
" المعلم الزاكي "
من خبرة مهنية وقدرة على التدبير والتسيير .
طموح الفتى يسابق تراكم سنوات عمره .
يتتبع بإعجاب المهاجرين من أبناء مدينته ، العائدين بسيارات فارهة ،
المدمنين على اللهو والتبذير .
يشاهد أنهم يعودون بحقائب الهدايا النفيسة ،
ويعتقد أن لديهم أرصدة بنكية لا تنفد ...
يتوق ليعمل على التأسي بهم .
يطمح إلى
امتلاك آخر أنواع السيارات الرياضية الجذابة ، يطوف بها على دوره الفسيحة ، المتواجدة بمدن شاطئية عديدة .
وإلى التوفر على العديد من الحسابات بأشهر البنوك وأعرقها .
عندها سيقتني لكل يوم بذلة ومع كل بذلة زوجة ...
لا زال عمره المتدحرج نحو السنة السادسة عشرة يحول دون إتمام وثائق وإجراءات السفر خارج الوطن .
اقترح عليه أحد أقاربه التوجه نحو الجنوب حيث تتيسر عمليات الهجرة الجماعية في اتجاه بعض دول الأورو .
تسلل عبر الكتبان والواحات وأقام هناك بالعاصمة مختفيا بضعة أيام ،
يشتغل بإحدى الشركات .
يبحث بجد عن الذين سيسهلون عملية عبوره .
تلقى عدة وعود بمختلف الشروط ،
اختار أيسرها ورحل ممتطيا جنح الظلام .
قبل انبلاج الضياء ،
حطت القافلة بمركز لانتظار العتمة القادمة ، لمتابعة المسير
استلقى بكوة خيمة ،
يئن من تعب الطريق ،
بعد غفوة أفاق على صوت ملثم يخبره بأن القافلة التي وفد معها رحلت .
وعليه أن ينتظر وصول قافلة أخرى .
هز رأسه مشدوها ...
متسائلا ..
وكم ستكون مدة الانتظار ؟
لا تقل عن شهر أو شهرين وقد تمتد إلى عدة شهور .
شعر بضياع يلفه بإحكام ،
نهض متثاقلا يستطلع المكان .
خيام مرصوصة في صفوف طويلة ،
يقطنها رجال ونساء وأطفال
ذووا وجوه كالحة ، وأعين متحجرة ، وبشرة متفحمة ،
لغاتهم مختلفة ،
توحدهم الإشارة من أجل التخاطب والتفاهم ،
وراء كل منهم عالم من الأسرار والفواجع .
أحياء الخيام مسيجة بجدار من الأسلاك الشائكة .
الممرات كلها مغلقة ، والأبواب موصدة محروسة .
قبل زوال قرص الشمس ،
شاهد عربات مجرورة أو مدفوعة تطوف عبر الدروب والأزقة ،
اقترب منها فأمره أحدهم بالعودة إلى خيمته قبل ضياع حصته من الطعام .
الطعام قليل والماء نادر
ولن يتسلم إلا وجبة واحدة مع قنينة ماء صغيرة عن يوم بليله .
لقد حاول الهرب مرارا فلم يفلح ،
وضع داخل مستودع السيارات المعطوبة ، وأمر بسبك وترميم بعض أجزائها .
تساءل مع نفسه ..
من أخبرهم بحرفتي ؟
سأشتغل مكرها وسأبحث دائما عن وسيلة للنجاة .
لا أدري ما الذي حل بأسرتي بعد رحيلي .
استعاد بمخيلته أيام دراسته وفترة اشتغاله إلى جانب والده . ومستوى النعيم
الذي عاش فيه
بهجة دائمة ، وسعادة شاملة .
يأكل حتى بعد الشبع ، ويشرب متى شاء وقدر ما شاء . يستحم في كل وقت ، ويتصرف داخل أسرته الآمر الناهي بعد أبيه .
هجره النوم فجلس يبكي ويردد آخر كلمات أمه وهي طريحة على سرير مرض الموت .
أصبح منهكا من الأرق .
لم يلتحق بعمله الجديد .
مر به أحدهم يصيح ويتوعد ، فعنفه على تأخره وحاول ضربه .
انتزع الفتى منه العصا ، وهوى بها على رأسه .
فسقط أرضا مدرجا بالدماء .
سيق إلى السجن . فقال :
وأي فرق بين خيمة الإقامة وخيمة السجن ؟
نقل أحدهم همسه ،
فحكموا عليه بالأشغال الشاقة المهينة
وأولها :
إفراغ الحفرة الضخمة المخصصة لاستقبال مياه الصرف الصحي
لمراحيض المخيم .
رفض تنفيذ العقوبة .
فقد التحكم في أعصابه .
أخذ يشتم ويهدد ويتوعد .
فأخذه ثلاثة أشداء ،
وألقوا به وسط حفرة الصرف الصحي ،
فهوى وسط محتوياتها إلى أن لفظ أنفاسه
وكانت له المثوى الأخير.

آمال المصري
20-08-2013, 12:30 PM
أهو التدليل الزائد للزاكي ؟ أم أن طموحاته اتسعت لما يزيد عن واقع لزم عليه الانصياع له حتى لايقع في هوة سحيقة ؟
نص جدا رائع فكرة وسردا وخاتمة صادمة مباغتة .. وحكمة ورسالة بأسلوب أكرمه
بوركت أديبنا الفاضل واليراع
تحاياي

ناديه محمد الجابي
20-08-2013, 12:52 PM
قصة وحكاية من حكايات الشباب الذين آثروا الهجرة ولو إنها غير شرعية
على البقاء في الوطن ـ بعضهم ترمي بهم مصاعب الحياة أو الفقر أو البحث
عن فرص عمل .. أما بطلنا فكان يبحث عن أوهام الثراء والترف .. تلك
الأوهام الخادعة .. لتكون نهايته مأساوية وتبقى بالنهاية دموع الأهل
ومأساة أليمة لن تمحيها السنون.
مشكلة إجتماعية هامة كتبت فيها فأبدعت فبوركت والقلم.

براءة الجودي
20-08-2013, 07:52 PM
لاعيب أن يحلم الإنسان في التوسعة على نفسه وعلى أهله دون مبالغة بل يعلق آماله بما يكسبه من مال بمشاريع خيرة للآخرة ليجمع بين طموحين يسعى أغلب الناس لتحقيق حلم الدنيا افانية وترك الباقية الآخرة
الشاب يبدو أنه اغتر وتوهم وشطح خياله حتى أنه لم ير الواقع ويعطي صعوبات الطريق اعتبارا ولم يكن حذرا بما فيه الكفاية , المسلم عليه أن يأخذ احتياطه ويكون قلبه مستعدا لأي مواجهات وأزمات مفاجئة وتكون لديه خطتين اساسية وبديلة وحلمين اساسي وبديل والله الموفق ومافيه الخيرة ييسره للمرء
بوركت أخي الفاضل أسلوبك في القصة جميل

محمد الطيب الحواط
23-08-2013, 12:02 AM
الأديبة المقتدرة

القاصة المبدعة

الفاضلة

آمال المصري

ممتن لاهتمامك وتتبعك

مقدر لقراءتك وتقييمك

لك مودتي

محمد الطيب الحواط
23-08-2013, 12:04 AM
الأديبة المقتدرة

القاصة المبدعة

الفاضلة

نادية محمد الجابي

مشكورة على المرور والقراءة

مقدرة على الارتسامات والتشجيع

لك مودتي

محمد الطيب الحواط
23-08-2013, 12:06 AM
الشاعرة المقتدرة

الأديبة المبدعة

الفاضلة

براءة الجودي

أقدر اهتمامك وتتبعك وتشجيعك

أثمن ارتساماتك وتقييمك

لك مودتي

كاملة بدارنه
24-08-2013, 07:41 PM
يا لهذه النّهاية المأساويّة!
ومن (الطّموح) ما قتل
بوركت
تقديري وتحيّتي

محمد الطيب الحواط
25-08-2013, 01:18 AM
الأديبة المبدعة

كاملة بدارنه

مشكورة على الاهتمام والتتبع

مقدرة على القراءة والمشاركة

لك مودتي

ربيحة الرفاعي
26-09-2013, 06:36 PM
فيما وراء البحار ترقص جنيات الأحلام على أنغام وهم النجاح تغوي من يهدد الضياع بابتلاعهم

قصة طيبة الفكرة متفنة الحبكة شائقة السرد وقفلة موفقة

دمت بخير مبدعنا

تحاياي

محمد الطيب الحواط
26-09-2013, 10:49 PM
الشاعرة المغردة

الاديبة المبدعة

ربيحة الرفاعي

مشكورة على الاهتمام والتتبع

مقدرة على القراءة والتقييم

والتشجيع

لك مودتي

نداء غريب صبري
15-10-2013, 02:45 PM
الأحلام بالهجرة يخلقها الواقع الصعب الذي يعيشه اهلنا

قصة جميلة ونهاية مأساوية

شكرا لك

بوركت

محمد الطيب الحواط
29-12-2013, 11:31 PM
الشاعرة المبدعة

الفاضلة

نداء غريب صبري

ممتن لاهتمامك وتتبعك

مقدر لقراءتك وتقييمك

لك مودتي

خلود محمد جمعة
02-01-2014, 06:58 AM
العادات والتقاليد تقتل الحلم
حصر احلام بزوج واطفال
حصر اطفال بأم مقموعة جاهلة
تحديد الطموح بورشة
تكبيل الاحلام بلقمة العيش
مما دفعه لدخول معركة الحياة بلا اسلحة
سلاسة بالسرد و عمق في المعني بيراع مائز
دمت بخير
مودتي وتقديري

محمد الطيب الحواط
09-01-2014, 10:05 PM
الشاعرة المبدعة

الفاضلة

ربيحة الرفاعي

ممتن لاهتمامك وتتبعك

مقدر لقراءتك وتقييمك وتشجيعك

لك بالغ مودتي

محمد الطيب الحواط
09-01-2014, 10:08 PM
الشاعرة المبدعة

الفاضلة

نداء غريب صبري

مشكورة على الاهتمام والتتبع

مقدرة على القراءة والتشجيع

لك بالغ مودتي

محمد الطيب الحواط
09-01-2014, 10:10 PM
الاديبة المبدعة

الفاضلة

خلود محمد جمعة

سعيد باهتمامك وتتبعك

مقدر لقراءتك وتقييمك

لك بالغ مودتي