المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مخالطة الناس



عبد الرحيم بيوم
16-08-2013, 02:03 AM
فضول المخالطة هي الداء العضال الجالب لكل شر وكم سلبت المخالطة والمعاشرة من نعمة وكم زرعت من عداوة وكم غرست في القلب من حزازات تزول الجبال الراسيات وهي في القلوب لا تزول ففضول المخالطة فيه خسارة الدنيا والآخرة وإنما ينبغي للعبد أن يأخذ من المخالطة بمقدار الحاجة ويجعل الناس فيها أربعة أقسام متى خلط أحد الأقسام بالآخر ولم يميز بينهما دخل عليه الشر
أحدها من مخالطته كالغذاء لا يستغنى عنه في اليوم والليلة فإذا أخذ حاجته منه ترك الخلطة ثم إذا احتاج إليه خالطه هكذا على الدوام وهذا الضرب أعز من الكبريت الأحمر وهم العلماء بالله تعالى وأمره ومكايد عدوه وأمراض القلوب وأدويتها الناصحون لله تعالى ولكتابه ولرسوله ولخلقه فهذا الضرب في مخالطتهم الربح كله
القسم الثاني من مخالطته كالدواء يحتاج إليه عند المرض فما دمت صحيحا فلا حاجة لك في خلطته وهم من لا يستغنى عنه مخالطتهم في مصلحة المعاش وقيام ما أنت محتاج إليه من أنواع المعاملات والمشاركات والإستشارة والعلاج للأدواء ونحوها فإذا قضيت حاجتك من مخالطة هذا الضرب بقيت مخالطتهم من:
القسم الثالث وهم من مخالطته كالداء على اختلاف مراتبه وأنواعه وقوته وضعفه فمنهم من مخالطته كالداء العضال والمرض المزمن وهو من لا تربح عليه في دين ولا دنيا ومع ذلك فلا بد من أن تخصر عليه الدين والدنيا أو أحدهما فهذا إذا تمكنت مخالطته واتصلت فهي مرض الموت المخوف
ومنهم من مخالطته كوجع الضرس يشتد ضربا عليك فإذا فارقك سكن الألم
ومنهم من مخالطته حمى الروح وهو الثقيل البغيض العقل الذي لا يحسن أن يتكلم فيفيدك ولا يحسن أن ينصت فيستفيد منك ولا يعرف نفسه فيضعها في منزلتها بل إن تكلم فكلامه كالعصي تنزل على قلوب السامعين مع إعجابه بكلامه وفرحه به فهو يحدث من فيه كلما تحدث ويظن أنه مسك يطيب به المجلس وإن سكت فأثقل من نصف الرحا العظيمة التي لا يطاق حملها ولا جرها على الأرض
ويذكر عن الشافعي رحمه الله أنه قال ما جلس إلى جانبي ثقيل إلا وجدت الجانب الذي هو فيه أنزل من الجانب الآخر
ورأيت يوما عند شيخنا رجلا من هذا الضرب والشيخ يحمله وقد ضعف القوى عن حمله فالتفت إلي وقال مجالسة الثقيل حمى الربع ثم قال لكن قد أدمنت أرواحنا على الحمى فصارت لها عادة أو كما قال وبالجملة فمخالطة كل مخالف حمى للروح فعرضية ولازمة
ومن نكد الدنيا على العبد أن يبتلى بواحد من هذا الضرب وليس له بد من معاشرته ومخالطته فليعاشره بالمعروف حتى يجعل الله له فرجا ومخرجا
القسم الرابع من مخالطته الهلك كله ومخالطته بمنزلة أكل السم فإن اتفق لأكله ترياق وإلا فأحسن الله فيه العزاء وما أكثر هذا الضرب في الناس لا كثرهم الله وهم أهل البدع والضلالة الصادون عن سنة رسول الله الداعون إلى خلافها الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا

من بدائع الفوائد لابن القيم

مصطفى حمزة
16-08-2013, 11:49 AM
كتاب ( بدائع الفوائد ) كتاب قيّم لابن قيّم الجوزيّة ، فيه فوائد في علوم ومواضيع مختلفة ومنوّعة .
والمقتبس هنا مفيد وطريف ؛ فهو يصنّف الناس من حيثُ الفائدة من مخالطتهم .. واختيار هذا النص يدلّ
على العقل الراجح للأكرم الأستاذ عبد الرحيم .
تحياتي له وتقديري
وهذا رابط تحميله بصيغة الـ bdf لمن أراد
http://www.4shared.com/office/KOUSLLYs/_-__.html

عبد الرحيم بيوم
17-08-2013, 08:04 PM
شكري لك اخي مصطفى
مرورك اسعدني وابهجني
وبوركت على رابط الكتاب باجمل طبعة كيف لا وهي باشراف العلامة المتفنن بكر ابو زيد رحمه الله

حفظك المولى

خليل حلاوجي
26-08-2013, 12:11 AM
فوائد جمة ... وواقع أليم هذه الأيام ونحن نجاور الثقلاء قلباً وعقلًا ...



لنا الله


تقبل مودتي أخي الحبيب.

سامية الحربي
27-08-2013, 09:09 PM
لا خير في المخالطة خصوصا في زماننا هذا إلا بين صحبة يصدق فيها قول الحكيم "وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا"

بديعة هذه الفريدة بوركت أستاذ عبدالرحيم على الإنتقاء المفيد. تحية وتقدير.

عبد الرحيم بيوم
31-08-2013, 02:26 PM
فوائد جمة ... وواقع أليم هذه الأيام ونحن نجاور الثقلاء قلباً وعقلًا ...



لنا الله


تقبل مودتي أخي الحبيب.
واقع متجدد دوما وتاصيل مفيد ونافع
بوركت اخي خليل

مودتي

ناديه محمد الجابي
01-09-2013, 11:08 AM
أن الصاحب جسر إلى الرحمة أو اللعنة ، والصديق سائق إلى الجنة أو النار
، لذا قصَّ الله تعالى علينا في القرآن قصة يوم الندم فقال :
﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ﴾ [ الفرقان : 27-28 ].

فإذا وجدت الصالحين يهربون منك ولم تجد حولك غير قساة القلوب ،
فاعلم أنك أنت السبب ، فلا يدخل الضوء مكانا حتى يطرد الظلام ،
ولا يملؤ العسل وعاءً مُلئ بالعلقم.

بارك الله فيك أخي عبد الرحيم على قيم ما أحضرت
وبارك الله في ابن القيم على قيم ما كتب
جمعنا الله في جنانه وتحت ظل عرشه
كما جمعنا هنا على حبه وطاعته.

ربيحة الرفاعي
18-09-2013, 01:44 PM
اقتباس قيّم ونقل يشهد لصاحبه بالوعي والاطلاع في تدبّر

تم عمل نسخة من مشاركة الأستاذ مصطفى برابط الكتاب بصيغة pdf في مكتبة الواحة

دمتم بروعتكم

تحاياي

عبد الرحيم بيوم
24-09-2013, 11:51 AM
لا خير في المخالطة خصوصا في زماننا هذا إلا بين صحبة يصدق فيها قول الحكيم "وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا"

بديعة هذه الفريدة بوركت أستاذ عبدالرحيم على الإنتقاء المفيد. تحية وتقدير.
صدقت وافدت فبوركت

حفظك المولى

نداء غريب صبري
26-09-2013, 03:42 AM
لكن الإسلام يدعونا لمخالطة الناس والصبر على أذاهم كما صبر رسول الله

شكرا لك

بوركت

نادية بوغرارة
27-09-2013, 01:04 PM
بارك الله فيك و نفع بك .

شكرا لك .

عبد الرحيم بيوم
14-03-2014, 11:36 PM
أن الصاحب جسر إلى الرحمة أو اللعنة ، والصديق سائق إلى الجنة أو النار
، لذا قصَّ الله تعالى علينا في القرآن قصة يوم الندم فقال :
﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ﴾ [ الفرقان : 27-28 ].

فإذا وجدت الصالحين يهربون منك ولم تجد حولك غير قساة القلوب ،
فاعلم أنك أنت السبب ، فلا يدخل الضوء مكانا حتى يطرد الظلام ،
ولا يملؤ العسل وعاءً مُلئ بالعلقم.

بارك الله فيك أخي عبد الرحيم على قيم ما أحضرت
وبارك الله في ابن القيم على قيم ما كتب
جمعنا الله في جنانه وتحت ظل عرشه
كما جمعنا هنا على حبه وطاعته.
صدقت فالطيور على اشكالها تقع
والنفوس تتجاذب لمثيلاتها
نسال الله توفيقه وتسديده
اسعدني مرورك اختي الفاضلة

عبد الرحيم بيوم
02-05-2014, 09:06 PM
اقتباس قيّم ونقل يشهد لصاحبه بالوعي والاطلاع في تدبّر

تم عمل نسخة من مشاركة الأستاذ مصطفى برابط الكتاب بصيغة pdf في مكتبة الواحة

دمتم بروعتكم

تحاياي

وتحياتي لك استاذتي واختي الكريمة
حفظك المولى

د. سمير العمري
01-06-2014, 12:17 AM
نقل جميل وتصنيف صحيح وكنت قد قسمت الناي أنا في قصيدة قديمة لي بأن الناس على أنواع ثلاثة ؛ بر وغر وشر وأزعم أنه أدق وصفا وأشمل حصرا.

وعلى العموم يظل التصنيف قائما يدور في هذه الفروع الثلاثة ، والذي أحب أن اقوله هنا هو أن مخالطة الناس هي من أعظم الأمور وأشدها على النفس فهي الكأس الذي لا بد منه سما كان أو عسلا ، وما سمي أولي العزم من الرسل إلا لأنهم من جالد الناس وصبر على أذاهم تبليغا للرسالات.

تقديري

كاملة بدارنه
14-08-2014, 06:02 PM
القسم الرابع من مخالطته الهلك كله ومخالطته بمنزلة أكل السم فإن اتفق لأكله ترياق وإلا فأحسن الله فيه العزاء وما أكثر هذا الضرب في الناس لا كثرهم الله
فعلا هذا النّوع المؤذي موجود بكثرة أعاننا الله!
شكرا لك
تقديري وتحيّتي