بندر الصاعدي
28-08-2013, 01:31 AM
سَلِ الأَرْضَ عِنْهُ تَبْتَدِرْكَ هِضَابُهَا=وَإِنْ لَمْ تَسَلْهَا أَخْبَرَتْكَ شِعَابُهَا
فَتَى الهِمَّةِ العَلْيَاءِ وَالغَايَةِ التِي=عَسِيرٌ عَلَى غَيْرِ العِظَامِ طِلابُهَا
فَتَى الدَّعْوَةِ الغَرَّاءِ وَالسِّيرَةِ التِي=عَلَى اللهِ أَضْحَى أَجْرُهَا وَثَوَابُهَا
فَتَى الحَزْمِ وَالإِقْدَامِ وَالحَقِّ وَالتُّقَى=فَتًى تَفْتَدِيهِ بِالنِّفُوسِ صِحَابُهَا
تَجَشَّمَ فِي الإِسْلامِ مَا يُذْهِلُ النُّهَى=عَرَاقِيلَ تُعْيِيِ الصَّامِدِينَ صِعَابُهَا
تَمُوتُ نُفُوسٌ دُونَهَا هَلَعًا كَمَا=تَهَشَّمُ مِنْ صُمِّ الصُّخُورِ صِلابُهَا
تَجَشَّمَ مَا تُعْيِي وَتُقْذِي سُفُوحُهَا=وَتُدْمِي وَتُرْدِي فِي عَنَاءٍ هِضَابُهَا
هَوَائِلَ فِي أَفْرِيقِيَا وَغَوَائِلاً=رَمَتْهُ صَحَارِيهَا بِهِنَّ وَغَابُهَا
وَأْوحَالُهَا مَا غَاصَ فِيهَا وَمَا طَفَا=وَأَدْغَالُهَا آسَادُهَا وِذِئَابُهَا
وَأَنْوَاؤُهَا قَرًّا وَحَرًّا تَنَاوُبًا=عَلَى النَّفْسِ حَتَّى يَعْتَرِيهَا اضْطِرَابُهَا
وَأَمْصَارُهَا تَشْكُو السَّمَاوَاتِ جَدْبَهَا=وَإِنْ خَصِبَتْ حِينًا لَحَاهَا سَحَابُهَا
عَلَى أَرْضِهَا كَمْ حَيَّةٍ مَاتَ بَعْضُهَا=وَكَمْ مَيْتَةٍ وَدَّ الفِرَارَ إِهَابُهَا
بِمَخْمَصَةٍ لِلْوَحْشِ تَصْطَادُ إِنْسَهَا=فَيَشْبَعُ مِنْهَا نَسْرُهَا وَعُقَابُا
وَأُخْرَى بِأَوْبَاءٍ شَبِيهَاتِ أَنْسُرٍ=عَدَا أَنَّها نَامُوسُهَا وَذُبَابُهَا
تَخَالُ أَنَاسِيَّ البِلادِ وُحُوشَهَا=تَرُوعُكَ لَوْلا نُطْقُهَا وَثِيَابُهَا
تَجَشَّمَ بِالتَّوْحِيدِ لَيْسَ سِلاحُهُ=سِوَاهُ دَيَارًا أَكْبَرَتْهُ رِحَابُهَا
وَرَاعَ دَهَاقِينَ الكَنَائِسِ أَعْزَلاً=تَكَسَّرُ بِالصَّبْرِ الطَّويلِ حِرابُهَا
وَمَا رَاعَهُ إِلا الرَّدَى يُدْرِكُ الفَتَى=وَلَيْسَ لَهُ مِنْ مُنْجِيَاتٍ يُثَابُهَا
يُعِدُّونَ لِلتَّضْلِيلِ كُلَّ نَفِيسَةٍ=أَعَدَّ لَهَا مَا لَا يُطَاقُ احْتِرَابُهَا
شَهَادَةَ تَوْحِيدٍ مَشَيدٍ عَمَادُهَا=وَدَعْوةَ حَقٍّ مُسْتَبِينٍ خِطَابُهَا
رَمَى كُلَّ طَاغُوتٍ بِهَا فَذَوَى وَمَا=ذَوَى القَوْسُ مِنْهُ وَالشَّهَادَةُ قَابُهَا
فَتًى شَادَ فِي الإِسْلامِ خَيْرَ مَعَالِمٍ=تَنُوءُ نَوَاحِيهَا وَتَسْمُو قِبَابُهَا
فَفِيهِ إِذَا مَا جَدَّتِ النّفْسُ عِزُّهَا=وَفِي غَيْرِهِ خُذْلانُهَا وَتَبَابُهَا
فَتَى شَاخَ فِي هَدْيِ النَّبِيِّ مُبْلِغًا=رَسَالتَهُ كِيمَا يَظَلَّ شَبَابُهَا
تَقِلُّ الأَقَاصِي وَالأَدَانِي فِعَالَهُ=سَمَاءَ عَطَاءٍ لَيْسَ يَخْفَى شِهَابُهَا
فَتًى شَيْخُ أَشْيَاخٍ ورَائِدُ دَعْوَةٍ=وَجَوَّابُ آفَاقٍ عَصِيِّ رِكَابُهَا
فَتًى شَاخَ فِي الإِسْلامِ عِلْمًا وَسِيرَةً=تَجِلُّ وَلَمَّا يَأْتِ بَعْدُ كِتَابُهَا
وَمَنْ غَيْرُهُ الشَّيْخُ السُّمَيْطُ صَنِيعُهُ=بِحَجْمٍ بِحُورٍ مُسْتَفِيضٍ عُبَابُهَا
وَهَتْ دُوَلٌ دُونَ الذِي هُوَ بَاذِلٌ=تَهَابُ مَسَاعِيهِ وَلَيْسَ يَهَابُهَا
وَلَوْ كَانَ فِي مَسْعَاهُ إِسْلامُ وَاحِدٍ=لَمَفْخَرَةٌ يُعِيِي الكَثِيرَ اكْتِسَابُهَا
فَكَيْفَ بِأَقْوَامٍ وَشَتَّى لُغَاتُهُمْ=وَأَهْوَاؤُهُ ْ مِمَّا يَطُولُ حِسَابُهَا
لَذَاكَ لَعَمْرُ اللهِ نَهْجُ نُبُوَّةٍ=بِخَيْرِ عِبَادِ الله تَمَّ نِصَابُهَا
عَلَى إِثْرِهِ حِيزَ الكَمَالُ وَيُبْتَغَى=وَفِي هَدْيِهِ خَيْرُ الوَرَى وَصَوَابُهَا
بِهِ عِزَّةٌ تُرْقِي الذُّرَا كُلَّ مُهْتَدٍ=وَمِنْ دُونِ ذَاكُمْ ذِلَّةٌ سَاءَ صَابُهَا
وَحَسْبُكَ هذَا الدِّينُ عِزًّا وَرِفْعَةً=وَإِنْ غَرِّتِ الدُّنْيَا وَذَلِكَ دَابُهَا
لِإِعْلائِهِ لا رَيْبَ تُبْذَلُ أَنْفُسٌ=لِدَعْوَةِ غَيْرِ اللهِ لَيْسَ انْتِسَابُهَا
وَهَا قَدْ قَضَى الدَّاعِي إِلَى اللهِ نَحْبَهُ=وَللنِّاسِ حُزْنٌ لا يُطَاقُ انْتِحَابُهَا
عَلَى فَقْدِهِ تَبْكِي القَبَائِلُ وَالقُرَى=دُمُوعًا تَجَلَّى لِلمَعَالِي انْسَكَابُهَا
بِقدْرِ عَظِيمِ الحُبِّ جَاشَتْ صُدُورُهَا=وَمَالَتْ بِتِسْكَابِ الدُمُوعِ رِقَابُهَا
فَقَدْنَاكَ يَا ذُخْرَ الدَّعَاةِ وَإِنَّنَا=أَلِفْنَاكَ شَمْسًا لا يُطَاقُ غِيَابُهَا
يُشَيِّعُكَ الخَلْقُ الذِينَ بِكَ اسْلَمُوا=مَلايِينُ عَنْ بُعْدٍ يَجِلُّ مُصَابُهَا
لَفَقَدْ يَدٍ فِي الخَيْرِ يَزْخَرُ دَّرُّهَا=عَلَى فُقَراءٍ مَا كَفَتْهَا قِرَابُهَا
عَلَى الطَّفْلِ تَحْنُو يُذْهِلُ العَيْنَ حَجْمُهُ=عِظَامٌ بِلا لَحْمٍ يَدَاهُ جِرَابُهَا
عَلَى الشَّيْخِ مَنْهُوكَ القَوَامِ بِهَيْأَةٍ=تُرَجِّي المَنَايَا عَلَّ يُفْتَحُ بَابُهَا
عَلَى أُسَرٍ فَضْلُ النَّبَاتِ فِرَاشُهَا=وَأَسْقُفُهَا جُدْرَانُهَا وَقِبَابُهَا
حُبُوبٌ يُنَاوِيهَا الفَسَادُ طَعَامُهَا=وَآسِنُ أَوْشَالِ الوُحُولِ شَرَابُهَا
لِفَقْدِ خُطًى فِي اللهِ تَسْعَى حَثِيثَةً=فَجْيْئَتُهَا شُكْرٌ وَهَدْيٌ ذَهَابُهَا
مَوَاطِئُهَا صَخْرٌ وَوَعْرُ وَسَبْخَةٌ=إِذَا الأَرْضُ للأَقْوَامِ لانَ تُرَابُهَا
فَكَمْ جَبِلٍ جَابَتْ وَوَادٍ وَغَابَةٍ=وَمَسْتَنْقَعَا ٍ ألأَفَاعِي حَبَابُهَا
تَرُومُ بِلادَ الجَهْلِ وَالفَقْرِ بِالهُدَى=فَيُطْلِعُهَا شَمْسًا يَعِزُّ حِجَابُهَا
لِفَقْدِ عُيُونٍ بِالبَصِيرَةٍ أَبْصَرَتْ=مُعَانَاةَ أَقَوْامٍ تَنَاهَى اكْتِئَابُهَا
تَفَقَّدُ مَا يُرْجَى وَإِلا فَغَضَّةٌ=عَلَى أَدْمُعٍ حَرَّى يُذِيبُ الْتِهَابُهَا
لِفَقْدِ لِسَانٍ لَقَّنَ القَوْمَ ذِكْرَهُمْ=شَهَادَةَ تَوْحِيدٍ عَظِيمٍ ثَوَابُهَا
فَكَمْ مُسْلِمٍ مِنْ بَعْدِ جَهْلٍ وَظُلْمَةٍ=وَكَمْ قَرْيَةٍ بِالنُورِ شَعَّتْ رِحَابُهَا
جَزَاكَ عَظِيمُ المَنِّ عَنْهُمْ مَثُوبَةً=وَمَغْفِرَةً جَنَّاتِ عَدْنٍ تُثَابُهَا
وَأَنْزَلَ مِنْ فَضْلٍ شَآبِيبَ رَحْمَةٍ=تَجُودُ عَلَى مَثْوَاكَ ضَافٍ سَحَابُهَا
وَبَارَكَ فِي عِلْمٍ وَإِرْثٍ تَرَكْتَهُ=وَآثَارَ خَيْرٍ جَلَّ عَنَّا اكْتِتَابُهَا
فَإِنْ مِتْ ما مَاتَتْ فِعَالُكَ فِي الوَرَى=تُجَازِيكَ دَعْوَاتٍ بِهَا تُسْتَجَابُهَا
بِمَا بِكَ مِنْ أَدْوَاءَ لَمْ تَنِ هِمَّةً=مَسَاعِيكَ فِي الخَيْرَاتٍ زَاكٍ عُجَابُهَا
فَفِيكَ أُعزِّي أَمَّةً الخَيرِ كُلِّهَا=بَتَعْزِيَةٍ خَيرُ الدُّعَاءِ لُبَابُهَا
وَأَهْلِيكَ خَيْرَ الأَهْلِ كَمْ قَدْ صَحِبْتَهُمْ=فَطُوبَى لَهُمْ مَسْعَاكَ طُوبَى انْتِسَابُهَا
رَحَلْتَ عَنِ الدُّنْيَا الغَرُورِ مُقَدِّمًا=لِنَفْسِكَ مَا يَرْجُوهُ مِنْهَا مَآبُهَا
وَمَا المَرْءُ إِلا مَا يُقَدِّمُ فَلْتَنَمْ=وَنَفْسُكَ عِنْدَ اللهِ يُسْرٌ حِسَابُهَا
لَقَدْ رَجَعَتْ مَرْضِّيَّةً مُطْمَئِنَّةً=يُيَمَّنُ فِي يَوْمِ الحِسَابِ كِتَابُهَا
كَذَلِكَ نَرْجُو حُسْنَ ظَنٍّ بِرَبِّنَا=يُجَازِي عَبَادًا فِيهِ كَانَ احْتِسَابُهَا
وَفِي رِفْعَةِ الإسْلامِ كَانَ ذَهَابُهَا=حَيَاةً تَسَامَتْ بِالهُدَى وَإِيَابُهَا
وَإِقْدَامُهَا نَحْوَ العُلا وَخِطَابُهَا=بِحَقٍّ لِإِصْلاحِ الوَرَى واغْتِرَابُهَا
فَتَى الهِمَّةِ العَلْيَاءِ وَالغَايَةِ التِي=عَسِيرٌ عَلَى غَيْرِ العِظَامِ طِلابُهَا
فَتَى الدَّعْوَةِ الغَرَّاءِ وَالسِّيرَةِ التِي=عَلَى اللهِ أَضْحَى أَجْرُهَا وَثَوَابُهَا
فَتَى الحَزْمِ وَالإِقْدَامِ وَالحَقِّ وَالتُّقَى=فَتًى تَفْتَدِيهِ بِالنِّفُوسِ صِحَابُهَا
تَجَشَّمَ فِي الإِسْلامِ مَا يُذْهِلُ النُّهَى=عَرَاقِيلَ تُعْيِيِ الصَّامِدِينَ صِعَابُهَا
تَمُوتُ نُفُوسٌ دُونَهَا هَلَعًا كَمَا=تَهَشَّمُ مِنْ صُمِّ الصُّخُورِ صِلابُهَا
تَجَشَّمَ مَا تُعْيِي وَتُقْذِي سُفُوحُهَا=وَتُدْمِي وَتُرْدِي فِي عَنَاءٍ هِضَابُهَا
هَوَائِلَ فِي أَفْرِيقِيَا وَغَوَائِلاً=رَمَتْهُ صَحَارِيهَا بِهِنَّ وَغَابُهَا
وَأْوحَالُهَا مَا غَاصَ فِيهَا وَمَا طَفَا=وَأَدْغَالُهَا آسَادُهَا وِذِئَابُهَا
وَأَنْوَاؤُهَا قَرًّا وَحَرًّا تَنَاوُبًا=عَلَى النَّفْسِ حَتَّى يَعْتَرِيهَا اضْطِرَابُهَا
وَأَمْصَارُهَا تَشْكُو السَّمَاوَاتِ جَدْبَهَا=وَإِنْ خَصِبَتْ حِينًا لَحَاهَا سَحَابُهَا
عَلَى أَرْضِهَا كَمْ حَيَّةٍ مَاتَ بَعْضُهَا=وَكَمْ مَيْتَةٍ وَدَّ الفِرَارَ إِهَابُهَا
بِمَخْمَصَةٍ لِلْوَحْشِ تَصْطَادُ إِنْسَهَا=فَيَشْبَعُ مِنْهَا نَسْرُهَا وَعُقَابُا
وَأُخْرَى بِأَوْبَاءٍ شَبِيهَاتِ أَنْسُرٍ=عَدَا أَنَّها نَامُوسُهَا وَذُبَابُهَا
تَخَالُ أَنَاسِيَّ البِلادِ وُحُوشَهَا=تَرُوعُكَ لَوْلا نُطْقُهَا وَثِيَابُهَا
تَجَشَّمَ بِالتَّوْحِيدِ لَيْسَ سِلاحُهُ=سِوَاهُ دَيَارًا أَكْبَرَتْهُ رِحَابُهَا
وَرَاعَ دَهَاقِينَ الكَنَائِسِ أَعْزَلاً=تَكَسَّرُ بِالصَّبْرِ الطَّويلِ حِرابُهَا
وَمَا رَاعَهُ إِلا الرَّدَى يُدْرِكُ الفَتَى=وَلَيْسَ لَهُ مِنْ مُنْجِيَاتٍ يُثَابُهَا
يُعِدُّونَ لِلتَّضْلِيلِ كُلَّ نَفِيسَةٍ=أَعَدَّ لَهَا مَا لَا يُطَاقُ احْتِرَابُهَا
شَهَادَةَ تَوْحِيدٍ مَشَيدٍ عَمَادُهَا=وَدَعْوةَ حَقٍّ مُسْتَبِينٍ خِطَابُهَا
رَمَى كُلَّ طَاغُوتٍ بِهَا فَذَوَى وَمَا=ذَوَى القَوْسُ مِنْهُ وَالشَّهَادَةُ قَابُهَا
فَتًى شَادَ فِي الإِسْلامِ خَيْرَ مَعَالِمٍ=تَنُوءُ نَوَاحِيهَا وَتَسْمُو قِبَابُهَا
فَفِيهِ إِذَا مَا جَدَّتِ النّفْسُ عِزُّهَا=وَفِي غَيْرِهِ خُذْلانُهَا وَتَبَابُهَا
فَتَى شَاخَ فِي هَدْيِ النَّبِيِّ مُبْلِغًا=رَسَالتَهُ كِيمَا يَظَلَّ شَبَابُهَا
تَقِلُّ الأَقَاصِي وَالأَدَانِي فِعَالَهُ=سَمَاءَ عَطَاءٍ لَيْسَ يَخْفَى شِهَابُهَا
فَتًى شَيْخُ أَشْيَاخٍ ورَائِدُ دَعْوَةٍ=وَجَوَّابُ آفَاقٍ عَصِيِّ رِكَابُهَا
فَتًى شَاخَ فِي الإِسْلامِ عِلْمًا وَسِيرَةً=تَجِلُّ وَلَمَّا يَأْتِ بَعْدُ كِتَابُهَا
وَمَنْ غَيْرُهُ الشَّيْخُ السُّمَيْطُ صَنِيعُهُ=بِحَجْمٍ بِحُورٍ مُسْتَفِيضٍ عُبَابُهَا
وَهَتْ دُوَلٌ دُونَ الذِي هُوَ بَاذِلٌ=تَهَابُ مَسَاعِيهِ وَلَيْسَ يَهَابُهَا
وَلَوْ كَانَ فِي مَسْعَاهُ إِسْلامُ وَاحِدٍ=لَمَفْخَرَةٌ يُعِيِي الكَثِيرَ اكْتِسَابُهَا
فَكَيْفَ بِأَقْوَامٍ وَشَتَّى لُغَاتُهُمْ=وَأَهْوَاؤُهُ ْ مِمَّا يَطُولُ حِسَابُهَا
لَذَاكَ لَعَمْرُ اللهِ نَهْجُ نُبُوَّةٍ=بِخَيْرِ عِبَادِ الله تَمَّ نِصَابُهَا
عَلَى إِثْرِهِ حِيزَ الكَمَالُ وَيُبْتَغَى=وَفِي هَدْيِهِ خَيْرُ الوَرَى وَصَوَابُهَا
بِهِ عِزَّةٌ تُرْقِي الذُّرَا كُلَّ مُهْتَدٍ=وَمِنْ دُونِ ذَاكُمْ ذِلَّةٌ سَاءَ صَابُهَا
وَحَسْبُكَ هذَا الدِّينُ عِزًّا وَرِفْعَةً=وَإِنْ غَرِّتِ الدُّنْيَا وَذَلِكَ دَابُهَا
لِإِعْلائِهِ لا رَيْبَ تُبْذَلُ أَنْفُسٌ=لِدَعْوَةِ غَيْرِ اللهِ لَيْسَ انْتِسَابُهَا
وَهَا قَدْ قَضَى الدَّاعِي إِلَى اللهِ نَحْبَهُ=وَللنِّاسِ حُزْنٌ لا يُطَاقُ انْتِحَابُهَا
عَلَى فَقْدِهِ تَبْكِي القَبَائِلُ وَالقُرَى=دُمُوعًا تَجَلَّى لِلمَعَالِي انْسَكَابُهَا
بِقدْرِ عَظِيمِ الحُبِّ جَاشَتْ صُدُورُهَا=وَمَالَتْ بِتِسْكَابِ الدُمُوعِ رِقَابُهَا
فَقَدْنَاكَ يَا ذُخْرَ الدَّعَاةِ وَإِنَّنَا=أَلِفْنَاكَ شَمْسًا لا يُطَاقُ غِيَابُهَا
يُشَيِّعُكَ الخَلْقُ الذِينَ بِكَ اسْلَمُوا=مَلايِينُ عَنْ بُعْدٍ يَجِلُّ مُصَابُهَا
لَفَقَدْ يَدٍ فِي الخَيْرِ يَزْخَرُ دَّرُّهَا=عَلَى فُقَراءٍ مَا كَفَتْهَا قِرَابُهَا
عَلَى الطَّفْلِ تَحْنُو يُذْهِلُ العَيْنَ حَجْمُهُ=عِظَامٌ بِلا لَحْمٍ يَدَاهُ جِرَابُهَا
عَلَى الشَّيْخِ مَنْهُوكَ القَوَامِ بِهَيْأَةٍ=تُرَجِّي المَنَايَا عَلَّ يُفْتَحُ بَابُهَا
عَلَى أُسَرٍ فَضْلُ النَّبَاتِ فِرَاشُهَا=وَأَسْقُفُهَا جُدْرَانُهَا وَقِبَابُهَا
حُبُوبٌ يُنَاوِيهَا الفَسَادُ طَعَامُهَا=وَآسِنُ أَوْشَالِ الوُحُولِ شَرَابُهَا
لِفَقْدِ خُطًى فِي اللهِ تَسْعَى حَثِيثَةً=فَجْيْئَتُهَا شُكْرٌ وَهَدْيٌ ذَهَابُهَا
مَوَاطِئُهَا صَخْرٌ وَوَعْرُ وَسَبْخَةٌ=إِذَا الأَرْضُ للأَقْوَامِ لانَ تُرَابُهَا
فَكَمْ جَبِلٍ جَابَتْ وَوَادٍ وَغَابَةٍ=وَمَسْتَنْقَعَا ٍ ألأَفَاعِي حَبَابُهَا
تَرُومُ بِلادَ الجَهْلِ وَالفَقْرِ بِالهُدَى=فَيُطْلِعُهَا شَمْسًا يَعِزُّ حِجَابُهَا
لِفَقْدِ عُيُونٍ بِالبَصِيرَةٍ أَبْصَرَتْ=مُعَانَاةَ أَقَوْامٍ تَنَاهَى اكْتِئَابُهَا
تَفَقَّدُ مَا يُرْجَى وَإِلا فَغَضَّةٌ=عَلَى أَدْمُعٍ حَرَّى يُذِيبُ الْتِهَابُهَا
لِفَقْدِ لِسَانٍ لَقَّنَ القَوْمَ ذِكْرَهُمْ=شَهَادَةَ تَوْحِيدٍ عَظِيمٍ ثَوَابُهَا
فَكَمْ مُسْلِمٍ مِنْ بَعْدِ جَهْلٍ وَظُلْمَةٍ=وَكَمْ قَرْيَةٍ بِالنُورِ شَعَّتْ رِحَابُهَا
جَزَاكَ عَظِيمُ المَنِّ عَنْهُمْ مَثُوبَةً=وَمَغْفِرَةً جَنَّاتِ عَدْنٍ تُثَابُهَا
وَأَنْزَلَ مِنْ فَضْلٍ شَآبِيبَ رَحْمَةٍ=تَجُودُ عَلَى مَثْوَاكَ ضَافٍ سَحَابُهَا
وَبَارَكَ فِي عِلْمٍ وَإِرْثٍ تَرَكْتَهُ=وَآثَارَ خَيْرٍ جَلَّ عَنَّا اكْتِتَابُهَا
فَإِنْ مِتْ ما مَاتَتْ فِعَالُكَ فِي الوَرَى=تُجَازِيكَ دَعْوَاتٍ بِهَا تُسْتَجَابُهَا
بِمَا بِكَ مِنْ أَدْوَاءَ لَمْ تَنِ هِمَّةً=مَسَاعِيكَ فِي الخَيْرَاتٍ زَاكٍ عُجَابُهَا
فَفِيكَ أُعزِّي أَمَّةً الخَيرِ كُلِّهَا=بَتَعْزِيَةٍ خَيرُ الدُّعَاءِ لُبَابُهَا
وَأَهْلِيكَ خَيْرَ الأَهْلِ كَمْ قَدْ صَحِبْتَهُمْ=فَطُوبَى لَهُمْ مَسْعَاكَ طُوبَى انْتِسَابُهَا
رَحَلْتَ عَنِ الدُّنْيَا الغَرُورِ مُقَدِّمًا=لِنَفْسِكَ مَا يَرْجُوهُ مِنْهَا مَآبُهَا
وَمَا المَرْءُ إِلا مَا يُقَدِّمُ فَلْتَنَمْ=وَنَفْسُكَ عِنْدَ اللهِ يُسْرٌ حِسَابُهَا
لَقَدْ رَجَعَتْ مَرْضِّيَّةً مُطْمَئِنَّةً=يُيَمَّنُ فِي يَوْمِ الحِسَابِ كِتَابُهَا
كَذَلِكَ نَرْجُو حُسْنَ ظَنٍّ بِرَبِّنَا=يُجَازِي عَبَادًا فِيهِ كَانَ احْتِسَابُهَا
وَفِي رِفْعَةِ الإسْلامِ كَانَ ذَهَابُهَا=حَيَاةً تَسَامَتْ بِالهُدَى وَإِيَابُهَا
وَإِقْدَامُهَا نَحْوَ العُلا وَخِطَابُهَا=بِحَقٍّ لِإِصْلاحِ الوَرَى واغْتِرَابُهَا