المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شُرفة عراقية



سامية الحربي
29-08-2013, 10:17 PM
تحت عرجون قديم تلألأت مهجٌ مخمومة أرقها سُهدك. و لو تسنى لي أن أمسك بخيوط القصة من البداية و تسامح معي قلمي فجمع لي أركانه لهتفتُ جذلاً لا يتوقف قلبي عن إهداء أفراحه, أُلقي بالبسمات من منحدرات الأماني, أمزق الواقع المشهود , و أيمم وجهي شطر سمائك.
و لطالما وقفت ببابك و كلما هممت أن أطرقه قفلت من حيث أتيت. لا أزعم أني أعرف الكثير عنك فالمحدثون كُثر والحقيقة لا تقبل كثرة الأهواء. لذا جبتُ مدائنَ الكتبِ و طفقتُ أجمع صورك و أسأل الغادين عنك. كل ذالك لم يفلح في ثقب خرمٍ صغير في حائط برلين بيني و بينك. أنا التي لم أشهد من اسمك سوى ما أمّلتهُ صافرات إنذار قيل أنك تسببت في دويها و مشهدُ فتاةٍ لعوب تجهش على شاشات التلفاز ,كانت دموعها تأخذني لآخر شواطئ الخديعة لتعيدني و آلافٌ صفر اليدين من الحقيقة لأراها اليوم تشرب نخب خرابك كانت تزعم بالأمس أنها قد مسها لفحًا من ضره بعد أن تقطعت أواصر قربى.

اليوم عرفت لِمَ تتلاشى في كل لحظةٍ جزءًا من هويتك إفكًا التي نُسجت في ذاكرة طفولتي, وها أنا ذا أعاود الكرة وعيني ترمق بزهاءٍ أبهى عصورك بعد أن استحال واقعك الذي أبصرت للتو شيئًا منه خرابًا, و ثقبًا أسود يبتلع ضيائك صنعتهُ لحظاتُ سماعي صوتك المختنق.سأتناسى تلك المخلوقات التي غض العالم المسعور عن رؤيتها و ما فعله و يفعله بهم كل يوم فسفور عبد بني صهيون ,و سأكذب أرقام تحصي الأيتام في دار السلام و ما جاورها وسألعن من يأتيني بقصص تَهتُك الإنسانية في أقبة الزبانية.
لكن أصدقكم القول أنّي اليوم لا أعرف بغداد !!

أخاطبك اليوم فلا تردين سوى بالأنين. و طفقت تغزلين قصة الحنين فتتشابه عليك الحوادث العظام و مسارحها. و تعجبتِ بماذا تبتدرين؟ أبتلك التي أتت تخطر إليك في سقمٍ تجر طفلاً و العين خافضةً و الخطو مثقل؟!
رأيتُ توائِمُك كلهن تلك الأرملةُ التي شابت قبل أوانها و حسنها كحزنها لا يفارقها. استطالت بها فجائع الدهر حتى أنستها مواسم التبسم والضحك ,و غدت حبيسة صدرها. و أنى لها أن تَطلْ والأفق يضوع برائحة الدماء و الأرض تفترشه أجساد مبعثرة اصطف بعضها في طوابير الموت! . سألتها عن حالها سؤال متجاهل لا جاهل فلم ترد. أطرقت برأسها فخلتُ أن الكون بأسره قد اطرق معها. بادرتها :" إَلا يقال بأنكم للعرب جمجمةٌ و للرجال كنزٌ وللأمصار مادةٌ و رمح الله في الأرض الذي لا ينكسر؟! " تبسمت من قولي .حاولت أن أنفث فيها الروح فألقمتني جروح. لم تعد هي تلك الحسناء التي قادني البغدادي في تاريخه عبر دروبها , ولم تعد تلك القطعة الفردوسية التي تنمو فيها الدور على مد ظلال نخيلها . أحقًا دجلتها وفراتها تحولا إلى نهري دمع يغص بهما كل طائر ؟
و كلما غمست مدادي في محبرة سنيك العجاف سال النجيع على صفحاتي البيض فاستعذت بالرحمن وجلةً متدثرةً بأملٍ جذوب و وردت معينًا آخر من أطرافك الساهدة فيفيض الموت من كل مكان.
بغداد! أخبروني أنك توأدين وتبعثين في كل حول مرةً أو مرتين فمتى أشهد قيامتك؟
بغداد! ما مضى ليس زمانك ولا ذاك عنوانك ,ليس هذا خير ما يعرف عنك ولا بهذا سدتِ قرونًا تطاول فيها شامخًا عنفوانك.
يا أيتها الدار التي بقيتْ خاويةٌ على عروشها بين ليلة وضحاها ! لا أملك لك من الله شيئًا لكن فجرك آتٍ فلا تبتئس بما كانوا يفعلون.
ويا أيها الشاعر الذي خط الشيب مفرقه, و تشتت أبناؤه و أحفاده في قارات متباعدات! دونك طي المسافات تحت هدير فرسان يمتشقون الفجر و تصهل لهم الريح فأعد لهم قصائد النور و إن تلاها أحفادك من بعدك.
و "جندٌ بالعراق" نبوءة الذي لا ينطق عن الهوى ,وغدائر مجدٍ لا تحجبها الظنون .فهنيئًا لك أيها الفارس الذي اجتمعت عليك قوى العالم فأبى الله إلا أن يذل عدوك ويدني وقت ترجلك و وطئك ثرى هارون و جمع أشتاتك و لعله أقرب إليك من شراك نعلك في دنيا جمعتها بين كفيكَ من قبل و ألقيتها في حممِ السراب أو في مقامات الخلود المُتزينة لك و صليل غضبك حممٌ تقذف بها جحافل الظلام.

فاطمه عبد القادر
30-08-2013, 02:07 AM
أخاطبك اليوم فلا تردين سوى بالأنين. و طفقت تغزلين قصة الحنين فتتشابه عليك الحوادث العظام و مسارحها. و تعجبتِ بماذا تبتدرين؟ أبتلك التي أتت تخطر إليك في سقمٍ تجر طفلاً و العين خافضةً و الخطو مثقل؟!

السلام عليكم
نص طويل جميل, يحوي اليأس والأمل ,والحزن والفرح ,والحنين والجفاء
لم تعد بغداد وحدها القابعة في بئر عميق من الظلمة ,الوطن العربي كله اليوم يئن تحت وطأة ربيعه الذي اخترعوه في غفلة من الشعوب ,
نتمنى الأفضل لشعوب قد سُحقت منذ قرنين من الزمن ,وما زالت تُسحق في ساحات من حروب لم نعد نعلم ما هي .
كل الشكر لك غصن الحربي
ماسة

كاملة بدارنه
03-09-2013, 08:46 PM
نزفت الكلمات جرح العراق وسالت أسى على حالها ومجدها وعزّها
بورك القلم والمشاعر المخلصة
تقديري وتحيّتي

براءة الجودي
03-09-2013, 08:50 PM
على الرغم من طول النص وحزنه إلا أنه يحمل إحساسا رائعا وهما للأمة , رأيتُ فيه عزة وفخرا نحاول استعادتها اليوم بالمناضلة ودفع أهل الظلم وزجرهم بالقوة فما عاد يجدي معهم اللين والرضوخ
وهذا يتطلب منا تضحية وبذل نفس ومال .
أختاه ..
تكاد نساء المسلمين تتشابه وجوههن في حمل الأسى والحزن لكنهن قويات وشجاعات
ويكاد رجال المسلمين يتشابهون في الغربة والهموم لكنهم أبطال مناضلين
وماأولئك الخونة والعاجزين والغادرين فيهم إلا فئة من الصعاليك قليلة سنقضي عليها حينما نتسمك بالكتاب والسنة حق التمسك
فتعود العزة ويعود المجد ونعود لبناء الحضارات إن أصلحنا ذواتنا وأخلاقنا وديننا الذي سنسمو به فيطير كل هم ويهاجر كل غم وتستقر السعادة وإن كان التعب ملازما لنا في الدنيا فدوام الحال من المحال
وفي الجنة المستقر وعظيم الراحة إن شاءالله
تقديري واحترامي

سامية الحربي
07-09-2013, 06:37 AM
أخاطبك اليوم فلا تردين سوى بالأنين. و طفقت تغزلين قصة الحنين فتتشابه عليك الحوادث العظام و مسارحها. و تعجبتِ بماذا تبتدرين؟ أبتلك التي أتت تخطر إليك في سقمٍ تجر طفلاً و العين خافضةً و الخطو مثقل؟!

السلام عليكم
نص طويل جميل, يحوي اليأس والأمل ,والحزن والفرح ,والحنين والجفاء
لم تعد بغداد وحدها القابعة في بئر عميق من الظلمة ,الوطن العربي كله اليوم يئن تحت وطأة ربيعه الذي اخترعوه في غفلة من الشعوب ,
نتمنى الأفضل لشعوب قد سُحقت منذ قرنين من الزمن ,وما زالت تُسحق في ساحات من حروب لم نعد نعلم ما هي .
كل الشكر لك غصن الحربي
ماسة

وعليكم السلام ورحمة الله الألماسة المورقة . ما كنت أن أن نصًا مهما تطاولت سطوره أن يرقع ما ألم بالعراق وليس له إلا أن يتأرجح بين الألم و الأمل .قضية العراق ليس ربيعًا عربيًا يصنعه أحدهم . قضية العراق تكابل الغدر و قلة الناصر. دمتِ بخير وعافية يا كريمة.

فاتن دراوشة
09-09-2013, 08:17 PM
نثيرة راقية بمضمونها ووعيها صيغت بأسلوب رائع

دام ألق حرفك غاليتي

محبّتي

سامية الحربي
11-09-2013, 09:28 PM
نزفت الكلمات جرح العراق وسالت أسى على حالها ومجدها وعزّها
بورك القلم والمشاعر المخلصة
تقديري وتحيّتي
و دمتِ أستاذتنا القديرة شجرة وارفة الظلال .خالص التحايا.

سهى رشدان
12-09-2013, 11:45 AM
غصت الحربي
أبدعت ِ
كل تقديري

ربيحة الرفاعي
29-09-2013, 09:19 PM
لفكرك ألق يميزه وفي لغتك متانة وفي تعبيرك جمالية
أثق أن قادم أدائك سيكون مبهرا وأراهن على ذلك أيتها الرائعة

دمت بخير

تحاياي

فوزي الشلبي
09-10-2013, 07:49 PM
الأخت غصن الحربي:

لا بأس على بغداد إن شدَّ عليها الضيم وخذلها الزمان والمكان...لكنها طائر الفينيق الذي يشهد حياة بعد احتراق وشموخا بعد كبوة...هو أهل الجبارين العراق وفلسطين...لا تصرعه العاديات وإنما يصرعها وينتصر عليها...هكذا يشهد التاريخ قيام الشموس بعد غروبها!

تقديري الكبير لقلم نازف بالبهاء!

أخوكم

سامية الحربي
28-10-2013, 08:08 PM
على الرغم من طول النص وحزنه إلا أنه يحمل إحساسا رائعا وهما للأمة , رأيتُ فيه عزة وفخرا نحاول استعادتها اليوم بالمناضلة ودفع أهل الظلم وزجرهم بالقوة فما عاد يجدي معهم اللين والرضوخ
وهذا يتطلب منا تضحية وبذل نفس ومال .
أختاه ..
تكاد نساء المسلمين تتشابه وجوههن في حمل الأسى والحزن لكنهن قويات وشجاعات
ويكاد رجال المسلمين يتشابهون في الغربة والهموم لكنهم أبطال مناضلين
وماأولئك الخونة والعاجزين والغادرين فيهم إلا فئة من الصعاليك قليلة سنقضي عليها حينما نتسمك بالكتاب والسنة حق التمسك
فتعود العزة ويعود المجد ونعود لبناء الحضارات إن أصلحنا ذواتنا وأخلاقنا وديننا الذي سنسمو به فيطير كل هم ويهاجر كل غم وتستقر السعادة وإن كان التعب ملازما لنا في الدنيا فدوام الحال من المحال
وفي الجنة المستقر وعظيم الراحة إن شاءالله
تقديري واحترامي

الشاعرة العزيزة براءة الجودي هي شرفة أطلتِ منها فاختزلت نصي الطويل في سطورك الحكيمة.دمت بهذا الوعي و الرقي دومًا .تقديري ومودتي.

سامية الحربي
06-11-2013, 04:42 PM
نثيرة راقية بمضمونها ووعيها صيغت بأسلوب رائع

دام ألق حرفك غاليتي

محبّتي

و دمتِ بخير غاليتي الشاعرة فاتن دراوشة.حماكِ البارئ.مودتي وتقديري.

أحمد الأستاذ
07-11-2013, 06:44 AM
الأديبة, غصن الحربي
نثرية جميلة , راقية الفكر
رغم التآمر والتخاذل,
لن تبق العراق في جيوب الليل,
سيبزغ فجرها, ولن تسقط الحدائق المعلقة
فوعد الله حق
كوني بخير

خليل حلاوجي
08-11-2013, 03:21 PM
بغداد تؤرق نبض قلوبنا .. وحروف مؤثثة ببوحها ، بمضمونها ، بصياغتها


رائع هذا النزيف رغم الأسى المختبئ بين السطور ..


تقديري ..

خلود محمد جمعة
10-11-2013, 09:47 PM
أنرثي بغداد
ام بغداد ترثينا
يا وطنا أضعناه فتاه كل ما فينا
أصيل حرفك كشوارع بغداد
نقي كمياه دجلة والفرات
عزة الوطن في نفوس ابنائه
دمت عزيزة
تحياتي للعراق

سامية الحربي
27-11-2013, 09:03 PM
غصت الحربي
أبدعت ِ
كل تقديري

شكرًا لك الأديبة سهى رشدان كوني بخير .دعواتي.

سامية الحربي
27-11-2013, 09:05 PM
لفكرك ألق يميزه وفي لغتك متانة وفي تعبيرك جمالية
أثق أن قادم أدائك سيكون مبهرا وأراهن على ذلك أيتها الرائعة

دمت بخير

تحاياي

والألق لكِ عنوانًا شاعرتنا القديرة.شرفت بك وبإطلالتك الكريمة. سددك الله .تحياتي كما يليق.

سامية الحربي
12-01-2014, 01:10 AM
الأخت غصن الحربي:

لا بأس على بغداد إن شدَّ عليها الضيم وخذلها الزمان والمكان...لكنها طائر الفينيق الذي يشهد حياة بعد احتراق وشموخا بعد كبوة...هو أهل الجبارين العراق وفلسطين...لا تصرعه العاديات وإنما يصرعها وينتصر عليها...هكذا يشهد التاريخ قيام الشموس بعد غروبها!

تقديري الكبير لقلم نازف بالبهاء!

أخوكم

صدقت أديبنا الكريم بغداد طائر الفينيق. ممتنة جدا لهذا التعقيب الأدبي الباذخ . تحياتي كما يليق.أصدق المنى.

سامية الحربي
12-01-2014, 01:13 AM
الأديبة, غصن الحربي
نثرية جميلة , راقية الفكر
رغم التآمر والتخاذل,
لن تبق العراق في جيوب الليل,
سيبزغ فجرها, ولن تسقط الحدائق المعلقة
فوعد الله حق
كوني بخير



سمع الله منك أديبنا الفاضل. ها هو العراق يسطر ملاحمه القادسية ليخرج من جيوب الليل. شكرًا جزيلاً لك و دمت أديبًا مسددًا. تحياتي.

سامية الحربي
06-02-2014, 06:53 PM
بغداد تؤرق نبض قلوبنا .. وحروف مؤثثة ببوحها ، بمضمونها ، بصياغتها


رائع هذا النزيف رغم الأسى المختبئ بين السطور ..


تقديري ..

نعم فبغداد تعرف كيف تحزن و كيف تغضب لتفرح. تقديري الكبير لمرورك الكريم الأديب الفاضل خليل حلاوجي. تحياتي.

نداء غريب صبري
09-02-2014, 01:16 PM
نثر جميل تحدث عن الجرح العراقي بأسلوب رائع
كم هو مؤثر هذا النص أختي

شكرا لك

بوركت

سامية الحربي
19-11-2014, 11:18 PM
أنرثي بغداد
ام بغداد ترثينا
يا وطنا أضعناه فتاه كل ما فينا
أصيل حرفك كشوارع بغداد
نقي كمياه دجلة والفرات
عزة الوطن في نفوس ابنائه
دمت عزيزة
تحياتي للعراق

و دمتِ عزيزة الأديبة المتألقة خلود .بوركتِ. أطيب التحايا و أصدق المنى.

سامية الحربي
19-11-2014, 11:19 PM
نثر جميل تحدث عن الجرح العراقي بأسلوب رائع
كم هو مؤثر هذا النص أختي

شكرا لك

بوركت

الشكر لكِ أختي العزيزة نداء. سلمتِ وسلمت شام العزة. كوني بخير. تحياتي.

د. سمير العمري
17-12-2015, 01:03 AM
حرف ملتزم جميل وأداء لغوي قوي وحس واع نبيل وأسلوب جزل متين. قرأت هنا نثرا راقيا بمحمول كريم فلا فض فوك!

ولقد اشتقنا لحرفك الكريم أختي الفاضلة فلا أوحش الله منك!

تقديري