المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سجين ( قصة قصيرة )



عدي بلال
07-09-2013, 04:26 PM
* أحياناً أجدني في خزانة أمي مختبئاً ، أسفل الخزانة ، خلف الملابس ، مغمض العينين
أنتظر أن يـُفتح باب الخزانة ، دون أن أتوقع من سيكون ؟ فأنـا لا أتقن فن التوقع ..


سجين



- يا عــم أمين ، قد جلبت لك الأغراض اليومية ككل صباح ، ووضعتها لك على عتبة الباب .

ثم إن الصبي انصرف ..


مشهد نهاري داخلي
السـاعة التاسعة صباحا
ً

تناول الجريدة في هدوء ٍ وقفل راجعاً إلى غرفته ، بينمـا القى تلك الأغراض على عتبة المنزل .
مستنداً بكتفه إلى الحائط ، شرع يقلب صفحات الجريدة ، ليس لشيء ، لكنها مجرد عادة ، ومن عادته أن يلتزم بالعادات ..!
يحافظ على طول ذقنه منذ سنوات ، دون أن يفكر - مثلاً - ماذا سيحدث لو طالت بضع ( سنتتيمترات ) ؟!

تطالعه جمادات غرفته في يأس ٍ ، وتحن إلى معانقة أشعة الشمس بعد طول غياب .
لم يتغير شيء في هذا المكان ، باستثناء شريط أسود وضع على إطار صورة ٍ ، لسيدة ٍ خمسينية ، خطت خطواتها الأخيرة هنا ، على هذه السجادة الوردية قبل عام ٍ ونيف .

الصمت يحتل ذرات غرفته ، يقطع سباته سعلة ٌ طويلة ٌ منهكة ٌ ، فتذكره بعلبة الدواء ، التي كانت تحضرها لـه كل مسـاء .
مــاداً يده إلى إلى صندوق ٍأحمر ، تناول العلبة في امتعاض ٍ ، عبرت عنه قسمات وجهه الخمسيني .
هو يمقت إحكام إغلاقها ، ويصر على أن المشكلة في الغطاء وليست في ارتعاشة أصابعه الدائمه .
تنـاول حبتين ، وكعادته أعاد إحكام إغلاقها بشدة ..!

على سريره ، ألقى الجريدة في سخط ٍ جلي ، وتمتم بعبارات آخرها ( نظارة ) ، وخطى خارج غرفته خطوتين ، ثم إنه توقف .
كان صوت جاره ِخلف باب بيته يحاور أحدهم ، ويصر بأن الجار موصى عليه من النبي المختار ، وبأنه حاول المساعدة دون جدوى ، وفشــل ..!
بيد أن كلماته لم تكن واضحة ً تماماً ، فالمسـافة كانت أبعد من سمعه الثقيل .
لوهلة ٍ إعتقد أنه سمع صوتاً يعرفه جيداً ، يشكر هذا الجار برقة ٍ ، فارتعش .

بخطوات ٍ حائرة ٍ مشى صوب الباب ، وصوب الصوت ِ ، فاختلطت حقيقة مشاعره في صدره المتعب ، والصوت يزداد وضوحاً ، ويحمل بين ثناياه رغبة ً وأملا ً بعد طول يأس .
وقف قبالة الباب في وجل ، يحملق في مقبض الباب ، ينشده التحرك ، شعر بعدها بحرقة ٍ تستوطن جفنيه ، وتكاد تندي مقلتيه من شدة الشوق لصاحبة الصوت ِ .

باب سجنه لا زال مغلقاً ، وصبره يرنو إلى يدٍ تفتحه ، ومقبض الباب يدور في فلكه ، فيرى كوكب عمره يتجسد أمام عينيه ، باسم الثغر ، باكي العين .
هي لا زالت في عينه طفلته المدللـه ، فكت ذات غفلة ٍ منه ظفائرها السوداء ، وزينت شعرها بخصلة ٍ شقراء ، كأمهــا ، وتعلمت المشي بصندل عــال .

ألقت حقائبها على عتبة المنزل ، فوق الأغراض ، وتسابقت خطاها مع الزمان إلى حضنه الدافيء .


تمت ..
7/7/2009م
السـاعة الحادية عشر ليلاً ..

براءة الجودي
07-09-2013, 07:39 PM
باب سجنه لا زال مغلقاً ، وصبره يرنو إلى يدٍ تفتحه ، ومقبض الباب يدور في فلكه ، فيرى كوكب عمره يتجسد أمام عينيه ، باسم الثغر ، باكي العين .

ماشاءالله أخي تمتلك قدرة على الوصف السهل والسلس والجميل الذي يجذب القارئ إضافة إلى اللغة الشاعرية في بعض المواضع كهذه العبارة التي اقتبستها شعرتُ بعمق وإحساس رائع
بوركت

آمال المصري
08-09-2013, 05:30 PM
نص اجتماعي رائع وسجين للذكريات والمرض لم يحرره من سجنه إلا صوت ابنته التي عادت فأعادت معها الدفء
لغة طيعة وسرد متين وخاتمة رائعة
وبطاقة تعريف لأديب وقاص قدير
بوركت .. ومرحبا بك في واحتك
تحاياي

كاملة بدارنه
09-09-2013, 05:41 PM
سرد ممتع وشائق بلغة معبّرة
بوركت
تقديري وتحيّتي

سهى رشدان
10-09-2013, 03:32 PM
قصة قوية
وسرد متقن
أمتعتني والله
كل تقديري

ناديه محمد الجابي
10-09-2013, 05:00 PM
جميل نصك مشوقا وتعابيره بارعة
سرد رائع لحالة أجدت تصويرها بلغة
ساحرة قوية وأسلوب متمكن.
قرات هنا لقلم واعد سيفرض نفسه
فأهلا بك بيننا .
تحياتي وودي.

عدي بلال
11-09-2013, 10:13 PM
ماشاءالله أخي تمتلك قدرة على الوصف السهل والسلس والجميل الذي يجذب القارئ إضافة إلى اللغة الشاعرية في بعض المواضع كهذه العبارة التي اقتبستها شعرتُ بعمق وإحساس رائع
بوركت

القديرة براءة الجودي

ممتنٌ لتواجدكٍ ، ولكلماتك الطيبة ..

التحايا أزكاها

عدي بلال
11-09-2013, 10:16 PM
نص اجتماعي رائع وسجين للذكريات والمرض لم يحرره من سجنه إلا صوت ابنته التي عادت فأعادت معها الدفء
لغة طيعة وسرد متين وخاتمة رائعة
وبطاقة تعريف لأديب وقاص قدير
بوركت .. ومرحبا بك في واحتك
تحاياي

القديرة آمال المصري

أسعدني تعقيبكِ ، وترحيبك الصادق ، وشهادةٌ أعتز بها أيتها الكريمة أصلها ..

شكراً لكِ

عدي بلال
11-09-2013, 10:18 PM
سرد ممتع وشائق بلغة معبّرة
بوركت
تقديري وتحيّتي


القديرة كاملة بدارنه

سعدت برأيكِ في قصة سجين ، وممتنٌ لتواجدكِ هنا .

لكِ الود ..

عدي بلال
11-09-2013, 10:19 PM
قصة قوية
وسرد متقن
أمتعتني والله
كل تقديري

الشاعرة سهى رشدان

سرني أنها قد نالت استحسانكِ

امتناني لكِ

عدي بلال
11-09-2013, 10:22 PM
جميل نصك مشوقا وتعابيره بارعة
سرد رائع لحالة أجدت تصويرها بلغة
ساحرة قوية وأسلوب متمكن.
قرات هنا لقلم واعد سيفرض نفسه
فأهلا بك بيننا .
تحياتي وودي.

القديرة نادية محمد

متأكدٌ أنا من صدق ترحيبكِ ، وأتشرف برأيكِ ، والقادم بإذن الله أجمل ..

شكراً أيتها الكريمة

ربيحة الرفاعي
01-10-2013, 10:56 PM
قص جميل بأسلوب سردي شائق زانته دقة التوصيف ومهارة تفصيله، ورسالة هادفة كريمة
غير أني قرأت هنا قصّة سبعيني في الخمسين من عمره، حيث لم أستوعب أن يتقوقع رجل في الخمسين بهذا الشكل
ربما خوفا أن ينسحب عليّ انا الخمسينية شئ من هذا

دمت وجميل الحرف مبدعنا

وأهلا بك في واحتك

تحاياي

عدي بلال
12-10-2013, 03:01 PM
قص جميل بأسلوب سردي شائق زانته دقة التوصيف ومهارة تفصيله، ورسالة هادفة كريمة
غير أني قرأت هنا قصّة سبعيني في الخمسين من عمره، حيث لم أستوعب أن يتقوقع رجل في الخمسين بهذا الشكل
ربما خوفا أن ينسحب عليّ انا الخمسينية شئ من هذا

دمت وجميل الحرف مبدعنا

وأهلا بك في واحتك

تحاياي

القديرة ربيحة الرفاعي

رأي أعتز به ، وبهمني فيما أكتب ، وسعادتي بأنها نالت استحسانكِ كبيرة .
أطل الله في عمركِ أستاذة ربيحة ، ولعل الظروف إذا اختلفت ، تباينت ردات الفعل ..!
شكراً لكِ على تنوير متصفحي بتعقيبك .
لكِ من الود وافره

نداء غريب صبري
04-11-2013, 12:22 AM
أسلوبك جميل ومشوق أخي وقدرتك على الوصف جعلتني مشدودة للقصة بقوة


شكرا لك أخي

بوركت

عدي بلال
24-08-2014, 07:32 AM
أسلوبك جميل ومشوق أخي وقدرتك على الوصف جعلتني مشدودة للقصة بقوة


شكرا لك أخي

بوركت

القديرة نداء غريب

أشكركِ على تعقيبكِ ، ووقتكِ ، واعتذر عن التأخر في الرد .

لكِ من الود وافره .

خلود محمد جمعة
27-08-2014, 02:17 PM
نعتاد الوحدة بعد أن نقيد ذاتنا بذكريات لن تعود لنجد انفسنا في سجن الحياة ولا صديق سوى صدى الصمت المطبق
من بين ثنايا الوحدة عادت لتفتح باب الأمل
قصة مؤثرة
دمت بخير
تقديري

لانا عبد الستار
05-11-2014, 09:18 PM
أحيانا يكون السجن الحقيقي ذو الجدران الأربعة والقبضان المعدنية أخف وطأة من سجن الذكريات وأسر المرض
أسلوب جميل مشوق
أشكرك

عدي بلال
01-06-2016, 08:53 AM
نعتاد الوحدة بعد أن نقيد ذاتنا بذكريات لن تعود لنجد انفسنا في سجن الحياة ولا صديق سوى صدى الصمت المطبق
من بين ثنايا الوحدة عادت لتفتح باب الأمل
قصة مؤثرة
دمت بخير
تقديري



القديرة خلود جمعة

بعد الاعتذار الشديد عن التأخر في الرد، أود أن أشكرك عميق الشكر على تواجدكِ ورأيكِ الكريم.

التحايا أزكاها ..

عدي بلال
01-06-2016, 08:56 AM
أحيانا يكون السجن الحقيقي ذو الجدران الأربعة والقبضان المعدنية أخف وطأة من سجن الذكريات وأسر المرض
أسلوب جميل مشوق
أشكرك


القديرة لانا عبد الستار

بعد الاعتذار الشديد عن التأخر في الرد، أود أن أشكركِ على حسن القراءة والوصول للمعنى الحقيقي لفكرة النص.

تقديري وامتناني