المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حول طبيعة الصراع الحالى



هشام النجار
12-09-2013, 01:08 AM
طبيعة الصراع الحالى تستحق منا الوقت والجهد لتضح معالمها وملامحها ، لأن تزييفها وتصويرها للجماهير فى الاعتصامات وفوق المنصات على غير حقيقتها أضرَ كثيراً بالثورة وهددَ كيان الأمة المصرية ، فهل نحن أمام صراع دينى أيديولوجى ، أم مجرد صراع سياسى على كراسى الحكم ؟
كانت الاجابة معروفة لدى دونَ أن أطرح أسئلتى على كثيرين من أبناء التيار الاسلامى حول الوفاء للديمقراطية واعتناقها كمذهب فى الحكم واحترام تداول السلطة .. الخ ، لكن لندع الاجابات والانطباعات جانباً ولنعترف أن الأطراف الاسلامية أثناء احتدام الصراع هى الأكثر قابلية لآليات الديمقراطية وقواعدها بعكس التيارات الأخرى ، وهذا فى حد ذاته ليس حكماً عاماً مُسلماً به ؛ لنقولَ أن الاسلاميين أوفياء تماماً للديمقراطية وأن العلمانيين جاحدين تماماً لها ؛ لأن هذا يعود لطبيعة المجتمع المصرى المنحاز بفطرته للرؤى الاسلامية ، حيث من المستبعد أن يُعطى ثقته للعلمانيين البعيدين خطاباً وتطبيقاً عن قناعاته .
التيار الاسلامى فى مصر وغيرها من البلاد العربية الاسلامية ينحاز للديمقراطية ويُطالبُ بها ويكثرُ الحديث عنها ؛ لكونه ابتداءاً واثقاً من فوزه على أية حال وبقائه فى سدة الحكم أطولَ فترة ممكنة طالما ضمن انتخابات ديمقراطية شفافة .
وكثير من المفارقات تطفو على السطح اذا تمت الصدماتُ الموجهة بأسئلة من عينة : كيف اذا وصلَ حزب شيوعى أو يسارى الى الحكم ؟ وهناك نكتشف بسهولة أن الصراع بعيد عن هذه المنطقة وأن الدفاع ليس خالصاً عن الديمقراطية والشورى كقيمة وكايمان فعلى بالتداول ، وأن القضية لا تعدو مجرد أداة ووسيلة أكثر من كونها قيمة .
وبالنسبة للعلمانيين فالعكس صحيح حيث يمثلون الأقلية ، ونستطيعُ التأكيدَ هنا أن اشمئزاز العلمانيين وكراهيتهم للديمقراطية ليس كُفراً بها تماماً ؛ لكونها تحتفى فقط بصاحب الجماهيرية وترفع الأغلبية الى السلطة فى مجتمع أغلبيته مُنحازة للاسلاميين ، وهذا معناه ببساطة أن فرصة وصول العلمانيين للسلطة عبر القواعد والآليات الديمقراطية شبه معدومة .
امكانية لحاق العلمانيين بالطرف الأساسى المنافس فى هذا الصراع كبيرة ، وقد حدث بالفعل أن انحازوا للديكتاتوريات والأنظمة الأكثر فتكاً وقسوة وتحالفوا مع كل نظام ودولة تقطع معهم الطريق دون وصول أو استمرار الاسلاميين فى السلطة .
وهذا يرجع لما أسلفناه من وصف لطبيعة المجتمع التى لن تتيحَ على المدى المنظور لتيار علمانى الوصول الى الحكم عبر اقتراع انتخابى حُر ، ولأن أحد طرفى الصراع يعتبر الفصيل العلمانى خصماً استراتيجياً ولا يسعى لطمأنته واحتوائه بالقدر المطلوب ، فى حين توظف الأحزاب الاسلامية خصومتها تلك فى مضاعفة شعبيتها على حساب علاقتها بالأقلية العلمانية التى تحتاج تضحيات كبيرة ومواقف نضالية وبطولية لاستيعابها وتعويضها البعد الجماهيرى ؛ بمعنى أن التيار الاسلامى يستغل العامل الأيديولوجى لتأكيد تفوقه الجماهيرى دون خطوات جدية فى اثبات حسن النية تجاه تداول السلطة أو منح العلمانيين بعض الاشارات والهِبَات التطمينية .
يجد العلمانيون ضالتهم دائماً فى الجهاز الادارى للدولة – مدنى وعسكرى - ، وهو نظام الدولة القائم الراسخ الذى يوظف هذا التيارَ المتغرب فى صراعه المصيرى للحفاظ على السلطة .
العلمانيون ليسوا الطرف الأساسى المقابل فى هذا الصراع ، انما هم مجرد أداة كغيرهم ، بما ينفى البُعد الدينى والعقدى الوهمى ؛ فالدولة بكامل أجهزتها وجماهيرها عادت لاستعادة السلطة كاملة بعد أن احتلَ الاسلاميون جزءاً منها لبعض الوقت .
هنا يتصارع التيار الاسلامى مع الدولة ذاتها بأجهزتها المدنية والعسكرية ، حاشداً خلفه جماهير غفيرة مستغلاً العاطفة الدينية الجياشة على خلفية توظيف الجيش لخصوم الاسلاميين من العلمانيين والنخبة المتغربة من مثقفين وسياسيين وفنانين .
نعلمُ أن ليس للمصريين شغف كبير بالديمقراطية قياساً بولعهم بالدين والمقدس ، ويدركُ الاخوان أكثرَ من غيرهم أن الاستجابة للخروج فى الجنازة لن يكون مُرضياً عندما يُقال اُغتيلت الديمقراطية ، لذا كان الصوت عالياً جداً لانقاذ " الاسلام " ، لاستدعاء الجموع والحشود الهائلة التى خرجت وضحتْ ، وهى لا تدرى أن ما يحدث ليس من أجل الديمقراطية .. ولا الاسلام – كما زعموا - .

بهجت عبدالغني
13-09-2013, 03:32 PM
ـ الإسلاميون يأخذون بالديمقراطية ، فيُتهمون بأنهم يفعلون ذلك فقط للوصول إلى السلطة ، وهم يكفرون بها في الأساس !
ـ الإسلاميون يحملون السلاح ، إرهابيون !
ـ الإسلاميون يحاربون الفساد ، عملاء يريدون تطبيق مشروع الشرق الأوسط الكبير الأمريكي !

فأين يذهبون ؟ وماذا ( بالضبط ) تريدون من الإسلاميين ؟

وما ذنب الإسلاميين لو أن أغلبية الشعب يريدونهم ؟ ولا يريدون العلمانيين ؟

ـ التجربة التركية أثبتت بدون شك أن الإسلاميين لا يستخدمون الديمقراطية مطيّة لأهدافهم ، وأن الديمقراطية لا تعدو عندهم ( مجرد أداة ووسيلة أكثر من كونها قيمة ) ، فأردوغان لم يصل الى الحكم بمداعبة عواطف الشعب التركي ، ولم يستغل ( العامل الأيديولوجى لتأكيد تفوقه الجماهيرى دون خطوات جدية فى اثبات حسن النية ) ، بل كان يؤكد دائماً على علمانية الدولة ، وكان تعلّق الشعب به أنه أثبت جدارة كبيرة في الإدارة والسياسة وإنعاش الاقتصاد ، وخاصة عندما استلم منصب رئيس بلدية اسطنبول ، قبل ان يستلم قيادة الدولة ..

ـ التجربة التونسية ، تحالف ( إسلامي ـ علماني ) ..

ـ التجربة في مصر ، أثبتت وما زالت تثبت أن كل أو معظم الضجّة التي حدثت ضد الإخوان ما كانت إلا أكاذيب ودعايات إعلامية لا أساس لها ، وثبت فعلاً على أرض الواقع ، أن الإسلاميين أكثر ديمقراطية من العلمانيين ..

ـ التجربة العراقية ، فالحزب الإسلامي ، الجناح السياسي للإخوان ، دخل العملية الديمقراطية وهو غير ضامن الفوز بالأغلبية ، فالشعب العراقي منقسم طائفياً وقومياً ، بل إن القائمة العراقية ( وهي قائمة علمانية ) فازت في الانتخابات البرلمانية الأخيرة بالمرتبة الأولى !

ـ الأقليات الإسلامية في الغرب ، لماذا تؤمن بالديمقراطية ، وهي على أية حال لن تستطيع أن تصل إلى السلطة ؟

سؤال ( هل الإسلاميون يتخذون الديمقراطية وسيلة للوصول إلى الحكم ؟ ) ليس وليد اليوم ، بل هو سؤال قديم ، فلماذا نثيره اليوم ؟!

ـ لماذا نلقي باللوم وما آلت إليه الأحداث على الإسلاميين ، وهل هم فعلاً من صنعوا هذه الفوضى ، أم أنها موجودة منذ عقود ، وما يحدث ما هو إلا استمرار للتسلط العسكري والعلماني على مقدرات الأمة ؟

تقول :
( العلمانيون ليسوا الطرف الأساسى المقابل فى هذا الصراع ، انما هم مجرد أداة كغيرهم ، بما ينفى البُعد الدينى والعقدى الوهمى ؛ فالدولة بكامل أجهزتها وجماهيرها عادت لاستعادة السلطة كاملة بعد أن احتلَ الاسلاميون جزءاً منها لبعض الوقت . هنا يتصارع التيار الاسلامى مع الدولة ذاتها بأجهزتها المدنية والعسكرية ) .

ونتساءل :
هل الدولة شخص يتصارع معه التيار الاسلامي ؟
ما هي الدولة ؟
أليست تلك المؤسسات التي تُحكم من قبل الأشخاص ؟ أم أن الدولة في مصر تُحكم بـ ( Remote control ) من المريخ ؟

أما السؤال عن حقيقة الصراع ، فقد كفانا الله مؤونة الجواب ، فالعلمانيون يجيبون عنه صباحاً ومساءً ، يصرحون ولا يلمحون !

إذا نجح الانقلاب في تثبيت نفسه ، وتخاذل أهل الحق عن حقهم ، فمصر لن تتقدم شبراً واحداً ، وسيستمر في الرجوع الى الوراء والفساد ، وما يحدث اليوم ما هو الا بدايات الكارثة القادمة !



تحياتي وتقديري
ودعائي

بهجت عبدالغني
14-09-2013, 10:45 AM
أعود هنا لأضع نقطة مهمة وهي :
نسبة الأصوات التي رشحت أن أحمد شفيق ( العسكري العلماني ) كانت قريبة جداً من نسبة الأصوات التي انتخبت الدكتور محمد مرسي ( الإسلامي )

وأنت تقول :
( وبالنسبة للعلمانيين فالعكس صحيح حيث يمثلون الأقلية )

!



تحياتي

هشام النجار
15-09-2013, 12:49 PM
أقدر جهدك الكبير الدائم وأحترم هذا الدجأب والاسهاب والعمق فى الحليل وموضوعية الردود والتعقيبات التى لا تثرى بلا شك الحوار والنقاش ، وان ظلت اختلافات وجهات النظر حول بعض التفاصيل .. لك الشكر الجزيل اخى الفاضل الاستاذ بهجت الرشيد