المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحب الكبير.. قصة من أجزاء



عبدالرحمان بن محمد
12-09-2013, 02:31 PM
بسم الله الرحمن الرحيم



الحب الكبير.. قصة من أجزاء

ج01: الخطأ العظيم



توقف للحظة عن التشريط* بعوده اليابس، ليختلس نظرة شغوفة، محتشمة، ناحية الجالسة يساره، قبل أن يشيح عنها، ويعاود التشريط على التراب الأحمر،محدثا خطوطا شبه دائرية حول نبات الشوك البري، وعقله يستعيد صورة واضحة لها، بملامحها البدوية الجميلة، بعينيها الواسعتين السوداوين كليل بلا نجوم،وفمها الصغير الذي ينتهي بشفتين ممتلئتين، شقت إحداهما بقساوة الطبيعة، وبأنفها الدقيق، ووجنتيها الحمراوين كفاكهة رمان طازجة، وقد زادتا احمرارا بسبب خجلها المستمر و...

توقف ذهنه عن استعادة تفاصيل ملامحها ،وجاهد نفسه ليبقيها على وقارها، وهو يسمعها تهمس له في صوت حنون لا يكاد يسمع:

- بعد إذنك .. سأنصرف ..سيدي سعيد..

انفطر قلبه ، وكاد غاز الكربون الذي تخرجه رئتاه ينحبس في صدره، وجاهد ليخرج صوته ناهيا إياها عن المناداة له بالسيد، لكن ما إن التقت عيناه بعينيها حتى بح صوته، وتلعثم ،ليقول لها في الأخير مترجيا:

- ابقي معي للحظات لو تفضلت، ففراقك لا أكاد أطيقه..

ذابت بنظرتها في عينيه على غير عادتها، وهي تقول:

- ولا أنا .. لكن هي سنة الحياة كما تعلم.. فدوام الحال من المحال.. لكن كما سنفترق الآن سيكون اللقاء غدا إن شاء الله..

حاول أن يجادلها ليثنيها عن الذهاب ، لكنه تنبه إلى أنه قد تجاوز ما هو مسموح به، فاكتفى برفع كفيه علامة الموافقة، وهو يحاول السيطرة على مشاعره، وغض البصر عنها، لكنه ورغما عنه رفع نظره ناحيتها وهي تقف مبتعدة، نافضة التراب عن ملابسها، ففغر فاه وهو ينظر قدها الفارع، ومشيتها القاتلة، وهي في لباس من قطعتين، ينتهي حد الركبة، وسروال زهري اللون يسترها حتى كعبيها، ولم يتمالك نفسه فصاح فيها قائلا:

- سعيدة.. لحظة من فضلك..

توقفت مستديرة إليه في دهشة خجلة، وهي تراه يقترب ويقترب و..

وفي رمشة عين مال بوجهه كله عليها، وأتى بحركة غريبة مفاجئة، جعل أحاسيسها تتخدر، كأنها في إحدى طقوس التنويم المغناطيسي على لوح خشبي تميل به أمواج هادئة، وصوت موسيقى ينبعث من اللا شيء، قبل أن تندفع موجة عاتية أخرجتها من حالة اللا وعي تلك، فتنبهت لهول ما حدث، فأشاحت بوجهها عنه هاربة، وهي تجهش في بكاء حار..

بكاء سيفقدها بريق عينيها، ويغرقها في ظلام دامس..

ظلام لا يعلم إلا الله متى ينجلي..

*********



تم بحمد الله ويليه الجزء الثاني :الطعنة المميتة..

براءة الجودي
12-09-2013, 07:17 PM
لديك أسلوب جميل وسهل بحيث تجعل القارئ يعيش المشهد ويشعر بأحاسيس الأبطال فيه ووصف دقيق
ونهاية مبهمة قليلا ياترى ماهي تلك الحركة المفاجئة !!!
وأظنها قصة رومانسية من الدرجة الأولى :005:
سنتابع الأجزاء الباقية إن شاءالله
بوركتَ

عبدالرحمان بن محمد
12-09-2013, 08:14 PM
براءة الجودي

لردك نكهة براءة الأطفال
أشكرك على التشجيع المستمر برغم أني لم أستطع لحد الآن رد بعضا من الجميل للمنتدى وأهله
بخصوص تساؤلك المستقبل هو وحده من سيجيب عليه
وإن كنت أشير لك بأني أبغض القصص الرومانسية إلى حد ما:005:

ناديه محمد الجابي
13-09-2013, 05:56 PM
بداية مشوقة لقصة لم تتبلور لنا خيوطها بعد
ولم تحل شفرات تلك الصور التي أثرتها
ولكنك استطعت أن تجذبنا بلغتك المعبرة
وسردك الجذاب . نحن في انتظار التتمة
سنكون متابعين إن شاء الله
ولك تحياتي.

عبدالرحمان بن محمد
13-09-2013, 07:01 PM
الجزء الثاني: الطعنة المميتة..



في مساء ذلك اليوم بدا سعيد على غير مسماه ،كئيبا، واجما، غائبا بذهنه عن الحسيات، حتى أنه لم ينتبه لصوت أمه وهي تكرر النداء:

- بني.. إنك لم تأكل شيئا منذ الصباح الباكر، وقد وضعت لك الطعام وكل مرة أعيد تسخينه لأجده على حاله لم يمس.. فما الذي أصابك بني؟

انتبه من جموده منتفضا في عنف، فصاح في أمه سائلا:

- أمي ..كيف التقيت بأبي أول مرة؟

أربكها السؤال فقالت متلعثمة:

- ماذا؟ ما لذي ترمي إليه بسؤالك؟

سألها في اهتمام:

- أعني كيف جاء زواج أبي بك؟

تملكتها الدهشة، والحرج ،وقد استغربت اندفاعه غير المسبوق، وهي تقول:

- بني.. هذا موضوع أكبر منك.. ووحدها السنون من ستجيبك عليه.. اهتم الآن لصحتك، فالشحوب باد على وجهك..

تذكر أنك هنا في عطلة الصيف لتستمتع بمناظر القرية الخلابة، بمائها العذب، وهوائها النقي ،وطعامها الصحي، بعيدا عن ضجيج وصخب المدينة..

فأسعد نفسك بما هو أمامك، ولا تحاول أبدا الخوض في تفاصيل أكبر منك..

لم يبد أنه اقتنع بمنطق والدته فهم بمجادلتها، لو لا أن سمع نحنحة الأب مقبلا، فانسحب تاركا أمه تشرك حيرتها تلك أباه..

************

جلس كعادته في ذات الموقع منتظرا إياها.. بعوده اليابس راح يشكل خطوطا غير منتظمة على التراب الأحمر..

انتظر.. طال انتظاره..

ولأول مرة بدأ اليأس يتسرب إليه. فهي لم تتأخر سابقا عن الموعد ولو لثانية واحدة، والآن نصف ساعة مضت وهي لم تظهر بعد..

لعل الموضوع متعلق بما حدث صباح اليوم الفائت.. أيكون هو السبب فعلا رغم عفوية وبراءة فعلته؟!!لا يعتقد هذا.. بل يكاد يجزم أن حبها له أكبر من تلك الأفعال، وهو حتى هذه اللحظة لا يعتقد أنه أتى حراما .. ففعله ذاك طبيعي الحدوث بين حبين كبيرين طاهرين. فأين العيب في أن يتماس جزءان من جسميهما، وقد انصهر قلباهما في جوف واحد يتغذى بأحاسيسهما الجياشة النبيلة ..

أيعقل بعد هذا أن تكون قد جافته بسبب فعله ذاك!! إن كانت خلاصته الأخيرة صحيحة فالويل له إذا..

توقف فجأة عن التفكير، وقد تهللت أساريره، وصعد إليها الدم من جديد، وهو يلمحها من بعيد مقبلة فاستبشر خيرا، وإن لم يتمكن ذهنه من استنتاج تفاصيل ما تعيشه الآن، وهي تقدم خطوة وتؤخر خطوة، وهي في صراع مرير مع مشاعرها المتناقضة..أتسمع لنداء قلبها، وتسرع الخطى ناحية سيدها ،وحبيبها، وترتمي على يده طالبة الصفح!!.. أم تسمع لنداء عقلها وكرامتها الذين يهولان، بل ويجرمان فعلته تلك!!..

عاد قلبها يستعيد تلك اللحظات بأحاسيس بلغت حد الكمال، وشخصه يدنو منها برفق، وحنو، ويطبع على جبينها قبلة لطيفة، أججت نارها الهادئة، وغمرت كامل جسدها في نشوة لم تسبق أن عرفت لها مثيلا، وهي تكاد تفقد وعيها بين يديه، وتذوب في أحضانه، لو لا أن تردد صدى نداء عقلي أزلي، أفاقها من لحظتها تلك، ونبهها لخطورة ذلك المنزلق الخطير الذي تهوي إليه، فيسقط الجدار الذي بنته ليوقف دموعها فتتدفق أنهارا ،وتغشى ما تبقى من بريق عينيها من جديد، وهي تعود أدراجها تاركة حبيبها، يتلقى طعنة قاتلة..

ومميتة..

*************

ويليه الجزء الثالث بإذن الله: الصدمة

عبدالرحمان بن محمد
13-09-2013, 07:02 PM
ألا توجد آلية للتغيير على نفس الموضوع الأول؟

آمال المصري
14-09-2013, 06:27 PM
ألا توجد آلية للتغيير على نفس الموضوع الأول؟

حتى الآن ماتع ماقرأته هنا لغة وشعورا وسردا
وفي انتظار التتمة لتكشف لنا النقاب غن الفكرة أكثر
هل تعني آلية التعديل أديبنا الفاضل ؟ لو كان كذلك فآلية التعديل تمنحك ساعتين بعد الإدراج وتغلق بعدها وهو وقت كافٍ للتعديل على أصل النص
بوركت واليراع

عبدالرحمان بن محمد
15-09-2013, 04:25 PM
بداية مشوقة لقصة لم تتبلور لنا خيوطها بعد
ولم تحل شفرات تلك الصور التي أثرتها
ولكنك استطعت أن تجذبنا بلغتك المعبرة
وسردك الجذاب . نحن في انتظار التتمة
سنكون متابعين إن شاء الله
ولك تحياتي.

لعل بعضا من خيوط القصة بدأت تتكشف في الجزء الثاني
أتنمنى لك قراءة ممتعة
ممتن لردك
ولتشجيعك
أسعدك الله

عبدالرحمان بن محمد
15-09-2013, 04:29 PM
حتى الآن ماتع ماقرأته هنا لغة وشعورا وسردا
وفي انتظار التتمة لتكشف لنا النقاب غن الفكرة أكثر
هل تعني آلية التعديل أديبنا الفاضل ؟ لو كان كذلك فآلية التعديل تمنحك ساعتين بعد الإدراج وتغلق بعدها وهو وقت كافٍ للتعديل على أصل النص
بوركت واليراع

هو ما قصدت بالضبط
كنت أتمنى لو كانت آلية التعديل ثابتة بحيث أستطيع إضافة الأجزاء المتبقية من القصة على نفس موضوع الجزء الأول..
يسعدني أنك متابعة لنصي المتواضع..
أشكرك على التشجيع المستمر

نداء غريب صبري
30-09-2013, 05:14 AM
لغتك جميلة جدا أخي
وأسلوبك مشوق
أمتعتني قراءتها

شكرا لك

بوركت

ربيحة الرفاعي
19-10-2013, 11:26 PM
هو ما قصدت بالضبط
كنت أتمنى لو كانت آلية التعديل ثابتة بحيث أستطيع إضافة الأجزاء المتبقية من القصة على نفس موضوع الجزء الأول..
يمكننا أن نحقق لك ذلك في مشاركة تالية مباشرة للمشاركة الأول نضع فيها جميع الأجزاء معا إن شئت

نص شائق السرد جميل اللغة
نتابع معك حلقاته أولا بأول
وابنتظار التالي

دم بخير

تحاياي

ربيحة الرفاعي
27-10-2015, 03:06 AM
هو ما قصدت بالضبط
كنت أتمنى لو كانت آلية التعديل ثابتة بحيث أستطيع إضافة الأجزاء المتبقية من القصة على نفس موضوع الجزء الأول..
يسعدني أنك متابعة لنصي المتواضع..
أشكرك على التشجيع المستمر
التعديل على اصل النص يتنافى مع كفالة الواحة وحمايتها لحقوق الملكية، غير أن ثمة فرصة تعديل متاحة للجميع بوضع مشاركة تالية للموضوع الأصلي مباشرة يتم التعديل عليها إلى ما لا نهاية بالتنسيق مع الإدارة ...

وقد تم تنفيذ ذلك ، وأدرجت الأجزاء الثلاث متوالية في المشاركة رقم 2

دمت بخير

تحاياي

ناديه محمد الجابي
07-05-2017, 06:19 PM
من المؤسف أن لا تضع بقية هذه القصة المشوقة جميلة السرد
لما تتركنا هكذا معلقين ؟؟
أتمنى لو تفعل وتكمل قصتك
ولك تحياتي وتقديري.
:002::002::001: