مشاهدة النسخة كاملة : اتصــال
عبد السلام دغمش
24-09-2013, 01:40 PM
اَخذ نفساً عميقاً سحبهُ من بين دخانِ عوادمِ المركبات والغبارِ المتصاعد..وقفَ إلى جوار حائطِ الذكريات حيثُ سور مدرسةِ الحيّ...تراجعَ مسنداً ظهره إليه ..تسمّرت رجلاه حيث لا زال واقفاً منذ حين متأمّلاً ما حوله ومَنْ حوله .. الشارعُ العتيق المتشرّب بعبق الماضي.. والحيُّ من حوله يعجّان بالحركة.. أجسادٌ تمرّ .. قهقهاتٌ تخترق رتابة المشهد..مركبات تطلقُ أبواقها في أَجواء الحيّ المكتظّ..باعةٌ جائلون يتصايحون.. بينما لا يزال يستدعي ذكرياتِه مع صديقه الغائب هناك في الجانب الآخر..
شيءٌ ما يشدُّه الى ذاك الجانب الآخر من الطريق..يحاولُ أن يجتازَ بجسدهِ إلى هناك لكنّه يكتفي بارسالِ نظراتِه الى الجهةِ الأُخرى حيث اعتادَ أن يرسمَ مع رفيقِ دربِه خُطاهُما كلّ يومٍ من المسجد الى المكتبة..ثم الى ذلك المقهى الهادىء حيث كانت تجمهعما جلساتٌ تصافحت فيها الأرواح..كانت جولتهما مراسم يومية لا يتخلفان عنها إلا إذا حزَبهما شأن .
بخطوٍ ثقيل جرّته قدماه الى الجانب الآخر..مرّ بالمكتبة..فكّر في الدخول ..لكنّ نفْسَه لا تطاوعه..انثنى وتابع خطوه الوئيد الى المقهى..دلف ببطء ٍ..اختارَ ذات الطاولة حيث كانا يجلسان..وضع نظارتَه ..دفن وجهه بين كَفيْه، ثم أطلق زفرة .. شخَصَ ببصره إلى الأعلى ثم رسمَ بتجاعيده لوحة ً من أسى.. و أطرق..
جاءَه النادل..اقتربَ منه بصمت..وضع أمامه كوب الماء ..
- سأحضر لك القهوة.
- قل لي ..أم يأتِ؟
صمت النادلُ برهةً ثم استدار مُلقياً عبارة النفي خلفَه قبل أن يذهبَ ليتابعَ طلباتِ الزبائن..
دقائقُ مرّت ..نظرَ فيمن حوله..احتسى فنجانَ قهوته..جال بعينيه في أجواء المقهى..استقرَّ بنظره على الكرسيِّ أمامه حيث كانَ يجلس رفيقُ عمرِه ..مدّ ذراعه إليه ..هزّ الكرسي بيدٍ مرتعشة..ثم تراجع..
اَخرجَ هاتفَه المحمول..مرّبسبّابته المرتجفة في سجلّ الاسماء..ثمّ ضغطَ على مفتاح الارسال..
انطلق الجرس في الجانب الاخر..
- أين أحمد..؟
- يا حاج ..يهديك الله.... هذه ثالث مرةٍ تتصل فيها..لقد أبقينا هاتفََه يعمل لتلقّي اتصالات أصدقائهِ ممّن لم يصِلْهم خبرُ وفاته في حينه..ونحن مضطرون لقطعه الآن..الله معك!
وأُغلـِق الخطّ..
ابتلَع ريقَه..وآخرَ ما تبقّى في فنجانِ قهْوته..ضمَّ بيديه مِعْطفَه إلى صدرهِ ثمّ دسَّ هاتفه المحمول في جيبه..أرسل بصرَه إلى الشارعِ المزدحم مرةً أخرى ..شعر بأنّـه وسط الضجيج أكثر فأكثر.. ثمة شيء يجرُّه إلى هناك....طفلٌ يتعلقُ بكفّ أبيه وينظرُ فيمنْ حولهُ مستطلعاً بعينين بريئتين....فتاةٌ تختال بين قريناتها.. و شباب ٌيتخافتون مختلسينَ نظراتٍ هنا وهناك.. أطفالٌ يتراكضون فرحاً بعد انتهاء يوم دراسي .. بائعو الخضار يرسلون أهازيجهم استدراجاً لمشترين ..طاعنٌ في السن لم يعدْ يقوى على الصّعودِ ببصَرِه إلى مستوى منكبيه فأسلم رأسه للأرض متكئاً على عصاه..
شعر أن ثمةَ فجوةٍ له يمكنه أن يعبرمنها إلى الزحام ..استجمع قواه ..نهض خارجاً..ثم غاب بينهم..
كاملة بدارنه
24-09-2013, 02:18 PM
اتّصال واسترجاع لما كان ووصف جميل للمكان الحاضر والمستحضر وما يدور فيهما
بوركت
تقديري وتحيّتي
محجوبة بوشيت
24-09-2013, 02:25 PM
حكي و تصوير بديعين حتى انسلخنا داخل القصة.
أمتعتنا:v1:
مع تقديري: محجوبة.:sm:
محمد الشرادي
24-09-2013, 10:09 PM
أهلا أخي عبد السلام
نص مائز رغم الحزن الذي يسيطر على أجوائه.
تحياتي
عبد السلام دغمش
25-09-2013, 05:50 PM
اتّصال واسترجاع لما كان ووصف جميل للمكان الحاضر والمستحضر وما يدور فيهما
بوركت
تقديري وتحيّتي
الاديبة كاملة بدارنة
تقديري لمروركم الكريم..
هو فعلا محاولة اتصال بالماضي واكتشاف مشاهد اخرى حية.
تحياتي
عبد السلام دغمش
25-09-2013, 05:52 PM
حكي و تصوير بديعين حتى انسلخنا داخل القصة.
أمتعتنا:v1:
مع تقديري: محجوبة.:sm:
الأخت محجوبة
تقديري لمشاكتكم وقراءتكم.
وافر تحياتي.
ناديه محمد الجابي
25-09-2013, 06:36 PM
عندما تتعلق قلوبنا بشخص ما أو بصديق عزيز
ثم يقسو علينا الزمان ويفرق بيننا , فاي حزن هو
الذي يصيب قلوبنا.
بطلنا هنا فقد صديق عمره وهو يعلم أنه رحل..
وقد سكن الحزن قلبه برحيله وإن كان قد أسدل
غطاء من الوهم على عقله فيتخيل في كل لحظة
إنه سيأتي ليجالسه في المقهى كما كان يفعل,
ويتصل به وهو يعلم بإنه لم يعد في إمكانه الأتصال.
من بين زحمة الحياة وخليط الأصوات والناس والأماكن حلق بنا البناء السردي لقصتك
في مدار واسع بمرونة وإدهاش ليصل بنا إلى الحدث ( الموت) ـ فأبدعت في وصف
مشاعر الفقد على الصديق و وأجدت في لغة سردية قوية البيان والبنيان.
سلمت يداك ولك تحياتي.
عبد السلام دغمش
26-09-2013, 10:26 AM
أهلا أخي عبد السلام
نص مائز رغم الحزن الذي يسيطر على أجوائه.
تحياتي
أخي محمد الشرادي
أحييك ..و أشكرك على قراءتك و مرورك الطيب.
تحياتي.
عبد السلام دغمش
26-09-2013, 10:32 AM
عندما تتعلق قلوبنا بشخص ما أو بصديق عزيز
ثم يقسو علينا الزمان ويفرق بيننا , فاي حزن هو
الذي يصيب قلوبنا.
بطلنا هنا فقد صديق عمره وهو يعلم أنه رحل..
وقد سكن الحزن قلبه برحيله وإن كان قد أسدل
غطاء من الوهم على عقله فيتخيل في كل لحظة
إنه سيأتي ليجالسه في المقهى كما كان يفعل,
ويتصل به وهو يعلم بإنه لم يعد في إمكانه الأتصال.
من بين زحمة الحياة وخليط الأصوات والناس والأماكن حلق بنا البناء السردي لقصتك
في مدار واسع بمرونة وإدهاش ليصل بنا إلى الحدث ( الموت) ـ فأبدعت في وصف
مشاعر الفقد على الصديق و وأجدت في لغة سردية قوية البيان والبنيان.
سلمت يداك ولك تحياتي.
الأخت نادية الجابي
قراءة مستفيضة للنص ..
أحياناً يسيطر الحزن عند غياب محبوب..فتبدو مشاهد الحياة أمامنا باهتة.. وربما نذهل عن كثير من تفاصيلها بسبب الألم الذي يصبغ ظاهرها..
لكننا عندما نواجه الخطوب بواقعية و إيمان أكثر..نرى الحركة من من امامنا تعجّ بالحيوية..
وحينئذ لا بد ان نجد لنا منفذاً وسط هذه الحياة.
تحياتي
براءة الجودي
30-09-2013, 04:35 PM
رائع وصفك أخي عبدالسلام وحقا قصة تجعل القارئ يسبح معها ويسير مع البطل بين الزحام ويتأمل الناس وبهرجات الحياة ومشاعره مختلطة لتلقي نبأة وفاة صديقه
أحيانا من نفقدهم نكثف مسامرتنا مع ذكرياتهم ورسائلهم
تقديري
عبد السلام دغمش
02-10-2013, 04:01 PM
رائع وصفك أخي عبدالسلام وحقا قصة تجعل القارئ يسبح معها ويسير مع البطل بين الزحام ويتأمل الناس وبهرجات الحياة ومشاعره مختلطة لتلقي نبأة وفاة صديقه
أحيانا من نفقدهم نكثف مسامرتنا مع ذكرياتهم ورسائلهم
تقديري
الأخت براءة الجودي
شكراً لقراءتكم ورؤيتكم الناقذة.
وافر تحياتي.
فوزي الشلبي
10-10-2013, 09:30 PM
الأخ الشاعر عبد السلام:
لقد أدخلتنا بل أقول عايشنا جو القصة المشحون بالأمل أولا ثم الألم ثانيا...بين الإقبال والهروب...وبين الرضى والقبول ..أو قل هو انفصام بين حياة وموت.. فهناك ثقبٌ بين الزحام لكي يلج فيه المرء للعبور فرب حياة!
تقديري لقلم نازف بالبهاء!
اخوكم
عبد السلام دغمش
12-10-2013, 07:35 AM
الأخ الشاعر عبد السلام:
لقد أدخلتنا بل أقول عايشنا جو القصة المشحون بالأمل أولا ثم الألم ثانيا...بين الإقبال والهروب...وبين الرضى والقبول ..أو قل هو انفصام بين حياة وموت.. فهناك ثقبٌ بين الزحام لكي يلج فيه المرء للعبور فرب حياة!
تقديري لقلم نازف بالبهاء!
اخوكم
الأخ الأستاذ فوزي الشلبي
هو فعلاً محاولة لتناول شعور من يفقد قريب أو عزيز وهناك تكون نظرته للحياة محدودة بمحيط الألم الذي يعتصر القلب..فلا يرى كثير من مشاهد الحياة ناطقة من حوله، حتى إذا واجه الحقيقة تبدلت تلك الصورة ورأى ما حوله و من حوله بعيون أخرى..ولا بد حينذاك من التعايش مرة أخرى والانخراط في الحياة بحلوها و مرها.
سرني مروركم شاعرنا و أديبنا الفاضل.
عدي بلال
13-10-2013, 11:34 AM
القدير عبد السلام دغمش
اتصـال
قصة قصيرة
هذا الشيخ يعيش في ذكريات الأمسِ ، يشعر بأنه لا ينتمي إلى الناس من حوله ، فكأنما عجلة الحياة أسرع من ان يلحق بها .
بدأت السرد أيها القاص الجميل بلسان الراوي العليم ، واخترت سور مدرسة الحي كنقطة انطلاق للشخصية الرئيسية ، وجاء وصفك للبيئة المكانية من حوله دقيقاً فرأيتني أرى المشهد كاملاً . هنا ..
أخذ نفساً عميقاً سحبهُ من بين دخانِ عوادمِ المركبات والغبارِ المتصاعد..وقفَ إلى جوار حائطِ الذكريات حيثُ سور مدرسةِ الحيّ...تراجعَ مسنداً ظهره إليه ..تسمّرت رجلاه حيث لا زال واقفاً منذ حين متأمّلاً ما حوله ومَنْ حوله .. الشارعُ العتيق المتشرّب بعبق الماضي.. والحيُّ من حوله يعجّان بالحركة.. أجسادٌ تمرّ .. قهقهاتٌ تخترق رتابة المشهد..مركبات تطلقُ أبواقها في أَجواء الحيّ المكتظّ..باعةٌ جائلون يتصايحون..
الشارعُ العتيق / أجسادٌ تمرّ / قهقهاتٌ / مركبات تطلقُ أبواقها/ باعةٌ جائلون يتصايحون..
ثم ..
بينما لا يزال يستدعي ذكرياتِه مع صديقه الغائب هناك في الجانب الآخر..
شيءٌ ما يشدُّه الى ذاك الجانب الآخر من الطريق..يحاولُ أن يجتازَ بجسدهِ إلى هناك لكنّه يكتفي بارسالِ نظراتِه الى الجهةِ الأُخرى حيث اعتادَ أن يرسمَ مع رفيقِ دربِه خُطاهُما كلّ يومٍ من المسجد الى المكتبة..ثم الى ذلك المقهى الهادىء حيث كانت تجمهعما جلساتٌ تصافحت فيها الأرواح..كانت جولتهما مراسم يومية لا يتخلفان عنها إلا إذا حزَبهما شأن .
في الجزئية السابقة ..
انقطاع للتسلسل الزمني للقصة ( فلاش باك ) لاستحضار مشهد أو مشاهد ماضية ، واستعراض لذكرياته مع صديق العمر، والذي تتوافق تصرفاته ، طقوسه معه .
المسجد / المكتبة / المقهى الهادىء
القاص هنا يحاول أن يعمق في ذهن القارىء مدى تعلق الشخصية الرئيسية بهذا الصديق ، والحبكة هنا سردية مترابطة ، فعدسة القاص لا تفارق الشخصية ، والتركيز على نفسية الشخصية وما تحمله من مشاعر نحو صديق العمر ، والذي نجهل ما حل به حتى هذه اللحظة .
بخطوٍ ثقيل جرّته قدماه الى الجانب الآخر..مرّ بالمكتبة..فكّر في الدخول ..لكنّ نفْسَه لا تطاوعه..انثنى وتابع خطوه الوئيد الى المقهى..دلف ببطء ٍ..اختارَ ذات الطاولة حيث كانا يجلسان..وضع نظارتَه ..دفن وجهه بين كَفيْه، ثم أطلق زفرة .. شخَصَ ببصره إلى الأعلى ثم رسمَ بتجاعيده لوحة ً من أسى.. و أطرق..
في الجزئية السابقة
راق لي وصفك لثقل خطواته ، كمن يوجس خيفةً من اكتشاف أمرٍ ما ، أو هكذا أحببت أن أقرأها .
تنتقل الشخصية إلى الطرف الآخر من الشارع ، مروراً بالمكتبة وتردده ، ووصولاً إلى نقطة الالتقاء المعتادة ( المقهى ) .
ولأن الشخصية حبيسة الذكريات هنا ، فإنها اختارت الطاولة ذاتها ، والكرسي ذاته حيث كان يقعد .
وضع نظارتَه ..دفن وجهه بين كَفيْه، ثم أطلق زفرة .. شخَصَ ببصره إلى الأعلى ثم رسمَ بتجاعيده لوحة ً من أسى.. و أطرق..
في الجزئية السابقة ..
تصرف الشخصية هنا ، يرسل إشارات / يلقي مفاتيحاً للقارىء
دفن وجهه / زفرة / لوحة من أسى / إطراق
وتحديد المرحلة العمرية / تجاعيده
جاءَه النادل..اقتربَ منه بصمت..وضع أمامه كوب الماء ..
- سأحضر لك القهوة.
- قل لي ..ألم يأتِ؟
صمت النادلُ برهةً ثم استدار مُلقياً عبارة النفي خلفَه قبل أن يذهبَ ليتابعَ طلباتِ الزبائن..
دقائقُ مرّت ..نظرَ فيمن حوله..احتسى فنجانَ قهوته..جال بعينيه في أجواء المقهى..استقرَّ بنظره على الكرسيِّ أمامه حيث كانَ يجلس رفيقُ عمرِه ..مدّ ذراعه إليه ..هزّ الكرسي بيدٍ مرتعشة..ثم تراجع..
في الجزئية السابقة ..
ظهور أول للشخصية المساعدة ( النادل ) ، والجملة الحوارية ( سأحضر لك القهوة ) دون طلبه ، تؤكد بأنه من المعروفين لديه ، والشاهد هو معرفة الطلب قبل النطق به .
ثم جاء سؤال الشخصية إلى النادل ( ألم يأتِ ..؟ )
طريقة رد النادل هنا ، الصمت ثم الاستدارة ظهره وعبارة النفي ، توحي بأن هذا السؤال يتكرر كثيراً منه ، وبالملل من تكراره من جانب النادل .
دقائقُ مرّت ..نظرَ فيمن حوله..احتسى فنجانَ قهوته..جال بعينيه في أجواء المقهى..استقرَّ بنظره على الكرسيِّ أمامه حيث كانَ يجلس رفيقُ عمرِه ..مدّ ذراعه إليه ..هزّ الكرسي بيدٍ مرتعشة..ثم تراجع..
في الجزئية السابقة ..
وصف رائع ، ومؤثر ، ويحشد تعاطف القارىء كثيراً مع هذا الشيخ .
اَخرجَ هاتفَه المحمول..مرّبسبّابته المرتجفة في سجلّ الاسماء..ثمّ ضغطَ على مفتاح الارسال..
انطلق الجرس في الجانب الاخر..
- أين أحمد..؟
- يا حاج ..يهديك الله.... هذه ثالث مرةٍ تتصل فيها..لقد أبقينا هاتفََه يعمل لتلقّي اتصالات أصدقائهِ ممّن لم يصِلْهم خبرُ وفاته في حينه..ونحن مضطرون لقطعه الآن..الله معك!
وأُغلـِق الخطّ..
في الجزئية السابقة ..
هز الكرسي دلالة إلى أن مشاعر هذا الرجل / الشيخ قد وصلت إلى الذروة ، وبأن الصراع في داخله قد وصل حد الثورة على الواقع .
جاء الاتصــال من هاتفه المحمول كوضع حد ، ورغبة ملحة ، ورفض واقع .
لن نقول هنا بأن الجمل الحوارية قد فاجأت القارىء ، ولربما لأن الحشد الذي قام به القاص الجميل قد أوصل وفاته ضمنياً ، ولكن هي لحظة اليقين لهذا الشيخ بأن صديق العمر قد توفاه الله .
وجاء إغلاق الخط كوضع نهاية لهذا الصراع في داخله .
وقفة :
كان بإمكان القاص أن يُنهي المشهد هنا ، وتمنيت أن لا ينهي القاص هذا النص عند هذه النقطة ، وبأن يجيبني عن تساؤلاتي كقارىء ..
ترى .. هل ستسطيع هذه الشخصية أن تتجاوز هذه النقطة ..؟
ماذا ستقرر الشخصية أن تفعل .؟
وقد كان لي ما تمنيته .. هنا
ابتلَع ريقَه..وآخرَ ما تبقّى في فنجانِ قهْوته..ضمَّ بيديه مِعْطفَه إلى صدرهِ ثمّ دسَّ هاتفه المحمول في جيبه..أرسل بصرَه إلى الشارعِ المزدحم مرةً أخرى ..شعر بأنّـه وسط الضجيج أكثر فأكثر.. ثمة شيء يجرُّه إلى هناك....طفلٌ يتعلقُ بكفّ أبيه وينظرُ فيمنْ حولهُ مستطلعاً بعينين بريئتين....فتاةٌ تختال بين قريناتها.. و شباب ٌيتخافتون مختلسينَ نظراتٍ هنا وهناك.. أطفالٌ يتراكضون فرحاً بعد انتهاء يوم دراسي .. بائعو الخضار يرسلون أهازيجهم استدراجاً لمشترين ..طاعنٌ في السن لم يعدْ يقوى على الصّعودِ ببصَرِه إلى مستوى منكبيه فأسلم رأسه للأرض متكئاً على عصاه..
وصف رائع بكل معنى الكلمة للمحيط الذي تراه الشخصية للشارع المزدحم ، وتلك الشخصيات الثانوية فيه ( طفل / أطفال / فتاة / الباعة / طاعن في السن )
لتأتي الخاتمة وفي جعبتها بعض الأمل له .. هنا
شعر أن ثمةَ فجوةٍ له يمكنه أن يعبرمنها إلى الزحام ..استجمع قواه ..نهض خارجاً..ثم غاب بينهم..
خاتمة رائعة ، ونص يدعو إلى مواصلة الحياة .
أ. عبد السلام دغمش
شكراً على هذا النص الرائع .
مودتي
أحمد الأستاذ
13-10-2013, 12:54 PM
أخي الكريم: عبد السلام
نص متقن السرد,وأوصاف تغرق القارئ فيها
استرجاع جميل لمشاهد سكنت داخلك,
مبدع أنت
دمت والألق
كن بخير
عبد السلام دغمش
14-10-2013, 08:07 AM
القدير عبد السلام دغمش
اتصـال
قصة قصيرة
هذا الشيخ يعيش في ذكريات الأمسِ ، يشعر بأنه لا ينتمي إلى الناس من حوله ، فكأنما عجلة الحياة أسرع من ان يلحق بها .
بدأت السرد أيها القاص الجميل بلسان الراوي العليم ، واخترت سور مدرسة الحي كنقطة انطلاق للشخصية الرئيسية ، وجاء وصفك للبيئة المكانية من حوله دقيقاً فرأيتني أرى المشهد كاملاً . هنا ..
الشارعُ العتيق / أجسادٌ تمرّ / قهقهاتٌ / مركبات تطلقُ أبواقها/ باعةٌ جائلون يتصايحون..
ثم ..
في الجزئية السابقة ..
انقطاع للتسلسل الزمني للقصة ( فلاش باك ) لاستحضار مشهد أو مشاهد ماضية ، واستعراض لذكرياته مع صديق العمر، والذي تتوافق تصرفاته ، طقوسه معه .
المسجد / المكتبة / المقهى الهادىء
القاص هنا يحاول أن يعمق في ذهن القارىء مدى تعلق الشخصية الرئيسية بهذا الصديق ، والحبكة هنا سردية مترابطة ، فعدسة القاص لا تفارق الشخصية ، والتركيز على نفسية الشخصية وما تحمله من مشاعر نحو صديق العمر ، والذي نجهل ما حل به حتى هذه اللحظة .
في الجزئية السابقة
راق لي وصفك لثقل خطواته ، كمن يوجس خيفةً من اكتشاف أمرٍ ما ، أو هكذا أحببت أن أقرأها .
تنتقل الشخصية إلى الطرف الآخر من الشارع ، مروراً بالمكتبة وتردده ، ووصولاً إلى نقطة الالتقاء المعتادة ( المقهى ) .
ولأن الشخصية حبيسة الذكريات هنا ، فإنها اختارت الطاولة ذاتها ، والكرسي ذاته حيث كان يقعد .
في الجزئية السابقة ..
تصرف الشخصية هنا ، يرسل إشارات / يلقي مفاتيحاً للقارىء
دفن وجهه / زفرة / لوحة من أسى / إطراق
وتحديد المرحلة العمرية / تجاعيده
في الجزئية السابقة ..
ظهور أول للشخصية المساعدة ( النادل ) ، والجملة الحوارية ( سأحضر لك القهوة ) دون طلبه ، تؤكد بأنه من المعروفين لديه ، والشاهد هو معرفة الطلب قبل النطق به .
ثم جاء سؤال الشخصية إلى النادل ( ألم يأتِ ..؟ )
طريقة رد النادل هنا ، الصمت ثم الاستدارة ظهره وعبارة النفي ، توحي بأن هذا السؤال يتكرر كثيراً منه ، وبالملل من تكراره من جانب النادل .
في الجزئية السابقة ..
وصف رائع ، ومؤثر ، ويحشد تعاطف القارىء كثيراً مع هذا الشيخ .
في الجزئية السابقة ..
هز الكرسي دلالة إلى أن مشاعر هذا الرجل / الشيخ قد وصلت إلى الذروة ، وبأن الصراع في داخله قد وصل حد الثورة على الواقع .
جاء الاتصــال من هاتفه المحمول كوضع حد ، ورغبة ملحة ، ورفض واقع .
لن نقول هنا بأن الجمل الحوارية قد فاجأت القارىء ، ولربما لأن الحشد الذي قام به القاص الجميل قد أوصل وفاته ضمنياً ، ولكن هي لحظة اليقين لهذا الشيخ بأن صديق العمر قد توفاه الله .
وجاء إغلاق الخط كوضع نهاية لهذا الصراع في داخله .
وقفة :
كان بإمكان القاص أن يُنهي المشهد هنا ، وتمنيت أن لا ينهي القاص هذا النص عند هذه النقطة ، وبأن يجيبني عن تساؤلاتي كقارىء ..
ترى .. هل ستسطيع هذه الشخصية أن تتجاوز هذه النقطة ..؟
ماذا ستقرر الشخصية أن تفعل .؟
وقد كان لي ما تمنيته .. هنا
وصف رائع بكل معنى الكلمة للمحيط الذي تراه الشخصية للشارع المزدحم ، وتلك الشخصيات الثانوية فيه ( طفل / أطفال / فتاة / الباعة / طاعن في السن )
لتأتي الخاتمة وفي جعبتها بعض الأمل له .. هنا
خاتمة رائعة ، ونص يدعو إلى مواصلة الحياة .
أ. عبد السلام دغمش
شكراً على هذا النص الرائع .
مودتي
الأستاذ عدي بلال
تحليل للنص.. وتوقف عند محطات القصة.. وإضاءة أسعدتني.
أحياناً تختلف رؤيتنا لمشاهد الحياة بحجم الألم الذي نعيشه..تبدو الحياة أكبر ومشاهدها زاخرة من حولنا متى تبدلت هذه الرؤية...
في البداية كان بطل القصة ينظر لمشهد الحي من حوله كضجيج..وبعد ان واجه الحقيقة بعين العقل رأى ما لم يره اول مرة ..
تقديري لكم و لقراءتكم المتميزة.
كل عام وانتم بخير.
عبد السلام دغمش
14-10-2013, 08:15 AM
أخي الكريم: عبد السلام
نص متقن السرد,وأوصاف تغرق القارئ فيها
استرجاع جميل لمشاهد سكنت داخلك,
مبدع أنت
دمت والألق
كن بخير
الأخ الأديب أحمد الأستاذ
سرني مروركم وقراءتكم المستفيضة..
كل عام وانتم بخير
وافر تحياتي.
آمال المصري
20-10-2013, 10:00 AM
يحفر الفراق في النفوس علاماته عند فقد عزيز علينا ويراودنا الحنين لنفس الأمكنة التي جمعتنا ونسترجع ذكرياتنا معا وتأبى النفس استيعاب فكرة الرحيل رغم يقينها به
سرد شاعري شجي ماتع ولغة أنيقة ووصف موفق استمتعت بقراءته
بوركت واليراع شاعرنا الفاضل
تحاياي
عبد السلام دغمش
21-10-2013, 09:47 AM
يحفر الفراق في النفوس علاماته عند فقد عزيز علينا ويراودنا الحنين لنفس الأمكنة التي جمعتنا ونسترجع ذكرياتنا معا وتأبى النفس استيعاب فكرة الرحيل رغم يقينها به
سرد شاعري شجي ماتع ولغة أنيقة ووصف موفق استمتعت بقراءته
بوركت واليراع شاعرنا الفاضل
تحاياي
الأخت آمال المصري
سرّني مروركم وهذه القراءة الذائقة.
بوركتم وبوركت الواحة غرساً و ثمراً.
تحياتي
قوادري علي
21-10-2013, 11:24 AM
نص سردي مميز لقلم رصد أدق تفاصيل نفسية حزينة لفراق صديق بل هو أخ
لم تلدة أمه وعودة لأماكن كانت تشهد صحبتهما ربما العنوان يحتاج للإعادة ..
شكرا جزيلا كاتبنا المميز عبد السلام.
عبد السلام دغمش
21-10-2013, 06:25 PM
نص سردي مميز لقلم رصد أدق تفاصيل نفسية حزينة لفراق صديق بل هو أخ
لم تلدة أمه وعودة لأماكن كانت تشهد صحبتهما ربما العنوان يحتاج للإعادة ..
شكرا جزيلا كاتبنا المميز عبد السلام.
أخي الشاعر والأديب قوادري علي
شرفتني بمرورك وقراءتك.
كان العنوان اختزالاً لتعلّق بطل القصّة بالماضي وبالذكريات وكأنه في اتصال معه يأبى أن يفارقه قبل أن يواجه الواقع بنظرة الرضا.
وقد تكون هناك اجتهادات أخرى للعنوان.
تحياتي.
ربيحة الرفاعي
11-11-2013, 09:06 PM
تصوير ماهر لمشاعر الفقد التي يعيشها بطل القصة وغوص في دخيلته بيّن قسوة انغلاقه على حزنه وحجب مشاعره للحياة النابضة من حوله
التفاصيل مكتوبة بعناية في سرد شائق ووصف ممتقن وحبكة ملفتة
راق لي ما قرأت هنا ايها المبدع
لا حرمك البهاء
تحاياي
عبد السلام دغمش
14-11-2013, 05:55 AM
تصوير ماهر لمشاعر الفقد التي يعيشها بطل القصة وغوص في دخيلته بيّن قسوة انغلاقه على حزنه وحجب مشاعره للحياة النابضة من حوله
التفاصيل مكتوبة بعناية في سرد شائق ووصف ممتقن وحبكة ملفتة
راق لي ما قرأت هنا ايها المبدع
لا حرمك البهاء
تحاياي
الاخت ربيحة الرفاعي
قراءة كاشفة لأبعاد النصّ أديبتنا الفاضلة.
شرفني مروركم و بارك الله في جهدكم.
خلود محمد جمعة
18-11-2013, 10:34 PM
أعدتني الى المدرسة وذكرياتها
صديقتي التي ذهبت ولم تعد
لم تمت لكن لفتها الأيام برداء الإغتراب
في كل مرة أمر من ذلك الشارع الذي حرثناه بقدمينا أخالني أرى خيالها يلوح من بعيد
وفي كل مرة أمر من باب بيت أهلها أهم أن أقرع الجرس
ياسمينة لحرفك الناطق
ياسمينة لكل من رحلو بعيداً
ياسمينة لصديقتي
دمت بخير مودتي وتقديري
عبد السلام دغمش
20-11-2013, 06:19 PM
أعدتني الى المدرسة وذكرياتها
صديقتي التي ذهبت ولم تعد
لم تمت لكن لفتها الأيام برداء الإغتراب
في كل مرة أمر من ذلك الشارع الذي حرثناه بقدمينا أخالني أرى خيالها يلوح من بعيد
وفي كل مرة أمر من باب بيت أهلها أهم أن أقرع الجرس
ياسمينة لحرفك الناطق
ياسمينة لكل من رحلو بعيداً
ياسمينة لصديقتي
دمت بخير مودتي وتقديري
الأخت خلود
قراءة طيبة وتفاعل مع النص .
أشكرك أختاه على هذا التعليق وكأنه قطعة أدبية.
وافر تحياتي.
فاكية صباحي
12-12-2013, 07:04 AM
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
وكم من عزيز مضى وترك لنا بعض صداه يوسد القلب على حين غفوة من لقاء ساربٍ خلف أفق غائم
لقد تشابكت الحروف هنا وهي تحاول فك خيوط شديدة العقد
فمن قال بأن الموت قد يفرق بين الأرواح
كثيرون هم الذين يرحلون حياةً أو موتاً ولكن صدى صوتهم يبقى يناوشنا جيئة وذهابا
لنعيش بعالمهم حتى وإن صحونا منه على صفعات الوهم
هذه صورة حية لوفاء يندر وجوده في هذه الأيام
بوركت أستاذ عبد السلام على هذا السرد الماتع
تقبل مني خالص التقدير
عبد السلام دغمش
13-12-2013, 03:49 PM
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
وكم من عزيز مضى وترك لنا بعض صداه يوسد القلب على حين غفوة من لقاء ساربٍ خلف أفق غائم
لقد تشابكت الحروف هنا وهي تحاول فك خيوط شديدة العقد
فمن قال بأن الموت قد يفرق بين الأرواح
كثيرون هم الذين يرحلون حياةً أو موتاً ولكن صدى صوتهم يبقى يناوشنا جيئة وذهابا
لنعيش بعالمهم حتى وإن صحونا منه على صفعات الوهم
هذه صورة حية لوفاء يندر وجوده في هذه الأيام
بوركت أستاذ عبد السلام على هذا السرد الماتع
تقبل مني خالص التقدير
الأخت فاكية
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
كثيرون ممن انتهى بهم درب الحياة لا تزال اثارهم باقية في النفوس .
تقديري لكم ولهذه الاضاءة.
تحياتي.
نداء غريب صبري
04-02-2014, 10:21 PM
قصة جميلة ومؤثرة فيها استرجاع واستذكار وإبداع
شكرا لك أخي
بوركت
عبد السلام دغمش
10-02-2014, 07:09 PM
قصة جميلة ومؤثرة فيها استرجاع واستذكار وإبداع
شكرا لك أخي
بوركت
الأخت نداء
الأجمل مروركم شاعرتنا الفاضلة ..
تقديري لكم.
مازن لبابيدي
11-02-2014, 03:04 PM
مبدع أخي الشاعر الأديب عبد السلام دغمش
أتعرف على زاوية جديدة من أدبك الراقي هنا .
قصة قصيرة غنية بحدثيتها وحبكتها وتوصيفها وسردها بلغة غنية وعبارة جميلة .
أبقيت على غموض يلف مصير الصديق لحساب الحدث الأبرز في القصة وهو تفاعل بطلك مع الواقعة التي كان غائبا عنها ، ربما لسفر .
أعجبني جدا وصفك لتصرفات البطل وحركاته تحت تأثير الصدمة ، ثم الفيض العاطفي الذي رافق الذكريات في المكتبة والمقهى مع حالة من الإنكار تجلت في تكرار الاتصال والتي توحي من خلال رد الطرف الآخر أن الغياب - أو الموت إن كان - لم يكن بسبب طبيعي .
عودة الانخراط في المجتمع والانتباه لعناصر التطور الطبيعي فيه وجدتها مشعرا لتسليم البطل بالأمر الواقع مع نظرة تفاؤلية .
ربما يؤخذ على القصة بعض الإطناب وقابلية التكثيف ، لكني وجدتها مع ذلك ممتعة وهذا مما أراه شرطا في القصة الناجحة .
تقديري وتحيتي
عبد السلام دغمش
12-02-2014, 07:27 PM
استاذي الدكتور مازن لبابيدي
سعيدٌ بمروركم وقراءتكم للنص المتواضع وبملاحظاتكم.
أما عن الاطناب وقابلية التكثيف .. فإن لي نزعة أهوى فيها الوصف .. ولعلي لم افلح في مقاومتها... لكنني أسعى أن لا تأخذ النصّ جانباً عن محور القصة ..
مع امتناني الكبير .
ناديه محمد الجابي
12-01-2024, 09:05 PM
حاول أكثر من مرة الإتصال بصديق العمر في محاولة لرفض فكرة إنه لن يراه مرة أخرى
أحسنت رسم لوحة المعاناة لألم الفقد بسرد قصي شائق في مشهد إنساني
عميق بفكرته ومضامينه.
لنجد إنه في النهاية بدأ في إدراك ما حوله من حياة وضجيج لنعرف أن الحياة
لا تتوقف بموت أحد.
أجدت وأبدعت فشكرا لك.
:v1::nj::0014:
أسيل أحمد
16-01-2024, 11:57 AM
وصف بإسهاب لمكان يحمل ذكريات صديق العمر حيث كانت تجمعهما جلسات تصافحت فيها الأرواح
ومحاولة جديدة بالإتصال للغائب وكأنه يتوقع أن يرد عليه ــ ثم الرجوع مرة أ خرى إلى ضجيج الحياة والإنخراط فيها.
نص مائز بمعناه وسرديته الرائعة وقصة ماتعة مؤثرة. وتصوير قصي موفق.
سلمت يداك ودمت بكل خير.
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir