تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الطريق الى مراجعات الاخوان (1)



هشام النجار
25-09-2013, 10:45 PM
هل يجادلُ أحد فى وجوب مراجعة الاخوان المسلمين أخطائهم ؟ سأطلبُ من القارئ – مهما كان انتماؤه - تأجيلَ النظر فى اجابته عن هذا السؤال لحين انتهائنا من هذه الحزمة من المقالات حول هذه المسألة الحيوية الشائكة .. والمصيرية .
جانب أساسى من أسباب عدم المُصارحة والشفافية الاخوانية ، وعدم الكشف الكامل عن الحقائق بتفاصيلها المثيرة والمدهشة والمهمة ، وعدم الاعتراف الذاتى بأخطاء الماضى الكثيرة والخطيرة والتراجع عنها ، يتعلق بأهمية الاخوان المسلمين وثقلهم فى المشهد المصرى ، تاريخاً وفكراً ونضالاً ومقاومة وصراعاً سياسياً محموماً ، بشكل يعز على أصحاب الشأن مباشرة هذا الملف الشائك بأنفسهم ، خاصة فى فترات ذروة الصراع لتجنب التأثير على معنويات المؤدين والأتباع ، ولعدم اهداء الخصوم هدايا مجانية .
يعملُ الاخوان ألفَ حساب لبُعديْن هامين على مسار التكتم والاعراض عن ملف المراجعة ؛ فالاخوان يريدون حركة اسلامية خاضعة لهم غير متفوقة عليهم ، واسلاميين ينظرون الى الجماعة الأم على الدوام نظرة انبهار وانقياد وشغف ، ولذلك نادراً ما يعترفون بأخطائهم فى محيط الحركة الاسلامية حتى لا تسقط هيبتهم .
وهم يريدون شعباً متعاطفاً معهم ، مؤازراً لمواقفهم ، داعماً لاختياراتهم ، فلا داعى للتنبيش فى الماضى وتقليب الأخطاء وذكر المساوئ ؛ فهذا يؤدى لفقد مزيد من الأنصار لصالح المنافسين السياسيين .
لن تجدى محاولات الالحَاح على الاخوان لمراجعة أخطائهم فلن يفعلوا ، وعلى الحركة الاسلامية التى تضررت كثيراً من أغلاط " الأستاذ " وسقطتْ فى كثير من الاختبارات بسبب متابعته على الخطأ ، وعلى الشعب الغافل عن كثير من الحقائق المهمة التى تتعلق بحاضره ومصائر أجياله ، أن يقفوا مع الاخوان المسلمين وقفة تاريخية جادة للمراجعة ، توثق الأخطاء وتوزع الخطايا بالعدل على المتصارعين ، ثم ليستكشفوا ذواتهم وليتخذوا قراراتهم النهائية بالانحياز أو الحياد أو التأييد ، التى لن تكون هذه المرة الا فى صالح الوطن ، لا لهذا الحزب الذى كذب من أجل السلطة ، أو ذاك التيار الذى أخفى الحقائق لخداع الجماهير .
المفكر الاصلاحى الكبير الشيخ محمد الغزالى ، هو أحد العلامات البارزة على طريق مراجعات الاخوان المسلمين – لذلك يعمدون تغطيتها وتجاهلها – يؤكد أن المراجعة ليست تراجعاً عن الثوابت والأصول ، بل هى الحساب العقلى الشديد على الموقف من أنفسنا ومن ديننا ، وماذا فعلنا وماذا تركنا وماذا قدمنا وماذا أخرنا ؟
وهى ضرورية ولا مفر منها حتى لا يطول الشرود عن الحق حال مفارقته ، لنعرف بدقة ما الخطأ الذى ارتكبناه وما الصواب الذى نتشبث به ؟
وأولى خطوات المراجعة الاعتراف بالخطأ والأغلاط المتدرجة فى شناعتها ومأساويتها – من وجهة النظر السياسية - ، والأخطاء كثيرة ومفزعة ومتغلغلة ، وكل محاولة للنهوض دون اجراء هذه المراجعات لا طائل من ورائها ، بل هى فقط تكرار للمأساة .
جميل هو تعليق الشيخ الغزالى على هذا الموقف النادر الذى جمعه بالشيخ حسن البنا ، فقد التقاه قبل يوم استشهاده وعانقه وأفزعه أنه يعانق عظاماً معلقة عليها ملابس ؛ فقد كانت الهموم قد اخترمت جسد الرجل فلم تبقِ منه الا شبحاً يحملُ وجهه المغضن العريض ، وقالَ له – يحدثه كما يحدث أى تلميذ له - : " لو استقبلتُ من أمرى ما استدبرتُ لعدتُ بالجماعة الى أيام المأثورات " !
بعدَ تلك الجملة من فم البنا التى أعقبتها الرصاصات ، ندركُ أن لو كان عاشَ بعدها رحمه الله ، لقادَ بنفسه الحركة الاصلاحية ومعركة المراجعات داخل جماعته .
لكن لنقرأ تعليق الغزالى ونحن نلقى نظرة اليوم على الاخوان والاسلاميين ، ثم نظرة على الناس والعوام .. يقول : " استبنتُ ما يعنى – يقصد الشيخ البنا - ؛ لقد واجهتْ قلة من المؤمنين طوفاناً من المتاعب والمآسى نما مع الليالى السود ! أين الناس ؟ أين المسلمون ؟
وهؤلاء المصلون الخارجون من المساجد أما يهتمون بدينهم الموشك على الغرق ؟ انهم كثيرون لكن لا وعى ولا حراك ! ان السواد الأعظم يحتاج كلَ الاحتياج الى احياء تربوى طويل ، والمعركة قبلَ ذلك قليلة الغناء " .

ناديه محمد الجابي
07-10-2013, 10:48 PM
هل يجادلُ أحد فى وجوب مراجعة الاخوان المسلمين أخطائهم ؟
جميل ان يكون هذا هو رأيك
سأتابع معك مجموعة مقالاتك حول هذه المسألة الحيوية
وأتمنى أن أجد فيها مراجعة عقلية منطقية
ولك تحياتي.

هشام النجار
08-10-2013, 12:22 AM
شكراً جزيلاً أستاذة نادية ، وأنتظر قراءتك المعمقة واسهاماتك النافعة ورأيك السديد ، وقد وضعت اليوم المقال السابع من هذه السلسلة التى ارجو ان أكون اسهمت فيها ببعض الجهد كعلامات مضيئة على هذا الطريق الضرورى

سامية الحربي
12-10-2013, 11:43 PM
هل يجادلُ أحد فى وجوب مراجعة الاخوان المسلمين أخطائهم ؟
لا أعتقد أن أخطاء الإخوان تخفى على أحد إلا على أصحاب القوقعة الذين لا يرون أبعد من أنوفهم .
أتمنى أن تكون سلسلة المقالات هذه نواة يتخذها الإخوان لتصحيح مسارهم وهم قد أٌعطوا السلطة في مصر ولم يراعوا قيمة هذه التقليد .أدافع عن الإخوان لأن دور المظلوم يتلبسهم في أحايين كثيرة منذ تأسيس هذه الجماعة في مصر ,ومجاهدون في سوريا, و لكنهم خونة في العراق وهذا يشعب الحديث عنهم و يستلزم التفصيل عند الحكم عليهم ومن ثم تقييم أخطائهم لتصحيح المسار و يبدو أن هذه الجماعة تمرض لكن لا تموت.
و إذا كان الشيخ البنا تراجع عن بعض أدبيات الجماعة فمن الأولى أن يراجع البقية الطريق .بدأت بقراءة هذه السلسلة المقالية تمنياتي لك التوفيق والسداد .تقديري الكبير.

بهجت عبدالغني
19-10-2013, 07:18 PM
هل الإخوان بحاجة إلى مراجعات ؟
بكل تأكيد .. نعم ..

وليست ضرورة المراجعات مقتصرة على الإخوان فقط ، بل لا بدّ لكل التيارات والجماعات الإسلامية العاملة على الساحة من تفعيل النقد الذاتي ، فهذه المراجعات ضرورة شرعية وواقعية ..
والمراجعات ليست ـ كما يفهمها البعض ـ رجوع عن الأخطاء أو الإشارة إلى سلبيات لمعالجتها فحسب ، بل هي تحديد أيضاً لمواقع القوة ، واستثمار الايجابيات ، كما أنها نظر في فتاوى وآراء ليست بالضرورة خاطئة ، وإنما جاءت مناسبة زماناً أو مكاناً أو موقفاً ما ، والفتوى كما هو معلوم تتغير بتغير الزمان والمكان والعوائد ..
وهي ضرورية لتغير أنماط الحياة الاجتماعية ، وأساليب التواصل ، وانفتاح العالم على بعضه .. فإزاء هذه التغييرات لا يمكن لأي جماعة أن تجمد على الطرق والأساليب القديمة ، وعليها أن تجدد خطابها وأساليبها بما يتوافق مع العصر ، وإلا وقعت في إشكالات كثيرة من داخلها وخارجها ..

بل ونحتاج إلى مراجعات في تراثنا الفقهي ، وهي مهمة ملقاة على عاتق الجميع دون استثناء ، ففي السياسة الشرعية لا زلنا مقيدين بما كتبه الأقدمون ، مع أن مسائل السياسة الشرعية في أغلبها ـ ربما ـ مبنية على مراعاة الواقع والموازنة بين المصالح والمفاسد ، وإعمال سد الذرائع ، وكل ذلك من المتغيرات ..
بل إن مفاهيم أصيلة في إسلامنا تلاشت تدريجياً وحلت محلها مفاهيم ليس لها في شريعتنا أي مستند ، كغياب مفهوم الشورى ، وبروز مفهوم ( إمامة المتغلب ) !

وبالعودة إلى الإخوان ، أقول إنهم بحاجة كبيرة إلى المراجعات ، فهم الجماعة ( الحركية ) الأبرز في الساحة ، ولذا فمسؤوليتهم أكبر ، أمام الله تعالى ومن ثم أمام التاريخ ..
عليهم أن يسمعوا إلى الأصوات الناقدة من داخل التنظيم أو من خارجها ، فإذا كان ذلك النقد حقاً فعليهم الرجوع إلى الصواب ، فالرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل ، وإذا كان النقد لمجرد تشويه الصورة ، وكيل التُهم من غير دليل ولا بيّنة ، فعليهم حينها أن يوضحوا الحقائق بطرق علمية واضحة ، وليس بخطابات عاطفية ..

وإذا كان مؤسس جماعة الإخوان حسن البنا رحمه الله تعالى ، كان قد أعلن عن رغبته في القيام بتلك المراجعات ، كما نقل عنه الشيخ الغزالي ، أليس من باب أولى أن يسير الإخوان ، وعلى رأسهم قياداته ، على نهج المؤسس ؟



الأستاذ العزيز هشام النجار
تقبل مروري وقراءتي



تحاياي