المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شــــــاهد إحتـــلال



عبدالسلام العطاري
08-02-2005, 07:18 PM
شاهد احتلال
-1-

الاعزاء / شهادات على واقع مر جاء بعد حين وان كان منذ ردح من الزمن يحكى على اعتاب مقهورة في ازقة مخيمات فُرضت ان تكون على اجيال واجيال تنتظر على رصيف العودة ان تكمل ذكرياتها تحت شجرة برتقال ياقوية او على باب طابون في اللد او ربما امام شاهد آخر هو انتم / الزملين الصحفيين في جريدة الدستور الاردنية /جمانة ابو حليمة وكمال زكارنة كانوا في وقت مضى قد اقطتفوا شيئا من هذه الحكايات على وقع شهادات مؤلمة ما زالت تتنظر /

لهم منكم ومن مني اجمل باقة ود ومحبة دائمةعلى منحهم لي هذا الحق بتصرف وبالنشر .

/ عبد السلام العطاري /

شاهد احتلال
1/ 25

ظل الفلسطيني برغم ترحيله وتهجيره القسري منذ نكبة 48 مروراً بنكسة 67 اكبر بكثير من مساحة المخيم المقترح عليه، وظلت ذاكرة اللجوء الأول والنزوح الثاني تنشط باتجاه البوح لأصغر الأحفاد عن حادثة العدوان الاسرائيلي التي اقتلعت الفلسطيني من مكانه الأول "الوطن" واذا كانت الشفاهية ورغبة النطق قد رافقت الفلسطيني لأكثر من نصف قرن مضى، فإن على الموثقين العودة لسماع الحكاية من اصحابها، ولكي تأخذ حادثة التهجير وما رافقها وضعها الصحيح في التاريخ. إذا ان الشفاهية التي ظلت تعتقل القضية الفلسطينية وتفاصيلها تحتاج منا إلى اعادة اطلاقها كي تضيء على فجيعة التهجير الفلسطيني لتكشف عن ادق تفاصيل هذا العدوان. و"الدستور" اذ تفتح ملف "الشفاهية" الفلسطينية هنا على لسان شاهد عيان فإنها تأمل ان تنقذ بعض ادق تفاصيل احتلال فلسطين وتهجير اصحابها. وانقاذ الحكاية.
مريم ياسين ابو دية: في مخيم البقعة ..
اقتلعنا نبات العدس وافترشناه في الخيام للنوم عليه
"كنا نائمين بطمأنينة في احدى ليالي شهر رمضان المبارك في العام 1948 فإذا بالمجرمين اليهود الصهاينة يهاجمون تل الصافي – قضاء الخليل من جميع الجهات ويطلقون النار في كل الاتجاهات وشرد اهلها فلجأ معظمهم إلى قريتنا".. هذا ما بدأ بالحديث به معنا الحاجة مريم ياسين ابو دية التي تبعد قريتها ومسقط رأسها "عجور" عن تل الصافي كيلو مترين فقط، حيث ان هاجس الاحتلال ومرارته وارهابه لا يزال يشغل الحيز الأكبر في ذاكرتها الفلسطينية.
"بعد ان احتل اليهود قرية تل الصافي ولجأ من اهلها من لجأ الينا وقتل من قتل، واصلوا هجومهم على قرى اخرى فهاجموا قرية دير الذبان القريبة من قريتنا، اذ كنا انذاك في البيارة وقمحنا هناك. قال الناس ان اليهود دخلوا "جدر البلد" (عجور) فقام والدي بترحيلنا انا واخوتي الثلاث وشقيقاتي، أخذ الناس حلالهم ورحلوا ورحلنا معهم إلى خربة اسمها حوران – في قضاء الخليل – وهذه الخربة كلها مغارات وبدود، اقمنا فيها ليلتين.
طاردنا اليهود من بيت جبرين ومن ثم من دير نخاس إلى زكريا ثم خرجنا سيرا على الأقدام مع حلالنا إلى تبولة ومن ثم إلى دير ابو كبسة حيث كان من المفترض ان يكون جهز لنا مخيم هناك.
لحق بنا اليهود فرحلنا إلى خربة دير ابو الجلود وهناك باع والدي الغنم ورحلنا إلى مخيم الفوار حيث كنت على وشك انجاب ابني الأول، لم نمكث طويلا في مخيم الفوار، لظروف مختلفة، فرحلنا إلى اريحا واقمنا في مخيم عقبة جبر لسنة 1967 وهناك انجبت ثلاثة اولاد وبنتين.
في العام 1967 بعد العدوان الاسرائيلي هاجرنا إلى مخيم سوف في جرش حيث كان الجو سيئا جداً فالأمطار غزيرة ونحن في العراء ومن هناك رحلنا إلى مثلث دامية في غور الأردن وهناك بدأ اليهود بقصف المخيم بشكل متواصل، فقد استمروا بإطلاق الرصاص علينا وعلى اطفالنا بهدف ابعادنا عن المخيم المحاذي لفلسطين لكي نبتعد عنها اكثر.
هربنا من دامية إلى مخيم البقعة، واذكر اننا عندما وصلنا المخيم كانت الأرض مزروعة بالعدس واضطررنا لقلعة وافتراشه داخل الخيم حيث لم نكن نملك أو نحمل ما نفترش به الأرض نحن واطفالنا الصغار وشيوخنا.
لا زلت احلم بالعودة إلى عجور وادعو الله دائما ان يحقق لي هذا الحلم قبل ان اموت.

عبدالسلام العطاري
08-02-2005, 07:24 PM
شاهد احتلال
-2-
ظل الفلسطيني برغم ترحيله وتهجيره القسري منذ نكبة 48 مروراً بنكسة 67 اكبر بكثير من مساحة المخيم المقترح عليه، وظلت ذاكرة اللجوء الأول والنزوح الثاني تنشط باتجاه البوح لأصغر الأحفاد عن حادثة العدوان الاسرائيلي التي اقتلعت الفلسطيني من مكانه الأول "الوطن" واذا كانت الشفاهية ورغبة النطق قد رافقت الفلسطيني لأكثر من نصف قرن مضى، فإن على الموثقين العودة لسماع الحكاية من اصحابها، ولكي تأخذ حادثة التهجير وما رافقها وضعها الصحيح في التاريخ. إذا ان الشفاهية التي ظلت تعتقل القضية الفلسطينية وتفاصيلها تحتاج منا إلى اعادة اطلاقها كي تضيء على فجيعة التهجير الفلسطيني لتكشف عن ادق تفاصيل هذا العدوان. و"الدستور" اذ تفتح ملف "الشفاهية" الفلسطينية هنا على لسان شاهد عيان فإنها تأمل ان تنقذ بعض ادق تفاصيل احتلال فلسطين وتهجير اصحابها. وانقاذ الحكاية.
احمد العايدي: كنا ندفن المحاصيل الزراعية في حفر عميقة في الأرض كي تسلم من اليهود
من بسط الفالك – قضاء طولكرم التي تمتد على ساحل البحر الأبيض المتوسط حتى تصل إلى طيرة بني صعب غرب الطيبة والطيرة. التقينا السيد احمد حسن علي العايدي ابن الثمانين عاماً، في مخيم البقعة فحدثنا طويلاً عن هجرته ومعاناته التي عاشها منذ العام 1948 حتى الآن.
كنا في بسط الفالك في العم 1948 نعيش حياة هادئة مستقرة نزرع ونربّي الحلال حتى اصبحت الحياة صعبة للغاية ومهدّدة بالمخاطر عندما بدأت العصابات الصهيونية تهاجم الناس وتسرق حلالهم وتهدد حياتهم وتزرع الخوف في نفوسهم، حتى ان اليهود الذين كانوا يعيشون بسلام على اطراف القرى الفلسطينية ويعملون في الزراعة ايضاً اخذوا يحذروننا من ارهاب العصابات الصهيونية وخاصة "الهاجاناه" وفعلاً بدأت العصابات تهاجم القرية وتوقع العديد من الشهداء وتدمر أملاك المواطنين وتقتل مواشيهم، وتحت وطأة ما حدث اضطررنا إلى الرحيل من بسط الفالك إلى جنوب فلسطين، بعض اهلة القرية هاجروا إلى غزة والبعض الآخر إلى خانيويس، اما انا وعائلتي فهاجرنا إلى بئر السبع.. قضينا فيها شتا ء كاملاً.
كنا نعمل في الزراعة هناك، وعندما نجني المحصول كنا نحفر حفراً كبيرة في الأرض وندفن فيها المحصول وثم نغطيها بالتين ونخفي أي اثر لها بواسطة الحلال، حتى لا يتمكن اليهود من مصادرتها أو اتلافها.
من بئر السبع رحلنا إلى الظاهرية قضاء الخليل ثم إلى السموع وقرى اخرى من قرى قضاء الخليل، حيث كانت هذه القرى عبارة عن محطات لالتقاط الأنفاس، ثم نواصل الرحيل.. إلى ان وصلنا إلى مدينة القدس ومنها إلى اريحا ومن هناك رحلنا شمالاً إلى طيرة بني صعب ومنطقة طولكرم وهناك التحقت بصفوف الثوار المناضلين ثم رحلنا إلى صندلة ومقيبلة – شمال جنين ومرج ابن عامر وهناك كان لأكل البطيخ اثره في رفع معنويات المقاتلين، فمن شدة حلاوته كانت يد المقاتل تمسك البارودة بقوة وصلابة.
في جنين قضينا صيفاً كاملاً حيث كنا نقيم في جبل الدّن مقابل المزار ثم إلى قرية دير غزالة – قضاء جنين ايضا وقضينا فيها عدة شهور ومن ثم سكنا في صانور وعملت هناك في تجارة الحلال.. ومن صانور إلى قرية السيلة ثم إلى الفارعة التي اقمنا فيها حتى العام 1967.
وعندما حدث عدوان حرب الأيام الستة، في ذلك العام رحلنا إلى الغور شرقي النهر وعشنا فيه 10 سنوات قضينا فيها اوقاتاً عصيبة، حيث الحر الشديد والزواحف والقوارض. عملت خلال هذه الفترة في عدة مجالات لكن بيع الحلال هو الرئيسي ومن الغور رحلنا إلى مخيم البقعة.. كم اتمنى العودة إلى فلسطين وشاطئ البحر الأبيض المتوسط "من طين بلادك حط على خدادك".

عبدالسلام العطاري
08-02-2005, 07:28 PM
شاهد احتلال
-3-ظل الفلسطيني برغم ترحيله وتهجيره القسري منذ نكبة 48 مروراً بنكسة 67 اكبر بكثير من مساحة المخيم المقترح عليه، وظلت ذاكرة اللجوء الأول والنزوح الثاني تنشط باتجاه البوح لأصغر الأحفاد عن حادثة العدوان الاسرائيلي التي اقتلعت الفلسطيني من مكانه الأول "الوطن" واذا كانت الشفاهية ورغبة النطق قد رافقت الفلسطيني لأكثر من نصف قرن مضى، فإن على الموثقين العودة لسماع الحكاية من اصحابها، ولكي تأخذ حادثة التهجير وما رافقها وضعها الصحيح في التاريخ. إذا ان الشفاهية التي ظلت تعتقل القضية الفلسطينية وتفاصيلها تحتاج منا إلى اعادة اطلاقها كي تضيء على فجيعة التهجير الفلسطيني لتكشف عن ادق تفاصيل هذا العدوان. و"الدستور" اذ تفتح ملف "الشفاهية" الفلسطينية هنا على لسان شاهد عيان فإنها تأمل ان تنقذ بعض ادق تفاصيل احتلال فلسطين وتهجير اصحابها. وانقاذ الحكاية.
خليل العبد ابراهيم: زرع اليهود الألغام الأرضية في طرقات القرية قبل مهاجمتها
خليل العبد ابراهيم.. بعد ثمانين عاما من المعاناة المتواصلة التقيناه في دكان صغير في احد ازقة مخيم البقعة في مدينة عمان…..
"ولدت في العام 1923 في قرية صرفند الخراب- قضاء الرملة والتي كان عد سكانها 1000 نسمة حيث عشت كل طفولتي درست للصف الرابع الابتدائي في مدرسة القرية "مدرسة صرفند الخراب" حيث كان اعلى صف في المدرسة وكنا بعد ذلك نكمل دراستنا في مدينة الرملة.
كان والدي يملك بيارتين فيهما بئران ارتوازيان، وكان كل اهل القرية يشربون الماء منهما.
بعد الصف الرابع تعلمت مهنة الميكانيك من اليهود حيث كانوا يعيشون في اربع مستوطنات تحيط بقريتنا وهي رحوفوت، ليستيون، بئير يعقوب، ووادي جنين.. كانوا يعيشون في بيوت عادية لم تأخذ شكل المستوطنات الحالية. كانوا يعيشون حياة طبيعية لم يتعرضوا فيها لأي اذى من قبل اهالي القرية.
في الفترة ما بين العام 1940 – 1948 كنت اعمل ميكانيكا مع الجيش البريطاني حيث كنت اعمل في تصليح سيارات الجيش وعندما انسحب الجيش البريطاني رحلت معهم إلى رفح لمواصلة العمل هناك.
هاجرنا من قريتنا صرفند الخراب في العام 1948 عندما بدأ اليهود يقتلون أبناء القرية، حيث بدؤا يستخدمون شرقا مختلفة لذلك، هدفهم تهجيرنا وتشريدنا والاستيلاء على اراضينا. بدأوا باستخدام الألغام الأرضية. حيث قتل اثنان من ابناء القرية ومن ثم تمادوا في اعمال التخريب طرقا والقتل العمل والتدمير حتى الماشية قتلوها، فرحل جميع اهالي القرية إلى مدينة الرملة في صيف ذلك العام. اقمنا هناك حوالي شهر حيث استأجرنا بيوتا للإقامة فيها وكنا نعتاش من مبلغ من الماء حملناه معنا عند خروجنا، ثم رحلنا إلى جنين.
اذكر انه برز من قريتنا عدد من الثوار شاركوا في ثورة 1936 مع الحاج امين الحسيني رحمه الله ومنهم علي بدر ومصطفى عمارة والحوراني.
وقد استشهد علي بدر ومصطفى عمارة في اشتباك مع الانجليز الذين اقاموا بمطاردة الثوار.
من جنين رحلنا إلى اريحا، حيث اختارها من هاجروا لأن الطقس فيها حار وكانوا يرتدون ملابس خفيفة جداً وقليلة تناسب جو اريحا.
أقمنا في عقبة جبر، التي كانت تكثر فيها الأفاعي والعقارب، عشنا اياما صعبة للغاية، لا يحتملها بشر، ورغم ذلك حوّلنا الأرض التي كانت مسكنا للأفاعي والعقارب إلى بساتين صغيرة.
حيث بقينا هناك حتى العام 1967 فقد اصبح هذا المخيم عبارة عن مدينة فلسطينية جديدة تضم اهالي 120 قرية فلسطينية.
لقد سمعت من الناس عن مذبحة دير ياسين التي ارعبت كل المهجرين في المخيم.
وفي اريحا فتحت كراجا خاصا بي لتصليح السيارات، فعملت فيه لمدة 16 عاماً بعد ذلك سافرت إلى ليبيا، للعمل في نفس المهن واقمت هناك 20 عاماً، اما اهلي فقد رحلوا من اريحا إلى مخيم الوحدات في عمان في العام 1967م. عاشوا في هذا المخيم لمدة عامين ثم رحلوا إلى مخيم البقعة.
منذ مجيئنا إلى عمان، لم اذهب إلى الضفة الغربية، فأنا لا احتمل رؤية ارضي وهي محتلة، ولو اتيحت لنا العودة الكاملة إلى فلسطين فسأعود فورا بدون تردد أو تفكير".

عبدالسلام العطاري
08-02-2005, 07:32 PM
شاهد احتلال
-4-

الحاج محمد ابو مسلّم: في عام 48 جمع اليهود المئات في مسجد دهمش في اللد وادعموهم جميعا
سرح خياله بعيداً إلى مسقط رأسه في مدينة اللد في فلسطين بدأ يتذكر بيارات البرتقال وسكة الحديد وسوف البرين الذين كان ملتقى لمواطنين من دول عربية كثيرة كل يوم اثنين من كل اسبوع، ولم تفلت من ذاكرته جرائم ووحشية العصابات الصهيونية في قرى ومدن فلسطين
الحاج محمد ابو مسلّم من مدينة اللد ومن مواليد العام 1934 يروي لنا احداث هجرته من هناك إلى هنا..
كان عدد سكان مدينة اللد في عام 1948 حوالي 40 الف نسمة يعمل معظمهم في الزراعة وتربية الحلال، واراضيها زراعية وخصبة جداً، كما انها تتميز عن باقي المدن الفلسطينية بتربية وتجارة المواشي حيث كان يجتمع تجار الحلال كل يوم اثنين في سوق البرين، كل منهم يعرض حلاله، ولا يقتصر فقط على اهل فلسطين انما كان يشارك فيه تجار حلال من مصر وسوريا والعراق وغيرها من دول الجوار.
كما ان مدينة اللد كانت تشتهر بمعاصر السمسم والزيتون، فقد كانت تنتج كميات كبيرة من السمسم وزيته.
احتل الانجليز اللد وسلموها لليهود في عام 1948 حيث كان اول هجوم لليهود على مطار اللد. واستولوا عليه بسبب تفوقهم العسكري ومن اجل مقاومة اليهود وبسبب ضعف الامكانات قام اهالي اللد بتصفيح بعض السيارات لمواجهة الآلة العسكرية الصهيونية لكن لم تصمد امامها.
في شهر حزيران من ذلك العام وفي الليل هاجم اليهود مدينة اللد طوال الشهر فرحلنا في شهر تموز بعد ان حاصر اليهود المدينة من جميع الجهات واستولوا على جميع القرى المجاورة، فقد قاوم المناضلون العصابات الصهيونية بقيادة حمزة صبح لكن المقاومة لم تدم طويلاً بسبب التفوق العسكري وضعف امكانات المناضلين العسكرية، بالإضافة إلى ان اليهود استخدموا مكرهم في الهجوم على اللد حيث لبسوا لباس الجيش العربي ودخلوا إلى المدينة بسهولة وبدأوا يقتلون الناس دون رحمة.
وبعد ان دخلوا المدينة جمعوا اعداداً كبيرة من اهلها في جامع دهمش وادعموهم جميعا وظلت جثثهم في المسج المدمر لأكثر من عشرين عاما، إلى ان جاءت لجنة اصلاح المساجد في مناطق 48 وقاموا بترميمه فقاموا بإخراج الجثث منه ودفنها.
في هذه الاثناء رحلنا إلى برفيليا ثم إلى رام الله وبير زيت، ثم إلى مدينة نابلس حيث اقمنا في المساجد وتحديدا في جامع الساطور في حارة الياسمينة، عشنا في نابلس عامين ثم رحلنا إلى مخيم عسكر حيث اقمنا ثلاث سنوات.
في عام 19545 هاجرنا إلى عمان، مباشرة إلى مخيم الحسين الذين اقيم لاستقبال اللاجئين الفلسطينين، وبدأنا نعمل في بيع الخضرة ولا يزال هناك حتى هذه اللحظة، نعيش على امل الرجوع إلى الوطن فهو عزيز فالرسول الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، عندما هاجر من مكة إلى المدينة استدار نحو مكة وقال: "والله لولا أهلك اخرجوني منك لما خرجت".. الوطن مجبول بدمنا….

عبدالسلام العطاري
08-02-2005, 07:35 PM
شاهد احتلال
-5-
خليل المطري: في العام 1948 هاجم اليهود حي العجمي في يافا بمدافع "المورتر" ونسفوا السرايا
"لن انسى مدرستين.. مدرسة سمير عرفة .. طلاب الصف الرابع الابتدائي ..اساتذتي خاصة الاستاذ خير الدين ابو الجبين…".
ما زالت طفولة السيد خليل عبد القادر المطري حاضرة في ذاكرته بنقائها وشقاوتها، تلك الطفولة التي عاشها في حي العجمي في يافا حيث ولد هناك في العام 1937 وغادرها مع من غادروها مرغمين في العام 1948 عندما كان في الصف الرابع الابتدائي، التقيناه في مخيم الحسين حيث يقيم وسرد لنا بعضا مما تختزنه ذاكرته.
"كان والدي يعمل في التجارة في مدينة يافا يبيع الحلاوة والبقالة عندما هاجمنا اليهود في صيف العام 1948 بمدافع "المورتر" ونسفوا السرايا التي كانت مقر للايتام وتقدم خدمات خيرية مختلفة لأهل البلد.
واذكر انه في هذه الهجمات الصهيونية الوحشية استشهد من مدينتنا يافا المرحوم يوسف ابو غليون.
عندما اغتصب اليهود يافا رحلنا إلى عمان على الفور، حيث استأجرنا سيارة بملغ 150 جنيها، لتقلنا إلى الأردن، فسكنا في حي المهاجرين في وسط المدينة عمان لعدة شهور.. كانت حياة صعبة وقاسية جداً عانينا فيها الكثير، ثم رحلنا إلى إلى اللويبدة حيث قمنا ببناء "سقيفة زينكو" لنسكن فيها، ايضا الحياة كانت صعبة جدا، فقد تعرضها جميعاً، الشعب الفلسطيني للظل الشديد الذي لا يمكن نسيانه ابدا.
في العالم 1950 رحلنا من اللويبدة إلى مخيم الحسين الذي اعيش فيه حتى الآن مدينتي يافا مدينة رائعة.. اذكر انني كنت اسبح في البحر ثم انزل في ساعات الظهيرة إلى وسط البلد، قرب السرايا. لا زلت اذكر الحناطير، ذلك المشهد الذي لن يفارق ذاكرتي طالما حييت، كذلك اذكر الساعة التي كان يجتمع الشباب عندها كل يوم، يتسامرون ويتحدثون بأمور كثيرة تعنيهم. ومما اذكره في العام 1948 عندما خرجنا من يافا، اننا كنا نسير في قافلة كبيرة، وكان احد الشباب يحمل سلاحا، فأطلق الرصاص على يهودي فأراده قتيلاً، فرد اليهود بإطلاق النار على ذلك الشاب فقتلوه وجرحوا عددا من المواطنين.
خمسة وخمسون عاما ونحن نعيش في شقاء وحرمان وعذاب، لا ندري إلى متى سيستمر، وفي كل يوم يمر ننتظر الرجوع إلى فلسطين، إلى يافا".

عبدالسلام العطاري
10-02-2005, 01:22 AM
شاهد احتلال
-6-
عرفات حجازي: في 12 آذار 1948 استشهد منا 8 عندما تعرضت سيارتنا لرصاص اليهود بين المجدل وغزة
صحفي، مثقف ومؤرخ هضم القضية الفلسطينية بأبعادها وتفاصيلها عاش معظم احداث النكبة والنكسة وما تبعهما وشهد المعاناة وسمع عنها بحكم انتمائه وعمله وتنقله في مواقع المسؤولية.. غاص في وحل الكارثة التي حلت بفلسطين وشعبها .. الاستاذ عرفات حجازي يروي:
في مطلع عام 1954 التقيت مع نخبة من اهل بلدي في غرفة متواضعة في مخيم عقبة جبر بأريحا في الضفة الغربية وكان معنا ثلاثة اطفال من ابناء الشهداء الذين لم يبق لهم من معيل فاستأجرنا لهم غرفة متواضعة في المخيم من اجل رعايتهم ومن اجل الترحم على الشهداء ابائهم وامهاتهم الذين غدر بهم العدو الصهيوني وقتلهم دون ذنب جنوه..
وكنا الذين التقينا في ذلك الحين: محمد عبد الرحمن خليفة وكامل عريقات وزكي محمد سعدي ومحمود سعيد وقررنا ان لا نقصر رعايتنا على هؤلاء الأطفال الثلاثة بل لا بد من تحويل هذا الملجأ المتواضع إلى صرح يتناسب وما يستحقه هؤلاء الأحسن منا جميعاً الشهداء الأبرز الذين تركوا لنا فلذات اكبادهم حتى نهيئها لتواصل درب الجهاد والاستشهاد حتى بإذن الله يتحقق لهذه الأمة النصر…
مئات المجازر
وتاريخ العصابات الصهيونية في فلسطين حافل بالمجازر وليست مجزرة البراق عام 1929 التي ارتكبها هؤلاء الصهاينة عندما هاجموا العرب في القدس وهم يحتفلون بموسم البني موسى وقتلوا العشرات من العرب بداية المجازر مما تسبب بنشوب اولى الثورات الدامية التي عرفت باسم ثورة البراق التي كشفت عن النوايا الخبيثة التي كان يخطط لها هؤلاء الذين جاءوا إلى فلسطين على حراب ودبابات الانتداب البريطاني.
وعندما انهى الانتداب البريطاني وجوده يوم الخامس عشر من أيار 1948 وترك سلاحه وذخيرته للصهاينة المعتدين قام هؤلاء بارتكاب ابشع مجازر التاريخ عندما قاموا بإبادة وهدم 425 قرية في مختلف انحاء فلسطين وقتل سكانها وكانت مذبحة دير ياسين نموذجا حزيناً للمصير المؤلم الذي لقيه الأطفال والنساء على ايدي رجال العصابات من تسافي لؤمي وشتيرن والهاغناه الذين كانوا يخططون لإبادة الشعب الفلسطيني لانتزاعه من وطنه واغتصاب الأرض المقدمة التي رويت بدماء الفلسطينين.
ويوم الثاني عشر من آذار 1948 وقبل ان تنشب الحرب بين العرب واليهود وبينما كنا في ثلاث سيارات قادمة من يافا وما بين مدينتي المجدل وغزة قريبا من مستعمرة دير سنيد واذا بالنيران تنصب علينا من كل الانحاء واستشهد من ركاب هذه السيارات ثمانية مسافرين ما كانوا يتوقعون ان الغدر بلغ هذا الحد وقد كتبت النجاة لنا الباقين وكان عددنا اربعة من المرافقين!

مجزرة كفر قاسم
وهؤلاء الأعداء الصهاينة لم يكتفوا بما قتلوا وبما احتلوا بل انهم دائما يطلبون المزيد غير عابئين بما اقاموه بعد نكبة فلسطين من هدنات ووقف اطلاق النار وقد فعلوا في ذلك الحين ما فعلوه في الغزو الأخير للعراق وعندما استغلوا انشغال العالم بالحرب على العراق فقاموا باجتياح كل المدن والمخيمات الفلسطينية وكانوا كل يوم يقومون باقتراف مذبحة جديدة ويقتلون العشرات من الأطفال والنساء والأبرياء هذا الذي فعلوه اليوم سبق ان ارتكبوا مثيلا له عندما قامت كل من بريطانيا وفرنسا بالعدوان الثلاثي مع اسرائيل على مصر وفي اليوم العشرين من كانون الأول 1956 وبينما العالم منشغل بالحرب الثلاثية التي شنها الثلاثي العدواني على سيناء قام الجيش الاسرائيلي المجرم بارتكاب مجزرة من ابشع ما يمكن ان يفعله مجرم عندما اقتحموا احدى القرى العربية الواقعة في اسرائيل وهي قرية كفر قاسم وبينما كان سكانها المسالمون يغطون في نوم عميق واذا برجال الجيش المتعطشين للدماء يقتحمون القرية ويذبحون 42 طفلاً وامرأة وشابا من الوريد إلى الوريد ويحولون القرية المسالمة إلى مسلخ ولكن لذبح المواطنين العرب الذين لم يجدوا في اسرائيل من يخشى ربه وينقذهم من غدر هؤلاء المجرمين الحاقدين….

جمعية ابناء الشهداء
امام هذا الكم الكبير من ابناء الشهداء الذين وجدوا انفسهم بدون معين بعد الجرائم التي ارتكبها هؤلاء الغزاة المتعطشون للدماء ما كان منا ألا تأسيس جمعية لأبناء الشهداء واقمنا لها صرحا في مخيم عقبة جبر يحوي سكنا ومطاعم وغرفا دراسية واجنحة للتعليم المهني مثل الصناعة والحدادة والمنجرة وبعد شهور من افتتاح الجمعية ارتفع عدد ابناء الشهداء الذين اصبح لهم مكان يتشرف برعايتهم ارتفع عددهم من ثلاثة اطفال إلى ان تجاوزوا المايتي ابن شهيد وفي حفل الافتتاح اعلنا ان يوم الخامس والعشرين من آذار سيكون يوم الشهداء وهو الذي استمر الاحتفال به إلى ان بدأ الطلاب ينهون دراستهم وتدريبهم ولكن ليتوجهوا بعد ذلك إلى الميدان الحقيقي للحياة فكانت تلك الطلائع من جمعية البر بأبناء الشهداء هي طلائع العمل الفدائي وكم من خريجي جمعية البر بأبناء الشهداء قادوا فصائل الشعب الذي قرر ان يعد نفسه جيلا بعد جيل إلى ان تصبح اسرائيل هدفاً لانتقام هؤلاء الأبطال الذي يؤمنون ان اسرائيل لن تتوقف عن ارتكاب مجازرها ألا إذا ايقنت ان ابناء الشهداء اصبحوا قادرين على ان يكونوا المثال والقدوة التي رسمها لهم آباؤهم الشهداء حتى يتمكنوا من ارساء السلام العادل والدائم للشعب العربي الفلسطيني على ارضه التي رواها الآباء والأجداد بالدماء الطاهرة

عبدالسلام العطاري
10-02-2005, 01:25 AM
شاهد احتلال
-7-

عطاف ابو حميدة: وقع عدوان 67 ونحن في الحصيدة في مدينة الرمثا
كان عمرها خمس سنوات عندما تعرضت قرية ذكرين احدى قرى جبل الخليل لهجمات الاحتلال الصهيوني في العام 1948 كسائر القرى والمدن الفلسطينية التي شرد اهلها، التقيناها في مخيم البقعة في عمان لتسرد لنا مخزون ذاكرة الطفولة وقد بدت على وجهها ملامح الحزن والهم والكبر.
"عطاف محمد مسلم ابو حميدة، ولدت في قرية ذكرين، من اكبر القرى في جبل الخليل، وكان اهلي يعملون في الزراعة، مثل باقي اهل القرية وكانت بيوتنا بسيطة وصغيرة والحياة سهلة والجميع يعيشون كأسرة واحدة.
هاجمنا اليهود في العام 1948 مما اضطرنا للهجرة إلى يطا – ايضاً احدى قرى الخليل – لم يكن اهل القرية يملكون السلاح سوى بنادق قديمة كان يملكها بعض الشباب.
سبب خروجنا من القرية هجوم اليهود وما سمعناه عن مذابح نفذها اليهود الصهاينة في ديرياسين والدوايمة وتل الصافي، الأمر الذي ارعب الناس كثيراً، إذا سمعنا كثيراً عن جرائم بشعة نفذها اليهود بحق الناس هناك من قتل واغتصاب وتدمير.
كما عندما يحل الظلام وتبدأ ساعات الليل نهرب إلى الجبال للبحث عن مكان آمن للنوم فيه وفي النهار ونرجع إلى بيوتنا نطبخ ونغسل ونخبز.
كثير من الناس همّوا بالرحيل عندما شاهدوا بعض كبار القرية يحزمون امتعتهم للرحيل.
اقمنا في يطا سنتين عند اقارب امي ومعارف لجدي، واخذنا نعمل معهم في الأرض.
بعد ذلك خرج جدي إلى مخيم عين السلطان في اريحا ونحن خرجنا إلى منطقة اسمها الريحية، والتي تقع بين يطا والخليل وهي عبارة عن خربة واقمنا فيها فترة طويلة، حوالي 17 عاماً إلى ان حصل خلاف بين ابي وعمي فرحلنا إلى مخيم الفوار في الخليل وبقينا فيه حتى حزيران 1967.
عندما وقع العدوان الاسرائيلي عام 67 كنا نعمل في الحصيدة في مدينة الرمثا، حيث لم يكن هناك حدود بين الأردن وفلسطين آنذاك، وبقينا في الحصيدة، اذ لم تسمح الأوضاع من عودتنا إلى فلسطين، فلم نرجع إلى بلدنا ورحلنا بعد انتهاء موسم الحصيدة إلى مخيم الوحدات في عمان، في الرمثا كنا نتقاضى كمية من القمح "المد" مقابل عملنا، وقبل ان نرحل إلى مخيم الوحدات، رحلنا إلى ام الحيران في عمان واقمنا فيها سنة كاملة.
في حرب 1967 كنت "عروس جديدة" حيث لم يمض على زواجي سوى اربعة اشهر، حيث تركنا انا وزوجي كل ما نملك وعفشنا الجديد في عين السلطان حيث لم يتجرأ ولم يتمكن احد من الناس على حمل أي متاع.
بعد العام 1967 سمح اليهود للناس بنقل اغراضهم من فلسطين إلى الأردن فقط لتشجيعهم على الهجرة وعدم التفكير في العودة إلى ارضهم.
اتذكر اننا عندما هاجرنا من قريتنا كنا نمشي حفاة والدم يسيل من اقدامنا لكثرة ما مشينا باحثين عن مأوى.
من مخيم الوحدات رحلنا إلى مخيم البقعة الذي ما زلنا نقيم فيه حتى الآن ونحلم بالعودة إلى فلسطين وقريتنا ذكرين التي افضلها على افخم منازل الدنيا".

عبدالسلام العطاري
10-02-2005, 01:34 AM
شاهد احتلال
-8-


جميل محسن: في العام 1948 قتل اليهود "20" واختطفوا "30" من ابناء قريتنا "الغبّية"
ولد في العام 1928 في قرية من قرى الساحل الفلسطيني.. وشرد عنها في العام 1948 مع من شردتهم عصابات الاحتلال الصهيوني فعاشوا مرارة النكبة والتشرد إلى الآن… يعيش الآن في مخيم البقعة في بيت متواضع ينتظر العودة.
"انا جميل عبد الرحمن موسى محسن، من عشائر عرب التركمان، ولدت في العام 1928 في قريبة الغبية – قضاء حيفا والتي كان يبلغ عدد سكانها عام 1948 500 نسمة.
في العام 1948 دارت اشتباكات بين المناضلين الفلسطينيين وعصابات الإجرام الصهيونية. وعندما دخل جيش الانقاذ اشتبك هو ايضا مع العصابات الصهيونية، ألا ان الاشتباك لم يدم طويلاً وحصلت هدنة مدتها 48 ساعة تمكنت خلالها العصابات اليهودية من اعادة تجميع صفوفها ونقل جرحاها والتزود بالسلاح لتعود للمهاجمة من جديد بقوة وشراسة اكبر من ذي قبل.. لم يكن لدى المناضلين الفلسطينيين ألا اسلحة خفيفة ومعظمها غير صالح.
اذكر انه في هذه المعركة استشهد المرحوم عبد القادر الرزي من نفس البلد وأصيب علي الهنداوي وعلي الحسين بجراح وبعد الهجمات الصهيونية الوحشية المتتالية علنيا مع الفارق في التسليح لصالحهم رحلنا إلى قرية المنسي قضاء حيفا واقمنا فيها يومين.
هاجم اليهود قرية ابو شوشة المجاورة والتي كانت تسكنها عشائرة الشقيرات وقرية ابو زريق التي كان يسكنها عرب الطواطحة وقتل اليهود الكثيرين منهم فقد بلغ عددهم حوالي 20 شهيدا واختطفوا 30 آخرين.
ثم رحلنا إلى قرى اللجون ومصمس ومشيرفة وجميعها قرى مجاورة لقريتنا الغبية.
كانت هجرة صعبة وقاسية، لا طعام ولا ماء حيث لم نتمكن من حمل أي شيء معنا.
واستمرت الهجرة فقد توجهن بعد ذلك إلى قضاء جنين حيث ذهب قسم منا إلى قرية رمانة وقسم آخر إلى قباطية وهناك جاءت وكالة الغوث الدولية، احصونا وسلمونا بطاقات تموين وصرفوا 10 كيلوا طحين للنفر، لكن ما لبثت الوكالة ان قطعت هذه المعونة.
في العام 1953 رحلنا انا وعائلتي إلى الكرامة للعمل في المزارع هناك وعشنا فيها 20 عاماً "حياة مثل القطران".
في العام 1967 رحل بعض من هاجروا إلى عمان وبعضهم الآخر إلى اربد اما انا فرحلت من الكرامة إلى الجويدة واقمنا فيها ثلاثة اشهر مريرة حيث سكنا الكهوف إلى ان اخبرنا الناس أن الوكالة اقامت مخيما للمهجرين في البقعة فانتقلنا إلى هناك. كل حياتنا كانت تعيسة ونكرة.. كنت اعمل بعشرة قروش يوميا واحياناً بخمسة قروش لأعيل ابنائي الستة.
واود ان اذكر ان اول شهيد من قريتنا في العام 1948 كان ابن خالتي محمد شهاب العلي وآخرين لحقوا به منهم محمود عبد الرحمن نبهان في نفس القرية ومحمد اشتيوي ابو الرب من المنسي وجمعة الجندي وحمود السليم من المنسي.
ارضنا احسن ارض، فهي كلها مرح تمتد من جنين إلى بوابة حيفا كلها لعشيرتنا عرب التركمان.
اما العشائر التي كانت تسكن المرج فهي:
1- عرب العوادين – سكن في لد العرب
2- الشقيرات – قرية ابو شوشة
3- عرب الطواطحة – قرية ابو زريق
4- عرب العلاجمة – قرية المنسي
5- عرب ابن سعيدان قرية المنسي
6- عرب الضبايا + بني غرة – قرية المنسي.
هذه العشائر السبع تشكل بمجموعها عرب التركمان.
والله انني مستعد للعودة إلى بلدي لو اعيش في كهف أو مغارة.

عبدالسلام العطاري
10-02-2005, 01:37 AM
شاهد احتلال
-9-
رمضان الشطرات: عام 1948 قتل اليهود مجموعة من ابناء قريتنا دير نخاس بدم بارد
كان يبلغ من العمر خمسة اعوام عندما خسرت تركيا الحرب.. وكان يجلس مع بنات عمه الأربع واخته تحت شجرة التين في قريتهم دير نخاس قضاء الخليل عندما هاجم اليهود القرية في العام 1948 في أواخر شهر رمضان المبارك فنهبوا ما نهبوا وقتلوا من قتلوا… وها هو السيد رمضان عبد الفتاح الشطرات الذي تجاوز عمره 90 عاما يقبع في مخيم البقعة ويقص لنا الحكاية.
"طلعنا من دير نخاس – قضاء الخليل في العام 1948 لا نعرف إلى اين نتجه، فأقمنا وعائلات اخرى مهاجرة في الخرب، وبعد سنة من الشتات نصبت لنا خيم في مخيم بير السفلى الواقع بين اذنه وترقوميا حيث اقمنا فيه ثلاثة اشهر ثم رحلنا منه إلى مخيم الفوار حيث اقمنا هناك فترة ست سنوات من العام 1949 حتى العام 1955. كان الوضع صعبا والحياة يرثى لها حيث لا عمل يعمله من تركوا اراضيهم ولا مال ولا طعام.. وضع صعب للغاية.
من مخيم الفوار رحلنا إلى مخيم عين السلطان في اريحا، وهناك كنا نعمل بأجر قليل جدا لا يتجاوز 15 قرشاً يومياً.. عشنا فيه 15 عاماً من العام 1955 حتى العام 1967.
في العام 1967 بدأت هجرتنا إلى الأردن اثر العدوان الاسرائيلي على اراضي الضفة الغربية.. كانت رحلة العبور إلى الأردن شاقة وقاسية جدا فمعاناتنا آنذاك لا توصف.. فالجسور مدمرة والطرق غير آمنة.
واذكر انه في العام الذي سبق عام النكسة كنا نعمل في الحصيدة في الضفة الشرقية، كنا نجوب المحافظات الأردنية بحثا عن عمل في هذا المجال خاصة واننا كنا في فلسطين مزارعين ونملك اراضي واسعة وخصبة نزرعها ونجني ثمارها.
كما اذكر انه في العام 1948 عام النكبة عندما رحلنا، قتل اليهود ثلاثة من رجال قريتنا هم مسلّم وعبد وسليمان وتمكن صديقهم الرابع الذي كان برفقتهم آنذاك من الإفلات، حيث كانوا يحضرون العلف للمواشي عندما قتلهم الصهاينة مع بزوغ الشمس وبدم بارد، وابن سالم ابراهيم قتل عندما انفجر فيه لغم اسرائيلي في قريتنا. اما محمد رباح فقد قتل في مكان يقع بين الدوايمة واذنا.
اعرف فلسطين "بالشّبر" من اقصاها إلى اقصاها.. كنا نحلم بالعودة دائما ونتمناها ولا زلنا حتى الآن وانا الذي تجاوز عمري التسعين عاما اتمنى ان اعود إلى فلسطين.. إلى قريتي ولو ليوم واحد واموت وادفن هناك

عبدالسلام العطاري
10-02-2005, 01:42 AM
شاهد احتلال
-10-

محمد نبابته: هجم اليهود على قريتنا وامطرونا بوابل من الرصاص
قرأنا الحزن والمعاناة على تقاسيم وجهه الذي خط فيه الزمان قسوة الحياة.. يجلس امام احد المحال التجارية في مخيم الحسين في عمان يستعيد شريط ذاكرته في قريته القباب/ قضاء الرملة التي ولد فيها في العام 1935 وهجّر منها في العام 1948. محمد كايد نبابته.. ينتظر العودة.
"هجم اليهود على قريتنا القباب من جميع الجهات وامطروها بوابل من الرصاص الذي اثار الرعب في نفوسنا مما اضطرنا إلى الخروج ولم يبق احد في القرية، خرجنا لا نعلم إلى اين بعد ان استشهد عدد كبير من ابناء قريتنا استشهد الكثيرون من جميع الأعمار، رجالاً ونساء واطفالاً.. لم يرحموا احداً، كان عدد سكان قريتنا في ذلك الحين 7 آلاف نسمة.
تشردنا في اماكن عديدة اولها دير بزيا – قضاء رام الله – حيث اقمنا هناك عدة ايام، كانت اياما صعبة جدا أو ظروفا قاسية، هاجرنا بعد ذلك إلى قرية بيت عور التحتا والفوقا ماكثين هناك عدة ايام صعبة اخرى.
اذكر انه عندما هاجم اليهود قريتنا واجبرنا على الخروج منها لم نتمكن من حمل الكثير من امتعتنا وحاجياتنا، فحملنا القليل مما استطعنا حمله وتمكنت دوابنا من حمله ايضاً.
ثم هاجرنا إلى قرية بيت صفافا إذ اقمن تحت الشجر عدة ايام، ثم تنقلنا بين اماكن عديدة بحثا عن المكان الأكثر امنا لنا ولأطفالنا وشيوخنا ونسائنا حتى وصلنا إلى الصفة الشرقية – الأردن – مشيا على الأقدام.
ومشينا يوما كاملاً حتى وصلنا "الشريعة" - الجسر حاليا – ومن ثم تفرقت العائلات إلى اماكن مختلفة في الأردن.
نحن – انا واسرتي – ذهبنا إلى مدينة السلط، عشنا فيها مدة عامين وتزوجت هناك احدى قريباتي حيث لم يتجاوز عمري الستة عشر عاما انذاك.
في السلط اشتغلنا عمالا وعتالين وكنا نسكن بيتا متواضعا وبسيطا جدا في منطقة الجدعة في وادي الأكراد بأجر شهري مقداره ديناران.
في العام 1950 خرجنا من مدينة السلط إلى عمان العاصمة واقمنا في مخيم الحسين، واتذكر ان اعداداً كبيرة من اهل القرية هاجروا إلى قطاع غزة واقاموا هناك حتى الآن، تاركين القرية التي اصبحت خالية تماما من اهلها الأصليين والشرعيين.
واتذكر ايضا ان اليهود عندما كانوا يمسكون بأحد من اهل القرية كانوا يطلقون النار على رأسه فورا بهدف القتل الأكيد والفوري والإبادة الجماعية السريعة.
طالما تمنيت العودة .. وطالما حلمت بها وانا جالس هنا في مكاني هذا الذي لن ابرحه ألا إذا كان المكان الثاني فلسطين التي ستبقى في الذاكرة مورثة من جيل إلى جيل".

د. سمير العمري
10-02-2005, 06:24 PM
موضوع يستحق التثبيت بالفعل لما فيه من حقائق واقعية وسرد تاريخي يحكي ما كان فتكون منه العبرة.


أشكر لك أخي الرائع عبد السلام هذه المشاركة وأقدر فيك حسك الوطني الكبير والذي أوقفت عليه قلمك المناضل.


تحياتي واحترامي
:os::tree::os:

عبدالسلام العطاري
11-02-2005, 03:47 PM
شاهد احتلال
-11-

ظل الفلسطيني برغم ترحيله وتهجيره القسري منذ نكبة 48 مروراً بنكسة 67 اكبر بكثير من مساحة المخيم المقترح عليه، وظلت ذاكرة اللجوء الأول والنزوح الثاني تنشط باتجاه البوح لأصغر الأحفاد عن حادثة العدوان الاسرائيلي التي اقتلعت الفلسطيني من مكانه الأول "الوطن" واذا كانت الشفاهية ورغبة النطق قد رافقت الفلسطيني لأكثر من نصف قرن مضى، فإن على الموثقين العودة لسماع الحكاية من اصحابها، ولكي تأخذ حادثة التهجير وما رافقها وضعها الصحيح في التاريخ. إذا ان الشفاهية التي ظلت تعتقل القضية الفلسطينية وتفاصيلها تحتاج منا إلى اعادة اطلاقها كي تضيء على فجيعة التهجير الفلسطيني لتكشف عن ادق تفاصيل هذا العدوان. و"الدستور" اذ تفتح ملف "الشفاهية" الفلسطينية هنا على لسان شاهد عيان فإنها تأمل ان تنقذ بعض ادق تفاصيل احتلال فلسطين وتهجير اصحابها. وانقاذ الحكاية.

شحدة الشطرات: في العام 1948 قصفت الطائرات القرى ولاحقت الناس في الكروم والحقول
ولد في العام 1930 في قرية دير نخاس من قضاء الخليل وعاش نكبة العام 1948 حيث كان عسكرياً يخدم في قرية ذكرين المجاورة لقريته عندما بدأت الطائرات الاسرائيلية، تغير من مطار اللد على اراضي دير نخاس وقرى اخرى مجاورة بهدف ترهيب الناس وتشريدهم من اراضيهم….
السيد شحدة احمد الشطرات استقبلنا في بيته المتواضع في مخيم البقعة وقص علينا مما تزخر به ذاكرته من احداث النكبة…
"في العام 1948 هاجرنا من قريتنا "دير نخاس" وقد كنا في الخدمة العسكرية مع الجيش المصري عندما دخل اليهود البلاد وهجموا علينا بالطائرات التي قصفت حقول الزيتون بلا رحمة… وفي تلك اللحظة كنت في قرية ذكرين فعت إلى قريتنا "دير نخاس" فوجدت الناس يهمون بالرحيل متجهين صوب الجبال.. في هذه الأثناء سيطر اليهود على قرية بيت جبرين، كان سلاحنا ضعيفاً و"تعبان" واليهود يملكون احدث انواع الأسلحة.
اذكر ان دبابة اردينة ضربت دبابة اسرائيلية وحرقتها وخلال المعركة تم حرق ثلاث دبابات اسرائيلية، الأمر الذي دعا اليهود لطلب تعزيزات عسكرية جديدة فوصلتهم من اماكن مختلفة، مما اضطرنا للانسحاب إلى مواقع دفاعية في الجبال، فتمركزنا على قمة جبل طوقون…. وكنا ستة رجال نقاوم ولم يصب احدنا فقد نجونا جميعاً، ذهبنا إلى خلة البلد فطوقنا اليهود وحاصرونا فيها ثم ذهبنا إلى الجبال وبعد ذلك التحقنا بمن رحلوا من قرية دير نخاس في "مغر" قرية جمرورة.
… عشنا في المغر اكثر من ستة اشهر كنا نقطع اشجار "السريس" لنتغطى بها في الليل ونوقدها في النهار لنطهو عليها طعامنا الذي كان عبارة عن خبز الذرة المصرية فقط.
ثم رحلنا إلى بير السفلى الواقعة بين ترقوميا واذنه في قضاء الخليل، عشنا في هذا المخيم سبعة شهور تقريباً، ومن هنا انتقلنا إلى مخيم الفوار في الخليل حيث اقمنا سنتين ثم ذهبنا إلى اريحا، إلى مخيم عين السلطان واقمنا هناك حتى العام 1967…. كنا نعمل في البساتين بأجره يومية لا تتجاوز العشرين قرشاً.
في عدوان العام 1967 طلبنا اليهود، نحن الذين نعرف جغرافية البلاد جيداً لكن يتعرفوا من خلالنا على الطرق، وعن هجرتنا اذكر انه عندما كنا انا وعائلتي وعائلات اخرى سالكين طريق المعرجات باتجاه رام الله فصفتنا الطائرات الاسرائيلية فتفرقنا فحملنا انا وزوجتي اطفالنا الثلاثة وطفلتي التي كان عمرها ليلتين فقط وإبريقي ماء.
وصلنا إلى عمان مشياً على الأقدام بعد مسير ليلة كاملة…. ومن أريحا حيث استقر بنا المقام قرب قهوة حنا، لحقت بنا سيارة للجيش العربي فحملونا إلى عمان حيث سكنا في مخيم الحسين ثم رحلنا إلى الغور، عشنا هناك ستة اشهر وظل اليهود يهاجموننا ونحن في الخيام مما اضطرنا إلى الرحيل مرة اخرى إلى عمان ثم إلى البقعة… هناك عشنا اياما قاسية جدا وصعبة لا اتمنى لاحد ان يعيش حيث كان الوحل يصل للركبة بالإضافة إلى شح المياه والطعام.
يعود السيد شحدة بذاكرته إلى العام 1948 ويصف المجازر والمذابح التي ارتكبتها عصابات الهاجاناة الصهيونية التي كانت تقتل الناس وتحرق وتسرق الممتلكات قائلاً: في احدى الليالي حاول اليهود سرقة الغنم من احدى القرى فقمنا بمحاصرتهم من كل الجهات، فطوقناهم واطلقنا عليهم الرصاص فهربوا وانقذنا الحلال. كنا نملك في قريتنا كروماً من العنب والزيتون والتين، مساحات واسعة جداً من الأرض الخصبة استولى عليها الصهاينة وطردونا منها….. اتمنى كل يوم العودة اليها ولن اتردد لحظة واحدة في ذلك.

عبدالسلام العطاري
11-02-2005, 03:52 PM
شاهد احتلال
-12-

حامد الشطرات: الصهاينة قتلوا الأطفال والنساء الحوامل بالسكاكين توفيرا للرصاص
قصة هجرة ولجوء جديدة بدأت من قرية دير نخاس احدى قرى مدينة خليل الرحمن سردها لنا السيدة حامد احمد عبد الغني الشطرات، قصة ما زالت تحتفظ بها طيات ذاكرته الفلسطينية العتيقة. قصة شعب بأكمله عانى ويلات الاحتلال والنكبة.
ولدت سنة 1930 في قرية دير نخاس/ الخليل، عشت في بلدي حوالي ثمانية عشر عاماً، ارض آبائي واجدادي، وهي آخر قرية على خط غزة الخليل، اغتصبت من قبل الصهاينة وبقيت على حدود 1967 يحدها من الغرب قرية بيت جبرين، ومن الشرق قرية ترقوميا 1967م ومن الجنوب قرية اذنا، ومن الشمال قرية عجور، وجميعها تابعة للخليل، واغتصبت جميعا عام 1948م. وكنا نعيش احلى حياة في اراضينا، وكنت امتلك في قريتي – دير نخاس – اراضي كثيرة، لكن اصبحنا لاجئين، بسبب الغدر والعدوان الاسرائيلي، بمعاونة دول الاستعمار، وعلى رأسها بريطانيا، التي انتدبت على فلسطين ثلاثين عاماً، من وعد بلفور المشؤوم 1917، إلى 1947م، وخرجت بريطانيا – من فلسطين سنة 1947م، وسلمت جميع الأسلحة الحديثة إلى الاسرائيلين وعرفتهم بالمدن والقرى في فلسطين وعرفتهم كيفية التعامل مع الشعب الفلسطيني الأعزل من السلاح، وبدأت الحرب عام 1948م، والكل يعرف النتيجة!
درست في مدرسة بيت جبرين الأميرية حتى الصف السابع، وهو اعلى صف في المدرسة، واخذت شهادتي سنة 1947م من الخليل، واحتفظ بها في متحف ذاكرتي حتى الآن، والحمد لله ذاكرتي قوية جداً، فعمري الآن 73 سنة، لقد حكمت فلسطين في الماضي احدى واربعون دولة، وهي تحت الوصاية، وآخر المطاف برز الحاج امين الحسيني كزعيم لفلسطين، وأبعدوه إلى لبنان عن فلسطين، وناضل رجال من خيرة ابطال الشعب الفلسطيني، مثل البطل عبد القادر الحسيني وعبد الحليم الجيلاني، الذي اسقط اول طائرة بريطانية بالرشاش، بين الخليل وحلحول.
لقد خرجنا من قريتنا – دير نخاس/ الخليل – في 15/10/1948م، قسرا واصبحنا لاجئين، وكانت الصهيونية العالمية مدعومة من دول الاستعمار، وجاءت بالمرتزقة من افريقيا وبالهاجنا الهمجية، الذين لا يعرفون الأخلاق، ولا نوعية الحروب، والشعب الفلسطيني لا يملك السلاح الحديث، ولم يحارب إلا بسلاح قديم، لا جدوى منه، فهذا السلاح المتوافر لديه. وبدأت الحرب في فلسطين 1948م، من شمال فلسطين، وامتدت إلى الجنوب والشرق والغرب، وكانوا – أي الصهاينة – يقتلون الأطفال والنساء الحوامل بالسكاكين الحادة توفيراً للرصاص، وانتقاماً من الشعب الفلسطيني، الذي اخرج من وطنه ظلماً، واصبح يعيش في الشتات… في المخيمات القاهرة، في عيشة لم ولن يقبلها أي شعب في الدنيا. لقد ارتكبت الصهيونية ابشع جرائم القتل الجماعي في فلسطين وكنا نتسلل إلى قرانا، ونرى ما يفعله الصهاينة، فذات يوم كنا مختبئين في المغارة الواقعة شرق بلدنا، واذا بدورية يهودية تلاحق ثلاثة رجال على الطريق المؤدي من قرية دير نخاس إلى ترقوميا، ومعهم ثلاث دواب محملة ببواقي حبوب لاطعام عائلاتهم، فأعطوهم "كريكات" لحفر ثلاث جور على طولهم واقفين، فحفروها وانزلوهم في الحفر، واهالوا عليهم التراب إلى حد رقابهم، وقطعوا رؤوسهم بالبلطات.
لقد هاجرنا من بلدنا – دير نخاس الخليل مجبرين مقهورين! خوفا على حياتنا وحياة عائلاتنا، من النساء والأطفال والرجال والشيوخ المسنين، وقد هاجرنا اولا إلى قرية إذنا/ الخليل، لأنها قريبة إلى قريتنا، ومكثنا فيها مدة طويلة، وبعدها هاجرنا إلى قرية حلحول/ الخليل، وجاء الصليب الأحمر الدولي، ونصب خيام الشتات داخل الوطن لكشف الشعب الفلسطيني امام العالم، فأصبح "تحت الصدقات" وبعدها رحلنا إلى مخيم الفوار/ الخليل، وقعدنا في الخيام نحيطها بالحجارة، خوفاً من سقوطها على رؤوسنا في البرد والحر، وهي عيشة مشابهة للموت البطيء، وصبرنا على وعدنا، وسلمنا امرنا إلى الله سبحانه وتعالى ! وبعدها رحلنا من الفوار إلى مخيم عين السلطان/ اريحا ومكثنا فيه ما يقارب خمسة عشر عاماً.
وجاءت حرب حزيران 1967م، ورحلنا إلى مخيم الحسين في عمان، وبعدها إلى مخيم البقعة "إنا لله وإنا إليه راجعون، واننا لصابرون".
وجاءت وكالة الغوث الدولية، وبسطت المخيمات لللاجئين، لتتولى امورهم في عيشة وظروف لا يقبلها شعب، لا في مشارق الأرض، ولا في مغاربها، واجبر الشعب الفلسطيني على ذلك مكرها! فرحلتنا كانت طويلة وشاقة.. من خيمة إلى خيمة.. لكن ذلك لم ينل من عزائمنا، وألسنتنا وقلوبنا، ما زالت تقول "لا بد من فلسطين وان طال السفر" ومسكين من لم يعش في مخيم، لأن ذلك علم اولادنا الشجاعة والاجتهاد والرجولة، فهناك في المخيم الطبيب والمهندس والمحامي.
لقد كان الشعب الفلسطيني المناضل يقاتل بكل قواه والسلاح الموجود لديه، ويقدم قوافل الشهداء، وقد اشتعلت ثورة 1936م وبقيت تقاوم الاستعمار البريطاني، وتغلب عليها، وبعدها قامت الثورة الفلسطينية 1939، وبقيت حتى جاءت حرب 1948م، وقد رأيت بعيني مذابح وقعت في الشعب الفلسطيني ودفنهم في التراب احياء ! وكان الصهاينة يقطعون رؤوس الناس بالبلطات وجرت مذبحة تقشعر لها الأبدان في قرية الدوايمة حيث كان الرجال يصلون الجمعة، وعندما خرجوا من الصلاة، بدأت الرشاشات بإطلاق النار وقتلوا حوالي ثلاثمئة انسان وكانت الجرافات تحملهم وترميهم في الحفر والآبار القديمة، وقد دخلت الجيوش العربية إلى فلسطين، من مصر والسودان وسوريا والعراق والأردن، وقاتلت قدر المستطاع لأنها لم تحصل على سلاح جيد، وكانت الدول العربية تحت الانتداب البريطاني والفرنسي والإيطالي وكان الحكام العسكريون في المعركة اجانب، يديرون المعركة حيث يشاؤون حرصا على الصهاينة والابتعاد عن قتلهم وقد جلست مع ضابط انجليزي في بيت جبرين، وتبادلنا حديثا طويلا عن ظلمهم لشعبنا.
انني احلم بالعودة إلى فلسطين، ومشتاق لها، اشتياقا نابعا من اعماق قلبي المشتاق إلى وطني ارض آبائي واجدادي.
كيف انسى هذا الوطن؟ والله لو اعطونا مال الدنيا أو عمارات فخمة وغيرها، لن يقابل حفنة تراب ارضي لأنني عاشرتها واكلت من ثمرها وخيرها، ومن ضاع وطنه لا كرامة له، مهما اخذ في هذه الدنيا، فإنه واهم كل الوهم ويظل غريبا عن وطنه الأصلي ان المال والعمارات والشركات والأراض خارج الوطن الحقيقي "فلسطين" لا تساوي ولا تعني شيئاً بل عبارة عن "تسالي مؤقتة" في زمن جريح!
فلا يحمي الإنسان في الدنيا إلا وطنه، ويجعل له كرامة واحتراما دائما بين الشعوب كلها، لقد عجزت الأقلام عن وصف المؤامرات التي لحقت بفلسطين الحبيبة من جميع النواحي، وعلى رأسها بريطانيا، المسؤول الأول عن نكبة فلسطين، وضياع الشعب الفلسطيني، وجعلته يعيش لاجئا مشرداً عن وطنه لأن بريطانيا طلبت عام 1947 من جميع وجهاء فلسطين وكنت حاضراً مع ابي آنذاك. إعادة الانتداب البريطاني ثلاثين عاماً اخرى فرفضوا طلب بريطانيا اقول لأولادي واحفادي واحملهم الأمانة: اياكم ان تنسوا فلسطين وطنكم جميعاً، فهو كرامتكم وارض ابائكم واجدادكم.
اياكم مهما طال الزمن التنازل عن فلسطين، اياكم ان تقبلوا أي شيء، سوى العودة إلى وطننا، ولن نقبل أي شيء سوى العودة إلى وطننا، فأرضنا كرامتنا وهي التي تحمينا وتجعل لنا كرامة، وخيراتها علينا وعلى ابنائنا. وانني احمل الأجيال القادمة امانة بعدم التخلي عن كرامتهم وعن وطنهم، فهي فلسطين الحبيبة، لأن الله سيسألهم يوم القيامة عما يحدث لها.

عبدالسلام العطاري
11-02-2005, 04:05 PM
شاهد احتلال
-13-

علي الشقيري: لم تسلم مدينة أو قرية فلسطينية من مذابح اليهود
من ابو شوشة في حيفا إلى مخيم البقعة في عمان، هاجر السيد علي رجا مطلق الشقيري وآخرون من ابناء جيله، جيل النكبة، حاملين معهم المآسي، ومراررة فراق الوطن، وها هو الآن يستذكر بعضا من احداث تلك النكبة.
"البلد الذي هاجرت منه "ابو شوشة – حيفا" عام 1948م.
هاجرت إلى مدينة جنين ومن ثم إلى مخيم جنزور ثم إلى مخيم نور شمس ثم إلى مثلث الشهداء قباطية ومكثنا هناك لغاية عام 1967م وبعدها هاجرنا إلى الأردن من مثلث الشهداء إلى قباطية إلى الزبابدة إلى عقابة إلى مخيم الفارعة إلى وادي البيذان ثم إلى الجفتلك ثم إلى دامية ثم إلى ثلث المصري ثم إلى الكرامة ثم إلى الضليل ثم إلى غور نمرين ثم إلى مخيم البقعة.
حملنا معنا المآسي والعذاب وهجر الوطن والغربة عن ارض الوطن الذي لم ولن ننساه حتى يوم القيامة ولو كان لنا خارج الوطن قصور وعلالي. واملاك لن نقبل بديلا عن الوطن الغالي مهما طال الزمن أو قصر و لن ننسى حينما هاجرنا من الضفة الغربية سيرا على الأقدام فوق الجبال والأدوية والسهول والنوم بالعراء حتى وصلنا الأردن.
استشهد من قريتي واقاربي عام 1948م دفاعا عن القرية في داخل القرية التالية اسماؤهم:
- احمد حسن سكران الشقيري
- العبد الطبيشي الشقيرات
- ساري فاعور الشقيرات
- يوسف ساري فاعور الشقيرات
وفي عام 1967 حسن احمد السكران الشقيري الذي استشهد بين طولكرم ومخيم نور شمس دفاعا عن ارض الوطن وقال لنا اليوم سوف آخذ بثأر ابي وكان يستقلسيارة مرسيدس (190) احضرها معه من المانيا وكان يسكن في مخيم بيت الماء/ نابلس وذهب لملاقاة العدو قبل ان يصلوا إلى مدينة نابلس وكان يمتلك بندقية انجليزية وتوجد بين طولكرم ومخيم نور شمس "كوربة شارع" وعندها كان اول وصول لمدرعات العود واشتبك معهم ولكن السلاح الذي يمتلكه لا يقاوم دبابة وقام العدو برش السيارة ومن فيها وكان معه صديقه من نابلس لا اذكر اسمه استشهد معه ايضا وبعد ثلاثة ايام ظلت جثثهم في السيارة حتى سمح جنود العدو بإيوائهم وكان الطلب من بلدية طولكرم ونور شمس. واستشهد ايضا:يوسف رجا مطلب الشقيري.
استشهد في جنوب لبنان عام 1982 وهو أي ابن والدي حينما اجتاح العدو جنوب لبنان.
- غالب ابو جريس الشقيرات
استشهد في الجولان في قرية فيق وكان القتال من شارع إلى شارع.
- عماد الشقيرات الذي استشهد 2002 في مدينة نابلس، بالنسبة للمذابح فقد وقعت مذابح كثيرة في فلسطين منها مذابح دير ياسين والقدس وجنين ومذابح جنوب لبنان والمذابح لا تعد ولا تحصى بالنسبة للعدو ضد شعبنا من ثورة "36" وقبل ذلك وبعد ذلك إلى يومنا هذا.
ولا توجد قرية ولا مدينة سلمت من مذابح اليهود ضد شعبنا بالنسبة لخروجنا من فلسطين من ارض الوطن الحبيب نحن نادمون كل الندم.
وان شاء الله نعود محررين واذا انا لم اعد سوف يعود ابني واذا لم يعد ابني يعود ابن ابني إلى يوم النصر والتحرير ان شاء الله، ونكون بالعودة رافعين الرأس، وانا مستعد للعودة ان شاء الله في أي وقت واي زمان مهما طال البعاد وهذا درس للأبناء يحفظونه على مدى الأيام والسنين.
ان احداث الهجرة احداث حزينة ومؤلمة مرت علينا ايام عصيبة فضيناها في الخيام والجوع والتشرد والنوم في العراء والسير على الأقدام من جنين مثلث الشهداء إلى مخيمات الشتات، ونحن الآن العائلة الواحدة، كل واحدة في بلد وشتات في جميع انحاء العالم والمصيبة التي اصابت شعبنا اصابت شعبنا بالعالم.
ويقولون ان هناك مجلس امن يحمي حقوق الإنسان! لا يوجد مجلس امن. ويقولون حقوق انسان! لا توجد حقوق انسان خاصة لشعب فلسطين وهذا فيض من غيض، لأن حكايات شعبنا طويلة ومريرة والحديث عنها بلا نهاية".

عبدالسلام العطاري
11-02-2005, 04:08 PM
شاهد احتلال
-14-

منظومة ابو قطام: هاجمنا اليهود في خبرة جمرورة قتلوا اثنين من نواطير الزرع ونهبوا الحلال
من دير نخّاس إلى قرية اذنا ثم مدينة الخليل، سيرا على الأقدام، ومرورا بجبل فرش الهوا.. محطات عديدة فيها ذكريات مؤلمة، مرّت بها السيدة منظومة عبد الرحمن ابو قطام من دير نخّاس – قضاء الخليل – من مواليد العام 1939، وهي تسرد احداث التشرد والنكبة عام 1948.
"عندما اجبرنا اليهود على الرحيل من دير نخّاس، ذهبنا إلى قرية اذنا سيرا على الأقدام قاصدين احدى قريبات والدي فلم نجدها حيث كانت قد رحلت هي الأخرى لأن من اصابنا كان قد اصابهم من وحشية اليهود وارهابهم.
اكملنا سيرنا حتى وصلنا إلى جبل في الخليل اسمه فرش الهوا، اقمنا فيه ليلة واحدة ثم اتجهنا إلى مدينة الخليل واقمنا في حارة المشارقة، وكان مع والدي 17 رأساً من البقر فاستأجر غرفة للبقر وغرفة لنا بأجرة شهرية قدرها 30 قرشاً.
وعلى مقربة من مدينة الخليل توجد خربة صغيرة اسمها جمرورة، وكانت مهجورة لكن فيها بئري ماء، اقمنا فيها وبعثنا فيها الحياة، فقضينا فيها شتاءين،
في احد ايام ذلك العام هجم اليهود على الخربة وقتلوا اثنين من نواطير الزرع وهما من بلدة ترقوميا، ونهبوا حلال الناس.
واذكر ايضا في حادثة اخرى ان اهل بيت جبرين لم يتمكنوا من دفن اثنين من شهدائهم الذين قتلهم اليهود وهما من عائلة الشقيري، حيث احضروهما محملين على الجمال، فاضطروا إلى دفنهما في مدينة الخليل نفسها، اذ لم يتمكنوا من دفنهما في قربة بتولة.
رحلنا إلى ترقوميا وعندما وصلنا اليها اخبرنا اربعة من الثوار الفلسطينيين الذين كانوا مسلحين ببواريد قديمة، بأن اليهود قد انسحبوا من الخربة فرجعنا اليها وبعد ذلك انتقلنا للعيش في مدينة الخليل حيث اقمنا فيها 20 عاما حتى 1967.
في العام 1967 شاهدنا طائرتين اسرائيليتين في سماء الخليل، عرفنا ان العدوان قد بدأ، فهربنا إلى منطقة في الخليل تفاديا للقصف الاسرائيلي وهجوم عصاباته المتوحشة وهذه المنطقة اقيمت على ارضها بعد ذلك مستوطنة كريات اربع.
لقد هاجمنا اليهود من الشرق والغرب، فأذكر اننا في احد تلك الأيام الحزينة، كنا جالسين في ظل شجرة في الخليل حوالي 20 رجلاً وامرأة عندما هجمت دبابات اسرائيلية، فرفع الناس الرايات البيضاء، فدخل اليهود على رئيس البلدية آنذاك، الشيخ الجعبري، وحسب ما سمعنا من خدّام البلدية، فقد طلب الضابط اليهودي من الشيخ الجعبري رؤية قبر والده المدفون هناك، وفي هذه الأثناء قام احد ابناء الخليل وهو من عائلة ابو منشار بمهاجمة هؤلاء الجنود حيث اطلق عليهم الرصاص من رشاس 500 فردوا عليه بقذائف الدبابات حيث دمروا البيت الذي كان يحتمي به وفرضوا منع التجول على المدينة، لقد عشنا ايامنا صعبة جداً في ظل هذا الحصار الذي استمر 27 يوما متواصلة.
بعد ذلك رحلنا إلى الضفة الشرقية عبر الجسر الذي كان مهدما، حيث كنا نمشي فوق الخشب بواسطة الحبال ولا نحمل معنا ألا سخانات مياه لأطفالنا، وكنا نخبئ في جيوبنا قطع الذهب القليلة التي كانت تملكها النساء، كي نبيعها هناك ونشتري فيها الطعام.
وصلنا عمان واقمنا في منطقة السوق المركزي القديم، وقد تبرع لنا اخي بخيمة تأوينا، هناك كنا نزيل الشوك بأيدينا كي نفترش الأرض وننام عليها. حياة قاسية عشناها هناك، "عانينا فيها الأمرين". ومن السوق المركزي القديم ذهبنا إلى الشونة حيث وجدنا الخيام جاهزة في انتظارنا.
ومن معاناتنا في الغور اذكر انني اثناء تحضير الفراش لابني الصغير، وجدت افعى تحت البطانية، فرفضت البقاء هناك وصممنا على الرحيل، فرحلنا إلى غور نمرين واقمنا قرب الخط الموصل إلى العقبة وبقينا هناك حوالي خمسة اشهر.
عندما هاجمت اسرائيل الكرامة في العام 1968 اسقط الجيش الأردني والمقاومة الفلسطينية طائرة اسرائيلية حتى ان ابني قام بإحضار قطعة منها وهاجم الرعاة الطيار الاسرائيلي وقتلوه.
واصل اليهود هجماتهم اليومية على المخيم وفي احد الأيام صحونا فوجدنا جميع الذين كانوا في المخيم قد هربوا، فلحقنا بهم بصعوبة واكملنا سيرنا مشيا على الأقدام حتى وصلنا إلى صويلح وكان قد حل الظلام.
من صويلح ذهبنا إلى منطقة العبدلي وهناك سمعنا الناس يتحدثون عن مخيم اسمه البقعة فذهبنا إلى هناك ولم نجد خيمة واحدة خالية، حيث كانت جميع الخيم مكتظة بالعائلات المهجرة، وبعد عملية بحث طويلة ومضنية وجدت خيمة واوتادا وكانت الفرشات والبطانيات مليئة بالمياه، فبدأنا بنقل "الحصمة" وفرشها تحت الفرشات كي ترفعها عن المياه وحتى يتمكن الأولاد من النوم.
امضينا على هذه الحال اربعة ايام لم نذق فيها النوم اطلاقا ولم نكن نملك مالا أو طعاما أو ما نتدفأ عليه، سوى اربعة ارغفة من الخبز كنا نخبئها للحاجة، فقمت بتوزيعها علينا وعلى الأولاد "لقمة لقمة" كان الليل مظلما وموحشا لا تستطيع ان ترى اصبعك فيه.
وكان الناس يستدلون على بعض "بالمناداة" واذكر في احد الأيام ان سيارة لونها ازرق قال الناس انها من وكالة الغوث الدولية جاءت إلى المخيم وقامت بتوزيع الخبز علينا، وعندما كنا نتمعن بهذا الخبز في النهار نرى "السوس" يلمؤه.
مرة واحدة زرت بلدي مسقط رأسي بعد خروجنا منها، عندما وصلت إلى هناك بدأت اقبل ارضها وحجارتها.
لو اتيحت لي العودة فسوف اعود اليها مشياً على الأقدام، هذا حلمي وحلم اولادي وكان حلم ابي قبل ان يموت.

عبدالسلام العطاري
11-02-2005, 04:15 PM
شاهد احتلال
-15-

نعيم الخفش: "البراق" كانت اولى الثورات التي تصدت لاعتداءات اليهود على سور المسجد الأقصى
ثمانية وثمانون عاما وما زالت ذاكرة السيد نعيم صالح الخفش ترخز بذكريات حملها معه من فلسطين، من مدينته ومسقط رأسه نابلس، إلى عمان وقد حدثنا عن بعض منها.
"يثير هذا الموضوع في نفسي شجون كثيرة، منها المآسي التي ارتكبتها عصابات الصهاينة في فلسطين والقوت البريطانية، ومنها ما هو مدعاة للفخر والاعتزاز بالشهامة والفداء والشجاعة والتضحية ومنها صنوف التعاون وأثرة، ومنها روح المقاومة والعناد للقوى الغازية، ومنها التلاقي مع الصهيونية وحكومة الانتداب البريطانية في سبيل منفعة مادية، أو اثراء السلطان العائلي، والوجاهة العشائرية على حساب القضية العربية الفلسطينية وانا محتار من اين ابدأ بالخوض في شؤون هذه القضية.
ولكي يكون الحديث مفيداً وبه المام ببعض الحوادث التي يكون الحديث الشخصي عنها مفيداً، وان كان مغيباً عن حضوره. لا بد ان اذكر ان اول ما اذكره زلزالا حدث في فلسطين واصيبت به مدينة نابلس من هدم المنازل وبعض الأحياء، اكثر مما اصيبت به مدن اخرى.
فقد كنت وقتها على فراش المرض، واذا بالمنزل يهتز وتتساقط بعض جدران الغرفة، واصيب الناس بالهلع، وخرج النساء والرجال من المنازل أو الغرف، ومنهن والدتي رحمها الله ولكن ما ان تذكرت ولدها المريض حتى عادت غير مكترثة بالخطر، وحملته إلى الخارج وأنقذته من الموت.
ومما اذكره عندما كانت العائلة تعيش في قريتنا العزيزة (مرده) ان نساء كثيرات يغطيهن سواد اللباس، ويندبن من صباح وعويل، ويتخذن صيغة النواح الجنائزي، يتجمعن في دوائر وحلقات يرددن ما (تنوح) به احداهن، يشكلن بهذا الجمع ساحة حزن والم وحسرة، وكن يذكرن اسم (عبد الله) هو عم لي استشهد في مدينة حيفا عام 1929، في فترة ثورة البراق بالقدس.
وبالمناسبة فإن ثورة البراق، كانت من اوائل الثورات الفلسطينية التي انبثقت عن اعتداء اليهود على الحائط الغربي لسور المسجد الأقصى المبارك وحيث تم التأكيد على ان هذا البناء هو جزء من المسجد.
وكان الاتجاه السائد في فلسطين هو الابتعاد عن الاحتكاك بالدولة المنتدبة حتى الكفاح المسلح بقيادة المرحوم عز الدين القسام بتاريخ 12/11/1935 وكانت ثورة حقيقية لم يتوقعها رجال الانتداب وكان استشهاد القسام والعديد من اخوانه في معركة احراش يعبد في 19/11/1935.
اما الإضراب الذي امتد ستة اشهر، فكان اضراباً عاماً شاملاً في جميع المدن والقرى، وتحدثن عنه اثناء ذلك جميع وسائل الإعلام العربية والأجنبية.
ولم تكن الفترة يومها اضراباً عاماً فقط بل رافقتها المصادمات العديدة وذهب ضحيتها العديد من الأهالي، وكان لتعاون مختلف افراد الشعب السبب الأول في نجاح هذا الإضراب.
وكان التعاون حيث تم تقديم المساعدات من المواد الغذائية المختلفة، بين ابناء المدينة، من بيت لآخر ومن مساعدة الأطباء لأبناء البلد، واذكر ان الشرطة البريطانية، كانت تتعقب المناضلين في نابلس وغيرها، حتى إذا طوقت احد الأبنية، سارع السكان والجيران، لمساعدة الشخص المطلوب بتهريبه عبر اسطح المنازل، حتى يصل إلى ملجأ آخر وفي نابلس من بين المناضلين المرحوم ضياء الدين عبده، عند تطويق منزله، قفز إلى شباك منزل آخر، وحدث ان كسرت رجله، ومع ذلك استطاع الإفلات منهم.
كان استعمال السلاح من البنادق وغيرها، ضرورة عند المناضلين، واذكر كنا نقوم بنقل الذخائر من شخص لآخر، حتى يستمر العراك فترة تطول أو تقصر حسبما يتوفر من الذخيرة.
اما بالنسبة لما قامت به حكومة الانتداب من القتل والتشريد، والإبعاد والحبس، فحدث عنه ولا حجر بالإضافة إلى هدم المنازل، ففي المدن كانت القوات البريطانية تعزل الرجال، من عمر 12-16 سنة في مكان معين، قد يكون ساحة مزرعة، أو بها العشب وماء المطر، يجلسون على الأرض مباشرة، وبعد ساعات يبدأ التحقيق مع كل واحد على حدة، إلى ان يقرب النهار من نهايته، وفي تلك الاثناء يكون الجنود قد فتشوا معظم المنازل في المدينة، واوغلوا في تخريب ما تقع عليها ايديهم. من الأثاث ومواد التخزين واذكر انني واخواني اخذنا الجنود الانجليز إلى مثل هذه التجمعات وبقينا جالسين فيها حتى مساء ذلك اليوم ولا بد من ذكر ايام المظاهرات التي تنفجر في نابلس واخص بالذكر لظهورها ايام الانتداب، من قيادتها في الغالب من قبل المرحوم (اكرم زغيتر) فكان الخطيب الذي تلتف حوله الجماهير، ويبدأ بعدها الاحتكاك مع الجنود الانجليز، فيسقط عدد من الشهداء والجرحى، ورواد المعتقلات والسجون.
وكانت المعارك تقع في المناطق الجبلية والتي تطل على الطرق حيث مرور القوافل العسكرية، بعضها كان صغيراً، والبعض الآخر معارك كبيرة، مثل معركة (بلعا) حيث خسر الإنجليز فيها العديد من جنودهم، وآلياتهم، ومعارك متفرقة حيث كل فصيل من فصائل الثورة، يرتب معركته على قدر ما تسمح به الظروف مناطق القتال.
ويذكر ان معارك باب الواد كانت من اعنف المعارك حيث كانت القوى الصهيونية العسكرية تصر على فتح باب الواد المؤدي إلى القدس للدفاع عنها والحؤول دون تسليم المدينة لليهود.
واذكر ان معركة (باب الواد) من المعارك التي تبدت بها البطولة العربية امام قوى الصهيونية المدربة والمسلحة تسليما جيداً، فكانت النجدات الشبابية المسلحة تفد إلى باب المواد من كل صوب تشترك فيها. سواء من المناطق المحيطة أو من جبال نابلس، واذكر باعتزاز ان اخي المرحوم (سعيد الخفش) قد استشهد في احدى معارك باب الواد قبيل انتهاء الانتداب بأربعة ايام هو وعدد من المناضلين.
ولا بد من الاشارة إلى معركة جنين التي هيئا لها الجيش العراقي بقيادة المرحوم القائد (عمر علي) والتي خسر بها اليهود العديد من قواتهم، واذكر انني شخصياً رأيت الأمير عبد الله في سيارة عائدة من جنين، حيث ان كان يعكسر عمر علي، وعلم بعد ذلك انه ابنه وطلب منه ان يعود ويعسكر شرقي مدينة نابلس.
هذا بعض مما حفظته الذاكرة من احداث وقائع وشخصيات على ارض فلسطين".

عبدالسلام العطاري
28-02-2005, 08:51 PM
شاهد احتلال
-16-ظل الفلسطيني برغم ترحيله وتهجيره القسري منذ نكبة 48 مروراً بنكسة 67 اكبر بكثير من مساحة المخيم المقترح عليه، وظلت ذاكرة اللجوء الأول والنزوح الثاني تنشط باتجاه البوح لأصغر الأحفاد عن حادثة العدوان الاسرائيلي التي اقتلعت الفلسطيني من مكانه الأول "الوطن" واذا كانت الشفاهية ورغبة النطق قد رافقت الفلسطيني لأكثر من نصف قرن مضى، فإن على الموثقين العودة لسماع الحكاية من اصحابها، ولكي تأخذ حادثة التهجير وما رافقها وضعها الصحيح في التاريخ. إذا ان الشفاهية التي ظلت تعتقل القضية الفلسطينية وتفاصيلها تحتاج منا إلى اعادة اطلاقها كي تضيء على فجيعة التهجير الفلسطيني لتكشف عن ادق تفاصيل هذا العدوان. و"الدستور" اذ تفتح ملف "الشفاهية" الفلسطينية هنا على لسان شاهد عيان فإنها تأمل ان تنقذ بعض ادق تفاصيل احتلال فلسطين وتهجير اصحابها. وانقاذ الحكاية.

زويّد النجدي: في 1948 اعدام اليهود خال والدي واولاده واولاد اخيه رميا بالرصاص
جاء من جليل يافا… احدى قرى الساحل الفلسطيني التي دمرها الاحتلال الصهيوني في العام 1948 حيث كان عدد سكانها آنذاك خمسة آلاف نسمة.
كان عمره لا يتجاوز الثلاثة عشر عاما حين شهد اول تهجير للشعب الفلسطيني… فاحتفظت ذاكرته بهذا الحدث الذي تخللته قسوة الاحتلال المعاناة والألم.
الان يقيم السيد زويّد موسى النجدي مع اثني عشر فردا فيما يسمى منزلا في مخيم البقعة يتكون من غرفتين فقط يغطي سقفهما عدد من الواح "الزينكو".
"كان عمري ثلاثة عشر عاما حينما تعرضت قريتنا لهجمات العصابات الصهيونية في العام 1948 فتشرنا إلى مدينة قلقيلية ثم إلى قربة عزون الواقعة في محيطها.
كنا في جليل يافا نعتمد في حياتنا على الزراعة وتربية المواشي … نعيش حياة هادئة مطمئنة والخير وفير.
بدأ التشرد عندما قامت مجموعة من العصابات الصهوينة باختطاف مجموعة من الفلسطينيين وهم اخوال والدي من عائلة الشوابكة الذين يسكنون في هرتسليا – القريبة من قريتنا، واعدموهم رميا بالرصاص عند سور دارهم وهذه المجموعة تتكون من خال والدي واولاده واولاد اخيه.
تشردت عائلات هؤلاء الشهداء، عرض عليهم والدي قطعة ارض كان يملكها ليعيشوا فيها فرفضوا واختاروا الرحيل إلى قرية ابعد.
بعد ذلك بدأت العصابات الصهيونية تهاجم القرى قرية قرية، حتى وصلت قريتنا، مما اضطرنا ايضاً إلى الهجرة فتوجهنا إلى قلقيلية التي اقمنا فيها من 807 اشهر.
تدبرنا امور الحياة بالعمل حيث كنا نملك عددا من الجمال استخدمناها لنقل الحطب والحجارة والمحاصيل الزراعية، بعض العائلات التي هاجرت معنا سكنت في بيوت مستأجر والبعض في بيوت شعر.
عندما دخل الجيش العراقي فلسطين لصد الهجمات الصهيونية، جاء جزء منهم إلى قلقيلية واشتبك مع قوات الاحتلال الاسرائيلي وكانت المنطقة التي يقيم فيها تقع بين الجهتين المشتبكين وكنا معنا اطفال ونساء وكبار بالسن فقررنا الذهاب إلى عزون، فرحلنا اليها واقمنا فيها سنة تقريباً، واستمرت حياتنا كالمعتاد.
بعد ذلك رحلنا إلى قرية حجة وكفر قدوم في قضاء نابلس، اقمنا في حجة حوالي ثلاث سنوات، وكنا نعتاش بواسطة استخدام الجمال ايضاً، لقد كنا صغار السن آنذاك، وكنت الأكبر في اخوتي.
مما اذكره من احداث وقعت في قريتنا في العام 1948، انه عندما كنا نعمل انا وابي في البيارة. وهي ملك لأبو جبارة ومساحتها حوالي 450 دونماً، جاء مجموعة من اليهود وضربوا ابي ضبا مبرحا هو ومجموعة من العمال، ثم اخذوهم معهم واعادوهم في نهاية ذلك اليوم بحجة البحث عن ثوار كانوا قد جاءوا إلى البيارة اختبأوا فيها، وكما علمت لاحقاً انا واهل القرية فإن الثوار كانت فعلا يأتون للاختبار في هذه البيارة متخفين من الناس، لشن الهجمات على اليهود، ولم نكن نعرف انهم ثوار، فقد كنت اعطيهم الخبز والطعام.
رحلنا إلى مخيم الفارعة في نابلس واخذنا وحدة من الوكالة واقمنا فيها حتى العام 1967 في هذه الاثناء كنا نعمل في الزراعة في غور ميحان السمن، عند ابو هاشم الطوباسي.
وقعت حرب 1967 ونحن في الغور فرحلنا إلى الكريمة ثم الصوالحة ودير علا قرب الشريعة، في الضفة الشرقية، ثم هجم اليهود مرة اخرى في العام 1968 وضربوا الكرامة وجميع مناطق الغور، ومن هناك رحلنا إلى مخيم البقعة، حيث تسلمنا غرفة واحدة في "بركس" لوكالة الغوث حيث كان عددنا انذاك 8 افراد، ونحن إلى الآن في هذا المخيم. ولو سمحوا لي بالعودة إلى فلسطين، طبعا سأعود على الفور، ليس فقط إلى جليل يافا، انما إلى أي مكان في فلسطين ولو على شط البحر.

عبدالسلام العطاري
28-02-2005, 08:54 PM
شاهد احتلال
-17-


محمد ابراهيم حمد: قتل اليهود 300 فلسطيني في الليلة الأولى خلال هجومهم على بعض قرى الرملة
رسم بإصبعه خريطة فلسطين على "الحصيرة" التي يجلس عليها – وجلسنا عليها معه – في بيته المتواضع جداً في مخيم البقعة.. لا تزال صورة الوطن محفورة في ذاكرته بكل تفاصيلها وتضاريسها، فلم يغب ذهنه شبراً من مساحة فلسطين..
السيد محمد إبراهيم حمد الذي ولد في العام 1918 في قرية البرية قضاء الرملة يحدثنا باسهاب وذاكرة حاضرة تماماً لم تغب ولو للحظة عن محطات فلسطينية كثيرة مرّ بها اثناء حياته وهجرته عام 1948.
تبعد قرية البرية مسقط رأسي – وقد كانت قرية صغيرة لم يتجاوز عدد سكانها 500 نسمة – مسافة خمسة كيلومترات عن مدينة الرملة، كان منزلنا يقع على الطريق الذي يربط بين اللد والرملة مقابل "كازية" البنزين.
جنوب قريتنا كانت توجد مستعمرة صهيونية اسمها كيزر، مقامة على ارض قرية القباب، وكان الجميع يعيشون بسلام.. في احد الأيام من العام 1948 هجم اليهود على قرية ابو شوشة القريبة من قرية القباب، حيث دخلت حوالي 100 سيارة يهودية الكبانية، فرآهم أحد ابناء قريتنا الذي كان على مشارف القرية آنذاك بدأ بحمل حاجياته وأعلن الرحيل حيث توقع ان يهاجم اليهود قريتنا والقرى المجاورة فتأهب أهل القرية للدفاع عن القرية بما يملكونه من وسائل دفاعية بسيطة جداً….
هجم اليهود على القرية وعلى قرية ابو شوشة حيث بدأوا بإطلاق الرصاص على السكان العزّل عند الفجر، حيث كنا قد خرجنا في ذلك الوقت إلى الجبال المحيطة بالقرية لاتقاء الهجمات الوحشية الصهونية.
استشهد كثير من اهالي القرى وهاجر الكثيرون حيث قتل اكثر من 300 شخص في هذه الليلة.
اختبأنا في المغر لعدة أيام، ثم هاجرنا من قريتنا حيث حصدنا محصول القمح وجمعنا منهم "شوال".
هاجم اليهود قرية عنابة وقرية الكنسيه المجاورة وأمطروا الناس بالرصاص. من عناية طلعنا على قرية البرج ومن ثم إلى قرية برفيليا ثم البرج ثم الكنيسه، حيث قعدنا هناك يومين ثم توجهنا إلى قرية صفا – قضاء رام الله، على الدواب ومشياً على الأقدام، أقمنا فيها شهراً، ثم رحلنا إلى دير بزيع – قضاء رام الله – وقضينا فيها ليلتين ثم ذهبنا إلى عين عريك وأقمنا فيها ثلاثة ايام ثم إلى دير جرير وبتونيا – قضاء رام الله، ثم دير دبوان وبيتين وعين يبرود ثم دير جرير مرة أخرى، وأمنا فيها ثلاث سنوات، كنت اعمل فيها عاملاً لحمل الحجارة على ظهري بيومية قليلة جداً لم تتجاوز العشرة قروش. ثم ساءت الأحوال هناك ولم نتحمل قساوة العيش فأشار عليّ أحدهم بالذهاب إلى الغور – غور الشونة – للعمل هناك.
سكنا في الشونة فترة طويلة، حوالي خمسة عشر عاماً منذ العام 1952 حتى 1967 اشتغلنا هناك بالزراعة، زرعنا 62 صاع قمح وانتجنا منها 62 صاعاً بالضبط، يعني خسرنا تعبنا فقط. بعد ذلك اتجه والدي إلى العمل في تربية النحل وزراعة الموز، فقد ذهبنا إلى قرى نابلس واشترينا ست خلايا نحل تكاثرت ووصل عددها إلى مئة خلال فترة قصيرة، فأصبحنا من منتجي العسل.
تزوجت في الشونة ثم رحلت إلى الكرامة من اجل كسب الرزق… كنت عاملاً هناك. لم احتمل شدة الحر هناك، حيث اصابني نزيف في الأنف فقررت ان ابحث عن عمل آخر يحتاج إلى جهد أقل، فاشتريت "عرباية" وحماراً وبدأت انقل المياه وابيعها للسكان، بقيت اعمل هكذا لمدة 3 سنوات. في العام 1967 رحلنا من الكرامة إلى مخيم الوحدات في عمان، وبتنا هناك ليلة في العراء بدون مأوى، ثم ذهبنا إلى مخيم البقعة حيث كان الناس ينتشرون بأعداد هائلة وبصعوبة حصلت زوجتي على خيمة، عانينا الكثير ونحن نحاول "نصبها". بعد ذلك بدأت بالبحث عن عمل .. عملت لدى "كندرجي" اسمه عوض علي ابو دريع – من الرملة.
اتمنى من الله العودة إلى فلسطين، والى قريتي البرية حتى اموت وأدفن هناك.

عبدالسلام العطاري
28-02-2005, 08:57 PM
شاهد احتلال
-18-


محمد هديب: مذبحة الدوايمة لم يشهد مثلها التاريخ
ابن الثالثة والثمانين السيد محمد سلمان نمر هديب "ابو هشام" الذي عاش وشهد مذبحة الدوايمة "قضاء الخليل" حيث ولد هناك في يوم 10/1 من العام 1921 يستذكر بعضاً مما عاشه وكان شاهداً عليه.
"درسات على أيدي الكتاب مقابل بيضة ورغيف كل يوم خميس".
في يوم جمعة من صيف عام 1948 هاجم اليهود قريتنا الدوايمة من جهة قرية القبيبة – ايضاً من قضاء الخليل – مما اضطرنا إلى الخروج جميعاً منها إلى عدة قرى مجاورة استشهد عدد كبير من خيرة الشباب الذين قاوموا الهجوم ثم تجمع اهل القرية في مغارة كبيرة تسمى طور الزاغ لاتقاء وحشية الصهاينة الذين هاجموهم هناك وقضوا عليهم جميعاً ولم ينج ألا شخص واحدا اسمه محمد اسماعيل الذي كان طفلاً صغيراً آنذاك حيث فقد جميع افراد عائتله بلا استثناء.
إلى قرية دور لجأت 10-15 عائلة كنا معهم حيث قضينا هناك مدة خمسة شهور عشنا خلالها اياماً صعبة وقاسية للغاية، حيث اضطررت لبيع سيارة قمح كنت قد خرجت بها من الدوايمة كوني كنت تاجراً أملك حانوتاً هناك. كان عدد سكان الدوايمة حوالي 4 آلاف نسمة في العام 1948 لجأ عدد كبير جداً منهم إلى قرى الخليل المجاورة بسبب هجوم عصابات الاحتلال الصهيونية على القرية لاقتلاع اهلها منها وسلب اراضيها لأهداف وأغراض استعمارية.
مذبحة الدوايمة لم يشهد مثلها التاريخ اذ لم يبق اليهود الصهاينة على أي معلم من معالمها، حيث هدمت جميع بيوتها لدرجة ان احداً من الناس لم يستطع التعرف على أي منها. وقد وصلت وحشية الاحتلال إلى درجة بشعة للغاية حيث قام اليهود بإلقاء اهالي القرية من احياء واموات في الآبار العميقة لإخفاء آثار جريمتهم الشنعاء.
اما بالنسبة لباقي قرى الخليل التي لم تشهد مجازر مثل الدوايمة فقد تم ترحيل اهلها عنوة إلى مدن وقرى اخرى في فلسطين، مثلا اهالي زكريا ثم ترحيلهم إلى مدينة الرملة.
شاركت في ثورة عام 1936 كنت ثائراً احمل بندقيتي حيث كانت قرية سلمة تشكل خط الدفاع الأول عن القرى الأخرى المجاورة، فعندما سقطت هذه القرية سقطت جميع القرى الأخرى التي تعرضت لسلب ونهب الاحتلال. واصلت القتال والثورة في عكا من كمين اقمته في احدى طوابي الاتراك هناك، وبدأت بإطلاق النار على تجمع يهودي لكن خانتني الذخيرة حيث اكتشفت ان الطلقات الخمس سعسة مخزن بندقيتي الألمانية كانت جمعيها فاسدة، فتوجهت فوراً إلى حينا واقمت هناك ليلة ثم غادرتها إلى اللد ثم الرملة عائداً إلى الدوايمة.
من دورا توجهنا إلى مخيم عين السلطان في اريحا – بجانب مخيم عقبة جبر- واقمنا هناك حتى العام 1967.
بعد ايحا خرجنا انا وعائلتي إلى غور الأردن حيث اقمنا في بلدة معدّي، في مخيم اقيم خيصا للنازحين هناك.
والأوضاع كانت صعبة للغاية، إذ كانت تسود المنطقة رياح شديدة جداً وغبار، لدرجة انها كانت تقتلع الخيمة فتطير عالية في السماء.
ايضا في معدي التي اقمنا في ثلاثة اشهر لم نسلم من الهجمات الصهيونية الشرسة التي رحلتنا مرة اخرى إلى مخيم البقعة مكان اقامتها حتى هذه اللحظة.
مقسط رأسي مقدس من المقدسات، وافضل العودة إلى هناك حتى لو لم اجد شيئاً اكله فسآكل التراب.
ابو هشام الذي عمل موظفاً في وكالة غوث وتشغيل للاجئين الفلسطينيين، حيث كان رئيساً للعمال يتمتع بحس وطني كبير وثقافة واسعة عكست حسّه هذا الذي تجلى في قصائد شعرية عديدة نظمها لوطنه فلسطين.

عبدالسلام العطاري
28-02-2005, 08:59 PM
شاهد احتلال
-19-

الشيخ خليل الشريف: العصابات الصهيونية اغتالت العديد من سكان قريتنا في العام 1948
الحياة في فلسطين 1948 وخاصة في قرية مغلس قضاء الرملة سابقاً في العام 1963 حتى 1948 حين اصبحت من قضاء الخليل، كانت اجمل وافضل، حيث الاستقرار والخير الوفير وبساطة العيش على ارض الوطن.
بهذه الكلمات استقبلنا الشيخ خليل الشريف في منزله المتواضع في مخيم البقعة، وبدأ لنا الحكاية.
"بعد انتهاء الاستعمار البريطاني لفلسطين ظهرت في العام 1948 جماعات يهودية مسلحة وبدأت تهاجم القرى الفلسطينية وتضايق سكانها الذين كانوا لا يملكون الأسلحة للدفاع عن انفسهم حتى اضطروا للهجرة وترك بيوتهم وأراضيهم.
اذكر انه استشهد الكثير من اهل قريتنا مغلس في ذلك الحين ومنهم احمد مصطفى وملحم وابو جرير وفوزي الذين كانوا يقاتلون اليهود في وادي الصرار ودبوريا وكفروريا وخلده. وكان عدد سكان مغلس 600 نسمة، وكنا نعمل في زارعة القمح والشعير وتربية الأبقار.
هاجم اليهود وبأسلحتهم المتفوقة قياسا ما يملكه السكان والفلسطينيون، في قرى المغار والمسمية والرملة فهاجر أهلها إلى قريتنا وقرى أخرى، وفي احدى ليالي رمضان في نفس العام، ووقت السحور هاجم اليهود تل الصافي التي تبعدنا بحوالي 3 كيلو مترات، فهب اهل القرى ومعهم اهل قريتنا لمساعدة تل الصافي وأطلقوا ما يملكونه من رصاص على العصابات الصهيونية هناك، ولما فرغت ذخيرتهم رحلنا جميعا إلى عجور التي اقمنا فيها عدة اسابيع، واحتل اليهود تل الصافي…
عندما خرجنا إلى عجور اخذنا معنا ما نملكه من البقر والغنم حاملين ما استطعنا حمله من متاع وسرنا على الأقدام مسافة 2 كيلومترا حتى وصلناها واقمنا فيها حوالي شهر ونصف.
ومن عجور رحلنا جميعا واهل إذنبه (كفار مناحم حاليا) ايضا إلى حلحول – قضاء الخليل وسكنا هناك حوالي شهر واكثر، ومن حلحول رحلنا إلى عين السلطان في أريحا.
عشنا في اريحا من العام 1948 وحتى العام 1967، كنا نبني البيوت ونعمل في البساتين، اما انا فكنت اعمل في التجارة وكنت ايضا "مرشداً" في العام 1966 حيث كنت انتقل في القرى داعياً السكان لعدم ترك اراضيهم تحت أي ظرف من الظروف حيث كان من اهداف اليهود من جرائمهم الفظيعة ومضايقاتهم التي ارتكبوها آنذاك، مثل مذبحة دير ياسين والدوايمة، تخويف الناس لاجبارهم على الرحيل وترك ارضهم، فلو تمسك السكان بأراضيهم آنذاك وظلوا في قراهم ما حدث الذي حدث ولم يتركوا فلسطين ابداً.
في العام 1967 رحلنا من عين السلطان إلى معدي والصوالحة في الغور، قرب الكرامة، اقمنا هناك حوالي 8 شهور تحت القصف الاسرائيلي من منطقة القارعة ومنطقة المخروق الفلسطينية.
واذكر ان الجيش العربي اسقط طائرتي ميراج اسرائيتليتين في الغور في معدي تحديداً حيث كنا هناك واحضر ابني الصغير جزءا من حطام الطائرة.
ومن معدي رحل جزء منا إلى مخيم شنلر وجزء آخر إلى مخيم البقعة؟ اما انا وعائلتي فرحلنا إلى شنلر واقمنا هناك سنة ونصف ثم استقر بنا المقام في البقعة.
كنت في مخيم شنلر املك بقالة صغيرة اعيش واسرتي منها وفي العام 1973 أصبحت الظروف صعبة جداً، مما دفعني إلى السفر إلى المانيا للبحث عن عمل.. وبعد فترة قصيرة عدت إلى مخيم البقعة واخذت ابيع الخضرة.. وها انا اعيش فيه حتى الآن على امل العودة إلى مغلس مسقط رأسي في فلسطين.

عبدالسلام العطاري
28-02-2005, 09:02 PM
شاهد احتلال
-20-

محمد ابو ركبة: في العام 1948 ارتكب اليهود مجزرة كبيرة في تل الصافي
في العام 1948 هاجر وعائلته وآخرون من قريتهم زيتا قضاء طولكرم بسبب هجمات العصابات الصهيونية الوحشية على القرية، الأمر الذي دفع سكانها إلى الرحيل..
محمد ذيب ابو ركبة "ابو عمر" ولد في العام 1934 في قرية زيتا التي كان يبلغ عدد سكانها في عام النكبة 1948 حوالي الف نسمة. يسرد لنا ما تحتفظ به ذاكرته من احداث الهجرة.
"بدأ اليهود في صيف العام 1948 بإطلاق النار على اهل القرية والاعتداء على الناس والأملاك مما اضطرنا إلى الرحيل فتوجهنا إلى قرية بيت جبرين – قضاء الخليل. اذكر في ذلك اليوم ان العصابات الصهيونية قتلت عدداً من المواطنين منهم الشهيد عبد اللطيف حسن ابو نبهان وللأسف لم نكن نملك السلاح للتصدي لهذه الهجمات.. واحتل اليهود ايضاً بلدة اسمها بوايك عطا ابو مريزيق الواقعة بين عراق المنشية وبين جبرين. اقمنا في بيت جبرين شهرا تقريبا ثم هجم اليهود على القرية واحتلوها إلى جانب قرى اخرى مجاورة، فرحلنا إلى مدينة الخليل واقمنا فيها سنتين ثم إلى مخيم بير السفلى الواقعة بين اذنا وترقوميا.
عشنا حياة مرة وصعبة في الخيام بينما كنا في قريتنا زيتا نعيش في بيوت نملكها ونعمل في اراضينا، نزرعها ونجني ثمارها…. اقمنا في مخيم بير السفلى سنتين ثم انتقلنا منه إلى مخيم الفوار، اقمنا في الخيام ايضاً، ولم نجد عملا على الإطلاق، لكن توكلنا على الله والمساعدات البسيطة التي كانت توزعها وكالة الغوث، بعد سنتين من هذه المعاناة في الفوار رحلنا إلى اريحا، إلى مخيم عين السلطان الذي اقمنا فيه حتى العام 1967.
كان اليهود المتوحشون يلاحقوننا اينما ذهبنا ويهاجموننا في ساعات الفجر، حيث يبدأون بإطلاق النار بواسطة الرشاشات، الأمر الذي اضطرنا للجوز إلى تل الصافي، فقد كانت قرية مرتفعة تقع على قمة جبل ولا يمكن الصعود اليها إلى مشياً على الأقدام، ألا ان اليهود هاجموها وارتكبوا فيها مذبحة كبيرة.
في عين السلطان كنا نعمل في المزارع من ساعات الفجر حتى المساء بأجر يومي لا يتجاوز الثلاثة عشر قرشاً.
ثم رحلنا من عين السلطان إلى الكرامة – شرقي النهر حيث اقمنا في مخيم في غور نمرين حوالي ثلاثة أشهر، وكنا نعيش على تموين الوكالة ايضاً. ثم هاجم اليهود المخيم فتوجهنا إلى عمان.. إلى مخيم البقعة.. إلى هذا البيت نفسه الذي كان مكانه خيمتنا.
عشنا حياة صعبة جداً، لم نشبع الخبز، حيث لم نكن نملك أي شيء من المال أو الأكل فقد رحلنا من قريتا زيتا لا نحمل معنا ألا ملابسنا التي علينا، مشيا على الأقدام الى بيت جبرين "لا معنا حلال ولا حتى مطرة ماء"، وكان الواحد منا يضع حذاءه تحت رأسه عندما ينام والذي لم يملك حذاء آنذاك كان يضع حجراً تحت رأسه وانا واحد منهم".
عندما وصلنا مخيم البقعة لم يكن هناك عمل أو شغل لنقتات منه، فكنا ننزل يوميا إلى عمان مشيا على الأقدام باحثين عن عمل، حيث لم يكن معنا أجرة نقلنا اليها.
عشنا عشرة أفراد في خيمة واحدة والوكالة تعطينا الطحين فقط والذي كان يملك نقوداً كان يشتري تمراً ليأكل مع الخبز. اضطررنا لبيع الصوف الذي كان داخل فرشتنا التي ننام عليها في عمان كي نشتري بثمنه تمراً. وكنا نسير لمدة اربع ساعات يومياً لإحضار مياه الشرب من ام الدنانير ورميمين. حياة صعبة عشناها في المخيم ولو خيرونا بالرجوع لرجعنا فوراً.

عبدالسلام العطاري
28-02-2005, 09:11 PM
الحبيب العزيز /
د.سمير
الف مبروك على هذا النسق الجديد للواحة واعلم يا أخي حين تستهدف الاشياء تكون في حالة عملاق سامي الهامة ويسعى بعدها الاقزام في لسع اقادمه ..لا تهن ولا تحزن ...وانت البهي .


اخي سمير ..لا اريد ان اسب احراجا ولكن بصدق ان هذا العمل جاء بعد تعب لاحبة اعزاء ولم يت نشره الا هنا وفي منتدى الحرية فقط ...ارجو ان ينال اهتمام واحتنا كي يكون مرجع للذكريات المؤلمة .

من ليل رام الله / هاك محبتي . :sb:

عبدالسلام العطاري
04-03-2005, 06:06 PM
شاهد احتلال
- 21-

احمد حمودة: ارتكب اليهود مجزرة كبيرة في يافا البلد في العام 1948
من بيت دجن – قضاء يافا القرية الفلسطينية الساحلية التي تزينها بيارات البرتقال – عنوان بيت دجن كما يصفها السيد احمد موسى حمودة ابن الخامسة والسبعين الذي اجبرته عصابات الاحتلال الصهيوني على الخروج مرغما منها عام 1948 وهو في مقتبل العمر شأنه شأن 5 آلاف فلسطيني كانوا يعيشون بسلام في هذه القرية الزراعية الخصبة. (قبل العام 1948 كانت العصابات الصهيونية شنيرن والعاجانا والآرغون تهاجم المحتلين الانجليز حتى انها كانت تشنقهم في بياراتنا وتقتلهم بدم بارد وكان يتكرر ذلك في القرى المجاورة مثل العباسية، ساكنين، يازور، وغيرها. وبعد انسحاب الاستعمار الانجليزي من فلسطين وتسليمها لليهود، بدأت العصابات الصهيونية بمهاجمتنا نحن والاعتداء على بيوتنا وحلالنا وأراضينا، ولم نكن انذاك نملك السلاح للدفاع عن انفسنا رغم انه كان هناك عمليات مقاومة ألا انها لم تكن منظمة تنظيما جيداً يمكنها من مواجهة العصابات الصهيونية.
لقد كان لمذبحة قبية التي ارتكبها الصهاينة في العام 1948 وكذلك مذبحة يافا جراء القصف العنيف التي تعرضت له المدينة دوراً كبيراً في هجرة معظم اهالي يافا الذين كانت يبلغ عددهم 90 ألف نسمة، وكذلك اهل القرى المجاورة لها، ومنها قريتنا حيث جاءت سيارات من مدينة الرملة وحيفا لنقل الناس وترحيلهم وقد كانت الفوضى عارمة.
نحن رحلنا إلى بيت جبرين- قضاء الخليل وأقمنا عند احد اهالي بيت جبرين كان يسكن عندنا بالأجرة قبل ذلك العام.. وما لبث ان هاجم اليهود بيت جبرين فرحلنا إلى حارة المغاربة في مدينة القدس حيث كنا نحصل على الأكل وننام مجاناً، اقمنا هناك لمدة اسبوع ثم جاء اليهود وبدأوا بمهاجمتنا من جديد، كما هاجموا قرى القدس، مثل العيزرية، النبي يعقوب، المحاسرة، فرحلنا إلى مدينة اريحا وأقمنا في مخيم عقبة جبر لمدة شهرين وكانت الوكالة توزع على اللاجئين الطحين وبعض المواد الغذائية، وسبب صعوبة الحياة وقسوتها رحلنا إلى منطقة الكرامة شرقي النهر وأقمنا في ارض بور مهجورة مليئة بالأفاعي والعقارب.. عشنا فيها سنوات صعبة فقد نظفناها نحن وأولادنا واستصلحنا ارضها المالحة للزراعة.. قضينا فيها اثني عشر عاماً. في العام 1968 دمّرت اسرائيل الكرامة فرحلنا إلى مخيم الحسين الذي اعيش فيه إلى الآن..حيث اذكر اننا كنا نذهب إلى درج فرعون وسط عمان لأخذ معونات وكالة الغوث وهي عبارة عن عشرة قروش وعشرة ارغفة من الخبز يومياً.
بداية حياتنا في المخيم كانت قاسية، كان عبارة عن خيم فقط ولم تتوفر هناك اية وسيلة للعيش فبدأ الناس يتكيفون مع خيماتهم الجديدة والبحث عن عمل فأخذ بعضهم باختيار بعض المهن لمزاولتها فمنهم التجار والحلاق والحداد…
مسقط الرأي عزيز .. ولو امد الله في عمري واتيح لي الرجوع إلى فلسطين فلست اتوانى عن ذلك.