المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الطريق الى مراجعات الاخوان ( 7 )



هشام النجار
07-10-2013, 07:57 PM
تجربة الشيخ الباقورى جديرة بالتأمل ، والمفارقة بين جهد شخص خرج عن الاطار التنظيمى للاخوان وعملَ منفرداً خادماً لأهدافه فى اطار الدولة ، وبين جهد التنظيم المُستهْلَك مادياً وبشرياً فى محاولة قنص السلطة بأكملها ، تظل تشغل جانباً كبيراً من تأملاتى ، فما قدمه الدكتور عبد العزيز كامل كرئيس لشئون الأزهر زمن عبد الناصر أضخم من أن ننظر اليه نظرة التنظيم الضيقة والتى رصدها الشيخ القرضاوى فى " سيرة ومسيرة " حيث نظر الاخوان لكامل أنه " خائن للدعوة وسار فى ركب أعدائها وأنه قد أحبط عمله وختمَ حياته خاتمة سوء " !
كذلك ما قدمه الشيخ صلاح أبو اسماعيل على مستوى التمثيل النيابى ، وما قدمه الغزالى على مستوى الدفاع عن هوية الأمة الثقافية ، وكذلك ما قدمه الباقورى للدعوة كوزير للأوقاف ، وهى تجربة أهدينا للدكتور القرضاوى منها لمحة خاطفة لمجرد المقارنة بين وزير يتولى منصب يتيم فى حكومة عبد الناصر ، يحمى دعاة الاخوان من الأمن ويعينهم على مسئوليته ومن ضمنهم كان الشاب يوسف القرضاوى ، ثم اليوم وقد وصلَ الشيخ الى ما وصلَ اليه من مكانة ، يُلاحق ويُوضع اسمه على قوائم ترقب الوصول فى اطار السعى المحموم لاستعادة سلطة الاخوان الضائعة .
تلك اشارة لاستثارة التفكير فى قضية الحفاظ على المتاح والبناء عليه فلا نفقده ، وعدم التعلق بالأهداف المستحيلة حتى لا نضيع الموجود مما حققناه ونفقد كل شئ .
ليس هذا كل شئ فى تجربة الباقورى رحمه الله ، والقضية الأكبر التى يجب دراستها ملياً على ضوء الاستفادة من تجربة الباقورى هى قضية العلاقة بين الناصريين والقوميين من جهة ، والاسلاميين من جهة أخرى .
ربما لو كان قد تم وأدُ الخلاف واخماد نيرانه منذ البداية – كما اجتهد الباقورى وعبد الناصر معاً فى اعطاء النموذج لذلك – لتغيرَ وجه مصر ، بل لتغيرَ وجه العالم العربى والاسلامى ووجه العالم كله ، ولما وصلنا الى هذه النتائج المؤسفة لذلك الصراع المحموم الذى امتد لعقود ، والذى أضر بالقضية وبالحقوق العربية والاسلامية على السواء ، بعدما لعبَ الغربُ جيداً فى المساحة الصدامية والانتقامية بين الناصريين والاسلاميين ، ولم يستفد الوطن والعرب والاسلام انما استفاد الحكام الذين راوحوا بين ضرب وتأديب هذا الفريق بذاك والعكس منذ الستينات مروراً بالسبعينات وما قام به السادات ، وصولاً الى ذروة المأساة الناصرية الاسلامية اليوم ، وما كانت انتكاسات الثورة المصرية المعاصرة الا بسبب انتكاسة العلاقة التى لم يتداركَ أصحابُ الشأن فى اصلاحها منذ البداية بين التيار الناصرى والتيار الاسلامى .
ليس هذا فحسب ، بل أدى تجاهل التوترات والثارات التى تراكمتْ على مدى عقود بين التيارين الى فشل كبير لأول رئيس اسلامى لمصر فى طريقه لاستعادة دور مصر الاقليمى .
كان تحرك مرسى ليس بناءاً على التكامل الناصرى الاسلامى فهذا لم يحدث ، انما بناءاً على المُكايدة سعياً لخلق عبد الناصر جديد ولكن بنكهة اسلامية من باب اثبات أن لدى الاسلاميين زعامة تفوق زعامة الناصريين ، دون النظر الى التحولات والمتغيرات الضخمة .
ومع وضوح التأثيرات الدولية فى الداخل المصرى ومع مرور المنطقة بحدثين كبيرين بحجم توقيع كامب ديفيد وانتصار الثورة الخومينية ونشأة واقع اقليمى تتفوق فيه الروابط الأسرية والمذهبية على الروابط الوطنية والقومية ، مع انكسار العالم العربى أمام الألعاب الايرانية والتركية والاسرائيلية ، لم يستطع الاخوان وهم فى السلطة التوفيق بين دورهم فى مصر وبين دور مصر العربى .
ودعا مرسى نظامَ الأسد للرحيل ونظم مؤتمر سوريا ذى الطابع المذهبى – وهذا ان قُبل من جماعة فلا يُقبل من دولة - .
ولم تتم ترجمة قول الدكتور مرسى " أمن الخليج خط أحمر " عملياً ، مع الخوف الخليجى من ايران التى اقتربَ الاخوانُ منها جداً فى فترة قياسية .
واكتفى مرسى – للعب دور عبد الناصر الاسلامى فى غير مكانه وأوانه – بالقول ان مصر حامية للاسلام السنى والسعودية راعية له ، على حساب اعادة الاعتبار للعروبة ، الذى لن يعود الا بما فعله الباقورى وعبد الناصر فى الخمسينات ، أى بانهاء الخصومة ثم التحالف والتكامل الحقيقى بين الناصريين والاسلاميين .